فصل: كِتَابُ الرَّهْنِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.كِتَابُ الرَّهْنِ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَرَهَنَ عِنْدَهُ آنِيَةَ نُحَاسٍ قِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ إنَّ عَمْرًا رَهَنَهَا عِنْدَ بَكْرٍ وَسَلَّمَهَا لَهُ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَهَلَكَتْ عِنْدَ بَكْرٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَضْمِينَ عَمْرٍو قِيمَةَ الزَّائِدِ عَنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الثُّبُوتِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَضَمِنَ بِإِعَارَتِهِ وَإِيدَاعِهِ وَإِجَارَتِهِ وَاسْتِخْدَامِهِ وَتَعَدِّيهِ كُلَّ قِيمَتِهِ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِقَدْرِهِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ. (أَقُولُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ عِنْدَ التَّعَدِّي ضَمَانَ الْغَصْبِ فَيَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ قِيمَتِهِ لَكِنْ دَيْنُهُ أُسْقِطَ عَنْهُ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ أَدَاءُ الزَّائِدِ عَلَى الدَّيْنِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ رَجَعَ هُوَ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الرَّهْنِ تَمَامُ النَّقْلِ لِهَذَا السُّؤَالِ عَنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْعُمْدَةِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
رَجُلٌ ارْتَهَنَ مِنْ امْرَأَةٍ دَارًا وَغَابَتْ فَجَاءَهُ رَجُلٌ وَقَضَى دَيْنَهَا وَارْتَهَنَ الدَّارَ مِنْهُ وَضَمِنَتْ الْجِيرَانُ لَهُ فَجَاءَتْ الرَّاهِنَةُ وَأَخَذَتْ الدَّارَ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي أَنْ يُطَالِبَهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِدُونِ أَمْرِهَا وَلَا يَطْلُبُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَاهُ حَقًّا وَاجِبًا لَهُ وَلَا يَأْخُذُ الْجِيرَانُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُمْ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُمْ ضَمِنُوا مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا سُرِقَ الرَّهْنُ مِنْ عِنْدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ الزِّيَادَةَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْمُتُونِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ رَهَنَتْ عِنْدَ رَجُلٍ طَنْفَسَةً قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ قِرْشًا بِخَمْسَةِ قُرُوشٍ اسْتَدَانَتْهَا مِنْهُ وَتَسَلَّمَ الرَّهْنَ فَتَعَيَّبَ عِنْدَهُ عَيْبًا فَاحِشًا بِأَكْلِ الْعُثِّ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ قُرُوشٍ فَهَلْ يَضْمَنُ وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَتَفْتَكُّ الْمُرْتَهِنَةُ الرَّهْنَ بِقِرْشٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ انْتَقَصَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَدْرًا أَوْ وَصْفًا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ النُّقْصَانِ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْجَامِعِ فَلَوْ رَهَنَ فَرْوًا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ بِعَشْرَةٍ فَأَفْسَدَهُ السُّوسُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ عَشْرَةً يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيَسْقُطُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِنْ الْفَرْوِ مَرْهُونٌ بِرُبْعِ الدَّيْنِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْفَرْوِ رُبْعُهُ فَيَبْقَى أَيْضًا مِنْ الدَّيْنِ رُبْعُهُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَرَهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ رَهْنًا مُسَلَّمًا يُسَاوِي قَدْرَ الدَّيْنِ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَدَفَعَ لَهُ زَيْدٌ دَيْنَهُ وَطَلَبَ رَهْنَهُ فَادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ فُقِدَ فَهَلْ يَضْمَنُ وَيَرُدُّ مَا اسْتَوْفَاهُ إلَى الرَّاهِنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: فَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الرَّاهِنِ اسْتَرَدَّ الرَّاهِنُ مَا قَضَاهُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْهَلَاكِ أَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ السَّابِقِ فَكَانَ الثَّانِي اسْتِيفَاءً بَعْدَ اسْتِيفَاءٍ فَيَجِبُ رَدُّهُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الثَّالِثِ مِنْ الضَّمَانِ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ.
(سُئِلَ) فِي الرَّهْنِ إذَا فُقِدَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلْ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ الزَّائِدَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بِيَمِينِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ: اخْتَلَفَا فِي الدَّيْنِ وَالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَلَاكِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ الرَّهْنِ شَرْحِ التَّكْمِلَةِ. اهـ.
(أَقُولُ) كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا نَصُّهُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ يَدَّعِي الرَّهْنَ بِأَلْفٍ وَالْمُرْتَهِنُ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ قَائِمًا يُسَاوِي أَلْفًا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَلَوْ هَالِكًا فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زِيَادَةَ سُقُوطِ الدَّيْنِ. اهـ.
زَادَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ بِأَلْفٍ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَقَالَ الرَّاهِنُ أَلْفٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي زِيَادَةَ الضَّمَانِ. اهـ.
مُلَخَّصًا. اهـ.
بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَضْمَنُ الزَّائِدَ عَلَى الدَّيْنِ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ إذَا ادَّعَى الْهَلَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ضَيَاعَهُ إلَّا بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فَأَجَابَ نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ بِالْبُرْهَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَالدُّرَرِ وَالْغُرَرِ. اهـ.
وَعِبَارَةُ التَّنْوِيرِ هَكَذَا وَضَمِنَ بِدَعْوَى الْهَلَاكِ بِلَا بُرْهَانٍ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ وَاَلَّذِي حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَأَمَّا مَذْهَبُنَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ثُبُوتِ الْهَلَاكِ بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ بِالْبُرْهَانِ وَهُوَ فِي الصُّورَتَيْنِ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ كَمَا أَوْضَحَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ سَمَّاهَا: غَايَةُ الْمَطْلَبِ فِي الرَّهْنِ إذَا ذَهَبَ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الدُّرَرِ عَنْ الْحَقَائِقِ شَرْحِ النَّسَفِيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الشَّلَبِيِّ والتمرتاشي وَغَيْرُهُمَا وَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ أَفْتَى بِذَلِكَ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَقَالَ: إنَّ مَا أَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ رَأْسًا وَاحِدًا وَالرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ أَحَقُّ. اهـ.
وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ مُفْتِي عَكَّةَ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَالرَّدِّ عَلَى الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَالتَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَتَصْرِيحُ صَاحِبِ الْحَقَائِقِ بِأَنَّ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَيَصْدُقُ وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَالْبَاقِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَأَنَّ الْمُنَاسِبَ فِي عِبَارَةِ التَّنْوِيرِ السَّابِقَةِ أَنْ يُقَالَ: وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْهَلَاكَ بِلَا بُرْهَانٍ مُطْلَقًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ رَدَّ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الرَّدِّ دُونَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الرَّدِّ دُونَ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ مِنْ الرَّهْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي دَفْعِهِ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ حَلَفَ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.
(أَقُولُ) قَدْ أَلَّفَ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً أَيْضًا سَمَّاهَا: الْإِقْنَاعْ فِي الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي رَدِّ الرَّهْنِ وَلَمْ يَذْكُرَا الضَّيَاعْ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي جَوَابِ الْحُكْمِ فِيهَا فَقَالَ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَوْلَ لِلرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ. اهـ.
قَالَ لَكِنْ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ كَلَامِ الْمِعْرَاجِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْهَلَاكِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّهْنَ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَبِأَنَّ كُلَّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا قَبْلَ قَوْلِهِ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَمَنْ ادَّعَى اسْتِثْنَاءَ الْمُرْتَهِنِ مِنْ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَيُعَارِضُ كَلَامَ الْمِعْرَاجِ بِمَا لَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ عِنْدَهُ وَأَنْكَرَهُ الرَّاهِنُ، فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ مُنْكِرٌ.
ا هـ كَلَامُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ مُلَخَّصًا: وَحَاصِلُهُ:
أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ رَدَّ الرَّهْنِ عَلَى رَاهِنِهِ.
؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَحُكْمُ الْأَمَانَةِ كَذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ بَيْنَ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمَانَاتِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ فَكَيْفَ يُصَدَّقُ وَيَنْتَفِي عَنْهُ الضَّمَانُ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَمَانَاتِ فَلَيْسَتْ مَضْمُونَةً فَلِهَذَا يُصَدَّقُ.
نَعَمْ أَلْحَقُوا الرَّهْنَ بِالْأَمَانَةِ وَجَعَلُوهُ مِثْلَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ بِالتَّعَدِّي، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيُعَارِضُ كَلَامَ الْمِعْرَاجِ إلَخْ فَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا ادَّعَى هَلَاكَ الرَّهْنِ عِنْدَهُ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا زَادَ مِنْ قِيمَتِهِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ أَمَانَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَمَانَاتِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ أَمَّا قَدْرُ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى أَنَّهُ يَسْقُطُ دَيْنُهُ بِمُقَابَلَتِهِ فَصَارَ قَدْرُ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَشْبِيهُهُ بِالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُمَا لَزِمَ أَنْ يُصَدَّقَ مُطْلَقًا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى رَدَّهُ عَلَى الرَّاهِنِ سَوَاءٌ ادَّعَى هَلَاكَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ بَعْدَ الرَّدِّ أَوْ ادَّعَى الرَّدَّ فَقَطْ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقَ لِكَوْنِهِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ قَبْلَ الرَّدِّ بِحَيْثُ لَوْ هَلَكَ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، فَإِذَا ادَّعَى رَدَّهُ عَلَيْهِ كَانَ نَافِيًا بِدَعْوَاهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُصَدَّقَ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ يَكُنْ نَافِيًا بِدَعْوَاهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ.
وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؟
أَجَابَ: لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي رَدِّهِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْأَمَانَاتِ لَا الْمَضْمُونَاتِ بَلْ الْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ فِي عَدَمِ رَدِّهِ إلَيْهِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَنْ ابْنِ الشَّلَبِيِّ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَمِثْلُهُ أَيْضًا فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَهَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمِعْرَاجِ فَلَزِمَ اتِّبَاعُ الْمَنْقُولِ كَيْفَ وَهُوَ الْمَعْقُولُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ غَيْرَ زَائِدٍ عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ زَائِدًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الزِّيَادَةَ لِتَمَحُّضِهَا أَمَانَةً غَيْرَ مَضْمُونَةٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيهَا سَوَاءٌ ادَّعَى الرَّدَّ فَقَطْ أَوْ الرَّدَّ وَالْهَلَاكَ بَعْدَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ فَتَأَمَّلْ، هَذَا مَا يَسَّرَ الْمَوْلَى تَحْرِيرَهُ عَلَى الْعَبْدِ الْفَقِيرِ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ دَارِهِ الْمَعْلُومَةَ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَهَنَ زَيْدٌ الدَّارَ الْمَزْبُورَةَ ثَانِيًا عِنْدَ بَكْرٍ بِدُونِ إذْنِ عَمْرٍو وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا فَكِّ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ وَلَا يُعْتَبَرُ الثَّانِي؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ رَامِزًا بخ لِبَكْرٍ خُوَاهَرْ زَادَهْ رَهَنَهُ عِنْدَ آخَرَ بَعْدَمَا سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَوَّلِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ لَا يَكُونُ رَهْنًا فِيمَا بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ قَضَى لِلْأَوَّلِ دَيْنَهُ لَا يَكُونُ لِلثَّانِي حَبْسُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِالْعَقْدِ دُونَ الرَّهْنِ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ إذَا ثَبَتَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فَالثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ دَارِهِ عِنْدَ عَمْرٍو وَبَكْرٍ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا لَهُمَا بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ مَعْلُومٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا وَكُلُّهُ رَهْنٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ. (أَقُولُ) أَيْ يَصِيرُ كُلُّهُ مَحْبُوسًا بِدَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أَنَّ نِصْفَهُ يَكُونُ رَهْنًا مِنْ هَذَا وَنِصْفَهُ مِنْ ذَاكَ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ بُسْتَانَهُ مِنْ عَمْرٍو بَيْعَ وَفَاءً بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ رَدَّ زَيْدٌ الثَّمَنَ لِعَمْرٍو يَرُدُّ الْمَبِيعَ وَتَسَلَّمَ عَمْرٌو الْمَبِيعَ وَأَثْمَرَتْ أَشْجَارُ الْبُسْتَانِ عِنْدَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ حُكْمُهُ حُكْمَ الرَّهْنِ فَالثَّمَرَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْبُسْتَانِ تَابِعَةٌ لِأَصْلِهَا؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ حُكْمُهُ حُكْمَ الرَّهْنِ وَنَمَاءُ الرَّهْنِ كَالْوَلَدِ، وَالثَّمَرُ وَاللَّبَنُ وَالصُّوفُ لِلرَّاهِنِ وَهُوَ رَهْنٌ مَعَ الْأَصْلِ كَمَا صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ وَالْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَغَيْرِهَا وَبِالثَّانِي فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ آخَرَ عَقَارًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَأَطْلَقَ الْبَيْعَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْوَفَاءَ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَهِدَ إلَى الْبَائِعِ بَعْدَهُ أَنَّهُ إنْ أَوْفَى لَهُ مِثْلَ الثَّمَنِ يَفْسَخُ مَعَهُ الْبَيْعَ وَيَرُدُّ لَهُ الْمَبِيعَ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ أَحْضَرَ الْبَائِعُ نَظِيرَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَطَلَبَ رَدَّ الْمَبِيعِ لَهُ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَهُوَ رَهْنٌ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ بِالْغَبْنِ وَقْتَ الْبَيْعِ كَمَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ عَنْ بَكْرٍ خُوَاهَرْ زَادَهْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قِطْعَتَا أَرْضٍ مَعْلُومَتَانِ حَامِلَتَانِ لِغِرَاسٍ جَارٍ مَعَ الْأَرْضَيْنِ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهُمَا مِنْ عَمْرٍو بَيْعَ وَفَاءٍ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهُ مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ آجَرَ عَمْرٌو الْمَبِيعَ مِنْ زَيْدٍ الْبَائِعِ الْمَزْبُورَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ وَأَحَالَ بَكْرًا عَلَى زَيْدٍ بِالْأُجْرَةِ فَهَلْ لَا أُجْرَةَ لِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ كَرَاهِنٍ اسْتَأْجَرَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ لِنَفْعِهِ بِمِلْكِهِ. اهـ.
وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَلَا تَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ أَمْ قَبْلَهُ قَالَ فِي النِّهَايَة سُئِلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاتُرِيدِيُّ عَمَّنْ بَاعَ دَارِهِ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بَيْعَ وَفَاءً وَتَقَابَضَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَعَ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ؟ فَقَالَ: لَا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا رَهْنٌ وَالرَّاهِنُ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ. اهـ.
ثُمَّ نَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُوَافِقُهُ وَأَفْتَى بِذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَالْكُلُّ فِي فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ، وَأَمَّا الْحَوَالَةُ فَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا شَرَائِطُ الْمُحْتَالِ بِهِ فَأَنْ يَكُونَ دَيْنًا لَازِمًا فَلَا تَصِحُّ بِبَدَلِ مَالِ الْكِتَابَةِ فَمَا لَا تَصِحُّ بِهِ الْكَفَالَةُ لَا تَصِحُّ بِهِ الْحَوَالَةُ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ ظَهَرَ بَرَاءَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ قَيَّدَ بِهِ الْحَوَالَةَ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ ثَمَنَ مَبِيعٍ فَاسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِمَا لَا ثُبُوتَ لَهُ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ. اهـ.
