فصل: الخاتمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.مَسْأَلَةٌ أَفْتَى أَئِمَّةٌ أَعْلَامٌ بِتَحْرِيمِ شُرْبِ الدُّخَانِ الْمَشْهُورِ:

فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُمْ وَإِفْتَاءُ النَّاسِ بِحُرْمَتِهِ أَمْ لَا؟ فَلْنُبَيِّنْ لَك مَا يُزِيلُ غَرِيبَ الشَّكِّ عَنْ حَقِّ الْيَقِينِ بَعْدَ تَمْهِيدِ مَا حَقَّقَهُ أَئِمَّةُ أُصُولِ الدِّينِ قَالَ شَارِحُ مِنْهَاجِ الْوُصُولِ إلَى عِلْمِ الْأُصُولِ لِلْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْبَيْضَاوِيِّ وَيَجُوزُ الْإِفْتَاءُ لِلْمُجْتَهِدِينَ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا الْمُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ الْمُجْتَهِدِ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْبَيْضَاوِيِّ الْجَوَازُ وَاسْتَدَلَّ الْإِمَامُ عَلَيْهِ فِي الْمَحْصُولِ بِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْفَتْوَى إذْ لَيْسَ فِي زَمَانِهِ مُجْتَهِدٌ. اهـ.
وَكَلَامُ الْإِمَامِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مُجْتَهِدٌ فَكَيْفَ زَمَانُنَا الْآنَ فَإِنَّ شُرُوطَ الِاجْتِهَادِ لَا تَكَادُ تُوجَدُ لِهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ أَفْتَوْا بِتَحْرِيمِ التُّنْبَاكِ إنْ كَانَ فَتْوَاهُمْ عَنْ اجْتِهَادٍ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُمْ فَاجْتِهَادُهُمْ لَيْسَ بِثَابِتٍ وَإِنْ كَانَ عَنْ تَقْلِيدِ غَيْرِهِمْ فَأَمَّا عَنْ مُجْتَهِدٍ آخَرَ حَتَّى سَمِعُوا مِنْ فِيهِ مُشَافَهَةٌ فَهُوَ أَيْضًا لَيْسَ بِثَابِتٍ وَأَمَّا عَنْ مُجْتَهِدٍ ثَبَتَ إفْتَاؤُهُ فِي الْكُتُبِ فَهُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَرِدْ فِي كِتَابٍ وَلَمْ يَنْقُلُوا عَنْ دَفْتَرٍ فِي إفْتَائِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى حُرْمَتِهِ فَكَيْفَ سَاغَ لَهُمْ الْفَتْوَى وَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُمْ، وَالْحَقُّ فِي إفْتَاءِ التَّحْلِيلِ، وَالتَّحْرِيمِ فِي هَذَا الزَّمَانِ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْبَيْضَاوِيُّ فِي الْأُصُولِ، وَوَصَفَهُمَا بِأَنَّهُمَا نَافِعَانِ فِي الشَّرْعِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْإِبَاحَةُ، وَالْمَأْخَذُ الشَّرْعِيُّ آيَاتٌ ثَلَاثٌ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}، وَاللَّامُ لِلنَّفْعِ فَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمُنْتَفَعِ بِهِ مَأْذُونٌ شَرْعًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}، وَالزِّينَةُ تَدُلُّ عَلَى الِانْتِفَاعِ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ}، وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّبَاتِ الْمُسْتَطَابَاتُ طَبْعًا وَذَلِكَ يَقْتَضِي حِلَّ الْمَنَافِعِ بِأَسْرِهَا، وَالثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَضَارِّ التَّحْرِيمُ، وَالْمَنْعُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ} وَأَيْضًا ضَبَطَ أَهْلُ الْفِقْهِ حُرْمَةَ التَّنَاوُلِ إمَّا بِالْإِسْكَارِ كَالْبَنْجِ وَإِمَّا بِالْإِضْرَارِ بِالْبَدَنِ كَالتُّرَابِ، وَالتِّرْيَاقِ أَوْ بِالِاسْتِقْذَارِ كَالْمُخَاطِ، وَالْبُزَاقِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا كَانَ طَاهِرًا وَبِالْجُمْلَةِ إنْ ثَبَتَ فِي هَذَا الدُّخَانِ إضْرَارٌ صِرْفٌ خَالٍ عَنْ الْمَنَافِعِ فَيَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِتَحْرِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ انْتِفَاعُهُ فَالْأَصْلُ حِلُّهُ مَعَ أَنَّ فِي الْإِفْتَاءِ بِحِلِّهِ دَفْعَ الْحَرَجِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ مُبْتَلُونَ بِتَنَاوُلِهِ مَعَ أَنَّ تَحْلِيلَهُ أَيْسَرُ مِنْ تَحْرِيمِهِ وَمَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا وَأَمَّا كَوْنُهُ بِدْعَةً فَلَا ضَرَرَ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ فِي التَّنَاوُلِ لَا فِي الدِّينِ فَإِثْبَاتُ حُرْمَتِهِ أَمْرٌ عَسِيرٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ نَصِيرٌ نَعَمْ لَوْ أَضَرَّ بِبَعْضِ الطَّبَائِعِ فَهُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَلَوْ نَفَعَ بِبَعْضٍ وَقَصَدَ بِهِ التَّدَاوِي فَهُوَ مَرْغُوبٌ وَلَوْ لَمْ يَنْفَعْ وَلَمْ يَضُرَّ هَذَا مَا سَنَحَ فِي الْخَاطِرِ إظْهَارًا لِلصَّوَابِ مِنْ غَيْرِ تَعَنُّتٍ وَلَا عِنَادٍ فِي الْجَوَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ كَذَا أَجَابَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ حَيْدَرٍ الْكُرْدِيُّ الْجَزَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
سُئِلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ الْمَكِّيُّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا نَصُّهُ أَيُّمَا أَفْضَلُ السَّمَاءُ أَوْ الْأَرْضُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الْأَصْلُ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا وَنَقَلُوهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ السَّمَاءُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْصَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا وَمَعْصِيَةُ إبْلِيسَ لَمْ تَكُنْ فِيهَا أَوْ وَقَعَتْ نَادِرًا فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا وَقِيلَ الْأَرْضُ وَنُقِلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَيْضًا لِأَنَّهَا مُسْتَقَرُّ الْأَنْبِيَاءِ وَمَدْفِنُهُمْ. اهـ.
كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي خُلَاصَةِ الْوَفَاءِ لِلسَّمْهُودِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَقَلَ عِيَاضٌ وَقَبْلَهُ أَبُو الْوَلِيدِ وَغَيْرُهُمَا الْإِجْمَاعَ عَلَى تَفْضِيلِ مَا ضَمَّ الْأَعْضَاءَ الشَّرِيفَةَ حَتَّى عَلَى الْكَعْبَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تُحْفَتِهِ وَغَيْرِهِ بَلْ نَقَلَ التَّاجُ السُّبْكِيّ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيِّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الْعَرْشِ وَصَرَّحَ التَّاجُ الْفَاكِهِيُّ بِتَفْضِيلِهَا عَلَى السَّمَوَاتِ بَلْ قَالَ الظَّاهِرُ الْمُتَعَيَّنُ تَفْضِيلُ جَمِيعِ الْأَرْضِ عَلَى السَّمَاءِ لِحُلُولِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِيهَا وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لِخَلْقِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهَا وَدَفْنِهِمْ بِهَا لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى تَفْضِيلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ مَا عَدَا مَا ضَمَّ الْأَعْضَاءَ الشَّرِيفَةَ. اهـ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ، وَفِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ لِابْنِ حَجَرٍ سُئِلَ هَلْ اللَّيْلُ أَفْضَلُ مِنْ النَّهَارِ فَأَجَابَ قَالَ جَمَاعَةٌ: النَّهَارُ أَفْضَلُ مِنْ اللَّيْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ اللَّيْلُ أَفْضَلُ إذْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَلَيْسَ لَنَا يَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: طَالِقٌ فِي أَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ طَلُقَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَاخْتِصَاصُهُ بِالتَّجَلِّي الْأَكْبَرِ وَبِالْمِعْرَاجِ وَسُئِلَ هَلْ الْعَرْشُ أَفْضَلُ مِنْ الْكُرْسِيِّ (أَجَابَ) نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ الْكُرْسِيَّ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ وَأَنَّ الشَّامَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِرَاقِ وَبِأَنَّ الْحَجَرَ أَفْضَلُ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَهُوَ أَفْضَلُ الْقَوَاعِدِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ مَا يَكُونُ السُّؤَالُ عَنْ النَّحْسِ، وَالسَّعْدِ، وَعَنْ الْأَيَّامِ، وَاللَّيَالِيِ الَّتِي تَصْلُحُ لِنَحْوِ السَّفَرِ وَالِانْتِقَالِ مَا يَكُونُ جَوَابُهُ؟ (أَجَابَ) مَنْ يَسْأَلُ عَنْ النَّحْسِ وَمَا بَعْدَهُ لَا يُجَابُ إلَّا بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَتَسْفِيهِ مَا فَعَلَهُ وَيُبَيِّنُ لَهُ قُبْحَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الْيَهُودِ لَا مِنْ هُدَى الْمُسْلِمِينَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى خَالِقِهِمْ وَبَارِئِهِمْ الَّذِينَ لَا يَحْسِبُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَمَا يُنْقَلُ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَنْقُوطَةِ وَنَحْوِهَا عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ بَاطِلٌ كَذِبٌ لَا أَصْلَ لَهُ فَلْيُحْذَرْ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَفِي مَجْمُوعَةِ الْحَفِيدِ فَائِدَةٌ إذَا ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فَالرَّاجِحُ هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ الْآخِرُ لَا الْوَسَطُ كَذَا فِي آخِرِ الْمُسْتَصْفَى فَائِدَةٌ، كُلُّ مُبَاحٍ يُؤَدِّي إلَى زَعْمِ الْجُهَّالِ سُنِّيَّةَ أَمْرٍ أَوْ وُجُوبَهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَتَعْيِينِ السُّورَةِ لِلصَّلَاةِ وَتَعْيِينِ الْقِرَاءَةِ لِوَقْتٍ وَنَحْوِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقُنْيَةِ قُبَيْلَ بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ.
