فصل: فصل (في) تعيين (الأولياء):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)



.فصل (في) تعيين (الأولياء):

من هم وترتيبهم (وما يترتب على الولاية) من توكيل المالكة والوصية والمعتقة وأن المرأة لا تعقد نكاح امرأة لأن الولي متى أطلق فالمراد به ولي المرأة، وكذا ولي الزوج إذا كان رقيقاً أو محجوراً كما يأتي والأولياء جمع ولي. ابن عرفة: هو من له على المرأة ولاية ملك أو أبوة أو تعصيب أو إيصاء أو كفالة أو سلطنة أو ذو إسلام فالإخوة للأم لغو، وروي على أن زوج أخ لأم مضى. اهـ. فقوله: على المرأة يشمل الحرة والأمة، وقوله: أو أبوة يشمل الجد للأم وليس بمراد. وقوله: أو تعصيب كان شقيقاً أو لأب، ويدخل فيه العم وابن العم، وقوله: أو إيصاء يشمل الوصي ووصيه. وقوله: أو كفالة يشمل الكافلة والمذهب أنه لا ولاية لها كما في (ز) وقوله: أو سلطنة يعني القاضي أو نائبه. وقوله: أو ذو إسلام معطوف على قوله: من له على المرأة ولاية وهو أعم الولايات قاله ميارة.
وَعَاقِدٌ يَكُونُ حُرًّا ذَكَرَا ** مُكَلّفاً والقُرْبُ فِيهِ اعْتُبِرَا

(وعاقد) مبتدأ سوغه العموم أو كونه صفة لمحذوف أي شخص عاقد (يكون) اسمه ضمير مستتر (حراً) خبره (ذكرا) خبر بعد خبر، والجملة من يكون وخبرها خبر المبتدأ (مكلفاً) خبر بعد خبر أيضاً (والقرب) مبتدأ (فيه) يتعلق به أو بقوله (اعتبرا) بالبناء للمفعول. والجملة خبر القرب والجملة من القرب وما بعده حال، والمعنى أنه يشترط في كل عاقد على وليه أن يكون حراً ذكراً مكلفاً أي عاقلاً بالغاً، وأن يكون قريباً من المنكحة بحيث يكون أحق ممن هو أبعد، وهذا حيث يمكن وجوده وإلاَّ فلا يشترط كما إذا لم يكن لها قريب أصلاً. ابن عرفة: شرط الولي عقله وبلوغه وحريته وذكوريته فالمعتوه أو الصبي ساقط وكذا ذو الرق والمرأة ويوكلان لعقد ما وكلا أو أوصيا عليه أو ملكته المرأة في الإناث ويليانه في الذكور. اهـ. وزاد ابن الحاجب كونه مسلماً لا كافراً حلالاً لا محرماً، ولعل الناظم إنما أسقط الإسلام لأن الكافر ليس مسلوب الولاية على الإطلاق، بل على المسلمة فقط لا الكافرة إذ له أن يزوجها لمسلم وأسقط كونه حلالاً لأن عدم الإحرام ليس شرطاً في الولي فقط، بل هو شرط حتى في الزوجة والزوج (خ): ومنع إحرام من أحد الثلاث إلخ. أي: ويفسد النكاح بسببه قبل البناء وبعده وأما العدالة والرشد فشرط كمال فيه فقط (خ) لا فسق أي فلا يسلب الولاية وإنما يسلب الكمال فقط في ثم قال: وعقد السفيه ذو الرأي بإذن وليه فأفاد أن السفيه إن كان ذا رأي يعقد على وليته لكن بإذن وليه، وأما اشتراط القرب الذي في النظم فمعناه أنه شرط في الجواز ابتداء فإن وقع ففي صحته تفصيل فالولي المجبر لا يصح أن يعقد أحد على وليته بدونه وإن عقده غير مجبر أبعد مع وجود أقرب منه صح (خ) وصح بأبعد مع أقرب إن لم يجبر ولم يجز، وقال أيضاً: وصح بها في دنية مع خاص لم يجبر إلخ. فقوله: والقرب إلخ. كلام مجمل يفصله ما بعده من ترتيب الأولياء، واختلف هل الولاية حق للولي فله العقد عليها بغير تفويضها وهو لابن حبيب، أو حق للمرأة فلا يعقد عليها الولي إلا بتفويض منها له على ذلك ما عدا الأب وهو قول ابن القاسم. قولان حكاهما في ضيح.
قلت: الظاهر أن محل هذا الخلاف إذا وجدت الكفاءة ورضيت بالزوج والصداق هل لا يتولى العقد حينئذ حتى تأذن له فيه أو له أن يعقد بغير إذن لوجود الرضا؟ فمعنى كونها حقاً لها على الثاني أنه لابد من إذنها في العقد لوليها فقط كما يرشد له قول (خ) ورضا البكر صمت كتفويضها قالوا لجواز أن تكون حلفت أن لا تتزوج بعقده، وهذا في الولاية العامة والخاصة المتعددة كشقيقين لها حلفت أن لا تتزوج بعقد أحدهما، فلابد حينئذ من إذنها له في العقد وليس المراد أن لها أن تأذن لمن شاءت ولو لأجنبي إذ هذا لم يقله أحد والله أعلم.
ولما كان القرب المشترط في الولاية معتبراً بالأقرب فالأقرب لا مطلقاً بين الأقرب من غيره مقدماً على ذلك الملك المقدم على سائر القرابة فقال:
والسَّبْقُ لِلْمَالِكِ فابنٍ فأبِ ** فالأخُ فابْنِه فَجدِّ النِّسَبِ

