فصل: المجلد الثاني

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أبجد العلوم **


المجلد الثاني

السحاب المركوم، الممطر بأنواع الفنون وأصناف العلوم

 مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا يفي ** بحمده كل شكور وفي

ثم صلاة الله تترى على ** المختار والآل ومن يقتفي

طريقهم كالبدر الهدى ** من لا سواه اليوم من منصف

ودعوة اسأل من فضله ** أنجو بها من شدة الموقف

كتاب أبجد العلوم المسمى بالسحاب المركوم الممطر بأنواع الفنون وأصناف العلوم‏.‏‏.‏

وبعد فهذا هو القسم الآخر من كتاب أبجد العلوم المسمى بـ ‏(‏‏(‏السحاب المركوم الممطر بأنواع الفنون وأصناف العلوم‏)‏‏)‏، وضمنته مقدمة وأبواباً وخاتمة‏.‏

 المقدمة في بيان أسماء العلوم

وموضوعاتها وعدم تعين الموضوع في بعضها

اعلم‏:‏ أن المشهور عند الجمهور أن حقيقة أسماء العلوم المدونة المسائل المخصوصة أو التصديق بها أو الملكة الحاصلة من إدراكها مرة بعد أخرى التي يقتدر بها صاحبها على استحضارها متى شاء أو استحصالها مجهولة‏.‏

والسيد الشريف في ‏(‏‏(‏شرح المواقف‏)‏‏)‏‏:‏ إن اسم كل علم موضوع بإزاء مفهوم إجمالي شاملي له انتهى‏.‏‏(‏2/4‏)‏

ثم إنه قد يطلق أسماء العلوم على المسائل والمبادئ جميعاً، لكنه قد يشعر كلام بعضهم إلى أن ذلك الإطلاق حقيقة، والراجح أنه على سبيل التجوز والتغليب والإلزام بما يلزم الاختلاط بين العلمين، إذ بعض المبادئ لعلم يجوز أن يكون مسئلة من علم آخر فلا يتمايزان‏.‏

ومما يجب التنبيه عليه أنهم اختلفوا في أن أسماء العلوم من أي قبيل من الأسماء‏.‏

اختار السيد الشريف الحنفي - رحمه الله - أنها أعلام الأجناس، فإن اسم كل علم كلي يتناول أفراداً متعددة، إذ القائم منه يزيد غير القائم منه بعمر وشخصاً‏.‏

وقال زين الدين الحوافي‏:‏ إنها أحلام شخصية، نظر إلى أن اختلاف الأعراض باختلاف المحال في حكم العدل‏.‏

وقال العلامة الحفيد‏:‏ المنقول عن المركب الإضافي لا يتعارف كونه اسم جنس، وكثير من أسماء العلوم مركبات إضافية‏.‏

وقد خطر ببالي أنه يجوز أن يجعل وضع أسماء العلوم من قبيل وضع المضمرات باعتبار خصوص الموضوع وعموم الوضع، ولا غبار على هذا التوجيه إلا أنه لم يتعارف استعمالها في الخصوصيات‏.‏

وينبغي أن يعلم أن لزوم الموضوع والمبادئ والمسائل على الوجه المقرر إنما هو في الصناعات النظرية البرهانية، وأما في غيرها فقد يظهر كما في الفقه وأصوله، وقد لا يظهر إلا بتكلف كما في بعض الأدبيات، إذ ربما تكون الصناعة عبارة عن عدة أوضاع واصطلاحات وتنبيهات متعلقة بأمر واحد بغير أن يكون هناك إثبات أعراض ذاتية لموضوع واحد بأدلة مبنية على مقدمات، هذه فائدة جليلة ذكرها السعيد التفتازاني الشافعي في ‏(‏‏(‏شرح المقاصد‏)‏‏)‏، ينتفع بها في مواضع‏.‏

منها‏:‏ جواز أن يحال تصور المبادئ التصورية في علمه على علم آخر‏.‏ ‏(‏2/ 5‏)‏

ومنها‏:‏ جعل اللغة والتفسير والحديث وأمثالها علوماً إلى غير ذلك‏.‏

وأما موضوعات العلوم فقد ألف فيها جماعة‏.‏

منهم‏:‏ الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي ألف كتاباً أورد فيه ستين علماً وسماه ‏(‏‏(‏حدائق الأنوار في حقائق الأسرار‏)‏‏)‏‏.‏

والشيخ جلال الدين محمد بن أسعد الصديقي الدواني، المتوفى سنة ثمان وتسعمائة ألف كتاباً أورد فيه عشرة من العلوم وسماه ‏(‏‏(‏أنموذج‏)‏‏)‏‏.‏

والشيخ عبد الرحمن بن محمد البسطامي ألف كتاباً أيضاً وذكر في فواتحه طرفاً من العلوم وأورد فيه عجائب وغرائب لم تسمعها آذان الزمان حتى بلغت مقدار مائة علم، وذكر فيها أقسام العلوم الشرعية والعربية‏.‏

والشيخ لطف الله بن حسن التوقاني المقتول في سنة تسعمائة ألف للسلطان ‏(‏‏(‏يا يزيد‏)‏‏)‏ كتاباً جمع فيه نبذاً من العلوم، وهو مختصر ثم شرحه وسماه ‏(‏‏(‏المطالب الإلهية‏)‏‏)‏ وفيها رسالة للشيخ محيي الدين محمد بن خطيب قاسم‏.‏

وللشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي كتاب جمع فيه أربعة عشر علماً، وسماه ‏(‏‏(‏النقاية‏)‏‏)‏ ثم شرحه وسماه ‏(‏‏(‏إتمام الدراية‏)‏‏)‏‏.‏

وتوفي سنة إحدى عشرة وتسعمائة‏.‏

والشيخ محمد أمين بن صدر الدين الشرواني المتوفى سنة ست وثلاثين وألف، جمع كتاباً للسلطان أحمد العثماني أورد فيه ثلاثة وخمسين علماً من أنواع العلوم العقلية والنقلية، وسماه‏:‏ ‏(‏‏(‏الفوائد الخاقانية الأحمد الخانية‏)‏‏)‏، ورتبه على مقدمة وميمنة وميسرة وساقة وقلب على نحو ترتيب جيش السلطان‏.‏

المقدمة‏:‏ في ماهية العلوم وتقسيمه‏.‏

والقلب‏:‏ في العلوم الشرعية‏.‏

والميمنة‏:‏ في العلوم الأدبية‏.‏

والميسرة‏:‏ في العلوم العقلية‏.‏ وقد أورد منها ثلاثين علماً ‏(‏2/ 6‏)‏

والساقة‏:‏ في علم آداب الملوك، وإنما اقتصر على ذلك العدد ليكون موافقاً لعدد أحمد على حساب أبجد‏.‏

وقد جمع الشيخ عصام الدين أحمد بن مصطفى المعروف بطاشكبري زاده كتاباً عظيماً أورد فيه نحو خمسمائة علم وسماه ‏(‏‏(‏مفتاح السعادة‏)‏‏)‏ و‏(‏‏(‏مصباح السيادة‏)‏‏)‏، وجعله على طرفين‏:‏

الأول‏:‏ في خلاصة العلم، وذكر فيه ثمانية عشر وصية للطالبين‏.‏

والثاني‏:‏ في تعدد العلوم وضمنه ثلاثة أقسام‏:‏ إلهية، واعتقادية، وعملية‏.‏

وجعل علم الأخلاق ثمرة كل العلوم، وتوفي سنة سبع وستين وتسعمائة‏.‏

ثم إن ابنه الشيخ كمال الدين محمد نقله إلى التركية ببعض إلحاقات وتصرفات في مجلد كبير، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وألف‏.‏

وللأرنيقي تلميذ قاضي زاده محمود الرومي شارح الجغميني كتاب سماه ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏، ورتبه على مقدمة وطرفين وخاتمة‏.‏

قال في المقدمة‏:‏ إن للأشياء وجود في الكتابة والعبارة والأذهان والأعيان وكل سابق منها على اللاحق‏.‏

ثم العلم المتعلق بالثلث الأول آلي والعلم المتعلق بالأخير‏:‏ إما عملي لا يقصد به حصول نفسه بل حصول غيره‏.‏

أو نظري يقصد به حصول نفسه فقط‏.‏

ثم كل منها‏:‏ إما أن يبحث فيه من أنه مأخوذ من الشرع، فهو العلم الشرعي‏.‏

أو من حيث أنه مقتضى العقل فقط فهو العلم الحكمي، فهذه هي الأصول السبعة، ولكل منها أنواع، ولأنواعها فروع وإن كان لا ينحصر‏.‏

قال بعض الفضلاء‏:‏ علم التفسير لا يتم إلا بأربع وعشرين علماً وعد الإمام الشافعي في مجلس الرشيد ثلاثاً وستين نوعاً من علوم القرآن‏.‏ ‏(‏2/ 7‏)‏

وقال بعض العلماء‏:‏ العلوم المستخرجة من القرآن ثمانون علماً، ودون فيها كتب‏.‏

وقيل‏:‏ إن العلوم الحكمية تتضمن خمسة عشر فناً إلا أن فروعها أكثر من خمسين، ثم قال‏:‏ والمختار عندي أن عدد العلوم أكثر من أن يضبطه القلم‏.‏

وعن الإمام الغزالي عن بعضهم‏:‏ إن القرآن يحتوي سبعاً وسبعين ألف علم ومئتي علم، كذا ذكره في الباب الرابع من كتاب آداب التلاوة من أحياء العلوم‏.‏

ونقل السيوطي عن القاضي أبي بكر بن العربي أنه ذكر في ‏(‏‏(‏قانون التأويل‏)‏‏)‏‏:‏ إن علوم القرآن خمسون علماً وأربعمائة علم وسبعة آلاف علم وسبعون ألف علم على عدد كلم القرآن مضروبة في أربعة، إذ لكل كلمة، ظهر وبطن وحد ومطلع‏.‏