فَعُلِمَ بِمَا قُرِّرَ وَسُطِّرَ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَزْبُورَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَهِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَصِحُّ بِهَا الْحَوَالَةُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ بَاعَتْ دَارَهَا مِنْ رَجُلٍ بَيْعَ وَفَاءً مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ آجَرَهَا بِإِذْنِهَا مِنْ بَعْلِهَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا الرَّجُلُ وَيَزْعُمُ أَنَّ الْأُجْرَةَ لَهُ فَهَلْ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلرَّاهِنَةِ الْمَزْبُورَةِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ.
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ مِنْ الرَّهْنِ: آجَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إجَازَةٍ الرَّاهِنِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَالْغَاصِبِ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ آجَرَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَالْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ بَزَّازِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ.
(سُئِلَ) فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَتَوَافَقَ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ لَهُ الْمَبِيعَ إذَا رَدَّ لَهُ نَظِيرَ الثَّمَنِ فِي وَقْتِ كَذَا ثُمَّ جَاءَ الْوَقْتُ وَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ رَدِّ نَظِيرِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ بَاعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ دَارِهِ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ وَقَالَ لِعَمْرٍو: إنْ لَمْ أُعْطِك دَيْنَك إلَى وَقْتِ كَذَا فَهِيَ بَيْعٌ لَك بِمَا لَك عَلَيَّ ثُمَّ آجَرَ عَمْرٌو الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا مِنْ زَيْدٍ وَحَلَّ الْأَجَلُ فَهَلْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالْأُجْرَةُ بَاطِلَةٌ فَيَرْجِعُ زَيْدٌ بِمَا دَفَعَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ تَقَعُ الْمُقَاصَصَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي الرَّاهِنِ إذَا آجَرَ الْمَرْهُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الرَّهْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنْ آجَرَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الرَّهْنِ. اهـ.
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ آجَرَهُ الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَجُوزُ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُبْطِلَ الْإِجَارَةَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ مِنْ رَاهِنِهَا فَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي أَوَاخِرِ الرَّهْنِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ بَطَلَ بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ. اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ ارْتَهَنَ رَجُلٌ دَابَّةً بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَقَبَضَهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا الْمُرْتَهِنُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَعُودَ فِي الرَّهْنِ وَلَوْ رَهَنَ الرَّجُلُ دَابَّةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ الرَّاهِنِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَعُودَ فِي الرَّهْنِ وَيَأْخُذَ الدَّابَّةَ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو عِدَّةَ مَعْزٍ مَعْلُومَةٍ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ مُعَارًا مِنْ زَيْدٍ فَبَاعَ الرَّاهِنُ الْمَعْزَ الْمَزْبُورَةَ مِنْ بَكْرٍ وَسَلَّمَهَا لَهُ وَتَلِفَتْ عِنْدَهُ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُضَمِّنَ بَكْرًا قِيمَتَهَا لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ فَهَلْ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالرَّاهِنُ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ وَسَلَّمَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الرَّاهِنِ مَوْقُوفٌ مِنْ رَهْنٍ خِزَانَةُ الْفَتَاوَى وَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَنْقِرْوِيٌّ قَالَ الْعَلَائِيُّ وَالرَّهْنُ إنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ أَيْ غَيْرُ الرَّاهِنِ فَالْمُرْتَهِنُ يُضَمِّنُهُ أَيْ الْمُتْلِفَ قِيمَتَهُ يَوْمَ هَلَكَ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ رَهْنًا عِنْدَهُ وَأَمَّا ضَمَانُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ زَيْلَعِيٌّ. اهـ.
وَقَدْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ يَجْعَلُ الْمَالِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حَقِّ الضَّمَانِ إلَخْ فَفِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ الْمُتْلِفِ لِلْمَعْزِ أَجْنَبِيٌّ وَالْمُرْتَهِنُ يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِحَقِّهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ الرَّاهِنَ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ مِنْ عَمْرٍو وَلَمْ يَعْلَمْ عَمْرٌو أَنَّهَا رَهْنٌ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَا إجَازَةٍ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَفْعَ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ لَمْ يُجِزْ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ وَلَا قَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ رَهْنٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى فِكَاكِ الرَّهْنِ أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَتَوَقَّفَ بَيْعُ الرَّاهِنِ رَهْنَهُ عَلَى إجَازَةِ مُرْتَهِنِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا نَفَذَ وَصَارَ ثَمَنُهُ رَهْنًا، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ وَفَسَخَ لَا يَنْفَسِخُ فَالْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ وَهَذَا إذَا اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ رَهْنٌ ابْنُ كَمَالٍ كَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ.
(أَقُولُ) كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ رَهْنٌ وَعَدَمِ عِلْمِهِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا ذَكَرَهُ الْحَمَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ التَّجْنِيسِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يَتَخَيَّرُ مُشْتَرِي مَرْهُونٍ وَمَأْجُورٍ وَلَوْ عَالِمًا بِهِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَتَخَيَّرُ جَاهِلًا لَا عَالِمًا وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ قَوْلُهُمَا. اهـ.
قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْفُصُولَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَلَا إجَازَةٍ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ وَرَثَةٍ وَيُرِيدُ الرَّاهِنُ أَدَاءَ الدَّيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَرَفْعَ يَدِ الْمُشْتَرِي عَنْ الرَّهْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ بَيْعُ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا أَنَّ بَيْعَ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَإِلَّا لَا وَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ وَيُعِيدَهُ رَهْنًا وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَازَةُ بَعْدُ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ: رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ عَيْنًا وَسَلَّمَ ثُمَّ انْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبَاعَ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ وَادَّعَى الرَّهْنَ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرَّهْنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ خَانِيَّةٌ مِنْ أَوَائِلِ الْإِجَارَةِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ وَمَاتَ وَلَمْ يُجِزْ الرَّاهِنُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ فَلِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ وَرَفْعُ يَدِ الْمُشْتَرِي.
(سُئِلَ) فِي رَاهِنٍ طَلَبَ رَهْنَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِيَبِيعَهُ بِثَمَنٍ يَدْفَعُهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَلِدُيُونٍ أُخْرَى عَلَيْهِ لِجَمَاعَةٍ آخَرِينَ وَالْحَالُ أَنَّ ثَمَنَ الرَّهْنِ دُونَ الدَّيْنِ الْمُرْتَهَنِ بِهِ فَهَلْ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَا يُكَلَّفُ مُرْتَهِنٌ مَعَهُ رَهْنُهُ تَمْكِينُ الرَّاهِنِ مِنْ بَيْعِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ بِثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ الْحَبْسُ الدَّائِمُ حَتَّى يَقْبِضَ دَيْنَهُ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ.
(سُئِلَ) فِي الْمُرْتَهِنِ إذَا سَكَنَ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ الْغَيْرَ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَامَ يُطَالِبُهُ الرَّاهِنُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ سَكَنِهِ فِيهَا فَهَلْ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ.