(فالسبق) مبتدأ (للمالك) خبره أي فيعقد على أمته ولو كان لها أب أو ابن حران ولا ولاية لهما معه (فابن) بالجر عطف على المجرور قبله أي فإن لم يكن مالك فالابن وإن سفل يقدم على من بعده وظاهره ولو من زنا وهو كذلك إن ثيبت بحلال ثم زنت فأتت به منه لا أن ثيبت ابتداء بزنا فأتت به أو كانت مجنونة أو سفيهة ولو بتحديد حجر في وقت يجوز فإن الأب ووصيه يقدمان عليه (فأب) بالجر أيضاً عطف على ما مر والمراد به الشرعي لا مطلق من خلقت من مائه إذ الأب الزاني لا عبرة به والوصي قائم مقام الأب كما يأتي (فالأخ) بالجر أيضاً والمراد به لغير أم (فابنه) بالجر أيضاً وإن سفل (فجد) بالجر أيضاً (النسب) مضاف إليه أي وإن علا واحترز بالنسب من الجد للأم فإنه لا ولاية له وما ذكره من تقديم الأخ على الجد هو المشهور وقال المغيرة: الجد قبل الأخ وهذا أحد الأبواب التي يتقدم فيها الأخ وابنه على الجد المشار إليها بقول (عج):
بغسل وإيصاء ولاء جنازة ** نكاح أخاً وابناً على الجد قدم

وعقل ووسطه بباب حضانة وهو مع الآباء في الإرث والدم وهذا كله في الجد دنية فالجد الثاني يقدم عليه العم لأن الجد الثاني بالنسبة للعم كالجد الأول بالنسبة للأخ فكما يقدم الأخ وابنه على الجد كذلك يقدم العم وابنه على أبي الجد قاله بعض.
فالأقْرَبِينَ بَعْدُ بالتَّرْتِيبِ ** بحَسَبِ الدُّنوِّ في التَّعْصِيبِ

