فصل: كِتَابُ الْوَدِيعَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.كِتَابُ الْوَدِيعَةِ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو الْجَمَّالِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً وَهُمَا فِي طَرِيقِ الْحَجِّ الشَّرِيفِ وَوَصَلَا إلَى دِمَشْقَ فَطَلَبَهَا مِنْهُ فَأَقَرَّ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا ضَاعَتْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لِلتَّنَاقُضِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْعُيُونِ إذَا طَلَبَ الْمَالِكُ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ اُطْلُبْهَا غَدًا فَجَاءَ صَاحِبُهَا غَدًا فَقَالَ الْمُودَعُ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ يُسْأَلُ الْمُودَعُ مَتَى ضَاعَتْ؟ قَبْلَ إقْرَارِك أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ إقْرَارِي يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اُطْلُبْهَا غَدًا إقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّهَا مَا ضَاعَتْ فَإِذَا قَالَ ضَاعَتْ كَانَ تَنَاقُضًا وَإِنْ قَالَ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ حِرْفَتُهَا كَبُّ الْحَرِيرِ دَارُهَا خَارِجَ الْمَدِينَةِ فِي مَحَلَّةٍ غَيْرِ أَمِينَةٍ دَفَعَ لَهَا زَيْدٌ حَرِيرًا لِتَكُبَّهُ عَلَى أَنْ لَا تَكُبَّهُ فِي دَارِهَا بَلْ تَكُبَّهُ فِي دَارِ ابْنَتِهَا الْكَائِنَةِ فِي مَحَلَّةٍ أَمِينَةٍ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ أَحْفَظَ مِنْ دَارِهَا فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ وَكَبَّتْهُ فِي دَارِهَا مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ فَسُرِقَ مِنْ دَارِهَا فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ يَكُونُ التَّقْيِيدُ مُفِيدًا فَتَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَرِيرِ لِزَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَإِنْ أَمَرَ بِحِفْظِهَا فِي دَارٍ فَحَفِظَ فِي غَيْرِهَا ضَمِنَ. اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ أَمَرَهُ أَيْ الْمَالِكُ الْمُودَعَ بِالْحِفْظِ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِهِ فَحَفِظَ فِي بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا مُسَاوٍ لَهُ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الْمُخَالَفَةِ فِي الدَّارِ يَعْنِي لَوْ أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ فِي دَارٍ وَحَفِظَهُمَا فِي دَارٍ أُخْرَى يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْحِرْزِ غَالِبًا فَيُفِيدُ التَّقْيِيدَ. اهـ.
وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْمُسَافِرِ بَحْرًا وَدِيعَةً لِيَدْفَعَهَا لِشَرِيكِهِ فُلَانٍ بِبَلْدَةِ كَذَا فَوَضَعَهَا عَمْرٌو دَاخِلَ سَبَتٍ فِيهِ أَمْتِعَةٌ لَهُ وَسَارَ فِي سَفِينَةٍ حَصِينَةٍ فَانْخَرَقَتْ السَّفِينَةُ وَشَعَرَ رُكَّابُهَا بِمُعَايَنَةِ الْهَلَاكِ فَأَرْمَوْا بِأَنْفُسِهِمْ إلَى الْقَوَارِبِ وَكَذَلِكَ عَمْرٌو لَمْ يَسْعَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُ الْوَدِيعَةِ مَعَهُ وَلَا نَقْلُهَا لِسَفِينَةٍ أُخْرَى فَهَلَكَتْ مَعَ السَّبَتِ وَمَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا ضَمَانَ عَلَى عَمْرٍو لِلْوَدِيعَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْحِفْظِ بِنَقْلِهَا مِنْهُ إلَى مَكَان آخَرَ فَتَرَكَهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى نَدَّتْ بَقَرَةٌ مِنْ الْبَاقُورَةِ وَتَرَكَ الرَّاعِي اتِّبَاعَهَا فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا نَدَّتْ بِالْإِجْمَاعِ إنْ كَانَ الرَّاعِي خَاصًّا وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَإِنَّمَا لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ.
وَإِنْ تَرَكَ الْحِفْظَ فِيمَا نَدَّتْ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ إذَا تَرَكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَمَّا إذَا تَرَكَ بِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ حَالَةَ الْحَرِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ تَرَكَ الْحِفْظَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بِعُذْرٍ كَذَا هُنَا وَإِنَّمَا تَرَكَ الْحِفْظَ بِعُذْرٍ كَيْ لَا يَضِيعَ الْبَاقِي وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بِعُذْرٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا نَدَّتْ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَبْعَثُهُ لِيَرُدَّهَا أَوْ يَبْعَثُهُ لِيُخْبِرَ صَاحِبَهَا بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ تَفَرَّقَتْ فِرَقًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اتِّبَاعِ الْكُلِّ فَاتَّبَعَ الْبَعْضَ وَتَرَكَ الْبَعْضَ لَا يَضْمَن؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حِفْظَ الْبَعْضِ بِعُذْرٍ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ مُكَارٍ حَمَلَ كَرَابِيسَ إنْسَانٍ فَاسْتَقْبَلَهُ اللُّصُوصُ فَطَرَحَ الْكَرَابِيسَ وَذَهَبَ بِالْحِمَارِ قَالَ إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُمْ بِالْحِمَارِ وَالْكَرَابِيسِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَهُ أَخَذَ اللُّصُوصُ الْحِمَارَ وَالْكَرَابِيسَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الْحِفْظَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ عِمَادِيَّةٌ وَفِي الْحَاوِي وَجَامِعِ الْفَتَاوَى عَنْ الْوَبَرِيِّ احْتَرَقَ بَيْتُ الْمُودَعِ فَلَمْ يَنْقُلْ الْوَدِيعَةَ إلَى مَكَان آخَرَ مَعَ إمْكَانِهِ يَضْمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ حِفْظِهَا بِنَقْلِهَا إلَى مَكَان آخَرَ قَالَ وَيُعْرَفُ مِنْ هَذَا كَثِيرٌ مِنْ الْوَاقِعَاتِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْمُسَافِرِ فِي الْبَحْرِ أَمَانَةً لِيَدْفَعَهَا لِشَرِيكِهِ فِي مِصْرَ فَوَضَعَهَا عَمْرٌو فِي جَيْبِهِ وَرَكِبَ فِي سَفِينَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ وَقَبْلَ وُصُولِهِمْ لِمِصْرِ خَرَجَ عَلَيْهِمْ الْفِرِنْجُ وَأَخَذُوا السَّفِينَةَ بِمَا فِيهَا فَخَلَعَ عَمْرٌو ثِيَابَهُ وَأَلْقَاهَا مَعَ الْأَمَانَةِ فِي السَّفِينَةِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهَا وَلَا نَقْلُهَا لِمَكَانِ آخَرَ وَأَلْقَى بِنَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ خَوْفًا مِنْ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ وَخَلَصَ بِنَفْسِهِ سِبَاحَةً وَأُخِذَتْ الْأَمَانَةُ مَعَ السَّفِينَةِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى عَمْرٍو وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْعِمَادِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَجَاءَ ذُو شَوْكَةٍ وَانْتَزَعَهَا قَهْرًا مِنْ زَيْدٍ وَدَفَعَهَا لِبَكْرٍ فَوَضَعَ بَكْرٌ يَدَهُ عَلَيْهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَةَ بَكْرٍ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِقَوْلِهِمْ وَلَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُودِعِ ضَمِنَ أَيًّا شَاءَ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ قَالَ فِي الدُّرَرِ أَمَّا الْغَاصِبُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمُودَعُ فَلِقَبْضِهِ مِنْهُ بِلَا رِضَا مَالِكِهِ. اهـ.
وَالْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ التَّنْوِيرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ ذِمِّيٌّ لِمِثْلِهِ وَهُمَا فِي الْقُدْسِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لِيَحْمِلَهَا لَهُ عَلَى دَابَّتِهِ إلَى حَلَبَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَتَسَلَّمَ الْمَدْفُوعُ لَهُ الْأَمْتِعَةَ وَحَمَلَهَا عَلَى دَابَّتِهِ ثُمَّ دَفَعَهَا لِغَيْرِهِ لِيَحْمِلَهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَفَارَقَهُ فَضَاعَتْ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا الْمَدْفُوعُ لَهُ الْأَوَّلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَمْلِ رَضِيَ بِيَدِهِ لَا بِيَدِ غَيْرِهِ وَصَارَ كَمُودَعٍ أَوْدَعَ وَلَا يَضْمَنُ مُودَعُ الْمُودَعِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَفِي وَدِيعَةِ التَّجْنِيسِ الْمُودِعُ إذَا بَعَثَ الْوَدِيعَةَ عَلَى يَدِ ابْنِهِ وَالِابْنُ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا لَا يَضْمَنُ عِمَادِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَنُورِ الْعَيْنِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ بِالرَّيِّ فَمَاتَ الدَّافِعُ فَدَفَعَ الْمُودَعُ الْمَالَ إلَى رَجُلٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ بِالرَّيِّ فَأُخِذَ فِي الطَّرِيقِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ حَيًّا ضَمِنَ الْمُودَعُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ فِي عِيَالِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يُعَدُّ تَضْيِيعًا لِلْوَدِيعَةِ.
(سُئِلَ) فِي مُودَعٍ أَوْدَعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ فَهَلَكَتْ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ فَهَلْ لَا يَضْمَنُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ مَا لَمْ يُفَارِقْهُ. اهـ.
وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَا يَضْمَنُ مُودَعُ الْمُودَعِ فَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ فَقَطْ إنْ هَلَكَتْ بَعْد مُفَارَقَتِهِ وَإِنْ قَبْلَهَا لَا ضَمَانَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الشَّعِيرِ وَتَسَلَّمَهُ عَمْرٌو ثُمَّ دَفَعَهُ لِبَكْرٍ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا إذْنِ زَيْدٍ وَاسْتَهْلَكَهُ بَكْرٌ وَضَمَّنَ زَيْدٌ عَمْرًا مِثْلَ الشَّعِيرِ حَيْثُ الْمِثْلُ مَوْجُودٌ يُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ تَضْمِينَ بَكْرٍ بِمِثْلِ مَا ضَمِنَ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ دَفَعَهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَالْأَوَّلُ ضَامِنٌ بِلَا خِلَافٍ أَمَّا الثَّانِي فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ.
وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ عِنْدَنَا حَتَّى إذَا احْتَرَقَ بَيْتُ الْمُودَعِ وَأَخْرَجَهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَوَضَعَهَا فِي مَنْزِلِ جَارِهِ فَلَا ضَمَانَ اسْتِحْسَانًا ذَخِيرَةٌ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إذَا وَقَعَ فِي بَيْتِ الْمُودَعِ حَرِيقٌ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُنَاوِلَهَا بَعْضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَنَاوَلَهَا أَجْنَبِيًّا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا يَضْمَنُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَرِيقُ إذَا كَانَ غَالِبًا وَقَدْ أَحَاطَ بِمَنْزِلِ الْمُودَعِ فَنَاوَلَ الْوَدِيعَةَ جَارًا لَهُ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَاطَ بِمَنْزِلِهِ ضَمِنَ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْفَتْوَى تَتَارْخَانِيَّةٌ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْوَدِيعَةِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَعِنْدَهُمَا صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ الثَّانِيَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَهَا الثَّانِي ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ مُودَعَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِهِ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُودَعِ بِمَا ضَمِنَ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُودَعَ وَيَرْجِعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ. (أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ لَوْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِلَا عُذْرٍ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ فَقَطْ بِلَا رُجُوعٍ عَلَى الثَّانِي إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهَا وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيًّا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ مَعَ مُودَعِهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيٍّ شَاءَ لَكِنْ إنْ ضَمِنَ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا غَصْبٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّهَا أَوْدَعَتْ عِنْدَ هِنْدٍ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً ثُمَّ طَالَبَتْهَا بِهَا فَأَجَابَتْ هِنْدٌ أَنَّهَا بَعْدَ تَسَلُّمِهَا الْأَمْتِعَةَ أَوْدَعَتْهَا عِنْدَ ابْنِهَا زَيْدٍ الْغَائِبِ يَوْمئِذٍ عَنْ الْبَلَدِ بِلَا إذْنِ الْمُدَّعِيَةِ وَأَنَّ ابْنَهَا الْمَذْكُورَ دَفَعَهَا لِعَمْرٍو الْحَاضِرِ الْمُنْكِرِ لِذَلِكَ فَهَلْ حَيْثُ دَفَعَتْ هِنْدٌ الْأَمْتِعَةَ الْمَزْبُورَةَ لِابْنِهَا بِلَا إذْنٍ يَلْزَمُهَا ضَمَانُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): قَالَ قَاضِي خَانْ لِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مُتَّهَمًا يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَقَالَ أَيْضًا فِي فَصْلٍ فِيمَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ وَكَذَا لَوْ دَفَعَتْ الْمَرْأَةُ الْوَدِيعَةَ إلَى زَوْجِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا وَكَذَا الْمُودَعُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَعُولُ الْمُودَعَ لَا يَضْمَنُ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ ابْنُهَا فِي عِيَالِهَا وَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا يَلْزَمُهَا الْيَمِينُ أَنَّهَا دَفَعَتْهَا لِابْنِهَا الْمَذْكُورِ وَيُسْأَلُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مَاذَا صَنَعَ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ نَفْسُ الْمُودَعِ وَيَجْرِي الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِيهِ لِمَا فِي فَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ وَصُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ أَتْلَفَهَا مَنْ فِي عِيَالِ الْمُودَعِ ضَمِنَ الْمُتْلِفُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لَا الْمُودَعُ. اهـ.