ونقل عن الغزالي أيضاً‏:‏ إن من العلوم ما استأثر الله به ولم يطلع أحداً عليه‏.‏

ومنها‏:‏ ما يعرفه الملائكة دون البشر‏.‏

ومنها‏:‏ ما يعرفه الأنبياء دون من عداهم‏.‏

ومنها‏:‏ ما تصورته الأذهان ولم يدون في الكتاب‏.‏

ومنها‏:‏ ما دون ثم ضاعت كتبها وانطمست آثارها وانقطعت أخبارها انتهى‏.‏

وقال في الديباجة‏:‏ أو إن خطر ببالك أن الفنون كثيرة وتحصيل كلها غير يسير ومدة العمر قصيرة وتحصيل آلات التحصيل عسير فكيف الطريق إلى الخلاص عن هذا المضيق‏؟‏ فتأمل فيما قدمت إليك من العلوم اسماً ورسماً وموضوعاً ونفعاً، فإن سهل عليك تحصيل تلك العلوم كلها فحبذ أو قل‏:‏ الحمد لله الذي هدانا لهذا، لما قال أفلاطون‏:‏ ما من علم مستقبح إلا والجهل به أقبح‏.‏ وإن أعجلك الوقت ‏(‏2/ 8‏)‏

وخشيت أن تخترمك الشواغل بالفوت فخذ من كل علم أحسنه، وإن اختلج في صدرك أن الأغراض مختلفة في أمر العلوم، وتتفاوت في الميل إليها الطباع والفهوم، وتتباين في استحسانها العادات والرسوم، حتى يعد طائفة، من قبل الجنون تحصيل ما عند الآخرين من الفنون، إذ كل حزب بما لديهم فرحون فتأمل قول من قال‏:‏

كل العلوم سوى القرآن مشغلة ** إلا الحديث وإلا الفقه في الدين

العلم ما كان فيه قال حدثنا ** وما سواه فوسواس الشياطين

وقد قيل‏:‏

جميع العلم في القرآن لكن ** تقاصر عنه أفهام الرجال

وبالجملة أحسن العلوم ما سأل عنه جبريل عليه السلام نبينا - صلى الله عليه وسلم - حين سأل أولاً عن الإيمان، ثم عن الإسلام، ثم عن الإحسان، والحديث والتفسير أم لهذه العلوم وأصول لها، وإليها ينتهي مدارها‏.‏ انتهى حاصله‏.‏

قلت وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ‏(‏‏(‏العلم ثلاثة‏:‏ آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة، وما كان سوى ذلك فهو فضل‏)‏‏)‏‏.‏ رواه أبو داود وابن ماجة‏.‏

ومعنى فضل زائد لا ضرورة فيه‏:‏

أحب حديث المصطفى وأوده ** وادرسه عمري واضبط كتبه

وذلك عند المصطفى لي شاهد ** تجلى له والمرء مع من أحبه

قف، اخترنا في هذا الكتاب الترتيب الذي اختاره صاحب ‏(‏‏(‏كشف الظنون‏)‏‏)‏ لكونه سهل التناول‏.‏ ‏(‏2/ 9‏)‏

ولم نجد لابن خلدون ترتيباً في ذكر العلوم، نعم رتب صاحب ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏ كتابه على ترتيب غير ترتيب حروف المعجم وذكر في المقدمة حصر العلوم على الإجمال كما تقدم نقله وتكلم في الكتاب على سبع دوحات كل منها في بيان أصل من الأصول السبعة‏.‏

ثم ذكر في كل دوحة منها شعباً لبيان الفروع‏.‏

فالدوحة الأولى‏:‏ في بيان العلوم الخطية، وفيها مقدمة وشعبتان‏:‏

أما المقدمة‏:‏ ففي بيان الحاجة إلى الخط وسيأتي هذا البيان في ذكر علم الخط من هذا الكتاب، لكن ناسب أن نذكر هاهنا عبارة المدينة في تمهيد كل أصل من الأصول السبعة ليتضح حال ترتيبه وتفريعه، ويسهل على الناظر إلحاق كل فرع بأصله‏.‏

فنقول‏:‏ قال في بيان الحاجة إلى الخط ما عبارته‏:‏ إن فائدة التخاطب والمحاورات في العلوم لما توقف على معرفة أحوال الألفاظ سيما الألفاظ العربية التي تبنى عليها شريعتنا هذه مع كونها أفضل اللغات وأكملها ذوقاً وبرهاناً، اعتنى علماء ملتنا هذه بالبحث عن أحوالها وضبط أصولها وفروعها، واستخراج خواصها ومزاياها، فوضعوا لذلك علوماً أصولاً وفروعاً‏.‏

واعلم‏:‏ أن الألفاظ لما اختصت منافعها بالحاضرين وسمت همم الأمم إلى اطلاع الغائبين من المعاصرين، ومن الذين سيولدون من بعدهم وضعوا خطوطاً دالة على تلك الألفاظ، وبحثوا عن أحوالها من كيفية نقوشها وحركاتها وسكناتها، وضوابطها من نقطها وشداتها ومداتها، وعن تركيبها وتسطيرها، إلى غير ذلك من الأحوال فحدثت هناك علوم شتى، انتهى‏.‏

ثم أوردها في ضمن شعبتين‏:‏

الأولى‏:‏ في العلوم المتعلقة بكيفية الصناعة الخطية، وذكر فيها علم أدوات الخط، وعلم قواني الكتابة، وعلم تحسين الحروف، وعلم كيفية توليد الخطوط عن أصولها ‏(‏2/ 10‏)‏، وعلم ترتيب حروف التهجي، وعلم ترتيب أشكال بسائط الحروف، وعلم إملاء الخط العربي، وعلم خط المصحف، علم خط العروض‏.‏

