فصل: كِتَابُ الْوَكَالَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.كِتَابُ الْوَكَالَةِ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَقَارٌ فَوَكَّلَ عَمْرًا فِي بَيْعِهِ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَبَاعَ عَمْرٌو ذَلِكَ الْعَقَارَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَدْفَعْهُ لِزَيْدٍ حَتَّى مَاتَ عَمْرٌو الْوَكِيلُ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ مُجْهَلًا لِلثَّمَنِ الْمَزْبُورِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْوَرَثَةُ لَا تَعْلَمُهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ بِهِ فِي التَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي عَشَرَةٍ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ وَزَادَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ تِسْعَةً أُخْرَى كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي أَيْضًا مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ هَلْ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَحُقُوقُ عَقْدٍ لَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى الْوَكِيلِ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ عَنْ إقْرَارٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا كَتَسْلِيمِ مَبِيعٍ وَقَبْضِهِ وَقَبْضِ ثَمَنٍ وَرُجُوعٍ بِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ وَخُصُومَةٍ فِي عَيْبٍ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَ حُضُورِ مُوَكِّلٍ وَغَيْبَتِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَوَافَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو الْقَصَّابِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِزَيْدٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ اللَّحْمِ الضَّأْنِ وَصَارَ زَيْدٌ يُرْسِلُ ابْنَ أَخِيهِ يَأْتِي بِذَلِكَ مِنْ عِنْدِ عَمْرٍو وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ وَمَاتَ زَيْدٌ فَقَامَ عَمْرٌو يُطَالِبُ رَسُولَهُ الْمَذْكُورَ بِثَمَنِ اللَّحْمِ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ وَالرَّسُولُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الرِّسَالَةِ وَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ بِيَمِينِهِ وَلَا يُطَالَبُ بِثَمَنِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْخِيَارَاتِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالرَّسُولُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُرْسِلِ وَذَكَرْنَا قَبْلَ بَابِ الْخِيَارَاتِ بِوَرَقَةٍ أَنَّ الرَّسُولَ إذَا لَمْ يُضِفْ عَقْدَ الشِّرَاءِ إلَى الْمُرْسِلِ لَمْ يَقَعْ الشِّرَاءُ لِلْمُرْسِلِ بَلْ يَقَعُ لِلرَّسُولِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَتَى وَجَدَ نَفَاذًا لَمْ يَتَوَقَّفْ فَإِذَا أَضَافَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ كُنْت رَسُولًا عَنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ تُنَافِي الرِّسَالَةَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ بِيَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَائِعِ مَعْنَاهُ لَوْ أَنْكَرَ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ وَادَّعَى إضَافَتَهُ إلَى الْمُرْسِلِ كَقَوْلِهِ إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك بِعْهُ كَذَا أَوْ أَرْسِلْنِي لِتَبِيعَهُ كَذَا فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لُزُومَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَائِعِ فِي أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ الْبَيْعَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ هَكَذَا يَجِبُ فَهْمُ هَذَا الْمَحَلِّ فَاحْفَظْهُ.
(سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ عُمْرُهَا سِتُّ سَنَوَاتٍ وَكَّلَتْ رَجُلًا فِي الْمُصَادَقَةِ مَعَ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَعَهَا حِصَّةً مِنْ كَذَا فَصَادَقَهُ الْوَكِيلُ كَذَلِكَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً وَلَمْ يُجِزْ وَصِيُّهَا ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْوَكَالَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي وَكَالَةِ الْمُخْتَصَرِ وَلَوْ وَكَّلَ الْيَتِيمُ رَجُلًا فِي أُمُورِهِ فَأَجَازَ وَصِيُّهُ جَازَ إلَخْ أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ دَعْوَى عَلَى امْرَأَةٍ أُخْرَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُخَدَّرَاتِ فَوَكَّلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلًا عَنْهَا فَهَلْ تَصِحُّ الْوَكَالَتَانِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تَصِحُّ دَعْوَى وَكِيلُ الْمُدَّعِيَةِ عَلَى وَكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا فِيمَا تَصِحُّ بِهِ الْوَكَالَةُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى حُضُورِ إحْدَاهُمَا كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا بِقَوْلِهِ تُسْمَعُ دَعْوَى وَكِيلِ الْمُدَّعِي عَلَى وَكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي مَنْعِ سَمَاعِهَا نَقْلٌ وَلَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ ابْنِ عَمٍّ عَصَبَةٍ غَائِبٍ لَهُ وَكِيلٌ عَامٌّ ثَابِتُ الْوَكَالَةِ عَنْهُ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيُرِيدُ الْمُطَالَبَةَ بِإِرْثِهِ مِنْهَا وَإِثْبَاتِ نَسَبِهِ إلَيْهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِتَقَاضِي كُلِّ دَيْنٍ لَهُ أَوْ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ عَلَى النَّاسِ أَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ فِي مِصْرَ كَذَا تُصْرَفُ الْوَكَالَةُ إلَى الْقَائِمِ وَالْحَادِثِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَنْصَرِفَ التَّوْكِيلُ إلَى الْقَائِمِ يَوْمَ التَّوْكِيلِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْحَادِثِ بَعْدَ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ حَصَلَ بِقَبْضِ دَيْنٍ مُضَافٍ إلَيْهِ يَوْمَ التَّوْكِيلِ حَيْثُ قَالَ وَكَّلْتُك بِقَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لِي وَكَّلْتُك بِالْخُصُومَةِ بِكُلِّ حَقٍّ لِي فِي مِصْرَ كَذَا وَالدَّيْنُ الَّذِي يُضَافُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالْحَقُّ الَّذِي يُضَافُ إلَيْهِ فِي حَقِّ التَّوْكِيلِ الْقَائِمِ وَقْتَ التَّوْكِيلِ دُونَ الْحَادِثِ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّهُمْ تَرَكُوا هَذَا الْقِيَاسَ وَأَدْخَلُوا الْحَادِثَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ بِالْعُرْفِ فَإِنَّ الْعُرْفَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا يُوَكِّلُ غَيْرَهُ بِقَبْضِ دُيُونِهِ أَوْ بِقَبْضِ حُقُوقِهِ عَلَى النَّاسِ وَيُرِيدُ بِذَلِكَ التَّوْكِيلَ بِالْقَائِمِ وَالْحَادِثِ جَمِيعًا حَتَّى لَا يَضِيعَ شَيْءٌ مِنْ حُقُوقِهِ فَلِمَكَانِ الْعُرْفِ صَرَفْنَا الْوَكَالَةَ إلَى الْكُلِّ وَهَذَا نَظِيرُ مَنْ وَكَّلَ إنْسَانًا بِقَبْضِ غَلَّاتِهِ كَانَ وَكِيلًا بِالْوَاجِبِ وَبِمَا يُحْدِثُ وَانْصَرَفَتْ الْوَكَالَةُ إلَى الْكُلِّ لِمَكَانِ الْعُرْفِ فَإِنَّ النَّاسَ فِي عَادَاتِهِمْ يُرِيدُونَ بِهَذَا التَّوْكِيلِ الْقَائِمَ وَالْحَادِثَ حَتَّى لَا يَحْتَاجُوا إلَى تَجْدِيدِ الْوَكَالَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَلَا يَقَعُونَ فِي الْحَرَجِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ وَقَدْ ذَكَرَ الْكَازَرُونِيُّ نَقْلًا عَنْ الطُّورِيِّ سُؤَالًا صُورَتُهُ عَنْ إنْسَانٍ وَكَّلَ آخَرَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ هَلْ يَمْلِكُ أَنْ يَقْبِضَ الْحَادِثَ لِلْمُوَكِّلِ أَمْ لَا فَأَجَابَ يَمْلِكُ ذَلِكَ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةَ الذَّخِيرَةِ بِاخْتِصَارٍ ثُمَّ نَقَلَ عَنْهَا وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْقَائِمِ لَا إلَى الْحَادِثِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَذَكَرَ الْهَمَّامُ الزَّاهِدُ خواهر زاده إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْقَائِمَ وَالْحَادِثَ جَمِيعًا وَإِنَّمَا لَا يَتَنَاوَلُ الْحَادِثَ إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ. اهـ.
وَتَمَامُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَيْضًا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَزْبُورِ.
(سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ الْعَامِّ هَلْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ؟
(الْجَوَابُ): لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ هَذَا الدَّيْنِ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي حِفْظِ الْمَالِ لَا غَيْرُ هُوَ الصَّحِيح وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٍ أَمْرُك فِيهِ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَقْفِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَمْلِكُ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّعْمِيمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَمْلِكُ إلَّا إنْ دَلَّ دَلِيلٌ كَسَابِقَةِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إنْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ صُنْعُك رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَاتِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَا فِي الْهِبَاتِ وَالْإِعْتَاقِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثُ وَفِي فَتَاوَى أَبِي جَعْفَرٍ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَأَقَمْتُك مَقَامَ نَفْسِي لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ عَامَّةً وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي يَجُوزُ بِهَا التَّوْكِيلُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً تَتَنَاوَلُ الْبِيَاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةِ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَامَّةً يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَمْرُ الرَّجُلِ مُخْتَلِفًا لَيْسَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ تَاجِرًا تِجَارَةً مَعْرُوفَةً تَنْصَرِفُ الْوَكَالَةُ إلَيْهَا خَانِيَّةٌ وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ وَكَالَةً عَامَّةً يَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالْهِبَةَ وَالْوَقْفَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْإِبْرَاءَ وَالْحَطَّ عَنْ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ فَدَخَلَا تَحْتَ قَوْلِ الْبَزَّازِيِّ إنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ وَهَلْ لَهُ الْإِقْرَاضُ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنَّ الْقَرْضَ عَارِيَّةٌ ابْتِدَاءً مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا مَنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَاتِ وَلِذَا لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا هِبَتَهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَ مُعَاوَضَةً فِي الِانْتِهَاءِ وَظَاهِرُ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ وَاقْتِضَاءَهُ وَإِيفَاءَهُ وَالدَّعْوَى بِحُقُوقٍ لِلْمُوَكِّلِ وَسَمَاعِ الدَّعْوَى بِحُقُوقٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْأَقَارِيرُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالدُّيُونِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَا فِي الْعَامِّ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي إذَا عَمَّمَ لَهُ وَوَكَّلَ رَجُلًا فِي تَعَاطِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ قَائِلًا وَكَّلْتُكَ بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي أَوْ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي وَقَبِلَ ذَلِكَ فَمَا الطَّرِيقُ فِي عَزْلِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): الطَّرِيقُ فِي عَزْلِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَنْ يَقُولَ عَزَلْتُك ثُمَّ عَزَلْتُك وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَقُولَ رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَتَّى التَّنْوِيرِ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ الطَّرِيقُ فِي عَزْلِهِ أَنْ يَقُولَ عَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَرَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَقِيلَ يَقُولُ كُلَّمَا وَكَّلْتُك فَأَنْتَ مَعْزُولٌ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَ آخَرَ فِيمَا يَدَّعِي لَهُ لَا عَلَيْهِ فِي خُصُومَاتِهِ وَأَخْذِ حُقُوقِهِ مِنْ النَّاسِ وَفِي دَفْعِ مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ وَغَابَ فَقَامَ شَخْصٌ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى الْوَكِيلِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ الشَّخْصِ الْمَزْبُورِ عَلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ وَكَّلَهُ فِيمَا لَهُ لَا عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الشَّخْصِ الْمَزْبُورِ عَلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ قَالَ فِي الدُّرَرِ إذَا وَكَّلَ فِي خُصُومَاتِهِ وَأَخْذِ حُقُوقِهِ مِنْ النَّاسِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ وَكِيلًا فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمُوَكِّلِ جَازَ فَلَوْ أَثْبَتَ الْمَالَ لَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْخَصْمُ الدَّفْعَ لَا يُسْمَعُ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ.
وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ وَكِيلِ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلٌ بِدَيْنٍ يَسْتَحِقُّهُ فِي ذِمَّةِ مُوَكِّلِهِ فَأَجَابَهُ الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْقَبْضِ وَالْمُطَالَبَةِ لَا فِي الصَّرْفِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَفِي الدَّعْوَى لَهُ لَا عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَدِيعَةٌ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ أَنْ يَقْضِيَ مَا ثَبَتَ عَلَى الْمُودِعِ مِنْ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ التَّوْكِيلُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لِلدَّائِنِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ مُودَعِهِ وَلَا الْوَكِيلُ كَفِيلٌ بِهِ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الرَّحِيمِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَجَابَ حَيْثُ كَانَ وَكِيلًا لَهُ لَا عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ دَعْوَى دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَحَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إلَّا بِدَفْعِ الْمَالِ الْمِيرِيّ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدْفَعَ غَيْرَهُ فَلَا تَصِحُّ بِهِ دَعْوَى أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَتْهُ أُخْتُهُ فِي بَيْعِ نَصِيبِهَا مِنْ دَارٍ مُعَيَّنَةٍ بِثَمَنِ كَذَا فَبَاعَهَا وَدَفَعَ لَهَا الثَّمَنَ وَمَضَى لِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَامَتْ الْآنَ تُطَالِبُهُ بِالثَّمَنِ وَتُنْكِرُ قَبْضَهُ مِنْهُ مَعَ اعْتِرَافِهَا بِالتَّوْكِيلِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ لَهَا لَا سِيَّمَا مَعَ مُرُورِ هَذِهِ الْمُدَّةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا لَهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَقَالَ بِعْت مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدِي أَوْ قَالَ دَفَعْته إلَى الْآمِرِ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ فِي الدَّفْعِ أَوْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ لَكِنْ أَنْكَرَ قَبْضَ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي بَرَاءَتِهِ وَبَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ سُلِّطَ عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ وَصَارَ الثَّابِتُ بِقَوْلِهِ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ ثَبَتَ إقْرَارُهُ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَضْمَن الْوَكِيلُ وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي كَذَا هُنَا. اهـ.
وَأَفْتَى الْعَلَامَةُ الشَّلَبِيُّ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ وَفِي الْقَوْلِ لِمَنْ الْقَوْلِ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَفِي رِسَالَةِ الْمَقْدِسِيِّ الَّتِي نَقَلَهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي ذَيْلِ رِسَالَتِهِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِعْت وَسَلَّمْت وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ عِنْدِي أَوْ دَفَعْته إلَى الْآمِرِ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ غَرِمَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُعْتَبَرٌ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الْوَقْفِ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ مَقْبُولٌ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَاعَ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ وَكَانَتْ الْعَيْنُ هَالِكَةً وَفِيمَا إذَا ادَّعَى دَفْعَ مَا وُكِّلَ بِدَفْعِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ. اهـ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدُّيُونِ إذَا قَالَ قَبَضْت وَدَفَعْت إلَى الْمُوَكِّلِ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ أَخْبَرَ عَنْ تَنْفِيذِ الْأَمَانَةِ وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالذَّخِيرَةِ بَاعَ الْمَوْلَى وَسَلَّمَ ثُمَّ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْت فَضَاعَ أَوْ دَفَعْت إلَى الْآمِرِ فَجَحَدَ ذَلِكَ مُوَكِّلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ. اهـ.
وَنَقَلَ الْمَقْدِسِيُّ والشرنبلالي نَقُولُ الْمَذْهَبُ قَاطِبَةً أَنَّ الْعَزْلَ لَا يُخْرِجُ الْوَكِيلَ عَنْ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَمَانَةً.
وَبِهِ أَفْتَى فِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ ضِمْنَ سُؤَالٍ مُلَخَّصُهُ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَ عَمْرًا فِي قَبْضِ مَحْصُولَاتِ قُرًى وَفِي قَبْضِ دُيُونِهِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَمِ فَادَّعَى بَعْدَ عَزْلِهِ أَنِّي قَبَضْت تِلْكَ الْمَحْصُولَاتِ وَالدُّيُونَ وَدَفَعْتهَا إلَى الْمُوَكِّلِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ وَطَلَبَ مِنْهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَبْضِ وَالدَّفْعِ وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ حَيْثُ إنَّ الْمُوَكِّلَ حَيٌّ وَالْعَزْلَ لَا يُخْرِجُ الْوَكِيلَ عَنْ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَمَانَةً أَجَابَ الْوَكِيلُ أَمِينٌ إلَخْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَكِيلًا شَرْعِيًّا عَنْ أُخْتِهِ فِي شِرَاءِ بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ وَفِي إيجَارِهِ وَقَبْضِ أُجُورِهِ وَبَاشَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مُدَّةِ سِنِينَ حَتَّى مَاتَتْ أُخْتُهُ عَنْ وَرَثَةٍ وَعَنْ زَوْجٍ مُعْتَرِفٍ بِالْقَبْضِ وَمُنْكِرٍ لِدَفْعِ الْوَكِيلِ ذَلِكَ لِمُوَكِّلَتِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ لِمُوَكِّلَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فَتْوَى مُطَوَّلَةً نَافِعَةً فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ فَتَاوَاهُ مِنْ جُمْلَتِهَا قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ قَبْضُ الْوَكِيلِ مِنْ الْمَدْيُونِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ لَهُ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْقَبْضُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ فَتَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَا يَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَ الْقَبْضِ لِعَزْلِهِ بِالْمَوْتِ وَقَبْضُهُ لَدَى الْغَرِيمِ ثَابِتٌ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُودَعٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاغْتَنِمْهُ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ. اهـ.
فَالْحَاصِلُ كَمَا فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ الْمُسَمَّاةِ بِمِنَّةِ الْجَلِيلِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْوَكِيلِ أَنَّ سِرَايَةَ قَوْلِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِيَبْرَأَ غَرِيمُهُ خَاصٌّ بِمَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ حَالَ حَيَاةِ مُوَكِّلِهِ بِالْقَبْضِ وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا تَثْبُتُ بَرَاءَةُ الْغَرِيمِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا أَوْ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ عَلَى قَبْضِ الْوَكِيلِ وَأَمَّا فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي حَيَاةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَعْوَاهُ هَلَاكَ مَا قَبَضَ فِي يَدِهِ كَدَعْوَاهُ الْإِيصَالَ مَقْبُولَةٌ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَمَانَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَمِينُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ فَتَأَمَّلْ وَتَمَامُ التَّحْقِيقِ مَعَ كَمَالِ التَّدْقِيقِ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ.
وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ أَعْطِنِي مِنْ صُنْدُوقِي خَمْسِينَ دِينَارًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَ فِي الصُّنْدُوقِ نِصْفَهَا وَأَنَّهُ دَفَعَ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ مَالِهِ فَأَجَابَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي الصُّنْدُوقِ سِوَى ذَلِكَ وَأَنَّ بَقِيَّتَهُ مِنْ مَالِهِ.
(سُئِلَ) فِي التَّوْكِيلِ بِالْإِقْرَارِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ وَلَا يَكُونُ التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ إقْرَارًا مِنْ الْمُوَكِّلِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَكُونُ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَارِ صَحِيحًا وَلَا يَصِيرُ بِالتَّوْكِيلِ مُقِرًّا قَبْلَ الْإِقْرَارِ مِنْ الْوَكِيلِ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا نَصُّهُ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَارِ صَحِيحٌ وَلَا يَكُونُ التَّوْكِيلُ بِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ إقْرَارًا مِنْ الْمُوَكِّلِ وَعَنْ الطَّوَاوِيسِيِّ مَعْنَاهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِالْخُصُومَةِ وَيَقُولَ خَاصِمْ فَإِذَا رَأَيْت طَرَفَ مَذَمَّةٍ أَوْ عَارٍ عَلَيَّ فَأَقَرَّ بِالْمُدَّعَى يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَى الْبَائِعِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِنَظِيرِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَا رُجُوعَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا فَقَالَ اشْتَرَيْته وَنَقَدْته الثَّمَنَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ صَدَقْت وَلَكِنْ الْبَائِعُ غَائِبٌ فَرُبَّمَا يَحْضُرُ وَيُنْكِرُ قَبْضَهُ الثَّمَنَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ إلَى الْوَكِيلِ فَإِذَا أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ الْحُضُورِ وَحَلَفَ يَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ إلَى وَكِيلِهِ بِالْمُؤَدَّى. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَفِي الدُّرَرِ مِنْ الْوَكَالَةِ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى آمِرِهِ إذَا فَعَلَ مَا أَمَرَ بِهِ سَوَاءٌ دَفَعَهُ أَيْ الثَّمَنَ إلَى بَائِعِهِ أَوْ لَا. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرْسَلَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْجَازِ وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ عَمْرٌو مِنْ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ مِنْهُمْ وَغَابَ عَمْرٌو فَقَامَ زَيْدٌ يُطَالِبُ الْجَمَاعَةَ بِالثَّمَنِ زَاعِمًا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ بِشَرْطِ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ وَقَبْضُ عَمْرٍو صَحِيحٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بَاعَ وَغَابَ لَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ قَبْضُ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمِنَحِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى وَكَّلَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَالنَّهْيُ بَاطِلٌ. اهـ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَلِلْمُشْتَرِي الْإِبَاءُ عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ دَفَعَ لَهُ صَحَّ وَلَوْ مَعَ نَهْيِ الْوَكِيلِ اسْتِحْسَانًا وَلَا يُطَالَبُ الْوَكِيلُ ثَانِيًا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ. اهـ.
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ دَيْنٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِمَا عَلَى الْوَكِيلِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا خَانِيَّةٌ فِي فَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي دَيْنٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْبَيْعِ قَالُوا إنَّ الثَّمَنَ يَصِيرُ قِصَاصًا عَلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ يُمَاطِلُهُ وَلَا يَقْضِي دَيْنَهُ فَلَهُ فِي ذَلِكَ حِيلَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَوَكَّلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَنْ غَيْرِهِ فِي شِرَاءِ عَيْنٍ مِنْ مَدْيُونِهِ فَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِمَا كَانَ لِلْوَكِيلِ عَلَى مَدْيُونِهِ وَهُوَ الْبَائِعُ ثُمَّ الْوَكِيلُ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ مُوَكِّلِهِ كَمَا لَوْ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يُوَكِّلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ رَجُلًا لَيَشْتَرِي لَهُ شَيْئًا مِنْ مَدْيُونِهِ فَإِذَا اشْتَرَاهُ يَصِيرُ قِصَاصًا بِمَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ وَكَذَا فِي وَكَالَةِ الْقَاعِدِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَ زَيْدًا وَكَالَةً عَامَّةً مُفَوَّضَةً إلَى رَأْيِهِ فِي قَبْضِ مَا يَجِبُ لَهُ قَبْضُهُ وَصَرْفِهِ كَذَلِكَ فَتَعَاطَى ذَلِكَ مُدَّةً وَصَدَّقَهُ عَلَى الْقَبْضِ وَكَذَّبَهُ فِي بَعْضِ الْمُصْرَفِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا لَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ مُفَصَّلَةٌ فَارْجِعْ إلَيْهَا فَإِنَّهَا مُفِيدَةٌ جِدًّا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ جَارِيَتَهُ لِعَمْرٍو وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ عَلَيْهَا لِنَفَقَتِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا مِصْرِيَّةً وَيَرْجِعُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصَارَ يُنْفِقُ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ عَلَى الْجَارِيَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَزَيْدٌ غَائِبٌ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو وَالْمَأْذُونُ لَهُ الرُّجُوعَ فِي تَرِكَةِ الْآذِنِ بِنَظِيرِ مَا صَرَفَهُ بِإِذْنِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِذْنِ وَالصَّرْفِ وَقُدِّرَ الْمَبْلَغُ الْمَصْرُوفُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
سُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَمَّنْ وَكَّلَ رَجُلًا وَكَالَةً مُطْلَقَةً عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَلَيْهِ شَيْئًا فِي الْإِنْفَاقِ وَلَكِنْ أَطْلَقَ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُوَكِّلَ مَاتَ وَجَاءَ وَرَثَتُهُ فَطَالَبُوا الْوَكِيلَ بِبَيَانِ مَا أَنْفَقَ وَبِصَرْفِهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ فَقَالَ إنْ كَانَ ثِقَةً يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ وَإِنْ اتَّهَمُوهُ حَلَّفُوهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ جِهَةِ الْإِنْفَاقِ إلَّا إذَا ذَكَرَ خَرَاجًا وَلَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ ضَيْعَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَسُئِلَ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ فَقَالَ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ يُرِيدُ الرُّجُوعَ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الضَّمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ وَكَالَةٍ يَتِيمَةُ الدَّهْرِ فِي فَتَاوَى أَهْلِ الْعَصْرِ. (أَقُولُ) عُلِّلَ هَذَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ بِأَنَّهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَدَّعِي الدَّيْنَ وَالْمُوَكِّلُ يُنْكِرُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْوَكِيلُ يُنْكِرُ الضَّمَانَ وَيَدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ بِالْيَمِينِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَعَثَ الْمَدْيُونُ مَبْلَغَ الدَّيْنِ مَعَ رَسُولِهِ لِدَائِنِهِ فَهَلَكَ مَعَ الرَّسُولِ فَهَلْ يَهْلِكُ عَلَى الْمَدْيُونِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ بَعَثَ الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولٍ فَهَلَكَ فَإِنْ كَانَ رَسُولُ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَسُولُ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْوَكَالَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عُمْرًا فِي اسْتِئْجَارِ طَاحُونَةِ وَقْفٍ فَاسْتَأْجَرَهَا لَهُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَقَبَضَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَقَايَلَ مَعَ النَّاظِرِ عَقْدَ التَّوَاجِرِ فَهَلْ تَكُونُ مُقَايَلَتُهُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَيَبْقَى الْمَأْجُورُ بِيَدِ الْمُوَكِّلِ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ عَقْدِ التَّوَاجِرِ الْمَزْبُورِ؟
(الْجَوَابُ): الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي وَكَالَةِ الْعَتَّابِيَّةِ والتتارخانية وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ الْوَكَالَةِ عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَالْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَوَكَّلَهُ بِإِقْرَاضِهِ مِنْ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ وَبِبَيْعِ سِلْعَةِ زَيْدٍ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فَفَعَلَ عَمْرٌو ذَلِكَ وَالْآنَ يَدَّعِي عَمْرٌو أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ فَهَلْ يَكُونُ ثَمَنُهَا لِزَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَصَحَّ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ لَا بِالِاسْتِقْرَاضِ بَزَّازِيَّةٌ وَالتَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ جَائِزٌ.
(سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ الْمَبِيعَ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ قَبَضَ الْوَكِيلُ بَعْضَ الثَّمَنِ وَهَلَكَ بَاقِيهِ وَيُرِيدُ الْمُوَكِّلُ مُطَالَبَةَ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْوَكِيلُ غَيْرَ ضَامِنٍ وَلَا يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ فَنَهَاهُ الْآمِرُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَتَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَبَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا حَتَّى يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَبِيعُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّقَاضِي وَالِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِيمَا فَعَلَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْمُتَبَرِّعُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا يَتَبَرَّعُ بِهِ فَإِنْ تَقَاضَى وَقَبَضَ ثَمَنَهَا فَبِهَا وَإِلَّا يُقَالُ أَحَالَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ وَكَّلَهُ بِالتَّقَاضِي وَاعْلَمْ أَنَّ حَقَّ قَبْضِ الثَّمَنِ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَلَوْ قَبَضَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ صَحَّ قَبْضُهُ اسْتِحْسَانًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ أَمَّا فِي الصَّرْفِ لَا يَجُوزُ قَبْضُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الصَّرْفِ مُعَلَّقٌ بِالْقَبْضِ فَكَانَ الْقَبْضُ فِي الصَّرْفِ بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِأَجْرٍ نَحْوُ الدَّلَّالِ وَالسِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ يُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّنْوِيرِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَالْبَحْرِ مِنْ الْوَكَالَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرْسَلَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْمُقِيمِ بِدِمَشْقَ مِقْدَارًا مِنْ الْحَرِيرِ لِيَبِيعَهُ لَهُ وَيَشْتَرِيَ لَهُ بِالثَّمَنِ أَمْتِعَةً فَلَمْ يَبِعْهُ وَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَجَاءَ زَيْدٌ لِدِمَشْقَ وَطَالَبَ عَمْرًا بِثَمَنِ الْحَرِيرِ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ عَنْ الْبَيْعِ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَكَالَةِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ وَفِي بُيُوعِ الْعُدَّةِ رَجُلٌ غَابَ وَأَمَرَ تِلْمِيذَهُ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ وَيُسَلِّمَ ثَمَنَهَا إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ التِّلْمِيذُ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ حَتَّى هَلَكَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ مَا تَبَرَّعَ بِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الضَّمَانَاتِ قُبَيْلَ ضَمَانِ الْمُودِعِ.
وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ الْوَكِيلِ فِي بَيْعِ ثَمَرَةٍ أَوْ قَبْضِ دَيْنٍ إذَا تَهَاوَنَ حَتَّى عَدِمَ مَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ فَتَلِفَتْ الثَّمَرَةُ وَاسْتَخْبَأَ الْمَدْيُونُ فَأَجَابَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ.
(سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ فَهَلْ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ؟؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إذَا خَالَفَ يَقَعُ الْمِلْكُ لَهُ. اهـ.
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا خَالَفَ لَا يَقَعُ لَهُ بَلْ يَقَعُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ يَقَعُ لَهُ وَلَا تُعْمَلُ فِيهِ إجَازَةُ الْمُجِيزِ مِنْ أَوَائِلِ وَكَالَةِ الْقَاعِدِيَّةِ أَنْقِرْوِيٌّ وَفِيهِ أَيْضًا وَفِي التَّهْذِيبِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ خِلَافًا فِي الْبَيْعِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْآمِرِ وَمَا كَانَ خِلَافًا فِي الشِّرَاءِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا أَوْ مُرْتَدًّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ مِنْ أَوَاخِرِ وَكَالَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفِي هَامِشِهِ وَفِي الْعَاشِرِ مِنْ وَكَالَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ التَّجْرِيدِ وَمَا كَانَ خِلَافًا فِي الشِّرَاءِ لَزِمَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ مَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا عَلَى الْوَكِيلِ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَهَلْ تَكُونُ الْوَكَالَةُ الْمَزْبُورَةُ لَازِمَةً وَلَا يَنْعَزِلُ بِالْعَزْلِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تَكُونُ الْوَكَالَةُ لَازِمَةً وَلَا تَبْطُلُ بِالْعَزْلِ حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ عَزْلِ الْوَكِيلِ.
(سُئِلَ) فِي التَّوْكِيلِ بِالِاسْتِقْرَاضِ هَلْ يَكُونُ بَاطِلًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ لَا الْإِرْسَالُ لِلِاسْتِقْرَاضِ كَمَا فِي الدُّرَرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا بِأَنْ يُقْرِضَ مَالَ زَيْدٍ مِنْ آخَرَ فَأَقْرَضَهُ عَمْرٌو مِنْهُ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَقْرِضَ فَرَّ وَلَمْ يُوجَدْ وَيَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّ مَبْلَغَ الْقَرْضِ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ فَهَلْ يَكُونُ التَّوْكِيلُ صَحِيحًا وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ صَحِيحٌ فَحَيْثُ وَكَّلَهُ بِإِقْرَاضِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَهَلَكَ الْمَالُ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الْمَزْبُورَ قَالَ فِي الدُّرَرِ قُبَيْلَ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ. اهـ.
وَتَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا شَرَى الْمَبِيعَ لِنَفْسِهِ فَهَلْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ فَيَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي فَصْلِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءُ لَا يُعْقَدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَوَافَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عَلَى أَنْ يَشْتَرِكَا وَيَشْتَرِيَا أَمْتِعَةً يُسَافِرَانِ بِهَا إلَى الْحِجَازِ مَعَ الْحَاجِّ فِي زَمَنٍ قَرُبَ فِيهِ خُرُوجُهُمْ مِنْ الْبَلْدَةِ إلَى الْحِجَازِ وَاحْتَاجَ زَيْدٌ إلَى مَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَجْلِ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ مَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ قَدْرٌ مِنْ الْبُنِّ فَدَفَعَهُ لِعَمْرٍو لِيَبِيعَهُ بِثَمَنٍ يَأْخُذُهُ وَيَعْقِدُ بِهِ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا وَيَشْتَرِيَا بِهِ وَبِمَالِ عَمْرٍو أَمْتِعَةً لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَيُسَافِرَا بِهَا مَعَ الْحَاجِّ وَقَدْ وَجَدَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى بَيْعِ الْبُنِّ بِالنَّقْدِ لَا بِالنَّسِيئَةِ وَالدَّلَالَةُ قَائِمَةٌ عَلَى ذَلِكَ لِضِيقِ الزَّمَنِ عَنْ التَّأْجِيلِ بِسَبَبِ الْحَاجَةِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَطَلَبَ وَرَثَةُ زَيْدٍ ثَمَنَ الْبُنِّ مِنْ عَمْرٍو فَامْتَنَعَ قَائِلًا إنَّهُ بَاعَهُ إلَى أَجَلٍ يَحِلُّ بَعْدَ خُرُوجِ الْحَاجِّ مِنْ الْبَلْدَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فَإِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ بِالنَّسِيئَةِ إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفٍ فِيمَا بَيْنَ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي أَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ نَسِيئَةٍ إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ لِلتِّجَارَةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لِلْحَاجَةِ كَالْمَرْأَةِ تُعْطِي غَزْلَهَا لِلْبَيْعِ لَمْ يَمْلِكْ الْبَيْعَ نَسِيئَةً وَبِهِ يُفْتَى فَإِنَّ تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ بِدَلَالَةِ الْحَاجَةِ شَائِعٌ فَائِضٌ. اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي التَّتِمَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا بِشِرَاءِ جُوخٍ مَعْلُومِ النَّوْعِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَى لَهُ عَمْرٌو ذَلِكَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ ثُمَّ دَفَعَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ الْمَزْبُورَ مِنْ مَالِهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ أَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ صَحَّ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَبْقَ الْجَهَالَةُ بَعْدَ إعْلَامِ الْجِنْسِ إلَّا فِي الصِّفَةِ وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْوَكَالَةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ سَمَّى ثَمَنًا أَوْ لَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ؛ لِأَنَّهُ بِبَيَانِ جِنْسِ الْمُثَمَّنِ يَصِيرُ مَعْلُومًا عَادَةً عَيْنِيٌّ عَلَى الْكَنْزِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ هَلْ يَمْلِكُ إيدَاعَ الْمَبِيعِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ أَوْ لَا وَإِذَا مَلَكَ الْإِيدَاعَ الْمَزْبُورَ وَهَلَكَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ هَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا؟. (أَقُولُ) لَمْ أَرَ جَوَابًا لَلْمُؤَلِّفِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ أَرْسَلَ مَعَ آخَرَ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا أَمْتِعَةً فَاشْتَرَاهَا وَأَرْسَلَهَا لَهُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي إرْسَالِهَا مَعَ غَيْرِهِ هَلْ يَضْمَنُ أَجَابَ الْوَكِيلُ مُتَعَدٍّ بِدَفْعِ الْعَيْنِ إلَى أَجْنَبِيٍّ فَيَضْمَنُ الْقِيَمِيَّ بِقِيمَتِهِ وَالْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ إذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ إلَى أَنْ قَالَ الْوَكِيلُ لَا يُودِعُ. اهـ.
(أَقُولُ أَيْضًا) وَفِي وَكَالَةِ الْبَحْرِ وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى دَلَّالٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ فَغَابَ أَوْ ضَاعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ لَكِنْ الْمُخْتَارُ الضَّمَانُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِكَوْنِهِ دَفَعَ مِلْكَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ أَصِيلًا فِي الْحُقُوقِ إلَخْ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الضَّمَانِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِذَلِكَ فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِدَفْعِهِ إلَى دَلَّالٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ يَكُونُ مَأْذُونًا بِذَلِكَ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ.