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْغَصْبِ قَوْلُهُ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ كَسُكْنَى الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي دَارَ الرَّهْنِ كَمَا فِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ وَمَقْصُودُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ التَّمْثِيلُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ لَا تُوجِبُ أَجْرًا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ رَهَنَ دَارَ غَيْرِهِ وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلْإِجَارَةِ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا مُلْتَزِمًا لِلْأَجْرِ كَمَا لَوْ رَهَنَهَا الْمَالِكُ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي قُمَامَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عَقْدٍ وَتِينٍ وَسِرْقِينٍ رَهَنَهَا زَيْدٌ مَنْ عَمْرٍو بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَمَا قَبِلَ الْبَيْعَ قَبِلَ الرَّهْنَ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ: بَيْعُ الْمَشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، بَيْعُ الْمَشْغُولِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، بَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، بَيْعُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِشَرْطٍ قَبْلَ وُجُودِهِ فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ أَشْبَاهٌ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الرَّهْنِ يُكْرَهُ بَيْعُ الْعَذِرَةِ خَالِصَةً وَجَازَ لَوْ مَخْلُوطَةً وَجَازَ بَيْعُ السِّرْقِينِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَالِانْتِفَاعُ كَالْبَيْعِ مُلْتَقَى وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ السِّرْقِينِ وَهُوَ الرَّوْثُ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُلْقَى فِي الْأَرْضِ لِاسْتِكْثَارِ الرِّيعِ فَكَانَ مَالًا مِنَحٌ وَالرَّهْنُ هُوَ حَبْسُ شَيْءٍ مَالِيٍّ بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ تَنْوِيرٌ وَالْقُمَامَةُ الْكُنَاسَةُ وَقَمَّ الْبَيْتَ قَمًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ كَنَسَهُ فَهُوَ قَامٌّ مِصْبَاحٌ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا بِصِحَّةِ رَهْنِ قِيمَةِ بُسْتَانٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عَقْدٍ وَقَصْلِيَّةٍ وَسِرْقِينٍ وَالْمُزْدَرَعَاتِ الْقَائِمَةِ أُصُولُهَا فِي الْبُسْتَانِ. (أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُزْدَرَعَاتِ، فَإِنَّ رَهْنَ الْغِرَاسِ وَالزَّرْعِ بِدُونِ الْأَرْضِ فَاسِدٌ كَمَا سَيَأْتِي.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ عَلَى دَارٍ وَقَفَ رَهْنَهُ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذْ الرَّهْنُ هُوَ حَبْسُ شَيْءٍ مَالِيٍّ بِحَقٍّ وَالْمُرْصَدُ الْمَزْبُورُ دَيْنٌ عَلَى الْوَقْفِ لَيْسَ بِمَالٍ وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى مُفْلِسٍ أَوْ عَلَى مَلِيءٍ غَنِيٍّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ وَصْفٌ بِالذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ قَبْضُهُ حَقِيقَةً وَالرَّهْنُ لَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَاسْتَعَارَ مِنْ أُمِّهِ دَارَهَا وَرَهَنَهَا عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنِهِ وَغَابَ زَيْدٌ فَقَامَ عَمْرٌو يُكَلِّفُ أُمَّ زَيْدٍ بَيْعَ دَارِهَا لِيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهَا وَهِيَ لَا تَرْضَى بِبَيْعِهَا فَهَلْ لَا تُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ: وَلَوْ مَاتَ مُسْتَعِيرُهُ مُفْلِسًا مَدْيُونًا فَالرَّهْنُ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ فَلَا يُبَاعُ إلَّا بِرِضَا الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ.
ا هـ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي شَخْصٍ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ وَاسْتُحِقَّ الدَّيْنُ هَلْ يُجْبَرُ الْمُعِيرُ عَلَى فَكِّ الرَّهْنِ وَيُحْبَسُ عَلَيْهِ أَمْ الْمُسْتَعِيرُ أَمْ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ؟ فَأَجَابَ لَا يُجْبَرُ الْمُعِيرُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَا عَلَى بَيْعِ الْعَيْنِ وَكَذَا لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهَا إلَّا بِرِضَا مَالِكِهَا، وَإِنَّمَا لَهُ حَبْسُهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ.
وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَعِيرَ بِخَلَاصِ الرَّهْنِ وَيَحْبِسَهُ بِهِ إلَى أَنْ يَفُكَّ الرَّهْنَ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَأْخُذَ الرَّهْنَ وَيَرْجِعَ بِمَا دَفَعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ زَوْجَتِهِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ عَمْرٍو فَرَهَنَهَا عِنْدَهُ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَدَفَعَ لِعَمْرٍو بَعْضَ الدَّيْنِ وَسُرِقَ بَعْضَ الرَّهْنِ عِنْدَ عَمْرٍو بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ وَقِيمَةُ جَمِيعِ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةٌ لِلدَّيْنِ فَهَلْ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ قِيمَةِ مَا سُرِقَ مِنْ الرَّهْنِ وَيَجِبُ لِلزَّوْجَةِ الْمُعِيرَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْمُسْتَعِيرِ مِثْلُ مَا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَشَرْحِهِ لِلْعَيْنِيِّ مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ: وَإِنْ وَافَقَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ فِيمَا قَيَّدَ وَهَلَكَ الثَّوْبُ الْمَرْهُونُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ وَوَجَبَ مِثْلُهُ أَيْ مِثْلُ الثَّوْبِ الرَّهْنِ الَّذِي هَلَكَ لِلْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ سَقَطَ الدَّيْنُ عَنْ الرَّاهِنِ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ إنْ كَانَ كُلُّهُ مَضْمُونًا وَإِلَّا يَضْمَنُ قَدْرَ الْمَضْمُونِ وَالْبَاقِي أَمَانَةٌ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُتُونِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ بَكْرٍ عَلَى مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْعَارِيَّةِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو طَلَبَ الْأَمْتِعَةِ مِنْ زَيْدٍ وَأَخْذَهَا مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الرَّهْنِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِي الْمُعِيرِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَعَارَ زَيْدًا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ عَمْرٍو وَادَّعَى زَيْدٌ الْإِطْلَاقَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ؟
(الْجَوَابُ): إذَا اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الْأَيَّامِ أَوْ فِي الْمَكَانِ أَوْ فِيمَا يَحْمِلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ الْعَارِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ مَعَ يَمِينِهِ لِسَانُ الْحُكَّامِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَسْتَفِيدُ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ مِنْ الْمُعِيرِ فَكَانَ الْقَوْلُ فِي الْمِقْدَارِ وَالتَّعْيِينِ قَوْلَهُ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ وَفِي الْقَوْلِ لِمَنْ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَارِيَّةِ فَادَّعَى الْمُعِيرُ انْتِفَاعًا مُقَيَّدًا بِفِعْلٍ مَخْصُوصٍ وَادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ الْإِطْلَاقَ أَجَابَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي أَصْلِ الْإِعَارَةِ فَكَذَا فِي صِفَتِهَا. اهـ.
وَالْعَارِيَّةُ هِيَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ مَجَّانًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْمُمَلَّكَ أَعْرَفُ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَارِهِ الْمَعْلُومَةَ لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ بَكْرٍ عَلَى مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِمُضِيِّ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَزْبُورَةُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ أَخْذَ الرَّهْنِ مِنْ بَكْرٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ فَلِعَمْرٍو اسْتِرْدَادُهُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (أَقُولُ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ التَّوْقِيتُ لِلرَّهْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُؤَقَّتُ هُوَ الْعَارِيَّةَ وَالرَّهْنُ مُطْلَقٌ عَنْ الْوَقْتِ فَهَلْ يُقَالُ إنَّ الرَّهْنَ فَاسِدٌ أَيْضًا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ رَهْنَهُ زَائِدًا عَلَى الْمُدَّةِ فَيَكُونُ الرَّهْنُ مُؤَقَّتًا أَيْضًا؟ لَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ.
وَالظَّاهِرُ الْفَسَادُ، وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ تَوْقِيتَ الْعَارِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُعِيرِ لِمَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ آنِفًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُرْتَهِنِ إذَا أَنْكَرَ الْعَارِيَّةَ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُ الرَّاهِنِ وَأَنَّ الْمُعِيرَ لَهُ الطَّلَبُ عَلَى الرَّاهِنِ أَيْضًا وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْعَارِيَّةِ قَبْلَ الْوَقْتِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَبَعْدَ الْوَقْتِ يَطْلُبُهَا مِنْ الرَّاهِنِ لِمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالرَّهْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِذَا مَضَتْ وَامْتَنَعَ مِنْ خَلَاصِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ فَرَهَنَهُ إلَى سَنَةٍ فَلِلْمُعِيرِ طَلَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ يَرْهَنُهُ إلَى سَنَةٍ. اهـ.
لِأَنَّ الرَّهْنَ هُنَا فَاسِدٌ بِتَأْجِيلِهِ كَمَا مَرَّ وَكَلَامُنَا فِي تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ تَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ رَهَنَ عِنْدَ آخَرَ كُرُومًا مَعْلُومَةً بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ أَثْمَرَتْ الْكُرُومُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَمَا حُكْمُ الثِّمَارِ؟
(الْجَوَابُ): حُكْمُهَا مَا ذَكَرَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ كَالثَّمَرِ وَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِلرَّاهِنِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ رَهْنٌ مَعَ الْأَصْلِ تَبَعًا لَهُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ يَسْرِي إلَيْهِ حُكْمُ الرَّهْنِ وَمَا لَا فَلَا. اهـ.
