فصل: باب الفاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أبجد العلوم **


 باب الغين المعجمة

 علم غريب الحديث والقرآن

قال أبو سليمان محمد الخطابي الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد من الفهم كما إن الغريب من الناس إنما هو البعيد عن الوطن المنقطع عن الأهل والغريب من الكلام يقال به على وجهين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يراد به أأأنه بعيد المعنى غامضه لا يتناوله الفهم إلا عن بعد ومعاناة فكر ‏.‏

والوجه الآخر يراد به كلام من بعدت به الدار من شواذ قبائل العرب فإذا وقعت إلينا الكلمة من كلامهم استغربناها انتهى‏.‏

وقال ابن الأثير في النهاية‏:‏ وقد عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب لسانا، حتى قال له علي رضي الله عنه وقد سمعه يخاطب وفد بني نمر‏:‏ يا رسول الله نحن بنو أب واحد ونراك تكلم وفود الغرب بما لا نفهم أكثره فقال‏:‏ أدبني ربي فأحسن تأديبي‏.‏

فكان عليه الصلاة والسلام يخاطب العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم بما يفهمونه، فكان الله عز وجل قد أعلمه ما لم يكن يعلمه غيره، وكان أصحابه يعرفون أكثر ما يقوله وما جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم واستمر عصره إلى حين وفاته عليه الصلاة والسلام‏.‏ ‏(‏2/ 388‏)‏

وجاء عصر الصحابة جاريا على هذا النمط فكان اللسان العربي عندهم صحيحا لا يتداخله الخلل، إلى أن فتحت الأمصار وخالط العرب غير جنسهم فامتزجت الألسن ونشأ بينهم الأولاد فتعلموا من عصر الصحابة وجاء التابعون فسلكوا سبيلهم فما انقضى زمانهم إلا واللسان العربي قد استحال أعجميا، فلما أعضل الداء الهم الله سبحانه وتعالى جماعة من أولي المعارف انصرفوا إلى هذا الشأن طرفا من عنايتهم فشرعوا فيه حراسة لهذا العلم الشريف‏.‏

فقيل إن أول من جمع في هذا الفن شيئا أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي البصري المتوفى سنة عشر ومائتين، فجمع كتابا صغيرا ولم تكن قلته لجهله بغيره، وإنما ذلك لأمرين‏:‏

أحدهما‏:‏ إن كل مبتدئ بشيء لم يسيق إليه يكون قليلا ثم يكثر‏.‏

والثاني‏:‏ إن الناس كان فيهم يؤمئذ بقية وعندهم معرفة فلم يكن الجهل قد عم، وله تأليف آخر في غريب القرآن، وقد صنف عبد الواحد بن أحمد المليح المتوفى سنة اثنتين وستين وأربعمائة كتابا في رده، وأبو سعيد أحمد بن خالد الضرير وموفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي المتوفى سنة تسع وعشرين وستمائة صنفا في رد غريب الحديث‏.‏

ثم جمع أبو الحسن النضر بن شميل المازني النحوي بعده أكثر منه المتوفى سنة أربع ومائتين ثم جمع عبد الملك بن قريب الأصمعي كتابا أحسن فيه وأجاد، وكذلك محمد بن المستنير المعروف بقطرب وغيره من الأئمة جمعوا أحاديث وتكلموا على لغتها في أوراق، ولم يكد أحدهم ينفرد عن غيره بكثير حديث لم يذكره الآخر‏.‏

ثم جاء أبو عبيد القاسم بن سلام بعد المائتين فجمع كتابه فصار هو القدوة في هذا الشأن فإنه أفنى فيه عمره حتى لقد قال فيما يروى عنه‏:‏ أني جمعت كتابي هذا في أربعين سنة وربما كنت استفيد الفائدة من الأفواه فأضعها في موضعها فكان ‏(‏2/ 389‏)‏ خلاصة عمري، وبقي كتابه في أيدي الناس يرجعون إليه في غريب الحديث‏.‏

وعليه كتاب مختصر لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري المتوفى سنة أربع وتسعين وستمائة سماه بقريب المرام في غريب القاسم بن سلام مبوبا على الحروف‏.‏

ثم جاء عصر أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة ست وسبعين ومائتين فصنف كتابه المشهور، حذا فيه حذو أبي عبيدة فجاء كتابه مثل كتابه أو أكبر‏.‏

وقال في مقدمته‏:‏ أرجو أن لا يكون بقي بعد هذين الكتابين من غريب الحديث ما يكون لأحد فيه مقال‏.‏

وقد كان في زمانه الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي الحافظ وجمع كتابه فيه وهو كبير في خمس مجلدات بسط القول فيه، واستقصى الأحاديث بطرق أسانيدها وأطاله بذكر متونها وإن لم تكن فيها إلا كلمة واحدة غريبة، فطال ذلك كتابه فترك وهجر وإن كان كثير الفوائد، توفي رحمه الله ببغداد سنة خمس وثمانين ومائتين‏.‏

ثم صنف الناس غير من ذكر منهم شمر بن حمدويه وأبو العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب المتوفى سنة خمس وثمانين ومائتين، وأبو بكر محمد بن قاسم الأنباري المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وأحمد بن حسن الكندي، وأبو عمر، ومحمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب المتوفى سنة خمس وأربعين وثلث مائة، وغريبه غريب مسند الإمام أحمد‏.‏ وغير هؤلاء أقول كأبي الحسين عمر بن محمد القاضي المالكي المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ولم يتم، وأبي محمد سلمة بن عاصم النحوي وأبي مروان عبد الملك بن حبيب المالكي المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين، وأبي القاسم محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الملقب ببيان الحق، وقاسم بن محمد الأنباري المتوفى سنة أربع وثلاثمائة، وأبي شجاع محمد بن علي بن الدهان البغدادي المتوفى سنة تسعين وخمسمائة، وهو كبير في ستة عشر مجلدا‏.‏ وأبي الفتح سليم بن أيوب الرازي المتوفى سنة اثنتين وأربعين ‏(‏2/ 390‏)‏ وأربعمائة، وابن كيسان محمد بن أحمد النحوي المتوفى سنة تسع وستين ومائتين، ومحمد بن حبيب البغدادي النحوي المتوفى سنة خمس وأربعين ومائتين، وابن درستويه عبد الله بن جعفر النحوي المتوفى سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وإسماعيل بن عبد الغافر راوي صحيح مسلم المتوفى سنة خمس وأربعين وأربعمائة وكتابه جليل الفائدة مجلد مرتب على الحروف‏.‏

واستمر الحال إلى عهد الإمام، أبي سليمان أحمد بن محمد الخطابي البستي المتوفى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة فألف كتابه المشهور سلك فيه نهج أبي عبيدة وابن قتيبة، فكانت هذه الثلاثة فيه أمهات الكتب إلا أنه لم يكن كتاب صنف مرتبا يرجع الإنسان عند طلبه إلا كتاب الحربي وهو على طوله لا يوجد إلا بعد تعب وعناء، فلما كان زمان أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي المتوفى سنة إحدى وأربعمائة صاحب الأزهري وكان في زمن الخطابي صنف كتابه المشهور في الجمع بين غريبي القرآن، والحديث ورتبه على حروف المعجم على وضع لم يسبق فيه، وجمع ما في كتب من تقدمه فجاء جامعا في الحسن إلا أنه جاء الحديث مفرقا في حروف كلماته فانتشر فصار هو العمدة فيه، وما زال الناس بعده يتبعون أثره على عهد أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري فصنف الفائق ورتبه على وضع اختاره مقفى على حروف المعجم، ولكن في العثور على طلب الحديث منه كلفة ومشقة لأنه جمع في التقفية بين إيراد الحديث مسرودا جميعه أو أكثره، ثم شرح ما فيه من غريب فيجيء بشرح كل كلمة غريبة يشتمل عليها ذلك الحديث في حرف وأحد فرد الكلمة في غير حروفها، وإذا طلبها الإنسان تعب حتى يجدها فكان كتاب الهروي أقرب متناولا وأسهل مأخذاً‏.‏

