فصل: العتق وأمهات الأولاد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


كتاب العتق وأمهات الأولاد

1660 - مسألة‏:‏

الْعِتْقُ فِعْلٌ حَسَنٌ ‏,‏ لاَ خِلاَفَ فِي ذَلِكَ‏.‏

1661 - مسألة‏:‏

وَلاَ يَحِلُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ إِلاَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ لِغَيْرِهِ ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ أَخْذُ مَالٍ عَلَى الْعِتْقِ ‏,‏ إِلاَّ فِي الْكِتَابَةِ خَاصَّةً ‏,‏ لِمَجِيءِ النَّصِّ بِهَا‏.‏ وَقَالَ بَعْضُ الْقَائِلِينَ ‏:‏ إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ‏:‏ أَنْتَ حُرٌّ لِلشَّيْطَانِ ‏:‏ نَفَذَ ذَلِكَ

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذَا خِلاَفُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا‏}

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏}‏ وَالْعِتْقُ عِبَادَةٌ فَإِذَا كَانَتْ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصَةً جَازَتْ ‏,‏ وَإِذَا كَانَتْ لِشَرِيكٍ مَعَهُ تَعَالَى أَوْ لِغَيْرِهِ مَحْضًا ‏:‏ بَطَلَتْ ‏;‏ لأََنَّهَا وَقَعَتْ بِخِلاَفِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ فَوَجَبَ رَدُّ هَذَا الْعِتْقِ وَإِبْطَالِهِ‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ‏:‏ ‏(‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يَقُولُ ‏:‏ ‏"‏ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ ‏,‏ وَلْيَلْتَمِسْ ثَوَابَهُ مِنْهُ‏)‏‏.‏

1662 - مسألة‏:‏

وَمَنْ قَالَ ‏:‏ إنْ مَلَكْت عَبْدَ فُلاَنٍ فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ أَوْ قَالَ ‏:‏ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ أَوْ قَالَ ‏:‏ إنْ بِعْت عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ أَوْ قَالَ ‏:‏ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ لِسِوَاهُ أَوْ أَمَةٍ لَهُ ثُمَّ مَلَكَ الْعَبْدَ وَالأَمَةَ ‏,‏ أَوْ اشْتَرَاهُمَا ‏"‏ أَوْ بَاعَهُمَا ‏:‏ لَمْ يُعْتَقَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ‏.‏ أَمَّا بُطْلاَنُ ذَلِكَ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ ‏,‏ وَأَمَةِ غَيْرِهِ ‏:‏

فَلِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ‏(‏لاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ ‏,‏ وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ الْعَبْدُ‏)‏‏.‏

وَأَمَّا بُطْلاَنُ ذَلِكَ فِي عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ ‏;‏ فَلأََنَّهُ إذْ بَاعَهُمَا فَقَدْ بَطَلَ مِلْكُهُ عَنْهُمَا ‏,‏ وَلاَ وَفَاءَ لِعَقْدِهِ فِيمَا لاَ يَمْلِكُهُ ‏:‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ الأَعْلَمُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِيمَنْ قَالَ لأَخَرَ ‏:‏ إنْ بِعْت غُلاَمِي هَذَا مِنْك فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ مِنْهُ قَالَ الْحَسَنُ ‏:‏ لَيْسَ بِحُرٍّ ثُمَّ قَالَ ‏:‏ وَلَوْ قَالَ الآخَرُ ‏:‏ إنْ اشْتَرَيْته مِنْك فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَلَيْسَ بِحُرٍّ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ ‏,‏ وَأَصْحَابِنَا وَاخْتَلَفَ الْحَاضِرُونَ فِي ذَلِكَ ‏:‏ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ ‏:‏ إنْ قَالَ إنْ بِعْت غُلاَمِي فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ فَبَاعَهُ فَهُوَ حُرٌّ‏.‏ فَإِنْ قَالَ ‏:‏ إنْ اشْتَرَيْت غُلاَمَ فُلاَنٍ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ فَلَيْسَ بِحُرٍّ‏.‏

وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لِقَوْلِهِ هَذَا بِأَنَّهُ إذَا بَاعَهُ فَهُوَ فِي مِلْكِهِ بَعْدُ ‏,‏ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ‏,‏ فَلِذَلِكَ عَتَقَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذَا بَاطِلٌ ‏;‏ لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ لاَ بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ بَعْدُ ‏,‏ فَإِذَا تَفَرَّقَا فَحِينَئِذٍ بَاعَهُ ‏,‏ وَلاَ عِتْقَ لَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏,‏ وَسُفْيَانُ بِعَكْسِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ‏,‏ وَهُوَ أَنَّهُمَا قَالاَ ‏:‏ إنْ قَالَ ‏:‏ إنْ بِعْت عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ‏.‏ فَبَاعَهُ ‏,‏ لَمْ يَكُنْ حُرًّا بِذَلِكَ‏.‏ فَإِنْ قَالَ ‏:‏ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدَ فُلاَنٍ فَهُوَ حُرٌّ‏.‏ فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ‏.‏

وقال مالك ‏:‏ مَنْ قَالَ ‏:‏ إنْ بِعْت عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ‏.‏ فَبَاعَهُ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ قَالَ ‏:‏ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدَ فُلاَنٍ فَهُوَ حُرٌّ‏.‏ فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ‏.‏ فَلَوْ قَالَ ‏:‏ إنْ بِعْت عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ وَقَالَ آخَرُ ‏:‏ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدَ فُلاَنٍ فَهُوَ حُرٌّ‏.‏ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْبَائِعِ لاَ عَلَى الْمُشْتَرِي‏.‏ وَقَدْ

رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏,‏ وَالْحَسَنِ أَيْضًا وَهَذَا تَنَاقُضٌ مِنْهُ ‏,‏ وَكِلاَهُمَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ عِنْدَهُ بِقَوْلِهِمَا ‏,‏ فَقَالَ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ ‏:‏ هُوَ مُرْتَهِنٌ بِيَمِينِ الْبَائِعِ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذَا تَمْوِيهٌ ‏;‏ لأََنَّهُ يُعَارِضُهُ الْحَنَفِيُّ فَيَقُولُ ‏:‏ بَلْ هُوَ مُرْتَهِنٌ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي وَيُعَارِضُهُ آخَرُ فَيَقُولُ ‏:‏ بَلْ هُوَ مُرْتَهِنٌ بِيَمِينِهِمَا جَمِيعًا فَيُعْتَقُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا‏.‏ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ‏:‏ يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي ‏,‏ وَيَشْتَرِي الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عَبْدًا فَيَعْتِقُهُ وَهَذَا عَجَبٌ عَجِيبٌ لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُهُ لِمَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ ثُمَّ يَلْزَمُهُ عِتْقًا فِيمَا لَمْ يُنْذَرْ عِتْقُهُ ‏,‏ وَهَذِهِ صِفَةُ الرَّأْي فِي الدِّينِ وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى عَظِيمِ نِعْمَتِهِ‏.‏

1663 - مسألة‏:‏

وَلاَ يَجُوزُ عِتْقٌ بِشَرْطٍ أَصْلاً ‏,‏ وَلاَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ إِلاَّ فِي ‏"‏ الْكِتَابَةِ ‏"‏ فَقَطْ ‏,‏ وَلاَ بِشَرْطِ خِدْمَةٍ ‏,‏ وَلاَ بِغَيْرِ ذَلِكَ ‏,‏ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ‏(‏كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ‏)‏‏.‏ فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ ، حَدَّثَنَا سَفِينَةُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ ‏"‏ قَالَتْ لِي أُمُّ سَلَمَةَ ‏:‏ أُرِيد أَنْ أُعْتِقَكَ وَأَشْتَرِطَ عَلَيْك أَنْ تَخْدِمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عِشْت قُلْت ‏:‏ إنْ لَمْ تَشْتَرِطِي عَلَيَّ لَمْ أُفَارِقْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَمُوتَ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ فَأَعْتَقَتْنِي وَاشْتَرَطَتْ عَلَيَّ أَنْ أَخْدِمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَاشَ ‏"‏‏.‏ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ عَنْ سَفِينَةَ ‏,‏ فَسَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ غَيْرُ مَشْهُورٍ بِالْعَدَالَةِ ‏,‏ بَلْ مَذْكُورٌ أَنَّهُ لاَ يَقُومُ حَدِيثُهُ ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَلَيْسَ فِيهِ ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ ذَلِكَ فَأَقَرَّهُ ‏,‏ وَالْحَنَفِيُّونَ ‏,‏ وَالْمَالِكِيُّونَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّونَ ‏:‏ لاَ يُجِيزُونَ الْعِتْقَ بِشَرْطِ أَنْ يَخْدُمَ فُلاَنًا مَا عَاشَ فَقَدْ خَالَفُوا هَذَا الْخَبَرَ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ ‏:‏ أَعْتَقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كُلَّ مَنْ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ ‏,‏ وَاشْتَرَطَ عَلَى بَعْضِهِمْ خِدْمَةَ مَنْ بَعْدَهُ إنْ أَحَبَّ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ ‏:‏ إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَعْتَقَ كُلَّ مَنْ صَلَّى مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ ‏,‏ فَبَتَّ عِتْقَهُمْ ‏,‏ وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ ‏:‏ أَنَّكُمْ تَخْدِمُونَ الْخَلِيفَةَ بَعْدِي ثَلاَثَ سَنَوَاتٍ ‏,‏ وَشَرَطَ لَهُمْ ‏:‏ أَنَّهُ يَصْحَبُكُمْ بِمِثْلِ مَا كُنْتُ أَصْحَبُكُمْ بِهِ فَابْتَاعَ الْخِيَارُ خَدَمَتْهُ تِلْكَ الثَّلاَثَ سَنَوَاتٍ مِنْ عُثْمَانَ بِأَبِي فَرْوَةَ وَخَلَّى سَبِيلَ الْخِيَارِ ‏,‏ وَقَبَضَ أَبَا فَرْوَةَ‏.‏

وبه إلى ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ عَمَلَهُ سَنَتَيْنِ ‏,‏ فَعَمِلَ لَهُ بَعْضَ سَنَةٍ ‏,‏ ثُمَّ قَالَ لَهُ ‏:‏ قَدْ تَرَكْت لَك الَّذِي اشْتَرَطْت عَلَيْك فَأَنْتَ حُرٌّ ‏,‏ وَلَيْسَ عَلَيْك عَمَلٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ ‏:‏ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ تَصَدَّقَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْضٍ لَهُ ‏,‏ وَأَعْتَقَ بَعْضَ رَقِيقِهِ ‏,‏ وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْمَلُوا فِيهَا خَمْسَ سِنِينَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الأَخْرَمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ ‏:‏ إنِّي أَعْتَقْت أَمَتِي هَذِهِ وَاشْتَرَطْت عَلَيْهَا أَنْ تَلِيَ مِنِّي مَا تَلِي الأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا إِلاَّ الْفَرْجَ ‏,‏ فَلَمَّا غَلُظَتْ رَقَبَتُهَا قَالَتْ ‏:‏ إنِّي حُرَّةٌ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ‏:‏ لَيْسَ ذَلِكَ لَهَا ‏,‏ خُذْ بِرَقَبَتِهَا فَانْطَلِقْ بِهَا فَلَكَ مَا اشْتَرَطْت عَلَيْهَا‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ الْحَنَفِيُّونَ ‏,‏ وَالْمَالِكِيُّونَ ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّونَ ‏:‏ مُخَالِفُونَ لِجَمِيعِ هَذِهِ الآثَارِ ‏;‏ لأََنَّ فِي جَمِيعِهَا الْعِتْقَ بِشَرْطِ الْخِدْمَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ ‏,‏ وَإِلَى غَيْرِ أَجَلٍ وَهُمْ لاَ يُجِيزُونَ هَذَا ‏;‏ ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ ‏,‏ وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مِثْلَ هَذَا إذَا وَافَقَ رَأْيَهُمْ ‏,‏

وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَاشْتَرَطَ خِدْمَتَهُ عَتَقَ وَبَطَلَ شَرْطُهُ ‏:‏ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُرَيْحٍ مِثْلَهُ‏.‏ وَأَجَازُوا الْعِتْقَ عَلَى إعْطَاءِ مَالٍ ‏,‏ وَلاَ يُحْفَظُ هَذَا فِيمَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فِي غَيْرِ الْكِتَابَةِ‏.‏

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى الْكِتَابَةِ‏.‏

قلنا ‏:‏ نَاقَضْتُمْ ‏,‏ لأََنَّكُمْ لاَ تُجِيزُونَ فِي الْكِتَابَةِ الضَّمَانَ ، وَلاَ الأَدَاءَ بَعْدَ الْعِتْقِ ‏,‏ وَتُجِيزُونَ كُلَّ ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ‏.‏ وَلاَ تُجِيزُونَ فِي الْكِتَابَةِ أَنْ يَكُونَ أَمَدُ أَدَاءِ الْمَالِ مَجْهُولاً ‏,‏ وَتُجِيزُونَ ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ قِيَاسَكُمْ ‏,‏ فَكَيْفَ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ‏.‏ ثُمَّ لَهُمْ فِي هَذَا غَرَائِبُ ‏:‏

فأما أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ ‏:‏ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ‏:‏ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي أَرْبَعَ سِنِينَ ‏,‏ فَقَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ‏.‏ فَمَرَّةً قَالَ ‏:‏ فِي مَالِهِ قِيمَةُ خِدْمَتِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ ‏:‏ فِي مَالِهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ‏.‏ قَالَ ‏:‏ وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ‏:‏ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ‏,‏ أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفَ دِرْهَمٍ ‏,‏ فَالْخِيَارُ لِلْعَبْدِ فِي قَبُولِ ذَلِكَ أَوْ رَدِّهِ ‏,‏ فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَلاَ عِتْقَ لَهُ ، وَلاَ مَالَ عَلَيْهِ‏.‏ قَالَ ‏:‏ فَإِنْ قَالَ لَهُ ‏:‏ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ ‏,‏ فَلَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يُؤَدِّهَا ‏,‏ فَإِذَا أَدَّاهَا فَهُوَ حُرٌّ‏.‏

وقال مالك ‏:‏ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ‏:‏ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفَ دِرْهَمٍ ‏:‏ لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ أَدَاؤُهَا ، وَلاَ حُرِّيَّةَ لَهُ إِلاَّ بِأَدَائِهَا ‏,‏ فَإِذَا أَدَّاهَا فَهُوَ حُرٌّ‏.‏ قَالَ ‏:‏ فَلَوْ قَالَ ‏:‏ إنْ جِئْتَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ ‏,‏ وَمَتَى مَا جِئْتنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ ‏:‏ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَتَلَوَّمَ لَهُ السُّلْطَانُ ، وَلاَ يُنَجِّمُ عَلَيْهِ ‏,‏ فَإِنْ عَجَزَ عَجَّزَهُ السُّلْطَانُ وَكَانَ لِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ‏.‏ قَالَ ‏:‏ فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ ‏:‏ أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ وَعَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ ‏:‏ فَهُوَ حُرٌّ وَالْمَالُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُهُ ‏:‏ هُوَ حُرٌّ ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ‏;‏ لأََنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْحُرِّيَّةَ بِالْغُرْمِ ‏,‏ بَلْ أَمْضَاهَا بَتْلَةً بِغَيْرِ شَرْطٍ ‏,‏ ثُمَّ أَلْزَمَهُ مَا لاَ يَلْزَمُهُ ‏,‏ فَهُوَ بَاطِلٌ‏.‏ وَلَكِنْ لَيْتَ شِعْرِي كَمْ يَتَلَوَّمُ لَهُ السُّلْطَانُ ‏,‏ أَسَاعَةً أَمْ سَاعَتَيْنِ أَمْ يَوْمًا أَمْ يَوْمَيْنِ أَمْ جُمُعَةً أَمْ جُمُعَتَيْنِ أَمْ حَوْلاً أَمْ حَوْلَيْنِ وَكُلُّ حَدٍّ فِي هَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِيَقِينٍ ‏;‏ لأََنَّهُ دَعْوَى بِلاَ

برهان وَالْقَوْلُ فِي هَذَا ‏:‏ أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ كَلاَمَهُ مَخْرَجَ الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ فَهُوَ لاَزِمٌ ‏;‏ لأََنَّهُ مَلَكَهُ فَمَتَى مَا جَاءَهُ بِمَا قَالَ فَهُوَ حُرٌّ لَهُ ذَلِكَ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ ‏,‏ وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْعِتْقَ ‏;‏ لأََنَّهُ عَبْدُهُ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لاَ تُحْفَظُ عَمَّنْ قَبْلَهُمْ ‏,‏ وَجَعَلَ خِيَارًا لِلْعَبْدِ حَيْثُ لاَ دَلِيلَ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1664 - مسألة‏:‏

وَمَنْ قَالَ ‏:‏ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ ‏:‏ لَزِمَتْهُ وَمَنْ قَالَ ‏:‏ إنْ كَانَ أَمْرُ كَذَا مِمَّا لاَ مَعْصِيَةَ فِيهِ فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ ‏,‏ فَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي ‏"‏ كِتَابِ النُّذُورِ ‏"‏‏.‏

وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ رَقَبَةً فَهُوَ نَذْرٌ لاَ عِتْقَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ ‏,‏ فَهُوَ لاَزِمٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي ‏"‏ كِتَابِ النُّذُورِ ‏"‏ وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا نَصٌّ وَهُوَ قَوْلُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ عَلَيَّ لِلَّهِ رَقَبَةً أَفَأُعْتِقُهَا فَسَأَلَهَا عليه السلام ‏:‏ أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ ‏:‏ هِيَ مُؤْمِنَةٌ ‏,‏ فَأَعْتِقْهَا فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى لُزُومِ الرَّقَبَةِ لِمَنْ الْتَزَمَهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَبِهِ عَزَّ وَجَلَّ نَتَأَيَّدُ‏.‏

1665 - مسألة‏:‏

وَلاَ يَجُوزُ عِتْقُ الْجَنِينِ دُونَ أُمِّهِ إذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ قَبْلَ أَنْ تَضَعَهُ أُمُّهُ ‏,‏ وَلاَ هِبَتُهُ دُونَهَا‏.‏ وَيَجُوزُ عِتْقُهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ وَتَكُونُ أُمُّهُ بِذَلِكَ الْعِتْقِ حُرَّةً وَإِنْ لَمْ يُرِدْ عِتْقَهَا ‏,‏ وَلاَ تَجُوزُ هِبَتُهُ أَصْلاً دُونَهَا‏.‏ فَإِنْ أَعْتَقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنْ كَانَ جَنِينُهَا لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ ‏,‏ فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ إِلاَّ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ فَهِيَ حُرَّةٌ ‏,‏ وَهُوَ غَيْرُ حُرٍّ وَإِنْ كَانَ قَدْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنْ أَتْبَعَهَا إيَّاهُ إذْ أَعْتَقَهَا فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهَا إيَّاهُ ‏,‏ أَوْ اسْتَثْنَاهُ ‏:‏ فَهِيَ حُرَّةٌ ‏,‏ وَهُوَ غَيْرُ حُرٍّ‏.‏

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْهِبَةِ إذَا وَهَبَهَا سَوَاءٌ سَوَاءٌ ، وَلاَ فَرْقَ‏.‏ وَحَدُّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ ‏:‏ تَمَامُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا‏.‏

برهان صِحَّةِ قَوْلِنَا ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلْقَنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلْقَنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ‏}‏‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ هُوَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ ‏:‏ أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُ ‏"‏ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ‏:‏ ‏(‏مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ ‏,‏ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ ‏,‏ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلاَ مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِذَا عَلاَ مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ‏)‏ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ ‏,‏ وَسُفْيَانَ ‏,‏ كِلاَهُمَا عَنْ الأَعْمَشِ ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ ‏:‏ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ‏:‏ أَنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إلَيْهِ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَعَمَلَهُ وَأَجَلَهُ ثُمَّ يَكْتُبُ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ‏"‏ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ‏.‏ فَهَذِهِ النُّصُوصُ تُوجِبُ كُلَّ مَا

