فصل: تفسير الآيات (17- 32):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (17- 32):

{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)}
{قُتِلَ الإنسانُ ما أكْفَرَه} في {قتل} وجهان:
أحدهما: عُذِّب.
الثاني: لعن.
وفي {الإنسان} ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه إشارة إلى كل كافر، قاله مجاهد.
الثاني: أنه أمية بن خلف، قاله الضحاك.
الثالث: أنه عتبة بن أبي لهب حين قال: إني كفرت برب النجم إذا هوى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهم سلّطْ عليه كلبك» فأخذه الأسد في طريق الشام، قاله ابن جريج والكلبي.
وفي {ما أكْفَرَه} ثلاثة أوجه:
أحدها: أن (ما) تعجب، وعادة العرب إذا تعجبوا من شيء قالوا قاتله الله ما أحسنه، وأخزاه الله ما أظلمه، والمعنى: أعجبوا من كفر الإنسان لجميع ما ذكرنا بعد هذا.
الثاني: أي شيء أكفره، على وجه الاستفهام، قاله السدي ويحيى بن سلام.
الثالث: ما ألعنه، قاله قتادة.
{ثم السبيلَ يَسّرَهُ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: خروجه من بطن أمه، قاله عكرمة والضحاك.
الثاني: سبيل السعادة والشقاوة، قاله مجاهد.
الثالث: سبيل الهدى والضلالة، قاله الحسن.
ويحتمل رابعاً: سبيل منافعه ومضاره.
{ثُمَّ أَماتَهُ فأَقْبَرَهُ} فيه قولان:
أحدهما: جعله ذا قبر يدفن فيه، قاله الطبري، قال الأعشى:
لو أسْنَدَتْ مَيْتاً إلى نَحْرِها ** عاشَ ولم يُنْقلْ إلى قابر

الثاني: جعل من يقبره ويواريه، قاله يحيى بن سلام.
{ثُمَّ إذا شاءَ أَنشَرَهُ} يعني أحياه، قال الأعشى:
حتى يقولَ الناسُ مما رأوْا ** يا عجباً للميّت الناشِرِ

{كلاّ لّما يَقْضِ ما أَمَرَهُ} فيه قولان:
أحدهما: أنه الكافر لم يفعل ما أمر به من الطاعة والإيمان، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: أنه على العموم في المسلم والكافر، قال مجاهد: لا يقضي أحد أبداً ما افترض عليه، وكلاّ ها هنا لتكرير النفي وهي موضوعة للرد.
ويحتمل وجه حمله على العموم أن الكافر لا يقضيه عمراً، والمؤمن لا يقضيه شهراً.
{فَلْيَنظُرِ الإنسانُ إلى طَعامِه} فيه وجهان:
أحدهما: إلى طعامه الذي يأكله وتحيا نفسه به، من أي شيء كان، قاله يحيى.
الثاني: ما يخرج منه أي شيء كان؟ ثم كيف صار بعد حفظ الحياة وموت الجسد.
قال الحسن: إن ملكاً يثني رقبة ابن آدم إذا جلس على الخلاء لينظر ما يخرج منه.
ويحتمل إغراؤه بالنظر إلى وجهين:
أحدهما: ليعلم أنه محل الأقذار فلا يطغى.
الثاني: ليستدل على استحالة الأجسام فلا ينسى.
{أنّا صَبَبْنا الماءَ صبّاً} يعني المطر.
{ثم شَقَقْنا الأرضَ شقّاً} يعني بالنبات.
{فَأَنْبَتْنَا فيها حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً} والقضب: القت والعلق سمي بذلك لقضبه بعد ظهوره.
{وزَيْتوناً ونخْلاً * وحدائقَ غُلْباً} فيه قولان:
أحدهما: نخلاً كراماً، قاله الحسن.
الثاني: الشجر الطوال الغلاظ، قال الكلبي: الْغلب الغِلاط، قال الفرزدق:
عَوَى فأَثارَ أغْلَبَ ضَيْغَميّاً ** فَوَيْلَ ابنِ المراغةِ ما استثار

