فصل: المسألة الثانية: ما تجوز الأضحية به:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة



.المسألة الثانية: ما تجوز الأضحية به:

لا تصح الأضحية إلا أن تكون من:
1- الإبل.
2- البقر.
3- الغنم ومنه الماعز.
لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34]. والأنعام لا تخرج عن هذه الأصناف الثلاثة. ولأنه لم ينقل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا عن أحد من الصحابة التضحية بغيرها.
وتجزئ الشاة في الأضحية عن الواحد وأهل بيته؛ ففي حديث أبي أيوب رضي الله عنه: (كان الرجل في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون).
ويجوز التضحية بالبعير والبقرة الواحدة عن سبعة؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: (نحرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة).

.المسألة الثالثة: الشروط المعتبرة في الأضحية:

1- السن:
أ- الإبل: ويشترط أن يكون قد أكمل خمس سنين.
ب- البقر: ويشترط أن يكون قد أكمل سنتين.
ج- المعز: ويشترط أن يكون قد أكمل سنة.
لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا تذبحوا إلا مُسِنَّة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن». والمسنة من الإبل ما لها خمس سنين، ومن البقر ما له سنتان، ومن المعز ما له سنة، وتسمى المسنة بالثنية.
د- الضأن: ويشترط فيه الجذع، وهو ما أكمل سنة، وقيل: ستة أشهر؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أصابني جذع. قال: «ضحِّ به»، ولحديث عقبة بن عامر أيضاً: «ضحَّينا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجذع من الضأن».
2- السلامة.
يشترط في الإبل والبقر والغنم أن تكون سالمة من العيوب التي من شأنها أن تسبب نقصاناً في اللحم، فلا تجزئ العجفاء، والعرجاء، والعوراء، والمريضة؛ لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البيِّنُ عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والعجفاء التي لا تُنْقِي». والعجفاء: الهزيله، ومعنى (لا تنقي): أي لا مُخَّ لها لهزالها. ويقاس على هذه العيوب الأربعة ما في معناها: كالهتماء التي ذهبت ثناياها، والعضباء التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها، ونحو ذلك من العيوب.

.المسألة الرابعة: وقت ذبح الأضحية:

يبتدئ وقتها من بعد صلاة العيد لمن صلاها، ومن بعد طلوع شمس يوم عيد الأضحى بمقدار ما يتسع لركعتين وخطبتين لمن لم يصلها، لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى». ويستمر وقتها إلى غروب آخر أيام التشريق؛ لحديث جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «كل أيام التشريق ذبح».
والأفضل ذبحها بعد الفراغ من صلاة العيد؛ لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أول ما نبدأ به يومنا هذا نصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء».

.المسألة الخامسة: ما يصنع بالأضحية، وما يلزم المضحي إذا دخلت العشر:

1- ما يصنع بالأضحية:
يسن للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي للأقارب والجيران والأصدقاء، ويتصدق على الفقراء؛ لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28].
ويستحب أن يجعلها أثلاثاً: ثلث لأهل بيته، وثلث يطعمه فقراء جيرانه، ويهدي الثلث، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في صفة أضحية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدَّق على السُّؤَّال بالثلث».
ويجوز ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام؛ لحديث بريدة رضي الله عنه، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا ما بدا لكم».
2- ما يلزم مريد التضحية إذا دخلت عشر ذي الحجة:
إذا دخلت عشر ذي الحجة، حرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره، أو أظفاره شيئاً، حتى يضحِّي؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعاً: «إذا دخل العشر، وعنده أضحية يريد أن يضحي، فلا يأخذن شعراً، ولا يقلمن ظفراً». وفي رواية: «فلا يمس من شعره وبشره شيئاً».

.الباب السابع: في العقيقة:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: تعريف العقيقة وحكمها ووقتها:

1- تعريف العقيقة:
العقيقة لغة: مشتقة من العق وهو القطع، وهي تطلق في الأصل على الشعر الذي يكون على رأس المولود حين الولادة.
وشرعاً: ما يذبح للمولود يوم سابعه عند حلق شعره.
وهي من حق الولد على والده.
2- حكم العقيقة:
العقيقة سنة مؤكدة، لحديث سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «مع الغلام عقيقته، فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى»، ولحديث سمرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويسمى ويحلق رأسه»، ولحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من وُلد له ولد، فأحب أن يَنْسُكَ عنه فَلْيَنْسُك». ومعنى ينسك. يذبح.
3- وقت العقيقة:
يدخل وقت جواز ذبح العقيقة بانفصال جميع المولود من بطن أمه، ويستمر وقت الاستحباب إلى البلوغ، إلا أنه يسن أن يعقَّ عنه يوم السابع من ولادته؛ لحديث سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويسمى ويحلق رأسه».

.المسألة الثانية: مقدار ما يذبح في العقيقة:

يسن أن يذبح عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، لحديث أم كرز الكعبية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «عن الغلام شاتان متكافئتان، وعن الجارية شاة».

.المسألة الثالثة: تسمية المولود، وحلق رأسه، وتحنيكه، والأذان في أذنه:

1- تسمية المولود:
يسن تسمية المولود في اليوم السابع من ولادته، لحديث سمرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى، ويحلق رأسه».
ويسن أن يختار له من الأسماء ما كان حسناً؛ فقد غيَّر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأسماء القبيحة، وأمر بذلك. وأحسنها: عبد الله وعبد الرحمن؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن».
2- حلق رأس المولود:
ويسن حلق رأسه- ذكراً كان أو أنثى- يوم سابعه بعد ذبح العقيقة، ويتصدق بزنة شعره فضة؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: عقَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحسن بشاة، وقال: «يا فاطمة احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة».
3- تحنيك المولود:
ويسن تحنيك المولود بتمر سواء أكان ذكراً أم أنثى.
والتحنيك: هو مضغ التمر ودلك حنك المولود به حتى ينزل شيء منه إلى جوفه؛ لحديث أبي موسى رضي الله عنه قال: ولد لي غلام، فأتيت به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسماه إبراهيم وحَنَّكه بتمر، وحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يؤتى بالصبيان ويحنكهم.
4- الأذان في أذن المولود:
يسن الأذان في أُذن المولود حين ولادته، وقيل: يؤذَّن في أذنه اليمنى، وتقام الصلاة في أذنه اليسرى، لحديث أبي رافع رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذَّنَ في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة، بالصلاة».

.سادساً: كتاب الجهاد:

ويشتمل على ثلاثة أبواب:

.الباب الأول: تعريف الجهاد وفضله وحكمه وشروطه ومسقطاته:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: تعريفه، وفضله، والحكمة منه، وحكمه، ومتى يتعين؟

أ- تعريفه:
الجهاد لغة: بذل الجهد والطاقة والوسع.
وفي الاصطلاح: بذل الجهد والوسع في قتال الأعداء من الكفار ومدافعتهم.
ب- فضله والحكمة منه:
الجهاد ذروة سنام الإسلام، كما سماه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي: أعلاه، وسمي بذلك؛ لأنه يعلو به الإسلام ويرتفع ويظهر، وقد فضّل الله المجاهدين في سبيله بأموالهم وأنفسهم، ووعدهم الجنة، كما سيأتي في آية سورة النساء بعد قليل، والآيات والأحاديث في فضل الجهاد والمجاهدين كثيرة.
أما الحكمة من مشروعية الجهاد: فقد شرعه الله سبحانه لأهداف سامية وغايات نبيلة، من ذلك:
1- شرع الجهاد لتخليص الناس من عبادة الأوثان والطواغيت وإخراجهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39].
2- كما شرع لإزالة الظلم وإعادة الحقوق إلى أهلها، قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39].
3- كما شرع الجهاد؛ لإذلال الكفار، وإرغام أنوفهم، والانتقام منهم، قال سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 14].
ج- حكمه ودليل ذلك:
الجهاد بمعناه الخاص- وهو جهاد الكفار فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين وصار في حقهم سنة؛ لقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 95]. فقد دلت هذه الآية على أن الجهاد فرض كفاية، لا فرض عين؛ لأن الله فاضل بين المجاهدين والقاعدين عن الجهاد بدون عذر، وكلاً وعد الحسنى وهي الجنة. ولو كان الجهاد فرض عين لاستحق القاعدون الوعيد لا الوعد.
ولقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122]. وهذا مشروط بما إذا كان للمسلمين قوة وقدرة على قتال أعدائهم، فإن لم يكن لديهم قوة ولا قدرة سقط عنهم كسائر الواجبات، وأصبح قتالهم لعدوهم- والحالة هذه- إلقاءً بأنفسهم إلى التهلكة.
د- متى يتعين؟
لكن هناك حالات يتعين فيها الجهاد فيصير فرض عين على المسلم وهي:
الحالة الأولى: إذا هاجم الأعداء بلاد المسلمين، ونزلوا بها، أو حصروها، تعين قتالهم، ودفع ضررهم، على جميع أفراد المسلمين.
الحالة الثانية: إذا حضر القتال، وذلك إذا التقى الزحفان، وتقابل الصفَّان، تعين الجهاد، وحرم على من حضر القتال الانصراف، والتولي من أمام العدو؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}
[الأنفال: 15]، ولعدِّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التولي يوم الزحف من الكبائر الموبقات. ولكن يستثنى من التولي المتوعد عليه حالتان: الأولى: إذا كان المتولي متحرفاً لقتال، أي: يذهب لكي يأتي بقوة أكثر. والثانية: أن يكون متحيزاً إلى فئة من المسلمين تقوية ونصرة لها.
الحالة الثالثة: إذا عينهم الإمام واستنفرهم للجهاد؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ , إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 38- 39]، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وإذا استنفرتم فانفروا».
الحالة الرابعة: إذا احتيج إليه، فإنه يتعيَّن عليه الجهاد.