ثم جعل الدوحة الثانية في علوم تتعلق بالألفاظ، وفيها مقدمة وثلاث شعب‏.‏

المقدمة في بيان الحاجة إلى العلوم المذكورة

قال‏:‏ اعلم أن الإنسان لما كان مدنياً بالطبع احتاج في تعيشه إلى إعلام ما في ضميره لغيره، وإلى الوقوف على ما في ضمير الآخرين، فاقتضت الحكمة الإلهية والرحمة الأزلية إحداث دوال يخف عليه إيرادها ولا يتبعها أضدادها، بل لا يحتاج في تحصيلها إلى آلات غير الآلات الطبعية لئلا يصرف أوقاته فيما يشغل نفسه عن كثير من المهمات الطبعية والشرعية، فقاده الإلهام الإلهي إلى استعمال الصوت العارض للنفس الضروري للحيوان بالآلات الذاتية الطبعية وتقطيعه بتوسط تلك الآلات، بأن يفيد تلك الآلات للأصوات كيفيات على أنحاء شتى وطرق مختلفة، يمتاز بسببها بعضها عن بعض باعتبار مخارجها وصفاتها، ويسمى تلك الألفاظ حروفاً، ويحصل منها بحسب التركيبات المتنوعة كلمات دالة بحسب الأوضاع المختلفة على المعاني الحاصلة في ضمائر المتكلمين التي تتوقف عليها المعايش وتحصيل المعارف‏.‏

ثم تركيبات تلك الحروف لما أمكنت على وجوه مختلفة، وأنحاء متنوعة مع تنوع مخارج الحروف وأصنافها، بحسب تنوع الطباع والعادات من الطوائف في كل ملة بل في كل صقع من الأصقاع، حصل لهم ألسنة مختلفة، ولغات متباينة، بحيث لا تعد كثرة‏.‏

إلا أن أفضلها وأعلاها، اللغة التي خصت بها أوسط الأمم وأخصهم وقد نزل عليها أشرف الكتب وأعلاها وأقومها من جهة الأحكام، وأدومها إلى يوم القيام، وقد نطق بهذه اللغة أفضل الأنبياء وخاتمهم وأشرفهم وفص خاتمهم، أعني لغة العرب العرباء التي اختصت بالبلاغة والإعجاز، وبسحر الكناية والمجاز، وهل اختص غيرها بفنون لو عد اشهرها ‏(‏2/ 11‏)‏ لبلغت إلى أربعين بل أكثر، وهل شرف ما عداها بالتحدي حتى فاق واحد على مئين‏.‏

وقل لي هل ظهرت العلوم ولو عقلية هكذا منقحة بلغة أخرى‏؟‏ أفليست هذه بالتعظيم والتبجيل أولى وأحرى، فوجب الاعتناء بشأن هذه اللغة الجليلة المقدار بتمييز كيفيات حروفها بحسب المخارج‏.‏

ثم أحوال تركيباتها بحسب الاشتقاق‏.‏

ثم أحوال وضعها للمعاني

ثم تبديل بعض حروفها إلى آخر لتحصل الخفة‏.‏

ثم كيفية إعراباتها ليسهل الانتقال منها إلى معانيها، ثم تطبيقها المقتضى الحال، لرفع شأن الكلام، ثم إيرادها بعبارات جلية لئلا يعسر فهم المعاني الدقيقة على أذهان لقبولها، ثم معرفة أحوال الخطوط الدالة عليها، فهذه أصول العلوم العربية، ولها فروع كثيرة‏.‏

ثم اعلم أن العلوم الأدبية ثلاث أنواع لأنها إما باحثة عن المفردات، أو عن المركبات، أو عن فروعها، ففيها ثلاث شعب‏:‏

الأولى‏:‏ فيما يتعلق بالمفردات انتهى

وذكر في هذه الشعبة علم مخارج الحروف، وعلم اللغة، وعلم الوضع، وعلم الاشتقاق، وعلم الصرف، وعلم النحو، وعلم المعاني، وعلم البيان، وعلم البديع، وعلم العروض، وعلم القوافي، وعلم قرض الشعر، وعلم مبادئ الشعر، وعلم الإنشاء، وعلم مبادئ الإنشاء وأدواته، وعلم المحاضرة، وعلم الدواوين، وعلم التاريخ‏.‏

قال‏:‏ الشعبة الثالثة من الدوحة الثانية في فروع العلوم العربية، وذكر فيها علم الأمثال، وعلم وقائع الأمم، وعلم استعمال الألفاظ، وعلم الترسل، وعلم الشروط والسجلات، وعلم الأحاجي والأغلوطات، وعلم الألغاز، وعلم المعمى، وعلم التصحيف، وعلم المقلوب، وعلم الجناس، وعلم مسامرة الملوك‏(‏2/ 12‏)‏، وعلم حكايات الصالحين، وعلم أخبار الأنبياء، وعلم المغازي والسير، وعلم تاريخ الخلفاء، وعلم طبقات القراء، وعلم طبقات المفسرين، وعلم طبقات المحدثين، وعلم سير الصحابة والتابعين، وعلم طبقات الشافعية، وعلم طبقات الحنفية، وعلم طبقات المالكية، وعلم طبقات الحنابلة، وعلم طبقات النحاة، وعلم طبقات الحكماء، وعلم طبقات الأطباء‏.‏

قال‏:‏ الدوحة الثالثة، وفيها شعبتان‏:‏

الأولى‏:‏ في العلوم الآلية التي تعصم عن الخطأ في الكسب، وذكر في هذه الدوحة علم المنطق‏.‏

قال‏:‏ الثانية في علوم تعصم عن الخطأ في المناظرة والدرس، ثم ذكر في هذه علم آداب الدرس وعلم النظر وعلم الجدل وعلم الخلاف‏.‏

قال‏:‏ الدوحة الرابعة في العلم المتعلق بالأعيان‏.‏

وهذا قسمان ما يبحث فيه بمجرد الرأي ومقتضى العقل فقط، وهو العلوم الحكمية الباحثة عن أحوال الموجودات الخارجية بحسب الطاقة البشرية‏.‏

وما يبحث فيه على قواعد الشرع وعلى تسليم المدعى وأخذه من الشرع، هي علم أصول الدين، وفيها مقدمة وعدة شعب‏.‏

المقدمة‏:‏ اعلم أن العلوم الحكمية النظرية إما أن يبحث فيها عن موجود منزه عن المادة في الخارج وعند البحث، أو يبحث عن موجود مقارن للمادة خارجاً دون البحث، أو يبحث عن موجود مقارن للمادة خارجاً وبحثاً‏.‏

والقسم الأول‏:‏ يسمى بالعلم الإلهي لبحثه عن الإلهيات، وبالعلم الأعلى، لعلو موضوعه بسبب تجرده عن المادة، ويسمى بعلم ما بعد الطبيعة أيضاً، لقراءتهم إياها بعد العلم الطبعي‏.‏

والقسم الثاني‏:‏ يسمى بالرياضي، لرياضة النفوس بها أولاً، إذ الأوائل كانوا ‏(‏2/ 13‏)‏ يبتدئون في التعليم بها لكون دلائلها يقينية، ولتعتاد النفوس باليقينيات بادئ بدء، حتى كانوا يقدمونها على المنطق، ويسمى بالعلم الأوسط أيضاً، لعدم تجرده عن المادة بالكلية، ولعدم مقارنته إياها بالكلية‏.‏

والقسم الثالث‏:‏ يسمى بالعلم الطبعي، لبحثه عن طبائع الأجسام، وبالعلم الأولي لمقارنته بالمادة بالكلية، فهذه هي الأصول الثلاثة للعلوم الحكمية انتهى‏.‏

ثم ذكر كلا منها في شعبة، ولكل منها فروع لا تحصى، ثم ذكر فرع كل منها في شعبة أخرى، فصارت الشعب ستة، وقدم العلم الإلهي على الباقي لشرفه، ثم ذكر الأوسط، ثم الأدنى، فقال‏:‏

الشعبة الأولى‏:‏ في العلم الإلهي‏.‏

والشعبة الثانية‏:‏ في فروعه، وهي علم معرفة النفوس الإنسانية، وعلم معرفة النفوذ الملكية، وعلم معرفة المعاد، وعلم أمارات النبوة، وعلم مقالات الفرق، وعلم تقاسيم العلوم‏.‏

والشعبة الثالثة‏:‏ في العلم الطبعي، وله سبعة فروع، وعند البعض عشرة، وهي‏:‏

1 - علم الطب‏.‏

2 - علم البيطرة والبيرزة‏.‏

3 - علم الفراسة‏.‏

4 - علم تعبير الرؤيا‏.‏

5 - علم أحكام النجوم‏.‏

6 - علم السحر‏.‏

7 - علم الطلسمات‏.‏

8 - علم السيميا‏.‏

9 - علم الكيمياء‏.‏

10 - علم الفلاحة، وذلك لأن نظره إما في ما يتفرع على الجسم البسيط والمركب، أو ما يعمهما‏.‏

والأجسام البسيطة إما الفلكية، فأحكام النجوم‏.‏

وإما العنصرية، فالطلسمات‏.‏

والأجسام المركبة إما ما لا يلزمه مزاج، وهو علم السيمياء‏.‏

أو يلزمه مزاج، فإما بغير ذي نفس فالكيمياء‏.‏

أو بذي نفس‏.‏

فإما غير مدركة، كالفلاحة‏.‏

أو مدركة‏.‏ ‏(‏2/ 14‏)‏

فإما مع كمال، أن يعقل أولا‏.‏

الثاني‏:‏ البيطرة والبيرزة وما يجري مجراها، والذي لذي النفس العاقلة هو الإنسان وذلك‏:‏

إما في حفظ صحته واسترجاعها، وهو الطب‏.‏

أو أحواله الظاهرة الدالة على الأحوال الباطنة، فالفراسة‏.‏

أو أحوال نفسه حال غيبة عن حسه وهو تعبير الرؤيا، والعام البسيط، والمركب السحر، ولهذه الفروع فروع يأتي ذكرها‏.‏

قال‏:‏ الشعبة الرابعة‏:‏ في فروع العلم الطبعي، ثم ذكر فيها غير ما تقدم آنفا، وعلم النبات، علم الحيوان، وعلم المعادن، وعلم الجو، وعلم الكون والفساد، وعلم قوس قزح‏.‏

