فصل: كِتَابُ الْهِبَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.كِتَابُ الْعَارِيَّةِ:

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَعَارَ ثَوْرًا مِنْ آخَرَ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً لِيَحْرُثَ عَلَيْهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ فِي حَالَةِ اسْتِعْمَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ يَقْتَضِي ضَمَانَهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ هَلَكَتْ فِي حَالِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ فِي غَيْرِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِمَارًا لِيَرْكَبَهُ إلَى قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً لِيَحْصُدَ زَرْعًا فِي الْقَرْيَةِ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ يُعِيدُ الْحِمَارَ لِصَاحِبِهِ فَرَكِبَهُ لِلْقَرْيَةِ وَقَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَصَادِ نَهَبَهُ الْأَعْرَابُ مَعَ عِدَّةِ حَمِيرٍ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ بِالْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْ زَيْدٍ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِمْ وَلَا عَلَى رَدِّهِ مِنْهُمْ وَيَزْعُمُ صَاحِبُهُ أَنَّ زَيْدًا يَضْمَنُهُ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ ضَمَانَهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى زَيْدٍ وَلَوْ صَدَرَ الشَّرْطُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي وَدِيعَةِ التَّنْوِيرِ وَاشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ بِهِ يُفْتَى. اهـ.
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الشَّرْطُ وَغَيْرُ الشَّرْطِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ وَبِهِ نَأْخُذُ. اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَا تُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ وَإِنْ اُلْتُزِمَ الضَّمَانُ عِنْدَ الْهَلَاكِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ عُدُولًا مَعْلُومَةً لِيَنْتَفِعَ بِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا مُجَهِّلًا لَهَا وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ أَمَانَةٌ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ وَالْأَمَانَاتُ مَضْمُونَةٌ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِصَانَهُ لِيَرْكَبَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ إلَى قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَرَكِبَ إلَى الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَتَجَاوَزَهَا إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى بَعِيدَةٍ وَغَابَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ ثُمَّ رَجَعَ قَائِلًا إنَّ الْحِصَانَ قَدْ هَلَكَ مَعَهُ فِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى بَعْدَ مُرُورِ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحِصَانِ لِصَاحِبِهِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَتْ عَارِيَّةُ الْحِصَانِ الْمَذْكُورَةِ مُوَقَّتَةً بِوَقْتٍ وَمُقَيَّدَةً بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَأَمْسَكَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ وَتَجَاوَزَ بِهِ الْمَكَانَ الْمُعَيَّنَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحِصَانِ لِصَاحِبِهِ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ 32 الْعَارِيَّةُ لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْمَكَانِ فَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ يَضْمَنُ وَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً بِوَقْتٍ فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَيَسْتَوِي فِيهِ أَنْ تَكُونَ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً نَصًّا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِيَكْسِرَ الْحَطَبَ فَكَسَرَهُ وَأَمْسَكَ حَتَّى هَلَكَ يَضْمَنُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَكْرُبَ أَرْضَهُ وَعَيَّنَهَا فَكَرَبَ أَرْضًا أُخْرَى فَعَطِبَ الثَّوْرُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَخْتَلِفُ فِي الْكِرَابِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَذَهَبَ إلَى آخَرَ بِتِلْكَ الْمَسَافَةِ كَانَ ضَامِنًا وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَكْرُبْ حَتَّى عَطِبَ لِعَدَمِ الرِّضَا مِنْ الْمَالِكِ بِالْإِمْسَاكِ وَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ إذَا أَمْسَكَ وَلَمْ يَذْهَبْ. (أَقُولُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ لِكَرْبِ مِثْلِ الْأَرْضِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ أَرْخَى مِنْهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ وَسَمَّى نَوْعًا فَخَالَفَ لَا يَضْمَنُ مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَخَفَّ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا فَسَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ إنْ كَانَا سَوَاءً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ أَوْ غَيْرَ مَسْلُوكٍ ضَمِنَ وَكَذَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْأَمْنِ عِمَادِيَّةٌ اسْتَعَارَ قِدْرًا لِغَسْلِ الثِّيَابِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى سُرِقَ لَيْلًا ضَمِنَ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الرَّابِعِ مِنْ الْعَارِيَّةِ الْعَارِيَّةُ لَوْ مُوَقَّتَةً فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ الْعَارِيَّةَ فِي الرُّجُوعِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ ذَلِكَ عِمَادِيَّةٌ وَفِيهَا فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمُسْتَعِيرُ لَهَا مَوْضِعًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْمِصْرِ. اهـ.
وَفِي الْقَوْلِ لِمَنْ عَنْ الْبَدَائِعِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الْأَيَّامِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ فِيمَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَسْتَفِيدُ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ مِنْ الْمُعِيرِ فَكَانَ الْقَوْلُ فِي الْمِقْدَارِ وَالتَّعْيِينِ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَارِيَّةِ فَادَّعَى الْمُعِيرُ انْتِفَاعًا مُقَيَّدًا بِفِعْلٍ مَخْصُوصٍ وَالْمُسْتَعِيرُ الْإِطْلَاقَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ فِي التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي أَصْلِ الْإِعَارَةِ فَكَذَا فِي صِفَتِهَا. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَرَكِبَهَا وَقَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَكَانِ صَادَفَهُ مُتَغَلِّبٌ وَأَخَذَهَا مِنْهُ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ بِوَجْهٍ وَخَافَ مِنْ ضَرَرِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ أَمَانَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُسْتَعِيرَ أَمِينٌ وَالْأَمِينُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ إذَا تَرَكَ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ وَلَوْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ أَجْنَبِيٌّ وَالْمُودَعُ يَرَاهُ فَسَكَتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ ضَمِنَ إنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ لِخَوْفٍ مِنْ ضَرَرِهِ وَغَارَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ قَصْرًا فِي دَارِ أَبِيهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْقَصْرُ لِبَانِيهِ وَيَكُونُ كَالْمُسْتَعِيرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ كُلُّ مَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَهُوَ لِمَالِكِهَا إلَخْ وَمَسْأَلَةُ الْعِمَارَةِ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهَا وَعِبَارَةُ الْمُحَشِّي بَعْدَ قَوْلِهِ وَيَكُونُ كَالْمُسْتَعِيرِ فَيُكَلَّفُ قَلْعَهُ مَتَى شَاءَ.
(سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ مِيرِيَّةٍ أَذِنَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا لِزَيْدٍ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا بِنَاءً وَلَمْ يَبْنِ بَعْدُ وَيُرِيدُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ الْمَرْقُومِ وَمَنْعَهُ مِنْ الْبِنَاءِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الْحَائِكِ سُئِلَ فِيمَا إذَا أَذِنَ نَاظِرُ وَقْفٍ لِزَيْدٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ غِرَاسًا وَلَمْ يَغْرِسْ بَعْدُ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ الْمَرْقُومِ وَمَنْعَ زَيْدٍ مِنْ الْغِرَاسِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ الْجَوَابُ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْغَرْسِ.
(سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ حَفَرَ سِرْدَابًا لَهُ فِي دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو الذِّمِّيِّ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ عَمْرٌو دَارِهِ مِنْ بَكْرٍ الذِّمِّيِّ وَيَطْلُبُ بَكْرٌ الْآنَ رَفْعَ السِّرْدَابِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ وَقْتَ الْبَيْعِ بَقَاءَ السِّرْدَابِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ رَجُلٌ اسْتَأْذَنَ جَارًا لَهُ فِي وَضْعِ جُذُوعٍ لَهُ عَلَى حَائِطِ الْجَارِ أَوْ فِي حَفْرِ سِرْدَابٍ تَحْتَ دَارِهِ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَفَعَلَ ثُمَّ إنَّ الْجَارَ بَاعَ دَارِهِ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي رَفْعَ الْجُذُوعِ وَالسِّرْدَابِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا شُرِطَ فِي الْبَيْعِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْقِسْمَةِ وَالْأَشْبَاهِ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَرَاجِعْ حَاشِيَةَ السَّيِّدِ أَحْمَدَ. (أَقُولُ) وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْآذِنُ فَلِوَرَثَتِهِ رَفْعُ الْبِنَاءِ عَنْ مِلْكِهِمْ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مُوَرِّثُهُمْ كَمَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ مِنْ الْخَيْرِيَّةِ وَلَا يَظْهَرُ هُنَا اشْتِرَاطُ بَقَائِهِ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ جَبْرِيٌّ لَا يَتَقَيَّدُ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ وَالْوَارِثُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ أَذِنَ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ بِبِنَاءِ مَحَلٍّ فِي دَارِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلِبَاقِي وَرَثَتِهِ مُطَالَبَتُهُ بِرَفْعِهِ إنْ لَمْ تَقَعْ الْقِسْمَةُ وَلَمْ يَخْرُجْ فِي مَقْسِمِهِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اسْتَعَارَ دَارًا فَبَنَى فِيهَا بِلَا أَمْرِ الْمَالِكِ أَوْ قَالَ لَهُ ابْنِ لِنَفْسِك ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ بِحُقُوقِهَا يُؤْمَرُ الْبَانِي بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَإِذَا فَرَّطَ فِي الرَّدِّ بَعْدَ الطَّلَبِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ ضَمِنَ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّةً إلَى مَكَان مَعْلُومٍ وَقَالَ لَهُ عَمْرٌو إذَا وَصَلْت إلَى الْمَكَانِ الْمَزْبُورِ ابْعَثْهَا مَعَ مَنْ شِئْت فَبَعَثَهَا زَيْدٌ عَلَى يَدِ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ يَكُونُ زَيْدٌ غَيْرَ ضَامِنٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ إلَى مَكَانِ كَذَا وَقَالَ لَهُ الْمَالِكُ ابْعَثْهَا مُطْلَقًا فَبَعَثَهَا عَلَى يَدِ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَمْ يَضْمَنْ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَفِي التَّجْرِيدِ الْبُرْهَانِيِّ رَجُلٌ جَاءَ إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَقَالَ إنِّي اسْتَعَرْت الدَّابَّةَ الَّتِي عِنْدَك مِنْ فُلَانٍ مَالِكِهَا وَأَمَرَنِي أَنْ أَقْبِضَهَا مِنْك فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ بِذَلِكَ فَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ كَذَّبَهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَوْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ قَالَ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ هُوَ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَهُوَ يَجْحَدُ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْإِذْنِ عِمَادِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ زَوْجَتِهِ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَزَرَعَهَا حِنْطَةً بَعْدَ مَا حَرَثَهَا وَأَذِنَتْ لَهُ بِزَرْعِهَا وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَتُرِيدُ الْآنَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْهَا وَأَخْذَهَا مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَحْصُدَ الزَّرْعَ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَإِذَا اسْتَعَارَهَا لِيَزْرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَحْصُدَ الزَّرْعَ وَقَّتَهَا أَوْ لَا. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِمَارًا لِيَحْمِلَهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُعِيرُهُ مِنْ غَيْرِهِ فَحَمَلَهُ ثُمَّ أَعَارَهُ مِنْ بَكْرٍ فَحَمَلَهُ بَكْرٌ وَمَاتَ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو تَضْمِينَ زَيْدٍ قِيمَةَ الْحِمَارِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَيَضْمَنُ لِمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلُ حَيْثُ اسْتَعَارَهُ لِلتَّحْمِيلِ فَحَلَمَهُ ثُمَّ أَعَارَهُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً أَوْ اسْتَأْجَرَهَا مُطْلَقًا بِلَا تَقْيِيدٍ يَحْمِلُ مَا شَاءَ وَيُعِيرُ لَهُ أَيْ لِلْحَمْلِ وَيَرْكَبُ عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ وَأَيًّا فَعَلَ أَوَّلًا تَعَيَّنَ مُرَادًا وَضَمِنَ بِغَيْرِهِ إنْ عَطِبَتْ حَتَّى لَوْ أَلْبَسَ أَوْ رَكِبَ غَيْرُهُ لَمْ يَرْكَبْ بِنَفْسِهِ بَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ كَافِي. اهـ.
وَالثَّانِي لِلنَّهْيِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فَلَوْ قَالَ لَا تَدْفَعْ لِغَيْرِك فَدَفَعَ فَهَلَكَ ضَمِنَ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي مُسْتَعِيرِ ثَوْرٍ ذَبَحَهُ مُدَّعِيًا الْإِيَاسَ مِنْ حَيَاتِهِ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ يُنْكِرُ الْإِيَاسَ مِنْ حَيَاتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُسْتَعِيرِ عَلَى دَعْوَاهُ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ لَا تُرْجَى حَيَاتُهُ لَا يَضْمَنُ الذَّابِحُ بِالذَّبْحِ قِيمَتَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَالِكُ كَانَتْ حَيَاتُهُ تُرْجَى وَقَالَ الذَّابِحُ لَا تُرْجَى فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الذَّابِحِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَحَلَفَ الْمَالِكُ ضَمِنَ الذَّابِحُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الذَّبْحِ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ بِيَمِينِهِ وَإِذَا ادَّعَى الْمَالِكُ زِيَادَةً عَمَّا يَقُولُ الذَّابِحُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ ضَمَانِ الْأَجِيرِ مُصَدَّرَةً فِي حِرَاثٍ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الْأَمَانَةُ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ أَمِينٌ وَالْمُسْتَعِيرَ أَمِينٌ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ بَهِيمَةً وَتَسَلَّمَهَا وَدَخَلَ دَارًا وَأَبْقَاهَا فِي السِّكَّةِ وَغَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ حَتَّى ضَاعَتْ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِصَاحِبِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَضْمَنُ قَالَ مُؤَيَّدُ زَادَهْ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا دَخَلَ الْمُسْتَعِيرُ لِبَيْتِهِ وَتَرَكَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ فِي السِّكَّةِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ سَوَاءٌ رَبَطَهَا أَوْ لَمْ يَرْبِطْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ فَقَدْ ضَيَّعَهَا حَتَّى إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَوْ الْبَيْتَ وَالدَّابَّةُ لَا تَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فُصُولَيْنِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَمَلًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْحِنْطَةِ فَحَمَّلَهُ أَزْيَدَ مِنْهُ وَعَلِمَ أَنَّ الْجَمَلَ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ فَهَلَكَ الْجَمَلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُضَمِّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةً فَحَمَّلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا فَهَلَكَتْ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ لَا تُطِيقُ حَمْلَ هَذَا الْقَدْرِ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهَا لِأَنَّ هَذَا اسْتِهْلَاكٌ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تُطِيقُ ضَمِنَ ثُلُثَ قِيمَتِهَا تَوْزِيعًا لِلضَّمَانِ عَلَى قَدْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَغَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ بِهِ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةً فَطَحَنَ أَحَدَ عَشَرَ فَهَلَكَ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَحَنَ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَقَدْ انْتَهَى الْإِذْنُ فَبَعْدَ ذَلِكَ اسْتَعْمَلَ الدَّابَّةَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا فَيَصِيرُ غَاصِبًا بِخِلَافِ الْحَمْلِ لِأَنَّ حَمْلَ الْكُلِّ عَلَيْهَا يُوجَدُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُوَ فِي الْبَعْضِ مَأْذُونٌ وَفِي الْبَعْضِ مُخَالِفٌ فَتَوَزَّعَ الضَّمَانُ عِمَادِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ إذَا أَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ وَهَلَكَتْ هَلْ يَضْمَنُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الْعَارِيَّةُ لَوْ مُؤَقَّتَةً فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَسَوَاءٌ تَوَقَّتَتْ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِيَكْسِرَ حَطَبًا فَكَسَرَهُ فَأَمْسَكَ ضَمِنَ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ فُصُولَيْنِ وَإِنْ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ أَوْ نَوْعٍ أَوْ بِهِمَا ضَمِنَ بِالْخِلَافِ إلَى شَرٍّ لَا إلَى مِثْلِهِ أَوْ خَيْرٍ عَلَائِيٌّ الْعَارِيَّةُ لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْمَكَانِ فَجَاوَزَهُ يَضْمَنُ وَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ لَمْ يَذْهَبْ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ يَضْمَنُ وَالْمُكْثُ الْمُعْتَادُ عَفْوٌ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْإِجَارَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَحَمَلَ شَيْئًا أَخَفَّ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ أَسْهَلَ عَلَى الدَّابَّةِ يَضْمَنُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ عِمَادِيَّةٌ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ آخِرًا يَضْمَنُ الظَّاهِرُ أَنَّ صَوَابَهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ عِبَارَةَ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِرَمْزِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ هَكَذَا وَلَوْ ذَهَبَ إلَى مَكَان آخَرَ لَا إلَى الْمُسَمَّى ضَمِنَ وَلَوْ أَقْصَرَ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمُسَمَّى ضَمِنَ وَالْمُكْثُ الْمُعْتَادُ عَفْوٌ وَكَذَا الْإِجَارَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ بُرًّا فَحَمَلَ الْأَخَفَّ يَبْرَأُ. اهـ.
وَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَلَكِنَّهُ اسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ ضَمِنَ وَلَوْ أَقْصَرَ وَقَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِمَا إلَى خَيْرٍ لَا إلَى شَرٍّ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَضْمَنَ فِيهِمَا. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ فَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَوْدَعَهَا عِنْدَ بَكْرٍ فَأَخَذَهَا بَكْرٌ وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَدِينَةَ بَعْلَبَكَّ فَذَهَبَ زَيْدٌ وَعَبْدُ عَمْرٍو بِإِذْنِ عَمْرٍو لِيَأْتِيَا لَهُ بِهَا فَتَسَلَّمَاهَا مِنْ بَكْرٍ وَسَلَّمَهَا زَيْدٌ لِعَبْدِ عَمْرٍو الْمَأْذُونِ لَهُ بِأَخْذِهَا ثُمَّ مَاتَتْ الدَّابَّةُ عِنْدَ الْعَبْدِ الْمَزْبُورِ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ وَيَزْعُمُ عَمْرٌو أَنَّ زَيْدًا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ لَهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ عِنْدَ مَشَايِخِ الطُّرُقِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مِنْ وَاقِعَاتِ اللَّامِشِيِّ وَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَرْسَلَهَا عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ بَحْرٌ مِنْ الْعَارِيَّةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَرْهَنُ وَلَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ يَضْمَنُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي 33 أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ أَوَّلِ الْعَارِيَّةِ وَقَالَ فِي هَامِشِهِ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ وَأَمَّا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ. (أَقُولُ) لِلْمُسْتَعِيرِ الْإِعَارَةُ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ إذَا اسْتَعَارَ مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُعِيرَ مُنْتَفَعًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ أَوْ لَا كَالْحَمْلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالسُّكْنَى وَالثَّانِي فِيمَا إذَا عَيَّنَ مُنْتَفَعًا وَكَانَتْ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ النَّهْيِ فَلَوْ قَالَ لَا تَدْفَعْ لِغَيْرِك فَدَفَعَ فَهَلَكَ ضَمِنَ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ وَهَذَا أَيْضًا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَكَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ وَلَوْ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً لِتَعَيُّنِهِ وَكَذَا لَوْ فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِعَارَةُ مُطْلَقًا لِبَقَائِهِ مُودَعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ فِي الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِعَارَةُ إذَا فَرَغَ فِيمَا يَخْتَلِفُ وَغَيْرُهُ وَكَذَا لَيْسَ لَهُ الْإِعَارَةُ فِيمَا يَخْتَلِفُ وَكَانَتْ مُقَيَّدَةً وَكَذَا لَوْ اسْتَعْمَلَ مَا يَخْتَلِفُ وَلَوْ فِي الْمُطْلَقَةِ وَكَذَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ الدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ فِيهَا الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ هَلْ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ قِيلَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهَا حِفْظٌ بِدُونِ انْتِفَاعٍ فَإِذَا مَلَكَ الْأَعْلَى مَلَكَ الْأَدْنَى وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَلَيْسَ لِلْأَمِينِ أَنْ يُودِعَ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا مَلَكَ الْإِعَارَةَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْإِذْنِ بِالِانْتِفَاعِ مِنْ الْمُعِيرِ وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ فِي النِّهَايَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى مَالِكِهِ سَلِيمًا أَمَّا لَوْ هَلَكَ بَعْدَهُ فَلَا كَلَامَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ وَمِثْلُهُ مَا فِي السُّؤَالِ فَإِنَّهُ قَدْ يُسَلِّمُ الدَّابَّةَ إلَى عَبْدِ الْمَالِكِ الْمَأْذُونِ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى بِنَاءِ عَدَمِ الضَّمَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَهُ أَنْ يُودِعَ كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ.
(سُئِلَ) فِي الْمُعِيرِ إذَا طَلَبَ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مِرَارًا فَفَرَّطَ حَتَّى هَلَكَتْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنْ الدَّفْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ فَهَلْ يَضْمَنُهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَضْمَنُ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ.

.كِتَابُ الْهِبَةِ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَتْ هِنْدٌ لِزَيْدٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ فَطَالَبَتْهُ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ فَقَالَ إنَّك دَفَعْته لِي هِبَةً وَقَالَتْ بَلْ قَرْضًا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا بِيَمِينِهَا فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الْقَرْضِ الْمَزْبُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ دَفَعَ لِآخَرَ عَيْنًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الدَّافِعُ قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ كَذَا فِي الْقَوْلِ لِمَنْ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَقَالَ أَنْفِقْهَا فَفَعَلَ فَهُوَ قَرْضٌ كَمَا لَوْ قَالَ اصْرِفْهَا إلَى حَوَائِجِك وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ اكْتَسِ بِهِ فَفَعَلَ يَكُونُ هِبَةً؛ لِأَنَّ قَرْضَ الثَّوْبِ بَاطِلٌ لِسَانُ الْحُكَّامِ مِنْ الْهِبَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثُ بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي مِلْكِهِ عَلَى سَبِيلِ الشُّيُوعِ أَرْضًا وَغِرَاسًا فَوَهَبَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ الْقَاصِرِينَ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَالْبُسْتَانُ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ثُمَّ بَاعَ زَيْدٌ مَعَ بَقِيَّةِ شُرَكَائِهِ جَمِيعَ الْبُسْتَانِ مِنْ رَجُلٍ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ فَاسِدَةً وَالْبَيْعُ نَافِذًا؟
(الْجَوَابُ): هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَهُوَ مَا يُجْبِرُ الْقَاضِي فِيهِ الْآبِيَ عَلَى الْقِسْمَةِ عِنْدَ طَلَبِ الشَّرِيكِ لَهَا لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمُخْتَارِ مُطْلَقًا شَرِيكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ابْنًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَوْ بَاعَهُ الْوَاهِبُ صَحَّ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ بَاطِلَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي مُشْتَمَلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى مَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَالْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ فِي التَّنْوِيرِ أَيْضًا. (أَقُولُ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ لَكِنْ قَالَ شَارِحُهُ مُسْتَدْرِكًا عَلَيْهِ بِمَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَبِهِ يُفْتَى ثُمَّ قَالَ إنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ يَعْنِي أَنَّ لَفْظَ وَبِهِ يُفْتَى أَيْ بِالْقَوْلِ بِإِفَادَتِهَا الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ أَيْ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُفِيدُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ مُعَنْوَنٌ بِلَفْظِ الْفَتْوَى الَّذِي هُوَ آكَدُ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الصَّحِيحَ قَدْ لَا يُفْتَى بِهِ لِوُجُودِ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ أَوْ لِتَغَيُّرِ عُرْفٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي الْإِفْتَاءَ بِخِلَافِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَظْهَرُ لِأَهْلِ التَّرْجِيحِ بِخِلَافِ لَفْظِ بِهِ يُفْتَى فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يُفْتَى بِخِلَافِهِ فَلِذَا كَانَ آكَدَ.
لَكِنْ كَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا صُورَتُهُ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَلَا تُفِيدُ الْمِلْكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَسَلَّمَهُ شَائِعًا لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فَيَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَيَنْفُذَ فِيهِ تَصَرُّفُ الْوَاهِبِ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ رُسْتُمَ مِثْلُهُ وَذَكَرَ عِصَامٌ أَنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ. اهـ.
وَمَعَ إفَادَتِهَا لِلْمِلْكِ عِنْدَ هَذَا الْبَعْضِ أَجْمَعَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْوَاهِبِ اسْتِرْدَادَهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَامِزًا لِفَتَاوَى الْفَضْلِيِّ ثُمَّ إذَا هَلَكَتْ أَفْتَيْت بِالرُّجُوعِ لِلْوَاهِبِ هِبَةً فَاسِدَةً لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ إذْ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فَإِذَا كَانَتْ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَلَاكِ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الرَّدِّ قَبْلَ الْهَلَاكِ. اهـ.
وَكَمَا يَكُونُ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِيهَا يَكُونُ لِوَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِكَوْنِهَا مُسْتَحَقَّةَ الرَّدِّ وَتُضْمَنُ بَعْدَ الْهَلَاكِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلِوَرَثَتِهِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الرَّدِّ وَمَضْمُونٌ بِالْهَلَاكِ ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْقَضَاءَ يُتَخَصَّصُ فَإِذَا وَلَّى السُّلْطَانُ قَاضِيًا لِيَقْضِيَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْهُ بِتَخْصِيصِهِ فَالْتَحَقَ فِيهِ بِالرَّعِيَّةِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ.
مَا فِي الْخَيْرِيَّةُ وَبِهِ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ أَيْضًا وَالتَّاجِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْبَحْرِ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ الْمُبْتَغَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَصِحُّ وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْوَجِيزِ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ بِالْقَبْضِ وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا إلَّا عِنْدَ أَدَاءِ الْعِوَضِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إذْ الْهِبَةُ تَنْقَلِبُ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ. اهـ.
وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقْسَمُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.
فَحَيْثُ عَلِمْت أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ظَهَرَ أَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ لَا يُعْدَلُ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَكُونُ مِلْكًا خَبِيثًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ يَجِدْ نَفْعًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَكْثَرْت النَّقْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَعَدَمِ تَنَبُّهِ أَكْثَرِ النَّاسِ لِلُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَرَجَاءً لِدَعْوَةٍ نَافِعَةٍ فِي الْغَيْبِ. اهـ.
مَا ذَكَرْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشُّيُوعَ إنَّمَا يَمْنَعُ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَوْ وَهَبَ مُشَاعًا ثُمَّ قَسَمَ وَقْتَ الْقَبْضِ وَسَلَّمَ جَازَ حَتَّى لَوْ وَهَبَ نِصْفَ دَارٍ شَائِعًا وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ الْكُلَّ جَازَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي طَاحُونَةٍ وَلَهُ عِدَّةُ مَوَاشٍ وَحَمِيرٌ وَآلَاتُ فِلَاحَةٍ وَكُتُبٌ مَعْلُومَاتٌ لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَمَلَّكَ وَوَهَبَ مَا ذُكِرَ مِنْ ابْنَيْهِ الْبَالِغَيْنِ هِبَةً شَرْعِيَّةً مُشْتَمِلَةً عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّسَلُّمِ وَالتَّسْلِيمِ وَفَرَّغَ لَهُمَا عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ وَصَدَرَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَصُدِّقَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى الْفَرَاغِ وَأَجَازَهُ وَمَاتَ زَيْدٌ عَنْ ابْنَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِمَا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْهِبَةَ صَدَرَتْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَهُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَلِلِابْنَيْنِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ وَالْفَرَاغُ صَحِيحَيْنِ وَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُقَدَّمُ؟
(الْجَوَابُ): تَصِحُّ هِبَةُ مُشَاعٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى فَحَيْثُ كَانَتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا ذُكِرَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَكَذَا الْفَرَاغُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَا فِي الصِّحَّةِ وَبَيِّنَةُ الصِّحَّةِ تُقَدَّمُ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ بِمَا نَصُّهُ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ وَهَبَهُ مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ وَقَبَضَهُ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ قَالُوا كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّ الْقَوْلَ يَكُونُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْهِبَةَ فِي الْمَرَضِ وَإِنْ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْهِبَةَ فِي الصِّحَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَهَبَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَوْلَادِهَا حِصَّةً مِنْ بِنَاءِ طَاحُونَةٍ هَلْ تَصِحُّ أَمْ لَا كَذَا وَرَدَتْ صُورَةُ الدَّعْوَى سَنَةَ 1145
(الْجَوَابُ): أَمَّا هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهْبَةُ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ الْوَاهِبُ عَلَى نَقْضِهِ قَالَ فِي الدُّرَرِ وَكَذَا تَجُوزُ هِبَةُ الْبِنَاءِ دُونَ الْعَرْصَةِ إذَا أَذِنَ الْوَاهِبُ فِي نَقْضِهِ وَهِبَةُ أَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ دُونَهُ أَيْ دُونَ الزَّرْعِ أَوْ نَخْلٍ فِيهَا تَمْرٌ دُونَهُ أَيْ دُونَ التَّمْرِ إذَا أَمَرَهُ أَيْ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالْحَصَادِ فِي الزَّرْعِ وَالْجُذَاذِ فِي التَّمْرِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لِلْجَوَازِ الِاشْتِغَالُ بِمِلْكِ الْمَوْلَى فَإِذَا أَذِنَ الْمَوْلَى فِي النَّقْضِ وَالْحَصَادِ وَالْجُذَاذِ وَفَعَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ زَالَ الْمَانِعُ فَجَازَتْ الْهِبَةُ. اهـ.
وَنَقَلَهُ فِي الْمِنَحِ عَنْهَا وَأَقَرَّهُ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ وَهَبَ زَرْعًا فِي أَرْضٍ أَوْ ثَمَرًا فِي شَجَرٍ أَوْ حِلْيَةَ سَيْفٍ أَوْ بِنَاءَ دَارٍ أَوْ دِينَارًا عَلَى رَجُلٍ أَوْ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ وَأَمَرَهُ بِالْحَصَادِ وَالْجُذَاذِ وَالْقَلْعِ وَالنَّقْضِ وَالْقَبْضِ وَالْكَيْلِ فَفَعَلَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَفَعَلَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي غَيْرِهِ ضَمِنَ. اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْهِبَةِ وَإِذَا وَهَبَ لَهُ نَصِيبًا فِي حَائِطٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ حَمَّامٍ وَسَلَّطَهُ فَهُوَ جَائِزٌ. اهـ.
وَأَفْتَى جَدُّ جَدِّي الْمَرْحُومُ عِمَادُ الدِّينِ عَنْ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ وَصُورَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عِمَارَةٌ قَائِمَةٌ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَمَلَكَ زَيْدٌ الْعِمَارَةَ الْمَزْبُورَةَ لِزَوْجَتِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا بِنَقْضِ الْعِمَارَةِ فَهَلْ يَكُونُ التَّمْلِيكُ غَيْرَ صَحِيحٍ أَمْ لَا الْجَوَابُ نَعَمْ يَكُونُ التَّمْلِيكُ غَيْرَ صَحِيحٍ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عِمَادُ الدِّينِ عُفِيَ عَنْهُ فَلْيُنْظَرْ فِي مَسْأَلَتِنَا هَلْ سَلَّطَتْهُ عَلَى نَقْضِهِ أَمْ لَا فَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ مِنْ الْهِبَةِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَقْبُوضًا حَتَّى لَا يَثْبُتَ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنْ يَكُونَ مَقْسُومًا إذَا كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَأَنْ يَكُونَ مُتَمَيِّزًا عَنْ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَكُونَ مُتَّصِلًا وَلَا مَشْغُولًا بِغَيْرِ الْمَوْهُوبِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْوَاهِبِ دُونَ الزَّرْعِ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ نَخْلًا فِيهَا ثَمَرَةٌ لِلْوَاهِبِ مُعَلَّقَةٌ بِهِ دُونَ الثَّمَرَةِ أَوْ عَكْسَهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ وَهَبَ دَارًا أَوْ ظَرْفًا فِيهَا مَتَاعٌ لِلْوَاهِبِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْبَزَّازِيَّةِ وَهَبَ الْبِنَاءَ لَا الْأَرْضَ يَجُوزُ بِحَمْلِ إطْلَاقِهِ عَلَى مَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَاهِبُ فِي نَقْضِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الدُّرَرِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ أَفْتَى مُفْتِي الرُّومِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْبَزَّازِيَّةِ بِالْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ التُّرْكِيَّةِ الشَّهِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقَلَ مِثْلَهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْمُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ هِبَةُ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ جَائِزَةٌ قَالَ وَفِي الْفَتَاوَى عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ نَخْلَةً وَهِيَ قَائِمَةٌ لَا يَكُونُ قَابِضًا لَهَا حَتَّى يَقْطَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ. اهـ.
هَذَا وَالْمُوَافِقُ لِلْمُتُونِ مَا مَرَّ عَنْ الدُّرَرِ لِقَوْلِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ تَصِحُّ فِي مَحُوزٍ مَقْسُومٍ وَمُشَاعٍ لَا يُقْسَمُ قَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالْمَحُوزِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ كَالثَّمَرَةِ عَلَى الشَّجَرِ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَيَظْهَرُ لِي التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ بِأَنَّ مَنْ قَالَ كَالدُّرَرِ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ الْوَاهِبُ عَلَى نَقْضِهِ مَعْنَاهُ لَا يَتِمُّ وَلَا تُمْلَكُ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَاهِبُ بِالنَّقْضِ وَنَقَضَهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ النَّقْضِ صَارَ مَحُوزًا مُسَلَّمًا وَمَنْ قَالَ تَصِحُّ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ أَرَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْمِلْكَ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ وَبِمَا ذُكِرَ هُنَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ تَصِحُّ فِي مَحُوزٍ مَقْسُومٍ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تُمْلَكُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ لَا أَنَّ الصِّحَّةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ شَائِعًا يُقْسَمُ تَصِحُّ الْهِبَةُ مِنْ غَيْرِ مِلْكٍ وَلِهَذَا لَوْ قَبَضَهُ مَقْسُومًا مَلَكَهُ وَلَوْ كَانَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ لَاحْتِيجَ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ.
كَلَامُ الْبَحْرِ وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَا آنِفًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِي هِبَةِ الْبِنَاءِ: إنَّهَا جَائِزَةٌ ثُمَّ قَالَ فِي هِبَةِ النَّخْلَةِ الْقَائِمَةِ لَا يَكُونُ قَابِضًا حَتَّى يَقْطَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا فَإِنَّ قَوْلَهُ جَائِزَةٌ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمِلْكُ.
وَقَوْلَهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا إلَخْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْجَوَازِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْقِيقَ فَإِنَّهُ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ هَذَا وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ جَوَابَ جَدِّ جَدِّهِ السَّابِقِ وَأَيَّدَهُ بِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الدُّرَرِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى ثُمَّ قَالَ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الدُّرَرِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لِلْجَوَازِ الِاشْتِغَالُ بِمِلْكِ الْمَوْلَى وَلَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ مَشْغُولًا بِمِلْكِ الْمَوْلَى بَلْ بِمِلْكِ غَيْرِهِ يَعْنِي فِي صُورَةِ مَسْأَلَةِ جَدِّ جَدِّهِ عِمَادِ الدِّينِ فَلَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ الْجَوَازِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ اشْتِغَالِ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْوَاهِبِ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَاشْتِغَالُ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْوَاهِبِ هَلْ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنْ هِبَةِ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فَتَأَمَّلْ وَلَا تَعْجَلْ فِي الْفَتْوَى. اهـ.
مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (وَأَقُولُ) هَذَا اعْتِرَاضٌ مِنْهُ عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ جَدُّ جَدِّهِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ قَائِمَةٌ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ لَا فِي أَرْضِ الْوَاهِبِ وَقَدْ قَالَ فِي الدُّرَرِ إنَّ الْمَانِعَ لِلْجَوَازِ الِاشْتِغَالُ بِمِلْكِ الْمَوْلَى يَعْنِي الْوَاهِبَ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ هِبَةِ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي زِيَادَاتِ قَاضِي خَانْ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَ الْوَاهِبِ أَوْ غَيْرَهُ لَكِنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَمْتَنِعُ إذَا كَانَ الِاشْتِغَالُ بِمَتَاعٍ فِي يَدِ الْوَاهِبِ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِغَصْبٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا تَمْتَنِعُ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْهِبَةَ إذَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْوَاهِبِ أَوْ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَمْنَعُ الْهِبَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. اهـ.
مَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا فِي الدُّرَرِ وَمَا فِي الْمِنَحِ وَهُوَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْفُصُولَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ مَشْغُولَةً كَهِبَةِ دَارٍ فِيهَا مَتَاعٌ لِلْوَاهِبِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَمَسْأَلَةُ هِبَةِ الْعِمَارَةِ دُونَ الْأَرْضِ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ هِبَةِ الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ بِالْأَرْضِ بَلْ هِيَ قَائِمَةٌ عَلَيْهَا مُتَّصِلَةٌ بِهَا لَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ مِنْ قَبِيلِ هِبَةِ الشَّاغِلِ وَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ تَجُوزُ هِبَةُ الشَّاغِلِ لَا الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِالشَّاغِلِ الَّذِي تَجُوزُ هِبَتُهُ غَيْرُ الْمُتَّصِلِ كَمَا إذَا وَهَبَ مَتَاعًا فِي دَارِهِ أَوْ جُوَالِقِهِ بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الشَّجَرِ بِدُونِ الْأَرْضِ حَتَّى يُقْطَعَ وَيُسَلَّمَ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ تَتَارْخَانِيَّةٍ وَالْعِمَارَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا مَرَّ فِي عِبَارَةِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ النِّهَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَكُونُ مُتَّصِلًا وَلَا مَشْغُولًا بِغَيْرِ الْمَوْهُوبِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ كَوْنُهُ مُتَّصِلًا أَوْ مَشْغُولًا بِغَيْرِهِ لَا شَاغِلًا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّاغِلِ غَيْرُ الْمُتَّصِلِ وَإِلَّا لَزِمَ كَوْنُ الْمُتَّصِلِ مَانِعًا وَغَيْرَ مَانِعٍ وَهُوَ كَلَامٌ مُتَدَافِعٌ وَرَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ تَجُوزُ هِبَةُ الشَّاغِلِ أَقُولُ لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنَّ الزَّرْعَ وَالشَّجَرَ فِي الْأَرْضِ شَاغِلٌ لَهَا لَا مَشْغُولٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ لِاتِّصَالِهِ بِهَا. اهـ.
فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الِاتِّصَالُ وَإِنْ كَانَ شَاغِلًا ثُمَّ كَتَبَ الرَّمْلِيُّ عَلَى قَوْلِ الْفُصُولَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي زِيَادَاتِ قَاضِي خَانْ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ أَنَّ مِمَّا يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي رَجُلٍ لَهُ شَجَرٌ أَوْ زَرْعٌ أَوْ بِنَاءٌ فِي أَرْضٍ مِلْكٍ أَوْ مُعَارَةٍ أَوْ مُحْتَكَرَةٍ لِآخَرَ أَوْ مَغْصُوبَةٍ وَهَبَهُ لِمَنْ الْأَرْضُ بِيَدِهِ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ وَإِنْ كَانَ شَاغِلًا لِلْأَرْضِ لَا مَشْغُولًا وَلَا يَدُلُّ مَا فِي الزِّيَادَاتِ عَلَى جَوَازِهَا؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا أَنَّ الْمَانِعَ فِي مِثْلِهِ الِاتِّصَالُ وَجَعَلُوهُ كَالشَّائِعِ. اهـ.
مُلَخَّصًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الزِّيَادَاتِ مِنْ أَنَّ هِبَةَ الْمَشْغُولِ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ الشَّاغِلُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الشَّاغِلِ نَحْوَ الشَّجَرِ إذَا كَانَ قَائِمًا فِي أَرْضٍ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُنَا لَيْسَ كَوْنُهُ شَاغِلًا؛ لِأَنَّ الشَّاغِلَ تَجُوزُ هِبَتُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْغُولُ بِهِ لَيْسَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنَّمَا الْمَانِعُ اتِّصَالُهُ بِغَيْرِهِ وَكَوْنُهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ حَتَّى صَارَ كَالْمُشَاعِ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ إلَّا بَعْدَ إفْرَازِهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ هِبَةَ الشَّاغِلِ الْمُتَّصِلِ لَا تَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْغُولُ بِهِ بِيَدِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ غَيْرِهِمَا وَظَهَرَ أَيْضًا صِحَّةُ مَا أَجَابَ بِهِ جَدُّ جَدِّ الْمُؤَلِّفِ وَأَنَّ اعْتِرَاضَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَارِدٍ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الْفَرَائِدَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ غِرَاسٌ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَوَهَبَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ تُسَلِّمْهُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْأَشْجَارِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ هِبَةُ النَّخْلِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ وَفِي التَّنْوِيرِ.
وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ وَصُوفٍ عَلَى غَنَمٍ وَنَخْلٍ فِي أَرْضٍ وَتَمْرٍ فِي نَخْلٍ وَلَوْ فَصَلَهُ وَسَلَّمَهُ جَازَ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ بَقْلٌ أَوْ نَخْلًا عَلَيْهِ تَمْرٌ أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ النَّخْلَ بِلَا أَرْضٍ أَوْ نَخْلًا بِدُونِ التَّمْرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مُتَّصِلٌ بِغَيْرِهِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ مَعَ إمْكَانِ الْقَطْعِ فَقَبْضُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَالَةِ الِاتِّصَالِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ. اهـ.
وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ هِبَةَ الشَّجَرِ بِدُونِ الْأَرْضِ كَهِبَةِ مُشَاعٍ مُحْتَمِلِ الْقِسْمَةِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ. اهـ.
وَلَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ تَسَلُّمِهِ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ هِبَةً صَحِيحَةً وَلَمْ تُسَلَّمْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ بِمَوْتِهِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمَرِيضِ إلَّا مَقْبُوضَةً فَإِذَا قُبِضَتْ جَازَتْ وَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ.