(فالأقربين) عطف على المجرور أيضاً (بعد) بالضم لقطعه عن الإضافة (بالترتيب) في موضع نصب عن الحال من الأقربين أي فالسبق بعدما ذكر للأقربين حال كونهم مرتبين (بحسب الدنو في التعصيب) في الميراث فيقدم العم الشقيق على الذي للأب وابن العم الشقيق على ابن العم للأب وهكذا كما أن الشقيق في الأخوة وفصولها مقدم على غيره (خ): وإن تنازع الأولياء المتساوون في العقد نظر الحاكم إلخ. وبقي على الناظم المولى الأعلى لأنه عاصب ثم الأسفل على خلاف فيه، ثم الكافل ثم الحاكم ثم ولاية الإسلام فإن عقد الأبعد من هذه المراتب مع وجود الأقرب وعلمه به فإما أن يكون الأقرب مجبراً أم لا ففي الأول لا يجوز ولو أجازه المجبر كما أفاده (خ) بقوله وبأبعد مع أقرب إن لم يجبر ولم يجز. وقال أيضاً: وصح بها في دنية مع خاص لم يجبر كشريفة دخل وطال واحترزت بقولي وعلمه به مما إذا لم يعلم به كالقاضي مثلاً يثبت عنده أنه لا ولي للمرأة فيزوجها ثم يتبين أن لها ولياً كولد ونحوه، فإن النكاح صحيح جائز ابتداء كما في (ح) عند قوله: وعزر شاهداً بزور إلخ. وقال (خ) أيضاً: وإن أجازه مجبر في ابن وأخ وجد فوض له أموره ببينة جاز إلخ. وظاهره كالناظم أن ذا المرتبة من هذه المراتب لابد أن يتولى العقد بنفسه أو وكيله وإن غيره إن تولاه بحضرته وسكوته لا عبرة بعقده بل يجري على التفصيل المتقدم من كون المرأة دنية أو كون الولي مجبراً أو غير مجبر إلا أنه أبعد وهو كذلك كما ذكره ابن الحاج في نكاح الخال مع حضور الأخ الشقيق ورضاه دون توكيل منه قال: حضوره كغيبته، وقال ابن حبيب: إذا كان الأقرب حاضراً وعلم ولم يغير فيحمل على الرضا والتسليم.
قلت: فيؤخذ من كلام ابن الحاج أن مجرد السكوت والرضا لا يكون كافياً في التوكيل، والظاهر أنه لا يبعد أن يجري هذا على كون السكوت إذناً وليس بإذن وهي قاعدة خلافية. ورجح ابن رشد أنه ليس بإذن قائلاً لا خلاف أن السكوت ليس برضا لأن الإنسان قد يسكت وهو غير راض، وإنما الخلاف هل هو إذن أم لا؟ انظر (ح) عند قوله في الإقرار لا أقر إلخ. ولا يخفى أن الرضا من أفعال القلوب لا يقطع بوجوده بمجرد السكوت، وإذا كان السكوت ليس إذناً كما هو الراجح فالرضا وحده، وإن دلت عليه القرائن غير معتبر لقوله في النقل حضوره كغيبته، وحينئذ فمع الدخول والطول يصح في الشريفة كما يصح في الدنية مطلقاً ومع القرب فللأقرب أو الحاكم إن غاب الرد كما في (خ) هذا هو الظاهر خلافاً لما استظهره (ز) ومن تبعه من أنه لا حق للأقرب لأن سكوته إقرار للنكاح.
تتمة:
إذا أعطى الرجل ابنته لمن يكفلها ويحضنها له فلا كلام لأمها إن فعل ذلك لفقر أو حاجة كما في المدونة وظاهرها أعطاها لمحرم منها أو غيره، وهو كذلك مع كراهة في غير المحرم المأمون إن كان ذا أهل وإلا لم يجز ابن عرفة: وليس له أخذها ممن أعطاها له دون إساءة وضرر منه بها لأنه وهبه حضانتها وملكه منفعتها بنفقتها فأشبه عقد الإجارة انظر بقيته. ومع هذا فلا يزوجها الكافل مع وجود الأب أو غيره من الأولياء على المشهور إلا أن يجعل له نكاحها عند إعطائها له أو بعده فيكون وكيلاً عنه فيه. وأما الحاكم فلا يزوج إلا بشروط تأتي عند قوله: وحيثما العقد لقاض ولي.
وَلْوَصِيِّ العَقْدُ قَبْلَ الأوْليا ** وقيلَ بَعْدَهُمْ وما إنْ رُضِيا

(وللوصي) خبر عن قوله: (العقد) والظرف في قوله: (قبل الأوليا) ء يتعلق بالاستقرار في الخبر (و) نائب فاعل (قيل) الجملة المقدرة بعده إذ التقدير وقيل العقد له (بعدهم) فالظرف يتعلق بالاستقرار المقدر في الخبر المحذوف مع مبتدئه (وما) نافية (إن) زائدة (رضيا) بالبناء للمفعول نائب ضمير القول المتقدم ثم إن تقديم الوصي على الأولياء هو المستفاد مما مرّ من أن وكيل كل بمنزلته لأن الوصي على النظر للأولاد وكيل الأب فهو في مرتبته على المشهور، ومقابله لابن الماجشون أن الأولياء مقدمون عليه وهو ضعيف. قال في الوثائق المجموعة: فإن زوجها أحد الأولياء بغير إذن الوصي فسخه الوصي ما لم يطل وتلد الأولاد. اهـ. قلت: ولعل هذا في غير الدنية وإلاَّ فليس له فسخه كما مر في ولاية الإسلام.
وبَعْضٌ اسْتَحَبَّ للوَصِيِّ ** أنْ يُسْنِدَ العَقْدَ إلى الوَلِيِّ

(وبعض) وهو ابن السليم قاضي قرطبة (استحب للوصي أن يسند العقد إلى الولي) حتى يخرج من الخلاف المذكور، وهذا الخلاف والاستحباب المذكور إنما هما في البالغ بكراً كانت أو ثيباً وفي الوصي غير المجبر بدليل قوله الآتي: وكالأب الوصي فيما جعلا أب له إلخ. فقوله: وبعض مبتدأ والتنوين عوض عن المضاف إليه أي بعض العلماء، وجملة استحب بالبناء للفاعل خبره وأن ومعمولها في تأويل مصدر منصوب باستحب.
والمَرْأَةُ الوَصِيُّ لَيْسَتْ تَعْقِدُ ** إلاَّ بِتَقْدِيمِ امْرِئ يُعْتَمَدُ

(والمرأة) مبتدأ (الوصي) صفة وجملة قوله: (ليست تعقد) خبره واسم ليس ضمير المرأة (إلا) استثناء (بتقديم) يتعلق بتعقد (امرئ) مضاف إليه (يعتمد) بالبناء للمفعول صفة لامرئ والمعنى أن المرأة الوصي على أنثى ومثلها المالكة لأمتها والمعتقة لها بكسر التاء لانعقد على محجورتها ولا على أمتها أو معتقتها بفتح التاء إلا بتقديم امرئ يعتمد عقده بأن يكون حراً ذكراً مكلفاً أي عاقلاً بالغاً وهذا مفهوم قوله: فيما تقدم ذكراً إلخ. والعبد كالمرأة لا يعقد على وليته إلا بتوكيل أيضاً (خ) ووكلت مالكة أو وصية أو معتقة وإن أجنبياً كعبد أو صبي إلخ. ولابد أن يكون الوكيل توفرت فيه شروط الولاية مما عدا القرب المتقدم (خ) وصح توكيل زوج الجميع لا ولي إلاَّ كهو إلخ. فإن لم توكل وعقدت هي أو العبد بأنفسهما فسخ النكاح أبداً وإن طال وولدت الأولاد وسواء أوصاها بجبرها على النكاح أو لا إجازة الأولياء أولاً ولها المسمى بالدخول ويفسخ بطلاق لأنه من المختلف فيه، ولذا وجب فيه الإرث (خ): وهو طلاق إن اختلف فيه كمحرم وشغار ونكاح العبد والمرأة وفيه الإرث إلخ. وأما المرأة الوصي على ذكر والعبد الوكيل عن الزوج فسيأتيان في قوله: والعبد والمرأة مهما أوصيا إلخ.
والعَبْدُ والمَحْجُورُ مَهْمَا نَكَحَا ** بِغَيْرِ إذْنٍ فَانْفِسَاخٌ وَضَحَا

(والعبد) القن أو من فيه شائبة رق مبتدأ (والمحجور) صبياً أو بالغاً معطوف عليه (مهما) اسم شرط (نكحا) أي عقدا فعل الشرط (بغير إذن) من السيد أو الولي يتعلق بفعل الشرط (فانفساخ) مبتدأ وسوغه اقترانه بفاء الجزاء كقولهم: إن ذهب عير فعير في الرباط قاله اليزناسني (وضحا) أي بان وظهر خبر المبتدأ، والجملة جواب الشرط وظاهره تحتم الفسخ وإن أجازه السيد أو الولي، وهذا وإن كان هو القياس عند بعض، وصححه الباجي لأنه نكاح بخيار لكنه خلاف المشهور في العبيد من أن السيد مخير بين فسخ النكاح وإمضائه، وخلاف المنصوص في المحجور من أن لوليه الخيار أيضاً فيجب أن يكون معنى قوله: فانفساخ وضحا إن شاء الولي أو السيد، ومنشأ الخلاف هل الخيار الحكمي كالشرط؟ وعلى المشهور من أنه ليس كالشرطي فالفسخ بطلقة حتى في حق الصبي لأنه نكاح صحيح كما في (ح) وقد قال (خ) وللسيد رد نكاح عبده بطلقة فقط بائنة إن لم يبعه أو يعتقه. وقال أيضاً: ولولي صغير فسخ عقده بلا مهر إلخ. وقال أيضاً: ولولي سفيه فسخ عقده ولو ماتت وتعين لموته إلخ. ومحل الخيار في فسخه إن لم يخرج من الولاية فإن لم يطلع عليه حتى خرج منها ثبت النكاح على الأصح، فلو تزوج السفيه بعد ثبوت رشده عند القاضي وحكم له به فهو ماض وفيه الصداق والميراث قولاً واحداً والحكم ماض ولا يرد بشهادة من شهد بسفهه ولو كانوا أعدل لحكم القاضي بشهادة الأولين وفات موضع الترجيح، وإنما يسفه في المستقبل قاله البرزلي. وكذا الصبي إن لم يطلع عليه حتى بلغ رشيداً وشمل قوله: بغير إذن ما إذا فقد إذن أحد السيدين دون الآخر فإن الذي لم يأذن فسخه، وأما المحجور إن كان ذا وصيين وأذن له أحدهما أو أجاز دون الآخر فالظاهر أنه إن تعينت المصلحة في الفسخ أو البقاء عمل بذلك، وإن استوت فالقول لمريد الفسخ فتأمله، ثم إذا فسخ قبل البناء فلا شيء لها في الجميع وإن فسخ بعده فلها ربع دينار في حق العبد والسفيه كما قال:
وَرُبْعُ دِينَارٍ لَهَا بِمَا اسْتَحَلْ ** مِنْها إنِ ابْتَنى وذَا بِهِ العَمَلْ

(وربع) بسكون الباء مبتدأ (دينار) مضاف إليه (لها) خبر المبتدأ والضمير لزوجة السفيه أو العبد لا لزوجة الصبي الداخل في المحجور فلا شيء لها بدخوله وجزم أبو الحسن بأن لها ما شأنها (بما) الباء سببية تتعلق بالاستقرار في الخبر (استحل) بالبناء للفاعل صلة ما (منها) على حذف مضاف أي من بضعها يتعلق باستحل (أن ابتنى) بها العبد أو السفيه لا الصبي كما مرّ وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه (وذا) مبتدأ والإشارة لوجوب ربع دينار لها (به) خبر عن قوله (العمل) والجملة خبر ذا ثم إذا عتق العبد ولو مكاتباً فإنه يتبع بما بقي من الصداق بخلاف السفيه فلا يتبع بشيء لأن الحجر عليه لحق نفسه وحجر العبد لحق سيده، وقد زال بالعتق (خ): واتبع عبد ومكاتب عتقاً بما بقي إن لم يبطله سيد أو سلطان إلخ. وروى ابن وهب عن مالك: لا شيء لها في السفيه لا ربع دينار ولا غيره. ابن حبيب: وهو القياس أي لأن تسليط السفيه على شيء لا غرم فيه كالصغير.
وإنْ يَمُتْ زَوْجٌ فالإرْثُ هَدْرُ ** والعَكْسُ لِلحَاجِرِ فِيهِ النَّظَرُ

(وإن يمت) شرط (زوج) فاعل يمت وهو على حذف الصفة أي حر إذ العبد لا يتوهم فيه الإرث فهذا من تتمة الكلام على المسألة إلا أنه خاص بالمحجور ولو قال: وإن يمت حر (فالإرث هدر) لكان أظهر، ومعناه أن المحجور العاقد لنكاحه صبياً كان أو سفيهاً دخل أم لا، إذا مات قبل فسخ نكاحه لا إرث لزوجته منه (والعكس) مبتدأ (للحاجر) خبر عن قوله (فيه النظر) والجملة خبر العكس والمجرور بفي يتعلق بالنظر، والمعنى أن زوجة الصبي أو السفيه إذا ماتت في الموضوع المذكور فإن حاجره ينظر في ذلك فإن رأى أنه يرث أكثر مما يلزمه من الصداق أمضاه وإلاَّ رده وشمل كلامه ما إذا كان ذا وصي، فلما مات وصيه تزوج ومات فإن النظر في ذلك للحاكم وتقدم قول (خ): ولولي سفيه فسخ عقده ولو ماتت وتعين لموته إلخ. فقوله: ولو ماتت وتعين لموته إلخ. جار مثله في الصغير أيضاً وهذه المسألة يلغز بها فيقال زوجان أحدهما يرث الآخر ولا يرثه الآخر وهما حران ليس بهما مانع، ومفهوم قوله: للحاجر أنه لو كان مهملاً لكان للحاكم النظر أيضاً على مذهب ابن القاسم الذي يعتبر الحال لا الولاية، وبه العمل ومحل النظر أيضاً إذا لم يعقد وقد أونس منه الرشد وإلاَّ فالعبرة بالحال أيضاً والنكاح ثابت على مذهبه لا خيار فيه للولي لقول ناظم العمل:
وينتفي الحجر إذا بدا الرشاد ** فمن تصرف مضى ولا فساد