وصنف الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر الأصفهاني كتابا فيه ما فات الهروي من غريب القرآن والحديث مناسبة وفائدة ورتبه كما رتبه ثم قال‏:‏

واعلم أنه سيبقى بعد كتابي أشياء لم تقع لي ولا وقفت عليها، لأن كلام العرب لم ينحصر ‏(‏2/ 391‏)‏‏.‏ وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة سماه كتاب الغث كمل به الغريبين، ومعاصره أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الإمام ابن الجوزي صنف كتابا في غريب الحديث نهج فيه طريق الهروي مجردا عن غريب القرآن وكان فاضلا لكنه يغلب عليه الوعظ وقال فيه‏:‏

قد فاتهم أشياء فرأيت أن أبذل الوسع في جمع غريب وأرجو أن لا يشذ عني مهم من ذلك‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ ولقد تتبعت كتابه فرأيته مختصرا من كتاب الهروي، منتزعا من أبوابه شيئا فشيئا، ولم يزد عليه إلا الكلمة الشاذة، وأما أبو موسى فإنه لم يذكر في كتابه مما ذكره الهروي لا كلمة اضطر إلى ذكرها، فإن كتابه أيضاً يضاهي كتاب الهروي لأن وضعه استدراك ما فات الهروي، ولما وقفت على ذينك الكتابين وهما في غاية من الحسن، وإذا أراد أحد كلمة غريبة يحتاج إليهما وهما كبيران ذوا مجلدات عدة‏.‏

فرأيت أن أجمع بين ما فيهما من غريب الحديث مجرد من غريب القرآن، وأضيف كل كلمة إلى أختها وتمادت بين الأيام فحينئذ أمعنت النظر في الجمع بين ألفاظهما فوجدتهما على كثرة ما أودع فيهما قد فاتهما الكثير، فإني في بادئ الأمر مر بذكري كلمات غريبة من أحاديث البخاري ومسلم لم يرد شيء منها في هذين الكتابين فحيث عرفت نبهت لاعتبار ما سوى هذين من كتب الحديث فتتبعتها واستقصيت قديما وحديثا فرأيت فيها من الغريب كثيرا وأضفت ما عثرت عليه‏.‏

وأنا أقول‏:‏ كم يكون ما قد فاتني من الكلمات الغريبة تشتمل عليها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم ذخيرة لغيري انتهى كلام ابن الأثير من كتابه المسمى بالنهاية ملخصا‏.‏

أقول‏:‏ وصنف الأرموي بعده كتابه في تتمة كتابه وصنف مهذب الدين بن الحاجب عشر مجلدات وتصنيف قاسم بن ثابت بن حزم السرقسطي المتوفى سنة ثلاثين وثلاثمائة بسرقسطة كان في عصر الحربي ذلك في الشرق هذا في الغرب، ولم يطلع أحدهما على ما صنع الأخر ذكره البقاعي رحمه الله تعالى ‏(‏2/ 392‏)‏‏.‏

 علم غرائب لغات الحديث

وهذا علم شريف موضوعه لطيف نفعه وغايته ولقد صنف فيه العلامة الزمخشري كتاب الفائق والإمام ابن الأثير الجزري كتاب النهاية قال في ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏:‏

وقد ذكرنا هذين الكتابين في علم اللغة لأن هذا العلم قد يعد من فروع علم اللغة أيضاً انتهى وهذا هو العلم المتقدم‏.‏

 علم الغنج

عده صاحب الموضوعات من فروع علم الموسيقى وقال‏:‏

هو علم باحث عن كيفية صدور الأفعال الموزونة المهيجة للشوق والميل الطبعي التي تصدر عن العذارى والنسوان الفائقات الجمال، المتصفات بالظرف والكمال إذا اقترن الحسن الذاتي بالغنج الطبعي كاملا في الغاية، وإن كان الغنج متكلفا، أو عرضيا يكون دون الأول، لكن كل شيء من المليح مليح، وهذا الغنج إن وقع أثناء المباشرة، وحال المخالطة والتقبيل وغير ذلك، كان محركا لقوة الوقاع وينتفع به العاجزون عن القربان كل الانتفاع وهذا الغنج‏.‏

مرخص في الشرع ويحمد هو من النساء في تلك الحال بل قد تؤجر هي عليه في الجماع الحلال‏.‏ ونساء العرب مشهورات بين الرجال بحسن الغنج ولطف الدلال، يتعلمنه في صغرهن ومثله، في ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏ ‏(‏2/ 393‏)‏‏.‏

 باب الفاء

 علم الفال

هو علم يعرف به بعض ما يحدث من الحوادث الآتية بطريق اتفاق حدوث أمر من جنس الكلام المسموع من الغير، أو بفتح المصحف أو، كتب الأنبياء والمشائخ كديوان الحافظ والمثنوي ونحوهما‏.‏

وموضوع هذا العلم ظاهر من تعريفه‏.‏

ومنفعته وفائدته كعلم الرمل‏.‏

وقد اشتهر ديوان الحافظ بالتفاؤل حتى صنفوا فيه، وهو ديوان معروف متداول بين أهل الفرس ويتفاءل به، وكثيرا ما جاء بيت منه مطابقا بحسب حال المتفائل ولهذا يقال له لسان الغيب، وقد ألف في تصديق هذا المدعا محمد بن الشيخ محمد الهروي رسالة مختصرة وأورد أخباره متعلقة بالتفاؤل به ووقع مطابقا لمتقضى حال المتفائل‏.‏

وأفرط في مدح الشيخ المذكور، وللكفري حسين المتوفى بعد سنة ثمانين وتسعمائة رسالة تركية في تفاؤلات ديوان الحافظ مشحونة بالحكايات الغريبة‏.‏

وقد شرحه مصطفى بن شعبان المتخلص بسروري المتوفى سنة تسع وستين تسعمائة شرحا تركيا‏.‏

وأما التفاؤل بالقرآن الكريم فجوزه بعضهم لما روي عن الصحابة وكان ‏(‏2/ 394‏)‏ عليه الصلاة والسلام يحب الفال وينهي عن الطيرة‏.‏

ومنعه آخرون وقد صرح الإمام العلامة أبو بكر بن العربي في كتابه الأحكام في سورة المائدة بتحريم أخذ الفال وهو الحق، ونقله الإمام القرافي عن الإمام الطرطوشي أيضاً‏.‏

قال الدميري‏:‏ ومقتضى مذهبنا كراهيته لكن أباحه ابن بطة الحنبلي‏.‏

قال في ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏:‏

الأصح الذي شهد الشرع بجوازه التجربة بصدقه هو التفاؤل بالقرآن العظيم، وقد نقل عن الصحابة وعن السلف الصالحين وطريق فتح الفال من المصحف كثير مشهور عند الناس لكن الأحسن الاعتبار بالمعاني دون الألفاظ والحروف انتهى‏.‏

قلت‏:‏ والمعتمد عدم التفاؤل من كتاب الله ولم يرو عن السلف بطريق يعمد عليها في هذا الباب، ولم يقل به أحد من أهل العلم بالحديث وإذا كان فتح الفال من التنزيل ممنوعا فكيف بغيره من كتب الأنبياء والأولياء والمشائخ‏؟‏‏.‏

وقد تدرب بهذا نوع من الشرك في عقائد المسلمين أعاذنا الله منه، نعم كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعجبه الفال ولا يتطير‏.‏

‏(‏ولما هاجر إلى المدينة وقاربها سمع مناديا ينادي‏:‏ يا سالم، فقال لأصحابه‏:‏ سلمنا‏.‏

فلما دخل المدينة سمع قول الأخر، يقول‏:‏ يا غانم، فقال‏:‏ غنمنا‏.‏

فلما نزل أتي برطب، فقال‏:‏ حلانا البلد‏)‏‏.‏

رواه أهل السير والله أعلم بسنده، وأمثال ذلك كثيرة والاقتصار على ما وردت به السنة أسلم وأصون للدين‏.‏

وأما الطيرة والزجر فهو عكس الفال لأن المطلوب في الفال الإقدام وفي الطيرة والإحجام، وأصل الزجر أن يتشاءم الإنسان من شيء تتأثر النفس من وروده على المسامع والمناظر تأثرا لا بالطبع فإن التنفر الطبيعي كالنفرة من صوت صرير الزجاج، أو الحديد ليس من هذا القبيل ‏(‏2/ 395‏)‏‏.‏

واشتقاق التطير من الطير لأن أصل الزجر في العرب كان من الطير كصوت الغراب فألحق به غيره في التعبير وأمثاله من الطيرة في العرب كثيرة‏.‏

وقد تكون في غيرهم فيتكدر به عيشهم وينفتح عليهم أبواب الوسوسة من اعتبارهم إلى المناسبات البعيدة من حيث اللفظ والمعنى كالسفر والجلاء من السفرجل، واليأس والمين من الياسمين، وسوء سنة من السؤسنة، والمصادفة إلى معلول حين الخروج وأمثال ذلك‏.‏

قال ابن القيم رحمه الله في ‏(‏‏(‏مفتاح السعادة‏)‏‏)‏ اعلم‏:‏ أن مضرة التطير وتأثيره لمن يخاف به ويتغير منه، وأما من لم يكن له مبالاة منه فلا تأثير له أصلا، خصوصا إذا قال عند المشاهدة أو السماع‏:‏ اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك انتهى‏.‏

قلت‏:‏ وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن التطير وقال‏:‏ ‏(‏لا طيرة ولا هامة ولا صفر‏)‏ والمسئلة مصرحة في كتب الأحاديث لا سيما في فتح الباري شرح صحيح البخاري، ونيل الأوطار شرح منتقى الأخبار وغير ذلك‏.‏

 علم الفتاوى

هو من فروع علم الفقه‏.‏

قال في ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏:‏ هو علم تروى فيه الأحكام الصادرة عن الفقهاء في الواقعات الجزئية ليسهل الأمر على القاصرين من بعدهم‏.‏

والكتب المصنفة في هذا العلم أكثر من أن تحصى فلا مطمع لاستقصاء ما فيها وأشهر من أن تخفى فلا حاجة إلى التعرض لها انتهى‏.‏

ولنا كتاب في آداب الفتوى المسمى بذخر المحتي من آداب المفتي وهو نفيس جدا وقد اشتمل كتب الفتاوى على قياسات وتفريعات لا تشهد له أدلة الكتاب ولا نصوص المنة وكثرت بحيث لا يمكن الإحاطة بها‏.‏

واختلفت أقوال المفتين من أهل المذاهب فيها اختلافا لا تكاد تضبط والحق ‏(‏2/ 396‏)‏ ترك النظر في أمثال هذه الخرافات والأباطيل وعدم تضييع الأوقات في الاشتغال بها لعدم ابتنائها على الدليل والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل‏.‏

 علم الفراسة

عده صاحب ‏(‏‏(‏مفتاح السعادة‏)‏‏)‏ من فروع العلم الطبيعي وقال‏:‏

هو علم تعرف منه أخلاق الناس من أحوالهم الظاهرة من الألوان والأشكال والأعضاء وبالجملة الاستدلال بالخلق الظاهر على الخلق الباطن‏.‏

وموضوعه ومنفعته ظاهران‏.‏

ومن الكتب المؤلفة فيه كتاب الإمام الرازي خلاصة كتاب أرسطو مع زيادات مهمة ولأقليمون كتاب في الفراسة يختص بالنسوان، وكتاب السياسة لمحمد بن الصوفي مختصر مفيد في هذا العلم وكفى بهذا العلم شرفا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لآيات للمتوسمين‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏تعرفهم بسيماهم‏}‏ وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اتقوا فراسة المؤمن بأنه ينظر بنور الله‏)‏ وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كان فيمن كان قبلكم من الأمم المحدثون وإنه لو كان في أمتي لكان عمر‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ المحدث المصيب في ظنه وفرسته كأنه حديث الأمر، وهذا العلم نافع للملوك والصعاليك في اختيار الزوج والصديق والمماليك، إلى غير ذلك ولا بد للإنسان من ذلك العلم لأنه مدني الطبع محتاج إلى معرفة الضار من النافع ذكره في ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏.‏