فصل: فصل في بيع الأصول:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)



.فصل في بيع الأصول:

الأرض وما اتصل بها فيشمل الدور والحوانيت والفنادق والجنات.
البَيْعُ في الأُصُولِ جَازَ مُطْلَقَا ** إلاَّ بِشَرْطٍ فِي البُيُوعِ مُتَّقَى

(البيع) الذي عقد معاوضة كما مر (في الأصول) المذكورة (جاز مطلقا) يأتي تفسيره في البيت بعده (إلا بشرط في البيوع يتقى) يمنع لكونه ينافي المقصود أو حراماً كما مر. وانظر ما تقدم عند قوله في الضمان: ويسقط الضمان في فساد إلخ. وهذا الاستثناء مستغنى عنه بما مر، ولعله إنما ذكره لئلا يتوهم شمول الإطلاق له.
بِأَضْرُبِ الأَثْمَانِ وَالآجَالِ ** مِمَّنْ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي المَالِ

(بأضرب الأثمان) يتعلق بجاز وهو وما بعده تفسير للإطلاق أي: يجوز بيع الأصول بأصول مثلها أو بعين أو بعرض أو طعام أو حيوان عاقل أو غير عاقل بالحلول (و) ب (الآجال) المعلومة نصاً أو عرفاً كان المؤجل هو المثمن كقول (خ) في الإجارة: وبيع دار لتقبض بعد عام أو الثمن كبيعها بعشرة إلى شهر مثلاً. ابن عرفة: فمجهول الأجل فاسد ومعروفه بالشخص واضح، وبالعرف كاف. روى محمد: لا بأس ببيع أهل السوق على التقاضي وقد عرفوا ذلك بينهم، ثم قال: وبعيد الأجل ممنوع فيها، ويجوز بيع السلعة إلى عشر سنين أو عشرين، وسمع أصبغ ابن القاسم: أكره العشرين ولا أفسخه ولو كان للسبعين لفسخته أنظر (ح) أوائل بيوع الآجال. وقوله: وقد عرفوا قدر ذلك بينهم إلخ. في البيوع الفاسدة من المدونة عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه كان يبتاع ويشترط على البائع أنه يعطيه الثمن إذا خرجت غلته أو إلى خروج عطائه. ابن عتاب: العطاء كان وقتئذ مأموناً خروجه في وقته المعلوم لا يتخلف في الأغلب. وذكر ابن حبيب في كتابه عن أشهب، أنه سئل عمن باع رزقه الذي يخرج له سنتين ثم مات فقام الغريم على الورثة في ذلك أيكون ذلك حلالاً؟ قال: نعم ذلك له عليهم من مال الميت يعطونه قمحاً مثل القمح الذي باعه من رزقه وعلى صفته قال فضل: هذا يدل على أنه إذا قطعه السلطان عنه بعد ما باعه فإن البائع يؤخذ بمثل ذلك عند الأجل الذي هو وقت خروجه. اهـ. نقله البرزلي.
تنبيهات:
الأول: العروض مثل الأصول في هذا العموم الذي في النظم بخلاف الطعام، وبعض الحيوانات كبيع صغير بكبير من جنسه إلى أجل يصير فيه الصغير كبيراً أو يلد فيه الكبير صغيراً.
الثاني: إن تعددت السكك في البلد ولم يبين فإن اتحدت رواجاً قضاه من أيها شاء، وإن اختلفت قضاه من الغالب إن كان وإلاَّ فسد البيع لعدم البيان وهو قول (خ) وجهل بمثمن أو ثمن، وانظر ما مر عند قوله: وكل ما يصح ملكاً يمهر. فقد نقلنا هناك كلام المتيطية. البرزلي: هذا إذا كانت تختلف اختلافاً كثيراً وإن كان يسيراً جداً جاز لأنه من الغرر اليسير الذي قل أن تخلو منه المبيعات على ما أصله الفقهاء. انظر الورقة الثامنة عشر من أنكحته.
الثالث: لو اختلف البائع والمشتري في قبض الثمن بعد مضي عام ونحوه من يوم البيع فقال المشتري: دفعته لك. وقال البائع: لم تدفعه لي فإن القول للمشتري على المعتمد كما في حاشية الصعيدي و(ز) عند قول (خ) في العيوب، ثم قضاه إن أثبت عهدة مؤرخة إلخ. خلافاً لابن القاسم في قوله: إن القول قول البائع إلى عشر سنين أو عشرين، وعليه اقتصر ابن سلمون فإنه ضعيف.
الرابع: ظاهر قول الناظم. بأضرب الأثمان والآجال. أنه لا فرق بين أن يكون الأصل هو المؤجل أو الثمن هو المؤجل، وهو كذلك كما قررنا، ولكن إذا كان الأصل هو المؤجل فهو من بيع معين يتأخر قبضه وفيه تفصيل فإن تأخر لما يتغير فيه امتنع وإلاَّ جاز، فالدار مثلاً يجوز بيعها لمدة لا تتغير فيها غالباً وذلك يختلف باختلاف صحتها وجدتها وعدم ذلك فلا مفهوم لعام في قول (خ): ودار لتقبض بعد عام فالمعتبر في أجل منفعة الربع ما لا يتغير فيه غالباً، فيجوز فيه العقد والنقد وما لا يؤمن تغيره لطول مدته أو ضعف بنائه جاز فيه العقد لا النقد، وما غلب على الظن عدم بقائه لمدة لم يجز العقد عليه لتلك المدة قاله ابن عرفة. وكذا الأرض يجوز بيعها لتقبض بعد عشرين سنة كما في (خ) أيضاً فاغتفر ذلك فيهما لانتفاء الغرر إذ لا يتغيران في تلك المدة غالباً وإنما جاز ذلك فيهما لغلبة سلامتهما في تلك المدة، وأما الحيوان فيجوز بيعه واستثناء ركوبه الثلاثة لا جمعة وكره المتوسط، ويجوز كراء الدابة واستثناء ركوبها شهراً إن لم ينقد كما في (خ) ففرق بين البيع والكراء ففي البيع لا يجوز إلا استثناء الثلاثة، وفي الكراء يجوز استثناء الشهر إن لم ينقد كما ترى. والفرق أن ضمانها في مدة الاستثناء من المشتري بخلافه في الكراء فضمانها من المالك، وعلى كل حال ففي ذلك بيع ذات المعين أو منفعته يتأخر قبضه، وأما غير ذلك من السلع فيجوز إلى ثلاثة أيام. قال في السلم الأول من المدونة: وإن شرط قبض السلعة المبيعة بعد اليومين جاز بقرب الأجل ولو شرط في طعام بعينه كيله إلى ثلاثة أيام جاز، وكذا السلع كلها شرط ذلك البائع أو المبتاع. اهـ. هذا ضابط ما يمتنع فيه بيع معين بشرط تأخير قبضه فقد دعتني القريحة إلى تحصيله لأن كلام الفقهاء مشحون به، وقد تعرض إلى تفصيله ابن عرفة مع ذكر الاختلاف والمعتمد ما تقدم. قال طفي عند قول (خ) في الصداق: ووجب تسليمه أن تعين ما نصه ظاهره أن وجوب التسليم حق لله وأن العقد يفسد بالتأخير، وهذا إنما يأتي إذا وقع العقد بشرط التأخير وإلاَّ فالحق في التعجيل ولا محظور في ذلك لدخوله في ضمانها بالعقد فلها أن تتركه عند الزوج على وجه الأمانة، ومحل فساده باشتراط التأخير حيث لم يكن مؤجلاً بأجل معلوم يجوز التأخير إليه كبيع دار لتقبض بعد عام إلخ. وقال طفي أيضاً قبل بيوع الآجال بعد نقله كلام ابن عرفة ما نصه: ويفهم من منعه تأخير المعين مع الشرط أن من اشترى شيئاً معيناً ولم يقبضه لا محظور فيه وهو كذلك إذا لم يأخذه في دين ففي البيوع الفاسدة منها وإن ابتعت ثوباً بعينه بدينار إلى أجل فتأخر قبض الثوب فلك قبضه والبيع تام. اهـ. فظاهره ولو تأخر أكثر من خمسة عشر يوماً.
قلت: ولذا قالوا يجوز تأخير رأس المال المعين في السلم بلا شرط ولو إلى حلول أجل السلم كما في (ح) وغيره. وسيأتي إن شاء الله في فصل السلم. وأما المأخوذ في الدين فلا يجوز التأخير بشرط أو غيره على ظاهر كلامهم الآتي في فصل التصبير، وسيأتي هناك ما يدل على جواز التأخير بلا شرط في المأخوذ عن الدين أيضاً فانظره هناك وفي البيوع الفاسدة أيضاً، ولا بأس أن يشتري زرعاً قد استحصد كل قفيز بكذا نقدته الثمن أم لا. وإن تأخر جذاذه إلى خمسة عشر يوماً، وكذا في قسم الصوف على ظهر الغنم. اهـ. باختصار، وبعض زيادة للإيضاح، ثم اذا هلك المشترط تأخيره في المدة الجائزة فضمانه من المشتري وفي غيرها من البائع لأنه بيع فاسد فلا ينتقل ضمانه إلا بالقبض.
الخامس: إذا وقع العقد بثمن إلى أجل في وثيقة بيع أو سلف ونحوه وبعد انقضاء الأجل بمدة طويلة كالثلاثين سنة والأربعين مع قيام الأحكام وحضور رب الدين والمدين قام يطلبه بتلك الوثيقة فقال المدين: قضيتك وباد شهودي ونحو ذلك فهل يصدق المدين؟ وعليه اقتصر ابن سلمون في أول وثيقة من البيوع، وفي أنكحة الزياتي عن بعضهم أنه الذي جرى به العمل، ومثله في الكراس الثاني من بيوع البرزلي عن المازري، أو لا يصدق ويقضى عليه بدفعه لعموم قوله عليه السلام: (لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم). وفي أنكحة الزياتي أيضاً عن العبدوسي ونحوه في دعاوى المعيار أن به القضاء والعمل قال (ت): وبه أفتى شيوخنا.
قلت: يجب أن يقيد القول الثاني بقيود أن يكون الدين ثابتاً بإشهاد المدين كما أشرنا في أصل المسألة فإن كان بغير كتاب أصلاً أو بكتاب شهدت بينة بالمداينة على جهة الاتفاق لا بإشهاد المدين إياها، فإن القول للمدين ولو لم يطل إلا العام والعامين كما مرّ في التنبيه الثالث، وذكر الامام الخرشي في شرحه عند قوله في الإقرار أو بقرض شكراً على الأرجح ما نصه: فلو أقر أنه كان تسلف من فلان الميت مالاً وقضاه إياه، فإن كان ما يذكره من ذلك حديثاً لم يطل زمنه لم يقبل قوله، قضيته إلا أن يقيم بينة بالقضاء، وإن كان زمن ذلك طويلاً حلف المقر وبريء. اهـ. القيد الثاني: أن لا يكون رب الدين معلوماً بالحرص على قبض ديونه إذا خلت كما هي عادة كثير من تجار زمننا اليوم، وإلاَّ فالقول لمدعي القضاء. القيد الثالث: أن لا يكون وقع بين ربه والمدين شنآن وخصومة وإلا فالقول للمدين أيضاً ففي أنكحة المعيار في من طلق زوجته فماتت وقام وارثها عليه بصداقها فادعى الزوج دفعه أنه لا يقبل قوله إلا أن يثبت أنه كان بينهما شنآن والله أعلم.
السادس: إذا وقع عند المعاملة إلى أجل فتغيرت السكة الجارية وقت العقد لزيادة أو نقصان أو بطلت بالكلية قبل الأجل أو بعده، فإنه يجب على المشتري أو المتسلف أن يقضيه من تلك السكة ولا يعتد بزيادتها كما لا يغرم نقصانها (خ): وإن بطلت فلوس فالمثل أو عدمت فالقيمة إلخ. وقيد الوانوغي عدم غرمه نقصانها أو غرمها من أصلها إذا أبطلت السكة بالكلية بما إذا لم يحصل من المشتري أو المتسلف مطل بعد حلولها، وإلا بأن حصل منه مطل بعد الحلول فتغيرت في مدة مطله فإنه يغرم لأنه متعد ظالم لقوله عليه الصلاة والسلام: (مطل الغني ظلم). وارتضى تقييده المذكور ابن غازي وغيره، وبحث فيه البدر القرافي وتبعه الشيخ بناني وغيره بأن المماطل لا يكون أسوأ حالاً من الغاصب، وقد قال (خ) في الغاصب: والمثلى ولو بغلاء بمثله إلخ.
قلت: يرد بحثهم بأن المسألة من باب التعدي لا من باب الغصب، والمتعدي يضمن ما آل الأمر إليه. ألا ترى أن المتعدي على المنفعة يضمن الذات آل الأمر إلى تلفها، والمطل من ذلك لأنه يماطله لينتفع ويتوسع حتى آل إلى التلف للكل أو البعض، وقد علمت أنه لا يقاس التعدي على الغصب ولا العكس لاختلاف أحكامهما، وبحثهم أيضاً بأن تقييد الوانوغي خلاف ظاهر المدونة، وقد تقرر أن ظاهرها كالنص عندهم إلخ. يرد بأن المطلق على إطلاقه ما لم يقم دليل على تقييده، وقد قام الدليل على تقييدها من مواضع لا تحصى، ألا ترى أن المماطل تسبب بمطله في إتلاف الثمن أو بعضه على ربه فهو كمانع مدية الذكاة حتى تلف المذكى، وكالملد يتسبب في غرم الطالب أجرة العون، وكالولي يؤخر دفع مال اليتيم إليه بعد رشده حتى تلف، وكالمودع عنده يؤخر دفع الوديعة لربها بعد طلبه إياها فوجب الغرم على المتسبب في ذلك كله، بل ذكر السيوطي أن ناظر الوقف إذا قبض كراء ربع الوقف وأخر صرفه لأربابه عن وقته المشروط صرفه فيه مع إمكانه حتى تغير النقد بنقص فإنه يضمن النقص في ماله لتعديه، وهو نص في النازلة جار على مذهبنا لما مر فيمن أخر مال اليتيم، وكذا لو بور الولي رباع اليتيم حتى دثرت مع إمكانه صيانتها فإنه ضامن لتعديه بعدم فعل ما وجب عليه. وقد نص الإمام مالك وأصحابه على مثل التقييد المذكور في نظير المسألة ففي المسائل الملقوطة. ونقله (ح) أواخر العيوب مسلماً ما معناه: ومن عليه طعام ومكنه من ربه مراراً فأبى ربه من قبضه حتى غلا قال مالك: ليس لربه المكيلة وإنما له قيمته يوم امتنع من أخذه ولم يختلف في هذا. اهـ. فهذه وقع المطل فيها من القابض وما نحن فيه وقع فيه المطل من الدافع وهما سواء في المعنى، فالقيد المذكور سلمه الأكابر ووجهه ظاهر، ولاسيما على ما مر عن المسائل الملقوطة من عدم الاختلاف في ذلك والتفريق بين مطل الدافع ومطل القابض عملاً باليد لا يصح بحال وبحثهم أيضاً بأن ربه كان له طلبه عند الحاكم وأنه دخل على أن يماطله أو يفلس كله لا يخفى ما فيه لأن المماطل إنما ضمن بسبب تعديه بترك فعل ما وجب عليه من الأداء بعد طلبه، ومطل الغني ظلم، ولا يخفى أنه لم يدخل معه على المماطلة المؤدية لتلف شيئه، ولو كان عدم الدفع للحاكم حجة لم يكن لمطل القابض أثر ولم يضمن الولي بتأخير الدفع للرشيد لأنه لم يرفعه والله أعلم.
السابع: إذا وقع عقد المعاملة في وقت يتسامح الناس في اقتضاء الدراهم الناقصة، وكان القضاء بعد النداء على التعامل بالوازن فقال ابن لب: يجب أن ينظر إلى زمن العقد فإن كانت الدراهم يومئذ ناقصة وكاملة قضى بالكاملة لأن قبضه للناقصة يومئذ إنما هو معروف ولا يقضى به، وإن كانت كلها يومئذ ناقصة لم يقض عليه إلا بها. اهـ..
قلت: قوله يتسامح الناس إلخ. فيه إشعار بأن الناس كانوا يقبضون الناقص على وجه التسامح والمعروف، ويفهم منه أنهم إذا كانوا يقبضونه لا على التسامح بل لكونه يروج عندهم، فالحكم هو ما تقدم في التنبيه الثاني لأنه من تعدد السكك حينئذ والله أعلم.
الثامن: إذا وقع البيع فاسداً لبعد أجله ونحو ذلك وفات المبيع بالقيمة، فأجرة المقوم على البائع كما نص عليه في أقضية المعيار: (ممن له تصرف في المال) متعلق بمقدر بعد قوله: جاز أي عقد المعاوضة في الأصول جاز ولزم ممن له تصرف في المال إلخ. وهو الرشيد الذي لا حجر عليه فلا يلزم عقد المعاوضة من غير الرشيد وإن كان عقده جائزاً صحيحاً حيث كان مميزاً، ولا من الرشيد المحجر عليه كالمفلس، بل يتوقف لزوم بيعهما وشرائهما على إجازة الولي والغرماء. وهذا الشرط ليس خاصاً ببيع الأصول بل هو عام فيها وفي غيرها، فإن غفل الولي عن رد تصرف محجوره فله هو رده بعد رشده، والغلة الحاصلة فيما بين تصرفه ورد فعله للمشتري إن لم يعلم بحجره فإن علم رد الغلة ويرد الغنم مع نسلها والأرض ولو بنيت وله قيمة بنائه وغرسه مقلوعاً لأنه كالغاصب، وأما المشتري من غير المميز فيرد الغلة مطلقاً علم أو لم يعلم لأن بيعه باطل لم يصح، ثم محل الرد للمحجور بعد رشده إذا صرف الثمن فيما له غنى عنه، وأما إن صرف فيما لا غنى له عنه بحيث لو رفع إلى الحاكم لكان يفعله فإنه يمضي بيعه ولا قيام له قاله في الاستغناء. ونقله (ت) في اختلاف المتبايعين وهو جار على القاعدة التي ذكرها البرزلي وغيره وهي أن كل من فعل فعلاً لو رفع إلى الحاكم لم يفعل غيره ففعله ماض ونقلها (ق) عند قول المتن في الخلع: وجاز من الأب عن المجبرة.
وَجائِزٌ أَنْ يُشْتَرَى الهَواءُ ** لأَنْ يُقَامَ مَعَهُ الْبِنَاءُ

(وجائز أن يشترى الهواء) بالمد وهو ما بين السماء والأرض، وأما بالقصر فهو ما تحبه النفس وتهواه. قال ابن مالك في قصيدته في المقصور والممدود: أطعت الهوى فالقلب منك هواء أي: تلطف قلبك ولان حتى صار كالهواء الذي بين السماء والأرض. قسا كصفا قد بان عنه صفاء. (لأن يقام معه البناء) أي: يجوز شراء عشرة أذرع مثلاً من هواء فوق سقف بيت موجود لأجل أن يقيم المشتري في ذلك الهواء بناء موصوفاً، فمع بمعنى (في). وكذا يجوز شراء هواء فوق هواء كشراء عشرة أذرع مثلاً فوق عشرة أذرع يبنيها البائع إذا وصف البناء الأسفل والأعلى في هذه لرغبة صاحب الأعلى في وثاقة بناء الأسفل، ورغبة صاحب الأسفل في خفة بناء الأعلى ويملك صاحب الأعلى ما فوقه من الهواء في الصورتين، ولكن لا يبني فيه إلا برضا صاحب الأسفل. وهذا يفيد أن من ملك أرضاً يملك هواءها إلى ما لا نهاية له. ولذا جاز له بيعه، وكذا يملك باطنها على المعتمد، إذا تهدم بناء الأسفل فيقضي عليه أو على وارثه أو المشتري منه بإعادته لأنه مضمون كما قال (خ): وهواء فوق هواء إلى قوله وهو مضمون إلا أن يذكر المدة بإجارة تنفسخ بانهدامه.
وَمَا على الجِزَافِ والتَّكْسِيرِ ** يُبَاعُ مَفْسُوخٌ لَدَى الجُمْهُورِ

(وما) مبتدأ (على الجزاف والتكسير) أي الكيل يتعلق بقوله: (يباع مفسوخ) خبرها ما وهي واقعة على الأصول لأن الفصل معقود لها أي: والأصول التي يباع بعضها على الجزاف وبعضها على التكسير صفقة واحدة مفسوخ بيعها كقوله: أبيعك هذه القطعة من الأرض جزافاً بدرهم على أن تشتري مني القطعة الأخرى كل ذراع أو فدان أو مرجع منها بدرهم أو قال: أبيعك هذه الأرض كل ذراع بدرهم على أن تشتري مني الشجر الفلاني أو الكرم الفلاني بدينار، ومفهوم الأصول أن غيرها يجوز بيعه على الجزاف والتكسير وهو كذلك على تفصيل، فيجوز بيع أرض جزافاً مع طعام كيلاً أو وزناً لمجيء كل منهما على الأصل ويمتنع بيع حبه جزافاً مع حب أو أرض كيلاً، فالصور أربع يمتنع منها ثلاث وهي أرض جزافاً مع أخرى كيلاً وهي منطوق النظم، أو حب جزافاً مع حب أو أرض كيلاً. وهاتان داخلتان في مفهومه وهما ممنوعتان أيضاً، وتدخل فيه صورة أخرى وهي أرض جزافاً مع حب كيلاً أو وزناً، وهي جائزة فقد اشتمل منطوقه على واحدة، ومفهومه على ثلاث يمتنع منها اثنتان أيضاً، وتجوز واحدة. وقد استوفاها (خ) عاطفاً على الممنوع بقوله: وجزاف حب مع مكيل منه أو أرض مع مكيلة لا مع حب إلخ. وحاصلها أنه إذا اجتمع معلوم ومجهول فإن جاء كل واحد منهما على أصله، فالجواز، فإن خرجا عن أصلهما أو أحدهما فالمنع كالصور الثلاث، وعلة المنع فيها الخروج عن الرخصة لأن الأصل في الجزاف المنع فإضافة غيره إليه كما في الصور الثلاث خروج عن المحل الوارد فيه قاله (تت) وعلله المازري بأن المكيل معلوم مبلغه والجزاف مظنون، واجتماع معلوم ومظنون في عقد واحد يصير في المعلوم غرراً لم يكن فيه. اهـ. وأما الصورة الجائزة فليس فيها خروج عن الرخصة لأن الأصل في الأرض الجزاف، وفي الحب الكيل، فإذا قال: أبيعك هذه القطعة من الأرض بدرهم على أن تشتري مني هذه الصبرة كل قفيز بكذا جاز والله أعلم. (لدى الجمهور) وهو المعمول به كما في ابن سلمون، وفهم منه أن غير الجمهور من العلماء يقول بجواز ذلك. وتقدم أن الوزن كالكيل فلا يجوز بيع آنية من سمن جزافاً مع أخرى وزناً، ولا شراء قربة لبن جزافاً بدرهم على وزن زبدها كل رطل بدرهم، وإنما يشتري الجميع جزافاً أو اللبن كيلاً على حدته والسمن وزناً كذلك قال (ق): انظر مسألة تعم بها البلوى وهي أن المرء يشتري من العطار وزناً معلوماً من شيء ويفضل له درهم فيقول له: أعطني به أبزاراً والأبزار بالدرهم تكون جزافاً، فهذا جائز إن لم يدخلا على ذلك في أصل العقد. اهـ..
تنبيه:
قال ابن العطار: لا يجوز بيع الأرض على التكسير حتى يعرف طيب الأرض ومتوسطها من رديئها كالذي يشتري صبرة شعير وصبرة قمح كل قفيز بدرهم ولا يعرف كيل كل صبرة، فإنه لا يحل ذلك كبيع الأرض المختلفة الأثمان على التكسير. اهـ. ونقله ابن سلمون.
قلت: قال في النكت: إنما لم يجز بيع صبرة قمح وصبرة شعير كل قفيز بكذا لما في ذلك من التخاطر بين المتعاقدين لأن المشتري يطمع أن يكون القمح أكثر فيكون أخذه بسعر الشعير، والبائع يطمع أن يكون الشعير أكثر فيكون باعه بسعر القمح. اهـ. والأرض المختلفة في الجودة والرداء كذلك. هذا وجه ما قاله ابن العطار وهو ظاهر. وقوله: ولا يعرف كيل كل صبرة يعني وقت العقد، ومفهومه أنه إذا كان كيل كل صبرة محصوراً عنده معروفاً جاز، وكذا لو باع له بعشرة مثلاً قطعة أرض جزافاً مع أربعة أذرع مثلاً من أخرى بعد كيلها كل ذراع بدرهم لأنهما يعلمان أن الأربعة الأذرع ينوبها من العشرة أربعة، والباقي وهو ستة للأرض الجزاف فلا جهل فيجوز فيما يظهر ولم أقف عليه منصوصاً والله أعلم.
وَآبِرٌ مِنْ زَرْعٍ أَوْ مِنْ شَجَرِ ** لِبَائِعٍ إلاَّ بِشَرْطِ الْمُشْتَرِي

(وآبر) بمعنى مأبور كدافق بمعنى مدفوق وهو صفة لمحذوف أي: وثمر آبر (من زرع أو من شجر) وسيأتي للناظم أن التأبير في الزرع هو ظهوره للعيان، وفي ثمار الشجر عقدها وثبوت ما يثبت منها فمن باع أرضاً فيها زرع أو شجراً فيها ثمر ولم يتعرض للثمار ولا للزرع فما كان من ذلك مؤبراً فذلك كله (لبائع إلا بشرط المشتري) إدخاله في البيع لقوله عليه الصلاة والسلام: (من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع). اهـ. وأبرت في الحديث الكريم بضم الهمزة وتشديد الموحدة، ولأبي ذر: أبرت بضم الهمزة وتخفيف الموحدة وهو الأكثر قاله القسطلاني، وإنما جاز للمشتري اشتراطه مع أنه لا يصح بيعه لعدم بدو صلاحه لأنه حينئذ تبع للأصل وليس بمقصود في نفسه، ولهذا لابد أن يشترط جميع الثمر أو الزرع، فإن اشترط بعض ما أبر وترك غيره فسد البيع كما قال:
وَلاَ يَسُوغُ بِاشْتِرَاطِ بَعْضِهِ ** وَإنْ جَرَى فَلا غِنَى عَنْ نَقْضِهِ

(ولا يسوغ) البيع (باشتراط بعضه وإن جرى) أي: وقع اشتراط البيع (فلا غنى عن نقضه) وفسخ ذلك البيع من أصله لأنه باشتراط بعضه قصد لبيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وكذا لا يجوز اشتراطها إذا اشترى الأصل بطعام أو شراب أبرت أم لا، إلا أن يشترط الجذ مكانه.
تنبيه:
إذا أبرّ البعض دون البعض فإن كان المأبور قدر الثلث فدون كان تابعاً للأكثر ويكون الجميع للمبتاع، وإن كان المأبور الأكثر كان للبائع إلا بشرط المبتاع، وإن تساويا نظرت فإن كان المأبور على حدة كان للبائع وما لم يؤبر كان للمبتاع، وإن كان مختلطاً فقيل للبائع وقيل للمبتاع ثالثها للعتبية والموازية أن البيع لا يجوز إلا أن يرضى البائع أن يسلم الجميع للمبتاع. قال ابن العطار: أو يرضى المبتاع أن يترك ذلك للبائع فيصح به البيع. المتيطي: وبهذا القضاء. اهـ.
وَغَيْرُ مَا أُبِّرَ لِلْمُبْتَاعِ ** بِنَفْسِ عَقْدِهِ بِلاَ نِزَاعِ

(وغير ما أبر) من زرع أو ثمر فهو (للمبتاع بنفس عقده) على الأصل من غير احتياج إلى شرطه (بلا نزاع) بين الفقهاء أخذاً بمفهوم الحديث المتقدم لأنه لما قال فيه: تكون للبائع دل ذلك على أنها تكون للمبتاع إذا لم تؤبر، واشتراط المبتاع له زيادة تأكيد كما هو ظاهر. قال ابن فتحون: وإذا كان في الشجر ثمرة لم تؤبر أو زرع لم يظهر فلا يجوز للبائع استثناء ذلك كالجنين في بطن أمه وهو للمشتري بمقتضى العقد، ولا يجوز للمبتاع اشتراطه لئلا تقع له حصة من الثمن، وقد يمكن أن لا يثبت فيكون من الغرر. اهـ. ونحوه في المتيطية قال ابن عتاب: وفي نوازل سحنون أنه جاز اشتراطه في العقد، ولم يذكر ابن رشد غيره. اهـ. قلت: وهو ظاهر لأنه إذا كان غير المأبور يجب للمشتري بالعقد فاشتراطه زيادة تأكيد، وقولهم: اشتراطه يوجب له حصة من الثمن يقال عليه كونه له حصة من الثمن ثابت بانعقاد ضمائرهما عليه، ولو لم يكن هناك اشتراط إذ البائع يقصد إلى بيع الأرض ببذرها والمشتري كذلك، فهذا وجه ما لسحنون. واقتصر عليه ابن رشد ولا ينبغي العدول عنه إذ الأحكام إنما تدور على المقاصد ولو خالفت الألفاظ فكيف إذا وافقتها.
وَلاَ يَجُوزُ شَرطهُ لِلْبَائِعِ ** وَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بِهِ فِي الْوَاقِعِ

(ولا يجوز شرطه للبائع) أي لا يجوز للبائع أن يشترط على المشتري إبقاء غير المأبور من الثمر والزرع لنفسه (والبيع مفسوخ به) أي بشرط غير المأبور للبائع (وفي الواقع) لأنه استثنى حينئذ في الزرع ما في بطن الأرض، وذلك لا يجوز كما لا يجوز بيع الحامل واستثناء جنينها، وأما في الثمر فإنما يتمشى على القول بأن المستثنى مشترى لأنه حينئذ يكون فيه شراء الثمرة قبل بدو صلاحها بل وقبل أبارها لا على القول الآخر من كون المستثنى مبقى. قال الشارح: وهو الأظهر والأول مشكل، وبالجملة فالشارح استظهر كون المستثنى مبقى وضعف كونه مشترى، وظاهره في هذه المسألة وفي غيرها وهو الذي يجب اعتماده.
وفي الثِّمَارِ عَقْدُهَا الإِبَّارُ ** والزّرْعُ أَنْ تُدْرِكَهُ الأَبْصَارُ

(وفي الثمار) يتعلق بالخبر بعده (عقدها) مبتدأ خبره (الأبار و) الأبار في (الزرع أن تدركه الأبصار). حاصله أن الأبار في النخل تذكيره أي تعليق الذكر على الأنثى، وفي سائر الأشجار العقد وثبوت ما يثبت منه بعد سقوط ما يسقط وهو المعبر عنه في قول القدماء باللقاح، وفي الزرع خروجه من الأرض وإدراكه بالأبصار قاله في المفيد وغيره.
كَذَا قَلِيبُ الأَرْضِ لِلمُبْتَاعِ ** دُونَ اشْتِرَاط فِي الابْتِيَاعِ

(كذا) حال من الاستقرار بعده والإشارة لما لم يؤبر (قليب الأرض) مبتدأ (للمبتاع) خبره (دون اشتراطه) يتعلق بالاستقرار أيضاً (في الابتياع) يتعلق باشتراطه والتقدير قليب الأرض كائن للمبتاع دون اشتراطه كالثمرة التي لم تؤبر. ابن عات: وإن كان في المبيع أرض مقلوبة فالقليب للمبتاع وإن كان لم يشترطه ولا كلام فيه للبائع قاله حمديس وغيره وبه الفتوى. ونحوه في ابن سلمون، وعليه فالمراد بالقليب أن تكون الأرض مقلوبة أي محروثة بلا بذر فيبيعها ربها بعد حرثها وقبل بذرها فلا كلام للبائع في أن القليب لم يدخل في الابتياع وأنه ينتفع بزراعة قليبه، ثم يسلم الأرض لمشتريها حيث لم يشترط ذلك في العقد فإن اشترطه كان له شرطه لأنه يجوز بيع الأرض على أن تقبض بعد عشر سنين فدون كما مر، ويحتمل أن يكون المراد بالقليب البئر التي تسقى بها الأرض، والإضافة حينئذ على معنى (في) أي فمن باع أرضاً وفيها بئر لم يستثنها، فإن العقد يتناولها وتكون للمبتاع كتناول الأرض للأشجار والنقل شاهد لكل من الاحتمالين، لأن الأول نص عليه ابن عات وغيره كما مرّ، والثاني هو قول (خ) وتناولتهما أي تناولت الأرض أي بيعها ما فيها من بناء وغرس وبئر وعين وغير ذلك إلا أن يستثنيه البائع عند العقد، لكن الحمل الأول يضعف من جهة أنه إذا كان الزرع الغير المأبور للمبتاع فأحرى القليب المذكور لأن غايته أنه صفة للمبيع فهو مفهوم مما قبله بالأخرى بخلاف الحمل الثاني والله أعلم.
والماءُ إنْ كانَ يَزِيدُ وَيَقِلْ ** فَبَيْعُهُ لِجَهْلِهِ لَيْسَ يَحِلْ

(والماء إن كان يزيد) أي يكثر في بعض الأوقات (ويقل) في بعضها (فبيعه) استقلالاً (لجهله ليس يحل) قال ابن سلمون: فإن كان المبيع شرب عين أو حظاً من ماء فتقول: اشتري جميع شرب العين أو البئر أو نصفه أو ربعه، ثم قال ابن فتحون: وتقول في النص أي في الوثيقة بعد الوقوف على قلة الماء وكثرته والاختبار له في كل وقت وزمان وإحاطة علم المشتري به وإن كان يقل ويكثر ولا يوقف على الحقيقة منه لم يجز بيعه لأنه مجهول. اهـ. ونحوه في نقل الشارح على المتيطية وقال عقبه: هذا مما يشكل عليه بيع شراب مواضع من المرية وغيرها فإنها تقل في السنين الجدبة وتكثر في غيرها والظاهر جواز المعاوضة فيها لارتباطها بما أجرى الله تعالى من العادة فيها، فالمتعاقدان يعلمان ذلك ويدخلان عليه، فهذا كالغرر المغتفر في بيع الأصول، إذ قد لا تكون لها غلة في بعض السنين، ويحمل البيت والنص على ما إذا جهل المتعاقدان معاً قلته وكثرته ويكون من التلون بحيث لا يأخذه الضبط. اهـ. فقوله: إذ قد لا تكون لها غلة إلخ. الصواب حذفه لأن المشترى هو الأصول لا الغلة قاله ابن رحال قال: وما استظهره الشارح من جواز المعاوضة فيه هو المتعين. اهـ.
قلت: ما استظهره الشارح هو عين ما مرّ عن ابن سلمون لأنهم إنما أناطوا منع بيعه بعدم علم حقيقته بحيث يقل في أيام الشتاء ويكثر في بعضها يوماً بيوم وشهراً بشهر، وكذا هو حكمه وعادته في سائر السنة ولا تضبط قلته ولا كثرته فيهما فمثل هذا هو الذي لا تعلم حقيقته، وأما إن علمت بالاختبار وعلم المشتري بقلته في بعض الأوقات كالصيف وكثرته في بعضها كالشتاء والربيع على ما هو المعتاد فلا منع إذ ذاك إذ لا يجهله المتعاقدان، وكذا قلّته في السنين الجدبة وكثرته في غيرها لا يخفى على أحدهما لأن المياه في السنين الجدبة ربما يبست بالكلية فضلاً عن قلتها، والسنون الجدبة بالنسبة لغيرها نادرة فلا حكم لها، وحينئذ فلا محل للإشكال ولا للاستظهار لأنه استظهار في محل النص والله أعلم. ابن سلمون: إثر ما مرّ ولا يجوز بيع الأنهار العامة إلا أن يصرف منها شيء ويملك بالإسداد فيجوز بيعه.
وَشَرْطُ إبْقَاءِ المَبِيعِ بِالثَّمَنْ ** رَهْناً سِوَى الأَصُولِ بِالمَنْعِ اقْتَرَنْ

(وشرط إبقاء المبيع) المصدران مضافان لمفعوليهما (في الثمن) يتعلق بقوله (رهناً) بمعنى مرهون مفعول ثان بإبقاء (سوى الأصول) حال من المبيع (بالمنع) يتعلق بقوله (اقترن) والجملة خبر شرط والتقدير؛ وشرط البائع أن يبقي بضم الياء المبيع مرهوناً في الثمن بيده أو بيد أمين حال كون المبيع غير الأصول اقترن بالمنع، وظاهره كان البيع حالاً أو لأجل وليس كذلك، بل محله إذا كان لأجل لا يجوز استثناء منفعة المبيع إليه على ما مر تفصيله في أول هذا الفصل، وأما إذا كان حالاً فللبائع أن يحبس سلعته إلى أن يقبض ثمنها ولو لم يشترط ذلك كما قال (خ): وبرئ المشتري للتنازع إلخ. فاشتراطه ذلك حينئذ مؤكد، وإذا هلكت وقت حبسها فيضمنها البائع ضمان الرهان كما قال (خ): وضمن بالعقد إلا المحبوسة للثمن فكالرهن.
وَقِيلَ بالجَوَازِ مَهْمَا اتّفَقَا ** في وَضْعِهِ عِنْدَ أَمِينٍ مُطْلَقَا

أصلاً كان أو غيره وهو مستغنى منه لأن الكلام في غير الأصول كما هو موضوعه، قال ابن سلمون: ولا يجوز للبائع أن يشترط على المشتري أن تبقى الدابة رهناً بيده في الثمن إلى أجله، وكذلك لا يجوز في سائر الحيوان والعروض والبيع على ذلك مفسوخ روى ذلك ابن وهب عن مالك في الحيوان. وقاله ابن القاسم في العروض. قال ابن رشد: وذلك جائز في الأصول كلها لأنه يجوز أن تباع على أن تقبض إلى أجل قال: فإن وضعت هذه الأشياء التي لا يجوز ارتهانها عند بيعها على يد عدل كان ذلك جائزاً، وقيل: إنه لا يجوز أن يبيع الرجل شيئاً من الأشياء على أن يكون رهناً بحقه إلى أجل وإن وضع ذلك بيد عدل، وهو قول أصبغ. ورواه عن أشهب وسماع سحنون. اهـ.
قلت: قد علمت مما مرّ في أول الفصل أن إبقاء المبيع رهناً في الثمن لأجله هو من بيع معين يتأخر قبضه وتقدم هناك تحصيله وعليه فيفصل في الأجل، فإن كان يتغير المبيع إليه غالباً كما لو زاد على الشهر في الحيوان وعلى ثلاثة أيام في العروض وعلى العشر سنين في الأرض ونحوها، فيمنع ذلك ويفسخ معه البيع وهو مراد الناظم وغيره هاهنا وإن كان المبيع لا يتغير إلى ذلك الأجل غالباً كما لو قصر الأجل عن تلك الحدود جاز إبقائه رهناً إذ لا غرر في ذلك، وإذا تقرر هذا فظاهر رواية ابن وهب في الحيوان، وقول ابن القاسم في العروض أن ذلك لا يجوز يعني للأجل الذي يتغيران إليه كان بيد عدل أو عند البائع وهو المعتمد لأنه غرر، وقول ابن رشد يجوز ذلك إن وضعت تحت يد عدل لا يجري على ما تقدم لأن الأجل الذي يتغير إليه المبيع لا يجوز على الراجح، ولو وضع بيد عدل، ولا يحمل كلامه على الأجل الجائز لأن الجائز يجوز اشتراطه ولو بقي بيد البائع. وقوله في الأصول لأنه يجوز أن تباع على أن تقبض إلى أجل إلخ. يعني الأجل الذي لا تتغير إليه كالعشر، والكلام إنما هو فيما يتغير إليه كالعشرين، وحينئذ فكان على الناظم أن لا يتبعه في الوضع عند أمين وأن لا يستثني الأصول، وأن يقتصر على صريح القول الآخر في كلام ابن سلمون من أن ذلك لا يجوز في الأصول وغيرها لأن النكرة في سياق النفي تعم، ولأن الأجل في كلامهم محمول على ما يتغير المبيع إليه غالباً وذلك يختلف باختلاف المبيع فلو قال:
وشرط إبقاء المبيع مرتهن ** لأجل بعطب فيه فامنعن

لوفى بما مر.
وَجَائزٌ في الدَّارِ أنْ يُسْتَثْنَى ** سُكْنَى بِهَا كَسَنَةٍ أَوْ أَدْنَى

(وجائز في الدار) أن تباع إلى أجل بل ولو نقداً ونقد بالفعل كما في (ق) عن سماع يحيى (ان يستثنى) بضم الياء مبنياً للمفعول (سكنى بها) مدة لا تتغير فيها غالباً (كسنة أو أدنى) أو أكثر كسنتين وقيل غير ذلك. قال في ضيح: والخلاف خلاف في حال فإن كانت المدة لا تتغير فيها غالباً جاز انتهى. ونحوه في (ق) عن المدونة فالتحديد بالسنة في النظم و(خ) غير معتمد كما مرّ في أول الفصل. ابن سلمون: فإن التزم المشتري أن لا يبيعها حتى ينصف البائع من الثمن، ومتى فعل ذلك فقد حل عليه الثمن فلا يجوز ذلك إلا أن يكون طوعاً بعد العقد، ثم قال: فإن اختلفا فقال البائع: وقع طوعاً. وقال المشتري: بل شرطاً في العقد فالقول قول مدعي الشرط إن كان يدعي الفساد لأنه العرف. اهـ.
تنبيه:
فإن انهدمت الدار فضمانها في مدة الاستثناء الجائز من المشتري ولا رجوع للبائع على المبتاع بما اشترطه من السكنى في قول ابن القاسم إلا أن يبيعها المبتاع في أثناء المدة الجائزة فلا يخرج منها البائع حتى يستوفي مدته. وأما إن تهدمت في استثناء المدة الغير الجائزة فضمانها من البائع إلا أن تنهدم بعد أن قبضها المشتري، ولو قبل انقضاء مدة الاستثناء فضمانها منه لأنه بيع فاسد يضمن بالقبض. ولما قدم في قوله: وآبر من زرع أو من شجر. حكم من اشترى أرضاً فيها زرع في عقد واحد أو شجر فيها ثمر، كذلك أشار هنا إلى ما إذا اشترى الأرض وحدها ثم اشترى زرعها أو الشجر وحدها ثم ثمرها فقال:
وَمُشْتَرِي الأصْلِ شِرَاؤُهُ الثَّمرْ ** قَبْلَ الصَّلاح جائِزٌ فيما اشْتَهَرْ

(ومشتري الأصل) ووجد فيه ثمر مؤبر لم يشترطه وبقي لبائعه (شراؤه) ذلك (الثمر) المؤبر بعد ذلك (قبل) بدو (الصلاح) فيها (جائز) مطلقاً قرب ما بين العقد على الأصل والثمار أم لا. (فيما اشتهر) من أقوال ثلاثة. ثانيها: المنع مطلقاً. ثالثها: يجوز إذا قرب ما بين العقدين كالعشرين يوماً لا فيما بعد.
والزَّرْعُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الشَّجَرِ ** ولا رُجُوعَ إنْ تُصِبْ لِلْمُشْتَرِي

(فالزرع) المؤبر الذي لم يشترطه المبتاع عند شراء أرضه يجري (في) جواز شرائه منه بعد (ذلك مثل) ما جرى في شراء ثمر (الشجر) بعد شرائها وحدها من جريان الأقوال المذكورة (خ): وصح بيع ثمر ونحوه بدا صلاحه وقبله مع أصله أو ألحق به إلخ. فقوله: مع أصله هو ما تقدم للناظم في قوله: إلا بشرط المشتري. وقوله: أو ألحق به هو ما ذكره الناظم هاهنا، فكل منهما تكلم على الصورتين رحمهما الله، ووجهه في الأولى أنهما تبع للأصل، وفي الثانية أن اللاحق للعقد كالواقع فيه، وفهم منهما أنه لو اشترى الزرع أو الثمر قبل بدوه أولاً ثم اشترى الأرض والشجر لم يجز وهو كذلك، وإذا أجيحت الثمرة المشتراة مع الأصل أو التي ألحقت به فلا قيام له بالجائحة كما قال: (ولا رجوع أن تصب) بضم التاء وفتح الصاد مبنياً للمفعول ونائبه ضمير الثمر ومتعلقه محذوف أي بالجائحة (للمشتري) خبر لا وعلل عدم الرجوع بالجائحة فيها لأنها تبع للأصل، وما كان تبعاً لا جائحة فيه. وفي طرر ابن عات عن ابن محرز أن الجائحة لم تسقط هنا عن البائع لأجل أن الثمرة تبع للمبيع، وقول من قال ذلك فاسد ويدل على ذلك أنه لو اشترى ثمرة ومعها عروض كثيرة فكانت الثمرة تبعاً لجميع الصفقة لكانت فيها الجائحة، وإنما سقطت الجائحة هنا لانقطاع السقي عن البائع، ويدل على ذلك أن الثمرة لو بيعت وحدها وقد استغنت عن السقي لم يكن فيها جائحة. اهـ.
وَبَيْعُ مِلْكٍ غَابَ جَازَ بِالصِّفَهْ ** أَوْ رُؤْيَةٍ تَقَدَمَتْ أَوْ مَعْرِفَهْ

(وبيع ملك) بكسر الميم وضمها الشيء المملوك عقاراً كان أو غيره إلا أنه لا يستعمل بالضم إلا في مواضع الكثرة وسعة السلطان يقال لفلان ملك عظيم أي مملوك كبير قاله أبو البقاء في إعراب القرآن (غاب) عن مجلس العقد أو البلد كما هو ظاهره ولم يبعد جداً كخراسان من إفريقية (جاز) بيعه على اللزوم (بالصفة) الكاشفة لأحواله ككونه إن كان أرضاً قريباً من الماء أو بعيداً، وكون أرضه مستوية أو معلقة ذات حجارة أو دونها قريبة من العمارة أو بعيدة عنها وإن أذرعها، كذا وأن مساحة الدار إن كان داراً كذا وكذا ذراعاً وأن طولها كذا وعرضها كذا، وطول بيتها القبلي كذا وعرضه كذا وعلوه كذا، وبناؤها بالحجارة أو الآجر أو طابية وأن لون الحيوان إن كان حيواناً كذا وسنه كذا، وهكذا حتى يأتي على جميع الأوصاف التي تختلف بها الأغراض في السلم لأن بيع الغائب مقيس على السلم، وسواء كان الوصف من غير البائع أو من البائع كما هو ظاهره أيضاً، لكن لا يجوز النقد فيه بوصف البائع ربعاً كان أو غيره. (أو) ب (رؤية تقدمت) قبل عقد البيع بحيث لا يتغير بعدها ولم يبعد جداً كما في (ز). (أو معرفة) من عطف العام على الخاص وكأنه أراد بالرؤية مرة أو مرتين وبالمعرفة ما هو أكثر، فإن كان يتغير بعدها قطعاً أو شكاً أو بعدت مسافته جداً كخراسان من إفريقية لم يجز بيعه باللزوم استناداً للرؤية السابقة. نعم يجوز بيعه على خياره بالرؤية.
واعلم أن بيع الغائب لا يخلو من ثلاثة أوجه: إما أن يكون على الخيار بالرؤية أو على الصفة باللزوم أو على رؤية سابقة، فالقسم الأول لم يتعرض له الناظم لأنه على خيار المشتري فالبيع لازم للبائع منحل من جهة المشتري فله أن يرجع قبل الرؤية وبعدها كما في النقل قاله (ز) ولا يشترط فيه وصف ولا رؤية سابقة ولا عدم البعد جداً. وأما القسم الثاني، وهو ما بيع على الصفة باللزوم فيشترط فيه عدم البعد جداً كما مر ولا يشترط فيه الغيبة عن البلد، بل عن المجلس فقط على المعتمد كان حاضراً بالبلد أو على مسافة عشرة أيام أو على أكثر مما لم يبعد جداً، وسواء وصفه للبائع أو غيره كما مرّ. نعم إذا كان حاضراً مجلس العقد فلابد من رؤيته ولا تكفي فيه الصفة إلا إذا كان في فتحه مشقة كعدل البرنامج الذي يشق فتحه وشده أو فساد كقلل الخل المطينة. وأما القسم الثالث، وهو ما بيع على رؤية سابقة فيشترط أن لا يتغير من وقت الرؤية لوقت العقد وأن لا يبعد جداً كما مر ويظهر لي أن عدم التغير بعدها يغني عن البعد جداً لأنه يلزم من البعد جداً تغيره تحقيقاً أو شكاً فتأمله. ولا يشترط فيه غيبته عن المجلس، بل يجوز ولو حاضراً بالمجلس، وبهذا تعلم أن الناظم أخل بقيد عدم البعد جداً في القسمين الأخيرين معاً على ما فيه ويقيد عدم التغير في الرؤية السابقة.
وَجَازَ شَرْطُ النَّقْدِ فِي المَشْهُورِ ** وَمُشتَرٍ يَضْمَنُ لِلْجُمْهُورِ

(وجاز شرط النقد في) العقار المبيع على اللزوم برؤية سابقة أو بوصف غير البائع وإن بعد لا جداً، وأما بوصف البائع فلا يجوز النقد فيه ولو تطوعاً على (المشهور) خلافاً لأشهب في منعه اشتراط النقد فيه مع البعد لا جداً، وسواء على المشهور بيع العقار جزافاً أو مذارعة لأن المقصود من الذرع في العقار إنما هو وصفه وتحديده كما مرّ قاله طفي، وكذا لا يجوز شرط النقد في المبيع غائباً غير العقار إن قرب كاليومين كما في (خ).
تنبيهان:
الأول: إذا اجتمع البيع بوصف أو برؤية سابقة مع الخيار بالرؤية فالحكم للخيار بالرؤية.
الثاني: ضمان المبيع غير العقار من البائع في الأقسام الثلاثة حتى يقبضه المشتري، فإذا هلك قبل القبض في البيع على رؤية سابقة فضمانه من بائعه، وإذا تغير وتنازعا فقال البائع: هذه الصفة التي هو عليها الآن أي وقت القبض هي الصفة التي كان عليها وقت رؤيتك إياه، وقال المشتري: بل تغير عن الصفة التي كان عليها وقت الرؤية فالقول للبائع، وأما العقار فضمانه من المشتري كما قال:
(ومشتر) عقاراً غائباً برؤية سابقة أو بوصف (يضمن) ما هلك منه قبل قبضه حيث تحقق أن العقد أدركه سالماً (للجمهور) وهو ما حكاه الناس عن مالك أولاً وأنه كان يقول الضمان من المشتري إلا أن يشترطه على البائع، ثم رجع إلى العكس وأنه من البائع إلا أن يشترطه على المشتري، وفي (ق) لم يختلف قول مالك في الرباع والدور والأرضين والعقار أن ضمانها من المبتاع من يوم العقد وإن بعدت، وقولي حيث تحقق أن العقد أدركه سالماً أي بإقرارهما أو بقيام البينة احترازاً مما إذا تنازعا فقال المشتري: أدركته الصفقة معيباً. وقال البائع: بل سالماً، فإن القول للمشتري في المبيع على صفة وللبائع في المبيع على رؤية سابقة كما مرّ. فإن قلت: ما الفرق بينهما؟ قلت: قال في ضيح: الفرق بينهما أن البيع في مسألة الرؤية معلق على بقاء صفة المبيع الذي رآه عليها والأصل بقاؤها، فمن ادعى الانتقال منهما فهو مدع وهو المشتري بخلاف البيع على الصفة، فإن الأصل عدم وجود تلك الصفة وهو الموافق لقول المشتري.
والأَجْنَبِيُّ جَائزٌ مِنْهُ الشَرَا ** مَلتزِمَ العُهْدَةِ فِيمَا يُشْتَرَى

(والأجنبي جائز منه الشراء) لغيره حال كونه (ملتزم العهدة فيما يشترى) قال الشارح ما حاصله: لفظ الشراء محتمل لمعناه المتبادر منه عرفاً، والمعنى عليه أنه يجوز للرجال أن ينوب عن غيره في شراء دابة ونحوها ويلتزم له عهدة العيب والاستحقاق، وأنه إن حصل أحدهما غرم له الثمن، ويحتمل لأن يكون بمعنى البيع على حد قوله تعالى: {وشروه بثمن بخس} (يوسف: 20) أي باعوه، والمعنى عليه أن الأجنبي يجوز البيع منه حيث اشترى لغيره حالة كونه ملتزم عهدة العيب والاستحقاق فيما يشتريه لذلك الغير، وأنه إن حصل عيب أو استحقاق غرم له الثمن أيضاً، وقد علمت منه أن مآل الاحتمالين واحد وأن الأجنبي مشتر على كل حال، وإنما تغاير الاحتمالان عنده من جهة أن الشراء في كلام الناظم هل هو بمعناه العرفي فيجوز للأجنبي أن يشتري لغيره دابة مثلاً ملتزماً العهدة له، أو بمعنى البيع فيجوز لشخص أن يبيع من الأجنبي دابة يشتريها لغيره ملتزماً العهدة له أيضاً فجاء الاحتمالان باعتبار متعلق الجواز وذلك باختلاف معنى الشراء في النظم، وهذا قليل الجدوى والصواب أن يقال: أن كلاًّ من المتعاقدين بائع لما خرج من يده مشتر لما بيد غيره كما تقدم أول الباب، فالأجنبي حينئذ بائع مشتر فتارة يلتزم العهدة لمن اشترى له وتارة يلتزمها لمن اشترى منه، فالأجنبي النائب عن غيره إذا اشترى مثلاً دابة من عمرو لخالد بثوب أو دراهم فهو بائع للثوب أو الدراهم مشتر للدابة، فتارة يلتزم العهدة في الدابة للذي اشترى له وهو خالد، وتارة يلتزم العهدة في الثوب أو الدراهم للذي اشتراهما منه وهو عمرو، وسواء حينئذ حملنا الشراء في النظم على معناه العرفي أو على البيع. ولذا بنى الناظم يشترى للمفعول ليشمل ما إذا التزم العهدة فيما يشتريه للغير أو فيما يشتريه الغير منه كما ترى، وسواء التزم في هذا الثاني العهدة ابتداء أو انتهاء كما إذا لم يعلم المشتري منه بأنه وكيل في البيع عن غيره، ثم أثبت أنه وكيل فإن المشتري يخير في الرد أو التماسك لأن من حجته أن يقول: إنما اشتريت على أن تكون عهدتي على متولي البيع، ولا أرضى أن تكون على المنوب عنه لعسره وقلة ذات يده أو لدده، فإذا رضي الوكيل بأن تكون العهدة عليه سقط الخيار ولزم البيع للمشتري، وهذا هو المراد بالالتزام انتهاء، وإنما قلنا ثم أثبت أنه وكيل إلخ. احترازاً مما إذا لم يثبت ذلك فإن العهدة لا تنتفي عنه ولا يثبت الخيار لأنه يتهم أن يكون هو المالك، ولكنه ندم في البيع فادعى أنه نائب فيه عن غيره، لعل المشتري لا يرضاه ويفسخ البيع فكلام الناظم شامل لهذا كله إلا أنه أطلق الجواز على حقيقته وذلك في الالتزام ابتداء وعلى مجازه وذلك في الالتزام انتهاء لأن الجواز فيه بمعنى اللزوم، والله أعلم.
تنبيه:
التزام الأجنبي للعهدة المذكورة هو من ضمان درك العيب والاستحقاق أي ضمان ما يترتب عليهما وهو جائز كما تقدم أول باب الضمان، والله تعالى أعلم.