فصل: باب الوقف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اختلاف الأئمة العلماء



.باب إحياء الموات:

اتفقوا على جواز إحياء الأرض الميتة العارية.
ثم اختلفوا هل يشترط في ذلك إذن الإمام.
فقال أبو حنيفة: يحتاج إلى إذنه.
وقال مالك: ما كان في الفلاة وحيث لا يتساح الناس فيه فلا يحتاج إلى إذن الإمام.
وما كان قريبا من العمران وحيث يتساح الناس فيه أفتقر إلى إذن الإمام.
وقال الشافعي وأحمد: لا يفتقر إلى إذن الإمام.
واختلفوا في أرض كانت للمسلمين مملوكة، ثم باد أهلها وخربت هل يملك بالإحياء؟
فقال أبو حنيفة ومالك: تملك بذلك.
وقال الشافعي: لا تملك.
وعن أحمد روايتان كالمذهبين، أظهرهما: أنها لا تملك.
واختلفوا بأي شيء يملك الأرض ويكون إحياء لها؟
فقال أبو حنيفة وأحمد: بتحجيرها وإن لم يتخذ لها ماء، وفي الدار بتحويطها، وإن لم يسقفها.
وقال مالك: ما يعلم بالعادة أنه إحياء لمثلها من بناء وغراس وحفر بئر وغير ذلك.
وقال الشافعي: إن كانت للزرع فيزرعها، واستخراج ماء لها، وأن كانت للسكنى فيقطعها بيوتا وتسقيفها.
واختلفوا في حريم البئر العارية.
فقال أبو حنيفة: إن كانت تسقي الإبل الماء فحريمها أربعون ذراعا، لأجل عطن الإبل وهي مباركة عند ورودها، وإن كانت للناضح فستون ذراعا وإن كانت عينا فثلاثمائة ذراع، وفي رواية عنه: خمسمائة ذراع من أراد أن يحفر في حريمها منع منه.
وقال الشافعي ومالك: ليس لذلك حد مقدر والمرجع فيه إلى العرف.
وقال أحمد: إن كانت في أرض موات فخمسة وعشرون ذراعاً، وإن كانت في أرض عاديه فخمسون، وإن كانت عينا فخمسمائة ذراع.
واتفقوا على أنه يجوز للإمام أن يحمي الحشيش من أرض الموات لإبل الصدفة. وخيل المجاهدين، ونعم الجزية والضوال إذا احتاج إليها، ورأى فيها المصلحة خلافا لأحد قولي الشافعي.
واختلفوا في الحشيش إذا نبت في أرض مملوكة هل يملكه صاحبها بملكها؟
فقال أبو حنيفة: لا يملكه وكل من أخذه فهو له.
وقال الشافعي: يملكه بملكه الأرض.
وعن أحمد روايتان، أظهرهما كمذهب أبي حنيفة.
وقال مالك إن كانت الأرض محوطة ملكها صاحبها وإن كانت غير محوطة لم يملكه.
واختلفوا فيما يفضل عن حاجة الإنسان وبهائمه وزرعه من الماء في بئر أو نهر.
فقال مالك: إن كانت البئر أو النهر في البرية فمالكها أحق بمقدار حاجته منها وبذل ما فضل من ذلك واجب عليه وإن كانت في حائطه فلا يلزمه الفضل إلا أن جاره زرع على بئر فانهدمت أو عين فغارت، فإنه يجب عليه بذل الفضل له إلى أن يصلح جاره بئر نفسه أو عينه، فإن تهاون جاره بإصلاح ذلك لم يلزمه أن يبذل له وبعد البذل له هل يستحق عوضه؟
فيه روايتان.
وقال أبو حنيفة وأصحاب الشافعي: يلزمه بذله للشرب للناس والدواب من غير عوض، ولا يلزم للمزارع، وله أخذ العوض عنه فيها إلا أنه يستحب له بذله بغير عوض.
وعن أحمد روايتان أظهرهما: أنه يلزمه بذله من غير عوض للماشية والسفر معا.
ولا يحل له منعه، والرواية الأخرى كمذهب أبي حنيفة ومن وافقه من الشافعية.
واتفقوا على أن الأرض إذا كانت أرض ملح أو ماء للمسلمين فيه المنفعة فإنه لا يجوز للمسلم أن ينفرد بها.

.باب الوقف:

اتفقوا على جواز الوقف.
ثم اختلفوا هل يلزم أن يتصل به حكم حاكم أو يخرجه مخرج الوصايا؟
فقال مالك وأحمد والشافعي: يصح بغير هذين الوصفين ويلزم.
وقال أبو حنيفة: لا يصح إلا بوجود أحدهما.
واختلفوا هل ينقل الملك الموقوف إلى من وقف عليه؟
فقال أبو حنيفة: يزول عن ملك الواقف لا إلى مالك وهو محبوس على حكم ملكه حتى يعتبر شروطه. وعن رواية أخرى: ينتقل إلى الله تعالى.
وقال مالك وأحمد: ينتقل إلى الموقوف عليهم.
وعن الشافعي أقوال ثلاثة: أحدها كمذهب مالك وأحمد، والثاني: هو على ملك الواقف. والثالث: ينتقل إلى الله.
واتفقوا على أن وقف المشاع جائز.
واتفقوا على إن كل ما لا يمكن الانتفاع به إلا بإتلافه كالذهب والفضة والمأكول لا يصح وقفه.
واختلفوا في وقف ما ينقل ويحول ويصح الانتفاع به مع بقاء عينة.
فقال أبو حنيفة: لا يصح ذلك.
وعن مالك روايتان، إحداهما: يصح والأخرى: لا يصح، والمشهور منهما عند أصحابه صحته ولزومه، فأما في الخيل المحبوسات في سبيل الله فإنها يصح إحباسها رواية واحدة عنه.
وقال الشافعي وأحمد: يصح.
واختلفوا فيما إذا وقف على غيره واستثنى أن ينفق على نفسه منه مدة حياته.
قال الشافعي ومالك: لا يصح الشرط.
وقال أحمد: يصح وليس في أبي حنيفة نص عن هذه المسألة.
واختلف صاحباه فقال أبو يوسف كقول أحمد.
وقال محمد كقول مالك والشافعي.
واختلفوا فيما إذا وقف على عقبه أو على نسله، أو على ولده، أو على ذريته، أو على ولد ولده لصلبه، هل يدخل فيه ولد البنات؟
وقال مالك في المشهور عنه وأحمد: لا يدخلون.
فقال الشافعي وأبو يوسف: يدخلون.
وقال أبو حنيفة: إذا قال وقفت على عقبي لا يدخل فيه ولد البنات، وإن قال: على ولد ولدي في المشهور من مذهبه أنهم لا يدخلون.
وقال الخفاف: مذهب أبي حنيفة أنهم يدخلون وهو مذهب أبي يوسف ومحمد.
وأما النسل والذرية ففيه روايتان عن أبي حنيفة.
واتفقوا على أنه إذا أحزب الوقف لم يعد إلى ملك الواقف.
ثم اختلفوا في جواز بيعه وصرف ثمنه في مثله، وإن كان مسجدا.
فقال مالك والشافعي: يبقى على حاله ولا يباع.
وقال أحمد: يجوز بيعه وصرف ثمنه في مثله وفي المسجد إذا كان لا يرجى عوده كذلك.
وليس عن أبي حنيفة فيها نص.
واختلف صاحباه: فقال أبو يوسف: لا يباع.
وقال محمد: يعود إلى مالكه الأول.
واختلفوا فيما إذا أذن للناس في الصلاة في أرض أو في الدفن فيها.
فقال أبو حنيفة: أما الأرض فلا تصير مسجدا ولو نطق بوقفة حتى يصلى فيها، وأما المقبرة فلا تصير وقفا وإن أذن فيه ونطق به ودفن فيها وله الرجوع، في إحدى الروايتين عنه، ما لم يحكم به حاكم أو يخرجه مخرج الوصايا.
وقال الشافعي: لا تصير وقفا بذلك حتى ينطق به.
وقال مالك وأحمد: تصير بذلك وقفا وإن لم ينطق به.
واختلفوا فيما إذا وقف في مرض موته على بعض ورثته، أو قال: وقفت بعد موتي على بعض ورثتي فلم يخرج من الثلث أو خرج من الثلث.
فقال أصحاب أبي حنيفة: إن أجازه سائر الورثة نفذ، وإن لم يجيزوه صح في مقدار الثلث بالنسبة إلى من يؤول إليه بعد الوارث حتى لا يجوز بيعه ولا ينفذ في حق الوارث حتى يقسم الغلة بينهم على فرائض الله تعالى فإن مات الموقوف عليه فحينئذ ينتقل إلى من يؤول إليه، ويعتبر فيهم شرط الواقف فيصير وقفا لازما.
وقال مالك: الوقف في المرض على وارثه خاصة لا يصح فإن أدخل معه أجنبي فيه صح في حق الأجنبي وما يكون للوارث فإنه يشارك بقية الورثة ما داموا أحياء.
وأحمد يوقف منه مقدار الثلث ويصح وقفة وينفذ ولا يعتبر إجازة الورثة، وعنه رواية أخرى إن صحة ذلك تقف على إجازة الورثة.
وقال أصحاب الشافعي: لا يصح على الإطلاق سواء كان يخرج من الثلث أم لا يخرج إلا أن يجيزه الورثة، فإن أجازوه نفذ على الإطلاق.
واختلفوا فيما إذا وقف على قوم ولم يجعل آخره للفقراء.
فقال مالك وأحمد: يصح الوقف، وإذا انقرض القوم الموقوف عليهم يرجع للفقراء والمساكين.
وعن الشافعي قولان، أحدهما: كمذهب مالك وأحمد. والقول الآخر: أنه باطل.
وقال أبو حنيفة: لا يتم الوقف حتى يكون آخره على جهة لا تنقطع.
واختلفوا فيما إذا وقف موضعا وقفا مطلقا ولم يعين له وجها.
فقال مالك وأحمد: يصح ويصرف إلى البر والخير.
وقال الشافعي: هو باطل في الأظهر من قوليه.

.باب الهبة:

اتفقوا على أن الهبة تصح بالإيجاب والقبول والقبض.
ثم اختلفوا هل تصح وتلزم بإيجاب وقبول عار عن قبض إذا كانت معينة كالثواب والعبد؟
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى روايتيه: لا تلزم إلا بالقبض.
وقال مالك: تلزم وتصح بمجرد القبول والإيجاب. ولا تفتقر صحتها ولزومها إلى قبض، ولكن القبض شرط في نفوذها وتمامها، فإذا انعقد العقد فليس للواهب الرجوع وللموهوب له والمتصدق عليه المطالبة بالإقباض فإذا طالب به أصر الواهب عليه فإن أخر الواهب الإقباض مع مطالبة الموهوب له به حتى مات الواهب والموهوب له قائم على المطالبة ولم يرض بتبقيتها في يد الواهب لم تبطل وللموهوب له مطالبة الورثة، فإن تراخى الموهوب له عن المطالبة أو رضي بتبقيتها أو أمكنه قبضها فلم يقبضها حتى مات الواهب أو مرض بطلت الهبة ولم يكن له شيء فهذه فائدة مذهب مالك إن القبض شرط في نفوذ الهبة وتمامها لا في صحتها ولزومها.
وعن أحمد مثله.
واختلفوا فيما إذا كانت غير معينة كالقفيز في صبره والدرهم في دارهم.
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد رواية واحدة لا تلزم إلا بالقبض.
وقال مالك: تلزم بغير قبض على الإطلاق.
واختلفوا في هبة المشاع والتصدق به.
فقال أبو حنيفة: لا يجوز فيما يتأتى القسمة فيه كالعقار حتى يقسم، ويجوز فيما لا ينقسم كالحيوان والجواهر والحمام.
وقال مالك والشافعي وأحمد: يجوز فيهما جميعا.
واتفقوا على أنه يقبض للطفل أبوه أو وليه.
واختلفوا في السنة في الهبة للأولاد هل هي التسوية أو للذكر مثل حظ الأنثيين؟
فقال أبو حنيفة والشافعي ومالك: التسوية بينهم على الإطلاق ذكورا كانوا أو إناثا، أو ذكورا وإناثا.
وقال أحمد: إن كانوا ذكورا كلهم أو إناثا كلهم فالتسوية، وإن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين.
واتفقوا على أن تخصيص بعضهم بالهبة مكروه.
وكذلك اتفقوا على أن تفضيل بعضهم على بعض مكروه.
ثم اختلفوا هل يحرم؟
فقال مالك والشافعي: لا يحرم.
وقال مالك: يجوز أن ينحل الرجل بعض ولده بعض ماله ويكره أن ينحله جميع ماله وإن فعل ذلك نفذ إذا كان في الصحة.
وقال أحمد: إذا فضل بعضهم على بعض أو خص بعضهم أو فضل بعض الورثة على بعض سوى الأولاد أساء بذلك ولم يجز.
وهل له أن يسترجع ذلك ويؤمر به؟
فقالوا لا يلزمه الرجوع.
وقال أحمد: يلزمه الرجوع.
واختلفوا هل للأجنبي الرجوع فيما وهب وإن لم يعوض عنه؟
فقال أبو حنيفة: إن كان الموهوب له أجنبيا من الواهب ليس بذي رحم محرم منه وليس بينهما زوجته ولم يعوضه عنه لا هو ولا فضولي عنه فله الرجوع فيها إلا أن تزيد زيادة متصلة أو يموت أحد المتعاقدين أو تخرج الهبة من ملك الموهوب له فليس له مع شيء من هذه الأشياء الرجوع.
وقال مالك: إذا علم بالعرف أن الواهب قصد بالهبة الثواب كان له على الموهوب مثل ذلك، وإلا رد الهبة.
وقال الشافعي وأحمد: ليس له الرجوع وإن لم يعوض.
واختلفوا هل للأب الرجوع فيما وهبة لولده.
فقال أبو حنيفة: ليس له الرجوع بكل حال.
وقال الشافعي: له الرجوع بكل حال.
وقال مالك: للأب أن يرجع فيما وهب لأبنه على جهة الصلة لا على جهة الصدقة، وليس للأم أن ترجع فيما وهبت لابنها وهو يقيم لأنها قصدت به وجه الله، فأما إذا وهب لابنه بقصد المودة والمحبة فله الرجوع ما لم يستدن الابن الموهوب له دينا بعد الهبة أو تتزوج البنت أو يخلطه الموهوب له بماله من جنسه بحيث لا تتميز منه، فليس له الرجوع.
وعن أحمد ثلاث روايات أظهرها: له الرجوع بكل حال والأخرى: ليس له الرجوع بحال كمذهب أبي حنيفة، والأخرى: كمذهب مالك، فأما الأم فلا تملك الرجوع عن أبى حنيفة وأحمد.
وتملك الرجوع عن مالك في حياة الأب.
وعن الشافعي: على الإطلاق.
وأما الجد فلا يملك الرجوع عن أبي حنيفة وأحمد ومالك.
وقال الشافعي: يملك.
واختلفوا فيما إذا زادت الهبة في بدنها بالسمن والكبر هل يكون كما قدمنا مانعا من الرجوع؟
فقال أبو حنيفة: يكون مانعا من الرجوع.
وقال مالك والشافعي: لا يكون مانعا.
وعن أحمد روايتان كالمذهبين.
واختلفوا هل تقتضي الهبة المطلقة الإثابة؟
فقال مالك: إن علم بالعرف أن الواهب قصد بهبته الإثابة كان له على الموهوب له ذلك مثل هدية الفقير إلى الغني أو إلى السلطان وألا يرد الهبة إليه كما قدمنا ذكره.
وعن الشافعي في الصغير إذا وهب للكبير قولان، الجديد منهما: أنها لا تقتضي الإثابة كمذهب أبي حنيفة.
فعلى قول مالك والشافعي في القديم: أن الإثابة عليها واجبة في ماذا يثبت؟ اختلفا.
فقال مالك: تلزمه قيمة الهدية وللشافعي أربعة أقوال، أحدها: كمذهب مالك، وهذا ولآخر يلزمه إرضاء الواهب.
والثالث: مقدار المكافأة على مثل تلك الهبة في العادة.
والرابع: أقل ما يقع عليه الاسم.
واتفقوا على أن الزوجين والأخوة ليس لواحد منهم الرجوع على صاحبة فيما وهب له.
واختلفوا هل للوالد أن يأخذ من مال ولده ما شاء عند الحاجة وغيرها؟
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يأخذ من مال ولده بقدر الحاجة وغيرها ما شاء.
واختلفوا في مطالبة الوالد ولده من قرض أو قيمة متلف.
فقال أبو حنيفة والشافعي ومالك: يملك ذلك.
وقال أحمد: لا يملك ذلك.
واختلفوا في هبة المجهول.
فقال أبو حنيفة: لا تصح ما لم يعينه ويسلمه، وكذلك قال الشافعي وأحمد.
وقال مالك: تصح.