الْمُودَعُ إذَا قَالَ دَفَعْت الْوَدِيعَةَ إلَى ابْنِي وَأَنْكَرَ الِابْنُ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَوَرِثَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ كَانَ ضَمَانُ الْوَدِيعَةِ فِي تَرِكَةِ الِابْنِ خَانِيَّةٌ فِي فَصْلِ فِيمَا يُعَدُّ تَضْيِيعًا لِلْوَدِيعَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ بَغْلَةً لِرَجُلَيْنِ لِيُوصِلَاهُ وَيُسَلِّمَاهُ إلَى أَبِي زَيْدٍ بِدِمَشْقَ فَحَمَّلَاهُ مِقْدَارًا مِنْ الزَّيْتِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ فَانْحَلَّ وَمَاتَ بِسَبَبِ التَّحْمِيلِ فَهَلْ يَلْزَمُهُمَا قِيمَتُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ حَالَةَ الِاسْتِخْدَامِ يَضْمَنُ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ طَبَقًا فَوَضَعَ الْمُودَعُ الطَّبَقَ عَلَى رَأْسِ الْحَبِّ فَوَقَعَ إنْ كَانَ الْوَضْعُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ يَضْمَنُ وَإِلَّا لَا وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إنْ كَانَ فِي الْحَبِّ شَيْءٌ نَحْوُ الْمَاءِ وَالدَّقِيقِ مِمَّا يُغَطَّى رَأْسُ الْحَبِّ لِأَجْلِهِ كَانَ اسْتِعْمَالًا وَإِنْ كَانَ الْحَبُّ جَافًّا أَوْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ لَا يُغَطَّى رَأْسُ الْحَبِّ لِأَجْلِهِ لَمْ يَكُنْ اسْتِعْمَالًا ذَخِيرَةٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَكُونُ مَضْيَعَةً لِلْوَدِيعَةِ وَمَا لَا يَكُونُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيَدْفَعَهُ لِبَكْرٍ فَدَفَعَهُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ بَكْرٌ عَنْ وَرَثَةٍ طَالَبُوا زَيْدًا بِالْمَبْلَغِ فَقَامَ زَيْدٌ يُطَالِبُ عَمْرًا بِهِ وَعَمْرٌو يَدَّعِي إيصَالَهُ لِبَكْرٍ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ دَيْنٌ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَسَافَرَ زَيْدٌ وَلَهُ زَوْجَةٌ وَأَذِنَ لِعَمْرٍو أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مِنْ الدَّيْنِ مَا تَحْتَاجُهُ مِنْ النَّفَقَةِ فِي غَيْبَتِهِ فَادَّعَى عَمْرٌو دَفْعَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ زَيْدٌ وَالزَّوْجَةُ فِي ذَلِكَ وَاعْتَرَفَا بِوُصُولِ قَدْرٍ دُونَهُ فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ عَمْرٍو إلَّا بِبَيِّنَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ حَيْثُ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو خَلْخَالَ فِضَّةٍ وَسَلَّمَهُ مِنْهُ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَ عَمْرٌو عَنْ تَرِكَةٍ قَبْلَ رَدِّ الْوَدِيعَةِ مُجَهِّلًا لِلْوَدِيعَةِ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ تَعْرِفْهَا الْوَرَثَةُ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَسَلَّمَهُ عَمْرٌو ثُمَّ إنَّ عَمْرًا مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ الدَّرَاهِمُ فَادَّعَى زَيْدٌ عَلَى وَرَثَةِ عَمْرٍو بِهَا فَقَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْت الْوَدِيعَةِ الْمَزْبُورَةِ وَهِيَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ هَلَكَتْ وَأَنْكَرَ زَيْدٌ ذَلِكَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْت الْوَدِيعَةَ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ إنْ فَسَّرَ الْوَدِيعَةَ وَقَالَ الْوَدِيعَةُ كَذَا وَأَنَا أَعْلَمُهَا وَقَدْ هَلَكَتْ صُدِّقَ هَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَ سِوَاهُ. اهـ.
وَكُلُّ مِنْ يُصَدَّقُ بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا.
(سُئِلَ) فِي مُودَعٍ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ فِي تَرِكَتِهِ وَالْوَرَثَةُ يَعْلَمُونَهَا وَيَعْرِفُونَهَا وَصَدَّقَهُمْ صَاحِبُهَا عَلَى الْمَعْرِفَةِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا ضَمَانَ فِي التَّرِكَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْمِنَحِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ لَوْ مَاتَ الْمُودَعُ مُجَهِّلًا ضَمِنَ يَعْنِي إذَا مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمُ حَالُ الْوَدِيعَةِ أَمَّا إذَا عَرَفَهَا الْوَارِثُ وَالْمُودَعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْتهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ لَوْ فَسَّرَهَا بِأَنْ قَالَ كَانَتْ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ هَلَكَتْ صُدِّقَ لِكَوْنِهَا عِنْدَهُ كَذَا فِي الْعُدَّةِ وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ رَبُّهَا مَاتَ مُجَهِّلًا وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُودَعِ كَانَتْ قَائِمَةً وَمَعْرُوفَةً وَقَدْ هَلَكَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ صُدِّقَ رَبُّهَا هُوَ الصَّحِيحُ إذْ الْوَدِيعَةُ صَارَتْ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ فِي الظَّاهِرِ فَلَا تُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (أَقُولُ) يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَارِثَ يُصَدَّقُ إذَا فَسَّرَهَا وَقَالَ هِيَ كَذَا وَكَذَا لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ كَانَتْ قَائِمَةً وَمَعْرُوفَةً فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْحَمَوِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ عَمَّا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ عِنْدِي وَرَقَةٌ بِالْحَانُوتِ لِفُلَانٍ ضِمْنُهَا دَرَاهِمُ لَا أَعْرِفُ قَدْرَهَا فَمَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّجْهِيلِ لِقَوْلِهِ فِي الْبَدَائِعِ هُوَ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَمْ تُعْرَفْ الْأَمَانَةُ بِعَيْنِهَا. اهـ.
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. اهـ.
كَلَامُ الْحَمَوِيِّ وَلْيُنْظَرْ مَا وَجْهُ التَّأَمُّلِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَتْ هِنْدٌ عِنْدَ شَقِيقَتِهَا دَعْدٍ عِشْرِينَ قِرْشًا ثُمَّ مَاتَتْ دَعْدٌ مُجَهِّلَةً عَنْ وَرَثَةٍ فَوُجِدَ بَعْضُ الدَّرَاهِمِ وَفُقِدَ بَعْضُهَا فَهَلْ لَهَا أَخْذُ الْمَوْجُودِ وَالرُّجُوعُ فِي التَّرِكَةِ بِمِثْلِ الْمَفْقُودِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُودَعَ إنْ أَوْصَى الْوَدِيعَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فَلَا ضَمَانَ فِي تَرِكَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَعْرِفَهَا الْوَرَثَةُ أَوْ لَا فَإِنْ عَرَفُوهَا وَصَدَّقَهُمْ صَاحِبُهَا عَلَى الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ تُوجَدْ لَا ضَمَانَ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهَا وَقْتَ مَوْتِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً أَوْ لَا فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَثَبَتَ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَاتَ مُجَهِّلًا فَصَارَتْ دَيْنًا فَيُشَارِكُ أَصْحَابُ الدُّيُونِ صَاحِبَهَا؛ لِأَنَّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِهَا أَمَّا عِنْدَ قِيَامِهَا فَلَا شَكَّ أَنَّ صَاحِبَهَا أَحَقُّ بِهَا فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَحِينَئِذٍ هِيَ دَيْنٌ فِي التَّرِكَةِ وَصَاحِبُهَا كَسَائِرِ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُهَا وَفُقِدَ بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ مَاتَ مُجَهِّلًا أَخَذَ صَاحِبُهَا الْمَوْجُودَ وَرَجَعَ بِالْمَفْقُودِ فِي التَّرِكَةِ وَإِلَّا أَخَذَ الْمَوْجُودَ فَقَطْ وَإِنْ مَاتَ وَصَارَتْ دَيْنًا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَجَبَ مِثْلُهَا وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا فَعَلَيْك بِحِفْظِ هَذَا التَّحْرِيرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ نُقِلَ مِنْ فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ سُؤَالٍ بِقَوْلِهِ إذَا أَقَامَ الْمُودَعُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيدَاعِ وَقَدْ مَاتَ الْمُودَعُ مُجَهِّلًا لِلْوَدِيعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي وَصِيَّتِهِ وَلَا ذَكَرَ حَالَهَا لِوَرَثَتِهِ فَضَمَانُهَا فِي تَرِكَتِهِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قِيمَتِهَا أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى قِيمَتِهَا فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ يَمِينِهِمْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ رَدَّهَا؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُمْ ضَمَانُهَا فَلَا يَبْرَءُونَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ رَدَّهَا. اهـ.
وَقَالَ فِي جَوَابٍ آخَرَ ادَّعَوْا أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ ادَّعَى قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ أَوْ أَنَّهُ تَلِفَ مِنْهُ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً أَنَّهُ حِينَ مَوْتِهِ كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ قَائِمًا وَأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَالَ هَذَا الْمَالُ لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ أَوْ قَرْضٌ أَوْ قَبَضْته لِفُلَانٍ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ أَوْ الرِّسَالَةِ لِأَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَادْفَعُوهُ إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِنَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَفِي قَوْلِهِ أَوْ قَرْضٍ نَظَرٌ إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ اسْتَقْرَضَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَصَارَ مُطَالَبًا بِبَدَلِهِ وَإِذَا هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ كَانَ اسْتَقْرَضَهُ وَوَضَعَهُ عِنْدَ الْمَيِّتِ أَمَانَةً فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَا نَصُّهُ وَارِثُ الْمُودَعِ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا قَالَ ضَاعَتْ فِي يَدِ مُوَرِّثِي فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي عِيَالِهِ حِينَ كَانَ مُودَعًا يُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ لَا. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو حَقِيبَةً فِيهَا أَمْتِعَةٌ ثُمَّ ادَّعَى زَيْدٌ أَنَّ فِيهَا كَذَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَطَلَبَهُ مِنْهُ فَقَالَ عَمْرٌو لَا أَدْرِي مَا كَانَ فِيهَا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ حَتَّى يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَفَعَهَا وَضَيَّعَهَا فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَوْدَعَهُ كِيسًا فِيهِ دَرَاهِمُ وَلَمْ يَزِنْهَا عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى الزِّيَادَةَ أَوْ أَوْدَعَهُ زِنْبِيلًا فِيهِ أَشْيَاءُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ فِيهِ قَدُومٌ ذَهَبَ مِنْهُ وَقَالَ الْمُودَعُ لَا أَدْرِي مَا كَانَ فِيهِ يَبْرَأُ بِلَا يَمِينٍ حَتَّى يَدَّعِيَ عَلَيْهِ الْخِيَانَةَ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ لَوْ حَلَفَ وَإِلَّا ضَمِنَ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ وَقَدْ أَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَجَرَ زَيْدٌ بِالْوَكَالَةِ عَنْ أَبِيهِ النَّاظِرِ عَلَى وَقْفِ جَدِّهِ فُلَانٍ بُسْتَانَ الْوَقْفِ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا الْوَكِيلُ مِنْ عَمْرٍو وَلَمْ يَدْفَعْهَا لِأَبِيهِ حَتَّى مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْأُجْرَةَ وَلَمْ تُوجَدْ فَهَلْ يَضْمَنُهَا فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ مُوَكِّلِهِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِمْ الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا.
(سُئِلَ) فِي الْوَدِيعَةِ إذَا نُهِبَتْ مِنْ دَارِ الْمُودَعِ بِالْقُوَّةِ وَالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ مِنْ جَمَاعَةٍ ذَوِي شَوْكَةٍ مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ دَفْعِهِمْ وَكَانَتْ الدَّارُ حِرْزَ مِثْلِهَا فَهَلْ لَا يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ وَالْمُودَعُ إذَا أُكْرِهَ لَا تَلْزَمُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي أَوَّلِ الْوَدِيعَةِ مِنْ فَتَاوِيهِ وَلِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَلِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالْهَلَاكِ مُطْلَقًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ.
(سُئِلَ) فِي الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ ابْنَةِ ابْنِهِ الْيَتِيمَةِ فَهَلْ لَا يَضْمَنُهُ فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): ذَكَرَ الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ وَشَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّ الْجَدَّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لَا يَضْمَنُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَعَزَاهُ إلَى شَرْحِ الْجَامِعِ الْوَجِيزِ.
(سُئِلَ) فِي قَاصِرَةٍ مِنْ بَنَاتِ الذِّمَّةِ خَطَبَهَا رَجُلٌ ذِمِّيٌّ مِنْ أَبِيهَا فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ وَبَقِيَتْ عِنْدَ أَبِيهَا سِنِينَ فَوَهَبَ الزَّوْجُ الْخَاطِبُ لَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَبَضَهَا أَبُوهَا الْوَلِيُّ الشَّرْعِيُّ عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَ أَبُوهَا عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهَا مُجَهِّلًا لِلْمَالِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ لَهُ فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْهُ وَلَمْ يَخْلِطْهُ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ فِي تَرِكَتِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَحَقَّقَهَا الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت. (أَقُولُ) قَدْ اضْطَرَبَ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ أَفْتَى أَوَّلًا فِي أَبٍ قَبَضَ مَهْرَ بِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ وَمَاتَ مُجَهِّلًا بِعَدَمِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْأَمَانَاتِ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ ابْنِهِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لَا يَضْمَنُ وَإِذَا خَلَطَهُ بِمَالِهِ يَضْمَنُ وَالْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا يَضْمَنُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ. اهـ.
فَتَحَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَرْجَحِيَّتُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ أَقْوَى مَرْتَبَةً مِنْ الْوَصِيِّ فَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ فَأَنْ لَا يَضْمَنَ الْأَبُ أَوْلَى وَقَدْ نُقِلَ فِي الْوَصِيِّ أَيْضًا قَوْلٌ بِالضَّمَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْأَبِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ عَلَى هَذَا الرَّاجِحِ فِي مُخَلَّفَاتِ أَبِيهَا إلَخْ. اهـ.
مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ مُلَخَّصًا ثُمَّ أَفْتَى فِي سُؤَالٍ آخَرَ عَقِيبَهُ نَظِيرِ سُؤَالِهِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
أَمَّا كَلَامُ الْخَانِيَّةِ فَلِعَدَمِ اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ وَأَمَّا كَلَامُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلِأَنَّهُ قَالَ رَامِزًا لِلْمُنْتَقَى وَضَمِنَ الْأَبُ بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا وَقِيلَ لَا كَوَصِيٍّ فَسَاقَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَلَا سِيَّمَا فِي بِلَادِنَا فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ خُصُوصًا مِنْ بَنِي الْفِلَاحَةِ يَأْكُلُونَ مَهْرَ مَوْلَيَاتِهِمْ وَلَوْ نُهُوا عَنْ ذَلِكَ لَا يَنْتَهُونَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا عَدَا نَاظِرَ الْوَقْفِ وَالسُّلْطَانُ وَالْقَاضِيَ وَالْوَصِيَّ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَهُ فِي هَؤُلَاءِ لِئَلَّا يَتَوَقَّفَ عَنْ الْوِلَايَةِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ. اهـ.
كَلَامُ الرَّمْلِيِّ مُلَخَّصًا فَأَنْتَ تَرَى كَيْفَ مَشَى أَوَّلًا عَلَى عَدَمِ ضَمَانِ الْأَبِ وَرَجَّحَهُ ثُمَّ عَكَسَ ثَانِيًا مُشِيرًا إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ بِأَنَّ عَدَمَ ضَمَانِ الْوَصِيِّ لِئَلَّا يَتَوَقَّفَ عَنْ الْوِلَايَةِ أَيْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَضْمَنُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَرْضَى أَحَدٌ بِأَنْ يَصِيرَ وَصِيًّا خَوْفًا مِنْ الضَّمَانِ وَكَذَا السُّلْطَانُ وَالْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّ وِلَايَتَهُ جَبْرِيَّةٌ لَا اخْتِيَارِيَّةٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ بِسَبَبِ ضَمَانِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَجْهِيلَ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ تَقْصِيرٌ مِنْهُ فَتَضْمِينُهُ بِتَقْصِيرِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّ عَامَّةَ الْأَوْصِيَاءِ وَالْقُضَاةِ فِي زَمَانِنَا يَتَهَالَكُونَ عَلَى تَحْصِيلِ الْوِلَايَةِ قَصْدًا مِنْهُمْ إلَى أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَلِيلٌ مَا هُمْ فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَحَيْثُ كَانَ الْمُصَرَّحُ بِهِ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي مَعَ مَا عَلِمْته مِنْ حَالِهِمَا يَكُونُ عَدَمُ الضَّمَانِ فِي الْأَبِ أَوْلَى لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَمِثْلُهُ الْجَدُّ كَمَا مَرَّ.
ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ فِي نُورِ الْعَيْنِ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ وَضَمِنَ الْأَبُ لَوْ مَاتَ مُجَهِّلًا وَقِيلَ لَا كَوَصِيٍّ يَقُولُ الْحَقِيرُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَصَحُّ إذْ الْأَبُ لَيْسَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْوَصِيِّ بَلْ هُوَ أَوْفَى حَالًا مِنْ الْوَصِيِّ فَيَنْبَغِي اتِّحَادُهُمَا حُكْمًا. اهـ.
نَعَمْ إنْ كَانَ الْأَبُ يَأْكُلُ مُهُورَ الْبَنَاتِ كَالْفَلَّاحِينَ وَالْأَعْرَابِ فَالْقَوْلُ بِتَضْمِينِهِ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَ الْمَهْرَ لِنَفْسِهِ لَا لِبِنْتِهِ فَلْيَكُنْ التَّعْوِيلُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ اسْتَبْدَلَ عَقَارَ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَ مُجَهِّلًا لِلْمَالِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَضْمَنُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ الْوَدِيعَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى بَكْرٍ الَّذِي لَهُ عَلَى الدَّافِعِ دَيْنٌ ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُورَ مَاتَ مُجْهِلًا لِمَا قَبَضَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ تَكُونُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فَوَضَعَهَا عَمْرٌو فِي جَيْبِهِ ثُمَّ فُقِدَتْ مِنْهُ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ يَكُونُ عَمْرٌو غَيْرَ ضَامِنٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَكَذَا إذَا جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ وَحَضَرَ مَجْلِسَ الْفِسْقِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْعُدَّةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْدَعَ عِنْدَ آخَرَ جُوخَةً وَأَذِنَ لَهُ بِبَيْعِهَا فَوَضَعَهَا الْآخَرُ فِي حَانُوتِهِ وَهِيَ حِرْزُ مِثْلِهَا فَسُرِقَتْ مِنْ الْحَانُوتِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ سُرِقَتْ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَلَا وَجْهَ يُوجِبُ ضَمَانَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ الْوَدِيعَةِ سُوقِيٌّ قَامَ مِنْ حَانُوتِهِ إلَى الصَّلَاةِ وَفِي حَانُوتِهِ وَدَائِعُ فَضَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَيِّعٍ لِمَا فِي حَانُوتِهِ؛ لِأَنَّ جِيرَانَهُ يَحْفَظُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا إيدَاعًا مِنْ الْجِيرَانِ فَيُقَالُ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ لَكِنْ هَذَا مُودَعٌ لَمْ يُضَيِّعْ وَاقِعَاتٌ فِي الْوَدِيعَةِ قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ إلَخْ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مَا يَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى فُصُولَيْنِ مِنْ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَامَ مِنْ حَانُوتِهِ إلَى الصَّلَاةِ وَفِيهِ وَدَائِعُ النَّاسِ وَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ وَإِنْ أَجْلَسَ عَلَى بَابِهِ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا فَضَاعَ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْحِفْظَ وَيَحْفَظُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ. اهـ.
وَقَالَ قُبَيْلَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْعُرْفِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ الْحَانُوتَ مَفْتُوحًا أَوْ عَلَّقَ الشَّبَكَةَ عَلَى بَابِهِ وَنَامَ فَفِي النَّهَارِ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ وَفِي اللَّيْلِ إضَاعَةٌ وَفِي خُوَارِزْمَ لَا يُعَدُّ إضَاعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. اهـ.
(أَقُولُ) الَّذِي يَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَانُوتِ عَدَمُ الضَّمَانِ سَوَاءٌ أَجْلَسَ صَبِيًّا أَوْ لَا حَيْثُ جَرَى عُرْفُ أَهْلِ السُّوقِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُودَعٍ قَصْدًا بَلْ تَرَكَهَا فِي حِرْزِهَا مَعَ مَالِهِ فَقَدْ حَفِظَهَا بِمَا يَحْفَظُ بِهِ مَالَهُ وَلِهَذَا نَقَلَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ رَامِزًا إلَى فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهَا فِي الْحِرْزِ فَلَمْ يُضَيِّعْ. اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ مَعَ ثِيَابِهِ بَيْنَ يَدَيْ الثِّيَابِيِّ قَالَ خ يَعْنِي قَاضِيَ خَانْ ضَمِنَ لِإِيدَاعِ الْمُودَعِ وَقَالَ حط يَعْنِي صَاحِبَ الْمُحِيطِ لَا؛ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ ضِمْنِيٌّ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِإِيدَاعٍ قَصْدِيٍّ. اهـ.
وَفِيهِ فِي ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْخَاصِّ رَامِزًا لِلذَّخِيرَةِ قَرْيَةٌ عَادَتُهُمْ أَنَّ الْبَقَّارَ إذَا أَدْخَلَ السَّرْحَ فِي السِّكَكِ يُرْسِلُ كُلَّ بَقَرَةٍ فِي سِكَّةِ رَبِّهَا وَلَا يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ فَفَعَلَ الرَّاعِي كَذَلِكَ فَضَاعَتْ بَقَرَةٌ قِيلَ يَبْرَأُ إذْ الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ وَقِيلَ لَوْ لَمْ يُعَدُّ ذَلِكَ خِلَافًا يَبْرَأُ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَقَارِبَانِ إنْ لَمْ يَكُونَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا لَا يُعَدُّ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا بِهِ عَادَةً وَقَدَّمْنَا نَحْوَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَهُوَ مَا لَوْ أَرْسَلَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ مَعَ الْمُكَارِي وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (وَأَقُولُ) أَيْضًا بَقِيَ هُنَا مَسْأَلَةٌ ذَكَرْتهَا فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي حَادِثَةٍ وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا وَسُئِلْنَا عَنْهَا وَهِيَ رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ صُرَّةً مِنْ الشَّالِ غَالِيَةَ الثَّمَنِ فَوَضَعَهَا الْمُودَعُ فِي إصْطَبْلِ دَارِهِ فَسُرِقَتْ مِنْ الْإِصْطَبْلِ هَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا وَالْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُرَادِ بِالْحِرْزِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ قَالَ وَضَعْتهَا بَيْنَ يَدَيَّ وَقُمْت وَنَسِيتُهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ وَضَعْتهَا بَيْنَ يَدَيَّ فِي دَارِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إنْ مِمَّا لَا يُحْفَظُ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ كَصُرَّةِ النَّقْدَيْنِ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُعَدُّ عَرْصَتُهَا حِصْنًا لَهُ لَا يَضْمَنُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ كِتَابِ السَّرِقَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ حِرْزَ النَّوْعِ فَهُوَ حِرْزٌ لِكُلِّ الْأَنْوَاعِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ لُؤْلُؤَةٍ مِنْ إصْطَبْلٍ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خَاصٌّ فِي حِرْزِ السَّرِقَةِ دُونَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قَطْعِ السَّارِقِ هَتْكُ الْحِرْزِ وَذَلِكَ يَتَفَاوَتُ بِاعْتِبَارِ الْمُحْرَزَاتِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الْمُودَعِ التَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرُ فِي الْحِفْظِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَهَا فِي دَارِهِ الْحَصِينَةِ فَخَرَجَ وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ غَيْرَ أَمِينَةٍ يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَهَا سَارِقٌ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ حِرْزٌ وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا لِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ وَلَوْ وَضَعَهَا فِي الدَّارِ وَخَرَجَ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ مِنْ عِيَالِهِ أَوْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَغَابَ عَنْهَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا فَلَوْ اعْتَبَرْنَا فِي الْوَدِيعَةِ الْحِرْزَ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّرِقَةِ لَزِمَ أَنْ لَا يَضْمَنَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا فَيَلْزَمُ مُخَالَفَةُ مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّقْصِيرِ فِي الْحِفْظِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَضْعَ الْوَدِيعَةِ فِيمَا لَا يُوضَعُ فِيهِ أَمْثَالُهَا تَقْصِيرٌ فِي الْحِفْظِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمَارَّةِ وَغَيْرِهَا فَالْمُرَادُ بِالْحِرْزِ هُنَا حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ خِلَافَهُ وَلَا يُقَاسُ أَحَدُ الْبَابَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا نَقْلٍ مَعَ أَنَّ النَّقْلَ الصَّرِيحَ يُخَالِفُهُ كَمَا عَلِمْت وَبِهِ ظَهَرَ جَوَابُ الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو وَدِيعَةً مَعْلُومَةً ثُمَّ أَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ عِنْدِ عَمْرٍو وَوُجِدَتْ عِنْدَ بَكْرٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْمُودَعُ أَنْ يُخَاصِمَ وَيَدَّعِيَ بِذَلِكَ وَيَأْخُذَهَا مِنْ بَكْرٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَصْلُحُ خَصْمًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَقَدْ أَجَابَ الْحَانُوتِيُّ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي مَحَلِّهَا لَكِنْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَضَاعَتْ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا فِي يَدِ رَجُلٍ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ. اهـ.
فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُودَعَ لَهُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وَنَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي لُقَطَةِ التَّنْوِيرِ وَعَزَاهَا الْعَلَائِيُّ إلَى الْمُجْتَبَى وَالنَّوَازِلِ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الْخُصُومَةَ؛ لِأَنَّ يَدَهُ أَحَقُّ. اهـ.
يَعْنِي لِلْمُلْتَقِطِ الْخُصُومَةُ أَيْضًا وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ اللُّقَطَةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً وَضَاعَتْ مِنْهُ فَوَجَدَهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ فِي الْوَدِيعَةِ يَكُونُ لِلْمُودَعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِي اللُّقَطَةِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي وِلَايَةِ أَخْذِ اللُّقَطَةِ وَلَيْسَ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى الْوَدِيعَةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَ عَمْرٍو فَوَكَّلَ زَيْدٌ بَكْرًا فِي طَلَبِهَا مِنْ عَمْرٍو وَتَسْلِيمِهَا لَهُ فَطَلَبَهَا الْوَكِيلُ مِنْ عَمْرٍو فَلَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ وَمَنَعَهَا ظُلْمًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا قِيمَتَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ طَلَبَهَا الْوَكِيلُ فَمَنَعَهَا مِنْهُ ظُلْمًا يَضْمَنُ قَالَ فِي النُّقَايَةِ وَشَرْحِهَا لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ فَإِنْ حَبَسَهَا أَيْ أَمْسَكَهَا الْمُودَعُ بَعْدَ طَلَبِ رَبِّهَا وَلَوْ حُكْمًا كَالْوَكِيلِ عَلَى مَا فِي الْمُضْمَرَاتِ إلَخْ. اهـ.
وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ أَنْقِرْوِيٌّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ وَكَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ لَكِنْ فِي الْمِنَحِ وَقَيَّدْنَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ ثِقَةٍ عَنْ التَّجْنِيسِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهَا بِوَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ فَحَبَسَهَا لَا يَضْمَنُ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ وَدِيعَةً وَقَالَ فِي السِّرِّ مَنْ أَخْبَرَك بِعَلَامَةِ كَذَا وَكَذَا فَادْفَعْ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَبَيَّنَ تِلْكَ الْعَلَامَةَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُودِعُ حَتَّى هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ. اهـ.
لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ الْمَالِكُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُودَعُ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إنْ تَرَكَهَا عَنْ رِضًا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ فَقَدْ أَنْشَأَ الْوَدِيعَةَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ رِضًا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ الْوَدِيعَةَ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ. اهـ.
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِعَدَمِ الدَّفْعِ إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَرَسُولُ الْمُودَعِ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الرَّسُولِ حَتَّى هَلَكَتْ ضَمِنَ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا صَدَّقَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْوَكَالَةِ لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ وَلَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ الْمُرْسِلِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ الْوَكِيلَ قَبْلَ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ الرِّسَالَةِ قَبْلَ عِلْمِ الرَّسُولِ بِالرُّجُوعِ يَصِحُّ كَذَا فِي فَتَاوَاهُ. اهـ.
مِنَحٌ مِنْ الْإِيدَاعِ قَالَ الْعَلَّامَةُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ بَعْدَ مَا نَقَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ الْمِنَحِ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ مَا نَصُّهُ أَقُولُ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ التَّجْنِيسِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَيَتَرَاءَى لِي التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْوَكِيلُ إنْشَاءَ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْمُودَعِ بَعْدَ مَنْعِهِ لِيَدْفَعَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَيْ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ وَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرُ الدِّينِ وَالتَّجْنِيسِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ لِيُؤَدِّيَ إلَى الْمُودَعِ بِنَفْسِهِ وَاسْتَبَقَاهَا عَلَى الْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي جَوَابِهِ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ تَرَكَهَا وَذَهَبَ عَنْ رِضًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُودَعِ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ أَيْ وَأَدْفَعُهَا لَك فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ فَإِذَا فَارَقَهُ فَقَدْ أَنْشَأَ الْإِيدَاعَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا فَإِنَّهُ اسْتِبْقَاءٌ لِلْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ لَا إنْشَاءُ إيدَاعٍ فَتَأَمَّلْ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا التَّوْفِيقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. اهـ.
كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ وَسُئِلَ عَنْ الْمُودَعِ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُودَعِ فَانْتَهَى إلَيْهِ الْوَكِيلُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَطَالَبَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَامْتَنَعَ ثُمَّ هَلَكَتْ هَلْ يَضْمَنُ فَقَالَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِنَابَةَ الثَّابِتَةَ بِالْمُعَايَنَةِ فَوْقَ الثَّابِتَةِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ ثَبَتَ التَّوْكِيلُ بِالْبَيِّنَةِ فَامْتَنَعَ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَبِ يَضْمَنُ فَهَاهُنَا أَوْلَى قِيلَ لَهُ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فَصَدَّقَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فَقَالَ نَعَمْ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ. اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا مَنَعَهَا عَنْ الرَّسُولِ لَا يَضْمَنُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَأَمَّا إذَا مَنَعَهَا عَنْ الْوَكِيلِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْقَاعِدِيَّةِ وَالْوَجِيزِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَالْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمِنَحِ وَتَبِعَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحَيْهِ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ خُصُوصًا وَالْمُضْمَرَاتُ شَرْحُ الْقُدُورِيِّ وَالشُّرُوحُ مُقَدَّمَةٌ فَفِي مَسْأَلَتِنَا مَنَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْوَكِيلِ ظُلْمًا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا إلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا حَتَّى يَكُونَ اسْتِبْقَاءً لِلْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ وَقَدْ جَمَعْت هَذِهِ النُّقُولَ رَجَاءَ الثَّوَابِ مِنْ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ وَلِأَجْلِ قَطْعِ الشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ. (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُودَعَ لَا يَضْمَنُ بِمَنْعِهَا عَنْ الرَّسُولِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ذَكَرَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَيْضًا وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي نُورِ الْعَيْنِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ التَّتَارْخَانِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةَ آنِفًا تُفِيدُ تَفْصِيلًا فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُودَعَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْمَنْعِ عَنْ الْوَكِيلِ إذَا كَانَ تَوْكِيلُهُ ثَابِتًا بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بِتَصْدِيقِ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَا يَضْمَنُ لَوْ كَذَّبَهُ بِالْأَوْلَى وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّسُولِ أَيْضًا وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَبَيَّنَ تِلْكَ الْعَلَامَةَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُودَعُ حَتَّى هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ لَا ضَمَانَ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ يَضْمَنُ فَيُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَهَذَا إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ رَسُولٌ وَكَذَا إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَفِي حَاشِيَةِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَهَلْ يَصِحُّ هَذَا التَّوْكِيلُ وَلَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِالدَّفْعِ أَمْ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ مَجْهُولًا وَيَضْمَنُ بِالدَّفْعِ.
