فصل: كِتَابُ: الصَّيْدِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


كِتَابُ‏:‏ الصَّيْدِ

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا حَدُّ الصَّيْدِ ما كان مُمْتَنِعًا حَلَالًا لَا مَالِكَ له قَالَه ابن أبي الْفَتْحِ في مَطْلَعِهِ وَقِيلَ ما كان مُتَوَحِّشًا طَبْعًا غير مَقْدُورٍ عليه مَأْكُولًا بِنَوْعِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْحَدُّ أَجْوَدُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ الصَّيْدُ مُبَاحٌ لِقَاصِدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاسْتَحَبَّه ابن أبي مُوسَى وَيُكْرَهُ لَهْوًا‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ الصَّيْدُ أَطْيَبُ الْمَأْكُولِ قَالَهُ في التَّبْصِرَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ الزِّرَاعَةُ أَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ من تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قال بَعْضُهُمْ وَأَفْضَلُ الْمَعَايِشِ التِّجَارَةُ قُلْت قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَفْضَلُ الْمَعَايِشِ التِّجَارَةُ وَأَفْضَلُهَا في الْبَزِّ وَالْعِطْرِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَالْمَاشِيَةِ وَأَبْغَضُهَا التِّجَارَةُ في الرَّقِيقِ وَالصَّرْفِ انتهى‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ قَوْلٌ الصَّنْعَةُ بِالْيَدِ أَفْضَلُ قال الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَ الْمَطَاعِمَ يُفَضِّلُ عَمَلَ الْيَدِ وقال في الرِّعَايَةِ أَيْضًا أَفْضَلُ الصَّنَائِعِ الْخِيَاطَةُ وَأَدْنَاهَا الْحِيَاكَةُ وَالْحِجَامَةُ وَنَحْوُهُمَا وَأَشَدُّهَا كَرَاهِيَةً الصَّبْغُ وَالصِّبَاغَةُ وَالْحِدَادَةُ وَنَحْوُهَا انتهى‏.‏

وقال ‏[‏ونقل‏]‏ بن هَانِئٍ إنه سُئِلَ عن الْخِيَاطَةِ وَعَمَلِ الْخُوصِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ قال كُلُّ ما نُصِحَ فيه فَهُوَ حَسَنٌ قال الْمَرُّوذِيُّ حَثَّنِي أبو عبد اللَّهِ على لُزُومِ الصَّنْعَةِ للخير ‏[‏للخبر‏]‏‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ يُسْتَحَبُّ الْغَرْسُ وَالْحَرْثُ ذَكَرَهُ أبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي قال وَاِتِّخَاذُ الْغَنَمِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ صَادَ صَيْدًا فَأَدْرَكَهُ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً لم يَحِلَّ إلَّا بِالذَّكَاةِ مُرَادُهُ بِالِاسْتِقْرَارِ بِأَنْ تَكُونَ حَرَكَتُهُ فَوْقَ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ مُطْلَقًا وَأَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ فإذا كانت حَرَكَتُهُ فَوْقَ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ لم يُبَحْ إلَّا بِالذَّكَاةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَرِيبًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَنْهُ دُونَ مُعْظَمِ يَوْمٍ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وفي التَّبْصِرَةِ دُونَ نِصْفِ يَوْمٍ وَأَمَّا إذَا أُدْرِكَ وَحَرَكَتُهُ كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ أو وَجَدَهُ مَيِّتًا فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو اصْطَادَ بِآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ كان الصَّيْدُ لِلْمَالِكِ جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى مُحَرَّرًا في بَابِ الْغَصْبِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ خَشِيَ مَوْتَهُ ولم يَجِدْ ما يُذَكِّيهِ بِهِ أَرْسَلَ الصَّائِدُ له عليه حتى يَقْتُلَهُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَالْمُتَرَدِّيَةِ في بِئْرٍ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فَإِنْ لم يَجِدْ ما يَذْبَحُهُ بِهِ فَأَشْلَى الْجَارِحُ عليه فَقَتَلَهُ حَلَّ أَكْلُهُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ أَيْضًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في التَّبْصِرَةِ أَبَاحَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أصحابنَا وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى لَا يَحِلُّ حتى يُزَكِّيَهُ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن عَقِيلٍ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الرَّاجِحُ لِظَاهِرِ حديث عَدِيِّ بن حَاتِمٍ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي اللَّهُ عنهما‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ لم يَفْعَلْ وَتَرَكَهُ حتى مَاتَ لم يَحِلَّ وَهَذَا مَبْنِيٌّ على الرِّوَايَةِ التي اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وهو الصَّحِيحُ عليها وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وقال الْقَاضِي يَحِلُّ قال الشَّارِحُ وحكى عن الْقَاضِي أَنَّهُ قال في هذا يَتْرُكُهُ حتى يَمُوتَ فَيَحِلَّ انتهى‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ فقال شَيْخُنَا يَحِلُّ أَكْلُهُ قال الزَّرْكَشِيُّ أَظُنُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو امْتَنَعَ الصَّيْدُ على الصَّائِدِ من الذَّبْحِ بِأَنْ جَعَلَ يَعْدُو منه يَوْمَهُ حتى مَاتَ تَعَبًا وَنَصَبًا فذكر الْقَاضِي أَنَّهُ يَحِلُّ وَاخْتَارَ ابن عقِيلٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَنَّ الْإِتْعَابَ يُعِينُهُ على الْمَوْتِ فَصَارَ كَالْمَاءِ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ لم يَحِلَّ وَلِمَنْ أَثْبَتَهُ قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا على قَاتِلِهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَ الْأَوَّلُ مَقْتَلَهُ دُونَ الثَّانِي أو يُصِيبَ الثَّانِي مَذْبَحَهُ فَيَحِلَّ وَعَلَى الثَّانِي ما خُرِقَ من جِلْدِهِ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحِلَّ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ وقال في التَّرْغِيبِ إنْ أَصَابَ مَذْبَحَهُ ولم يَقْصِدْ الذَّبْحَ لم يَحِلَّ وَإِنْ قَصَدَهُ فَهُوَ ذَبْحُ مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ يَحِلُّ على الصَّحِيحِ مَأْخَذُهُمَا هل يَكْفِي قَصْدُ الذَّبْحِ أَمْ لَا بُدَّ من قَصْدِ الْإِحْلَالِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَعَلَى الثَّانِي ما خُرِقَ من جِلْدِهِ يَعْنِي إذَا أَصَابَ الْأَوَّلُ مَقْتَلَهُ أو كان جَرْحُهُ مُوجِبًا أو أَصَابَ الثَّانِي مَذْبَحَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الْمُغْنِي فِيمَا إذَا أَصَابَ الثَّانِي مَذْبَحَهُ عليه أَرْشُ ذَبْحِهِ كما لو ذَبَحَ شَاةً لِغَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو أَصْوَبُ في النَّظَرِ قال في الْمُنْتَخَبِ على الثَّانِي ما نَقَصَ بِذَبْحِهِ كَشَاةِ الْغَيْرِ وقال في التَّرْغِيبِ وَعَلَى الثَّانِي ما بين كَوْنِهِ حَيًّا مَجْرُوحًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَذْبُوحًا وَإِلَّا قِيمَتُهُ بِجَرْحِ الْأَوَّلِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ لو أَدْرَكَ الْأَوَّلُ ذَكَاتَهُ فلم يُذَكِّهِ حتى مَاتَ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ كَالْأُولَى‏:‏ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ قال في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى وقال الْقَاضِي يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحَيْنِ مع أَرْشِ ما نَقَصَهُ بِجُرْحِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ كانت قِيمَتُهُ عَشَرَةً فَنَقَصَهُ كُلُّ جُرْحٍ عَشْرًا لَزِمَهُ على الْأَوَّلِ تِسْعَةٌ وَعَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ وَعَلَى الثَّالِثِ خَمْسَةٌ فَلَوْ كان عَبْدٌ أو شَاةٌ لِلْغَيْرِ ولم يُوجِبَاهُ وَسَرَيَا تَعَيَّنَ الْأَخِيرَانِ وَلَزِمَ الثَّانِي عَلَيْهِمَا ذلك وَكَذَا الْأَوَّلُ على الثَّالِثِ وَعَلَى الثَّانِي بَقِيَّةُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو أَصَابَاهُ مَعًا حَلَّ بَيْنَهُمَا كَذَبْحِهِ مُشْتَرِكَيْنِ وَكَذَا لو أَصَابَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَوَجَدَاهُ مَيِّتًا وَجُهِلَ قَاتِلُهُ فَإِنْ قال الْأَوَّلُ أنا أَثْبَتُّهُ ثُمَّ قَتَلْته أنت فَتَضْمَنَهُ لم يَحِلَّ لِاتِّفَاقِهِمَا على تَحْرِيمِهِ وَيَتَحَالَفَانِ وَلَا ضَمَانَ فَإِنْ قال لم نُثَبِّتْهُ قُبِلَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ لِأَنَّ الْأَصْلَ الِامْتِنَاعُ ذَكَرَ ذلك في الْمُنْتَخَبِ وقال في التَّرْغِيبِ مَتَى تَشَاقَّا في إصَابَتِهِ وَصِفَتِهَا أو اُحْتُمِلَ إثْبَاتُهُ بِهِمَا أو بِأَحَدِهِمَا لَا بعينيه ‏[‏بعينه‏]‏ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ إن رمى أَحَدِهِمَا لو انْفَرَدَ أَثْبَتَهُ وَحْدَهُ فَهُوَ له وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُ وَلَوْ إن رمى أَحَدِهِمَا مُوحٍ وَاحْتُمِلَ الْآخَرُ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا وَاحْتُمِلَ أَنَّ نِصْفَهُ لِلْمُوحِي وَنِصْفَهُ الْآخَرَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ وُجِدَ مَيِّتًا مُوحِيًا وَتَرَتَّبَا وَجُهِلَ السَّابِقُ حَرُمَ وَإِنْ ثَبَتَ بِهِمَا لَكِنْ عَقِبَ الثَّانِي وَتَرَتَّبَا فَهَلْ هو لِلثَّانِي أو بَيْنَهُمَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَنَقَل ابن الْحَكَمِ إنْ أَصَابَاهُ جميعا فَذَكَّيَاهُ جميعا حَلَّ وَإِنْ ذَكَّاهُ أَحَدُهُمَا فَلَا‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو رَمَاهُ فَأَثْبَتَهُ مَلَكَهُ كما تَقَدَّمَ وَلَوْ رَمَاهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَتَلَهُ حَرُمَ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عليه وهو الْمَذْهَبُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ يَحِلُّ وذكر ‏[‏وذكره‏]‏ رِوَايَةً وَكَذَا لو أَوْحَاهُ الثَّانِي بَعْدَ إيحَاءِ الْأَوَّلِ فيه الرِّوَايَتَانِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَتَى أَدْرَكَ الصَّيْدَ مُتَحَرِّكًا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَهُوَ كَالْمَيِّتِ وَكَذَا لو كان فَوْقَ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَلَكِنْ لم يَتَّسِعْ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ وَمَتَى أَدْرَكَهُ مَيِّتًا حَلَّ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ من أَهْلِ الذَّكَاةِ شَمِلَ كَلَامُهُ الْبَصِيرَ وَالْأَعْمَى وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَطَعَ كَثِيرٌ من الْأصحاب بِصِحَّةِ ذَكَاتِهِ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَالَا من حَلَّ ذَبْحُهُ حَلَّ صَيْدُهُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَيُحْتَمَلُ في صَيْدِ الْأَعْمَى الْمَنْعُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ بَصِيرًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ رَمَى مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ صَيْدًا أو أَرْسَلَا عليه جَارِحًا أو شَارَكَ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ في قَتْلِهِ لم يَحِلَّ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لو وَجَدَ مع كَلْبِهِ كَلْبًا آخَرَ وَجَهِلَ حاله هل سَمَّى عليه أَمْ لَا وَهَلْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا أو جَهِلَ حاله مُرْسِلُهُ هل هو من أَهْلِ الصَّيْدِ أَمْ لَا وَلَا يَعْلَمُ أَيُّهُمَا قَتَلَهُ أو لم يَعْلَمْ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ مَعًا أو عَلِمَ أَنَّ الْمَجْهُولَ هو الْقَاتِلُ لم يُبَحْ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ عَلِمَ حَالَ الْكَلْبِ الذي وَجَدَهُ مع كَلْبِهِ وَأَنَّ الشَّرَائِطَ الْمُعْتَبَرَةَ قد وُجِدَتْ فيه حَلَّ ثُمَّ إنْ كان الْكَلْبَانِ قَتَلَاهُ مَعًا فَهُوَ لِصَاحِبِهِمَا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَإِنْ كان الْكَلْبَانِ مُتَعَلِّقَانِ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كان أَحَدُهُمَا مُتَعَلِّقًا بِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ وَعَلَى من حُكِمَ له بِهِ الْيَمِينُ وَإِنْ كان الْكَلْبَانِ نَاحِيَةً فقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ يَقِفُ الْأَمْرُ حتى يَصْطَلِحَا وَحَكَى احْتِمَالًا بِالْقُرْعَةِ فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا لَيْسَتْ في يَدِ أَحَدٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ خِيفَ فَسَادُهُ بِيعَ وَاصْطَلَحَا على ثَمَنِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ أَصَابَ سَهْمُ أَحَدِهِمَا يَعْنِي الْمُسْلِمَ وَالْمَجُوسِيَّ الْمَقْتَلَ دُونَ الْآخَرِ فَالْحُكْمُ له هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحِلَّ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ كَإِسْلَامِهِ بَعْدَ إرْسَالِهِ قال الشَّارِحُ وَيَجِيءُ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ فإنه قال إذَا ذَبَحَ فَأَتَى على الْمَقَاتِلِ فلم تَخْرُجْ الرُّوحُ حتى وَقَعَتْ في الْمَاءِ لم تُؤْكَلْ‏.‏

فائدة‏:‏

هل الِاعْتِبَارُ في حَالَةِ الصَّيْدِ بِأَهْلِيَّةِ الرَّامِي وفي سَائِرِ الشُّرُوطِ حَالُ الرَّمْيِ أو حَالُ الْإِصَابَةِ فيه وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْإِصَابَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ في كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ فَلَوْ رَمَى سَهْمًا وهو مُحْرِمٌ أو مُرْتَدٌّ أو مَجُوسِيٌّ ثُمَّ وَقَعَ السَّهْمُ بِالصَّيْدِ وقد حَلَّ أو أَسْلَمَ حَلَّ أَكْلُهُ وَلَوْ كان بِالْعَكْسِ لم يَحِلَّ الْوَجْهُ الثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الرَّمْيِ قَالَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الصَّيْدِ وَذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ صَادَ الْمُسْلِمُ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ حَلَّ ولم يُكْرَهْ وهو الْمَذْهَبُ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ وابن الزَّاغُونِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ أَرْسَلَهُ الْمَجُوسِيُّ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ لم يَحِلَّ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ إنْ زَادَ عَدْوُهُ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّانِي الْآلَةُ وَهِيَ نَوْعَانِ مُحَدَّدٌ فَيُشْتَرَطُ له ما يُشْتَرَطُ لِآلَةِ الذَّكَاةِ وَلَا بُدَّ من جَرْحِهِ بِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِثِقَلِهِ لم يُبَحْ كَشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَبُنْدُقَةٍ وَلَوْ شَدَخَهُ نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَلَوْ قَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ صَادَ بِالْمِعْرَاضِ أُكِلَ ما قُتِلَ بِحَدِّهِ دُونَ عَرْضِهِ إذَا قَتَلَهُ بِحَدِّهِ أُبِيحَ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ قَتَلَهُ بِعَرْضِهِ لم يُبَحْ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ ولم يَجْرَحْهُ لم يُبَحْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ إذَا جَرَحَهُ بِعَرْضِهِ يُبَاحُ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ نُصُوصِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَصَبَ مَنَاجِلَ أو سَكَاكِينَ وَسَمَّى عِنْدَ نَصْبِهَا فَقَتَلَتْ صَيْدًا أُبِيحَ إذَا سَمَّى عِنْدَ نَصْبِهَا وَقَتَلَتْ صَيْدًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَجْرَحَهُ أو لَا فَإِنْ جَرَحَهُ حَلَّ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ لم يَجْرَحْهُ لم يَحِلَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَحِلُّ مُطْلَقًا وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ عليه حِلُّ ما قَبْلَهَا‏.‏

تنبيه‏:‏

حَيْثُ قُلْنَا يَحِلُّ فَظَاهِرُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ النَّاصِبُ أو مَاتَ قال في الْفُرُوعِ وهو كَقَوْلِهِمْ إذَا ارْتَدَّ أو مَاتَ بين رَمْيِهِ وَإِصَابَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ قَتَلَ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ لم يُبَحْ إذَا غَلَبَ على الظَّنِّ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ على قَتْلِهِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ قَتَلَهُ بِسَهْمٍ فيه سُمٌّ قال جَمَاعَةٌ وَظَنَّ أَنَّهُ أَعَانَهُ حَرُمَ وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَعَانَ لم يَأْكُلْ قال وَلَيْسَ مِثْلُ هذا من كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمُرَادٍ وفي الْفُصُولِ إذَا رَمَى بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ لم يُبَحْ لَعَلَّ السُّمَّ أَعَانَ عليه فَهُوَ كما لو شَارَكَ السَّهْمَ تَغْرِيقٌ بِالْمَاءِ وَمَنْ أتى بِلَفْظِ الظَّنِّ كَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ فَمُرَادُهُ احْتِمَالُ الْمَوْتِ وَلِهَذَا عَلَّلَهُ من عَلَّلَهُ منهم كَالشَّيْخِ وَغَيْرِهِ بِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرِّمِ كَسَهْمَيْ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ وَقَالُوا فَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ السُّمَّ لم يُعِنْ على قَتْلِهِ لِكَوْنِ السُّمِّ أَوْحَى منه فَمُبَاحٌ وَلَوْ كان الظَّنُّ بِمُرَادٍ لَكَانَ الْأَوْلَى فَأَمَّا إنْ لم يَغْلِبْ على الظَّنِّ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ فَمُبَاحٌ وَنَظِيرُ هذا من كَلَامِهِمْ في شُرُوطِ الْبَيْعِ فَإِنْ رَأَيَاهُ ثُمَّ عَقَدَا بَعْدَ ذلك بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرْ فيه ظَاهِرًا وَقَوْلُهُمْ في الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ يَغْلِبُ على الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فيها وقد سَبَقَ ذلك وقال في الْكَافِي وَغَيْرِهِ إذَا اجْتَمَعَ في الصَّيْدِ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ مِثْلُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمُثَقَّلٍ وَمُحَدَّدٍ أو بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ أو بِسَهْمِ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ أو بِسَهْمٍ غَيْرِ مُسَمًّى عليه أو كَلْبِ مُسْلِمٍ وَكَلْبِ مَجُوسِيٍّ أو غَيْرِ مُسَمًّى عليه أو غَيْرِ مُعَلَّمٍ أو اشْتَرَكَا في إرْسَالِ الْجَارِحَةِ عليه أو وَجَدَ مع كَلْبِهِ كَلْبًا لَا يَعْرِفُ مُرْسِلَهُ أو لَا يَعْرِفُ حاله أو مع سَهْمِهِ سَهْمًا كَذَلِكَ لم يُبَحْ وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ وَإِنْ وَجَدْت معه غَيْرَهُ فَلَا تَأْكُلْ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَظْرُ وإذا شَكَكْنَا في الْمُبِيحِ رُدَّ إلَى أَصْلِهِ انتهى‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ يَحْرُمُ وَلَوْ مع جَرْحٍ مُوحٍ لَا عَمَلَ لِلسُّمِّ معه لِخَوْفِ التَّضَرُّرِ بِهِ وَكَذَا قال في الْفُصُولِ وقال لَا نَأْمَنُ أَنَّ السُّمَّ تَمَكَّنَ من بَدَنِهِ بِحَرَارَةِ الْحَيَاةِ فَيَقْتُلُ أو يَضُرُّ آكِلَهُ وَهُمَا حَرَامٌ وما يُؤَدِّي إلَيْهِمَا حَرَامٌ‏.‏ انتهى كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ، وَنَقَلَهُ وقد قال في الْخُلَاصَةِ فَإِنْ رَمَى بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ لم يَحِلَّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَوْ رَمَاهُ فَوَقَعَ في مَاءٍ أو تَرَدَّى من جَبَلٍ أو وطىء عليه شَيْءٌ فَقَتَلَهُ لم يَحِلَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ مُوحِيًا كَالذَّكَاةِ فَهَلْ يَحِلُّ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ ابن رزين وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا يَحِلُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَخِصَال ابن الْبَنَّا وَشَرْحِ ابن رزين قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وهو الذي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشِّيرَازِيُّ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في بَابِ الذَّكَاةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالثَّانِيَةُ يَحِلُّ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَبِهِ قال أَكْثَرُ أصحابنَا الْمُتَأَخِّرِينَ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ ابن عقِيلٍ في الْفُصُولِ وَصَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في هذا الْبَابِ فَنَاقَضَ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ الذَّكَاةِ في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وإذا ذُبِحَ الْحَيَوَانُ ثُمَّ غَرِقَ في مَاءٍ وقال في الْوَجِيزِ فِيمَا إذَا رَمَاهُ في الْهَوَاءِ فَوَقَعَ في مَاءٍ أو تَرَدَّى من جَبَلٍ أو وطىء عليه شَيْءٌ لم يُبَحْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ موجبا ‏[‏موحيا‏]‏ فَيُبَاحَ وَذَكَرَ في بَابِ الذَّكَاةِ إذَا ذُبِحَ الْحَيَوَانُ ثُمَّ غَرِقَ في مَاءٍ أو وطىء عليه ما يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ حَرُمَ قال وَكَذَا في الصَّيْدِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ سَهَا في ذلك فإن الْأصحاب سَوَّوْا بين الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا سِيَّمَا وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ يقول في بَابِ الذَّكَاةِ وَكَذَا الصَّيْدُ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كان الْمَاءُ أو التَّرَدِّي يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ فَلَوْ لم يَكُنْ بقتله ‏[‏يقتله‏]‏ مِثْلُهُ أُبِيحَ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏حكم ما جرح ثم وقع في الماء‏]‏

قَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْجُرْحَ إذَا لم يَكُنْ مُوحِيًا وَوَقَعَ في مَاءٍ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ وهو صَحِيحٌ خَشْيَةَ أَنَّ الْمَاءَ أَعَانَ على قَتْلِهِ وَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ لِحُكْمِنَا على كل وَاحِدٍ بِأَصْلِهِ ذَكَرَهُ ابن عقِيلٍ في فُصُولِهِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَمَاهُ في الْهَوَاءِ فَوَقَعَ على الْأَرْضِ فَمَاتَ حَلَّ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ إلَّا إذَا كان الْجُرْحُ مُوحِيًا جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَغَابَ عنه ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا لَا أَثَرَ بِهِ غَيْرُ سَهْمِهِ حَلَّ وَكَذَا لو رَمَاهُ على شَجَرَةٍ أو جَبَلٍ فَوَقَعَ على الْأَرْضِ هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ حَلَّ على الْأَصَحِّ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشَرَ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ وقال بَعْدَ ذلك هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ إنْ كانت الْجِرَاحَةُ مُوحِيَةً حَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْهُ إنْ وَجَدَهُ في يَوْمِهِ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْهُ إنْ وَجَدَهُ في مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ مُطْلَقًا وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إنْ غَابَ نَهَارًا حَلَّ وَإِنْ غَابَ لَيْلًا لم يَحِلَّ قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ من حَالِ اللَّيْلِ تَخَطُّفُ الْهَوَامِّ قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ رِوَايَةٌ خَامِسَةٌ كَرَاهَةُ ما غَابَ مُطْلَقًا‏.‏

فائدة‏:‏

مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو عَقَرَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ ثُمَّ غَابَ عنه ثُمَّ وَجَدَهُ وَحْدَهُ أَمَّا لو وَجَدَهُ بِفَمِ كَلْبِهِ أو وهو يَعْبَثُ بِهِ أو وَسَهْمُهُ فيه حَلَّ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ بِهِ غير أَثَرِ سَهْمِهِ مِمَّا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَعَانَ على قَتْلِهِ لم يُبَحْ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ ولم يَقُولُوا ظَنَّ كَسَهْمٍ مَسْمُومٍ قال وَيَتَوَجَّهُ التَّسْوِيَةُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّنِّ الِاحْتِمَالُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو غَابَ قبل عَقْرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ وَسَهْمُهُ أو كَلْبُهُ عليه فقال في الْمُنْتَخَبِ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وهو مَعْنَى ما في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وقال في الْمُنْتَخَبِ أَيْضًا وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَذَكَرَهَا في الْفُصُولِ كما لو وَجَدَ سَهْمَهُ أو كَلْبَهُ نَاحِيَةً قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَتَبِعَهُ في الْمُحَرَّرِ وقال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ على ما ذَكَرَهُ هو وَغَيْرُهُ من التَّسْوِيَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التي قَبْلَهَا على الْخِلَافِ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَحَنْبَلٍ حِلَّهُ وهو مَعْنَى ما جَزَمَ في الرَّوْضَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ ضَرَبَهُ فَأَبَانَ منه عُضْوًا وَبَقِيَتْ فيه حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لم يُبَحْ ما أَبَانَ منه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ إنْ ذَكَّى حَلَّ كَبَقِيَّتِهِ قوله ‏[‏وله‏]‏ وَإِنْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بجلده حَلَّ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ أَبَانَهُ وَمَاتَ في الْحَالِ حَلَّ الْجَمِيعُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأصحاب أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وابن عَقِيلٍ وابن الْبَنَّا وَعَنْهُ لَا يُبَاحُ ما أَبَانَ منه وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخِرَقِيُّ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَأَمَّا ما ليس بِمُحَدَّدٍ كَالْبُنْدُقِ وَالْحَجَرِ وَالْعِصِيِّ وَالشَّبَكَةِ وَالْفَخِّ فَلَا يُبَاحُ ما قُتِلَ بِهِ لِأَنَّهُ وَقِيذٌ قال الْأصحاب وَلَوْ شَدَخَهُ وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَلَوْ قَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ وَلَوْ خَرَقَهُ لم يَحِلَّ نَقَلَهُ حَرْبٌ فَأَمَّا إنْ كان له حَدٌّ كَصَوَّانٍ فَهُوَ كَالْمِعْرَاضِ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ النَّوْعُ الثَّانِي الْجَارِحَةُ فَيُبَاحُ ما قَتَلَتْهُ إذَا كانت مُعَلَّمَةً إلَّا الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ فَالْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ هو الذي لَا بَيَاضَ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في الرِّعَايَةِ هُنَا وهو مالا بَيَاضَ فيه في الْأَشْهَرِ قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هو الذي لَا يُخَالِطُ لَوْنَهُ لَوْنٌ سِوَاهُ وقال أَيْضًا لو كان بين عَيْنَيْهِ نُكْتَتَانِ تُخَالِفَانِ لَوْنَهُ لم يَخْرُجْ بِهِمَا عن الْبَهِيمِ وَأَحْكَامِهِ قال الشَّارِحُ هو الذي لَا لَوْنَ فيه سِوَى السَّوَادِ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ قَوْلًا غير الْأَوَّلِ وَعَنْهُ إنْ كان بين عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ لم يَخْرُجْ بِذَلِكَ عن كَوْنِهِ بَهِيمًا وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْمُغْنِي وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَحَّحَه ابن تَمِيمٍ وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَلَا يُبَاحُ صَيْدُهُ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ شَيْطَانٌ فَهُوَ الْعِلَّةُ وَالسَّوَادُ عَلَامَةٌ كما يُقَالُ إذَا رَأَيْت صَاحِبَ السِّلَاحِ فَاقْتُلْهُ فإنه مُرْتَدٌّ فَالْعِلَّةُ الرِّدَّةُ إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ صَيْدَهُ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ إسْمَاعِيل ابن سَعِيدٍ الْكَرَاهَةَ وَعَنْهُ وَمِثْلُهُ ما بين عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ هُنَا كما تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ما بين عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ لَا يُسَمَّى بَهِيمًا قَوْلًا وَاحِدًا وَلَكِنْ هل يَلْحَقُ في الْحُكْمِ بِهِ أو لَا وَكَثِيرٌ من الْأصحاب يَحْكِي الْخِلَافَ في الْبَهِيمِ وَيَذْكُرُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ كما تَقَدَّمَ‏.‏

فائدة‏:‏

يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْأصحاب لِلْأَمْرِ بِقَتْلِهِ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على وُجُوبِهِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُنَا وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ إبَاحَتَهُ يَعْنِي إبَاحَةَ قَتْلِهِ وَنَقَلَ مُوسَى بن سَعِيدٍ لَا بَأْسَ عليه وقد قال الْأصحاب يَحْرُمُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ قال ولم أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِوُجُوبِ قَتْلِهِ نَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا بَأْسَ وَيُؤْخَذُ من كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَلْبَ الْعَقُورَ مِثْلُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ إلَّا في قَطْعِ الصَّلَاةِ وهو مُتَّجَهٌ وَأَوْلَى لِقَتْلِهِ في الْحَرَمِ قال في الْغُنْيَةِ يَحْرُمُ تَرْكُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَجِبُ قَتْلُهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ عن الناس وَدَعْوَى نَسْخِ الْقَتْلِ مُطْلَقًا إلَّا الْمُؤْذِي دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ وَيُقَابِلُهُ قَتْلُ الْكُلِّ انتهى‏.‏

كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَأَمَّا ما لَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ وَلَا أَذَى فيه فقال الْمُصَنِّفُ لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ وَقِيلَ يُكْرَهُ فَقَطْ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَتَقَدَّمَ الْمُبَاحُ من الْكِلَابِ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْجَوَارِحُ نَوْعَانِ ما يَصِيدُ بِنَابِهِ كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ كَثِيرٌ من الْأصحاب اقْتَصَرَ على ذِكْرِ هَذَيْنِ وزاد في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ النَّمِرَ وَظَاهِرُ تَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرَ ذلك فَتَعْلِيمُهُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَنْزَجِرَ إذَا زُجِرَ قال في الْمُغْنِي لَا في وَقْتِ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ قال في الْوَجِيزِ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَنْزَجِرَ إذَا أزجر ‏[‏زجر‏]‏ لَا في حَالِ مُشَاهَدَتِهِ لِلصَّيْدِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا أَمْسَكَ لم يَأْكُلْ وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْرَارُ ذلك منه وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخِلَافَ له وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ فَعَلَى هذا هل يُعْتَبَرُ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا فَيُبَاحُ في الرَّابِعَةِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ أو يَكْفِي التَّكْرَارُ مَرَّتَيْنِ فَيُبَاحُ في الثَّالِثَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ فإنه قال وَيُعْتَبَرُ تَكْرَارُهُ منه وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ أو الْمَرْجِعُ في ذلك إلَى الْعُرْفِ من غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمَرَّةٍ أو مَرَّاتٍ وهو قَوْل ابن الْبَنَّا في الْخِصَالِ فيه ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي لَا أَحْسِبُ هذه الْخِصَالَ تُعْتَبَرُ في غَيْرِ الْكَلْبِ فإنه الذي يُجِيبُ صَاحِبَهُ إذَا دَعَاهُ وَيَنْزَجِرُ إذَا زَجَرَهُ وَالْفَهْدُ لَا يُجِيبُ دَاعِيًا وَإِنْ عُدَّ مُتَعَلِّمًا فَيَكُونُ التَّعْلِيمُ في حَقِّهِ تَرْكُ الْأَكْلِ خَاصَّةً أو ما يُعِدُّهُ بِهِ أَهْلُ الْعُرْفِ مُعَلَّمًا ولم يذكر الآدمي الْبَغْدَادِيُّ في مُنْتَخَبِهِ تَرْكَ الْأَكْلِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ أَكَلَ بَعْدَ تَعْلِيمِهِ لم يَحْرُمْ ما تَقَدَّمَ من صَيْدِهِ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ لم يَحْرُمْ على الْأَصَحِّ قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ لَا يَحْرُمُ على الصَّحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ قُلْت وهو بَعِيدٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَكَيَاهُمَا وَجْهَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ ولم يُبَحْ ما أَكَلَ منه في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ فَالْمَذْهَبُ يَحْرُمُ قال في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ هذا الْأَصَحُّ قال في الْكَافِي هذا أَوْلَى قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ حَرُمَ على الْأَصَحِّ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى يَحِلُّ مع الْكَرَاهَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ يُبَاحُ وَقِيلَ يَحْرُمُ إذَا أَكَلَ منه حين الصَّيْدِ جَزَمَ بِهِ ابن عقِيلٍ وَقِيلَ يَحْرُمُ إذَا أَكَلَ منه قبل مُضِيِّهِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو شَرِبَ من دَمِهِ لم يَحْرُمْ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وقال في الِانْتِصَارِ من دَمِهِ الذي جَرَى‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يَخْرُجُ بِأَكْلِهِ عن كَوْنِهِ مُعَلَّمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لَا يَبْقَى مُعَلَّمًا بِأَكْلِهِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالثَّانِي ذُو الْمِخْلَبِ كَالْبَازِي وَالصَّقْرِ وَالْعُقَابِ وَالشَّاهِينِ فَتَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيُجِيبَ إذَا دُعِيَ وَلَا يَعْتَبِرُ تَرْكَ الْأَكْلِ بِلَا نِزَاعٍ قال في الرِّعَايَةِ يَحِلُّ الصَّيْدُ بِكُلِّ حَيَوَانٍ مُعَلَّمٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرَحَ الصَّيْدَ فَإِنْ قَتَلَهُ بِصَدْمَتِهِ أو خَنَقَهُ لم يُبَحْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ فِيهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ في الصَّدْمِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْخُلَاصَةِ لم يَحِلَّ في الْأَصَحِّ وقال ابن حَامِدٍ يُبَاحُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ في الْخَنْقِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وما أَصَابَ فَمُ الْكَلْبِ هل يَجِبُ غَسْلُهُ على وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يَجِبُ غَسْلُهُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ بَلْ يُعْفَى عنه صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ أو غَيْرُهُ بِنَفْسِهِ لم يُبَحْ صَيْدُهُ وَإِنْ زَجَرَهُ هذا الْمَذْهَبُ رِوَايَةُ وَاحِدَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال ابن عَقِيلٍ إنْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ فَزَجَرَهُ فَرِوَايَتَانِ وقال في الرَّوْضَةِ إذَا اسْتَرْسَلَ الطَّائِرُ بِنَفْسِهِ فَصَادَ وَقَتَلَ حَلَّ أَكْلُهُ منه أو لَا بِخِلَافِ الْكَلْبِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ إلَّا أَنْ يَزِيدَ في عَدْوِهِ بِزَجْرِهِ فَيَحِلُّ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابن عقِيلٍ إذَا اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ فَزَجَرَهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أو سَهْمَهُ إلَى هَدَفٍ فَقَتَلَ صَيْدًا أو أَرْسَلَهُ يُرِيدُ الصَّيْدَ وَلَا يَرَى صَيْدًا لم يَحِلَّ صَيْدُهُ إذَا قَتَلَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَحِلُّ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَمَى حَجَرًا يَظُنُّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا لم يَحِلَّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمي الْبَغْدَادِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحِلَّ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّاظِمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو رَمَى ما ظَنَّهُ أو عَلِمَهُ غير صَيْدٍ فَأَصَابَ صَيْدًا لم يَحِلَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ يَحِلُّ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي وقال في التَّرْغِيبِ إنْ ظَنَّهُ آدَمِيًّا أو صَيْدًا مُحَرَّمًا لم يُبَحْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ أو رَمَى صَيْدًا فَقَتَلَ جَمَاعَةً حَلَّ الْجَمِيعُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ لو أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ فَصَادَ غَيْرَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحِلُّ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ إنَّهُ يَحِلُّ وفي مُخْتَصَرِ ابن رزين يَحْرُمُ ما قَتَلَهُ الْكَلْبُ لَا السَّهْمُ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ مَلَكَهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ ما إذَا رَمَاهُ بَعْدَهُ آخَرُ أو رَمَاهُ هو أَيْضًا وَأَحْكَامُهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ لم يُثَبِّتْهُ فَدَخَلَ خَيْمَةَ إنْسَانٍ فَأَخَذَهُ فَهُوَ لِآخِذِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ من دخل في خَيْمَتِهِ إلَّا بِأَخْذِهِ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَقِيلَ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْخَيْمَةِ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْخَيْمَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ إنْ دخل الصَّيْدُ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ أو دخل بُرْجَهُ فَسَدَّ الْمَنَافِذَ أو حَصَلَتْ سَمَكَةٌ في بِرْكَتِهِ فَسَدَّ مَجْرَى الْمَاءِ فَقِيلَ يَمْلِكُهُ وَقِيلَ إنْ سَهُلَ تَنَاوُلُهُ منه وَإِلَّا فَكَتَحْجِيرٍ لِلْإِحْيَاءِ قال في الْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ قَصْدِ التَّمَلُّكِ بِغَلْقٍ وَسَدٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هذا الِاحْتِمَالَ من كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ فَعَلَى الْأَوَّلِ ما يَبْنِيهِ الناس من الْأَبْرِجَةِ فَيُعَشِّشُ بها الطُّيُورُ يَمْلِكُونَ الْفِرَاخَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأُمَّهَاتُ مَمْلُوكَةً فَهِيَ لِأَرْبَابِهَا نَصَّ عليه

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ مِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ لو دَخَلَتْ ظَبْيَةٌ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَجَهِلَهَا أو لم يَقْصِدْ تَمَلَّكَهَا وَمِثْلُهَا أَيْضًا إحْيَاءُ أَرْضٍ بها كَنْزٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَوْ وَقَعَ في شَبَكَتِهِ صَيْدٌ فَخَرَقَهَا وَذَهَبَ بها فَصَادَهُ آخَرُ فَهُوَ لِلثَّانِي بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ كان في سَفِينَةٍ فَوَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ في حِجْرِهِ فَهِيَ له دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ هذا الْمَذْهَبُ كَمَنْ فَتَحَ حِجْرَهُ لِلْأَخْذِ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رزين وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَشَرْحِ ابن منجا وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِأَخْذِهَا فَهِيَ قَبْلَهُ مُبَاحَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَيْضًا إنْ كانت وَثَبَتَ بِفِعْلِ إنْسَانٍ لِقَصْدِ الصَّيْدِ فَهِيَ لِلصَّائِدِ دُونَ من وَقَعَتْ في حِجْرِهِ وَقَطَعَا بِهِ وَبِالْأَوَّلِ أَيْضًا

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو وَقَعَتْ السَّمَكَةُ في السَّفِينَةِ فَهِيَ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ ذَكَرَه ابن أبي مُوسَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاقْتَصَرَ عليه الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ الْقَوْلِ الْآخَرِ أنها تَكُونُ قبل الْأَخْذِ على الْإِبَاحَةِ وهو كما قال‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ صَنَعَ بِرْكَةً لِيَصِيدَ بها السَّمَكَ فما حَصَلَ فيها مَلَكَهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَنَصَّ عليه وَكَذَا لو نَصَبَ خَيْمَةً لِذَلِكَ أو فَتَحَ حِجْرَهُ لِلْأَخْذِ أو نَصَبَ شَبَكَةً أو شَرَكًا نَصَّ عليه أو فَخًّا أو مِنْجَلًا أو حَبَسَهُ جَارِحٌ له أو بِإِلْجَائِهِ لِضِيقٍ لَا يُفْلِتُ منه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ لم يَقْصِدْ بها ذلك لم يَمْلِكْهُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَكَذَلِكَ إنْ حَصَلَ في أَرْضِهِ سَمَكٌ أو عَشَّشَ فيها طَائِرٌ لم يَمْلِكْهُ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ هذا الْمَذْهَبُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ فِيمَنْ صَادَ من نَخْلَةٍ بِدَارِ قَوْمٍ فَهُوَ له فَإِنْ رَمَاهُ بِبُنْدُقَةٍ فَوَقَعَ فيها فَهُوَ لِأَهْلِهَا قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال في التَّرْغِيبِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ يَمْلِكُهُ بِالتَّوَحُّلِ وَيَمْلِكُ الْفِرَاخَ وَنَقَلَ صَالِحٌ فِيمَنْ صَادَ من نَخْلَةٍ بِدَارِ قَوْمٍ هو لِلصَّيَّادِ فَخُرِّجَ في الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَمْلِكُهُ وَإِنَّمَا لم يَضْمَنْهُ في الْأَوْلَةِ في الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ لم يُوجَدْ منه فِعْلٌ يُوجِبُ ضَمَانًا لَا لِأَنَّهُ ما مَلَكَهُ وَكَذَا قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ من رَمَى صَيْدًا على شَجَرَةٍ في دَارِ قَوْمٍ فَحَمَلَ نَفْسَهُ فَسَقَطَ خَارِجَ الدَّارِ فَهُوَ له وَإِنْ سَقَطَ في دَارِهِمْ فَهُوَ لهم لِأَنَّهُ حَرِيمُهُمْ وقال في الرِّعَايَةِ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ على الْأَصَحِّ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لِلْمُؤَجِّرِ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي إنْ عَشَّشَ بِأَرْضِهِ نَحْلٌ مَلَكَهُ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِذَلِكَ وفي مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ إلَّا أَنْ يُعِدَّ حِجْرَهُ وَبِرْكَتَهُ وَأَرْضَهُ له وَسَبَقَ كَلَامُهُمْ في زَكَاةِ ما يَأْخُذُهُ من الْمُبَاحِ أو من أَرْضِهِ وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ أَنَّهُ يُزَكِّيهِ اكْتِفَاءً بِمِلْكِهِ وَقْتَ الْأَخْذِ كَالْعَسَلِ قال في الْفُرُوعِ وهو كَالصَّرِيحِ في أَنَّ النَّحْلَ لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ وَإِلَّا لَمَلَكَ الْعَسَلَ وَلِهَذَا قال في الرِّعَايَةِ في الزَّكَاةِ وَسَوَاءٌ أَخَذَهُ من أَرْضٍ مَوَاتٍ أو مَمْلُوكَةٍ أو لِغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيُكْرَهُ صَيْدُ السَّمَكِ بِالنَّجَاسَةِ هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الْمُبْهِجِ في الصَّيْدِ بِالنَّجَاسَةِ وَبِمُحَرَّمٍ رِوَايَتَانِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ لو مَنَعَهُ الْمَاءُ حتى صَادَهُ حَلَّ أَكْلُهُ نَقَلَهُ أبو دَاوُد وقال في الرِّعَايَةِ وَيَحْرُمُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُصَادُ الْحَمَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَحْشِيًّا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ تَحِلُّ الطَّرِيدَةُ وَهِيَ الصَّيْدُ بين قَوْمٍ يَأْخُذُونَهُ قَطْعًا وَكَذَلِكَ النَّادُّ وَنَصَّ عليه وَيُكْرَهُ الصَّيْدُ من وَكْرِهِ وَلَا يُكْرَهُ الصَّيْدُ بِلَيْلٍ وَلَا صَيْدُ فَرْخٍ من وَكْرِهِ وَلَا بِمَا يُسْكِرُ نَصَّ على ذلك وَظَاهِرُ رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ لَا يُكْرَهُ الصَّيْدُ من وَكْرِهِ وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ كَرَاهَتَهُ وفي مُخْتَصَرِ ابن رزين يُكْرَهُ الصَّيْدُ لَيْلًا‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لا ‏[‏بلا‏]‏ بَأْسٍ بِشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَدَبْقٍ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكُلِّ حِيلَةٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ بِمُثْقَلٍ كَبُنْدُقٍ وَكَذَا كَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الرَّمْيَ بِالْبُنْدُقِ مُطْلَقًا لِنَهْيِ عُثْمَانَ ابن عفَّانَ رضي اللَّهُ عنه وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُنْدُقِ ويرمي بها الصَّيْدُ لَا لِلْعَبَثِ وَأَطْلَقَ بن هُبَيْرَةَ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا أَرْسَلَ صَيْدًا وقال أَعْتَقْتُك لم يَزُلْ مِلْكُهُ عنه هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عنه قَالَهُ أصحابنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلْ أَنْ يَزُولَ مِلْكُهُ عنه وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ وقال ابن عَقِيلٍ وَلَا يَجُوزُ أَعْتَقْتُك في حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو اصْطَادَ صَيْدًا فَوَجَدَ عليه عَلَامَةً مِثْلَ قِلَادَةٍ في عُنُقِهِ أو وَجَدَ في أُذُنِهِ قَطْعًا لم يَمْلِكْهُ لِأَنَّ الذي صَادَهُ أَوَّلًا مَلَكَهُ وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَ طَائِرًا مَقْصُوصَ الْجَنَاحِ وَيَكُونُ لُقَطَةً‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الرَّابِعُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إرْسَالِ السَّهْمِ أو الْجَارِحَةِ فَإِنْ تَرَكَهَا لم يُبَحْ سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أو سَهْوًا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وهو الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ إنْ نَسِيَهَا على السَّهْمِ أُبِيحَ وَإِنْ نَسِيَهَا على الْجَارِحَةِ لم يُبَحْ وَعَنْهُ تُشْتَرَطُ مع الذِّكْرِ دُونَ السَّهْوِ وَذَكَرَه ابن جَرِيرٍ إجْمَاعًا نَقَلَهَا حَنْبَلٌ قال الْخَلَّالُ سهى ‏[‏سها‏]‏ حَنْبَلٌ في نَقْلِهِ وَعَنْهُ تُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ من مُسْلِمٍ لَا من كَافِرٍ‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم