فصل: المسألة الأولى: حكم الزكاة فيهما، وأدلة ذلك:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة



.المسألة السابعة: في أقسامها:

الزكاة قسمان:
1- زكاة الأموال: وهي التي تتعلق بالمال.
2- زكاة الأبدان: وهي التي تتعلق بالبدن، وهي زكاة الفطر.

.المسألة الثامنة: زكاة الدَّيْن:

الدين إذا كان على معسر فإن صاحب الدين يزكيه إذا قبضه لعام واحد في سنة قبضه، وإن كان على مليء قادر فإنه يزكيه لكل عام؛ لأنه في حكم الموجود عنده.

.الباب الثاني: في زكاة الذهب والفضة:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: حكم الزكاة فيهما، وأدلة ذلك:

تجب الزكاة في الذهب والفضة لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] ولا يُتَوعد بهذه العقوبة إلا على ترك واجب.
ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما مِن صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحَت له صفائح من نار، فأُحْمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت عليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي الله بين العباد».
ولإجماع أهل العلم على أن في مائتي درهم خمسة دراهم، وعلى أن الذهب إذا كان عشرين مثقالاً، وقيمته مائتا درهم، تجب الزكاة فيه.

.المسألة الثانية: مقدارها:

مقدار الزكاة الواجبة في الذهب والفضة ربع العشر، أي في كل عشرين ديناراً من الذهب نصف دينار، وما زاد فبحسابه قل أو كثر، وفي كل مائتي درهم من الفضة خمسة دراهم، وما زاد فبحسابه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتاب الصدقة: «وفي الرِّقَةِ كل مائتي درهم ربع العشر». ولحديث: «... وليس عليك شيء- يعني في الذهب- حتى يكون لك عشرون ديناراً. فإذا كان لك عشرون ديناراً، وحال عليه الحول، ففيها نصف مثقال». ولما جاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أنَّه «كان يأخذ من كل عشرين مثقالاً نصف مثقال».

.المسألة الثالثة: شروطها:

يشترط لوجوب الزكاة في الذهب والفضة الشروط التالية:
1- بلوغ النصاب، وهو عشرون مثقالاً من الذهب؛ لحديث علي: «... وليس عليك شيء- يعني في الذهب- حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليه الحول ففيها نصف مثقال» ويساوي بالجرامات (85) جراماً.
ونصاب الفضة مائتا درهم من الفضة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة». والأوقية أربعون درهماً، فخمس أواق تساوي مائتي درهم، وقولى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وفي الرَّقَة ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائةً فليس فيها شيء، إلا أن يشاء رَبُّها».
وقد أجمع العلماء على أن نصاب الفضة خمس أواق، ونصاب الذهب عشرون مثقالاً.
2- بقية الشروط العامة التي سبقت فيمن تجب عليه الزكاة، وهي: الإسلام، والحرية، والملك التام، وحَوَلان الحول، وقد سبق الكلام عليها.

.المسألة الرابعة: في ضم أحدهما- الذهب والفضة- إلى الآخر:

لا يضم أحدهما إلى الآخر في إكمال النصاب على القول الراجح؛ لأنهما جنسان مختلفان، فلم يضم أحدهما إلى الآخر، كالإبل والبقر، والشعير والقمح، مع أن المقصود منها واحد، وهو التنمية في الإبل والبقر، والقوت في الشعير والقمح، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وليس فيما دون خمس أواق صدقة». ويلزم من القول بضم أحدهما إلى الآخر في إكمال النصاب وجوب الزكاة في أقل من خمس أواق من الفضة، إذا كان عنده ما يكمل به من الذهب. ويشمل الحديث ما إذا كان عنده من الذهب ما يكمل به خمس أواق، أو لا. وعلى هذا إذا كان عنده عشرة دنانير ومائة درهم، فلا زكاة عليه؛ لأن الذهب يزكى وحده، وكذلك الفضة.

.المسألة الخامسة: في زكاة الحُلِيّ:

لا خلاف بين أهل العلم في وجوب الزكاة في الحلي المعدّ للادخار والكراء، وفي الحلي المُحَرَّم؛ كالرجل يتخذ خاتماً من ذهب، أو المرأة تتخذ حلياً صنع على صورة حيوان، أو فيه صورة حيوان، أما الحلي المعدّ للاستعمال المباح والعارية، فالصحيح من قولي أهل العلم وجوب الزكاة فيه؛ وذلك لما يلي:
1- عموم النصوص الواردة في وجوب الزكاة في الذهب والفضة، وهذا العموم يشمل الحلي وغيره.
2- ما رواه أهل السنن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن امرأة أتت إلى رسول الله ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مَسَكَتانِ غليظتان من ذهب، فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسوِّرك الله بهما سوارين من نار، فخلعتهما، وألقتهما إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». وهذا الحديث نص في الموضوع، وله شاهد في الصحيح وغيره.
3- ولأن هذا القول أحوط، وأبرأ للذمة؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».

.المسألة السادسة: في زكاة عُرُوض التجارة:

العروض: جمع عَرْض وعَرَض، وهو ما أعده المسلم للتجارة من أي صنف كان، وهو أعم أموال الزكاة وأشملها. وسُمِّي بذلك: لأنه لا يستقر، بل يعرِض ثم يزول، فإن التاجر لا يريد هذه السلعة بعينها، وإنما يريد ربحها من النقدين.
والزكاة واجبة فيه لعموم قوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)} [الذاريات: 19]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267]. ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم»، ولا شك أن عروض التجارة مال.
وشروط وجوب الزكاة فيها:
1- أن يملكها بفعله كالشراء، وقبول الهدية، فلا يدخل في ذلك الإرث ونحوه، مما يدخل قهراً.
2- أن يملكها بنية التجارة.
3- أن تبلغ قيمتها نصاباً، بالإضافة إلى الشروط الخمسة السابقة في أول الزكاة.
فإذا حال عليها الحول قُوِّمت بأحد النقدين الذهب أو الفضة، فإذا بلغت القيمة نصاباً وجب فيها ربع العشر.
ولا اعتبار في التقويم لما اشتريت به العروض؛ لأن قيمتها تختلف ارتفاعاً ونزولاً، وإنما العبرة بقيمتها وقت تمام الحول.

.الباب الثالث: في زكاة الخارج من الأرض:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: متى تجب؟ ودليل ذلك:

الأصل في وجوبها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267].
وتجب الزكاة في الحبوب إذا اشتد الحَبُّ، وصار فريكاً، وتجب في الثمار عند بدو صلاحها، بحيث تصبح ثمراً طيباً يؤكل، ولا يشترط له الحول؛ لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141].
فتجب الزكاة في كل مكيل مدخر من الحبوب والثمار، كالحنطة، والشعير والذرة، والأرز، والتمر، والزبيب. ولا تجب في الفواكه، والخضروات. فالمكيل: لكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتبر التوسيق فيه، وهو التحميل. والمدَّخر: لوجود المعنى المناسب لإيجاب الزكاة فيه.
وعلى هذا، فما لم يكن مكيلاً ولا مدخراً من الحبوب والثمار، فلا زكاة فيه.

.المسألة الثانية: شروطها:

يشترط لوجوب الزكاة في الحبوب والثمار شرطان:
1- بلوغ النصاب، وهو خمسة أوسق؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة».
والوسق حمل البعير، وهو ستون صاعاً بصاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع، فيكون زنة النصاب بالبرّ الجيِّد ما يقارب ستمائة واثني عشر كيلو جراماً، على اعتبار أن وزن الصاع 2.40 كيلو جراماً.
2- أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.

.المسألة الثالثة: في مقدار الواجب:

والواجب في الحبوب والثمار: العشر فيما سقي بلا كلفة، بأن كانت عثرية، أو تسقى بماء العيون، ونصف العشر فيما سقي بمؤنة، بأن كانت تسقى بالدلاء والسواني ونحوها؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فيما سقت السماء والأنهار والعيون، أو كان بَعْلاً، العشر، وفيما سقي بالسواني، أو النضح، نصف العشر».

.المسألة الرابعة: في زكاة العسل:

حكى ابن عبد البر- رحمه الله- عن الجمهور أنه لا زكاة فيه، وهو الأظهر؛ لأنه ليس في الكتاب، ولا في السنة، دليل صحيح صريح على وجوبها، والأصل براءة الذمة حتى يقوم دليل على الوجوب. قال الإمام الشافعي- رحمه الله-: "الحديث «في أن في العسل العشر» ضعيف، وفي «ألا يؤخذ منه» ضعيف، إلا عن عمر بن عبد العزيز، واختياري أنه لا يؤخذ منه؛ لأن السنن والآثار ثابتة فيما يؤخذ منه، وليست فيه ثابتة فكأنه عفو". وقال ابن المنذر: "ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت".

.المسألة الخامسة: في الرِّكاز:

الرِّكاز: هو ما وُجد من دفائن الجاهلية ذهباً أو فضة أو غيرهما مما عليه علامة الكفر، ولم يطلب بمال، ولم يتكلف فيه نفقة وكبير عمل، وأما ما طلب بمال وتطلَّب كبير عمل، فليس بركاز، ويجب فيه الخمس في قليله وكثيره، ولا يُشترط له الحول ولا النصاب؛ لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وفي الركاز الخمس»، وهو فيء يصرف في مصالح المسلمين العامة، ولا يشترط أن يكون من مال معين، فسواء كان من الذهب أو الفضة أو غيرهما.
ويعرف كونه من دفائن الجاهلية: بوجود علامات الكفر عليه، ككتابة أسمائهم، ونقش صورهم، ونحو ذلك من العلامات.
وأما المَعْدِن: فهو كل ما تولَّد من الأرض من غير جنسها، ليس نباتاً، سواء أكان جارياً، كالنِّفط والقار، أم جامداً؛ كالحديد والنحاس والذهب والفضة والزئبق. فتجب فيه الزكاة بالإجماع كما سبق، لعموم النصوص الواردة في وجوب الزكاة في الخارج من الأرض، كقوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267].

.الباب الرابع: في زكاة بهيمة الأنعام:

وفيه مسائل:
وبهيمة الأنعام هي: الإبل، والبقر، والغنم، والبقر يشمل الجاموس أيضاً، فهو نوع من البقر. والغنم يشمل الماعز، والضأن. وسُمِّيت بهيمة الأنعام؛ لأنها لا تتكلم، من الإبهام وهو الإخفاء، وعدم الإيضاح.

.المسألة الأولى: شروط وجوبها:

يشترط لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام الشروط التالية:
1- أن تبلغ الأنعام النصاب الشرعي، وهو في الإبل خمس، وفي البقر ثلاثون، وفي الغنم أربعون؛ لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة»، ولحديث معاذ: (بعثنى رسول الله أصدق أهل اليمن، فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعاً، ومن كل أربعين مسنة)، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة، فليس فيها صدقة...».
2- أن يحول على الأنعام حول كامل عند مالكها وهي نصاب؛ لحديث: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول».
3- أن تكون سائمة، وهي التي ترعى الكلأ المباح- وهو الذي نبت بفعل الله سبحانه دون أن يزرعه أحد- في الحول أو أكثره؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وفي صدقة الغنم في سائمتها، إذا كانت أربعين إلى مائة وعشرين، شاة»، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وفي كل إبل سائمة في أربعين بنت لبون»، فإن كانت ترعى أقل الحول ويعلفها أكثره، فليست سائمة، ولا زكاة فيها.
4- أن لا تكون عاملة، وهي التي يستخدمها صاحبها في حرث الأرض، أو نقل المتاع، أو حمل الأثقال؛ لأنها تدخل في حاجات الإنسان الأصلية كالثياب. أما إذا أُعِدَّت للكراء فإن الزكاة تكون فيما يحصل من أجرتها، إذا حال عليه الحول.