قَالَ الزَّاهِدِيُّ فِي حَاوِيهِ رَامِزًا فِيهِ تَفْصِيلٌ لَوْ كَانَا عِنْدَ ذَلِكَ الِاتِّفَاقِ بِمَكَانٍ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ اسْتِمَاعُ كَلَامِهِمَا فَالدَّفْعُ لِمَنْ جَاءَ إلَيْهِ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ كَالتَّصْرِيحِ بِالْوَكَالَةِ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الْجَائِي بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ وَأَمَّا اسْتِمَاعُهُ ذَلِكَ مِنْ جِنِّيٍّ فَنَادِرٌ وَإِنْ كَانَا عِنْدَ ذَلِكَ بِمَكَانٍ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَفْهَمُ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ بِمَكَانٍ يُمْكِنُ فِيهِ لِأَحَدٍ اسْتِمَاعُ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ خِفْيَةً وَهُمَا لَا يَرَيَانِهِ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ وَالدَّفْعُ مُضَمَّنٌ. اهـ.
هَذَا مَا نَقَلَهُ الرَّمْلِيُّ (قُلْت) كَثِيرًا مَا يَقَعُ أَنَّ الْمَالِكَ بَعْدَ اتِّفَاقِهِ مَعَ الْمُودَعِ عَلَى ذَلِكَ يَبْعَثُ رَجُلًا بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ فَيَسْمَعُهُ آخَرُ فَيَسْبِقُ الْأَوَّلَ وَيُخْبِرُ الْمُودَعَ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَا يُنَافِي صِحَّةَ التَّوْكِيلِ بَعْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْمَالِكِ مَعَ الْمُودَعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا قَالَ لَمْ أَذْكُرْ الْعَلَامَةَ لِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي جَاءَك وَإِنَّمَا ذَكَرْتهَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ فَيَضْمَنُ الْمُودَعُ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَابَ عَنْ مَنْزِلِهِ وَخَلَّفَ امْرَأَتَهُ وَكَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ فَلَمَّا رَجَعَ طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا كَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَمِينَةً لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَيِّعٍ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ غَيْرَ أَمِينَةٍ مُتَّهَمَةً يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَجَاءَ ذُو شَوْكَةٍ وَانْتَزَعَهَا قَهْرًا مِنْ زَيْدٍ وَدَفَعَهَا لِبَكْرٍ فَوَضَعَ بَكْرٌ يَدَهُ عَلَيْهَا مُدَّةً حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَةَ بَكْرٍ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِقَوْلِ فُقَهَائِنَا وَلَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمَّنَ أَيًّا شَاءَ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ قَالَ فِي الدُّرَرِ أَمَّا الْغَاصِبُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا مُودَعُهُ فَلِقَبْضِهِ مِنْهُ بِلَا رِضَا مَالِكِهِ. اهـ.
وَالْمَسْأَلَةُ فِي وَدِيعَةِ التَّنْوِيرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَرْسَلَ إكْدِيشًا لِشَرِيكِهِ لِيَرْعَاهُ فِي الْقَرْيَةِ فَدَفَعَهُ شَرِيكُهُ الَّذِي فِي الْقَرْيَةِ إلَى أَجِيرِهِ الْخَاصِّ مُسَانَهَةَ السَّاكِنِ مَعَهُ فَجَاءَ ثَوْرٌ وَضَرَبَ الْإِكْدِيشَ فَشَقَّ بَطْنَهُ وَمَاتَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ الرُّجُوعَ عَلَى شَرِيكِهِ الْمَرْقُومِ بِقِيمَةِ الْإِكْدِيشِ فَهَلْ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى أَجِيرِهِ الْخَاصِّ وَهُوَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً يَسْكُنُ مَعَهُ.
(سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهِيَ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَمْرٍو فَبَعَثَهَا عَلَى يَدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ لِيَسْقِيَهَا فَأَخَذَهَا رَجُلٌ مِنْ يَدِ الِابْنِ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ فَقَامَ شَرِيكُهُ عَمْرٌو يُطَالِبُ زَيْدًا بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا زَاعِمًا أَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الدَّفْعِ إلَى ابْنِهِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ بَعَثَهَا مَعَ ابْنِهِ الْغَيْرِ الْبَالِغِ لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي التَّجْنِيسِ الْمُودِعُ إذَا بَعَثَ الْوَدِيعَةَ عَلَى يَدِ ابْنِهِ وَالِابْنُ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا لَا يَضْمَنُ عِمَادِيَّةٌ فِي بَحْثِ ضَمَانِ الْحَمَّامِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ بِضَاعَتَهُ عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ لِعَمْرٍو لِيُوصِلَهَا لِبَكْرٍ لِبَلْدَةِ كَذَا عَلَى أَنْ لَا يَنْزِلَ بِهَا فِي الْبَحْرِ إلَّا فِي مَرْكَبٍ مُغْفَرٍ أَمِينٍ فَنَزَلَ بِهَا فِي مَرْكَبٍ غَيْرِ مُغْفَرٍ وَلَا أَمِينٍ فَأَخَذَ النَّصَارَى الْبِضَاعَةَ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْحَالُ أَنَّ فِي الْبَحْرِ مَرَاكِبَ مُغْفَرَةً مَوْجُودَةً مُيَسَّرَةً لَا مَشَقَّةَ لِلرُّكُوبِ فِيهَا فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَضْمَنُ عَمْرٌو قِيمَةَ الْوَدِيعَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا إذَا أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا فِي دَارٍ فَوَضَعَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْأَصْلَ كَمَا فِي الدُّرَرِ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مُفِيدًا وَالْعَمَلُ بِهِ مُمْكِنًا وَالنَّهْيُ عَنْ الْوَضْعِ فِي مَرْكَبٍ غَيْرِ مُغْفَرٍ وَفِي دَارٍ أُخْرَى مُفِيدٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْأَمْنِ وَالْحِفْظِ فَصَحَّ الشَّرْطُ وَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَضَعَهَا فِي بَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ أَوْ صُنْدُوقٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ فَحَفِظَ فِي بَيْتٍ آخَرَ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ آخَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَيْنِ قَلَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْحِفْظِ فَالْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ أَحَدِهِمَا مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ الْآخَرِ فَصَارَ الشَّرْطُ غَيْرَ مُفِيدٍ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَكَذَلِكَ تَعْيِينُ الصُّنْدُوقِ فَلَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الصُّنْدُوقَيْنِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ لَا يَتَفَاوَتَانِ ظَاهِرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ أَوْ الصُّنْدُوقِ خَلَلٌ ظَاهِرٌ فَحِينَئِذٍ يُفِيدُ الشَّرْطُ وَيَضْمَنُ بِالْخِلَافِ. اهـ.
وَقَالَ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ يُفِيدُ اعْتِبَارُهُ وَيُمْكِنُ لِلْمُودَعِ مُرَاعَاتُهُ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ وَكُلُّ شَرْطٍ لَا يُفِيدُ اعْتِبَارُهُ وَلَا تُمْكِنُ مُرَاعَاتُهُ فَهُوَ لَغْوٌ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو خِنْجَرًا فِي طَرِيقِ الْحَجِّ فَأَخَذَهُ عَمْرٌو وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ حِفْظًا لَهُ وَنَامَ ثُمَّ انْتَبَهَ فَلَمْ يَجِدْهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ نَامَ وَوَضَعَ الْوَدِيعَةَ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ جَنْبِهِ فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ إنْ وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ قَالُوا وَإِنَّمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي إذَا نَامَ قَاعِدًا أَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْحَضَرِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي السَّفَرِ فَلَا ضَمَانَ نَامَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا كَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ لَوْ نَامَ وَاضِعًا جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ يَضْمَنُ وَإِنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ وَفِي السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 32.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو وَدِيعَةً وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ وَأَخَذَ الْوَدِيعَةَ وَالْمُودَعُ يَرَاهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ وَمَنْعُهُ خَوْفًا مِنْ ضَرَرِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ وَلَوْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ أَجْنَبِيٌّ وَالْمُودَعُ يَرَاهُ فَسَكَتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ ضَمِنَ إنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ لِخَوْفِهِ مِنْ ضَرَرِهِ وَغَارَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَنْقِرْوِيٌّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو صَدْرَ نُحَاسٍ لِيَبِيعَهُ لَهُ فَعَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ فَلَمْ يَشْتَرِهِ أَحَدٌ فَرَدَّهُ عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ جَحَدَ زَيْدٌ وُصُولَهُ لَهُ مِنْ عَمْرٍو فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ عَمْرٍو بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا إذَا كَذَّبَهُ الظَّاهِرُ كَمَا نَقَلُوهُ وَفِي الْأَشْبَاهِ كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا قُبِلَ قَوْلُهُ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ وَالْوَكِيلِ وَالنَّاظِرِ وَمِثْلُهُ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ الْمُودَعُ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ عَيْنِيٌّ عَلَى الْهِدَايَةِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ فِي فَصْلِ وَمَنْ غَصَبَ عَيْنًا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ هَلَاكَهَا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَحْلِفُ وَارِثُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْقَضَاءِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو أَلَاجَّتَيْنِ فَوَضَعَهُمَا عَمْرٌو فِي حَانُوتِهِ ثُمَّ أَخَذَهُمَا بَكْرٌ لِيَنْظُرَ إلَيْهِمَا وَحَوَّلَهُمَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُمَا ثُمَّ طَالَبَهُ عَمْرٌو بِهِمَا فَزَعَمَ أَنَّهُ رَدَّهُمَا إلَى مَحَلِّهِمَا وَزَيْدٌ وَعَمْرٌو يُنْكِرَانِ رَدَّهُمَا إلَى مَحَلِّهِمَا فَهَلْ يَضْمَنُ بَكْرٌ قِيمَتَهُمَا لِزَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَمَّا أَوَّلًا فَلِمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ قَاضِي خَانْ فِي الْغَصْبِ رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ نَزَلَ فَمَاتَتْ قَالَ يَضْمَنُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قَالَ النَّاطِفِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يُحَوِّلَ عَنْ مَوْضِعِهَا. اهـ.
ثُمَّ ذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ قَالُوا الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّحْوِيلِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَيْضًا بَعْدَ التَّحْوِيلِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْفَقِيهُ. اهـ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِمَدِّ الْيَدِ إلَيْهِمَا بِغَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَوَاخِرِ جِنَايَةِ الدَّوَابِّ ضَمِنَ مَسْأَلَةً؛ لِأَنَّ غَصْبَ الْمَنْقُولِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ النَّقْلِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَقِيقٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَ زَيْدٍ فَدَفَعَهَا زَيْدٌ لِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ عَنْ سَيِّدِ الرَّقِيقِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَتَقَ الرَّقِيقُ وَطَلَبَ الْوَدِيعَةَ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا مِنْهُ وَالدَّفْعُ الْمَذْكُورُ جَائِزٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي الْخَانِيَّةِ آخِرَ كِتَابِ الْمَأْذُونِ الْعَبْدُ إذَا أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ شَيْئًا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى أَخْذَ الْوَدِيعَةِ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا فَلَوْ أَنَّ الْمُودَعَ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَوْلَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ جَازَ. اهـ.
(أَقُولُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهَا مِنْ الْمُودَعِ جَبْرًا وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودَعُ بِرِضَاهُ إلَى الْمَوْلَى صَحَّ نَظِيرُ الْمُوَكِّلِ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي يَبْرَأُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَمَنْعُهُ مِنْهُ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ لَا يَكُونُ ظُلْمًا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَيْسَ لَهُ قَبْضُ وَدِيعَةِ عَبْدِهِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ وَدِيعَةً فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لِلْعَبْدِ بِالْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو صُنْدُوقًا مُقْفَلًا فِيهِ أَمْتِعَةٌ لَهُ فَوَضَعَهُ عَمْرٌو فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِهِ حِرْزٍ لَهُ فَدَخَلَ نَمْلٌ فِي الصُّنْدُوقِ وَأَفْسَدَ بَعْضَ الْأَمْتِعَةِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْ عَمْرٍو وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الذَّخِيرَةِ أَفْسَدَهَا الْفَأْرَةُ وَقَدْ عَرَفَ الْمُودَعُ ثَقْبَ الْفَأْرَةِ فَلَوْ أَعْلَمَ رَبَّهَا ثَقْبَ الْفَأْرَةِ بَرِئَ لَا لَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ بَعْدَمَا عَلِمَ وَلَمْ يَسُدَّهُ وَفِي الْعُدَّةِ لَوْ كَانَتْ شَيْئًا مِنْ الصُّوفِ وَرَبُّ الْوَدِيعَةِ غَابَ وَخَافَ الْمُودَعُ عَلَيْهَا الْفَسَادَ يَرْفَعُهَا إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَهَا وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ وَلَمْ يَحْتَلْ لِدَفْعِ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْإِنْسَانُ إذَا اُسْتُوْدِعَ عِنْدَهُ مَا يَقَعُ فِيهِ السُّوسُ فِي زَمَانِ الصَّيْفِ فَلَمْ يُبَرِّدْهَا بِالْهَوَاءِ حَتَّى وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ وَفَسَدَ لَا يَضْمَنُ. اهـ.
نَهْجُ النَّجَاةِ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَتَارِكُ نَشْرِ الصُّوفِ صَيْفًا فَعَتَّ لَمْ يُضَمَّنْ وَقَرْضُ الْفَأْرِ بِالْعَكْسِ يُؤْثَرُ إذَا لَمْ يَسُدَّ الثُّقْبَ مِنْ بَعْدِ عِلْمِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُلَّاكُ مَا هِيَ تَنْقُرُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ عَمْرٍو فَأَذِنَ لَهُ زَيْدٌ بِإِرْسَالِهَا إلَيْهِ مَعَ رَجُلٍ أَمِينٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَخَرَجَ عَلَى الرَّسُولِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فَنَهَبُوا الْقَافِلَةَ وَالْأَمَانَةَ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَلَمْ يَكُنْ دَفَعَهُمْ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُضَمِّنَهَا عَمْرًا فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى عَمْرٍو؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عَبْدَهُ عِنْدَ عَمْرٍو فَأَبَقَ الْعَبْدُ مِنْ عِنْدِ عَمْرٍو بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو حِمَارًا عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَرَبَطَهُ عَمْرٌو بِحَبْلٍ مَعَ دَابَّةٍ أُخْرَى عَلَى شَطِّ نَهْرٍ وَأَبْعَدَ عَنْهُمَا لِمَحَلٍّ آخَرَ حَتَّى غَابَا عَنْ بَصَرِهِ وَقَصَّرَ فِي الْحِفْظِ حَتَّى سَقَطَ الْحِمَارُ فِي النَّهْرِ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ وَغَيَّبَهُ عَنْ بَصَرِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ.