فصل: 1380 - مَسْأَلَةٌ: حكم إقرار المريض في مرض موته

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


كِتَابُ الْإِقْرَارِ

1378 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

مَنْ أَقَرَّ لأَخَرَ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى بِحَقٍّ فِي مَالٍ، أَوْ دَمٍ، أَوْ بَشَرَةٍ وَكَانَ الْمُقِرُّ عَاقِلاً بَالِغًا غَيْرَ مُكْرَهٍ وَأَقَرَّ إقْرَارًا تَامًّا، وَلَمْ يَصِلْهُ بِمَا يُفْسِدُهُ‏:‏ فَقَدْ لَزِمَهُ، وَلاَ رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ رَجَعَ لَمْ يَنْتَفِعْ بِرُجُوعِهِ وَقَدْ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ دَمٍ، أَوْ حَدٍّ، أَوْ مَالٍ‏.‏ فَإِنْ وَصَلَ الْإِقْرَارُ بِمَا يُفْسِدُهُ بَطَلَ كُلُّهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، لاَ مِنْ مَالٍ، وَلاَ قَوَدٍ، وَلاَ حَدٍّ‏:‏ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ‏:‏ لِفُلاَنٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ، أَوْ يَقُولُ‏:‏ قَذَفْت فُلاَنًا بِالزِّنَى، أَوْ يَقُولُ زَنَيْت، أَوْ يَقُولُ‏:‏ قَتَلْت فُلاَنًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ‏:‏ فَقَدْ لَزِمَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْتَفِتْ‏.‏ فَإِنْ قَالَ‏:‏ كَانَ لِفُلاَنٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ وَقَدْ قَضَيْته إيَّاهَا، أَوْ قَالَ‏:‏ قَذَفْت فُلاَنًا وَأَنَا فِي غَيْرِ عَقْلِي، أَوْ قَتَلْت فُلاَنًا؛ لأََنَّهُ أَرَادَ قَتْلِي وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِي، أَوْ قَالَ‏:‏ زَنَيْت وَأَنَا فِي غَيْرِ عَقْلِي، أَوْ نَحْوَ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ يَسْقُطُ، وَلاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَالْحُرُّ، وَالْعَبْدُ، وَالذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى ذَاتُ الزَّوْجِ، وَالْبِكْرُ ذَاتُ الأَبِ، وَالْيَتِيمَةُ فِيمَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ وَإِنَّمَا هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةُ فَإِذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ فَلاَ مَعْنَى لِلْإِنْكَارِ، وَلاَ لِلْإِقْرَارِ‏:‏ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ‏:‏ أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَسَأَلُوهَا مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكِ فُلاَنٌ فُلاَنٌ حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيًّا فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرَّ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَوْلُ الْقَائِلِ‏:‏ إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاََقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ‏:‏ الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، اُغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ فَقُتِلَ عليه السلام بِالْإِقْرَارِ وَرُجِمَ بِهِ، وَرُدَّ بِهِ الْمَالُ مِمَّنْ كَانَ بِيَدِهِ إلَى غَيْرِهِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا وَصَلَ بِهِ مَا يُفْسِدُهُ فَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُلْزَمَ بَعْضَ إقْرَارِهِ، وَلاَ يُلْزَمَ سَائِرَهُ؛ لأََنَّهُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ‏.‏ وَقَدْ تَنَاقَضَ هَهُنَا الْمُخَالِفُونَ فَقَالُوا‏:‏ إنْ قَالَ‏:‏ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ إِلاَّ رُبْعَ دِينَارٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ قَالَ‏:‏ ابْتَعْت مِنْهُ دَارِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَنْكَرَ الآخَرُ الْبَيْعَ وَقَالَ‏:‏ قَدْ أَقَرَّ لِي بِمِائَةِ دِينَارٍ وَادَّعَى ابْتِيَاعَ دَارِي، فَإِنَّهُمْ لاَ يَقُصُّونَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَصْلاً وَهَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ‏.‏

وقال مالك‏:‏ مَنْ قَالَ‏:‏ أَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَ فُلاَنٍ فَإِنَّهُ أَسْلَفَنِي مِائَتَيْ دِينَارٍ، وَأَمْهَلَنِي حَتَّى أَدَّيْتهَا كُلَّهَا إلَيْهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَقْضِي لِذَلِكَ الْفُلاَنِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إنْ طَلَبَهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ‏.‏ وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ قَالَ‏:‏ قَتَلْتُ رَجُلاً مُسْلَمًا الآنَ أَمَامَكُمْ، أَوْ قَالَ‏:‏ أَخَذْت مِنْ هَذَا مِائَةَ دِينَارٍ الآنَ بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ لاَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَقُولُوا‏:‏ إنْ أَقَرَّ، ثُمَّ نَدِمَ، وَلاَ أَخَذُوا بِبَعْضِ قَوْلٍ دُونَ بَعْضٍ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ‏:‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ، أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّ رَجُلاً اسْتَضَافَ نَاسًا مِنْ هُذَيْلٍ فَأَرْسَلُوا جَارِيَةً تَحْتَطِبُ فَأَعْجَبَتْ الضَّيْفَ فَتَبِعَهَا فَأَرَادَهَا فَامْتَنَعَتْ، فَعَارَكَهَا فَانْفَلَتَتْ فَرَمَتْهُ بِحَجَرٍ فَفَضَّتْ كَبِدَهُ فَمَاتَ، فَأَتَتْ أَهْلَهَا فَأَخْبَرَتْهُمْ، فَأَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ عُمَرُ‏:‏ قَتِيلُ اللَّهِ لاَ يُودَى وَاَللَّهِ أَبَدًا‏.‏ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَحُمَيْدٍ، وَمُطَرِّفٍ، كُلِّهِمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ‏:‏ غَزَا رَجُلٌ فَخَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَهُوَ يَقُولُ‏:‏ وَأَشْعَثَ غَرَّهُ الإِسْلاَمُ مِنِّي جَلَوْت بِعُرْسِهِ لَيْلَ التَّمَامِ أَبِيت عَلَى تَرَائِبِهَا وَيُمْسِي عَلَى جَرْدَاءَ لاَحِقَةِ الْحِزَامِ كَأَنَّ مَجَامِعَ الرَّبَلاَتِ مِنْهَا قِيَامٌ يَنْهَضُونَ إلَى فِئَامِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ حَتَّى قَتَلَهُ فَجَاءَتْ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ دَمَهُ فَجَاءَ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِالأَمْرِ، فَأَبْطَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَمَهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ الأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ أُتِيتُ وَأَنَا بِالْيَمَنِ بِامْرَأَةٍ فَسَأَلْتهَا فَقَالَتْ‏:‏ مَا تَسْأَلُ عَنْ امْرَأَةٍ حُبْلَى ثَيِّبٍ مِنْ غَيْرِ بَعْلٍ، أَمَا وَاَللَّهِ مَا خَالَلْت خَلِيلاً، وَلاَ خَادَنْتُ خِدْنًا، مُذْ أَسْلَمْت، وَلَكِنِّي بَيْنَمَا أَنَا نَائِمَةٌ بِفِنَاءِ بَيْتِي، فَوَاَللَّهِ مَا أَيْقَظَنِي إِلاَّ الرَّجُلُ حِينَ رَكِبَنِي وَأَلْقَى فِي بَطْنِي مِثْلَ الشِّهَابِ فَقَالَ‏:‏ فَكَتَبْت فِيهَا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ إلَيَّ‏:‏ أَنْ وَافِنِي بِهَا وَبِنَاسٍ مِنْ قَوْمِهَا فَوَافَيْته بِهَا فِي الْمَوْسِمِ، فَسَأَلَ عَنْهَا قَوْمَهَا فَأَثْنَوْا خَيْرًا، وَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ كَمَا أَخْبَرَتْنِي، فَقَالَ عُمَرُ‏:‏ شَابَّةٌ تِهَامِيَّةٌ تَنَوَّمَتْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ يُفْعَلُ، فَمَارَّهَا عُمَرُ وَكَسَاهَا، وَأَوْصَى بِهَا قَوْمَهَا خَيْرًا هَذَا خَبَرٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَامِرِ بْنِ أَبِي الْحَكَمِ عَنْ الْحَسَنِ‏:‏ أَنَّ رَجُلاً رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ، فَارْتَفَعُوا إلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَانِ فَأَبْطَلَ دَمَهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالاَ جَمِيعًا‏:‏ إنَّ رَجُلاً أَتَى امْرَأَةً لَيْلاً فَجَعَلَتْ تَسْتَصْرِخُ فَلَمْ يُصْرِخْهَا أَحَدٌ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ‏:‏ رُوَيْدَك حَتَّى أَسْتَعِدَّ وَأَتَهَيَّأَ، فَأَخَذَتْ فِهْرًا فَقَامَتْ خَلْفَ الْبَابِ، فَلَمَّا دَخَلَ ثَلَغَتْ بِهِ رَأْسَهُ فَارْتَفَعُوا إلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، فَأَبْطَلَ دَمَهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُقْبَةَ أَنَّ رَجُلاً ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَاخْتَصَمَا إلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَعْلَى فَقَالَ‏:‏ قَدْ كَانَتْ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَيْته فَقَالَ‏:‏ أَصْلَحَك اللَّهُ قَدْ أَقَرَّ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَعْلَى‏:‏ إنْ شِئْت أَخَذْت بِقَوْلِهِ أَجْمَعَ، وَإِنْ شِئْت أَبْطَلْته أَجْمَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَعْلَى مِنْ التَّابِعِينَ وَلِيَ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ‏:‏ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ وَقَوْلُنَا فِيمَا ذَكَرْنَا هُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ‏.‏

وَأَمَّا الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ‏:‏ فَكُلُّهُمْ مُتَّفِقٌ عَلَى مَا قلنا، إِلاَّ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ، فَإِنَّ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ، قَالُوا‏:‏ إنْ رَجَعَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهَذَا بَاطِلٌ، وَالْقَوْمُ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ، فَهَلاَّ قَاسُوا الْإِقْرَارَ بِالْحَدِّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْحُقُوقِ سَوَاءً‏.‏

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَدَّ قَدْ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ، فَمَنْ ادَّعَى سُقُوطَهُ بِرُجُوعِهِ فَقَدْ ادَّعَى مَا لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ؛ وَاحْتَجُّوا بِشَيْئَيْنِ‏:‏ أَحَدُهُمَا‏:‏ حَدِيثُ مَاعِزٍ‏.‏

وَالثَّانِي‏:‏ أَنْ قَالُوا‏:‏ إنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ أَمَّا حَدِيثُ مَاعِزٍ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلاً، لأََنَّهُ لَيْسَ فِيهِ‏:‏ أَنَّ مَاعِزًا رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ أَلْبَتَّةَ، لاَ بِنَصٍّ، وَلاَ بِدَلِيلٍ، وَلاَ فِيهِ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ إنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ أَيْضًا أَلْبَتَّةَ، فَكَيْفَ يَسْتَحِلُّ مُسْلِمٌ أَنْ يُمَوِّهَ عَلَى أَهْلِ الْغَفْلَةِ بِخَبَرٍ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا يَزْعُمُ وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ مَاعِزًا، وَالْغَامِدِيَّةَ لَوْ رَجَعَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا، أَوْ لَمْ يَرْجِعَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا لَمْ يَطْلُبْهُمَا‏:‏ هَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ وَهَذَا ظَنٌّ، وَالظَّنُّ لاَ يَجُوزُ الْقَطْعُ بِهِ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ‏:‏ لَوْ فَعَلَ فُلاَنٌ كَذَا لَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرًا كَذَا‏:‏ لَيْسَ بِشَيْءِ، إذْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ الْفُلاَنُ، وَلاَ غَيْرُهُ ذَلِكَ الْفِعْلَ قَطُّ، وَلاَ فَعَلَهُ عليه السلام قَطُّ، وَقَدْ قَالَ جَابِرٌ‏:‏ أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَمْرِ مَاعِزٍ إنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ وَجِئْتُمُونِي بِهِ لِيَسْتَثْبِتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، فأما لِتَرْكِ حَدٍّ فَلاَ‏:‏ هَذَا نَصُّ كَلاَمِ جَابِرٍ، فَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ مَاعِزٌ قَطُّ عَنْ إقْرَارِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ‏:‏ رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي وَغَرُّونِي مِنْ نَفْسِي، وَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ قَاتِلِي هَكَذَا رُوِّينَا كُلَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‏:‏ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ‏:‏ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا عَلَى نَصِّهِ فَبَطَلَ تَمْوِيهُهُمْ بِحَدِيثِ مَاعِزٍ‏.‏

وَأَمَّا ‏"‏ ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ ‏"‏ فَمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا خَيْرٌ، وَلاَ نَعْلَمُهُ أَيْضًا جَاءَ عَنْهُ عليه السلام أَيْضًا، لاَ مُسْنَدًا، وَلاَ مُرْسَلاً وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ رُوِيَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُمَرَ، فَقَطْ وَلَوْ صَحَّ لَكَانُوا أَوَّلَ مُخَالِفٍ لَهُ؛ لأََنَّ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا أَشَدَّ إقَامَةً لِلْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ مِنْهُمْ‏.‏ فَالْمَالِكِيُّونَ يَحُدُّونَ فِي الزِّنَى بِالرَّجْمِ وَالْجَلْدِ بِالْحَبَلِ فَقَطْ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ وَقَدْ تُسْتَكْرَهُ وَتُوطَأُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ لَمْ يَشْتَهِرْ، أَوْ وَهِيَ فِي غَيْرِ عَقْلِهَا، وَيَقْتُلُونَ بِدَعْوَى الْمَرِيضِ‏:‏ أَنَّ فُلاَنًا قَتَلَهُ، وَفُلاَنٌ مُنْكِرٌ، وَلاَ بَيِّنَةَ عَلَيْهِ‏.‏ وَيَحُدُّونَ فِي الْخَمْرِ بِالرَّائِحَةِ، وَقَدْ تَكُونُ رَائِحَةَ تُفَّاحٍ، أَوْ كُمَّثْرَى شَتْوِيٍّ‏.‏ وَيَقْطَعُونَ فِي السَّرِقَةِ مَنْ يَقُولُ‏:‏ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بَعَثَنِي فِي هَذَا الشَّيْءِ وَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ مُقِرٌّ لَهُ بِذَلِكَ‏.‏ وَيَحُدُّونَ فِي الْقَذْفِ بِالتَّعْرِيضِ وَهَذَا كُلُّهُ هُوَ إقَامَةُ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ‏.‏

وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَإِنَّهُمْ يَقْطَعُونَ مَنْ دَخَلَ مَعَ آخَرَ فِي مَنْزِلِ إنْسَانٍ لِلسَّرِقَةِ فَلَمْ يَتَوَلَّ أَخْذَ شَيْءٍ، وَلاَ إخْرَاجَهُ، وَإِنَّمَا سَرَقَ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ فَقَطْ، فَيَقْطَعُونَهُمَا جَمِيعًا فِي كَثِيرٍ لَهُمْ مِنْ مِثْلِ هَذَا قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ‏.‏ فَمَنْ أَعْجَبُ شَأْنًا مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِقَوْلِ قَائِلٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ هُوَ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا تَسْوِيَتُنَا بَيْنَ الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى ذَاتِ الأَبِ الْبِكْرِ، وَغَيْرِ الْبِكْرِ، وَالْيَتِيمَةِ، وَذَاتِ الزَّوْجِ فَلأََنَّ الدِّينَ وَاحِدٌ عَلَى الْجَمِيعِ، وَالْحُكْمَ وَاحِدٌ عَلَى الْجَمِيعِ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ‏:‏ قُرْآنٌ أَوْ سُنَّةٌ، وَلاَ قُرْآنَ، وَلاَ سُنَّةَ، وَلاَ قِيَاسَ، وَلاَ إجْمَاعَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا وَبِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَ كُلَّ مَنْ ذَكَرْنَا خِطَابًا قَصَدَ بِهِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ذَاتِ نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ‏}‏ فَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا مَأْمُورٌ بِالْإِقْرَارِ بِالْحَقِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ أَنْ يُفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مَا لاَ يُقْبَلُ مِنْهُمْ‏.‏ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ‏:‏ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ لاَ يَلْزَمُ؛ لأََنَّهُ مَالٌ فَإِنَّمَا هُوَ مُقِرٌّ فِي مَالِ سَيِّدِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا‏}

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ هُوَ وَإِنْ كَانَ مَالاً فَهُوَ إنْسَانٌ تَلْزَمُهُ أَحْكَامُ الدِّيَانَةِ، وَهَذِهِ الآيَةُ حُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ؛ لأََنَّهُ كَاسِبٌ عَلَى نَفْسِهِ بِإِقْرَارِهِ‏.‏ وَقَدْ وَافَقُونَا‏:‏ لَوْ أَنَّ أَجِيرًا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِحَدٍّ لَلَزِمَهُ، وَفِي إقْرَارِهِ بِذَلِكَ إبْطَالُ إجَارَتِهِ إنْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ قَتْلاً أَوْ قَطْعًا وَلَيْسَ بِذَلِكَ كَاسِبًا عَلَى غَيْرِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1379 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَبِإِقْرَارِهِ مَرَّةً يَلْزَمُ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدٍّ، أَوْ قَتْلٍ، أَوْ مَالٍ وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ‏:‏ لاَ يَلْزَمُ الْحَدُّ فِي الزِّنَى إِلاَّ بِإِقْرَارِ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ‏.‏ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ‏:‏ لاَ يَلْزَمُ فِي السَّرِقَةِ إِلاَّ بِإِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ، وَأَقَامُوا ذَلِكَ مَقَامَ الشَّهَادَةِ‏.‏ وقال مالك، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ كَقَوْلِنَا، وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيُّونَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ رَدَّ مَاعِزًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ قَدْ صَحَّ هَذَا وَجَاءَ أَنَّهُ رَدَّهُ أَقَلَّ،

وَرُوِيَ أَكْثَرَ إنَّمَا رَدَّهُ عليه السلام لأََنَّهُ اتَّهَمَ عَقْلَهُ، وَاتَّهَمَهُ أَنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا الزِّنَى هَكَذَا فِي نَصِّ الْحَدِيثِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ اسْتَنْكِهُوهُ هَلْ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ كَمَا قَالَ عليه السلام وَأَنَّهُ عليه السلام بَعَثَ إلَى قَوْمِهِ يَسْأَلُهُمْ عَنْ عَقْلِهِ وَأَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَهُ‏:‏ أَتَدْرِي مَا الزِّنَى لَعَلَّكَ غَمَزْتَ أَوْ قَبَّلْتَ فَإِذْ قَدْ صَحَّ هَذَا كُلُّهُ، وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ، وَلاَ سَقِيمَةٍ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ‏:‏ لاَ يُحَدُّ حَتَّى يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ هَذَا الشَّرْطُ فِيمَا تُقَامُ بِهِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْقَوْمُ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ، فَيَلْزَمُهُمْ إذْ أَقَامُوا الْإِقْرَارَ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنْ يُقِيمُوهُ مَقَامَهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، فَلاَ يَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ أَقَرَّ بِمَالٍ حَتَّى يُقِرَّ مَرَّتَيْنِ وَهُمْ لاَ يَفْعَلُونَ هَذَا، وَقَدْ قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّ الَّذِي قَتَلَ الْجَارِيَةَ بِإِقْرَارٍ غَيْرِ مُرَدَّدٍ، وَالْقَتْلُ أَعْظَمُ الْحُدُودِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1380 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَفِي مَرَضٍ أَفَاقَ مِنْهُ لِوَارِثٍ وَلِغَيْرِ وَارِثٍ نَافِذٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَإِقْرَارِ الصَّحِيحِ، وَلاَ فَرْقَ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَعَمَّ ابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يَخُصَّ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُوس قَالَ‏:‏ إذَا أَقَرَّ لِوَارِثٍ بِدَيْنٍ جَازَ يَعْنِي فِي الْمَرَضِ‏.‏

وبه إلى ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ عَامِرٍ الأَحْوَلِ قَالَ‏:‏ سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْهُ فَقَالَ‏:‏ أُحَمِّلُهَا إيَّاهُ، وَلاَ أَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ فِيمَنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ بِدَيْنٍ، قَالَ‏:‏ جَائِزٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ، هُوَ ابْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونٍ، هُوَ ابْنُ مِهْرَانَ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ، فَأَرَى أَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ؛ لأََنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ جَازَ وَأَصْدَقُ مَا يَكُونُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمَا‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لاَ يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ أَصْلاً، كَمَا رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ لاَ يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ يَاسِينَ الزَّيَّاتِ إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ هُوَ مِنْ الثُّلُثِ‏.‏ وَقَسَّمَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ كَمَا رُوِّينَا عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ اعْتِرَافَ الْمَرِيضِ عِنْدَ مَوْتِهِ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ، وَلاَ يُجِيزُهُ لِلْوَارِثِ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ، وَابْنِ أُذَيْنَةَ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا‏.‏ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ الْحَكَمِ، وَالشَّعْبِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إِلاَّ أَنَّ دَيْنَ الصِّحَّةِ عِنْدَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمَرَضِ‏.‏ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ لِلْوَارِثِ وَلِغَيْرِ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ‏.‏

وقال مالك، وَأَبُو حَنِيفَةَ‏:‏ إنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثٍ فَأَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ فَهُوَ لاَزِمٌ لَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ‏.‏ وَاخْتَلَفَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ‏:‏ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ وَرَوَى أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ‏:‏ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ لاَ يُؤَثَّرُ بِهِ لِتَفَاهَتِهِ‏.‏

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا‏:‏ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ بِإِرْبِهِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ عَاقٍّ جَازَ إقْرَارُهُ لَهُ كَالأَجْنَبِيِّ‏.‏ وَقَالَ فِي إقْرَارِهِ لِزَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ أَوْ مَهْرٍ‏:‏ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ انْقِطَاعٌ إلَى الزَّوْجَةِ، وَلاَ مَيْلٌ إلَيْهَا فَإِقْرَارُهُ لَهَا جَائِزٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَيْلٌ إلَيْهَا وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا تَفَاقُمٌ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لَهَا‏.‏ قَالَ‏:‏ وَلَيْسَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ كَالزَّوْجَةِ؛ لأََنَّهُ لاَ يَتَّهِمُ فِي الزَّوْجَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَيْهَا مَيْلٌ أَنْ يَصْرِفَ مَالَهُ عَنْ وَلَدِهِ إلَيْهَا، قَالَ‏:‏ فَإِنْ وَرِثَهُ بَنُونَ أَوْ إخْوَةٌ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ فِي مَرَضِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إِلاَّ ابْنَةً، وَعَصَبَةً، فَأَقَرَّ لِبَعْضِ الْعَصَبَةِ جَازَ ذَلِكَ‏.‏ وَقَالَ‏:‏ وَلاَ يَجُوزُ إقْرَارُهُ لِصَدِيقِهِ الْمُلاَطِفِ إذَا وَرِثَهُ أَبَوَاهُ أَوْ عَصَبَتُهُ، فَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ‏:‏ جَازَ إقْرَارُهُ لَهُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ هَذِهِ أَقْوَالٌ مَبْنِيَّةٌ بِلاَ خِلاَفٍ عَلَى الظُّنُونِ الزَّائِغَةِ وَعَلَى التُّهْمَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ‏.‏

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا‏}‏‏.‏ وَكُلُّ هَذِهِ الأَقْوَالِ لاَ تُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ‏.‏ وَلاَ يَخْلُو إقْرَارُ الْمَرِيضِ عِنْدَهُمْ إذَا اتَّهَمُوهُ فِيهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ هِبَةً أَوْ يَكُونَ وَصِيَّةً‏:‏ فَإِنْ كَانَ هِبَةً، فَالْهِبَةُ عِنْدَهُمْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ بَعْضٍ جَائِزَةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَا جَاءَ قَطُّ فَرْقٌ بَيْنَ هِبَةِ مَرِيضٍ، وَلاَ هِبَةِ صَحِيحٍ‏.‏ وَإِنْ كَانَ وَصِيَّةً‏:‏ فَوَصِيَّةُ الصَّحِيحِ، وَالْمَرِيضِ، سَوَاءٌ لاَ تَجُوزُ إِلاَّ مِنْ الثُّلُثِ فَظَهَرَ أَنَّ تَفْرِيقَهُمْ فَاسِدٌ‏.‏

فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ عِتْقِ السِّتَّةِ الأَعْبُدِ، وَإِقْرَاعُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، فَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْإِقْرَارِ فِي شَيْءٍ أَصْلاً وَالْإِقْرَارُ إنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ بِحَقٍّ ذَكَرَهُ وَلَيْسَ عَطِيَّةً أَصْلاً، وَلاَ وَصِيَّةً وَحَدِيثُ السِّتَّةِ الأَعْبُدِ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ‏"‏ الْعِتْقِ ‏"‏ بِإِسْنَادِهِ مُبَيَّنًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1381 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَمَنْ قَالَ‏:‏ هَذَا الشَّيْءُ لِشَيْءٍ فِي يَدِهِ كَانَ لِفُلاَنٍ، وَوَهَبَهُ لِي، أَوْ قَالَ‏:‏ بَاعَهُ مِنِّي‏:‏ صَدَقَ، وَلَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ، وَلأََنَّ الأَمْوَالَ، وَالأَمْلاَكَ بِلاَ شَكٍّ مُنْتَقِلَةٌ مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ‏:‏ هَذَا أَمْرٌ نَعْلَمُهُ يَقِينًا‏.‏ فَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِبَعْضِ إقْرَارِهِ هُنَا دُونَ سَائِرِهِ لَوَجَبَ إخْرَاجُ جَمِيعِ أَمْلاَك النَّاسِ عَنْ أَيْدِيهِمْ، أَوْ أَكْثَرِهَا؛ لأََنَّك لاَ تَشُكُّ فِي الدُّورِ، وَالأَرَضِينَ، وَالثِّيَابِ الْمَجْلُوبَةِ وَالْعَبِيدِ، وَالدَّوَابِّ‏:‏ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ بِلاَ شَكٍّ، وَإِنْ أَمْكَنَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ أَنْ يُنْتِجَهُ فَإِنَّ الْأُمَّ وَأُمَّ الْأُمِّ بِلاَ شَكٍّ كَانَتْ لِغَيْرِهِ‏.‏

وَكَذَلِكَ الزَّرِيعَةُ مِمَّا بِيَدِهِ مِمَّا يَنْبُتُ فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ جُمْلَةً‏.‏ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ فِي شَيْءٍ مِمَّا بِيَدِهِ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ، أَوْ مِمَّا لَمْ يُقِرَّ بِهِ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ لِغَيْرِهِ قَضَى بِهِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى انْتِقَالِ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لأَِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ أَلْبَتَّةَ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَضَى بِالْبَيِّنَةِ لِلْمُدَّعِي

1382 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَمَنْ قَالَ‏:‏ لِفُلاَنٍ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ دَيْنٌ وَلِي عِنْدَهُ مِائَةُ قَفِيزِ قَمْحٍ، أَوْ قَالَ‏:‏ إِلاَّ مِائَةَ قَفِيزِ تَمْرٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، أَوْ إِلاَّ جَارِيَةً، وَلاَ بَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلاَ لَهُ قُوِّمَ الْقَمْحُ الَّذِي ادَّعَاهُ، فَإِنْ سَاوَى الْمِائَةَ الدِّينَارَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا، أَوْ سَاوَى أَكْثَرَ‏:‏ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ سَاوَى أَقَلَّ‏:‏ قُضِيَ بِالْفَضْلِ فَقَطْ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ‏.‏ بُرْهَانُ ذَلِكَ‏:‏ أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُ قَطُّ إقْرَارًا تَامًّا، بَلْ وَصَلَهُ بِمَا أَبْطَلَ بِهِ أَوَّلَ كَلاَمِهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ قَطُّ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا‏.‏

وَلَوْ جَازَ أَنْ يُؤْخَذَ بِبَعْضِ كَلاَمِهِ دُونَ بَعْضٍ لَوَجَبَ أَنْ يُقْتَلَ مَنْ قَالَ‏:‏ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ لأََنَّ نِصْفَ كَلاَمِهِ إذَا انْفَرَدَ‏:‏ كُفْرٌ صَحِيحٌ

وَهُوَ قَوْلُهُ ‏"‏ لاَ إلَهَ ‏"‏ فَيُقَالُ لَهُ‏:‏ كَفَرْت، ثُمَّ نَدِمْت وَهُوَ قَوْلٌ فَاسِدٌ جِدًّا وَلَوَجَبَ أَيْضًا أَنْ يَبْطُلَ الأَسْتِثْنَاءُ كُلُّهُ بِمِثْلِ هَذَا؛ لأََنَّهُ إبْطَالٌ لِمَا أَثْبَتَهُ بِأَوَّلِ كَلاَمِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا اسْتَثْنَى‏.‏ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ‏:‏ إنَّمَا يَجُوزُ الأَسْتِثْنَاءُ مِنْ نَوْعِ مَا قَبْلَهُ لاَ مِنْ نَوْعِ غَيْرِهِ

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا بَاطِلٌ لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ‏:‏ ‏{‏إنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ‏}‏‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إبْلِيسَ‏}‏ فَاسْتَثْنَى إبْلِيسَ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، بَلْ مِنْ الْجِنِّ الَّذِينَ يَنْسِلُونَ، وَالْمَلاَئِكَةُ لاَ تَنْسِلُ، وَاسْتَثْنَى تَعَالَى‏:‏ مَنْ ظَلَمَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ، وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِ صِفَتِهِمْ، وَقَالَ الشَّاعِرُ‏:‏ وَبَلْدَةٌ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ إِلاَّ الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ وَلَيْسَ ‏"‏ الْيَعَافِيرُ ‏"‏ وَ ‏"‏ الْعِيسُ ‏"‏ مِنْ ‏"‏ الأَنِيسِ ‏"‏ وَقَدْ اسْتَثْنَاهُمْ الشَّاعِرُ الْعَرَبِيُّ الْفَصِيحُ‏.‏