فَائِدَةٌ لَفْظُ قَالُوا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ فِي قَوْلِهِ: إذَا تَخَلَّلَ الْخَمْرُ بِإِلْقَاءِ الْمِلْحِ.. إلَخْ. وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ فِي قَوْلِهِ: لِلصَّبِيِّ أَنْ يَنْوِيَ التَّطَوُّعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دُونَ الْكَافِرِ عَلَى مَا قَالُوا وَقَدْ أَفَادَ جَدِّي يَعْنِي السَّعْدَ التَّفْتَازَانِيَّ فِي شَرْحِ الْكَشَّافِ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} أَنَّ فِي لَفْظِ قَالُوا: إشَارَةً إلَى ضَعْفِ مَا قَالُوا.
فَائِدَةٌ:
وَظِيفَةُ الْعَوَامّ التَّمَسُّكُ بِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ وَاتِّبَاعُهُمْ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ دُونَ التَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ كَذَا فِي الْعُمَانِ فِي آخِرِ الصَّوْمِ لَا اخْتِيَارَ لِلْعَامِّيِّ فِي أَقْوَالِ الْمَاضِينَ وَلَهُ الِاخْتِيَارُ فِي أَقَاوِيلِ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْعِلْمِ، وَالصِّدْقِ، وَالْأَمَانَةِ كَذَا فِي دِيَاتِ الْمُلْتَقَطِ الْمُبْتَلَى بِالْحَادِثَةِ أَخْبَرَهُ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ لَا يَسَعُ لِلْجَاهِلِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يَخْتَارَ لَهُ الْعَالِمُ بِالدَّلِيلِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ كُلُّ آيَةٍ أَوْ خَبَرٍ يُخَالِفُ قَوْلَ أَصْحَابِنَا يُحْمَلُ عَلَى النَّسْخِ أَوْ التَّأْوِيلِ أَوْ التَّرْجِيحِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ إذَا كَانَ الْحَدِيثُ مُخَالِفًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَالُوا لَا لِأَنَّهُ وَجَدَهُ غَيْرَ صَحِيحٍ أَوْ مُؤَوَّلًا.
فَائِدَةٌ: يُقَالُ يَجُوزُ بِمَعْنَى يَصِحُّ وَبِمَعْنَى يَحِلُّ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ. اهـ.
مَا فِي مَجْمُوعَةِ الْحَفِيدِ مِنْ الْعَقْدِ السَّادِسِ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ.
(فَائِدَةٌ).
قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّعَصُّبِ قَالَ الصَّلَابَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَاجِبَةٌ، وَالتَّعَصُّبُ لَا يَجُوزُ، وَالصَّلَابَةُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا هُوَ مَذْهَبُهُ وَيَرَاهُ حَقًّا وَصَوَابًا، وَالتَّعَصُّبُ السَّفَاهَةُ، وَالْجَفَاءُ فِي صَاحِبِ الْمَذْهَبِ الْآخَرِ وَمَا يَرْجِعُ إلَى نَقْصِهِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الصَّوَابِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ السَّادِسِ فِي الْكَرَاهِيَةِ.
(فَائِدَةٌ).
الْكَذِبُ مُبَاحٌ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ نَفْسِهِ كَالشَّفِيعِ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِشْهَادُ فَإِنْ أَصْبَحَ يُشْهِدُ وَيَقُولُ: عَلِمْت الْآنَ وَكَذَا الصَّغِيرَةُ تَبْلُغُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَتَخْتَارُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ عَنْ صُلْحِ الْمُحِيطِ.
(فَائِدَةٌ).
قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا فِي كِتَابِ الْمُهِمَّاتِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي كُتُبِنَا مِنْ الْعِبَارَاتِ الْفَارِسِيَّةِ وَلَا يُفْتَى بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْكَاتِبُ قَدْ صَحَّفَهَا وَهُوَ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ الْفَارِسِيَّةَ أَوْ يُصَحِّفُهَا الْقَارِئُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ الْفَارِسِيَّةَ.
(فَائِدَةٌ):
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْأَذْكَارِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ مُرَاعَاةُ الْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ فِي الْأَذْكَارِ مُعْتَبَرَةٌ وَإِلَّا لَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَهُمْ أَضِيفُوا التَّهْلِيلَ إلَيْهَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: إنَّ الْأَعْدَادَ الْوَارِدَةَ كَالذِّكْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ إذَا رُتِّبَ عَلَيْهَا ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ فَزَادَ الْآتِي بِهَا عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ الثَّوَابُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِتِلْكَ الْأَعْدَادِ حِكْمَةٌ وَخَاصِّيَّةٌ تَفُوتُ بِمُجَاوَزَةِ ذَلِكَ الْعَدَدِ، قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمِقْدَارِ الَّذِي رُتِّبَ الثَّوَابُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَحَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ بِذَلِكَ فَإِذَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ كَيْفَ تَكُونُ الزِّيَادَةُ مُزِيلَةً لِذَلِكَ الثَّوَابِ بَعْدَ حُصُولِهِ. اهـ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يَفْتَرِقَ الْحَالُ فِيهِ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ امْتِثَالَ الْأَمْرِ الْوَارِدِ ثُمَّ أَتَى بِالزِّيَادَةِ فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا لَا مَحَالَةَ وَإِنْ زَادَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِأَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ رُتِّبَ عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا فَرَتَّبَهُ هُوَ عَلَى مِائَةٍ فَيُتَّجَهُ الْقَوْلُ الْمَاضِي وَقَدْ بَالَغَ الْقَرَافِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ فَقَالَ مِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ الْمَحْدُودَةِ شَرْعًا لِأَنَّ شَأْنَ الْعُظَمَاءِ إنْ حَدُّوا شَيْئًا أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ وَيُعَدُّ الْخَارِجُ عَنْهُ مُسِيئًا لِلْأَدَبِ. اهـ.
وَقَدْ مَثَّلَهُ الْعُلَمَاءُ بِالدَّوَاءِ يَكُونُ فِيهِ مَثَلًا أُوقِيَّةُ سُكَّرٍ فَلَوْ زَيْدَ فِيهِ أُوقِيَّةً أُخْرَى لَتَخَلَّفَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُوقِيَّةِ فِي الدَّوَاءِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ مِنْ السُّكَّرِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ لَمْ يَتَخَلَّفْ الِانْتِفَاعُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَذْكَارَ الْمُتَغَايِرَةَ إذَا وَرَدَ لِكُلٍّ مِنْهَا عَدَدٌ مَخْصُوصٌ مَعَ طَلَبِ الْإِتْيَانِ بِجَمِيعِهَا مُتَوَالِيَةً لَمْ تَحْسُنْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ الْمُوَالَاةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوَالَاةِ فِي ذَلِكَ حِكْمَةٌ خَاصَّةٌ تَفُوتُ بِفَوَاتِهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
(فَائِدَةٌ):
فِي الْحَاوِي لِلْإِمَامِ السُّيُوطِيّ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ ضِمْنَ سُؤَالٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ: الْجَوَابُ أَمَّا كَوْنُ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ بِدْعَةً فَصَحِيحٌ وَلَكِنَّ الْبِدْعَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْحَرَامِ بَلْ تَنْقَسِمُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَا بِالْكَرَاهَةِ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ وَلَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ إكْرَامَهُ لِأَجَلِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إكْرَامِهِ فَحَسَنٌ وَدَوْسُهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بَلْ مُجَرَّدُ إلْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ دَوْسٍ مَكْرُوهٌ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ. اهـ.
وَفِيهِ مَسْأَلَةُ رَجُلٍ مِنْ الصُّوفِيَّةِ أَخَذَ الْعَهْدَ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ اخْتَارَ الرَّجُلُ شَيْخًا آخَرَ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ فَهَلْ الْعَهْدُ الْأَوَّلُ لَازِمٌ أَمْ الثَّانِي؟ الْجَوَابُ: لَا يَلْزَمُهُ الْعَهْدُ الْأَوَّلُ وَلَا الثَّانِي وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ.