وفي (الحدائق) ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها ما التف واجتمع، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه نبت الشجر كله.
الثالث: أنه ما أحيط عليه من النخل والشجر، وما لم يحط عليه فليس بحديقة حكاه أبو صالح.
ويحتمل قولاً رابعاً: أن الحدائق ما تكامل شجرها واختلف ثمرها حتى عم خيرها.
ويحتمل الغُلْب أن يكون ما غلبت عليه ولم تغلب فكان هيناً.
{وفاكهةً وأبّاً} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أن الأبّ ما ترعاه البهائم، قاله ابن عباس: وما يأكله الآدميون الحصيدة، قال الشاعر في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
له دعوة ميمونة ريحها الصبا ** بها يُنْبِتُ الله الحصيدة والأَبّا

الثاني: أنه كل شيء ينبت على وجه الأرض، قاله الضحاك.
الثالث: أنه كل نبات سوى الفاكهة، وهذا ظاهر قول الكلبي.
الرابع: أنه الثمار الرطبة، قاله ابن أبي طلحة.
الخامس: أنه التبن خاصة، وهو يحكي عن ابن عباس أيضاً، قال الشاعر:
فما لَهم مَرْتعٌ للسّوا ** م والأبُّ عندهم يُقْدَرُ

ووجدت لبعض المتأخرين سادساً: أن رطب الثمار هو الفاكهة، ويابسها الأبّ.
ويحتمل سابعاً: أن الأبّ ما أخلف مثل أصله كالحبوب، والفاكهة ما لم يخلف مثل أصله من الشجر.
روي أن عمر بن الخطاب قرأ {عبس وتولّى} فلما بلغ إلى قوله تعالى: {وفاكهة وأبّا} قال: قد عرفنا الفاكهة، فما الأبّ؟ ثم قال: لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا هو التكلف وألقى العصا من يده.
وهذا مثل ضربه الله تعالى لبعث الموتى من قبورهم فهم كنبات الزرع بعد دثوره، وتضمن امتناناً عليهم بما أنعم.

.تفسير الآيات (33- 42):

{فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)}
{فإذا جاءَتِ الصّاخّةُ} فيها قولان:
أحدهما: أنها النفخة الثانية التي يصيخ الخلق لاستماعها، قاله الحسن، ومنه قول الشاعر:
يُصِيخُ للنْبأَة أَسْماعه ** إصاخَةَ الناشدِ للمُنْشِد

الثاني: أنه اسم من أسماء القيامة، لإصاخة الخلق إليها من الفزع، قاله ابن عباس.
{يوم يَفِرُّ المرءُ مِن أخيه وأُمِّه وابيه وصاحِبتِه وبنيه} وفي فراره منهم ثلاثة أوجه:
أحدها: حذراً من مطالبتهم إياه للتبعات التي بينه وبينهم.
الثاني: حتى لا يروا عذابه.
الثالث: لاشتغاله بنفسه، كما قال تعالى بعده: {لكل امرئ منهم يومئذ شأنٌ يُغْنِيهِ} أي يشغله عن غيره.
{وجوهٌ يومئذٍ مُسفِرةٌ} فيه وجهان:
أحدهما: مشرقة.
الثاني: فرحة، حكاه السدي.
{ضَاحكةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} يحتمل وجهين:
أحدهما: ضاحكة من مسرة القلب.
الثاني: ضاحكة من الكفار شماتة وغيظاً، مستبشرة بأنفسها مسرة وفرحاً.
{ووجوهٌ يومَئذٍ عليها غبرَةٌ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه غبار جعل شيناً لهم ليتميزوا به فيعرفوا.
الثاني: أنه كناية عن كمد وجوههم بالحزن حتى صارت كالغبرة.
{ترْهقُها قَتَرةٌ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: تغشاها ذلة وشدة، قاله ابن عباس.
الثاني: خزي، قال مجاهد.
الثالث: سواد، قاله عطاء.
الرابع: غبار، قاله السدي، وقال ابن زيد: القترة ما ارتفعت إلى السماء والغبرة: ما انحطت إلى الأرض.
الخامس: كسوف الوجه، قاله الكلبي ومقاتل.
{أولئك هم الكَفَرَةُ الفَجرَةُ} يحتمل جمعه بينهما وجهين:
أحدهما: أنهم الكفرة في حقوق الله، الفجرة في حقوق العباد.
الثاني: لأنهم الكفرة في أديانهم، الفجرة في أفعالهم.

.سورة التكوير:

.تفسير الآيات (1- 14):

{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)}
قوله تعالى: {إذا الشمسُ كُوِّرَتْ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: يعني ذهب نورها وأظلمت، قاله ابن عباس.
الثاني: غُوِّرَت، وهو بالفارسية كوبكرد، قاله ابن جبير.
الثالث: اضمحلت، قاله مجاهد.
الرابع: نكست، قاله أبو صالح.
الخامس: جمعت فألقيت، ومنه كارة الثياب لجمعها، وهو قول الربيع بن خيثم.
{وإذا النجوم انْكَدَرَتْ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: تناثرت، قاله الربيع بن خيثم.
الثاني: تغيرت فلم يبق لها ضوء، قاله ابن عباس.
الثالث: تساقطت، قاله قتادة، ومنه قول العجاج:
أبصَرَ خرْبان فضاء فانكَدَرْ ** تَقضِّيَ البازي إذا البازي كَسَر

ويحتمل رابعاً: أن يكون انكدارها طمس آثارها، وسميت النجوم نجوماً لظهورها في السماء بضوئها.
{وإذا الجبالُ سُيِّرتْ} يعني ذهبت عن أماكنها، قال مقاتل: فسويت بالأرض كما خلقت أول مرة وليس عليها جبل ولا فيها واد.
{وإذا العِشارُ عُطِّلتْ} والعشار: جمع عشراء وهي الناقة إذا صار لحملها عشرة أشهر، وهي أنفس أموالهم عندهم، قال الأعشى:
هو الواهبُ المائةَ المصْطفا ** ةَ إمّا مخاضاً وإمّا عِشاراً

فتعطل العشار لاشتغالهم بأنفسهم من شدة خوفهم.
وفي {عطلت} تأويلان:
أحدهما: أُهملت، قاله الربيع.
الثاني: لم تحلب ولم تدر، قاله يحيى بن سلام.
وقال بعضهم: العشار: السحاب تعطل فلا تمطر.
ويحتمل وجهاً ثالثاً: أنها الأرض التي يعشر زرعها فتصير للواحد عُشراً، تعطل فلا تزرع.
{وإذا الوُحوشُ حُشِرتْ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: جمعت، قاله الربيع.
الثاني: اختلطت، قاله أبي بن كعب فصارت بين الناس.
الثالث: حشرت إلى القيامة للقضاء فيقتص للجمّاء من القرناء، قاله السدي.
الرابع: أن حشرها بموتها، قاله ابن عباس.
{وإذا البحارُ سُجِّرتْ} فيه ثمانية تأويلات:
أحدها: فاضت، قاله الربيع.
الثاني: يبست، قاله الحسن.
الثالث: ملئت، أرسل عذبها على مالحها، ومالحها على عذبها حتى امتلأت، قاله أبو الحجاج.
الرابع: فجرت فصارت بحراً واحداً، قاله الضحاك.
الخامس: سيرت كما سيرت الجبال، قاله السدي.
السادس: هو حمرة مائها حتى تصير كالدم، مأخوذ من قولهم عين سجراء أي حمراء.
السابع: يعني أوقدت فانقلبت ناراً، قاله عليّ رضي الله عنه وابن عباس وأُبي بن كعب.
الثامن: معناه أنه جعل ماؤها شراباً يعذب به أهل النار، حكاه ابن عيسى.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتخفيف {سجرت} إخباراً عن حالها مرة واحدة، وقرأ الباقون بالتشديد إخباراً عن حالها في تكرار ذلك منها مرة بعد أخرى.
{وإذا النفوسُ زُوِّجَتْ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: يعني عُمل بهن عملٌ مثل عملها، فيحشر العامل بالخير مع العامل بالخير إلى الجنة، ويحشر العامل بالشر مع العامل بالشر إلى النار، قاله عطية العوفي: حين يكون الناس أزواجاً ثلاثة.
الثاني: يزوج كل رجل نظيره من النساء فإن من أهل الجنة زوّج بامرأة من اهل الجنة، وإن كان من أهل النار زوّج بامرأة من أهل النار، قاله عمر بن الخطاب، ثم قرأ: {احْشُروا الذين ظلموا وأزواجهم} الثالث: معناه ردّت الأرواح إلى الأجساد، فزوجت بها أي صارت لها زوجاً، قاله عكرمة والشعبي.
الرابع: أنه قرن كل غاو بمن أغواه من شيطان أو إنسان، حكاه ابن عيسى.
ويحتمل خامساً: زوجت بأن أضيف إلى كل نفس جزاء عملها، فصار لاختصاصها به كالتزويج.
{وإذا الموءوجة سُئِلَتْ} والموءودة المقتولة، كان الرجل في الجاهلية إذا ولدت امرأته بنتاً دفنها حية، إما خوفاً من السبي والاسترقاق، وإما خشية الفقر والإملاق، وكان ذوو الشرف منهم يمتنعون من هذا ويمنعون منه حتى افتخر الفرزدق فقال:
ومِنّا الذي مَنَعَ الوائداتِ ** فأحْيا والوئيدَ فلم تُوأَدِ

وسميت موءودة للثقل الذي عليها من التراب، ومنه قوله تعالى: {ولا يئوده حفظهما} أي لا يثقله، وقال متمم بن نويرة:
وموءودةٍ مقبورة في مفازةٍ ** بآمتها موسودة لم تُمهّدِ

فقال توبيخاً لقاتلها وزجراً لمن قتل مثلها {وإذا الموءودة سئلت} واختلف هل هي السائلة أو المسئولة، على قولين:
أحدهما: وهو قول الأكثرين أنها هي المسئولة: {بأيِّ ذَنْبِ قُتِلَتْ} فتقول: لا ذنب لي، فيكون ذلك أبلغ في توبيخ قاتلها وزجره.
الثاني: أنها هي السائلة لقاتلها لم قتلت، فلا يكون له عذر، قاله ابن عباس وكان يقرأ: وإذا الموءودة سألت.
قال قتادة: يقتل أحدهما بنته ويغذو كلبه، فأبى الله سبحانه ذلك عليهم.
{وإذا الصُّحُف نُشِرَتْ} يعني صحف الأعمال إذا كتب الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشر، تطوى بالموت وتنشر في القيامة، فيقف كل إنسان على صحيفته فيعلم ما فيها قيقول: {ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحْصاها}.
وقرأ حمزة والكسائي بتشديد نشّرت على تكرار النشر، وقرأ الباقون بالتخفيف على نشرها مرة واحدة، فإن حمل على المرة الواحدة فلقيام الحجة بها، وإن حمل على التكرار ففيه وجهان:
أحدهما: للمبالغة في تقريع العاصي وتبشير المطيع.
الثاني: لتكرير ذلك من الإنسان والملائكة الشهداء عليه.
{وإذا السماءُ كُشِطَتْ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها يعني ذهبت، قاله الضحاك.
الثاني: كسفت، قاله السدي.
الثالث: طويت، قاله يحيى بن سلام، كما قال تعالى: {يوم نطوي السماء} الآية.
{وإذا الجحيمُ سُعِّرَتْ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أحميت، قاله السدي.
الثاني: أُوقدت، قاله معمر عن قتادة.
الثالث: سعّرها غضب الله وخطايا بني آدم، قاله سعيد عن قتادة.
{وإذا الجنّةُ أُزْلِفَتْ} أي قرّبت، قال الربيع: إلى هاتين الآيتين ما جرى الحديث فريق في الجنة وفريق في السعير.
{عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرتْ} يعني ما عملت من خير وشر. وهذا جواب {إذا الشمس كورت} وما بعدها، قال عمر بن الخطاب: لهذا جرى الحديث، وقال الحسن: {إذا الشمس كورت} قسم وقع على قوله {علمت نفسٌ ما أَحضَرَتْ}.