وَإِذَا خَافَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الثِّمَارِ الْهَلَاكَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَهَا أَوْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْبَيْعِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ مِنْ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الرَّهْنِ كَاللَّبَنِ وَالثَّمَرَةِ وَكَذَا نَفْسُ الرَّهْنِ إذَا كَانَ مِمَّا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ بَاعَهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا، وَإِنْ بَاعَهُ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَ. اهـ.
وَزَادَ فِي الْمُحِيطِ إنْ كَانَ الْمَالِكُ غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ الْقَاضِي وَالْمَالِكِ وَبَاعَهُ بِنَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ يَصِيرُ مَأْذُونًا مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ دَلَالَةً وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَا لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ وَلَا يُؤَاجِرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ. اهـ.
وَأَمَّا قَطْعُ الثِّمَارِ الْمَذْكُورَةِ.
فَقَدْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ جَذَّ الثِّمَارَ وَقَطَفَ الْعِنَبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْحِفْظِ وَحِفْظُ الْمَرْهُونِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا إذَا جَذَّ كَمَا يَجُذُّ عِنْدَهُ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ نُقْصَانٌ، فَإِنْ تَمَكَّنَ فِيهِ نُقْصَانٌ مِنْ عَمَلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ يَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ لَوْ كَانَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَهُوَ يَخَافُ الْهَلَاكَ ضَمِنَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَذَلِكَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَوْ فَعَلَ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَحْصِينٌ وَحِفْظٌ عَنْ الْفَسَادِ إلَّا إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُزِيلُ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي إذَا كَانَ فِيهِ حِفْظٌ أَوْ تَحْصِينٌ عَنْ الْفَسَادِ فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَخْرُجُ جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ انْتَهَى.
(أَقُولُ) بَقِيَ مِنْ أَحْكَامِ نَمَاءِ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ يَهْلَكُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ مَقْصُودًا كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ ثَمَرَةَ الْكَرْمِ الْمَرْهُونِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ الْحَاضِرِ وَاسْتَهْلَكَتْ الثَّمَرَةُ فَهَلْ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ.
(سُئِلَ) فِي ثَمَرَةِ كَرْمٍ مَرْهُونٍ خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ وَكَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ فَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ رَفْعَ أَمْرِهِ لِلْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِبَيْعِهَا لِيَكُونَ ثَمَنُهَا رَهْنًا تَحْتَ يَدِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا خِيفَ عَلَى الرَّهْنِ الْفَسَادُ وَكَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ فَبَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الْقَاضِي يَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ خَاتَمَهُ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَوَضَعَهُ عَمْرٌو فِي خِنْصَرِهِ ثُمَّ أَحْضَرَ لَهُ دَيْنَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ الْخَاتَمَ فَزَعَمَ أَنَّهُ ضَاعَ مِنْهُ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فَهَلْ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ بِجَعْلِ خَاتَمِ الرَّهْنِ فِي خِنْصَرِهِ الْيُسْرَى أَوْ الْيُمْنَى كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُتُونِ.
(سُئِلَ) فِي الْمَدْيُونِ إذَا حُبِسَ فِي حَبْسِ الْقَاضِي بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَبَيْعِ الرَّهْنِ الْمُرْتَهِنَ بِالدَّيْنِ وَوَفَائِهِ مِنْ ثَمَنِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ تَأْبِيدُ حَبْسِهِ إلَى أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ الْمَدْيُونِ وَعِنْدَهُمَا لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ جَبْرًا؛ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعُ ذَلِكَ وَصَرَّحَ قَاضِي خَانْ وَصَاحِبُ الِاخْتِيَارِ وَكَثِيرٌ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، فَإِذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ نَفَذَ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي الرَّهْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَبْضٌ لِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ تَخْلِيَةٌ هَلْ يَكُونُ غَيْرَ لَازِمٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْهِبَةِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ، كَانَ الْإِمَامُ يَقُولُ: لَا يُقْبَلُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: يُقْبَلُ كَمَا هُوَ قَوْلُهُمَا مِنْ دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ: رَهَنَ دَارِهِ وَاعْتَرَفَ بِالْقَبْضِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْقَبْضُ، فَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ.
مِنْ رَهْنِ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَفِيهَا مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ: رَجُلٌ رَهَنَ دَارِهِ وَالرَّاهِنُ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَوَرَثَةُ الرَّاهِنِ أَنَّهُ كَانَ مَقْبُوضًا أَمْ لَا، فَإِنْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِالرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ وَدَعْوَى فَسَادِ الرَّهْنِ لَا تُقْبَلُ بِظَاهِرِ مَا كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حُكِمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِالرَّهْنِ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْيَدَ كَانَتْ يَدَ الْعَارِيَّةِ. اهـ.
وَإِنْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مَعَ الْقَبْضِ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ ادَّعَى الرَّهْنَ فَقَطْ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَإِنْ جَحَدَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ قِبَلِ الْمُرْتَهِنِ وَسَوَاءٌ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ آخِرًا وَهُوَ قَوْلُهُمَا بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ.
(أَقُولُ) إنَّمَا لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ إذَا شَهِدُوا بِمُعَايَنَةِ الْقَبْضِ أَوْ إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَذْكُرْ الْقَبْضَ فِي دَعْوَاهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ صِحَّةَ الدَّعْوَى شَرْطٌ لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ جَارِيَتَهُ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا زَيْدٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا تَسْعَى الْجَارِيَةُ فِي أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِنْ الدَّيْنِ وَتَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهَا غَنِيًّا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَفَلَ زَيْدٌ أَخَاهُ عَمْرًا عِنْدَ بَكْرٍ بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ اسْتَدَانَهُ عَمْرٌو وَتَسَلَّمَهُ مِنْ بَكْرٍ وَرَهَنَ زَيْدٌ بِذَلِكَ عِدَّةَ دَنَانِيرَ مَعْلُومَةٍ سَلَّمَهَا مِنْهُ وَعَلَى زَيْدٍ دُيُونٌ لِجَمَاعَةٍ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ جَائِزًا.
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَجُوزُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(فَرْعٌ) رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِآخَرَ وَبِهَا كَفِيلٌ فَأَخَذَ الطَّالِبُ مِنْ الْأَصِيلِ رَهْنًا وَأَعْطَاهُ الْكَفِيلُ أَيْضًا رَهْنًا قَالَ زُفَرُ أَيُّهُمَا هَلَكَ هَلَكَ بِالدَّيْنِ كُلِّهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا هَلَكَ الثَّانِي، فَإِنْ عَلِمَ رَاهِنُهُ بِالرَّهْنِ الْأَوَّلِ حِينَ رَهَنَهُ هَلَكَ بِالنِّصْفِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلَكَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ ذَكَرَ فِي آخِرِ كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ يَهْلَكُ بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعِلْمَ فَاحْتَمَلَ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِذَلِكَ وَاحْتَمَلَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ يَسْتَوِي الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا مَا قَالَ زُفَرُ وَالثَّانِي مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالثَّالِثُ رِوَايَةُ كِتَابِ الرَّهْنِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ ثُمَّ ذَكَرَ أَوْجُهَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ.
(سُئِلَ) فِيمَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْ عَمْرٍو بَعْدَ مَا رَهَنَ زَيْدٌ بِذَلِكَ عِنْدَ عَمْرٍو حِصَّةً مَعْلُومَةً شَائِعَةً لَهُ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ ثُمَّ بَاعَ زَيْدٌ الْحِصَّةَ الْمَرْهُونَةَ فَهَلْ يُعَامَلُ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ وَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الرَّاهِنِ لَهُ وَلِعَمْرٍو وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): رَهْنُ الْمُشَاعِ قِيلَ بَاطِلٌ وَقِيلَ فَاسِدٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفَاسِدُ الرَّهْنِ كَصَحِيحِهِ فِي الْأَحْكَامِ كُلِّهَا كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ وَصَرَّحَتْ بِهِ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً كَذَا ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْحَبْسِ إلَى أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمُ كَمَا فِي الرَّهْنِ الْجَائِزِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْبَدَلَ فِي الْعَيْنِ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي أَدَّاهَا لِيَتَوَصَّلَ إلَيْهَا بِحَبْسِ الرَّهْنِ: كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ: مَاتَ الرَّاهِنُ عَنْ دُيُونٍ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالرَّهْنُ الْفَاسِدُ كَالصَّحِيحِ حَالَ الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ حَتَّى إذَا تَقَابَضَا وَتَنَاقَضَا الْفَاسِدَ فَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الرَّاهِنُ مَا قَبَضَ، وَبَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنُ بِالْمَرْهُونِ الْفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ هَذَا إذَا لَحِقَ الدَّيْنُ الرَّهْنَ الْفَاسِدَ، أَمَّا إذَا سَبَقَ الدَّيْنُ ثُمَّ رَهَنَ فَاسِدًا بِذَلِكَ الدَّيْنِ ثُمَّ تَنَاقَضَا بَعْدَ قَبْضِهِ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ السَّابِقِ وَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ لِعَدَمِ الْمُقَابَلَةِ حُكْمًا لِفَسَادِ السَّبَبِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ السَّابِقِ وَالدَّيْنِ اللَّاحِقِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَبَضَهُ بِمُقَابَلَةِ الرَّهْنِ وَهَاهُنَا الْقَبْضُ سَابِقٌ فَتَثْبُتُ الْمُقَابَلَةُ الْحَقِيقِيَّةُ ثَمَّةَ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ تَقَدَّمَ الدَّيْنُ أَوْ تَأَخَّرَ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الرَّهْنِ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَفِيسَةٌ جِدًّا فَلْتَكُنْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا وُجِدَ التَّفَاسُخُ وَالرَّهْنُ بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا فِي فَتَاوِيه، وَمِثْلُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْبَيْعِ مِنْ فَصْلِ بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ وَالْمَرْهُونِ. (أَقُولُ) مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ ثُمَّ تَنَاقَضَا أَيْ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ الْفَاسِدَ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَى فَسَادِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ وَرُبَّمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ: وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ؛ لِأَنَّهُ إصْرَارٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَلَكِنْ مَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمَّا نَقَضَ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْمَعْصِيَةُ، وَحَبْسُ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ لَا يَكُونُ إصْرَارًا؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا قَبَضَ، فَإِذَا امْتَنَعَ فَهُوَ الْمُصِرُّ.
أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لِلْمُشْتَرِي الْحَبْسُ إلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ. اهـ.
مُلَخَّصًا.
فَقَوْلُهُ لَمَّا نَقَضَ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْمَعْصِيَةُ يُفِيدُ أَنَّهُ قَبْلَ النَّقْضِ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِبَقَاءِ الْمَعْصِيَةِ بِبَقَاءِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَهُوَ مُفَادُ تَقْيِيدِهِمْ الْمَسْأَلَةَ بِالنَّقْضِ أَيْضًا، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْضِ لَهُ حَبْسُهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ حَتَّى أَنَّ الْمَبِيعَ فَاسِدًا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَبَعْدَ فَسْخِهِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْعَقْدِ مِنْ وَجْهٍ، وَلَوْلَا الْعَقْدُ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُهُ وَكَذَلِكَ هُنَا، فَإِذَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ بَعْدَ نَقْضِ الْعَقْدِ وَارْتِفَاعِهِ يَكُونُ لَهُ حَبْسُهُ قَبْلَ نَقْضِهِ بِالْأَوْلَى لِقِيَامِ الْعَقْدِ الْمُلْحَقِ بِالصَّحِيحِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ: الرَّهْنُ عِنْدَهُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ هَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ.
وَفِي أَوَاخِرِ الرَّهْنِ مِنْ التَّنْوِيرِ كُلُّ حُكْمِ رَهْنٍ عُرِفَ فِي الرَّهْنِ الصَّحِيحِ فَهُوَ الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ. اهـ.
فَظَهَرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالنَّقْضِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا بَقِيَ الْعَقْدُ بِلَا نَقْضٍ بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاجِبِ وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا فَسْخُهُ، وَإِذَا فَسَخَاهُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ، وَأَمَّا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَحَبْسُ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ تُفِيدُ أَنَّهُ إذَا حَبَسَ الْمَرْهُونَ لِيَصِلَ إلَيْهِ حَقُّهُ لَا يَكُونُ إصْرَارًا؛ لِأَنَّ الْإِصْرَارَ إنَّمَا هُوَ بِإِبْقَاءِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ بِلَا فَسْخٍ لَا بِمُجَرَّدِ حَبْسِ الْمَرْهُونِ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ فَنَفْسُ الْحَبْسِ لَيْسَ إصْرَارًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ الْمَعْصِيَةِ بِفَسْخِ الْعَقْدِ وَيَبْقَى الْمَرْهُونُ تَحْتَ يَدِهِ.
هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَرَهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ دَارِهِ الْمَعْلُومَةَ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا لِيَدِ عَمْرٍو ثُمَّ مَاتَ كُلٌّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَنْ وَرَثَةٍ وَعَنْ دُيُونٍ أُخَرَ لِأَرْبَابِهَا وَلَمْ يَتْرُكْ زَيْدٌ سِوَى الدَّارِ فَهَلْ تَكُونُ وَرَثَةُ عَمْرٍو الْمُرْتَهِنِ أَحَقَّ بِالرَّهْنِ مِنْ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفُوا دَيْنَهُمْ؟
(الْجَوَابُ): لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَلَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَيَبْقَى رَهْنًا عِنْدَ الْوَرَثَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ: مَاتَ الرَّاهِنُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ. اهـ.
فَوَرَثَةُ عَمْرٍو الْمُرْتَهِنِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفُوا دَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ عَلَيْهِ يَدًا مُسْتَحَقَّةً، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَلِبَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو كَرْمًا مَعْلُومًا سَلَّمَهُ مِنْهُ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ وَقَبَضَهُ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِهِ دَيْنَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَكُنْ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَمَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ أَحْضَرُوا الدَّيْنَ لِعَمْرٍو لِيَرُدَّ لَهُمْ الرَّهْنَ فَامْتَنَعَ زَاعِمًا أَنَّ الرَّهْنَ صَارَ لَهُ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الرَّهْنِ نَاقِلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِلْمُرْتَهِنِ: إنْ لَمْ أُعْطِك دَيْنَك إلَى كَذَا فَهُوَ بَيْعٌ لَك بِمَا لَك عَلَيَّ لَا يَجُوزُ.
وَذَكَرَ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ قَالَ إنْ لَمْ أُوَفِّيَنَّكَ مَالَك إلَى كَذَا وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَك بِمَا لَك بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الرَّهْنُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَطَلَ الرَّهْنُ أَيْضًا. اهـ.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِنَاءُ دَارٍ مَعْلُومَةٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَرَهَنَهُ عِنْدَ عَمْرٍو ثُمَّ اسْتَدَانَ مِنْهُ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ يَكُونُ فَاسِدًا وَفَاسِدُ الرَّهْنِ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ؟
(الْجَوَابُ): صَرَّحُوا بِأَنَّ رَهْنَ الْبِنَاءِ غَيْرُ جَائِزٍ وَعَدَمُ الْجَوَازِ يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ وَلَكِنْ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الذَّخِيرَةِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ مِنْ الرَّهْنِ مَا لَا يَكُونُ مُنْعَقِدًا أَصْلًا كَالْبَاطِلِ فِي الْبَيْعِ وَالْفَاسِدُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مُنْعَقِدًا لَكِنْ بِوَصْفِ الْفَسَادِ، وَشَرْطُ انْعِقَادِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ مَالًا وَالْمُقَابَلُ بِهِ مَالًا مَضْمُونًا وَهُوَ شَرْطُ جَوَازِ الرَّهْنِ.