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى مَاتَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ابْنَانِ كَبِيرَانِ وَأَمْلَاكٌ تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَحِصَّةٌ فِي مُشَاعٍ تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَمَلَّكَ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ ابْنَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ صَكًّا وَلَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ عَنْ التَّمْلِيكِ وَاسْتِرْدَادَ ذَلِكَ مِنْ ابْنَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَهَبَ اثْنَانِ دَارًا لِوَاحِدٍ صَحَّ؛ لِأَنَّهَا سَلَّمَاهَا جُمْلَةً وَقَدْ قَبَضَهَا جُمْلَةً فَلَا شُيُوعَ وَبِقَلْبِهِ لَا وَهُوَ هِبَةُ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ النِّصْفِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا فِيمَا لَا يُقْسَمُ صَحَّتْ فِي حِصَّتِهِ دُونَ الْآخَرِ فَعُلِمَ أَنَّهُمَا عَقْدَانِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ وَقَالَا يَجُوزُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ فَلَا شُيُوعَ قَيَّدَ بِالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ اثْنَيْنِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ الْوَاهِبَ بِكَوْنِهِ وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ لَوْ كَانَ اثْنَيْنِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ كَذَلِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَنَصِيبُ الْآخَرِ لِلْآخَرِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا كَبِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ وَالْآخَرُ كَبِيرٌ وَالصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَهَبَ صَارَ قَابِضًا حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَبَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ شَائِعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ بِأَنْ قَالَ لِهَذَا ثُلُثُهَا وَلِهَذَا ثُلُثَاهَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ إنْ قَبَضَهُ وَمُرَادُهُ بِالدَّارِ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَحْتَمِلُهَا كَالْبَيْتِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاحِدًا فَوَكَّلَ اثْنَيْنِ فَقَبَضَاهَا جَازَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنَحٌ وَفِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلشَّيْخِ قَاسِمٍ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْجِيحِ دَلِيلِ الْإِمَامِ وَاخْتَارَ قَوْلَهُ أَبُو الْفَضْلِ الْمَوْصِلِيُّ وَبُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ الْمَحْبُوبِيُّ وَأَبُو الْبَرَكَاتِ النَّسَفِيُّ. اهـ.
وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (أَقُولُ) فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا كَبِيرَيْنِ أَوْ صَغِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَبِيرًا وَالْآخَرُ صَغِيرًا فِي أَنَّ الْهِبَةَ لَهُمَا لَا تَصِحُّ وَكُلُّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ إطْلَاقِ الْمُتُونِ قَوْلُهُمْ وَبِعَكْسِهِ لَا أَيْ لَا يَصِحُّ هِبَةُ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْكَبِيرَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَإِنْ تَبِعَ صَاحِبُ الْمِنَحِ فِي ذَلِكَ شَيْخَهُ صَاحِبَ الْبَحْرِ وَتَبِعَهُمَا الْعَلَائِيُّ فَالْمُنَاسِبُ الْإِطْلَاقُ كَمَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ نَعَمْ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بَيَانُ الْخِلَافِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ إلَخْ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَالصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ أَيْ عِيَالِ الْوَاهِبِ كَمَا لَا يَخْفَى وَبِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَهَبَ لِابْنَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الصَّغِيرِ مُنْعَقِدَةٌ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْهِبَةِ لِقِيَامِ قَبْضِ الْأَبِ مَقَامَ قَبْضِهِ وَهِبَةُ الْكَبِيرِ مُحْتَاجَةٌ إلَى قَبُولِهِ فَسَبَقَتْ هِبَةُ الصَّغِيرِ فَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ لِلْكَبِيرِ وَيَهَبَهَا مِنْهُمَا. اهـ.
أَيْ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْكَبِيرِ ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُمَا فَقَدْ وُجِدَ الْقَبْضَانِ مَعًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الشُّيُوعُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ وَكَانَا فِي عِيَالِ الْوَاهِبِ أَوْ كَانَا ابْنَيْنِ لَهُ تَصِحُّ الْهِبَةُ لِتَحَقُّقِ قَبْضِهِ لَهُمَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِلَا سَبْقٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَصَغِيرٌ فِي عِيَالِ الْكَبِيرِ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ فِي عِيَالِ الْوَاهِبِ كَمَا ذَكَرْنَا إذْ لَوْ كَانَ فِي عِيَالِ الْكَبِيرِ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيلُ وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةً كَمَسْأَلَةِ الْكَبِيرَيْنِ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ لَهُمَا فَقِيرَيْنِ فَلَوْ كَانَا فَقِيرَيْنِ صَحَّتْ عَلَى مَا سَيَأْتِي عَقِبَ هَذَا فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الِابْنَيْنِ فِي السُّؤَالِ بِالْغَنِيَّيْنِ حَتَّى تَكُونَ الْهِبَةُ فَاسِدَةً وَإِنَّمَا حَقَّقْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا وَتَكَرَّرَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَوَقَعَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَهَبَتْ فِي صِحَّتِهَا مِنْ شَقِيقِهَا وَجَدِّهَا الْفَقِيرَيْنِ أَمْتِعَةً مُخْتَلِفَةَ الْأَجْنَاسِ هِبَةً شَرْعِيَّةً مُسَلَّمَةً لَهُمَا فَهَلْ صَحَّتْ الْهِبَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْأَثْوَابَ الْمُخْتَلِفَةَ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ مِمَّا لَا يُقْسَمُ وَهِبَتُهَا صَحِيحَةٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ وَإِنْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ وَاحِدٌ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ تَكُونُ صَدَقَةً وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الْفَقِيرَيْنِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي الْجَوَابِ فِي كُلِّ هِبَةٍ قَاعِدِيَّةٍ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى مُلَخَّصًا التَّصَدُّقُ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ وَإِنْ ذَكَرَ لَفْظَ الصَّدَقَةِ وَعَلَى الْفَقِيرِ صَدَقَةٌ وَإِنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْهِبَةِ تَتَارْخَانِيَّةٌ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ الْهِبَةِ أَنْقِرْوِيٌّ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (أَقُولُ) وَهَذَا فِيمَا يُقْسَمُ وَغَيْرِهِ فَتَصِحُّ الصَّدَقَةُ مُطْلَقًا عَلَى فَقِيرَيْنِ وَلَوْ بِلَفْظِ الْهِبَةِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ قَالَ وَهَبْت مِنْكُمَا هَذِهِ الدَّارَ وَالْمَوْهُوبُ لَهُمَا فَقِيرَانِ صَحَّتْ الْهِبَةُ بِالْإِجْمَاعِ. اهـ.
لَكِنَّ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ رِوَايَتَيْنِ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ الْجَامِعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَصَحَّحَهَا فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا وَعَلَيْهَا مَشَى أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ صِحَّةَ الْهِبَةِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا كَوْنُ الْأَثْوَابِ الْمُخْتَلِفَةِ مِمَّا لَا يُقْسَمُ وَهِبَةُ مَا لَا يُقْسَمُ تَصِحُّ وَلَوْ مِنْ غَنِيَّيْنِ ثَانِيهمَا كَوْنُ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا فَقِيرَيْنِ وَهِبَةُ وَاحِدٍ مِنْ فَقِيرَيْنِ تَصِحُّ وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُقْسَمُ؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ لِلْفَقِيرِ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ وَوَجْهُ صِحَّتِهَا إذَا كَانَتْ لِفَقِيرَيْنِ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ وَاحِدٌ فَلَا شُيُوعَ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْمُتُونِ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّدَقَةَ كَالْهِبَةِ لَا تَصِحُّ فِي مُشَاعٍ يُقْسَمُ أَيْ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ عَلَى وَاحِدٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ دَارِهِ مَثَلًا الَّتِي تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ غَنِيَّيْنِ لَا يَصِحُّ لِلشُّيُوعِ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرَيْنِ يَصِحُّ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَهَا لِوَاحِدٍ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ لِتَحَقُّقِ الشُّيُوعِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ابْنٌ وَبِنْتٌ وَلِابْنِهِ ابْنٌ صَغِيرٌ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ عُمُرُهُ عَشْرُ سَنَوَاتٍ فَوَهَبَهُ جَدُّهُ دَارًا لَهُ وَأَمْتِعَةً مَعْلُومَةً فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِبَةً شَرْعِيَّةً مُشْتَمِلَةً عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّسَلُّمِ وَالتَّسْلِيمِ وَأَقَرَّ أَنَّ بِذِمَّتِهِ لِلصَّغِيرِ دَيْنًا قَدْرُهُ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ عَمَّنْ ذُكِرَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً تَخْرُجُ الْهِبَةُ وَالْمَبْلَغُ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ ثُلُثِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَصْلًا فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ وَالْإِقْرَارُ صَحِيحَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَمَّا الْهِبَةُ لِابْنِ الِابْنِ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ فَلِمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْهِبَةِ وَتَتِمُّ بِقَبْضِهِ لَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُ التَّحْصِيلَ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ فِي النَّافِعِ الْمَحْضِ كَالْبَالِغِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ لِلصَّغِيرِ الْمَزْبُورِ فَلِمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ لِلرَّضِيعِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ مِنْهُ حَقِيقَةً كَالْإِقْرَاضِ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ فِي الْجُمْلَةِ أَشْبَاهٌ. اهـ.
(أَقُولُ) تَقْيِيدُهُ فِي السُّؤَالِ خُرُوجَ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ نَافِذٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَبَاحِثِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَهَبَتْ فِي صِحَّتِهَا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً مِنْ بِنْتِ ابْنِهَا الصَّغِيرَةِ وَسَلَّمَتْ الْأَمْتِعَةَ لِأَبِي الصَّغِيرَةِ وَقَبِلَ الْهِبَةَ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ شَرْعِيَّيْنِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ابْنِهَا الْمَذْكُورِ وَعَنْ زَوْجٍ يَزْعُمُ أَنَّ الْهِبَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَهَلْ صَحَّتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَقَدْ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عِبَارَاتٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَبَضَ هِبَةَ الصَّغِيرِ غَيْرُ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ فَلْنَذْكُرْ حَاصِلَهَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيرِ لِكَوْنِهَا تَقَعُ كَثِيرًا وَقَدْ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِيمَا وُهِبَ لِلصَّغِيرَةِ يَجُوزُ قَبْضُ زَوْجِهَا لَهَا بَعْدَ الزِّفَافِ لِتَفْوِيضِ الْأَبِ أُمُورَهَا إلَيْهِ دَلَالَةً بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الزِّفَافِ وَيَمْلِكُهُ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْأُمِّ وَكُلُّ مَنْ يَعُولُهَا غَيْرُهَا حَيْثُ لَا يَمْلِكُونَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ غَيْبَةٍ مُنْقَطِعَةٍ فِي الصَّحِيحِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَدَائِعِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَجُوزُ لَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَقْبِضُوا لِلصَّغِيرِ إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِمْ كَالزَّوْجِ وَعَنْهُ احْتَرَزَ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ فِي الصَّحِيحِ غَايَةُ الْبَيَانِ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ أَوْ الْأُمِّ فَوَهَبَ لَهُ هِبَةً فَقَبَضَ الْهِبَةَ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ وَالْأَبُ حَاضِرٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْجَوَازُ كَمَا لَوْ قَبَضَ الزَّوْجُ وَأَبُو الصَّغِيرَةِ حَاضِرٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِ أَجْنَبِيٍّ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ حَقُّ الْقَبْضِ خَانِيَّةٌ وَإِذَا كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْأُمِّ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَبُ حَاضِرٌ فَقَبَضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ هَلْ يَجُوزُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فَتَاوَى الصُّغْرَى كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ وَلَوْ قَبَضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ مَعَ حُضُورِ الْأَبِ قِيلَ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَبِهِ يُفْتَى مُشْتَمَلُ الْأَحْكَامِ. (أَقُولُ) فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا تَرَى وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِمَّا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ مِنْ أَنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِهِ؛ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ وَقَدْ صَحَّحَ جَوَازَ قَبْضِ مَنْ يَعُولُ الصَّغِيرَ وَلَوْ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ وَيَشْهَدُ لَهُ صِحَّةُ قَبُولِ الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا وَأَيْضًا قَدْ وُجِدَتْ دَلَالَةُ تَفْوِيضِ الْأَبِ أُمُورَ الصَّبِيِّ إلَى مَنْ يَعُولُهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الزِّفَافِ فَلْيَكُنْ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ صَحَّحَ بِلَفْظِ الْفَتْوَى وَهِيَ آكَدُ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَالْمُضْمَرَاتُ مِنْ الشُّرُوحِ فَإِنَّهُ شَرْحُ الْقُدُورِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ اخْتِيَارُهُ حَيْثُ نَقَلَ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ مُسْتَدْرِكًا عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ لَهُ دُيُونٌ بِذِمَمِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِأَرْبَابِهَا فَوَهَبَ الْبَاقِيَ مِنْ دُيُونِهِ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ لِبِنْتَيْهِ وَعَوَّضَتَاهُ عَنْ ذَلِكَ طَاقِيَّةً سَلَّمَتَاهَا لَهُ ضِمْنَ الْهِبَةِ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ عَنْهُمَا وَعَنْ زَوْجَةٍ وَعَمٍّ شَقِيقٍ لَمْ يُجِيزَا الْوَصِيَّةَ وَتَزْعُمُ الْبِنْتَانِ جَوَازَهَا بِسَبَبِ التَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِأُمُورٍ مِنْهَا تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ وَمِنْهَا الْهِبَةُ مِنْ الْمَرِيضِ فَإِنَّ هِبَتَهُ وَكَذَا إعْتَاقُهُ وَمُحَابَاتُهُ وَوَقْفُهُ وَضَمَانُهُ لَهَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَمِنْهَا أَنَّ الشَّيْءَ إذَا بَطَلَ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ وَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ فَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا مِنْ التَّعْوِيضِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ التَّعْوِيضَ بَيْعُ انْتِهَاءٍ فَبَيْعُ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّ هِبَةَ الْمُرْصَدِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَصِحُّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ بِذِمَّةِ زَوْجِهَا زَيْدٍ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ وَهَبَتْ دَيْنَهَا الْمَزْبُورَ لِعَمِّ زَيْدٍ وَلَمْ تُسَلِّطْهُ عَلَى قَبْضِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ ذَكَرَ فِي الصُّغْرَى هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا وَهَبَهُ وَأَذِنَ لَهُ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَهُ جَازَ وَذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ الْمَوْثُوقِ عَلَيْهِ هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ حِينَ قَبَضَهُ وَلَا يَسْتَحْكِمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ صُوفًا عَلَى غَنَمٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى جِزَازِهِ أَوْ زَرْعًا غَيْرَ مَحْصُودٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى حَصَادِهِ وَكَذَا الثَّمَرُ عَلَى الشَّجَرِ وَسَلَّطَهُ عَلَى جُذَاذِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْإِحْكَامَاتِ وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي هِبَةِ الْمَشْغُولِ فِي أَوَاخِرِهَا وَلَوْ وَهَبَ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ لِمَا أَنَّ تَمَامَ الْهِبَةِ بِالْقَبْضِ فَصَارَ كَأَنَّ خِطَابَ الْهِبَةِ وُجِدَ بَعْدَ الْقَبْضِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا فِي ذِمَّةِ وَالِدِهَا مِائَةُ قِرْشٍ فَأَشْهَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا أَنَّهَا وَهَبَتْهَا لِزَوْجَةِ وَالِدِهَا وَالْآنَ تُرِيدُ الزَّوْجَةُ مُطَالَبَةَ الزَّوْجِ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ الْمُمَلِّكُ عَلَى قَبْضِهِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَسْلِيطَ فَيَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَمْ تَقْبِضْ حَتَّى مَاتَتْ الْمُشْهِدَةُ فَقَدْ بَطَلَتْ الْهِبَةُ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ هِبَةِ أَحْكَامِ الْمَرْضَى وَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى مَاتَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ نِصْفُ طَاحُونَةِ مَاءِ دَارِ رَحًى قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حَجَرَيْنِ وَمَكَانَيْنِ لِلدَّوَابِّ وَإِذَا قُسِمَتْ لَا تَتَبَدَّلُ الْمَنْفَعَةُ وَتَصِيرُ طَاحُونَتَيْنِ مُنْتَفَعًا بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَوَهَبَتْ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهَا لِوَلَدَيْهَا سَوِيَّةً فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): هِبَةُ الْمُشَاعِ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إنْ احْتَمَلَتْ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْ تَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ عَنْ الْأَصْلِ لَا يُقْسَمُ الْحَمَّامُ وَالْحَائِطُ وَالْبَيْتُ الصَّغِيرُ وَالدُّكَّانُ الصَّغِيرَةُ وَهَذَا إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْ قُسِمَ لَا يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَوْضِعٌ يَعْمَلُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَبْقَى يُقْسَمُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى فَحَيْثُ كَانَتْ الطَّاحُونَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَتَبَدَّلُ مَنْفَعَتُهَا بِالْقِسْمَةِ وَتَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهَا بَعْدَهَا فَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. (أَقُولُ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهَبَتْ النِّصْفَ الْمَذْكُورَ مِنْ وَلَدَيْهَا مَعًا أَمَّا لَوْ وَهَبَتْ الرُّبُعَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ وَهَبَتْ الرُّبُعَ الثَّانِيَ مِنْ الْآخَرِ تَصِحُّ الْهِبَةُ لِأَنَّ رُبُعَ الطَّاحُونَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَهَذِهِ حِيلَةُ صِحَّةِ الْهِبَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ الْوَاهِبُ شَرَطْت لِي عِوَضَهَا وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ أَشْتَرِطْ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوْلِ لِمَنْ مِنْ أَوَاخِرِ الْهِبَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا ذَا وَهَبَ زَيْدٌ الْمَرِيضُ قِطْعَةَ أَرْضٍ وَحِمَارًا مِنْ عَمْرٍو الْأَجْنَبِيِّ وَسَلَّمَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَهَبَ ذَلِكَ مِنْ هِنْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَهَلْ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَتْ الْهِبَةُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ دُونَ الشَّرْطِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْهِبَةِ وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَهِبَةُ عَبْدٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ تَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَهَبَ زَيْدٌ عَمْرًا فَرَسًا مَهْزُولَةً هِبَةً شَرْعِيَّةً فَعَلَفَهَا وَسَقَاهَا مُدَّةَ شَهْرٍ حَتَّى سَمِنَتْ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ بِهِبَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِحُدُوثِ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ أَرَادَ بِهَا الزِّيَادَةَ فِي نَفْسِ الْمَوْهُوبِ بِشَيْءٍ يُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي الْقِيمَةِ كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعِلْمِ وَغَيْرِهَا شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ فَصْلِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَلَوْ وَهَبَ عَبْدًا صَغِيرًا فَشَبَّ وَصَارَ رَجُلًا طَوِيلًا لَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبَدَنِ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَإِنْ كَانَتْ تُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَكَذَا لَوْ كَانَ نَحِيفًا فَسَمِنَ أَوْ كَانَ قَبِيحًا فَحَسُنَ لَا يَرْجِعُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَهَبَ زَيْدٌ لِأُمِّ وَلَدِهِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ يُطَالِبُونَهَا بِالْأَمْتِعَةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَوْلَى لِأُمِّ الْوَلَدِ وَلَوْ فِي مَرَضِهِ وَلَا تَنْقَلِبُ وَصِيَّةً إذْ لَا يَدَ لِلْمَحْجُورِ أَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ تَصِحُّ لِعِتْقِهَا بِمَوْتِهِ فَيُسَلَّمُ لَهَا كَافِي. اهـ.
وَفِي الْوَصَايَا الْهِبَةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَزَّازِيَّةٌ قُبَيْلَ السَّادِسِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي فَرَسٍ فَوَهَبَهَا فِي صِحَّتِهِ لِعَمْرٍو هِبَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مُسَلَّمَةً لَهُ بِإِذْنِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ فِيهَا وَعَوَّضَ عَمْرٌو زَيْدًا نَظِيرَ ذَلِكَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْحِنْطَةِ قَائِلًا لَهُ خُذْ هَذَا عِوَضَ هِبَتِك وَنَتَجَتْ الْفَرَسُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ نِتَاجًا وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْوَاهِبُ الْآنَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَفِي النِّتَاجِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فَإِنْ قَالَ خُذْهُ عِوَضَ هِبَتِك أَوْ بَدَلَهَا فَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ سَقَطَ الرُّجُوعُ تَنْوِيرٌ وَالْحِصَّةُ فِي الْفَرَسِ الْمَزْبُورَةِ لَيْسَتْ مُحْتَمِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَهِبَةُ الْمُشَاعِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ نَقْلًا عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ فَرَاجِعْهُ إنْ رُمْت. (أَقُولُ) وَذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ عِوَضٌ رَجَعَ كُلٌّ بِهِبَتِهِ. اهـ.
وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ عَنْ الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَلْفُوظِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَفِي الْعُرْفِ يُقْصَدُ التَّعْوِيضُ وَلَا يُذْكَرُ خُذْ بَدَلَ وَهَبْتُك وَنَحْوِهِ اسْتِحْيَاءً فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلِيَّةَ وَفِي الْخَانِيَّةِ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ هَدَايَا وَعَوَّضَتْهُ الْمَرْأَةُ وَزُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ فَارَقَهَا فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ مَا بَعَثَهُ عَارِيَّةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَسْتَرِدَّ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِي مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّمْلِيكَ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَرِدَّ مَا بَعَثَتْهُ إذْ تَزْعُمُ أَنَّهُ عِوَضٌ لِلْهِبَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ هِبَةً لَمْ يَكُنْ هَذَا عِوَضًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا اسْتِرْدَادُ مَتَاعِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ إنْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْ أَنَّهُ عِوَضٌ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ وَلَكِنْ نَوَتْ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا كَانَ ذَلِكَ هِبَةً مِنْهَا وَبَطَلَتْ نِيَّتُهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَسْأَلَتِنَا اخْتِلَافٌ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا دَارٌ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ فَوَهَبَتْهَا مِنْ بَنَاتِهَا الْأَرْبَعِ أَرْبَاعًا فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فَإِنْ قَسَمَتْهَا وَسَلَّمَتْهَا صَحَّتْ الْهِبَةُ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ يُمْكِنُ قِسْمَةُ الدَّارِ أَرْبَاعًا مَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِكُلِّ رُبُعٍ عَلَى حِدَةٍ فَلَوْ أَمْكَنَ قِسْمَتُهَا نِصْفَيْنِ مَثَلًا لَا أَرْبَاعًا فَهِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ تَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اتَّخَذَ زَيْدٌ لِخَادِمِهِ عَمْرٍو كِسْوَةً وَسَلَّمَهَا لَهُ وَلَبِسَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّمْلِيكِ ثُمَّ خَرَجَ الْخَادِمُ مِنْ عِنْدِهِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَخْذَ الْكِسْوَةِ مِنْهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْكِسْوَةُ الْمَزْبُورَةُ صَارَتْ مِلْكًا لِلْخَادِمِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اتَّخَذَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثِيَابًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى وَلَدٍ لَهُ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اتَّخَذَهُ ثَوْبًا لِوَلَدِهِ الْأَوَّلِ صَارَ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ فَلَا يَمْلِكُ الدَّفْعَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا إذَا بَيَّنَ لِلْأَوَّلِ عِنْدَ اتِّخَاذِهِ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى الْأَوَّلِ يَحْتَمِلُ الْإِعَارَةَ وَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ صَحَّ بَيَانُهُ وَكَذَا إذَا اتَّخَذَ ثِيَابًا لِتِلْمِيذِهِ فَأَبَقَ التِّلْمِيذُ بَعْدَمَا دَفَعَ فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا إنْ بَيَّنَ وَقْتَ الِاتِّخَاذِ أَنَّهَا إعَارَةٌ يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ إلَى غَيْرِهِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ هِبَةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَالْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ. (أَقُولُ) وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ فَأَبَقَ التِّلْمِيذُ بَعْدَمَا دَفَعَ يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ التِّلْمِيذَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بَعْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ اتِّخَاذِ الْأَبِ صَارَتْ مِلْكَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ لَهُ وَلِذَا قَيَّدَ الْوَلَدَ بِالصَّغِيرِ أَمَّا الْكَبِيرُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إنْ بَيَّنَ وَقْتَ الِاتِّخَاذِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهَا لِتِلْمِيذِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا إعَارَةٌ لَيْسَ لَهُ دَفْعُهَا إلَى غَيْرِهِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ جَعَلَهَا فِي مُقَابَلَةِ خِدْمَتِهِ لَهُ فَلَا تَكُونُ هِبَةً خَالِصَةً فَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَإِلَّا فَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ تَأَمَّلْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَتَبْت عَلَى صُورَةِ دَعْوَى مَا صُورَتُهُ حَيْثُ بَيَّنَ إقْرَارُهُ أَنَّهُ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ فَدَعْوَى التَّمْلِيكِ لَا تُسْمَعُ لِمَا قَالَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي خَلَلِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ بِرَمْزِ التَّتِمَّةِ عُرِضَ عَلَيَّ مَحْضَرٌ كُتِبَ فِيهِ مَلَّكَهُ تَمْلِيكًا صَحِيحًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ قَالَ أَجَبْت أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى ثُمَّ رَمَزَ لِشُرُوطِ الْحَاكِمِ اكْتَفَى بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا بِقَوْلِهِ وَهَبَ لَهُ هِبَةً صَحِيحَةً وَقَبَضَهَا وَلَكِنْ مَا أَفَادَ فِي التَّتِمَّةِ أَجْوَدُ وَأَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ مِنْهَا وَعَنْ أَخٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَيْنِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَوَهَبَ الْأَخُ حِصَّةً مِنْهَا لِبِنْتِ أَخِيهِ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَخُ عَنْ وَرَثَةٍ قَبْلَ قَبْضِ حِصَّتِهِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهَا وَعِلْمِهِ بِهَا وَيُرِيدُ وَرَثَتُهُ الْمُطَالَبَةَ بِالْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.