قال‏:‏ الشعبة الخامسة‏:‏ فيها عدة عناقيد‏.‏

الأول منها‏:‏ في فروع علم الطب، وهي علم التشريح، وعلم الكحالة، وعلم الصيدلة، وعلم طبخ الأشربة، وعلم قلع الآثار من الثياب، وعلم تركيب أنواع المداد، وعلم الجراحة، وعلم الفصد، وعلم الحجامة، وعلم المقادير والأوزان، وعلم الباه‏.‏

العنقود الثاني‏:‏ في فروع علم القيافة، وعلم الشامات والخيلان، وعلم الأسارير، وعلم الأكتاف، وعلم قيافة الأثر، وعلم قيافة البشر، وعلم الاهتداء بالبراري والأقفار، وعلم الريافة، وعلم استنباط المعادن، وعلم نزول الغيث، وعلم العرافة، وعلم الاختلاج‏.‏

العنقود الثالث‏:‏ في فروع أحكام النجوم، واعلم أنها غير علم النجوم، لأن الثاني‏:‏ يعرف بالحساب، فيكون من فروع الرياضي، والأول‏:‏ يعرف بدلالة الطبيعة على الآثار، فيكون من فروع الطبعي، وهي علم الاختيارات، وعلم الرمل، وعلم الفال، وعلم القرعة، وعلم الطيرة، والزجر‏.‏

العنقود الرابع‏:‏ في فروع السحر‏.‏ ‏(‏2/ 15‏)‏

واعلم‏:‏ أن استحداث الحوادث، إن كان بمجرد التأثير النفساني فهو السحر‏.‏وان كان على سبيل الاستعانات بالفلكيات، فهو دعوة الكواكب‏.‏

وإن كان على سبيل تمزيج القوى البشرية بالأرضية، فهو الطلمسات‏.‏

وإن كان على سبيل الاستعانة بالخواص الطبيعية، فإما بالقراءة فهو علم الخواص والكتابة، فهو علم النيرنجات‏.‏

أو الأفعال غيرهما، فهو الرقى‏.‏

وإن كان على سبيل الاستعانة بالأرواح الساذجة، فهو العزائم‏.‏

وإن كان بإحضار تلك الأرواح في قالب الأشباح، فهو علم الاستحضار، ويسمى‏:‏ علم تسخير الجن‏.‏

وأما الأخبار عن الحوادث الغير الحاضرة، فإما عن الماضي أو الحال أو الاستقبال، فهو علم الكهانة‏.‏

ثم إن الإنسان كما يقدر على استحضار المجردات، كذلك يقدر على تغييب الحاضر عن الحس، ويسمى علم الإخفاء‏.‏

وكذلك على إخفاء الأمور الحاضرة عن الحاضرين، ويسمى بالحيل الساسانية، وأمثال ذلك كثيرة انتهى‏.‏

ثم ذكر هذه العلوم على هذا النهج وعد منها علم القلفطيرات، وعلم الكتابة المسمى بالسر المكتوم، وعلم كشف الدك، وعلم الشعبذة، وعلم تعلق القلب، وعلم الاستعانة بخواص الأدوية‏.‏

قال‏:‏ الشعبة الخامسة‏:‏ في العلوم الرياضية، وهي العلوم الباحثة عن أمور يصح تجردها عن المادة في الذهن فقط، وتنحصر هذه في أربعة أقسام‏.‏

لأن نظرها إما عن الكم المتصل‏.‏

أو عن الكم المنفصل، وكل منهما إما قار الذات أولا، فالأول‏:‏ علم الهندسة، والثاني‏:‏ الهيئة، والثالث‏:‏ العدد، والرابع‏:‏ الموسيقى‏.‏

الشعبة السادسة‏:‏ في فروع علم الهندسة، وعد منها‏:‏ علم عقود الأبنية، وعلم ‏(‏2/ 16‏)‏ المناظر، وعلم المرايا المحرقة، وعلم مراكز الأثقال، وعلم جر الأثقال، وعلم المساحة، وعلم أنباط المياه، وعلم الآلات الحربية، وعلم الرمي، وعلم التعديل، وعلم النبكامات، وعلم الملاحة والسباحة، وعلم الأوزان والموازين، وعلم الآلات المبنية على ضرورة عدم الخلاء‏.‏

قال‏:‏ الشعبة السابعة‏:‏ في فروع علم الهيئة، وذكر فيها علم الزيجات والتقاويم، وعلم كتابتها، وعلم حساب النجوم، وعلم كيفية الإرصاد، وعلم الآلات الرصدية، وعلم المواقيت، وعلم الآلات الظلية، وعلم الأكر، وعلم الأكر المتحركة، وعلم تسطيح الكرة، وعلم صور الكواكب، وعلم مقادير العلويات، وعلم منازل القمر، وعلم جغرافيا، وعلم مسالك البلدان والأمصار، وعلم معرفة البرُد ومسافاتها، وعلم خواص الأقاليم، وعلم الأدوار والأكوار، وعلم القرانات، وعلم الملاحم، وعلم مواسم السنة، وعلم مواقيت الصلاة، وعلم وضع الاسطرلاب، وعلم عمل الاسطرلاب، وعلم وضع ربع الدائرة، وعلم عمل ربع الدائرة، وعلم آلات الساعة‏.‏

الشعبة الثامنة‏:‏ في فروع علم العدد منها‏:‏ علم الحساب، وعلم حساب التخت والميل، وعلم الجبر والمقابلة، وعلم حساب الخطاءين، وعلم حساب الدرهم والدينار، علم حساب الدور والوصايا، وعلم حساب العقود، وعلم أعداد الوفق والدفق، وعلم التعابي العددية‏.‏

الشعبة التاسعة‏:‏ في فروع علم الموسيقى منها‏:‏ الآلات العجيبة، وعلم الرقص، وعلم الغنج‏.‏

قال‏:‏ الدوحة الخامسة في الحكمة العملية، وأن الإنسان لما كان مدني الطبع وكان أشخاصه إلا شرذمة ممن عصمهم الله تعالى - وقليل ما هم -مجبولين على جلب المنافع ودفع المضار، بحيث يريدون أخذ ما في أيدي الآخرين بقوتهم الشهوية، ودفع ما يزاحمه في ذلك بقوتهم الغضبية، وكأن ذكل مؤدياً إلى التقاتل والتشاجر، ولا ‏(‏2/ 17‏)‏ أقل من العداوة والشحناء، وهذه الأمور منافية لقضية التمدن والاجتماع وعمارة المدن في الأصقاع، اقتضت الحكمة الإلهية لطفاً منه ورحمة أن يشرف خواص عباده وهم الرسل والأنبياء عليهم السلام بوحي من عنده، يتضمن قوانين ينتظم برعايتها أحوال المعاش ويكمل بإجرائها أحوال المعاد، وتلك القوانين هي الشرائع النبوية والنواميس الإلهية، ثم إن الحكماء استنبطوا من الشرائع السابقة قوانين متعلقة بتكميل الأخلاق وانتظام تدبير المنزل وتدبير المدينة، وسموها حكمة عملية نذكر كلاً منها في شعبة‏.‏

الشعبة الأولى‏:‏ علم الأخلاق‏.‏

الثانية‏:‏ علم تدبير المنزل‏.‏

الثالثة‏:‏ علم السياسة‏.‏

الرابعة‏:‏ في فروع الحكمة العملية، منها علم آداب الملوك، وعلم آداب الوزارة، وعلم الاحتساب، وعلم قود العساكر‏.‏

الدوحة السادسة‏:‏ في العلوم الشرعية‏.‏

اعلم أن العلوم الاعتقادية‏:‏ إما متعلقة بالنقل، أو فهم المنقول وتقريره وتشييده بالأدلة، أو استخراج الأحكام المستنبطة‏.‏

فالنقل‏:‏ إن كان مما أتى به الرسول بواسطة الوحي فهو علم القرآن‏.‏

أو بما صدر عن نفسه المؤيدة بالعصمة فعلم رواية الحديث‏.‏

وفهم المنقول‏:‏ إن كان من كلام الله تعالى، فعلم تفسير القرآن‏.‏

أو من كلام الرسول، فعلم دراية الحديث‏.‏

والتقرير‏:‏ إما الآراء، فعلم أصول الدين‏.‏

أو الأفعال، فعلم أصول الفقه‏.‏أو استخراج الأحكام من أدلتها، فعلم الفقه‏.‏

ومنافع هذه العلوم جمة‏:‏ إما في الدنيا فحفظ المهج والأموال وانتظام سائر ‏(‏2/ 18‏)‏ الأحوال، وإما في الآخرة فالنجاة من العذاب الأليم، والفوز بالنعيم المقيم، وفي هذه الدوحة شعب‏.‏

الأولى‏:‏ علم القراءة‏.‏

الثانية‏:‏ علم رواية الحديث‏.‏

الثالثة‏:‏ علم تفسير القرآن‏.‏

الرابعة‏:‏ علم دراية الحديث‏.‏

الخامسة‏:‏ علم أصول الدين المسمى بالكلام‏.‏

السادسة‏:‏ علم أصول الفقه‏.‏

السابعة‏:‏ علم الفقه‏.‏

الثامنة‏:‏ فروع العلوم الشرعية وهي‏:‏ علم معرفة الشواذ وتفرقتها من المتواتر، وعلم مخارج الحروف، وعلم مخارج الألفاظ، وعلم الوقوف، وعلم علل القراآت، وعلم رسم كتابة القرآن، وعلم آداب كتابة المصحف‏.‏

ومن فروع علم الحديث‏:‏ علم شرح الحديث، وعلم أسباب ورود الأحاديث، وعلم ناسخ الحديث ومنسوخه، وعلم تأويل أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلم رموز أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلم غرائب لغات الحديث، وعلم دفع مطاعن الحديث، وعلم تلفيق الأحاديث، وعلم أحوال رواة الأحاديث، وعلم طب النبي - صلى الله عليه وسلم -‏.‏

وأما فروع علم التفسير، فالقرآن بحر لا تنقضي عجائبه، قال‏:‏ ولنذكر منها قدر ما تفي به قوة التقرير ويحيط به نطاق التحرير، ثم ذكر علم معرفة المكي والمدني وغيره من الأنواع التي ذكرها السيوطي في الإتقان، وجعل كل نوع علماً مستقلاً وليس كما ينبغي، لكن ذكرناها في هذا الكتاب مرتباً تبعاً له - رحمه الله - تعالى كما ستقف عليه‏.‏

قال‏:‏ هذا الذي ذكرته من فروع علم التفسير هي ما وقع في كتاب ‏(‏‏(‏الإتقان‏)‏‏)‏، وهذا بعض من علوم عددها من فروع علم التفسير بأدنى الملابسة فلنذكر هاهنا ‏(‏2/ 19‏)‏ علم خواص الحروف، علم معرفة الخواص الروحانية، علم التصرف بالحروف والأسماء، علم الحروف النورانية والظلمانية، علم التصرف بالاسم الأعظم علم الكسر والبسط، علم الجفر والجامعة، علم الزائرجة، علم دفع مطاعن القرآن‏.‏

ومن فروع علم الحديث أيضاً‏:‏ علم المواعظ، وعلم الأدعية والأوراد، وعلم الآثار، وعلم الزهد والورع، وعلم صلاة الحاجات، وعلم المغازي‏.‏

وأما فروع علم أصول الدين فاعلم أن موضوع الكلام على ما تقرر رأي المحققين عليه، هو المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية، ولا شك أن موضوعات جميع العلوم مندرجة تحت المعلوم وقد تقرر في موضوعات أن الأصالة والفرعية في العلوم بحسب عموم الموضوع وخصوصه، فيكون جميع العلوم الشرعية من فروع علم أصول الدين‏.‏

وأما فروع علم أصول الفقه، فمنها‏:‏ علم النظر، وعلم المناظرة، وعلم الجدل، وعلم الخلاف‏.‏

وأما فروع علم الفقه، فمنها‏:‏ علم الفرائض، وعلم الشروط والسجلات، وعلم معرفة حكم الشرائع، وعلم الفتاوى، قال‏:‏ هذا آخر ما تيسر لي من تفصيل العلوم النظرية التي ضمنها الطرف الأول من هذا المختصر، ولنشرع بعد هذا في العلوم المتعلقة بالأعمال وهي علوم التصفية‏.‏

والمعرفة على نوعين‏:‏

أحدهما‏:‏ المعرفة بطريق النظر وهي لا تكمل إلا بالعمل‏.‏

وثانيهما‏:‏ المعرفة بطريق العمل، وهي غاية المعرفة بالله تعالى، والعلم المتعلق بالأول يسمى علم الدراسة، لحصوله بالدرس والتكرار‏.‏والعلم المتعلق بالثاني يسمى علم الوارثة، لكونه مما يورثه العمل، ويسمى أيضاً بعلم التصفية، وعلم الباطن، وعلم الحال، وعلم المكاشفة، وعلم ‏(‏2/ 20‏)‏ الحقائق، وهذا الطرف الثاني أربعة أقسام‏:‏

الأول‏:‏ في العلوم المتعلقة بالعبادات، منها‏:‏ علم أسرار الطهارة، وعلم أسرار الصلاة، وعلم أسرار الزكاة، وعلم أسرار الحج‏.‏

والقسم الثاني‏:‏ في العلوم المتعلقة بالعادات، منها‏:‏ علم آداب الأكل، وعلم آداب النكاح، وعلم آداب الكسب، علم آداب الصحبة والمعاشرة، وعلم آداب العزلة، وعلم آداب السفر، وعلم آداب السماع والوجد، وعلم آداب الحسبة، وعلم آداب النبوة‏.‏

القسم الثالث‏:‏ في الأخلاق المهلكات، منها‏:‏ عجائب القلب، وعلم رياضة النفس وتهذيب الأخلاق، وعلم فضيلة كسر الشهوتين، وعلم آداب اللسان وآفاته، وعلم آفات الغضب، وعلم آفات الدنيا، وعلم آفات المال، وعلم آفات الجاه، وعلم آفات الريا، وعلم آفات الكبر، وعلم آفات العجب، وعلم آفات الغرور‏.‏

والقسم الرابع‏:‏ في الأخلاق المنجيات منها‏:‏ علم آداب التوبة، علم فوائد الصبر، وعلم منافع الشكر، وعلم منافع الرجا، وعلم منافع الخوف، وعلم فوائد الفقر، وعلم فوائد الزهد، وعلم فوائد التوكل، وعلم فوائد المحبة، وعلم فوائد الشوق، وعلم فوائد الأنس، وعلم فوائد الرضا، وعلم فوائد النية، وعلم فوائد الإخلاص وعلم فوائد الصدق، وعلم فوائد المراقبة، وعلم فوائد المحاسبة، وعلم فوائد التفكر، وعلم فوائد ذكر الموت والبعث والنشور‏.‏

قال‏:‏ خاتمة الرسالة في شرائط الطريقة وآدابها منها‏:‏

شرائط الشيخ، وشرائط المريد، وآداب الخرقة في إلباسها، وآداب التاج، وآداب السجادة انتهى

ولم نذكر ما ذكره في هذه الخاتمة في كتابنا هذا لأنه ليس علماً برأسه، وقد ‏(‏2/ 21‏)‏ تقدم في القسم الأول من كتابنا هذا فصل مستقل في ذكر تقسيم العلوم المدونة وأحسن التقاسيم منها‏:‏ التقسيم الخامس، على ما ذكره صاحب ‏(‏‏(‏مفتاح السعادة‏)‏‏)‏ وهو مستقل على ما ذكرناه من العلوم هاهنا، ولا مضايقة في بعض التكرار عند جدة الفوائد والأذكار‏.‏