قلنا فَصَحَّ أَنَّهُ إلَى تَمَامِ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ لَيْلَةً مَاءً مِنْ مَاءِ أُمِّهِ وَلَحْمَةً وَمُضْغَةً مِنْ حَشْوَتِهَا كَسَائِرِ مَا فِي جَوْفِهَا ‏,‏ فَهُوَ تَبَعٌ لَهَا ‏;‏ لأََنَّهُ بَعْضُهَا وَلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي كُلِّ حَالٍ ‏;‏ لأََنَّهُ يُزَايِلُهَا كَمَا يُزَايِلُهَا اللَّبَنُ‏.‏ وَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا أُعْتِقَ فَقَدْ أُعْتِقَ بَعْضُهَا ‏,‏ فَوَجَبَ بِذَلِكَ عِتْقُ جَمِيعِهَا ‏,‏ لِمَا نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ هِبَتُهُ دُونَهَا ‏;‏ لأََنَّهُ مَجْهُولٌ ‏,‏ وَلاَ تَجُوزُ هِبَةُ الْمَجْهُولِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ‏"‏ كِتَابِ الْهِبَاتِ ‏"‏‏.‏

وَأَمَّا إذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَهُوَ غَيْرُهَا ‏;‏ لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ خَلْقًا آخَرَ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ يَكُونُ ذَكَرًا وَهِيَ أُنْثَى ‏,‏ وَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ ‏,‏ وَيَكُونُ أَسْوَدَ أَوْ أَبْيَضَ وَهِيَ بِخِلاَفِهِ فِي خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ ‏,‏ وَفِي السَّعَادَةِ وَالشَّقَاءِ ‏,‏ فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَلاَ تَجُوزُ هِبَتُهُ ، وَلاَ عِتْقُهُ دُونَهَا ‏;‏ لأََنَّهُ مَجْهُولٌ ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلاَّ بِمَا تَطِيبُ النَّفْسُ عَلَيْهِ ‏,‏ وَلاَ يُمْكِنُ أَلْبَتَّةَ طَيِّبَ النَّفْسِ إِلاَّ فِي مَعْلُومِ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ ‏,‏ فَإِنْ أَعْتَقَهَا فَلاَ عِتْقَ لَهُ ‏;‏ لأََنَّهُ غَيْرُهَا فَإِنْ وَهَبَهَا فَكَذَلِكَ ‏,‏ فَإِنْ أَتْبَعَهَا حَمَلَهَا فِي الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ ‏:‏ جَازَ ذَلِكَ ‏;‏ لأََنَّهُ لَمْ يَزَلْ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِعِلْمِهِ وَبَعْدَهُ يَعْتِقُونَ الْحَوَامِلَ وَيَنْفُذُونَ عِتْقَ حَمْلِهَا وَيَهَبُونَ كَذَلِكَ وَيَبِيعُونَهَا كَذَلِكَ ‏,‏ وَيَمْتَلِكُونَهَا بِالْقِسْمَةِ كَذَلِكَ ‏,‏ وَيَتَصَدَّقُونَ وَيُهْدُونَ وَيُضَحُّونَ بِإِنَاثِ الْحَيَوَانِ فَيَتَّبِعُونَ أَحْمَالَهَا لَهَا فَتَكُونُ فِي حُكْمِهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا قَالَ ‏:‏ لَهُ ثُنْيَاهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَمَةً لَهُ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هَذَا إسْنَادٌ كَالشَّمْسِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يَعْتِقُ أَمَتَهُ وَيَسْتَثْنِي مَا فِي بَطْنِهَا قَالَ ‏:‏ ذَلِكَ لَهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِيمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا قَالَ ‏:‏ لَهُ ذَلِكَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي ثَوْرٍ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ ‏:‏ مَنْ كَاتَبَ أَمَتَهُ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ ‏:‏ إذَا أَعْتَقَهَا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَلَهُ ثَنَيَاهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَذَلِكَ لَهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ ‏:‏ سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ ‏,‏ وَحَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ ذَلِكَ يَعْنِي ‏:‏ عَمَّنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَقَالاَ جَمِيعًا ‏:‏ ذَلِكَ لَهُ‏.‏ وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ ‏,‏ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيُّ ‏,‏ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ ‏,‏ وَابْنِ الْمُنْذِرِ ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ ‏,‏ وَأَصْحَابِنَا‏.‏ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ‏,‏ وَالزُّهْرِيُّ ‏,‏ وَقَتَادَةُ ‏,‏ وَرَبِيعَةُ ‏:‏ إذَا أَعْتَقَهَا فَوَلَدُهَا حُرٌّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ‏.‏

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ‏,‏ وَسُفْيَانَ ‏,‏ وَمَالِكٍ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ‏.‏ وَقَالَ رَبِيعَةُ ‏:‏ إنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ دُونَهَا فَهُوَ لَهُ ‏,‏ فَإِنْ وَلَدَتْهُ فَعَسَى أَنْ يُعْتَقَ ‏,‏ وَلَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ ‏,‏ وَتُرَقَّ هِيَ وَمَا وَلَدَتْ ‏,‏ وَيَبْطُلُ عِتْقُهُ ‏,‏

وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ ‏:‏ فَهِيَ وَمَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقٌ لاَ عِتْقَ لَهُ‏.‏

وقال مالك ‏:‏ إنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ وَقَامَ غُرَمَاؤُهُ بِيعَتْ وَكَانَ مَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقًا ، وَلاَ عِتْقَ لَهُ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ تُبَعْ حَتَّى وَضَعَتْ فَهُوَ حُرٌّ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ ‏:‏ إنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ فَهُوَ حُرٌّ ‏,‏ وَلاَ يُرَقُّ أَبَدًا‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ ابْنَ عُمَرَ ‏,‏ وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ ‏,‏ وَهُمْ يُعَظِّمُونَ هَذَا‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ رَبِيعَةَ ‏,‏ وَمَالِكٍ ‏,‏ فَفِي غَايَةِ التَّنَاقُضِ ‏,‏ وَلاَ يَخْلُو عِتْقُهُ لِجَنِينِ أَمَتِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عِتْقًا أَوْ لاَ يَكُونَ عِتْقًا ‏,‏ فَإِنْ كَانَ عِتْقًا لاَ يَحِلُّ اسْتِرْقَاقُهُ بِيعَتْ أُمُّهُ أَوْ لَمْ تُبَعْ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ عِتْقًا فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَصِحَّ لَهُ عِتْقٌ وَإِنْ وَضَعَتْهُ بِقَوْلٍ ‏"‏ لَيْسَ عِتْقًا ‏"‏ وَنَسُوا هَاهُنَا احْتِجَاجَهُمْ بِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَ بِ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ‏.‏

وَهَذَا قَوْلٌ لاَ يُؤَيِّدُهُ قُرْآنٌ ‏,‏ وَلاَ سُنَّةٌ ‏,‏ وَلاَ رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ ‏,‏ وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ ‏,‏ وَلاَ قَوْلُ أَحَدٍ قَبْلَ رَبِيعَةَ ‏,‏ وَمَالِكٍ ‏,‏ وَلاَ غَيْرُهُمَا ‏,‏ وَلاَ قِيَاسٌ ‏,‏ وَلاَ رَأْيٌ سَدِيدٌ ‏,‏ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِكُلِّ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ وَعَهِدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِشَيْءٍ لاَ يُعْرَفُ مَخْرَجُهُ ‏"‏ كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا ‏"‏ وَهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِهَذَا ‏,‏ فَيَقُولُونَ فِي وَلَدِ الْغَارَةِ ‏,‏ وَالْمُسْتَحَقَّةِ ‏:‏ هِيَ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا حُرٌّ‏.‏

وقال بعضهم ‏:‏ لَمْ نَجِدْ قَطُّ امْرَأَةً حُرَّةً يَكُونُ جَنِينُهَا مَمْلُوكًا‏.‏ ‏.‏

فَقُلْنَا ‏:‏ وَلاَ وَجَدْتُمْ قَطُّ امْرَأَةً مَمْلُوكَةً وَوَلَدُهَا حُرٌّ ‏,‏ وَقَدْ قَضَيْتُمْ بِذَلِكَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ ‏,‏ وَلاَ وَجَدَ الْحَنَفِيُّونَ قَطُّ حُكْمَ الآبِقِ ‏,‏ وَجَعْلَهُ فِي غَيْرِ الآبِقِ ‏,‏ وَلاَ وَجَدَ الْمَالِكِيُّونَ قَطُّ امْرَأَةً مُتَزَوِّجَةً بِزَيْدٍ تَرِثُ عُمَرًا بِالزَّوْجِيَّةِ وَهِيَ فِي عِصْمَةِ زَيْدٍ ‏,‏ وَلاَ وَجَدَ الشَّافِعِيُّونَ قَطُّ حُكْمَ الْمُصَرَّاةِ فِي غَيْرِ الْمُصَرَّاةِ وَهَذَا تَخْلِيطٌ لاَ نَظِيرَ لَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1666 - مسألة‏:‏