ثُمَّ قَالَ: فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الرَّهْنُ مَالًا وَالْمُقَابَلُ بِهِ مَضْمُونًا إلَّا أَنَّهُ فَقَدَ بَعْضَ شَرَائِطِ الْجَوَازِ يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ لِوُجُودِ شَرْطِ الِانْعِقَادِ وَلَكِنْ بِصِفَةِ الْفَسَادِ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْجَوَازِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مَالًا وَلَمْ يَكُنْ الْمُقَابَلُ بِهِ مَضْمُونًا لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ أَصْلًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ لِلسِّغْنَاقِيِّ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الدُّرَرِ مِنْ بَابِ مَا يَصِحُّ رَهْنُهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ الرَّهْنُ فِي تَرِكَتِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي تَرِكَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّهْنِ فِي تَرِكَتِهِ وَتَقْبِضُ الْوَرَثَةُ مِنْ الرَّاهِنِ مِقْدَارَ دَيْنِ مُوَرِّثِهِمْ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ مُحِيطِ الرَّضَوِيِّ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَلَوْ رَهَنَ طَيْلَسَانًا يُسَاوِي مِائَةً بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَدَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ وَطَلَبَ الرَّاهِنُ الطَّيْلَسَانَ وَلَمْ يُوجَدْ، فَإِنَّهُ صَارَ ضَامِنًا لِقِيمَةِ الطَّيْلَسَانِ وَتَقْبِضُ مِنْهُ الْوَرَثَةُ ثَلَاثِينَ وَيَرُدُّونَ سَبْعِينَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ مُحِيطُ رَضَوِيٍّ مِنْ الْوَدِيعَةِ مِنْ بَابِ الْأَمَانَاتِ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ.
(أَقُولُ) الظَّاهِرُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ: وَيَسْقُطُ مِنْ قِيمَةِ الطَّيْلَسَانِ ثَلَاثُونَ وَيَرُدُّونَ سَبْعِينَ تَأَمَّلْ.
وَأَجَابَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الرَّهْنِ كَذَلِكَ قَائِلًا: يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ أَمَانَةٌ فَتُضْمَنُ بِالتَّجْهِيلِ وَغَيْرُ الزَّائِدِ مَضْمُونٌ مِنْ قَبْلُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَرَهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ بَقَرَاتٍ مَعْلُومَةً وَأَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَكُونُ صَحِيحًا وَيَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي الرَّهْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتَهَا: وَلَوْ قَالَ رَهَنْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ وَفِيهَا زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ أَوْ ثَمَرٌ عَلَى الْأَشْجَارِ جَازَ وَيَدْخُلُ الْكُلُّ فِي الرَّهْنِ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِالذِّكْرِ وَفِي الرَّهْنِ يَدْخُلُ بِغَيْرِ الذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ الْكُلُّ تَصْحِيحًا. اهـ.
(أَقُولُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الرَّاهِنِ وَرَهْنُ الْمَشْغُولِ بِدُونِ الشَّاغِلِ غَيْرُ جَائِزٍ.
(سُئِلَ) فِي الرَّاهِنَةِ إذَا مَاتَتْ عَنْ أُمٍّ وَزَوْجٍ غَائِبٍ فَوْقَ مُدَّةِ السَّفَرِ وَعَنْ بِنْتٍ صَغِيرَةٍ مِنْهُ وَيُرِيدُ الْمُرْتَهِنُ أَخْذَ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا عَنْ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرَةِ حَيْثُ لَا وَصِيَّ لَهَا وَيَأْمُرَ الْقَاضِي الْوَصِيَّ بِبَيْعِ الرَّهْنِ لِوَفَاءِ دَيْنِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ: فَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ بَاعَ وَصِيُّهُ رَهْنَهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنِهِ وَقَضَى دَيْنَهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ نَصَّبَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهِ؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ عَامٌّ وَهَذَا لِوَرَثَتِهِ صِغَارًا فَلَوْ كِبَارًا خَلَفُوا الْمَيِّتَ فِي الْمَالِ فَكَانَ عَلَيْهِمْ تَخْلِيصُهُ جَوْهَرَةٌ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ لِلْقَاضِي نَصْبُ الْوَصِيِّ إذَا كَانَ الْوَارِثُ غَائِبًا وَيَكْتُبُ فِي نُسْخَةِ الْوِصَايَةِ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا وَوَارِثُ الْمَيِّتِ غَائِبٌ مُدَّةَ السَّفَرِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بَعْدَمَا رَهَنَ بِالدَّيْنِ الْمَزْبُورِ عِنْدَ عَمْرٍو نِصْفَ دَارٍ لَهُ رَهْنًا مُسَلَّمًا لِعَمْرٍو ثُمَّ قَبْلَ فَكِّ عَقْدِ الرَّهْنِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ أَقَرَّ زَيْدٌ بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ نِصْفِهِ لِشُرَكَائِهِ فِي الدَّارِ الْمَرْقُومَةِ وَصَدَّقُوهُ عَلَى ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو وَلَا إجَازَةٍ مِنْهُ فَهَلْ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ عَمْرٍو الْمُرْتَهِنِ أَصْلًا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهَا: وَإِذَا تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ فِي الْمَرْهُونِ قَبْلَ سُقُوطِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ تَصَرُّفًا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَصْلًا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ، وَإِذَا قَضَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ وَبَطَلَ حَقُّ الْحَبْسِ نَفَذَ تَصَرُّفَاتُ الرَّاهِنِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَيُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بَقِيَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا هَلْ يُؤْمَرُ بِقَضَائِهِ حَالًّا أَوْ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ لِلْمُرْتَهِنِ ثُمَّ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَوْ يَنْتَظِرُ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ؟ لَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ مَالَ ابْنِ ابْنِهِ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْيَتِيمِ وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ: وَلَوْ رَهَنَهُ أَيْ الْأَبُ بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ وَبِدَيْنٍ عَلَى الصَّغِيرِ جَازَ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى أَمْرَيْنِ جَائِزَيْنِ، فَإِنْ هَلَكَ ضَمِنَ الْأَبُ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ لِإِيفَائِهِ دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ أَوْ وَصِيُّ الْأَبِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ عَقَارٌ مَعْلُومٌ جَارٍ فِي مِلْكِهِمْ رَهَنَتْهُ أُمُّهُمْ الْوَصِيُّ الشَّرْعِيَّةُ عَلَيْهِمْ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَتْهُ مِنْ بَعْلِهَا زَيْدٍ وَتَسَلَّمَ زَيْدٌ الرَّهْنَ الْمَزْبُورَ فَهَلْ صَحَّ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ عَبْدًا لِطِفْلِهِ، وَالْوَصِيُّ كَذَلِكَ تَنْوِيرٌ مِنْ الرَّهْنِ: وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ خَانِيَّةٌ مِنْ تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْمَسْأَلَةُ مُفَصَّلَةٌ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيًّا عَلَى ابْنِهَا الْيَتِيمِ فَرَهَنَتْ دَارَهَا بِدَيْنٍ لِلْيَتِيمِ بِذِمَّتِهَا وَتَسَلَّمَتْ الرَّهْنَ مِنْ نَفْسِهَا لَهُ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ غَيْرَ جَائِزٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الرَّهْنِ.
وَقَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ: وَلَهُ أَيْ لِلْأَبِ رَهْنُ مَالِهِ عِنْدَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ لَهُ أَيْ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْأَبِ وَيَحْبِسُهُ لِأَجَلِهِ أَيْ لِأَجَلِ الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ سِرَاجِيَّةٌ وَكَذَا عَكْسُهُ فَلِلْأَبِ رَهْنُ مَتَاعِ طِفْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ جُعِلَ كَشَخْصَيْنِ وَعِبَارَتَيْنِ كَشِرَائِهِ مَالَ طِفْلِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَحْضٌ فَلَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي رَهْنٍ وَلَا بَيْعٍ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ بَعْدَ مَا رَهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ زَرْعَ شَعِيرٍ لَهُ قَائِمًا فِي أَرْضِ وَقْفٍ وَسَلَّمَ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ دَفْعِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَعَلَيْهِ دُيُونٌ أُخْرَى لِجَمَاعَةٍ فَهَلْ يَكُونُ عَمْرٌو أَحَقَّ بِالرَّهْنِ مِنْ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَيُعَامَلُ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ قَبْلَ الرَّهْنِ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ إلَخْ أَشْبَاهٌ وَفِي شُرُوطِ الظَّهِيرِيِّ شِرَاءُ الزَّرْعِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ إلَخْ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَفِي الدُّرَرِ لَا يَصِحُّ رَهْنُ مُشَاعٍ وَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ دُونَهُ أَيْ دُونَ الشَّجَرِ وَزَرْعِ أَرْضٍ أَوْ نَخْلِهَا دُونَهَا أَيْ دُونَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ مُتَّصِلٌ بِمَا لَيْسَ بِمَرْهُونٍ خِلْقَةً فَكَانَ فِي مَعْنَى الْمُشَاعِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَقَيَّدَ فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ بَعْدَمَا رَهَنَ إلَخْ لِيَكُونَ الرَّهْنُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ إذْ لَوْ كَانَ لَاحِقًا لَمْ يُعَامَلْ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَجَعَلَهُ الْحَاكِمُ دَيْنًا عَلَى الرَّاهِنِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَكُلُّ مَا وَجَبَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَيْ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَأَدَّاهُ الْآخَرُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَدَّاهُ كَمَا إذَا قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي وَيَجْعَلَهُ دَيْنًا عَلَى الْآخَرِ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَبِمُجَرَّدِ أَمْرِ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِجَعْلِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا، وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ مِنْ الرَّهْنِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَبِهِ رَهْنٌ عِنْدَ زَيْدٍ فَقَضَى رَجُلٌ دَيْنَ عَمْرٍو الرَّاهِنِ طَوْعًا وَقَبَضَهُ زَيْدٌ فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنَهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبِهَا رَهْنٌ عِنْدَ صَاحِبِ الْمَالِ فَقَضَى رَجُلٌ دَيْنَ الرَّاهِنِ طَوْعًا وَقَبَضَ الطَّالِبُ سَقَطَ الدَّيْنُ وَكَانَ لِلْمَطْلُوبِ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَتَّى هَلَكَ الرَّهْنُ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُتَطَوِّعِ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَيَعُودُ مَا أَخَذَ مِنْ الْمُتَطَوِّعِ إلَى مِلْكِ الْمُتَطَوَّعِ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ فَتَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِقَضَاءِ الثَّمَنِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ عَلَى بَائِعِ الْعَبْدِ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ: فِيمَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ.
(سُئِلَ) فِي الْمُرْتَهِنِ إذَا أَوْدَعَ الرَّهْنَ عِنْدَ رَجُلٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الرَّاهِنِ وَهَلَكَ عِنْدَ الرَّجُلِ فَهَلْ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ قِيمَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَإِجَارَتُهُ وَإِعَارَتُهُ وَلَوْ فَعَلَ يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا وَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ الرَّهْنِ فُصُولَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ فَعَلَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةِ لَا يَغْرَمُ فَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا فَعَلَ ثُمَّ الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ فَكَذَا الرَّهْنُ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُؤَجِّرَ الرَّهْنَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُ خُلَاصَةٌ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْخَامِسِ.
(سُئِلَ) فِي الْمُرْتَهِنِ إذَا رَهَنَ الرَّهْنَ عِنْدَ رَجُلٍ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَهَلَكَ عِنْدَ الرَّجُلِ هَلْ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْهَنَ الرَّهْنَ، فَإِنْ رَهَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ كَانَ لِلرَّاهِنِ الْأَوَّلِ أَنْ يُبْطِلَ الرَّهْنَ الثَّانِيَ وَيُعِيدَهُ إلَى يَدِ الْأَوَّلِ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الثَّانِي قَبْلَ الْإِعَادَةِ إلَى يَدِ الْأَوَّلِ فَالرَّاهِنُ الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ الْأَوَّلَ يَكُونُ ضَمَانُهُ رَهْنًا وَمَلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ بِالضَّمَانِ الْأَوَّلِ وَصَارَ كَأَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي، وَإِنْ ضَمَنَ الْمُرْتَهِنَ الثَّانِيَ يَكُونُ الضَّمَانُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ عِنْدَ الثَّانِي وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَ وَبِدَيْنِهِ وَلَوْ رَهَنَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الثَّانِي بِإِذْنِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ صَحَّ الرَّهْنُ الثَّانِي وَبَطَلَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فَصَارَ كَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ الْأَوَّلَ اسْتَعَارَ مَالَ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ لِلرَّهْنِ فَرَهَنَهُ.
هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ عِمَادِيَّةٌ فِي الْفَصْلِ.
(سُئِلَ) فِي الْمُرْتَهِنِ إذَا رَهَنَ الرَّهْنَ عِنْدَ آخَرَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ هَلْ يَصِحُّ الرَّهْنُ الثَّانِي وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَمَرَّ آنِفًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَرَاهِمَ وَأَرْهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ دَارِهِ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ بَاعَهُ الدَّارَ وَقَاصَصَهُ بِثَمَنِهَا مِنْ دَيْنِهِ قَامَ الْآنَ بَكْرٌ يَدَّعِي أَنَّ الدَّارَ مَرْهُونَةٌ عِنْدَهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ رَهْنًا سَابِقًا عَلَى رَهْنِ عَمْرٍو بِدُونِ تَسَلُّمٍ لِلدَّارِ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ غَيْرَ صَحِيحٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ؟
(الْجَوَابُ): الْقَبْضُ شَرْطٌ لِلُزُومِ الرَّهْنِ وَصَحَّحَ فِي الْمُجْتَبَى أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطُ الْجَوَازِ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ رَهْنُ زَيْدٍ الدَّارَ عِنْدَ عَمْرٍو رُجُوعًا عَنْ الرَّهْنِ عِنْدَ بَكْرٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الصَّحِيحُ يَكُونُ رَهْنُهُ عِنْدَ بَكْرٍ غَيْرَ جَائِزٍ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى بَكْرٍ الْمَذْكُورَةُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مَعَ الْقَبْضِ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ ادَّعَى الرَّهْنَ فَقَطْ لَا يُقْبَلُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَرَهَنَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو دُورَهُ الْجَارِيَةَ فِي مِلْكِهِ رَهْنًا شَرْعِيًّا وَسَلَّمَا الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لِبَكْرٍ الْعَدْلِ فَقَبَضَهُ بَكْرٌ مِنْهُمَا ثُمَّ وَكَّلَ زَيْدٌ بَكْرًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَهَلْ يَكُونُ التَّوْكِيلُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذَا وَضَعَا أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ صَحَّ وَضْعُهُمَا عِنْدَنَا وَيَتِمُّ الرَّهْنُ بِقَبْضِهِ أَيْ بِقَبْضِ الْعَدْلِ وَلَا يَأْخُذُهُ أَيْ الرَّهْنَ أَحَدُهُمَا أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمَا وَضَمِنَ لَوْ دَفَعَهُ إلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ أَوْ غَيْرَهُمَا أَيْ غَيْرَ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ بِبَيْعِهِ أَيْ بَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ صَحَّ أَيْ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مِلْكُهُ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِبَيْعِ مَالِهِ مُعَلَّقًا أَوْ مُنَجَّزًا إلَخْ مِنَحٌ مُخْتَصَرًا.