تتمة:
يجوز للسيد أن يهب أمته لعبده يطؤها بملك اليمين وينتزعها منه إن شاء كما في (ق) في باب الخيار عند قوله: وفي زواله بموت الزوجة وطلاقها إلخ. وهذا أقرب للسيد من أن يزوجها إياه إذ ليس له حينئذ تطليقها عليه إلا برضاه.
وعاقِدٌ عَلَى ابْنِهِ حَالَ الصِّغَرْ ** عَلَى شُروطٍ مُقْتَضَاةٍ بالنَّظَرْ

(وعاقد) مبتدأ وسوغه كونه صفة لمحذوف وعاملاً في قوله: (على ابنه) وقوله (حال) مفعول فيه أي وقت (الصغر على شروط) يتعلق بعاقد (مقتضاة بالنظر) صفة لشروط والخبر محذوف أي يصح عقده ويجوز، ويحتمل أن يكون قوله عاقد على حذف مضاف أي وعقد عاقد على ابنه إلخ. صحيح جائز. ولما كانت الصحة لا تستلزم اللزوم، إذ الشيء قد يكون صحيحاً غير لازم نبه على أن اللزوم فيه تفصيل بقوله:
إنِ ابْنُهُ بَعْدَ البُلُوغِ دَخَلاَ ** مَعْ عِلمِهِ يَلْزَمُهُ مَا حَمَلاَ

(إن ابنه) فاعل بفعل محذوف يفسره ما بعده (بعد البلوغ) يتعلق به (دخلا) المفسر لذلك المحذوف على حد قوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك} (التوبة: 6) الآية (مع) بالسكون (علمه) مضاف إليه والظرف يتعلق بالمفسر قبله يليه (يلزمه) جواب الشرط ورفعه لكون الشرط ماضياً لقول ابن مالك: وبعد ماض رفعك الجزا حسن. (ما) موصولة فاعل يلزمه (حملا) صلة وألفه للإطلاق وفاعله ضمير العاقد والعائد على الموصول محذوف أي ما حمله أبوه عنه من الشروط.
وَحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ وَإنْ بَنَى فَما ** يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهَبْهُ عَلِمَا

(وحيث) ظرف مضمن معنى الشرط خافض لشرطه منصوب بجوابه (لم يبلغ) في محل جر بإضافة حيث (وإن) إغيائية (بنى) فعل ماض فاعله ضمير الابن وجملة (فما يلزمه شيء) جواب حيث (وهبه) من أفعال القلوب لازم لصيغة الأمر ومفعوله الأول الضمير المتصل به وجملة (علما) في محل مفعوله الثاني أي وهبه عالماً بها.
وحاصل معناه أن عقد العاقد على ابنه الصغير على شروط اقتضاها نظره للغبطة في المنكوحة كطلاق من يتزوج عليها أو عتق من يتسرى بها صحيح جائز. وكذا إن عقد الصغير نفسه على تلك الشروط وأجازه وليه، وإنما يبقى النظر في اللزوم فإن بلغ ورضي بتلك الشروط صريحاً أو دخل بعد بلوغه وعلمه به لزمته وإن لم يدخل أو دخل غير عالم لم يلزمه شيء كما أنه إذا لم يبلغ لم يلزمه شيء أيضاً مطلقاً دخل أم لا علم أم لا. وبالجملة فالشروط إذا لم يرض تلزمه بثلاثة قيود البلوغ والدخول والعلم فإن فقد الأول أو الثالث فلا تلزمه والقول للزوج بيمينه في عدم العلم ويسقط حق الزوجة لأنها مكنت من نفسها من لا تلزمه الشروط، وإن فقد الثاني وهو الدخول مع وجود البلوغ والعلم فلا يسقط حقها، ولكن للزوج الخيار في التزام النكاح لشروطه أو رده فإن رده فالفسخ بغير طلاق ولا صداق كما قال:
والحَلُّ بالفَسْخِ بِلاَ طَلاَقِ ** إنْ رَدَّ ذَاكَ وبِلاَ صَداقِ

لا عليه ولا على أبيه وهو ظاهر قول أصبغ، واختاره ابن رشد وإياه تبع الناظم، والراجح أن الفسخ بطلاق كما مرّ لأنه نكاح صحيح، وقد اقتصر ابن فتحون على أن الفسخ في ذلك بطلاق وهل يلزمه نصف الصداق أم لا؟ قولا ابن القاسم في المدونة والمجالس. وعلى ما لابن فتحون درج (خ) حيث قال: وإن زوج بشروط وأجيزت وبلغ وكره فله التطليق، وفي نصف الصداق قولان عمل بهما إلخ. والراجح الأول كما لشراحه وإن طلق قبل علمه بالشروط ففي النصف قولان أيضاً كما في ضيح فقوله: والحل مبتدأ خبره بالفسخ وبلا طلاق حال. وقوله: إن رد ذاك شرط ومعموله وجوابه محذوف للعلم به وبلا صداق معطوف على قوله: وبلا طلاق ثم محل الفسخ بطلاق أو غيره إنما هو إذا تمسكت بشرطها وأما إن رضيت بإسقاطه فلا. وإذا أسقطت فلا كلام لأبيها ولو محجوراً عليها خلافاً لابن العطار. وعن ابن وهب أن الصغير يلزمه ما عقد عليه أبوه من الشروط دخل بها أم لا لأنه الناظر له. وقيل: لا تلزمه وإن دخل بعد بلوغه وعلمه ذكرهما ابن سلمون. ومفهوم قوله: على شروط أنه إذا زوجه بدونها لزمه النكاح ولا مقال له إن كان له مال كما يأتي عند قوله: والعبد والمرأة مهما أوصيا. إلخ. وإن كان عديما وكتب الأب عليه الصداق فقال ابن القاسم في الأسمعة: إن لم يدخل الابن حتى بلغ فهو مخير إن شاء دخل بما كتب عليه وإن شاء فارق ولا شيء عليه، وإن دخل قبل أن يبلغ أو يحوز أمره فالصداق على الأب أو دخل بعد أن كبر ولم يعلم، فالصداق على الأب والشرط باطل ابن رشد: قوله إذا زوج الأب ابنه وهو صغير لا مال له أن الصداق على الأب وأنه إن كتبه عليه لم يلزمه إلا أن يلتزمه بعد البلوغ وأنه إن دخل قبل البلوغ أو بعده ولم يعلم سقط عنه ولزم الأب وكان شرطه باطلاً صحيح، إذ ليس للأب أن يوجب عليه ديناً ويلزمه إياه. اهـ. وتأمل قول (خ): وصداقهم أن أعدموا على الأب وإن مات أو أيسر وأبعد الخ ومفهوم قوله: حال الصغر إن عقده للسفيه علي شروط لا كلام له ابن رشد: وهو ظاهر (خ) وغيره، لأن قبول السفيه للشروط معتبر كطلاقه وإذا دخل الصغير بعد بلوغه وعلمه لزمته ولو كان سفيهاً كذا وجدته مقيداً، وظاهره ولو على القول يجبر السفيه المشار له بقول (خ) وجبر أب ووصي وحاكم مجنوناً إلى قوله: وفي السفيه خلاف فانظره.
تنبيه:
طلاق الصغير في حال صغره غير معتبر بخلاف السفيه وليس لولي الصغير أن يطلق عنه إلا بعوض كما أشار له (خ) في الخلع بقوله: وموجبه زوج مكلف وولي صغير إلخ. ولا نفقة للزوجة على الصغير كما أشار له أيضاً بقوله يجب لممكنة مطيقة للوطء على البالغ إلخ.