وَمَنْ أَعْتَقَ عُضْوًا أَيَّ عُضْوٍ كَانَ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ ‏,‏ أَوْ أَعْتَقَ عُشْرَهُمَا ‏,‏ أَوْ جُزْءًا مُسَمًّى كَذَلِكَ ‏:‏ عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ وَالأَمَةُ كُلُّهَا ‏,‏ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ ظُفْرًا أَوْ شَعْرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ‏,‏ لِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصَّفَّارُ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا سُوَيْد ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ شَيْئًا مِنْ مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ نَصِيبُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَهُوَ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ ‏:‏ أَنَّ رَجُلاً مِنْ هُذَيْلٍ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ مَمْلُوكٍ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْقَهُ ‏,‏ وَقَالَ ‏:‏ لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ ‏,‏ وَهَذَانِ إسْنَادَانِ صَحِيحَانِ وَوَجَبَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ جَنِينَ أَمَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ عَتَقَتْ هِيَ بِذَلِكَ ‏;‏ لأََنَّهُ بَعْضُهَا وَشَيْءٌ مِنْهَا‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِخَادِمِهِ ‏:‏ فَرْجُك حُرٌّ قَالَ ‏:‏ هِيَ حُرَّةٌ أَعْتَقَ مِنْهَا قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا فَهِيَ حُرَّةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ ‏:‏ إذَا أَعْتَقَ مِنْ غُلاَمِهِ شَعْرَةً ‏,‏ أَوْ أُصْبُعًا ‏:‏ فَقَدْ عَتَقَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ ‏:‏ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ‏:‏ أُصْبُعُك حُرٌّ أَوْ ظُفْرُك أَوْ عُضْوٌ مِنْك حُرٌّ ‏:‏ عَتَقَ كُلُّهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ مِنْ عَبْدِهِ عُضْوًا ‏:‏ عَتَقَ كُلُّهُ ‏,‏ مِيرَاثُهُ مِيرَاثُ حُرٍّ ‏,‏ وَشَهَادَتُهُ شَهَادَةُ حُرٍّ

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ‏,‏ وَاللَّيْثِ ‏,‏ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ‏,‏ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّ مَالِكًا نَاقَضَ فَقَالَ ‏:‏ إنْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ مِنْ عَبْدِهِ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ ‏:‏ عَتَقَ مَا سَمَّى ‏,‏ وَلاَ يُعْتَقُ بِذَلِكَ سَائِرُهُ‏.‏

وقال أبو حنيفة وَأَصْحَابُهُ حَاشَ زُفَرَ ‏:‏ لاَ يَجِبُ الْعِتْقُ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الأَعْضَاءِ إِلاَّ فِي ذِكْرِهِ عِتْقَ الرَّقَبَةِ ‏,‏ أَوْ الْوَجْهِ ‏,‏ أَوْ الرَّوْحِ ‏,‏ أَوْ النَّفْسِ ‏,‏ أَوْ الْجَسَدِ ‏,‏ أَوْ الْبَدَنِ ‏,‏ فَأَيُّ هَذِهِ أَعْتَقَ أُعْتِقَ جَمِيعُهُ وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي عِتْقِهِ ‏:‏ الرَّأْسَ ‏,‏ أَوْ الْفَرْجَ ‏,‏ أَيُعْتَقُ بِذَلِكَ أَمْ لاَ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ أَلْفَاظٌ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْجَمِيعِ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ لأََنَّهُ يُعَبَّرُ ‏"‏ بِالْوَجْهِ ‏"‏ عَنْ الْجَمِيعِ فِي اللُّغَةِ ‏,‏ وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ ‏,‏ وَصَاحِبًا لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ ‏,‏ وَهُمْ يُعَظِّمُونَ هَذَا إذَا وَافَقَهُمْ ‏,‏ وَمَا نَعْلَمُ لأََبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ مُتَقَدِّمًا قَبْلَهُ‏.‏

وقال أحمد ‏,‏ وَإِسْحَاقُ ‏:‏ إنْ قَالَ ‏:‏ ظُفْرُك حُرٌّ ‏,‏ لَمْ يَجِبْ الْعِتْقُ بِذَلِكَ ‏,‏ لاَ لأََنَّهُ يُبَايِنُ حَامِلَهُ وَكُلُّ هَذَا لاَ شَيْءَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1667 - مسألة‏:‏

وَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ كُلَّهُ ‏,‏ أَوْ بَعْضَهُ ‏,‏ أَوْ أَعْتَقَهُ كُلَّهُ ‏:‏ عَتَقَ جَمِيعُهُ حِينَ يَلْفِظُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِقِيمَةِ حِصَّةِ مَنْ يُشْرِكُهُ حِينَ لَفَظَ بِعِتْقِ مَا أَعْتَقَ مِنْهُ أَدَّاهَا إلَى مَنْ يُشْرِكُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِذَلِكَ كُلِّفَ الْعَبْدُ أَوْ الأَمَةُ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَةِ حِصَّةِ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِ ‏,‏ لاَ شَيْءَ لِلشَّرِيكِ غَيْرُ ذَلِكَ ‏,‏ وَلاَ لَهُ ‏,‏ أَنْ يَعْتِقَ ‏,‏ وَالْوَلاَءُ لِلَّذِي أَعْتَقَ أَوَّلاً ‏,‏ وَإِنَّمَا يَقُومُ كُلُّهُ ثُمَّ يَعْرِفُ مِقْدَارَ حِصَّةِ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ ، وَلاَ يَرْجِعُ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا سَعَى فِيهِ حَدَثَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يَحْدُثْ وَلِلنَّاسِ فِي هَذَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَوْلاً ‏:‏ قَالَ رَبِيعَةُ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ حِصَّةً لَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ ‏:‏ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ قَالَ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ يُونُسُ سَأَلْته عَنْ عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَقَالَ رَبِيعَةُ ‏:‏ عِتْقُهُ مَرْدُودٌ لَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ مَنْ أَعْتَقَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ‏.‏ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْهُ الطَّحَاوِيَّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ‏:‏ أَنَّ رَبِيعَةَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ‏.‏ وَقَالَ بُكَيْر بْنُ الأَشَجِّ فِي اثْنَيْنِ بَيْنَهُمَا عَبْدٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْتِقَ أَوْ يُكَاتِبَ ‏:‏ فَإِنَّمَا يَتَقَاوَمَانِهِ ‏:‏

رُوِّينَا ذَلِكَ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ يَنْفُذُ عِتْقُ مَنْ أَعْتَقَ ‏,‏ وَيَبْقَى مَنْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى نَصِيبِهِ يَفْعَلُ فِيهِ مَا شَاءَ ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ‏,‏ وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ‏,‏ قَالاَ جَمِيعًا ‏:‏ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ الأَسْوَدِ وَأُمِّنَا غُلاَمٌ شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ وَأَبْلَى فِيهَا فَأَرَادُوا عِتْقَهُ وَكُنْتُ صَغِيرًا فَذَكَرَ ذَلِكَ الأَسْوَدُ لِعُمَرَ ‏,‏ فَقَالَ ‏:‏ أَعْتِقُوا أَنْتُمْ وَيَكُونُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى نَصِيبِهِ حَتَّى يَرْغَبَ فِي مِثْلِ مَا رَغِبْتُمْ فِيهِ أَوْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مَكَانَ ‏"‏ أَعْتِقُوا أَنْتُمْ ‏"‏ ‏:‏ ‏"‏ أَعْتِقُوا إنْ شِئْتُمْ ‏"‏ لَمْ يَخْتَلِفَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ ‏,‏ وَهَذَا إسْنَادٌ كَالذَّهَبِ الْمَحْضِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ النَّخَعِيِّ عَنْ الأَسْوَدِ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ كَانَ لِي وَلأَِخْوَتِي غُلاَمٌ أَبْلَى يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَأَرَدْت عِتْقَهُ لِمَا صَنَعَ ‏,‏ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعُمَرَ فَقَالَ ‏:‏ أَتُفْسِدُ عَلَيْهِمْ نَصِيبَهُمْ حَتَّى يَبْلُغُوا ‏,‏ فَإِنْ رَغِبُوا فِيمَا رَغِبْت فِيهِ وَإِلَّا لَمْ تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ نَصِيبَهُمْ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ لَوْ رَأَى التَّضْمِينَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إفْسَادًا لِنَصِيبِهِمْ ‏:‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ فِي عَبْدٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ‏,‏ فَأَرَادَ الآخَرُ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى حَقِّهِ مِنْ الْعَبْدِ ‏,‏ وَقَالَ الْعَبْدُ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا أَقْضِي قِيمَتِي فَقَالَ عَطَاءٌ ‏,‏ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ‏:‏ سَيِّدُهُ أَحَقُّ بِمَا بَقِيَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ ‏:‏ ، أَنَّهُ قَالَ فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ الآخَرُ بَعْدُ ‏:‏ فَوَلاَؤُهُ وَمِيرَاثُهُ بَيْنَهُمَا

وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا ‏,‏ قَالَ مَعْمَرٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ رَبِيعَةَ فِي عَبْدٍ بَيْنَ ثَلاَثَةٍ ‏:‏ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ‏,‏ وَكَاتَبَ الآخَرُ نَصِيبَهُ ‏,‏ وَتَمَسَّك الآخَرُ بِالرِّقِّ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ ‏,‏ فَإِنَّ الَّذِي كَاتَبَ يَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْهُ ‏,‏ وَيَكُونُ جَمِيعُ مَا تَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي تَمَسَّك بِالرِّقِّ يَقْتَسِمَانِهِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ يَنْفُذُ عِتْقُ الَّذِي أَعْتَقَ فِي نَصِيبِهِ ‏,‏ وَلاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِشَرِيكِهِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً رَائِعَةً إنَّمَا تُلْتَمَسُ لِلْوَطْءِ ‏,‏ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِلضَّرَرِ الَّذِي أَدْخَلَ عَلَى شَرِيكِهِ

وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ ‏:‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ شَرِيكُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُعْتِقُ ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ النَّخَعِيِّ ‏:‏ أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَلَهُ شُرَكَاءُ يَتَامَى فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏:‏ يَنْتَظِرُ بِهِمْ حَتَّى يَبْلُغُوا ‏,‏ فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يَعْتِقُوا أَعْتَقُوا ‏,‏ وَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يُضْمَنَ لَهُمْ ضُمِنَ وَهَذَا لاَ يَصِحُّ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ إنَّمَا الصَّحِيحُ عَنْهُ مَا ذَكَرْنَا آنِفًا ‏;‏ لأََنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ مَيْمُونٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ‏.‏ ثُمَّ مُنْقَطِعَةٌ ‏;‏ لأََنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يُولَدْ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّ الْقَوْلَ بِهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ‏,‏ وَاللَّيْثِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ‏,‏ فَشَرِيكُهُ بَيْنَ خِيَارَيْنِ ‏:‏ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَيَكُونُ الْوَلاَءُ بَيْنَهُمَا ‏,‏ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ حِصَّتِهِ ‏,‏ فَإِذَا أَدَّاهَا عَتَقَ وَالْوَلاَءُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ فِي كِلاَ الأَمْرَيْنِ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا ‏,‏ وَلَهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا خِيَارٌ فِي وَجْهٍ ثَالِثٍ ‏:‏ وَهُوَ إنْ شَاءَ ضَمِنَ لِلْمُعْتِقِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ وَيَرْجِعُ الْمُعْتِقُ الْمُضَمِّنُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَهُ شَرِيكُهُ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ ‏,‏ فَإِذَا أَدَّاهَا الْعَبْدُ عَتَقَ ‏,‏ وَالْوَلاَءُ فِي هَذَا الْوَجْهِ خَاصَّةً لِلَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ فَقَطْ‏.‏ قَالَ ‏:‏ فَإِنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ ‏:‏ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ ‏,‏ وَلاَ عَلَيْهِ أَيْضًا مُوسِرًا كَانَ الْمُعْتِقُ أَوْ مُعْسِرًا‏.‏ قَالَ ‏:‏ فَإِنْ دَبَّرَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَشَرِيكُهُ بِالْخِيَارِ ‏,‏ إنْ شَاءَ احْتَبَسَ نَصِيبَهُ رَقِيقًا كَمَا هُوَ ‏,‏ وَيَكُونُ نَصِيبُ شَرِيكِهِ مُدَبَّرًا ‏,‏ وَإِنْ شَاءَ دَبَّرَ نَصِيبَهُ أَيْضًا وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْعَبْدُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهُ مُدَبَّرًا ‏,‏ وَإِذَا أَدَّاهَا عَتَقَ ‏,‏ وَضَمِنَ الشَّرِيكُ الَّذِي دَبَّرَ الْعَبْدَ أَيْضًا قِيمَةَ حِصَّتِهِ مُدَبَّرًا ‏,‏ وَلاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى شَرِيكِهِ فِي تَضْمِينٍ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ ‏,‏ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ لِشَرِيكِهِ الَّذِي دَبَّرَ أَنْ يُضَمِّنَ الشَّرِيكَ الْمُعْتِقَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مُدَبَّرًا

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ سَبَقَهُ إلَى هَذَا التَّقْسِيمِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ ‏,‏ وَلاَ إلَى هَذِهِ الْوَسَاوِسِ وَأَعْجَبُهَا ‏:‏ أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ ‏,‏ وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ اتَّبَعَهُ عَلَيْهِ ‏,‏ إِلاَّ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي أَزْمَانِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ فَقَطْ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ ضَمِنَ قِيمَةَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَجَّاجٍ ، هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ ‏,‏ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏,‏ كِلاَهُمَا عَنْ الأَسْوَدِ ‏,‏ قَالَ ‏:‏ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ إخْوَتِي غُلاَمٌ فَأَرَدْت أَنْ أَعْتِقْهُ ‏,‏ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي رِوَايَتِهِ ‏:‏ فَأَتَيْت ابْنَ مَسْعُودٍ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ ‏:‏ لاَ تُفْسِدُ عَلَى شُرَكَائِك فَتَضْمَنُ ‏,‏ وَلَكِنْ تَرَبَّصْ حَتَّى يَشِبُّوا ‏,‏ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ فِي رِوَايَتِهِ مَكَانَ ‏"‏ ابْنِ مَسْعُودٍ ‏"‏ ‏:‏ ‏"‏ عُمَرَ ‏"‏ وَاتَّفَقَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ‏:‏ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا ‏,‏ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏:‏ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ أَعْلَى الْقِيمَةِ وَهَذَا لاَ شَيْءَ ‏;‏ لأََنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ هَالِكٌ ‏,‏ وَالآخَرَ مُرْسَلٌ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّ هَذَا قَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُبَشِّرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ قَالَ ‏:‏ هُوَ ضَامِنٌ لِنَصِيبِ صَاحِبِهِ وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ زُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ سَوَاءً كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا ‏:‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ ‏:‏ إنْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ شَرِيكِهِ أُقِيمَ مَا بَقِيَ مِنْهُ ‏,‏ ثُمَّ عَتَقَ فِي مَالِ الَّذِي أَعْتَقَهُ ‏,‏ ثُمَّ اسْتَسْعَى هَذَا الْعَبْدُ بِمَا غَرِمَ فِيمَا أَعْتَقَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَبْدِ فَقُلْت لَهُ ‏:‏ يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ كَانَ مُفْلِسًا أَوْ غَنِيًّا قَالَ ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ زَعَمُوا‏.‏ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ ‏:‏ هَذَا أَوَّلُ قَوْلِ عَطَاءٍ ‏,‏ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرْت عَنْهُ قَبْلُ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ إنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُفْلِسٌ فَأَرَادَ الْعَبْدُ أَخْذَ نَفْسِهِ بِقِيمَتِهِ ‏,‏ فَهُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ إنْ نَفَّذَ ‏:‏ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَوْلُهُ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ فِي عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ‏:‏ أَنَّ بَاقِيهِ يُعْتَقُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ ‏:‏ رُوِيَ ذَلِكَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ‏.‏ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ حِصَصُ شُرَكَائِهِ وَأَغْرَمَهَا لَهُمْ ‏,‏ وَأُعْتِقَ كُلُّهُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ لاَ قَبْلَهُ ‏,‏ وَإِنْ شَاءَ الشَّرِيكُ أَنْ يَعْتِقَ حِصَّتَهُ فَلَهُ ذَلِكَ ‏,‏ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ رَقِيقًا ‏,‏ وَلاَ أَنْ يُكَاتِبَهُ ‏,‏ وَلاَ أَنْ يَبِيعَهُ ‏,‏ وَلاَ أَنْ يُدَبِّرَهُ ‏,‏ فَإِنْ غَفَلَ عَنْ التَّقْوِيمِ حَتَّى مَاتَ الْمُعْتِقُ أَوْ الْعَبْدُ بَطَلَ التَّقْوِيمُ ‏,‏ وَمَالُهُ كُلُّهُ لِمَنْ تَمَسَّك بِالرِّقِّ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مُعْسِرًا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ وَالْبَاقِي رَقِيقٌ يَبِيعُهُ الَّذِي هُوَ لَهُ إنْ شَاءَ ‏,‏ أَوْ يُمْسِكُهُ رَقِيقًا ‏,‏ أَوْ يُكَاتِبُهُ ‏,‏ أَوْ يَهَبُهُ ‏,‏ أَوْ يُدَبِّرُهُ ‏,‏ وَسَوَاءٌ أَيْسَرَ الْمُعْتِقُ بَعْدَ عِتْقِهِ أَوْ لَمْ يُوسِرْ‏.‏ فَإِنْ كَانَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ بَيْنَ ثَلاَثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَعْتَقَ الآخَرَ وَهُوَ مُوسِرٌ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ ، وَلاَ عَلَى الْمُعْتِقِ وَبَقِيَ بِحَسَبِهِ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ كِلاَهُمَا مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ أَوَّلاً فَقَطْ ‏,‏ فَلَوْ أَعْتَقَ الأَثْنَانِ مَعًا وَكَانَا غَنِيَّيْنِ قُوِّمَتْ حِصَّةُ الْبَاقِينَ عَلَيْهِمَا ‏,‏ فَمَرَّةً قَالَ ‏:‏ بِنِصْفَيْنِ ‏,‏ وَمَرَّةً قَالَ ‏:‏ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا ‏,‏ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا لَمْ يُنْتَظَرْ ‏,‏ لَكِنْ يُقَوَّمُ عَلَى الْحَاضِرِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ ‏,‏ وَمَا نَعْلَمُ هَذَا الْقَوْلَ لأََحَدٍ قَبْلَهُ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ إنْ كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ حِصَّةٌ مِنْ شِرْكِهِ وَهُوَ حُرٌّ كُلُّهُ حِينَ عَتَقَ الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ ‏,‏ وَلَيْسَ لِمَنْ يُشْرِكُهُ أَنْ يَعْتِقُوا ، وَلاَ أَنْ يُمْسِكُوا ‏,‏ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَقَدْ عَتَقَ مَا عَتَقَ وَبَقِيَ سَائِرُهُ مَمْلُوكًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَالِكُهُ كَمَا يَشَاءُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ

وقال أحمد ‏,‏ وَإِسْحَاقُ ‏:‏ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا ضَمِنَ بَاقِي قِيمَتِهِ ‏,‏ لاَ يُبَاعُ لَهُ فِي ذَلِكَ دَارُهُ ‏,‏ قَالَ إِسْحَاقُ ‏:‏ وَلاَ خَادِمُهُ وَسَكَتَا عَنْ الْمُعْسِرِ ‏,‏ فَمَا سَمِعْنَا عَنْهُمَا فِيهِ لَفَظَّةً‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ‏:‏ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِنَصِيبِهِ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ حِصَّةٌ مِنْ شِرْكِهِ وَعَتَقَ كُلُّهُ ‏,‏ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِنَصِيبِهِ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ حِصَّةِ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ وَعَتَقَ كُلُّهُ‏.‏ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلاَءِ ‏:‏ أَيَكُونُ حُرًّا مُذْ يَعْتِقُ الأَوَّلُ نَصِيبَهُ ، وَلاَ يَكُونُ لِلآخَرِ تَصَرُّفٌ بِعِتْقٍ ، وَلاَ بِغَيْرِهِ أَمْ لاَ يُعْتَقُ إِلاَّ بِالأَدَاءِ وَلِمَنْ يَكُونُ وَلاَؤُهُ إنْ أُعْتِقَ بِاسْتِسْعَائِهِ وَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ بَعْضَهُ أَوَّلاً بِمَا سَعَى فِيهِ أَمْ لاَ ‏:‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ‏:‏ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَعَلَى الَّذِي أَعْتَقَ أَنْصِبَاءُ شُرَكَائِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا ‏,‏ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْعَبْدَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْن الْمُسَيِّبِ قَالَ ‏:‏ كَانَ ثَلاَثُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَمِّنُونَ الرَّجُلَ إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَيَسْتَسْعَوْنَهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الطَّحَاوِيَّ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْفَرَجِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ‏:‏ سُئِلَ أَبُو الزِّنَادِ ‏,‏ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ‏:‏ عَمَّنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَذَكَرَا تَضْمِينَ الْعِتْقِ إنْ كَانَ مُوسِرًا ‏,‏ أَوْ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا ‏,‏ فَقَالاَ ‏:‏ سَمِعْنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَكَلَّمَ بِبَعْضِ ذَلِكَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ‏:‏ أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ ‏:‏ إذَا أَعْتَقَ شِقْصًا فِي عَبْدٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي بَقِيَّتِهِ فَقُلْت لِسُلَيْمَانَ ‏:‏ أَرَأَيْت إنْ كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا قَالَ ‏:‏ كَذَلِكَ جَاءَتْ السُّنَّةُ

وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ ‏:‏ مِنْ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي بَقِيَّتِهِ ‏,‏ قَالَ أُسَامَةُ ‏:‏ فَقُلْت لِسُلَيْمَانَ ‏:‏ عَمَّنْ قَالَ ‏:‏ جَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْن الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ‏:‏ يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ قَالَ ‏:‏ يَضْمَنُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ‏:‏ إنْ كَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ تَمَامُ نَصِيبِ صَاحِبِهِ ضَمِنَ لَهُ ‏,‏ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ سِعَايَةٌ ‏,‏ فَإِنْ نَقَصَ مِنْهُ دِرْهَمٌ فَمَا فَوْقَهُ سَعَى الْعَبْدُ ‏,‏ وَلَيْسَ عَلَى الْمُعْتِقِ ضَمَانٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ ‏,‏ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ ‏,‏ قَالَ يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ ‏,‏ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ ‏:‏ عَنْ الشَّعْبِيِّ ‏,‏ قَالاَ جَمِيعًا ‏:‏ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا ضَمِنَ أَنْصِبَاءَ أَصْحَابِهِ ‏,‏ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْعَبْدَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ أَعْتَقَهُ ، وَلاَ يَتْبَعُهُ السَّيِّدُ بِمَا غَرِمَ عَنْهُ وَالْعَبْدُ غَيْرُ مُعْتَقٍ حَتَّى يُتِمَّ أَدَاءَ مَا اسْتَسْعَى فِيهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ ‏:‏ يَسْتَسْعِي الْعَبْدَ ، وَلاَ بُدَّ ‏,‏ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِنَصِيبِهِ مُعْسِرًا ‏,‏ وَلاَ يَسْتَسْعِي إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيُعْتَقُ كُلُّهُ يَعْنِي عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِيمَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ ‏:‏ يَقُومُ الْعَبْدُ بِمَالِهِ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي مَالِ الْمُعْتِقِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ اُسْتُسْعِيَ‏.‏

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ‏,‏ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ‏:‏ أَنَّهُمَا قَالاَ فِي عَبْدٍ بَيْنَ ثَلاَثَةٍ أَعْتَقَ اثْنَانِ نَصِيبَهُمَا مِنْهُ فَقَالاَ ‏:‏ نَرَى أَنْ يَضْمَنَا عَتَاقَهُ جَمِيعًا ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ فَسَعَى الْعَبْدُ فِيهَا فَأَدَّاهَا‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ‏,‏ وَابْنِ شُبْرُمَةَ ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيُّ ‏,‏ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ ‏,‏ وَأَبِي يُوسُفَ ‏,‏ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ‏,‏

وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ ثَلاَثِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ،‏.‏ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ‏,‏ وَبَعْضُهُ عَنْ عُمَرَ ‏,‏ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ‏:‏ وَهُوَ السُّنَّةُ ‏,‏ وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ‏,‏ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ‏,‏ وَالزُّهْرِيُّ ‏,‏ وَأَبُو الزِّنَادِ ‏,‏ وَالنَّخَعِيُّ ‏,‏ وَالشَّعْبِيُّ ‏,‏ وَالْحَسَنُ ‏,‏ وَحَمَّادٌ ‏,‏ وَقَتَادَةُ ‏,‏ وَابْنُ جُرَيْجٍ‏.‏

وَأَمَّا هَلْ يَكُونُ حُرًّا حِينَ يَعْتِقُ الأَوَّلُ بَعْضَهُ أَمْ لاَ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ ‏,‏ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيُّ ‏,‏ وَالْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ قَالُوا ‏:‏ هُوَ حُرٌّ سَاعَةَ يَلْفِظُ بِعِتْقِهِ ‏,‏ وَقَالَ قَتَادَةُ ‏,‏ هُوَ عَبْدٌ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى مَنْ لَمْ يَعْتِقْ حَقَّهُ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ يَكُونُ وَلاَؤُهُ ‏:‏ فَإِنَّ حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ ‏,‏ وَالْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ ‏,‏ كِلاَهُمَا قَالَ ‏:‏ إنْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ مَالٌ فَضَمِنَهُ فَالْوَلاَءُ كُلُّهُ لَهُ وَإِنْ عَتَقَ بِالأَسْتِسْعَاءِ فَالْوَلاَءُ بَيْنَهُمَا

وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ‏.‏ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ ‏,‏ وَالشَّعْبِيُّ ‏,‏ وَابْنُ شُبْرُمَةَ ‏,‏ وَالثَّوْرِيُّ ‏,‏ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ‏,‏ وَكُلُّ مَنْ قَالَ ‏:‏ هُوَ حُرٌّ حِينَ عَتَقَ بَعْضُهُ ‏:‏ أَنَّ وَلاَءَهُ كُلَّهُ لِلَّذِي أَعْتَقَ بَعْضَهُ ‏:‏ عَتَقَ عَلَيْهِ ‏,‏ أَوْ بِالأَسْتِسْعَاءِ‏.‏

وَأَمَّا رُجُوعُهُ ‏,‏ أَوْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ ‏:‏ فَإِنَّ ابْنَ لَيْلَى ‏,‏ وَابْنَ شُبْرُمَةَ ‏,‏ قَالاَ جَمِيعًا ‏:‏ لاَ يَرْجِعُ الْمُعْتِقُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْعَبْدِ ‏,‏ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ إذَا اسْتَسْعَى بِمَا أَدَّى عَلَى الَّذِي ابْتَدَأَ عِتْقَهُ‏.‏ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ‏,‏ وَغَيْرُهُ ‏:‏ لاَ رُجُوعَ لأََحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ يُنْظَرَ فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ‏.‏ فَوَجَدْنَا قَوْلَ رَبِيعَةَ يُشْبِهُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَنْعِهِ مِنْ هِبَةِ الْمُشَاعِ وَمِنْ الصَّدَقَةِ بِالْمُشَاعِ ‏,‏ وَمِنْ إجَارَةِ الْمُشَاعِ ‏,‏ وَرَهْنِ الْمُشَاعِ‏.‏ وَقَوْلُ الْحَسَنِ ‏,‏ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَعْلَى الْقَاضِي فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ الْمُشَاعِ ‏,‏ وَرَهْنِ الْمُشَاعِ ‏,‏ وَيَحْتَجُّ لَهُ بِمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَكَرْنَا‏.‏ وَلَيْسَ كُلُّ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ‏;‏ لأََنَّ النَّصَّ وَالنَّظَرَ يُخَالِفُ كُلَّ ذَلِكَ ‏:‏ أَمَّا النَّصُّ ‏:‏ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

وَأَمَّا النَّظَرُ ‏:‏ فَكُلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بِمَالِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ نَصٌّ ‏,‏ وَقَدْ حَضَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِتْقِ ‏,‏ وَالْهِبَةِ ‏,‏ وَالصَّدَقَةِ ‏,‏ وَأَمَرَنَا بِالرَّهْنِ ‏,‏ وَأَبَاحَ الْبَيْعَ ‏,‏ وَالْإِجَارَةَ ‏,‏ فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا لَمْ يَمْنَعْ النَّصُّ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ‏.‏ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ بِذَلِكَ ‏:‏ بِأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إنْسَانٌ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ عَبْدٌ‏.‏ ‏.‏

فَقُلْنَا ‏:‏ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا ‏:‏ كَمَا لاَ تَكُونُ امْرَأَةٌ بَعْضُهَا مُطَلَّقَةٌ ‏,‏ وَبَعْضُهَا زَوْجَةٌ‏.‏ ‏.‏

فَقُلْنَا ‏:‏ هَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ‏.‏ ثُمَّ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولُوا ‏:‏ إذَا وَقَعَ هَذَا أُعْتِقَ كُلُّهُ ‏,‏ كَمَا يَقُولُونَ فِي الْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَ بَعْضَهَا‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ هَذَا ضَرَرٌ عَلَى الشَّرِيكِ ‏,‏ وَقَدْ جَاءَ ‏(‏لاَ ضَرَرَ ، وَلاَ ضِرَارَ‏)‏‏.‏ ‏.‏ فَقُلْنَا ‏:‏ افْتِرَاقُ الْمِلْكِ أَيْضًا ضَرَرٌ فَامْنَعُوا مِنْهُ ‏,‏ وَأَعْظَمُ الضَّرَرِ مَنْعُ الْمُؤْمِنِ مِنْ عِتْقِ حِصَّتِهِ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالتَّقَاوُمِ فَخَطَأٌ ‏;‏ لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَى إخْرَاجِ مِلْكِهِ عَنْ يَدِهِ إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ نَصٌّ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا‏.‏

وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَأْثُورُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏,‏ وَعَطَاءٍ ‏,‏ وَالزُّهْرِيِّ ‏,‏ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ‏,‏ وَرَبِيعَةَ ‏:‏ فَوَجَدْنَا مِنْ حُجَجِهِمْ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ‏:‏ أَنَّ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ كَانَ لَهُمْ غُلاَمٌ فَأَعْتَقُوهُ كُلُّهُمْ إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ ‏,‏ فَذَهَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشْفِعُ بِهِ عَلَى الرَّجُلِ فَوَهَبَ الرَّجُلُ نَصِيبَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَهُ ‏,‏ فَكَانَ يَقُولُ ‏:‏ أَنَا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمُهُ رَافِعُ أَبُو الْبَهَاءِ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا مُنْقَطِعٌ ‏;‏ لأََنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَدَّثَهُ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَعْهُودِ الأَصْلِ ‏,‏ وَالأَصْلُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ أَمْلَكُ بِمَالِهِ ‏,‏ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُعْتَقَ عَلَى الْمُوسِرِ وَيُسْتَسْعَى إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَبَطَلَ بِهَذَا الْحُكْمِ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِلاَ شَكٍّ‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ هُوَ قَوْلٌ صَحَّ عَنْ عُمَرَ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلاَفُهُ‏.‏ ‏.‏

فَقُلْنَا ‏:‏ عَارَضُوا بِهَذَا الْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ الَّذِينَ يَتْرُكُونَ السُّنَنَ لأََقَلَّ مِنْ هَذَا ‏,‏ كَمَا فَعَلُوا فِي ‏"‏ الْبَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ‏"‏ وَفِي عِتْقِ صَفِيَّةَ وَجَعْلِهِ عليه الصلاة والسلام عِتْقَهَا صَدَاقَهَا ‏,‏ وَتَوْرِيثِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ‏.‏

وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏ وَذَكَرُوا

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي بِشْرٍ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَنْبَرِيُّ ، عَنِ ابْنِ الثَّلْبِ عَنْ أَبِيهِ ‏"‏ رَجُلاً أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ فَهَذَا ، عَنِ ابْنِ الثَّلْبِ وَهُوَ مَجْهُولٌ‏.‏ وَقَالَ ‏:‏ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا‏}‏ ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ عِتْقِ نَصِيبِهِ وَبَيْنَ بَيْعِ نَصِيبِهِ‏.‏

قلنا ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ وَلَكِنَّ السُّنَّةَ أَوْلَى أَنْ تُتَّبَعَ ‏,‏ وَهُوَ عليه الصلاة والسلام يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ ‏,‏ قَالَ تَعَالَى ‏:‏ ‏{‏لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ‏}‏‏.‏ وَقَدْ حَكَمْتُمْ بِالْعَاقِلَةِ وَلَمْ تُبْطِلُوهَا بِهَذِهِ الآيَةِ‏.‏ وَحَكَمْتُمْ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ تَقُولُوا ‏:‏ كُلُّ أَحَدٍ أَمْلَكُ بِحَقِّهِ‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ لَوْ ابْتَدَأَ عِتْقُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لَمْ يَنْفُذْ ‏,‏ فَكَذَلِكَ ‏,‏ بَلْ أَحْرَى أَنْ لاَ يَنْفُذَ إذَا لَمْ يَعْتِقْهُ ‏,‏ لَكِنْ أَعْتَقَ نَصِيبَ نَفْسِهِ ‏,‏ وَقَدْ جَاءَ لاَ عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ‏.‏ ‏.‏

فَقُلْنَا ‏:‏ هَذَا كُلُّهُ كَمَا ذَكَرْتُمْ ‏,‏ وَكُلُّهُ لاَ يُعَارَضُ بِهِ النَّصُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ تُضْرَبُ السُّنَنُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ لَوْ أَعْتَقَا مَعًا لَجَازَ‏.‏فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ أَمْلَكُ بِحَقِّهِ

قلنا ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ وَلَيْسَ هَذَا بِمُشْبِهٍ لِعِتْقِهِ بَعْدَ عِتْقِ شَرِيكِهِ ‏;‏ لأََنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَعَ عِتْقِ شَرِيكِهِ مَعًا ‏,‏ وَأَنْ يَهَبَ ‏,‏ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ بَعْضِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَبِيعَ بَعْدَ عِتْقِ شَرِيكِهِ ‏,‏ وَلاَ أَنْ يَهَبَ ‏,‏ وَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَكُلُّ هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُشْغَبَ بِهِ لَوْ لَمْ تَأْتِ السُّنَّةُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ ‏,‏

وَأَمَّا وَقَدْ جَاءَ مَا يَخُصُّ هَذَا كُلَّهُ فَلاَ يَحِلُّ خِلاَفُ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ هَذَا مِمَّا تَنَاقَضَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ ‏,‏ وَالْمَالِكِيُّونَ ‏,‏ فَخَالَفُوا صَاحِبًا لاَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلاَفُهُ ‏,‏ وَخَالَفُوا أَثَرَيْنِ مُرْسَلَيْنِ ‏,‏ وَهُمْ يَقُولُونَ بِالْمُرْسَلِ ‏,‏ وَخَالَفُوا الْقِيَاسَ‏.‏

فأما أَبُو حَنِيفَةَ ‏:‏ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ أَصْلاً‏.‏

وَأَمَّا مَالِكٌ ‏:‏ فَتَعَلَّقَ بِحَدِيثٍ نَاقِصٍ عَنْ غَيْرِهِ ‏,‏ وَقَدْ جَاءَ غَيْرُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ

وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ فِي تَخْصِيصِهِ الْجَارِيَةَ الرَّائِعَةَ ‏,‏ فَقَوْلٌ لاَ دَلِيلَ عَلَيْهِ أَصْلاً وَاسْتِدْلاَلُهُ فَاسِدٌ ‏;‏ لأََنَّ الضَّرَرَ الدَّاخِلَ عَلَيْهِمْ بِالشَّرِكَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْوَطْءِ هُوَ بِعَيْنِهِ ، وَلاَ زِيَادَةَ دَاخِلَةٌ عَلَيْهِمْ فِي عِتْقِ بَعْضِهَا ، وَلاَ فَرْقَ ‏,‏ وَكِلْتَاهُمَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَزَوَّجَ ، وَلاَ فَرْقَ ‏,‏ فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ زُفَرَ ‏:‏ فَإِنَّ الْحُجَّةَ لَهُ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ غَيْلاَنَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ ‏,‏ عَنْ عَطَاءٍ ‏,‏ قَالَ نَافِعٌ ‏:‏ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ‏,‏ وَقَالَ عَطَاءٌ ‏:‏ عَنْ جَابِرٍ ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقَ جَابِرٌ ‏,‏ وَابْنُ عُمَرَ ‏:‏ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ وَلَهُ وَفَاءٌ فَهُوَ حُرٌّ وَيَضْمَنُ نَصِيبَ شُرَكَائِهِ بِقِيمَةٍ لِمَا أَسَاءَ مِنْ مُشَارَكَتِهِمْ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ‏.‏ وَبِ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الأَنْصَارِيِّ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَ لَهُ نَصِيبٌ فِي عَبْدٍ فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَ عِتْقَهُ بِقِيمَةِ عَدْلٍ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ الأَوَّلُ إنَّمَا فِيهِ حُكْمُ مَنْ لَهُ وَفَاءٌ ‏,‏ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَنْ لاَ وَفَاءَ عِنْدَهُ

وَأَيْضًا فَهُوَ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غَيْلاَنَ ، وَلاَ نَعْرِفُهُ وَأَخْلَقَ بِهِ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولاً لاَ يُعْتَدُّ بِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَمْلُوكِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَعْتِقُ أَحَدُهُمَا قَالَ ‏:‏ يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ خَلاَصُهُ‏.‏

وَأَمَّا الثَّانِي ‏,‏ وَالثَّالِثُ فَصَحِيحَانِ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ خَبَرٌ آخَرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِمَا ‏,‏ فَأَخْذُ الزِّيَادَةِ أَوْلَى وَلَوْ لَمْ يَأْتِ إِلاَّ هَذَانِ الْخَبَرَانِ لَمَا تَعَدَّيْنَاهُمَا‏.‏ وَقَالُوا ‏:‏ جَنَى عَلَى شُرَكَائِهِ فَوَجَبَ تَضْمِينُهُ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ مَا جَنَى شَيْئًا ‏,‏ بَلْ أَحْسَنَ وَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏,‏ وَلَكِنْ عَهْدُنَا بِالْحَنَفِيِّينَ ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ يَجْعَلُونَ خَبَرَ الْمُعْتِقِ نَصِيبَهُ حُجَّةً لِقَوْلِهِمْ الْفَاسِدِ فِي أَنَّ الْمُعْتَدِيَ لاَ يَضْمَنُ إِلاَّ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَ ‏,‏ لاَ مِثْلَ مَا أَفْسَدَ ‏,‏ فَإِذْ هُوَ عِنْدَهُمْ إفْسَادٌ وَهُمْ أَصْحَابُ تَعْلِيلٍ وَقِيَاسٍ ‏,‏ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُولُوا بِقَوْلِ زُفَرَ هَذَا ‏,‏ وَإِلَّا فَقَدْ أَبْطَلُوا تَعْلِيلَهُمْ ‏,‏ وَنَقَضُوا قِيَاسَهُمْ ‏,‏ وَأَفْسَدُوا احْتِجَاجَهُمْ وَتَرَكُوا مَا أَصَّلُوا ‏,‏ وَهَذِهِ صِفَاتٌ شَائِعَةٌ فِي أَكْثَرِ أَقْوَالِهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ‏:‏ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ ‏;‏ لأََنَّهُ قَوْلٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِقُرْآنٍ ‏,‏ وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ‏,‏ وَلاَ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ ‏,‏ وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ ‏,‏ وَلاَ تَابِعٍ ‏,‏ وَلاَ أَحَدٍ نَعْلَمُهُ قَبْلَهُ ‏,‏ وَلاَ بِقِيَاسٍ ‏,‏ وَلاَ بِرَأْيٍ سَدِيدٍ ‏,‏ وَلاَ احْتِيَاطٍ ‏,‏ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِكُلِّ ذَلِكَ‏.‏ وَمَا وَجَدْنَاهُمْ مَوَّهُوا إِلاَّ بِكَذِبٍ فَاضِحٍ مِنْ دَعْوَاهُمْ ‏:‏ أَنَّ قَوْلَهُمْ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ عُمَرَ ‏,‏ وَكَذَبُوا كَمَا يَرَى كُلُّ ذِي فَهْمٍ مِمَّا أَوْرَدْنَا‏.‏ وَحَكَمُوا بِالأَسْتِسْعَاءِ ‏,‏ وَخَالَفُوا حَدِيثَ الأَسْتِسْعَاءِ فِي إجَازَتِهِمْ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ أَنْ يَعْتِقَ ‏,‏ وَأَنْ يَضْمَنَ فِي حَالِ إعْسَارِ الشَّرِيكِ ‏,‏ وَأَجَازُوا لَهُ أَنْ يَعْتِقَ ‏,‏ وَمَنَعُوهُ أَنْ يَحْتَبِسَ‏.‏ ثُمَّ أَتَوْا بِمَقَايِيسَ سَخِيفَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ ‏,‏ وَالْمُكَاتَبُ عِنْدَهُمْ قَدْ يَعْجِزُ فَيُرَقُّ ‏,‏ وَلاَ يُرَقُّ عِنْدَهُمْ الْمُسْتَسْعَى ‏,‏ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُفَارِقُوا فِيهِ الْكَذِبَ الْبَارِدَ

فَإِنْ قَالُوا ‏:‏ إنَّ كُلَّ فَصْلٍ مِنْ قَوْلِنَا مَوْجُودٌ فِي حَدِيثٍ مِنْ الأَحَادِيثِ‏.‏

قلنا ‏:‏ وَمَوْجُودٌ أَيْضًا خِلاَفُهُ بِعَيْنِهِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ ‏,‏ فَمِنْ أَيْنَ أَخَذْتُمْ مَا أَخَذْتُمْ وَتَرَكْتُمْ مَا تَرَكْتُمْ هَكَذَا مُطَارَفَةً

وَأَيْضًا فَلاَ يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ الآثَارِ خِيَارٌ فِي تَضْمِينِ الْمُوسِرِ أَوْ تَرْكِ تَضْمِينِهِ ‏,‏ وَلاَ رُجُوعَ الْمُوسِرِ عَلَى الْعَبْدِ ‏,‏ وَلاَ تَضْمِينَ الْعَبْدِ فِي حَالِ يَسَارِ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَصْلاً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَسَائِرُ الأَقْوَالِ لاَ مُتَعَلَّقَ لَهَا أَصْلاً

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ ‏:‏ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا أَصْلاً وَهُوَ خَبَرٌ صَحِيحٌ ‏,‏ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ خَبَرٌ آخَرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ لاَ يَحِلُّ تَرْكُهَا ‏,‏ وَقَدْ أَقْدَمَ بَعْضُهُمْ فَزَادَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَرَقَّ مِنْهُ مَا رَقَّ وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ مَكْذُوبَةٌ ‏,‏ وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهَا ‏,‏ لاَ ثِقَةٌ ، وَلاَ ضَعِيفٌ ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ الأَشْتِغَالُ بِمَا هَذِهِ صِفَتُهُ ‏,‏ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ‏)‏ دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِ الْمُعْسِرِ أَصْلاً ‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ ‏,‏ وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّهُ قَدْ ‏"‏ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ ‏"‏ وَبَقِيَ حُكْمُ الْمُعْسِرِ فَوَجَبَ طَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ ‏:‏ إنَّ لَفْظَةَ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ إنَّمَا هُوَ مِنْ كَلاَمِ نَافِعٍ ‏,‏ وَلَسْنَا نَلْتَفِتُ إلَى هَذَا ‏;‏ لأََنَّهُ دَعْوَى بِلاَ دَلِيلٍ ‏,‏ لَكِنْ يَنْبَغِي طَلَبُ الزِّيَادَةِ ‏,‏ فَإِذَا وُجِدَتْ صَحِيحَةً وَجَبَ الأَخْذُ بِهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ‏.‏ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَوْلُنَا فَوَجَدْنَا الْحُجَّةَ لَهُ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ ‏,‏ وَإِسْمَاعِيلُ ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ كِلاَهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَخَلاَصُهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ ، هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ الْكَشِّيُّ ، حَدَّثَنَا أَبَانُ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ كُلَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ ‏,‏ وَأَبُو النُّعْمَانِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ قَالَ أَحْمَدُ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ سَمِعْتُ قَتَادَةَ ‏,‏ وَقَالَ أَبُو النُّعْمَانِ ‏:‏ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ اتَّفَقَا عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي عَبْدٍ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ وَقَدْ سَمِعَ قَتَادَةُ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ‏.‏

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيق أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ ‏(‏مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ بَقِيَّتَهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ‏)‏ وَهَذَا خَبَرٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ فَلاَ يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَنْ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِيهِ فَقَالَ قَوْمٌ ‏:‏ قَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرُ ‏:‏ شُعْبَةُ ‏,‏ وَهَمَّامٌ ‏,‏ وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ فَلَمْ يَذْكُرُوا مَا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ‏.‏

قال أبو محمد ‏:‏ فَكَانَ مَاذَا ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ثِقَةٌ ‏,‏ فَكَيْفَ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَرِيرٌ ‏,‏ وَأَبَانُ ‏,‏ وَهُمَا ثِقَتَانِ‏.‏

فإن قيل ‏:‏ فَإِنَّ هَمَّامًا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ‏:‏ فَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ ‏:‏ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ

قلنا ‏:‏ صَدَقَ هَمَّامٌ ‏,‏ قَالَ قَتَادَةُ مُفْتِيًا بِمَا رَوَى ‏,‏ وَصَدَقَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ‏,‏ وَجَرِيرٌ ‏,‏ وَأَبَانُ ‏,‏ وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ ‏,‏ وَغَيْرُهُمْ ‏,‏ فَأَسْنَدُوهُ عَنْ قَتَادَةَ ‏,‏ وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُ قَتَادَةَ هَذَا لَكَانَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ‏,‏ وَأَبِي هُرَيْرَةَ بِالتَّضْمِينِ ‏:‏ جُمْلَةً زَائِدَةً عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِهِ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ ‏,‏ فَكَانَ يَكُونُ الْقَوْلُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ ‏,‏ وَهَذَا لاَ مُخَلِّصَ لَهُ عَنْهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُنَا ‏:‏ إنَّهُ حُرٌّ سَاعَةَ يُعْتَقُ بَعْضُهُ ‏,‏ فَإِنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ قَالَ ‏"‏ ثُمَّ يُعْتَقُ ‏"‏ وَكَانَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ الَّتِي ذَكَرْنَا ‏"‏ عَتَقَ كُلُّهُ ‏"‏ فَكَانَتْ هَذِهِ زِيَادَةً لاَ يَجُوزُ تَرْكُهَا ‏,‏ فَإِذْ قَدْ عَتَقَ كُلُّهُ فَوَلاَؤُهُ لِلَّذِي عَتَقَ عَلَيْهِ‏.‏

وَأَمَّا رُجُوعُ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ فَبَاطِلٌ ‏;‏ لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْزَمَ الْغَرَامَةَ لِلْمُعْتِقِ فِي يَسَارِهِ وَأَلْزَمَهَا الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ فِي إعْسَارِ الْمُعْتِقِ وَلَمْ يَذْكُرْ رُجُوعًا ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ لأََحَدٍ الْقَضَاءُ بِرُجُوعٍ فِي ذَلِكَ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ ‏:‏ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لاَ يَفِي بِجَمِيعِ قِيمَةِ الْعَبْدُ فَلاَ غَرَامَةَ عَلَى الْمُعْتِقِ لَكِنْ يُسْتَسْعَى الْعَبْدَ ‏,‏ وَهَذَا مُقْتَضَى لَفْظِ الْخَبَرِ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ حَمَّادٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1668 - مسألة‏:

وَمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ بِلاَ اسْتِسْعَاءٍ ‏,‏ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِ عَبْدِهِ أَعْتَقَ مَا أَوْصَى بِهِ وَأَعْتَقَ بَاقِيهِ وَاسْتُسْعِيَ فِي قِيمَةِ مَا زَادَ عَلَى مَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ‏.‏ فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَلَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُهُ أُعْتِقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ ‏,‏ وَأُعْتِقَ بَاقِيهِ وَاسْتُسْعِيَ لِوَرَثَتِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ‏,‏ وَلاَ يُعْتَقُ فِي ثُلُثِهِ ‏;‏ لأََنَّ مَا لَمْ يُوصِ بِهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ ‏,‏ فَالْوَرَثَةُ شُرَكَاؤُهُ فِيمَا أَعْتَقَ ، وَلاَ مَالَ لِلْمَيِّتِ ‏:‏ فَوَجَبَ أَنْ يُسْتَسْعَى لَهُمْ ‏:‏

رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ ثُلُثَ مَمْلُوكِهِ فَهُوَ حُرٌّ كُلُّهُ لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ ‏,‏ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ‏,‏ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ عَتَقَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ‏.‏

وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ ‏,‏ وَالْحَكَمِ ‏,‏ وَالشَّعْبِيِّ ‏,‏ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ فَمِنْ ثُلُثِهِ ‏,‏ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ اُسْتُسْعِيَ لِلْوَرَثَةِ وَعَتَقَ كُلُّهُ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ إنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ عَتَقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ وَاسْتُسْعِيَ لَهُ فِي بَاقِيهِ فَإِذَا أَدَّى عَتَقَ‏.‏

وقال أبو حنيفة ‏:‏ فَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِهِ عَتَقَ مِنْهُ مَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ وَسَعَى لِلْوَرَثَةِ فِي الْبَاقِي ‏,‏ فَإِذَا أَدَّى عَتَقَ

وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ جُمْلَةً‏.‏

وقال مالك ‏:‏ إنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدٍ فِي صِحَّتِهِ أُعْتِقَ عَلَيْهِ كُلَّهُ ‏,‏ فَإِنْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ أُعْتِقَ عَلَيْهِ بَاقِيه مَا حُمِلَ مِنْهُ الثُّلُثُ وَيَبْقَى الْبَاقِي رَقِيقًا ‏,‏ فَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِ عَبْدِهِ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ إِلاَّ مَا أَوْصَى بِهِ فَقَطْ

وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مَسْعُودٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ ‏:‏ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ‏:‏ يُعْتِقُ الرَّجُلُ مَا شَاءَ مِنْ غُلاَمِهِ ، وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا‏.‏