، وَفِيهِ مَسْأَلَةٌ فِي شَخْصٍ يُدْعَى فَقِيهًا يَقُولُ إنَّ تَوْحِيدَ اللَّهِ تَعَالَى مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ عِلْمِ الْمَنْطِقِ وَأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَإِنَّ لِتَعَلُّمِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشَرُ حَسَنَاتٍ وَقَالَ: إنَّ أَبَا حَامِدٍ الْغَزَالِيَّ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَإِنَّمَا كَانَ زَاهِدًا،؟
(الْجَوَابُ): فَنُّ الْمَنْطِقِ فَنٌّ خَبِيثٌ مَذْمُومٌ يَحْرُمُ الِاشْتِغَالُ بِهِ لِأَنَّ مَبْنَى بَعْضِ مَا فِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْهَيُولَى الَّذِي هُوَ كُفْرٌ يَجُرُّ إلَى الْفَلْسَفَةِ، وَالزَّنْدَقَةِ وَلَيْسَ لَهُ ثَمَرَةٌ دِينِيَّةٌ أَصْلًا بَلْ وَلَا دُنْيَوِيَّةٌ نَصَّ عَلَى مَجْمُوعِ مَا ذَكَرَتْهُ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَعُلَمَاءُ الشَّرِيعَةِ فَأَوَّلُ مَنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي آخِرِ أَمْرِهِ وَابْنُ الصَّلَاحِ، وَالسَّلَفِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ الْأَثِيرِ وَالنَّوَوِيُّ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالذَّهَبِيُّ وَالطِّيبِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَبُو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ وَالسَّرَّاجُ الْقَزْوِينِيُّ وَأَلَّفَ فِي ذَمِّهِ كِتَابًا نَصِيحَةُ الْمُسْلِمِ الْمُشْفِقِ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِحُبِّ عِلْمِ الْمَنْطِقِ وَنَقَلَ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا عَنْ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلُ هَذَا الْجَاهِلِ: إنَّ الْغَزَالِيَّ لَيْسَ بِفَقِيهٍ فَهُوَ مِنْ أَجْهَلِ الْجَاهِلِينَ وَأَفْسَقِ الْفَاسِقِينَ وَلَقَدْ كَانَ الْغَزَالِيُّ فِي عَصْرِهِ حُجَّةَ الْإِسْلَامِ وَسَيِّدَ الْفُقَهَاءِ وَلَهُ فِي الْفِقْهِ الْمُؤَلَّفَاتِ الْجَلِيلَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْآنَ مَدَارُهُ عَلَى كُتُبِهِ فَإِنَّهُ فَتَحَ الْمَذْهَبَ وَلَخَّصَهُ بِالْبَسِيطِ، وَالْوَسِيطِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْخُلَاصَةِ وَكُتُبُ الشَّيْخَيْنِ إنَّمَا هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كُتُبِهِ. اهـ.
بِاخْتِصَارِهِ.
(فَائِدَةٌ):
إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أُخِذَ بِظَاهِرِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ زُفَرَ، وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ الْأَكْبَرُ فَالْأَكْبَرُ هَكَذَا إلَى آخِرِ مَنْ كَانَ مِنْ كِبَارِ الْأَصْحَابِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْحَادِثَةِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَوَابٌ ظَاهِرٌ وَتَكَلَّمَ فِيهِ الْمَشَايِخُ الْمُتَأَخِّرُونَ قَوْلًا وَاحِدًا يُؤْخَذُ بِهِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْأَكْبَرِ فَالْأَكْبَرِ ثُمَّ الْأَكْثَرِينَ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْكِبَارُ الْمَعْرُوفُونَ مِنْهُمْ كَأَبِي حَفْصٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي اللَّيْثِ، وَالطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ جَوَابٌ أَلْبَتَّةَ نَصًّا يَنْظُرُ الْمُفْتِي فِيهَا نَظَرَ تَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ وَاجْتِهَادٍ لِيَجِدَ فِيهَا مَا يَقْرُبُ إلَى الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ جُزَافًا بِجَاهِهِ لِمَنْصِبِهِ وَحُرْمَتِهِ وَلِيَخْشَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَيُرَاقِبَهُ فَإِنَّهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يَتَجَاسَرُ عَلَيْهِ إلَّا كُلُّ جَاهِلٍ شَقِيٍّ وَمَتَى أَخَذَ بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ يَكُونُ آخِذًا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْكِبَارِ كَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَالْحَسَنِ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا قُلْنَا فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلًا إلَّا وَهُوَ رِوَايَتُنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَقْسَمُوا عَلَيْهِ أَيْمَانًا غِلَاظًا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ إذًا فِي الْفِقْهِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى جَوَابٌ وَلَا مَذْهَبٌ إلَّا لَهُ كَيْفَمَا كَانَ وَمَا نُسِبَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ لِلْمُوَافَقَةِ وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ قَوْلِي قَوْلُهُ وَمَذْهَبِي مَذْهَبُهُ وَتَمَامُهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ.