سُئِلَ فِيمَا إذَا جَرَتْ عَادَةُ التُّجَّارِ أَنْ يَبْعَثَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ بِضَاعَةً يَبِيعُهَا وَيَبْعَثُ بِثَمَنِهَا مَعَ مَنْ يَخْتَارُهُ وَيَعْتَقِدُ أَمَانَتَهُ مِنْ الْمُكَارِيَةِ بِحَيْثُ اُشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ اشْتِهَارًا شَائِعًا فِيهِمْ وَبَاعَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ الْبِضَاعَةَ وَأَرْسَلَ ثَمَنَهَا مَعَ مَنْ اخْتَارَهُ مِنْهُمْ عَلَى دَفَعَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ بَعْضَ الدَّفَعَاتِ هَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ بَاعِثِ الثَّمَنِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَفَاصِيلَ ذَلِكَ لِطُولِ الْمُدَّةِ أَمْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ أَجَابَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إذْ لَهُ بَعْثُهُ مَعَ مَنْ يَخْتَارُهُ وَيَرَاهُ أَمِينًا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لَمْ تَبْطُلْ أَمَانَتُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِالْإِرْسَالِ مَعَ مَنْ ذَكَرَ وَقَدْ ذَكَرَ الزَّاهِدِيُّ رَامِزًا ب خ لِبَكْرٍ خواهر زاده جَرَتْ عَادَةُ حَاكَةِ الرُّسْتَاقِ أَنَّهُمْ يَبْعَثُونَ الْكَرَابِيسَ إلَى مَنْ يَبِيعُهَا لَهُمْ فِي الْبَلَدِ وَيَبْعَثُ بِأَثْمَانِهَا إلَيْهِمْ بِيَدِ مَنْ شَاءَ وَيَرَاهُ أَمِينًا فَإِذَا بَعَثَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْكَرَابِيسِ بِيَدِ شَخْصٍ ظَنَّهُ أَمِينًا وَأَبَقَ ذَلِكَ الرَّسُولُ لَا يَضْمَنُ الْبَاعِثُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعَادَةُ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ قَالَ أُسْتَاذُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ أَجَبْت أَنَا وَغَيْرِي. اهـ.
وَقَدْ عُضِّدَ بِقَوْلِهِمْ الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا وَالْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ وَالْعُرْفُ قَاضٍ إلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ. اهـ.
مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَلَكِنْ اُنْظُرْ مَا يَأْتِي فِي الْفُرُوعِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ.
(سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا دَيْنَ مُوَكِّلِهِ هَلْ لَا يُحْبَسُ بِدَيْنِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يُحْبَسُ وَفِي وَكَالَةِ الْأَشْبَاهِ وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَته عَامَّةً إلَّا إنْ ضَمِنَ.
وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ هَلْ يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنٍ وَجَبَ عَلَى مُوَكِّلِهِ إذَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ وَكِيلِهِ وَامْتَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْ إعْطَائِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَأَجَابَ إنَّمَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ عَلَى دَفْعِ مَا ثَبَتَ عَلَى مُوَكِّلِهِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَمَرَ الْوَكِيلَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ أَوْ كَانَ كَفِيلًا بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحْبَسُ فِيهِ زَادَ الشَّيْخُ فِي هَذَا الْجَوَابِ فِي مَكَان آخَرَ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ. اهـ.
وَأَيَّدَ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ مَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِنَقْلٍ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَنَقَلَهُ فِي نَهْجِ النُّحَاةِ أَيْضًا فَقَدْ تَحَرَّرَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ وَكِيلِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِدَفْعِهِ لَا يُحْبَسُ وَإِذَا أَمَرَهُ بِدَفْعِهِ وَامْتَنَعَ مِنْهُ يُحْبَسُ.
(أَقُولُ) وَهَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ وَوَفَّقَ بِهِ بَيْنَ عِبَارَاتِهِمْ كَمَا أَوْضَحْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ الْمَدْيُونُ لِوَكِيلِهِ بِأَنْ يُعْطِيَ رَبَّ الدَّيْنِ وَغَابَ فَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا مَالَ عِنْدَهُ لِمُوَكِّلِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ يَمِينٌ فَأَجَابَ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ دَفْعُ مَا فِي يَدِهِ إلَى مَنْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَإِنْ أَنْكَرَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَجِبُ لِلْخَصْمِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَيْنِ لَيْسَ بِخَصْمٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ مَبْلَغُ دَيْنٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَادَّعَى بَكْرٌ أَنَّهُ وَكِيلُ زَيْدٍ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ عَمْرٍو فَصَدَّقَهُ عَمْرٌو عَلَى ذَلِكَ وَدَفَعَ لَهُ الدَّيْنَ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ يُرِيدُ عَمْرٌو اسْتِرْدَادَ الْمَبْلَغِ مِنْ بَكْرٍ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَالدَّفْعُ صَحِيحٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَصَدَّقَهُ وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْهِ الدَّيْنَ ثَانِيًا وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ لَوْ بَاقِيًا وَإِنْ ضَاعَ لَا إلَّا إذَا ضَمِنَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى ادِّعَائِهِ كَنْزُ الدَّقَائِقِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَزَادَ فِيهِ وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا الْغَرِيمُ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْمُتُونِ.
وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ أَنَّهُ قَبَّضَ الْمُوَكِّلَ دَيْنَهُ.
فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْوَكِيلَ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَبَضَ الدَّيْنَ وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ إذَا أَنْكَرَ الْمَدْيُونُ الْوَكَالَةَ وَطَلَبَ الْوَكِيلُ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَإِنْ نَكَلَ الْمَدْيُونُ أُلْزِمَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَدَّعِي الْوَكَالَةَ عَنْ امْرَأَةٍ خَرْسَاءَ طَرْشَاءَ فَهَلْ تَصِحُّ وَكَالَتُهَا مَعَ كَوْنِهَا مَوْصُوفَةً بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ إشَارَتُهَا مَعْلُومَةٌ مَفْهُومَةٌ فَتَوْكِيلُهَا صَحِيحٌ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ أَوَائِلِ الْوَكَالَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَعَثَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْمُقِيمِ بِبَلْدَةِ كَذَا دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا بِضَاعَةً مَعْلُومَةَ الْجِنْسِ لَا بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَكُنْ سِعْرُهَا مَعْلُومًا فَاشْتَرَاهَا عَمْرٌو لَهُ بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَهَلْ لَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ الْمَزْبُورُ عَلَى زَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُ مَا يَشْتَرِيهِ فَاشْتَرَاهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ الْمَزْبُورُ عَلَى زَيْدٍ وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي لَوْ اشْتَرَى بِغَبْنٍ يَسِيرٍ نَفَذَ وَبِالْفَاحِشِ لَا وَيَنْفُذُ عَلَى نَفْسِهِ قُلْت وَهَذَا إذَا لَمْ يُعَيَّنْ مَا يَشْتَرِيهِ فَإِنْ عُيِّنَ نَفَذَ عَلَى الْآمِرِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْعِنَايَةِ هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ سُمِّيَ لَهُ الثَّمَنُ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ لَا يَنْفُذُ إلَّا الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْآمِرَ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ نَهْجُ النَّجَاةُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَتَقَيَّدَ شِرَاؤُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَغَبْنٍ يَسِيرٍ وَهُوَ مَا يَقُومُ بِهِ مُقَوِّمٌ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ سِعْرُهُ مَعْرُوفًا فَإِنْ كَانَ سِعْرُهُ مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ كَخُبْزٍ وَلَحْمٍ وَمَوْزٍ وَجُبْنٍ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ وَلَوْ فَلْسًا وَاحِدًا بِهِ يُفْتِي بَحْرٌ وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرْسَلَ زَيْدٌ الْمُقِيمُ بِبَلْدَةِ كَذَا مَعَ عَمْرٍو الْمُكَارِي صُرَّةً مَخْتُومَةً فِيهَا دَرَاهِمُ لِيُوَصِّلَهَا لِبَكْرٍ فَوَجَدَهَا بَكْرٌ نَاقِصَةً عَمَّا قَالَ زَيْدٌ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ بَكْرٍ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ بِيَمِينِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ بِنُقُولِهِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تُبَاشِرُ بِنَفْسِهَا قَبْضَ أُجُورِ وَقْفِهَا وَمِلْكِهَا وَتَشْتَرِي أَمْتِعَةً مِنْ رِجَالٍ أَجَانِبَ وَتُرِيدُ أَنْ تُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا فِي دَعْوَى عَلَى رَجُلٍ زَاعِمَةً أَنَّهَا مِنْ الْمُخَدَّرَاتِ وَالرَّجُلُ لَا يَرْضَى بِتَوْكِيلِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي الصَّحِيحِ الْجَسَدِ الْمُقِيمِ فِي الْبَلَدِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا عَنْهُ لِيَدَّعِيَ بِحَقٍّ عَلَى الْآخَرِ هَلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَأْبَى حَتَّى يَحْضُرَ الْخَصْمُ فَيَدَّعِي بِنَفْسِهِ؟
(الْجَوَابُ): قَدْ أَجَابَ عَنْ مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ الْعَلَامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِمَا صُورَتُهُ صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً مُتُونًا وَشُرُوحًا بِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ لَا تَكُونُ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَرِيضًا أَوْ غَائِبًا مُدَّةَ السَّفَرِ أَوْ مُرِيدًا لِلسَّفَرِ أَوْ مُخَدَّرَةً وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَوَابَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْخَصْمِ وَلِهَذَا يَسْتَحْضِرُهُ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْخُصُومَةِ فَلَوْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ يَتَضَرَّرُ بِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَارَهُ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَأَبُو الْفَضْلِ الْمَوْصِلِيُّ وَرَجَّحَ دَلِيلَهُ فِي كُلِّ مُصَنَّفٍ وَغَالِبُ الْمُتُونِ عَلَيْهِ فَلَزِمَ الْعَمَلُ بِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الْفَاسِدِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَصَحَّ أَيْ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ بِرِضَا الْخَصْمِ لِلُزُومِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَرِيضًا لَا يُمْكِنُهُ حُضُورُ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ غَائِبًا مَسَافَةَ سَفَرٍ أَوْ مُرِيدًا لِلسَّفَرِ أَوْ مُخَدَّرَةً غَيْرَ مُعْتَادَةٍ لِلْخُرُوجِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَكَّلَتْ آخَرَ لِيُزَوِّجَهَا مِنْ زَيْدٍ الْكُفْءِ لَهَا وَفِي قَبْضِ مَهْرِهَا فَزَوَّجَهَا وَقَبَضَ مَهْرَهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَوَرَثَةٍ يَدَّعُونَ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ الْمَهْرِ وَالْوَكِيلُ يَدَّعِي الْقَبْضَ وَالدَّفْعَ فِي حَيَاتِهَا فَصَدَّقَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْقَبْضِ وَأَنْكَرُوا الدَّفْعَ لَهَا فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَجَابَ الْعَلَامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ فِيهِ قَبَضَ وَدِيعَةً وَنَحْوَهَا مِنْ الْأَمَانَاتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي الْقَبْضِ وَالدَّفْعِ لَهَا وَإِنْ كَانَ قَبْضَ دَيْنٍ وَأَقَرَّتْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِالْقَبْضِ وَأَنْكَرَتْ الدَّفْعَ فَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْقَبْضَ وَالدَّفْعَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً رَجَعَتْ الْوَرَثَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْهُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَدْيُونُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مَقْبُولَةٌ لَا فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي أَهَالِي قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ أَقَامُوا زَيْدًا وَكِيلًا عَنْهُمْ لِيَتَعَاطَى أُمُورَهُمْ وَيُبَاشِرَ أَعْمَالَهُمْ وَمَصَالِحَهُمْ فِي الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ وَجَعَلُوا لَهُ عَلَى ذَلِكَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَدْرًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَتَعَاطَى زَيْدٌ ذَلِكَ وَيُرِيدُ مُطَالَبَتَهُمْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي تَقَاضِي دَيْنِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ فُلَانٍ وَقَبَضَهُ وَشَرَطَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا مَعْلُومًا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَقَاضَاهُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِالشَّرْطِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ وَوَقَّتَ لَهُ وَقْتًا وَبَاشَرَ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ مَا ذَكَرَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعِ التَّوْكِيلِ بِالْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالْقَبْضِ وَالتَّقَاضِي وَإِنْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ وَجَعَلَ لَهُ الْأَجْرَ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا وَقَّتَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي إنْ وَقَّتَ جَازَ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ نَاظِرُ وَقْفٍ زَيْدًا بِتَعَاطِي أُمُورِ الْوَقْفِ وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ أُجْرَةً عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاطَى زَيْدٌ ذَلِكَ مُدَّةً وَطَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ أُجْرَةً عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ وَكِيلًا وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ أُجْرَةً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيُّ وَالنَّاظِرُ فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَا إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِالْعَمَلِ فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَسْتَغِلُّهَا فَلَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ فِي الْمُسْقَفِ إذَا أُحِيلَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحَقُّونَ وَلَا أَجْرَ لِلْوَكِيلِ إلَّا بِالشَّرْطِ أَشْبَاهٌ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ.
(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ أَسْتَأْجَرَهُمْ زَيْدٌ لِحَصْدِ زَرْعِهِ الْمَعْلُومِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَشَرَعُوا فِي الْحَصَادِ وَعَجَزُوا عَنْ إتْمَامِهِ فَوَكَّلُوا زَيْدًا بِأَنْ يَأْتِيَ لَهُمْ بِمُسَاعِدٍ بِأُجْرَةٍ فَأَتَى لَهُمْ بِجَمَاعَةٍ بِالْأُجْرَةِ وَسَاعَدُوهُمْ حَتَّى أَتَمُّوا الْحَصَادَ فَهَلْ تَكُونُ أُجْرَتُهُمْ عَلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْأُوَلِ؟
(الْجَوَابُ): يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِالْأُجْرَةِ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ كَذَا فِي وَكَالَةِ الْبَحْرِ فَلَهُمْ طَلَبُ أُجْرَتِهِمْ مِنْ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي عَمَلٍ مَعْلُومٍ هُوَ بَيْعُ أَمْتِعَةٍ مَعْلُومَةٍ لِزَيْدٍ وَجَعَلَ لَهُ أَجْرًا عَلَى ذَلِكَ وَبَاعَهَا بِثَمَنٍ حَالٍّ فَهَلْ يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ وَكِيلًا بِأَجْرٍ يُجْبَرُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَكَالَةِ وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ.
أَمَّا إذَا كَانَ بِأَجْرٍ كَالدَّلَّالِ وَالسِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ يُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَفِي الصُّغْرَى؛ لِأَنَّ مَنْ سِوَاهُمْ مُتَبَرِّعٌ فَإِنْ فَعَلَ فَبِهَا وَإِنْ امْتَنَعَ لَا وَتَمَامُ بَسْطِهِ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلسَّيِّدِ الْحَمَوِيِّ فَرَاجِعْهَا.
(سُئِلَ) فِي صَكٍّ كُتِبَ فِيهِ أَقَرَّ زَيْدٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهَالِي قَرْيَةِ كَذَا فَزَيْدٌ بِالْأَصَالَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَبِالْوَكَالَةِ عَنْ جَمَاعَةِ آخَرِينَ مِنْ أَهَالِي الْقَرْيَةِ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانِ وَالْجَمَاعَةُ الْأَوَّلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُوَكِّلِينَ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا قَدْرُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَذَا مُؤَجَّلًا إلَى كَذَا وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ لَمْ يَثْبُتْ التَّوْكِيلُ الْمَذْكُورُ لَدَيْهِ فِي وَجْهِ خَصْمٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَطَلَبَ عَمْرٌو الْمَبْلَغَ مِنْ الْأُصَلَاءِ وَالْمُوَكِّلِينَ وَهُمْ يَجْحَدُونَ التَّوْكِيلَ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ أَنْكَرُوا التَّوْكِيلَ الْمَذْكُورَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَزْبُورِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَضْمُونِ الصَّكِّ الْمَرْقُومِ فِي ثُبُوتِ التَّوْكِيلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَرَأَيْت مَكْتُوبًا بِخَطِّ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ فِي نُسْخَتِهِ الْعِمَادِيَّةِ مَا جَوَابُ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فِي حُجَّةٍ كُتِبَ فِيهَا أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْوَكِيلُ عَنْ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ فِي الْقَبْضِ وَالْإِبْرَاءِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا فِيهِ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ مَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُوَكَّلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ عَنْ رِيعِ حِصَّتِهِمَا مِنْ كَذَا وَقْفِ جَدِّهِمَا فُلَانٍ عَنْ مُدَّةِ كَذَا مَبْلَغَ كَذَا ثُمَّ أَبْرَأَ الْقَابِضُ الْمَذْكُورُ ذِمَّةَ الدَّافِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ.
فَإِذَا طَعَنَ الْخَصْمُ فِي مَضْمُونِ هَذِهِ الْحُجَّةِ وَشَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ مَضْمُونَ هَذِهِ الْحُجَّةِ ثَبَتَ لَدَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَسَأَلَهُمَا الْقَاضِي عَنْ مَضْمُونِ الْحُجَّةِ فَلَمْ يَعْرِفَاهُ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَعْمَلُ بِالْحُجَّةِ وَيُمْضِيهَا مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ مَا كُتِبَ فِيهَا أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا عِبْرَةَ بِالْحُجَّةِ وَلَا بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ بِمَضْمُونِهَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ عَنْ مَعْرِفَةٍ بِتَفَاصِيلِ مَا فِيهَا حَتَّى يُقِيمَ الْوَكِيلُ عَلَى وَجْهِ الْمُوَكِّلَتَيْنِ بَيِّنَةً عَادِلَةً بِأَنَّهُمَا قَدْ وَكَلَّتَاهُ بِقَبْضِ مَالِهِمَا فِي ذِمَّةِ الدَّافِعِ وَبِالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ أَيْضًا فَإِنَّ شَاهِدَيْ الْوَكَالَةِ لَا عِبْرَةَ بِشَهَادَتِهِمَا أَصْلًا فَإِنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِالتَّوْكِيلِ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَبُو السُّعُودِ وَفِي فَتَاوَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْمَذْكُورِ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ نَعَمْ يُكَلَّفُ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ تَوْكِيلِهَا وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ شُهُودُ مَضْمُونِ صَكِّ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَوَابُ كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمَالِكِيُّ وَلَا عِبْرَةَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ.
قَالَ فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِلَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ. اهـ. وَمِنْ خَطِّهِ الْمَعْهُودِ نَقَلْت.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ دَيْنٌ مَعْلُومٌ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَمَاتَ عَمْرٌو عَنْ تَرِكَةٍ وَوَرَثَةٍ فَوَكَّلَ زَيْدٌ بَكْرًا بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ وَلَهُ قَبْضُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ إلَخْ عَيْنِيٌّ عَلَى الْكَنْزِ وَفِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ بِوَكِيلٍ بِالْخُصُومَةِ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ فِي أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ وَالِاخْتِيَارَاتِ وَالنَّسَفِيُّ وَالْمَوْصِلِيُّ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَقَيَّدَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَسُولِ التَّقَاضِي هَلْ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ رَسُولُ التَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ لَا الْخُصُومَةَ إجْمَاعًا بَحْرٌ. اهـ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي بَيْعِ تِبْنٍ مَعْلُومٍ لَهُ وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ بُنًّا مَعْلُومًا وَقَالَ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرِهِ وَاشْتَرَى بِهِ غَيْرَ الْبُنِّ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ جَائِزٍ؟
(الْجَوَابُ): مِنْ التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ وَالْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِشَارَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ رَطْبَةٌ وَبُقُولٌ مَزْرُوعَةٌ فَبَاعَهَا مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهَا إلَى الْإِدْرَاكِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ بَاعَ زَرْعًا وَهُوَ بَقْلٌ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ أَوْ يُرْسِلَ دَابَّتَهُ فِيهِ جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يُدْرَكَ لَا يَجُوزُ وَكَذَا الرَّطْبَةُ وَالْبُقُولُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ بَيْعِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ بَاعَتْ لِابْنِهَا الْبَالِغِ أَرْضًا حَامِلَةً لِغِرَاسٍ وَسَكَتَتْ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا وَقَالَ بِعْتُك بِغَيْرِ ثَمَنٍ أَوْ قَالَ بِعْتُك عَلَى أَنْ لَا ثَمَنَ لَهُ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلَوْ بَاعَ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ كَانَ فَاسِدًا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِقْدَارٌ مِنْ الْوَرْدِ الْيَابِسِ مَوْضُوعٌ عِنْدَ عَمْرٍو فِي مَخْزَنِهِ عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو عَلَى أَنَّهُ كَذَا قِنْطَارًا فَوَزَنَهُ عَمْرٌو فَوَجَدَهُ نَاقِصًا عَمَّا قَالَ لَهُ زَيْدٌ وَالْحَالُ أَنَّ عَمْرًا لَمْ يُقِرَّ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ قَبَضَ وَاسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ عَمْرٍو بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ قَالَ لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ بِالْقَدْرِ الْمَقْبُوضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ انْتَقَصَ مِنْ الْهَوَاءِ وَلَمْ يَكُنْ النُّقْصَانُ مِمَّا يَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ مِنْ الْبُيُوعِ.
(سُئِلَ) فِيمَا لَوْ بَاعَ دَارِهِ الْمِلْكَ وَوَقْفًا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): هَذِهِ مَسْأَلَةُ بَيْعِ مِلْكٍ ضُمَّ إلَى وَقْفٍ وَهُوَ صَحِيحٌ بِحِصَّةِ الْمِلْكِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فَقَدْ رَدَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بِزْرَ قُطْنٍ مَعْلُومًا عَلَى سِعْرِهِ الْوَاقِعِ فِي آخِرِ السَّنَةِ وَقَبَضَهُ وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا وَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدَّ مِثْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ وَكَوْنُ جَهَالَةِ الثَّمَنِ تُفْسِدُ الْبَيْعَ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَكَوْنُ حَبِّ الْقُطْنِ مِثْلِيًّا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَسَيَأْتِي نَقْلُ ذَلِكَ فِي الْغَصْبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَإِخْوَتِهِ نِصْفُ مَعْصَرَةٍ وَبَاقِيهَا لِرَجُلٍ فَاسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ الرَّجُلِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَقَالَ لَهُ إنْ لَمْ أَدْفَعْ لَك دَيْنَك عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَكُنْ سُدُسُ الْمَعْصَرَةِ مِلْكًا لَك فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِك ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ نَظِيرَ الدَّيْنِ وَيَزْعُمُ الرَّجُلُ أَنَّ الْحِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْكَلَامِ فَهَلْ لَا تَدْخُلُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ وَلَهُ أَخْذُ مَبْلَغِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اشْتَرَتْ لِنَفْسِهَا مِنْ زَيْدٍ مَقْسَمًا مَعْلُومًا مِنْ دَارٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ بِنْتٍ وَابْنٍ يَزْعُمُ الِابْنُ أَنَّ الْمَقْسَمَ الْمَذْكُورَ لَهُ لِكَوْنِ بَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ أَخَذَتْهُ أُمُّهُ مِنْهُ فَهَلْ يَكُونُ الشِّرَاءُ لَهَا مِيرَاثًا عَنْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ طَرِيقُ مَاءٍ مَعْلُومٌ مَعَ حَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي إلَى دُورِهِمْ فَبَاعُوا مِنْهُ حِصَّةً مَعْلُومَةً بِحَقِّهَا مِنْ الْمَاءِ الْمَعْلُومِ مِنْ رَجُلَيْنِ بَيْعًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَيَصِحُّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ وَالشُّرْبِ تَبَعًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَحَمَلَتْ مِنْهُ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ وَتُرِيدُ بَيْعَهَا لِمَنْ شَاءَتْ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ وَلَا تُكَلَّفُ عَلَى بَيْعِهَا مِنْهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ امْرَأَتِهِ وَقَالَ ظَنَنْت حِلَّهَا لِي فَلَا حَدَّ وَلَا نَسَبَ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيهِمَا وَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ تَنْوِيرٌ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّتَانِ فِي دَارٍ فَبَاعَ الْحِصَّتَيْنِ مِنْ عَمْرٍو وَلَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي مِقْدَارَهُمَا وَقْتَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ جَهِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَالْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ جَهْلَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَصَلًا مُدْرِكًا نَابِتًا فِي أَرْضِهِ مَعْلُومًا وُجُودُهُ فِيهَا شِرَاءً صَحِيحًا وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ وَقَلَعَهُ وَبَاعَهُ بَعْدَمَا دَفَعَ بَعْضَ ثَمَنِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَفْعُ بَاقِيهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ إذَا نَبَتَ وَعُلِمَ وُجُودُهُ صَحِيحٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ شَعِيرًا مِنْ آخَرَ بِشَعِيرٍ مُتَفَاضِلًا نَسِيئَةً فِي الذِّمَّةِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْآنَ قَامَ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُكَلِّفُهُ أَخْذَ الْمَبِيعِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ وَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ فِي صِحَّتِهِ مِنْ ابْنَيْهِ الْبَالِغَيْنِ عَقَارَاتٍ فِي بَعْضِهَا أَمْتِعَةٌ لَهُ وَأَغْنَامٌ وَخَيْلٌ وَبَقَرٌ وَحِصَصٌ مَعْلُومَةٌ فِي خَيْلٍ أُخَرَ مَعْلُومٌ ذَلِكَ كُلُّهُ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُمَا مِنْهُ وَمِنْ الدَّعْوَى بِهِ وَمِنْ الدَّعْوَى بِالْغَبْنِ إبْرَاءً شَرْعِيًّا مَقْبُولًا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَالْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ نَافِذٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ نُقُودٍ وَبَضَائِعَ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ فَأَجَابَ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الْبَائِعِ بِمِقْدَارِهِ. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُك جَمِيعَ مَالِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ مِنْ الدَّقِيقِ أَوْ الْبُرِّ أَوْ الثِّيَابِ فَهُنَا خَمْسُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا هَذِهِ الثَّانِيَةُ الدَّارُ الثَّالِثَةُ الْبَيْتُ الرَّابِعَةُ الصُّنْدُوقُ الْخَامِسَةُ الْجَوَالِقُ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِمَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَوْ لَا يَعْلَمُ إنْ عَلِمَ جَازَ وَإِلَّا فَفِي الْقَرْيَةِ وَالدَّارِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْبَوَاقِي جَائِزٌ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اشْتَرَتْ مِنْ آخَرَ حِصَّةً شَائِعَةً مِنْ غِرَاسٍ مُسْتَحِقٍّ لِلْبَقَاءِ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ بِدُونِ إذْنِ الشُّرَكَاءِ وَلَا تَصْدِيقٍ مِنْهُمْ وَتَصَرَّفَتْ بِثَمَرَةِ الْحِصَّةِ مُدَّةً ثُمَّ حَكَمَ حَاكِمٌ بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ إجَازَةِ الشُّرَكَاءِ وَتَصْدِيقِهِمْ بَعْدَمَا اسْتَهْلَكَتْ ذَلِكَ فَهَلْ تَضْمَنُ مَا اسْتَهْلَكَتْهُ مِنْ الثَّمَرَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ تُضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ لَا بِالْهَلَاكِ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِي دَرَجِ الدَّارِ الْمُتَّصِلِ بِهَا اتِّصَالَ قَرَارٍ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ وَالسُّلَّمُ الْمُتَّصِلُ وَالسَّرِيرُ وَالدَّرَجُ فِي بَيْعِهَا. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ نِصْفُ أَغْنَامٍ مَعْلُومَةٍ مَوْضُوعَةٍ فِي نَاحِيَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ نَوَاحِي دِمَشْقَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَبَاعَ النِّصْفَ الْمَزْبُورَ مِنْ عَمْرٍو وَهُمَا بِدِمَشْقَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ وَنَتَجَتْ نِتَاجًا وَنُقِلَتْ إلَى نَوَاحِي حِمْصَ وَحَمَاةَ وَالْآنَ طَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَهُ فِي الْمَكَانِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ نِصْفُ النِّتَاجِ تَابِعًا لِلْمَبِيعِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا اقْتَضَاهُ مَا فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ الْأَصْلُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِيَ تَسْلِيم الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا يَقْتَضِي تَسْلِيمَهُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً وَهُوَ فِي الْمِصْرِ وَالْحِنْطَةُ فِي السَّوَادِ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا بِالسَّوَادِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا حَيْثُ عُقِدَ الْعَقْدُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ.
وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِبَلَدٍ وَهُمَا بِبَلَدٍ أُخْرَى وَبَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةُ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا بَلْ خَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعِ التَّخْلِيَةَ الشَّرْعِيَّةَ لِيَتَسَلَّمَهُ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَتَكُونُ التَّخْلِيَةُ كَالتَّسْلِيمِ أَجَابَ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِحَضْرَتِهِمَا وَقَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتهَا لَك وَقَالَ الْمُشْتَرِي تَسَلَّمْت لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا مَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ قَرِيبَةً مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الدُّخُولِ فِيهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَصَايَا الْوَصِيُّ مِثْلُ الْقَيِّمِ لِقَوْلِهِمْ الْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ أَخَوَانِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَ آخَرَ فِي بَيْعِ غَنَمِهِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَبَاعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَبَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا حَتَّى يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَبِيعَ خَانِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ قَرَوِيَّةٍ وَكَّلَتْ زَوْجَهَا زَيْدًا فِي شِرَاءِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ أُخْتِهَا هِنْدٍ وَكَالَةً مَقْبُولَةً مِنْهُ فَاشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فَهَلْ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلَةِ؟
(الْجَوَابُ): الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ حَالَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ وَلَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْوَكَالَةِ وَهُوَ يَمْلِكُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ عِنْدَ حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ لَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ شَرِكَةِ الْعَنَانِ فَيَقَعُ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمَرْأَةِ الْمَزْبُورَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرْسَلَ زَيْدٌ خَادِمَهُ لِعَمْرٍو التَّاجِرِ لِيَدْفَعَ لَهُ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً عَلَى طَرِيقِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فَقَامَ عَمْرٌو يُطَالِبُ الْخَادِمَ بِثَمَنِهَا وَالْخَادِمُ يَقُولُ كُنْت رَسُولَ زَيْدٍ وَلَا ثَمَنَ لَك عَلَيَّ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ رَسُولٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. (أَقُولُ) إثْبَاتُ كَوْنِهِ رَسُولًا غَيْرُ لَازِمٍ بَلْ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ كُنْت رَسُولًا يَكْفِي وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِ الْخَادِمَ مِنْ التَّاجِرِ بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ بَلْ إضَافَةٌ إلَى الْمُرْسِلِ أَوْ قَبَضَ بِدُونِ عَقْدٍ أَصْلًا عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ أَمَّا لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ لَا يُصَدَّقُ كَمَا قَدَّمْنَا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ لِفَتَّالٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْحَرِيرِ وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى امْرَأَةٍ مَعْلُومَةٍ لِتَكُبَّ الْحَرِيرَ فَفُقِدَ مِنْ عِنْدِهَا وَيُرِيدُ الرَّجُلُ تَضْمِينَ الْفَتَّالِ مِثْلَ حَرِيرِهِ فَهَلْ لَا يَضْمَنُهُ حَيْثُ كَانَ مَأْذُونًا بِدَفْعِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِطَرِيقِ الرِّسَالَةِ لِيَدْفَعَهُ عَمْرٌو لِبَكْرٍ دَائِنِ زَيْدٍ مِنْ دَيْنِ بَكْرٍ فَدَفَعَهُ عَمْرٌو لِبَكْرٍ ثُمَّ رَدَّ بَكْرٌ مِنْ ذَلِكَ دِينَارًا عَلَى عَمْرٍو لِيَرُدَّهُ عَلَى زَيْدٍ زَاعِمًا أَنَّهُ خَارِجٌ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ أَنَّهُ دِينَارُهُ وَاتَّهَمَ عَمْرًا الرَّسُولَ بِأَنَّهُ بَدَّلَ دِينَارَهُ بِهَذَا وَالرَّسُولُ يُنْكِرُ فَهَلْ الْقَوْلُ لِعَمْرٍو الرَّسُولِ بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَعَثَ زَيْدًا أَجِيرَهُ إلَى زَوْجَةِ زَيْدٍ لِيَأْتِيَ لَهُ بِصُرَّةٍ مِنْ عِنْدِهَا فَجَاءَ الْأَجِيرُ لِلزَّوْجَةِ وَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ فَأَعْطَتْهُ الصُّرَّةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رَسُولُ الزَّوْجِ إلَيْهَا فِيمَا ذَكَرَ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ الزَّوْجَةُ تُطَالِبُ الرَّسُولَ الْمَذْكُورَ بِالصُّرَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ أَنَّهُ رَسُولٌ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ كَمَا ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا الْفُحُولُ إذْ هُوَ سَفِيرٌ غَيْرُ ضَمِينٍ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي (فُرُوعٌ) الرَّسُولُ أَمِينٌ وَالْعَيْنُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً فَإِذَا ادَّعَى رَدَّ الْعَيْنِ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ ادَّعَى الْمَوْتَ أَوْ الْهَلَاكَ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ بِالِاتِّفَاقِ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْخَانِيَّةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَعْوَى فَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُسَافِرَ فَوَكَّلَ وَكِيلًا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي ثُمَّ عَزَلَهُ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته إلَيْهِ وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ فَضَاعَ الثَّمَنُ عِنْدَهُ.
أَفْتَى الْمَرْغِينَانِيُّ بِأَنَّ الْوَكِيلَ ضَامِنٌ وَذَلِكَ صَحِيحٌ لَكِنْ عَلَّلَهَا بِأَنْ قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ نَهَاهُ الْمُوَكِّلُ عَنْهُ فَبِدُونِهِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ دَفَعَهُ الْوَكِيلُ إلَى رَجُلٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ فَهَرَبَ بِهِ الرَّجُلُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ الْمَبِيعُ فَالْوَكِيلُ ضَامِنٌ وَبِهِ أَفْتَى الْمَرْغِينَانِيُّ أَيْضًا وَأَفْتَى الشَّيْخُ النَّسَفِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ السُّغْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْبَيْعَ غَالِبًا لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُطْلَقُ لَهُ فِيهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ إلَى أَحَدٍ قَبْلَ الْبَيْعِ. اهـ.
(أَقُولُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ كَوْنَهُ لَا يَمْلِكُ التَّسْلِيمَ قَبْلَ الْبَيْعِ مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ إذَا كَانَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَمَّا لَوْ كَانَ بِالْإِذْنِ الصَّرِيحِ فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا عَادَةً بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ إنَّمَا يُبَاعُ مَعَ الدَّلَّالِ وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ دَلَّالًا فَإِذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ كَانَ إذْنًا مِنْهُ بِذَلِكَ عَادَةً وَالْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ قَبْلَ نَحْوِ خَمْسَةِ أَوْرَاقٍ عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِثْلُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ أَرْسَلَ الرَّاعِي كُلَّ بَقَرَةٍ فِي سِكَّةِ رَبِّهَا فَضَاعَتْ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى رَبِّهَا لَا يَضْمَنُ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ إدْخَالُهَا فِي مَنْزِلِ رَبِّهَا عُرْفًا وَالْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ. اهـ.
وَكَمْ لَهُ مِنْ نَظِيرٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَهَذَا آخِرُ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الْمَرْحُومِ حَامِدٍ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ وَقَدْ فَرَغْت مِنْ تَلْخِيصِهِ وَتَنْقِيحِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَتَوْضِيحِهِ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْأَصْلِ مَعَ زِيَادَةِ الْفَوَائِدِ الْفَرِيدَة وَالتَّحْرِيرَاتِ السَّدِيدَة عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ مِمَّا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ 1236 أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَسِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ آمِينَ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