(فَائِدَةٌ):
لَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ الْإِجَابَةُ عَنْ كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُ غَيْرُهُ فَيَلْزَمُهُ جَوَابُهُ لِأَنَّ الْفَتْوَى وَالتَّعْلِيمَ فَرْضُ كِفَايَةٍ مُبْتَغَى مِنْ كِتَابِ الْكَسْبِ.
(فَائِدَةٌ):
كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رُبَّمَا لَا يُجِيبُ عَنْ مَسْأَلَةٍ سَنَةً وَقَالَ: " لَأَنْ يُخْطِئَ الرَّجُلُ عَنْ فَهْمٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُصِيبَ بِغَيْرِ فَهْمٍ.
نَوَازِلُ أَبِي اللَّيْثِ وَكَانَ الْمُسْتَفْتِي إذَا أَلَحَّ عَلَى أَبِي نَصْرٍ وَقَالَ: جِئْت مِنْ مَكَان بَعِيدٍ يَقُولُ شِعْرًا فَلَا نَحْنُ نَادَيْنَاك مِنْ حَيْثُ جِئْتنَا وَلَا نَحْنُ عَمَّيْنَا عَلَيْك الْمَذَاهِبَا مُلْتَقَطٌ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ، وَالدَّارِمِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ مَنْ أَفْتَى النَّاسَ فِي كُلِّ مَا يَسْتَفْتُونَهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ مَنْ أَفْتَى النَّاسَ فِي كُلِّ مَا يَسْأَلُونَهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ أَدَبُ الْفُتْيَا لِلْحَافِظِ السُّيُوطِيّ.
وَفِيهِ أَيْضًا فِي بَابِ مَنْ تَرَكَ الْفُتْيَا فِي الطَّلَاقِ أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إيَاسٍ قَالَ قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَا لَكَ لَا تَقُولُ فِي الطَّلَاقِ شَيْئًا؟ قَالَ: مَا مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا وَقَدْ سُئِلْت عَنْهُ وَلَكِنِّي كَرِهْت أَنْ أُحِلَّ حَرَامًا أَوْ أُحَرِّمَ حَلَالًا. اهـ.
(فَائِدَةٌ):
سَبَبُ وَضْعِ التَّارِيخِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِصَكٍّ مَكْتُوبٍ إلَى شَعْبَانَ فَقَالَ أَهُوَ شَعْبَانُ الْمَاضِي أَوْ شَعْبَانُ الْقَابِلُ؟ ثُمَّ أَمَرَ بِوَضْعِ التَّارِيخِ وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ عَلَى ابْتِدَاءِ التَّارِيخِ مِنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ وَجَعَلُوا أَوَّلَ السَّنَةِ الْمُحَرَّمَ وَيُعْتَبَرُ التَّارِيخُ بِاللَّيَالِيِ لِأَنَّ اللَّيْلَ عِنْدَ الْعَرَبِ سَابِقٌ عَلَى النَّهَارِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أُمِّيِّينَ لَا يُحْسِنُونَ الْكِتَابَةَ وَلَمْ يَعْرِفُوا حِسَابَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأُمَمِ فَتَمَسَّكُوا بِظُهُورِ الْهِلَالِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ بِاللَّيْلِ فَجَعَلُوهُ ابْتِدَاءَ التَّارِيخِ، وَالْأَحْسَنُ ذِكْرُ الْأَقَلِّ مَاضِيًا كَانَ أَوْ بَاقِيًا مِنْ الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ.

.الخاتمة:

(وَهَذَا) آخِرُ مَا يَسَّرَهُ الْمَوْلَى الْقَدِيرُ عَلَى عَبْدِهِ الْعَاجِزِ الْحَقِيرِ مِنْ الْعُقُودِ الدُّرِّيَّةِ فِي تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا عَلَّامَةُ عَصْرِهِ وَنَتِيجَةُ دَهْرِهِ صَدْرُ الْأَفَاضِلِ، وَالْأَكَابِرِ مَنْ وَرِثَ الْعِلْمَ وَالْمَجْدَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ مَوْلَانَا الْمَرْحُومُ حَامِد أَفَنْدِي بْنُ عَلِيّ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ سَقَى اللَّهُ تَعَالَى ثَرَاهُ صَوْبَ غَمَامِ الرَّحْمَةِ الْغَادِي وَهِيَ الَّتِي أَفْتَى بِهَا وَجُمِعَتْ فِي حَيَاتِهِ فِي مُدَّةِ قِيَامِهِ بِمَنْصِبِ الْإِفْتَاءِ فِي دِمَشْقَ الشَّامِ ذَاتِ الثَّغْرِ الْبَسَّامِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَنَةً مِنْ سَنَةِ 1137 إلَى سَنَةِ 1155 وَلَمَّا اُبْتُلِيت بِمُعَانَاتِ أَمَانَةِ الْفَتْوَى الَّتِي هِيَ فِي زَمَانِنَا مِنْ أَعْظَمِ الْبَلْوَى رَأَيْت هَذِهِ الْفَتَاوَى مِنْ أَحْسَنِ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَمِنْ أَنْفَعِ مَا يَجْنَحُ عِنْدَ الْمُرَاجَعَةِ إلَيْهِ لِتَأَخُّرِ جَامِعِهَا وَسَعَةِ اطِّلَاعِ وَاضِعِهَا وَتَحْرِيرِهِ مَا اعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ الثِّقَاتُ وَذِكْرِهِ لِعَامَّةِ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إلَّا أَنَّهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَلْتَزِمْ فِيهَا التَّرْتِيبَ الْمُعْتَبَرَ وَلَمْ يُسْقِطْ مِنْهَا مَا تَكَرَّرَ أَوْ اشْتَهَرَ وَكَثِيرًا مَا يَذْكُرُ الْجَوَابَ فِي مَحَلٍّ وَيَذْكُرُ النَّقْلَ الْمُنَاسِبَ لَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ.
فَلِذَا صَرَفْتُ عَنَانَ الْعِنَايَةِ نَحْوَ تَنْقِيحِهَا وَاخْتِصَارِهَا، وَالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا يَفُوحُ مِنْ طِيبِ عِرَارِهَا بِتَرْكِ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ الْأَسْئِلَةِ وَظَهَرَ وَإِسْقَاطِ مَا أُعِيدَ مِنْهَا وَتَكَرَّرَ وَاخْتِصَارِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ بِعِبَارَاتٍ مُحَرَّرَةٍ وَحَذْفِ بَعْضِ النُّقُولِ الْمُعَادَةِ الْمُكَرَّرَةِ حَتَّى جَاءَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْأَصْلِ حَجْمًا وَأَكْثَرُ مِنْهُ ثَمَرَةً وَإِفَادَةً وَنُعْمَى بِمَا حَوَاهُ زِيَادَةً عَلَى الْأَصْلِ فِي كُلِّ بَابٍ وَفَصْلٍ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى مَوَاضِعَ هِيَ مَحَلُّ وَهْمٍ أَوْ كَبَا فِيهَا جَوَادُ الْقَلَمِ وَتَحْقِيقَاتٍ بَدِيعَةٍ وَتَحْرِيرَاتٍ مَنِيعَةٍ وَحَلِّ إشْكَالَاتٍ عَوِيصَةٍ وَاسْتِخْرَاجِ خَفِيَّاتٍ عَوِيصَةٍ أَنَا أَبُو عُذْرِهَا وَمَعَانِي حُلْوِهَا وَمُرِّهَا لَمْ يَحُمْ حَوْلَ كَشْفِهَا سَابِقٌ وَلَمْ تُفْتَحْ مُقْفَلَاتُهَا قَبْلِي لِطَارِقٍ قَدْ خَبَّأَ الْمَوْلَى اسْتِخْرَاجَ كُنُوزِهَا لِعَبْدِهِ الضَّعِيفِ وَأَظْهَرَ إشَارَاتِ رُمُوزِهَا عَلَى يَدِ هَذَا الْعَاجِزِ النَّحِيفِ حَتَّى حَقَّ أَنْ يَنْشُدَ النَّاظِرُ كَمْ تَرَكَ الْأَوَّلُ لِلْآخِرِ وَاعْتِقَادِي أَنَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ الظَّاهِرَةَ هِيَ إظْهَارُ الْقُدْرَةِ الْبَاهِرَةِ فَإِنَّ هَذَا الْعَبْدَ فِكْرَتُهُ كَلِيلَةٌ وَقَرِيحَتُهُ قَرِيحَةٌ عَلِيلَةٌ وَبِضَاعَتُهُ مُزْجَاةٌ قَلِيلَةٌ مَعَ مَا امْتَزَجَ بِالْبَالِ مِنْ عَظَائِمِ الْبِلْبَالِ وَتَرَاكُمِ الْهُمُومِ، وَالْأَهْوَالِ وَفَقْدِ الْمُسْعِفِ وَعَدَمِ الْمُنْصِفِ وَتَسَلُّطِ الْحُسَّادِ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُورِثُ الْوَهَنَ وَكَلَالَ الذِّهْنِ وَلَكِنْ لِلَّهِ دَرُّ مَنْ قَالَ وَأَبْدَعَ فِي الْمَقَالِ إنَّ الْمَقَادِيرَ إذَا سَاعَدَتْ أَلْحَقَتْ الْعَاجِزَ بِالْقَادِرِ فَدُونُك كِتَابًا قَدْ أَعْمَلْت فِيهِ الْفِكْرَ وَأَلْزَمْت فِيهِ الْجَفْنَ السَّهَرَ قَدْ غَرَسْت لَك فِيهِ مِنْ فُنُونِ التَّحْرِيرَاتِ أَفْنَانًا وَفَتَقْتُ لَك فِيهِ عَنْ عُيُونِ الْمُشْكِلَاتِ أَجْفَانًا وَأَوْدَعْت فِيهِ مِنْ كُنُوزِ الْفَوَائِدِ عُقُودَ الدُّرَرِ الْفَرَائِدِ وَبَسَطْت فِيهِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَقَاصِدِ أَحْسَنَ الْمَوَائِدِ وَجَلَوْت فِيهِ عَلَى مِنَصَّةِ الْأَنْظَارِ عَرَائِسَ أَبْكَارِ الْأَفْكَارِ وَكَشَفْتُ فِيهِ بِتَوْضِيحِ الْعِبَارَاتِ قِنَاعَ مُخَدَّرَاتِهِ وَلَمْ أَكْتَفِ بِتَلْوِيحِ الْإِشَارَاتِ لِأَجْلِ تَحْرِيرِ خَفِيَّاتِهِ وَلَيْسَ يَدْرِي فَضْلَهُ سِوَى عَالِمٍ فَقِيهٍ فَاضِلٍ نَبِيهٍ أَجْرَى سُفُنَ أَنْظَارِهِ فِي لُجَجِ بَحْرِهِ وَأَجْرَى جَوَادَ أَفْكَارِهِ فِي شَيْحِ بَرِّهِ وَإِنِّي أُعِيذُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ شَرِّ كُلِّ غَمْرٍ جَاهِلٍ أَوْ حَاسِدٍ مُتَغَافِلٍ.
عَلَى أَنِّي لَا أُبَرِّئُ نَفْسِي فَإِنِّي مُقِرٌّ بِعَجْزِي وَبَخْسِي أَرْتَجِي مِمَّنْ وَقَفَ فِيهِ عَلَى عَثْرَةٍ أَنْ يَتَدَارَكَهَا بِالْعَفْوِ، وَالْإِحْسَانِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مَحَلُّ الْخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ وَإِنِّي أَلْجَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي امْتَنَّ عَلَيَّ بِذَلِكَ وَتَفَضَّلَ وَمِنْ فَيْضِ فَضْلِهِ أَطْلُبُ وَأَسْأَلُ وَبِنَبِيِّهِ الْوَجِيهِ النَّبِيهِ أَتَوَسَّلُ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ مُوجِبًا لِلْفَوْزِ لَدَيْهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ كُلَّ قَاصٍ وَدَانٍ وَيُهَيِّئَ لِخُرُدِهِ الْحِسَانِ كُلَّ كُفْءٍ مِحْسَانٍ وَأَنْ يَغْفِرَ لِي مَا طَغَى بِهِ الْقَلَمُ أَوْ زَلَّتْ بِهِ الْقَدَمُ وَأَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ عَثَرَاتِي وَيَعْفُوَ عَنْ سَيِّئَاتِي وَيَغْفِرَ لِمَشَايِخِي وَوَالِدَيْ وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيَّ وَلِأَوْلَادِي وَأَهْلِي وَالْأَحْبَابِ وَلِمَنْ كَانَ الْحَامِلُ عَلَى جَمْعِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ بِبُلُوغِ الْمُنَى وَالْأَمَلِ وَأَنْ يُطْلِقَ أَلْسِنَتَنَا بِالشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْأَجَلِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ.
وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الْمُعْجِزَاتِ، وَالْآيَاتِ الْوَاضِحَاتِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ السَّادَاتِ وَزَوْجَاتِهِ الطَّاهِرَاتِ وَعَلَى التَّابِعِينَ، وَالْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ الْأَثْبَاتِ لَا سِيَّمَا إمَامُنَا الْأَعْظَمُ وَأَصْحَابُهُ الْأَئِمَّةُ الثِّقَاتُ سُبْحَانَ رَبِّك رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ الْحَبْرُ الْبَحْرُ الْفَهَّامَةُ مُؤَلِّفُ هَذِهِ الْفَتَاوَى الشَّرِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَنَفَعَنَا بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ: وَقَدْ فَرَغْت مِنْ تَحْرِيرِهِ وَتَنْمِيقِهِ وَتَحْبِيرِهِ لِثَمَانِي عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَة 1238 ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ.