فصل: بَابُ: ما يُكْرَهُ وما يُسْتَحَبُّ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ ما يُكْرَهُ وما يُسْتَحَبُّ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ

قَوْلُهُ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ فَيَبْتَلِعَهُ وَأَنْ يَبْتَلِعَ النُّخَامَةَ وَهَلْ يُفْطِرُ بها على وَجْهَيْنِ‏.‏

إذَا جَمَعَ رِيقَهُ وَابْتَلَعَهُ قَصْدًا كُرِهَ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يُفْطِرُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كما لو ابْتَلَعَهُ قَصْدًا ولم يَجْمَعْهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ يُفْطِرُ بِذَلِكَ فَيَحْرُمُ فِعْلُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو أَخْرَجَ رِيقَهُ إلَى ما بين شَفَتَيْهِ ثُمَّ أَعَادَهُ وَبَلَعَهُ حَرُمَ عليه وَأَفْطَرَ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْمَجْدُ لَا يُفْطِرُ إلَّا إذَا خَرَجَ إلَى ظَاهِرِ شَفَتَيْهِ ثُمَّ يُدْخِلُهُ وَيَبْلَعُهُ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ منه عَادَةً كَغَيْرِ الرِّيقِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو أَخْرَجَ حَصَاةً من فَمِهِ أو دِرْهَمًا أو خَيْطًا ثُمَّ أَعَادَ فَإِنْ كان ما عليه كَثِيرًا فَبَلَعَهُ أَفْطَرَ وَإِنْ كان يَسِيرًا لم يُفْطِرْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يُفْطِرُ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو أَخْرَجَ لِسَانَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ إلَى فيه بِمَا عليه وَبَلَعَهُ لم يُفْطِرْ وَلَوْ كان كَثِيرًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وقال ابن عَقِيلٍ يُفْطِرُ وَأَطْلَقَهُمَا في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

الرَّابِعَةُ لو تَنَجَّسَ فَمُهُ أو خَرَجَ إلَيْهِ قَيْءٌ أو قَلَسٌ فَبَلَعَهُ أَفْطَرَ نَصَّ عليه وَإِنْ قَلَّ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ منه وَإِنْ بَصَقَهُ وَبَقِيَ فَمُهُ نَجِسًا فَبَلَعَ رِيقَهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ بَلَعَ شيئا نَجِسًا أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَأَمَّا النُّخَامَةُ إذَا بَلَعَهَا فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في الْفِطْرِ بِهِ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ النُّخَامَةَ تَارَةً تَكُونُ من جَوْفِهِ وَتَارَةً تَكُونُ من دِمَاغِهِ وَتَارَةً تَكُونُ من حَلْقِهِ فإذا وَصَلَتْ إلَى فَمِهِ ثُمَّ بَلَعَهَا فَلِلْأَصْحَابِ فيها ثَلَاثُ طُرُقٍ‏.‏

أَحَدُهَا إنْ كانت من جَوْفِهِ أَفْطَرَ بها قَوْلًا وَاحِدًا وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُفْطِرُ فَيَحْرُمُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ‏.‏

والثانية ‏[‏الثانية‏]‏ لَا يُفْطِرُ فَيُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

الطَّرِيقُ الثَّانِي في بَلْعِ النُّخَامَةِ من غَيْرِ تَفْرِيقٍ رِوَايَتَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بها ‏[‏به‏]‏ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وفي الْمُغْنِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وقدمها ‏[‏وقدمه‏]‏ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يُفْطِرُ بِهِ صَحَّحَهُ في الْفُصُولِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي

‏.‏

الطَّرِيقُ الثَّالِثُ إنْ كانت من دِمَاغِهِ أَفْطَرَ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كانت من صَدْرِهِ فَرِوَايَتَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ بن أبي مُوسَى نَقَلَهُ عنه في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ ذَوْقُ الطَّعَامِ‏.‏

هَكَذَا قال جَمَاعَةٌ وَأَطْلَقُوا منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ابن عَقِيلٍ يُكْرَهُ من غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا بَأْسَ بِهِ لِلْحَاجَةِ وقال أَحْمَدُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَوْقَ الطَّعَامِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كان لِمَصْلَحَةٍ وَحَاجَةٍ كَذَوْقِ الطَّعَامِ من الْقِدْرِ وَالْمَضْغِ لِلطِّفْلِ وَنَحْوِهِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التنبيه‏.‏

وَحَكَاهُ أَحْمَدُ عن بن عَبَّاسٍ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ وَجَدَ طَعْمَهُ في حَلْقِهِ أَفْطَرَ لِإِطْلَاقِ الْكَرَاهَةِ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِي إذَا ذَاقَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْصِي في الْبَصْقِ ثُمَّ إنْ وَجَدَ طَعْمَهُ في‏.‏

حَلْقَهُ لم يُفْطِرْ كَالْمَضْمَضَةِ وَإِنْ لم يَسْتَقْصِ في الْبَصْقِ أَفْطَرَ لِتَفْرِيطِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يُفْطِرُ مُطْلَقًا‏.‏

قُلْت هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ في مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ مَضْغُ الْعِلْكِ الذي لَا يَتَحَلَّلُ منه أَجْزَاءٌ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا وهو الْمُومْيَا وَاللِّبَانُ الذي كُلَّمَا مَضَغَهُ قَوِيَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ يَحْلُبُ الْفَمَ وَيَجْمَعُ الرِّيقَ وَيُوَرِّثُ الْعَطَشَ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ احْتِمَالًا لَا يُكْرَهُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ في تَحْرِيمِ ما لَا يَتَحَلَّلُ غَالِبًا وَفِطْرُهُ بِوُصُولِهِ أو طَعْمِهِ إلَى حَلْقِهِ وَجْهَانِ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وفي تَحْرِيمِ ما لَا يَتَحَلَّلُ وَجْهَانِ وَقِيلَ يُكْرَهُ بِلَا حَاجَةٍ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يُفْطِرُ إنْ وَجَدَ طَعْمَهُ في حَلْقِهِ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ وَصَفَهُمَا في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يُفْطِرُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لِأَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الطَّعْمِ لَا يُفْطِرُ كَمَنْ لَطَّخَ بَاطِنَ قَدَمِهِ بِحَنْظَلٍ إجْمَاعًا وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُفْطِرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ مَضْغُ ما يَتَحَلَّلُ منه أَجْزَاءٌ‏.‏

هذا مِمَّا لَا نِزَاعَ فيه في الْجُمْلَةِ بَلْ هو إجْمَاعٌ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَبْلَعَ رِيقَهُ‏.‏

يَعْنِي فَيَجُوزُ وَهَكَذَا قال في الْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَجَزَمُوا بِهِ بهذا الْقَيْدِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَضْغُ ذلك وَلَوْ لم يَبْتَلِعْ رِيقَهُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَفَرَضَ بَعْضُهُمْ الْمَسْأَلَةَ في ذَوْقِهِ يَعْنِي يَحْرُمُ‏.‏

‏.‏

ذَوْقُهُ وَإِنْ لم يَذُقْهُ لم يَحْرُمْ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَيَحْرُمُ ذَوْقُ ما يَتَحَلَّلُ أو يَتَفَتَّتُ وَقِيلَ إنْ بَلَعَ رِيقَهُ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ لَا تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

فَاعِلُ الْقُبْلَةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ أو لَا فَإِنْ كان مِمَّنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ ذلك فَقَطْ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُبْهِجِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ‏.‏

وَعَنْهُ تَحْرُمُ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَظُنَّ الْإِنْزَالَ فَإِنْ ظَنَّ الْإِنْزَالَ حَرُمَ عليه قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَإِنْ كان مِمَّنْ لَا تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تُكْرَهُ قال في الْفَائِقِ وَلَا تُكْرَهُ له الْقُبْلَةُ إذَا لم تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْمُبْهِجِ وَالْوَجِيزِ وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ بِشَهْوَةٍ‏.‏

فَمَفْهُومُهُ لَا تُكْرَهُ بِلَا شَهْوَةٍ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَعَنْهُ تُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الشَّهْوَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

تنبيه‏:‏

الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ الذي أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ عَائِدٌ إلَى من لَا تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ وَعَلَيْهِ شَرْحُ الشَّارِحِ وابن منجا وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَلِأَنَّ الْخِلَافَ فيه أَشْهَرُ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ على من تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ على هذا‏.‏

وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ فَلَا تُكْرَهُ‏.‏

لَكِنْ يُبْعِدُ هذا أَنَّ الْمُصَنِّفَ لم يَحْكِ الْخِلَافَ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا خَرَجَ منه مَنِيٌّ أو مَذْيٌ بِسَبَبِ ذلك فَقَدْ تَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ الذي قَبْلَهُ وَإِنْ لم يَخْرُجْ منه شَيْءٌ لم يُفْطِرْ وَذَكَرَه ابن عبد البر إجْمَاعًا‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ من اقْتَصَرَ من الْأَصْحَابِ كَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ على ذِكْرِ الْقُبْلَةِ دَوَاعِي الْجِمَاعِ بِأَسْرِهَا أَيْضًا وَلِهَذَا قَاسُوهُ على الْإِحْرَامِ وَقَالُوا عِبَادَةٌ تَمْنَعُ الْوَطْءَ فَمَنَعَتْ دَوَاعِيَهُ قال في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَاللَّمْسُ وَتَكْرَارُ النَّظَرِ كَالْقُبْلَةِ لِأَنَّهُمَا في مَعْنَاهَا وقال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ في الْقُبْلَةِ وَكَذَا الْخِلَافُ في تَكْرَارِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ في الْجِمَاعِ فَإِنْ أَنْزَلَ أَثِمَ وَأَفْطَرَ وَالتَّلَذُّذُ بِاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ وَالْمُعَانَقَةِ وَالتَّقْبِيلِ سَوَاءٌ هذا كَلَامُهُ وهو مُقْتَضَى ما في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ شُتِمَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ‏.‏

يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنْ يَقُولَ ذلك بِلِسَانِهِ في الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مع نَفْسِهِ يَزْجُرُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَطَّلِعُ الناس عليه وهو احد الْوُجُوهِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ هو وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنْ يَقُولَهُ جَهْرًا في رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وهو الْوَجْهُ الثَّانِي لِلْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنْ يَقُولَهُ جَهْرًا في رَمَضَانَ وَسِرًّا في غَيْرِهِ زَاجِرًا لِنَفْسِهِ وهو الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَذَلِكَ لِلْأَمْنِ من الرِّيَاءِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ‏.‏

تنبيهان‏:‏

أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ‏.‏

إجْمَاعًا يَعْنِي إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ‏.‏

الثَّانِي قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ السَّحُورِ‏.‏

إجْمَاعًا إذَا لم يُخْشَ طُلُوعُ الْفَجْرِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ اسْتِحْبَابُ السَّحُورِ مع الشَّكِّ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا قَوْلَ أبي دَاوُد قال أبو عبد اللَّهِ إذَا شَكَّ في الْفَجْرِ يَأْكُلُ حتى يَسْتَيْقِنَ طُلُوعَهُ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَ غَيْرِ الشَّيْخِ الْجَوَازُ وَعَدَمُ الْمَنْعِ بِالشَّكِّ وَكَذَا جَزَمَ ابن الجوزي وَغَيْرُهُ يَأْكُلُ حتى يَسْتَيْقِنَ وقال إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَذَا خَصَّ الْأَصْحَابُ الْمَنْعَ بِالْمُتَيَقَّنِ كَشَكِّهِ في نَجَاسَةِ طَاهِرٍ‏.‏

قال الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ قال لِعَالِمَيْنِ اُرْقُبَا الْفَجْرَ فقال أَحَدُهُمَا طَلَعَ الْفَجْرُ وقال الْآخَرُ لم يَطْلُعْ أَكَلَ حتى يَتَّفِقَا‏.‏

وَذَكَرَ ابن عقيل في الْفُصُولِ إذَا خَافَ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَجَبَ عليه أَنْ يُمْسِكَ جُزْءًا من اللَّيْلِ لِيَتَحَقَّقَ له صَوْمُ جَمِيعِ الْيَوْمِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا لِوُجُوبِ صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ وقال لَا فَرْقَ ثُمَّ ذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ في مَوْضِعِهَا وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْأَكْلُ مع الشَّكِّ في الْفَجْرِ وقال بَلْ يُسْتَحَبُّ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ مع شَكِّهِ في طُلُوعِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ مع جَزْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا في طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا قَضَاءَ عليه أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مع الشَّكِّ في طُلُوعِهِ وَيُكْرَهُ الْجِمَاعُ نَصَّ عَلَيْهِمَا‏.‏

الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ لَا يَجِبُ إمْسَاكُ جَزْءٍ من اللَّيْلِ في أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ في ظَاهِرِ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وهو ظَاهِرُ ما سَبَقَ أو صَرِيحُهُ وَذَكَرَ ابن الجوزي أَنَّهُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ بِوُجُوبِ الْإِمْسَاكِ في أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَذَكَرَه ابن عقيل في الْفُنُونِ وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ في صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ‏.‏

الثَّالِثَةُ الْمَذْهَبُ يَجُوزُ له الْفِطْرُ بِالظَّنِّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ يَجُوزُ الْأَكْلُ بِالِاجْتِهَادِ في أَوَّلِ الْيَوْمِ لا ‏[‏ولا‏]‏ يَجُوزُ في آخِرِهِ إلَّا بِيَقِينٍ وَلَوْ أَكَلَ ولم يَتَيَقَّنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ في الْآخِرِ ولم يَلْزَمْهُ في الْأَوَّلِ انْتَهَى‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو ضَعِيفٌ‏.‏

الرَّابِعَةُ إذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ الْأَعْلَى أَفْطَرَ الصَّائِمُ حُكْمًا وَإِنْ لم يَطْعَمْ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ فَلَا يُثَابُ على الْوِصَالِ كما هو ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وقال وقد يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ له الْفِطْرُ وقال وَالْعَلَامَاتُ الثَّلَاثُ في قَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ من ها هنا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ من ها هنا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ مُتَلَازِمَةٌ وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهَا لِئَلَّا يُشَاهِدَ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَيَعْتَمِدُ على غَيْرِهَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ في شَرْحِ مُسْلِمٍ عن الْعُلَمَاءِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال وَرَأَيْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَتَوَقَّفُ في هذا وَيَقُولُ يُقْبِلُ اللَّيْلُ مع بَقَاءِ الشَّمْسِ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَهَذَا مُشَاهَدٌ‏.‏

الْخَامِسَةُ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ السَّحُورِ بِأَكْلٍ أو شُرْبٍ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَكَمَالُ فَضِيلَتِهِ بِالْأَكْلِ‏.‏

قَوْلُهُ وَأَنْ يُفْطِرَ على التَّمْرِ فَإِنْ لم يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ‏.‏

هَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ يُسَنُّ أَنْ يُفْطِرَ على الرُّطَبِ فَإِنْ لم يَجِدْ فَعَلَى التَّمْرِ فَإِنْ لم يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ وقال في‏.‏

الْوَجِيزِ وَيُفْطِرُ على رُطَبٍ أو تَمْرٍ أو مَاءٍ وقال في الْحَاوِيَيْنِ يُفْطِرُ على تَمْرٍ أو رُطَبٍ أو مَاءٍ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَيُسَنُّ أَنْ يُعَجِّلَ فِطْرَهُ على تَمْرٍ أو مَاءٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَك صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْتُ سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي إنَّك أنت السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏.‏

هَكَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وأبو الْخَطَّابِ قال في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى وَاقْتَصَرَ عليه جَمَاعَةٌ وَذَكَرَه ابن حمدان وزاد بِسْمِ اللَّهِ وَذَكَرَه ابن الجوزي وزاد في أَوَّلِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبَعْدَ قَوْلِهِ وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْتُ وَعَلَيْك تَوَكَّلْتُ وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قَوْل ابن عُمَرَ كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول إذَا أَفْطَرَ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبُتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ عِنْدَ فِطْرِهِ فإن له دَعْوَةً لَا تُرَدُّ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفَطِّرَ الصُّوَّامَ وَمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ من غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ من أَجْرِهِ شَيْءٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ من أَيِّ شَيْءٍ كان كما هو ظَاهِرُ الْخَبَرِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مُرَادُهُ بِتَفْطِيرِهِ أَنْ يُشْبِعَهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ يُسْتَحَبُّ له كَثْرَةُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالصَّدَقَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ التَّتَابُعُ في قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا يَجِبُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ في أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ على الْفَوْرِ إنْ قُلْنَا إنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ على الْفَوْرِ وَاحْتَجَّ بِنَصِّهِ في الْكَفَّارَةِ وَيَأْتِي في الْبَابِ الذي يَلِيهِ هل يَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِالصِّيَامِ قبل قَضَاءِ رَمَضَانَ لهم أَمْ لَا‏.‏

تنبيه‏:‏

كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يَبْقَ من شَعْبَانَ إلَّا ما يَتَّسِعُ لِلْقَضَاءِ فَقَطْ فإنه في هذه الصُّورَةِ يَتَعَيَّنُ التَّتَابُعُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا هل يَجِبُ الْعَزْمُ على فِعْلِ الْقَضَاءِ قال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ في الصَّلَاةِ وَلِهَذَا قال ابن عَقِيلٍ في الصَّلَاةِ لَا تَنْتَفِي إلَّا بِشَرْطِ الْعَزْمِ على النَّفْلِ في ثَانِي الْوَقْتِ قال وَكَذَا كُلُّ عِبَادَةٍ مُتَرَاخِيَةٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ من فَاتَهُ رَمَضَانُ كَامِلًا سَوَاءٌ كان تَامًّا أو نَاقِصًا لِعُذْرٍ كَالْأَسِيرِ وَالْمَطْمُورِ وَنَحْوِهِمَا أو غَيْرِهِ قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ مُطْلَقًا كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ قَضَى شَهْرًا هِلَالِيًّا أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ كان تَامًّا أو نَاقِصًا وَإِنْ لم يَقْضِ شَهْرًا صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وقال هو أَشْهَرُ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى أَجْزَأَ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ نَاقِصٌ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّلْخِيصِ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ من صَامَ من أَوَّلِ شَهْرٍ كَامِلٍ أو من أَثْنَاءِ شَهْرٍ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وكان رَمَضَانُ الْفَائِتُ نَاقِصًا أَجْزَأَهُ عنه اعْتِبَارًا بِعَدَدِ الْأَيَّامِ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِي يَقْضِي يَوْمًا تَكْمِيلًا لِلشَّهْرِ بِالْهِلَالِ أو الْعَدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ من غَيْرِ عُذْرٍ‏.‏

نَصَّ عليه وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَخَّرَهُ رَمَضَانَاتٍ‏.‏

ولم يَمُتْ وهو كَذَلِكَ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ احْتِمَالًا لَا يَجِبُ الْإِطْعَامُ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى ‏{‏فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏‏.‏

وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ على التَّرَاخِي على الصَّحِيحِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُطْعِمُ ما يُجْزِئُ كَفَّارَةً وَيَجُوزُ الْإِطْعَامُ قبل الْقَضَاءِ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ قال الْمَجْدُ الْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهُ عِنْدَنَا مُسَارَعَةً إلَى الْخَيْرِ وَتَخَلُّصًا من آفَاتِ التَّأْخِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عليه وَإِنْ مَاتَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ في التَّلْخِيصِ رِوَايَةً يُطْعِمُ عنه كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ الصَّوْمُ عنه أو التَّكْفِيرُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ أخره ‏[‏أخر‏]‏ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَمَاتَ قبل رَمَضَانَ آخَرَ أُطْعِمَ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ‏.‏

أَنَّهُ لَا يُصَامُ عنه وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ في جَوَابِ من قال الْعِبَادَةُ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فقال لَا نُسَلِّمُ بَلْ النِّيَابَةُ تَدْخُلُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ إذَا وَجَبَتْ وَعَجَزَ عنها بَعْدَ الْمَوْتِ‏.‏

وقال أَيْضًا فيه فَأَمَّا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ فَلَنَا رِوَايَةٌ أَنَّ الْوَارِثَ ينوب ‏[‏ينو‏]‏ عنه في جَمِيعِهَا في الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ انْتَهَى‏.‏

وَمَالَ النَّاظِمُ إلَى جَوَازِ صَوْمِ رَمَضَانَ عنه بَعْدَ مَوْتِهِ فقال لو قيل بِهِ لم أَبْعُدْ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَلَوْ أَخَّرَهُ لَا لِعُذْرٍ فتوفى قبل رَمَضَانَ آخَرَ أُطْعِمَ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ وَالْمُخْتَارُ الصِّيَامُ عنه انْتَهَى‏.‏

وقال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَيَصِحُّ قَضَاءُ نَذْرٍ قُلْت وَفَرْضٍ عن مَيِّتٍ مُطْلَقًا كَاعْتِكَافٍ انْتَهَى‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ تَبَرَّعَ بِصَوْمِهِ عَمَّنْ لَا يُطِيقُهُ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ أو عن مَيِّتٍ وَهُمَا مُعْسِرَانِ يَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ من الْمَالِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ فَهَلْ يُطْعَمُ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ أو اثْنَانِ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَحَكَاهُمَا في الْفَائِقِ رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا قال الزَّرْكَشِيُّ فَوَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يُطْعَمُ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ فَقَطْ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَمَالَ إلَيْهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَالشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُطْعَمُ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينَانِ لِاجْتِمَاعِ التَّأْخِيرِ وَالْمَوْتِ بَعْدَ التَّفْرِيطِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَقْضِي من أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا بِلَا عُذْرٍ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وقال لَا تَصِحُّ عنه وقال ليس في الْأَدِلَّةِ ما يُخَالِفُ هذا وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا الْإِطْعَامُ يَكُونُ من رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهِ أو لم يُوصِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يُجْزِئُ صَوْمُ كَفَّارَةٍ عن مَيِّتٍ وَإِنْ أَوْصَى بِهِ نَصَّ عليه وَإِنْ كان مَوْتُهُ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عليه وَقُلْنَا الِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ أُطْعِمَ عنه ثَلَاثَةُ مَسَاكِينَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ من كَفَّارَةٍ أُطْعِمَ عنه أَيْضًا نَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أو حَجٌّ أو اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فَعَلَهُ عنه وَلِيُّهُ‏.‏

إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ مَنْذُورٌ فَعَلَهُ عنه وَلِيُّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَاخْتَارَ ابن عقيل أَنَّ صَوْمَ النَّذْرِ عن الْمَيِّتِ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ على ما سَبَقَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يَجُوزُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ عنه في يَوْمٍ وَاحِدٍ وَيُجْزِئ عِدَّتُهُمْ من الْأَيَّامِ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قال في الْفُرُوعِ هو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عن طَاوُسٍ‏.‏

وَحَمَلَ الْمَجْدُ ما نَقَلَ عن أَحْمَدَ على صَوْمِ شرطه ‏[‏شرط‏]‏ التَّتَابُعِ وَتَعْلِيلُ الْقَاضِي يَدُلُّ عليه

‏.‏

وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يَصُومُ وَاحِدٌ قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ فمنع ‏[‏فمع‏]‏ الِاشْتِرَاكِ كَالْحَجَّةِ الْمَنْذُورَةِ تَصِحُّ النِّيَابَةُ فيها من وَاحِدٍ لَا من جَمَاعَةٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ غَيْرُ الْوَلِيِّ بِإِذْنِهِ وَبِدُونِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ منهم الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنِهِ وَذَكَرَ الْمَجْدُ أَنَّهُ ظَاهِرُ نَقْلِ حَرْبٍ يَصُومُ أَقْرَبُ الناس إلَيْهِ ابْنُهُ أو غَيْرُهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ يَلْزَمُ من الِاقْتِصَارِ على النَّصِّ أَنَّهُ لَا يُصَامُ بِإِذْنِهِ‏.‏

فائدتان‏:‏

الْأُولَى قَوْلُهُ فَعَلَهُ عنه وَلِيُّهُ‏.‏

يُسْتَحَبُّ لِلْوَلِيِّ فِعْلُهُ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كان له تركه وَجَبَ فِعْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ لِلْوَلِيِّ الصَّوْمُ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ‏.‏

إلَى من يَصُومُ عنه من تَرِكَتِهِ عن كل يَوْمٍ مِسْكِينًا وَجَزَمَ بِهِ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فَإِنْ لم يَكُنْ له تركه لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ

‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَمَعَ امْتِنَاعِ الْوَلِيِّ من الصَّوْمِ يَجِبُ إطْعَامُ مِسْكِينٍ من مَالِ الْمَيِّتِ عن كل يَوْمٍ وَمَعَ صَوْمِ الْوَرَثَةِ لَا يَجِبُ‏.‏

وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في مَسْأَلَةِ من نَذَرَ صَوْمًا يَعْجِزُ عنه أَنَّ صَوْمَ النَّذْرِ لَا إطْعَامَ فيه بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ رَمَضَانَ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ ولم أَجِدْ في كَلَامِهِ خِلَافَهُ وقال الْمَجْدُ لم يذكر الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا امْتَنَعُوا يَلْزَمُهُمْ اسْتِنَابَةٌ وَلَا إطْعَامٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا كَفَّارَةَ مع الصَّوْمِ عنه أو الْإِطْعَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الصَّوْمَ عنه بَدَلٌ مجزىء ‏[‏مجزئ‏]‏ عنه بِلَا كَفَّارَةٍ‏.‏

وَأَوْجَبَ في الْمُسْتَوْعِبِ الْكَفَّارَةَ قال كما لو عَيَّنَ بِنَذْرِهِ صَوْمَ شَهْرٍ فلم يَصُمْهُ فإنه يَجِبُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ قال في الرِّعَايَةِ إنْ لم يَقْضِهِ عنه وَرَثَتُهُ أو غَيْرُهُمْ أُطْعِمَ عنه من تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ فَقِيرٌ مع كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَإِنْ قَضَى كَفَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَعَنْهُ مع الْعُذْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ‏.‏

تنبيهات‏:‏

الْأَوَّلُ هذا التَّفْرِيعُ كُلُّهُ فِيمَنْ أَمْكَنَهُ صَوْمُ ما نَذَرَهُ فلم يَصُمْهُ حتى مَاتَ فَأَمَّا إنْ أَمْكَنَهُ صَوْمُ بَعْضِ ما نَذَرَهُ قضي عنه ما أَمْكَنَهُ صَوْمُهُ فَقَطْ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَه ابن عقيل أَيْضًا وَذَكَرَ الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ عن الْمَيِّتِ أَنَّ من نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ وهو مَرِيضٌ وَمَاتَ قبل الْقُدْرَةِ عليه يَثْبُتُ الصِّيَامُ في ذِمَّتِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إمْكَانُ أَدَائِهِ وَيُخَيَّرُ وَلِيُّهُ بين أَنْ يَصُومَ عنه أو يُنْفِقَ على من يَصُومُ عنه‏.‏

وَاخْتَارَ الْمَجْدُ أَنَّهُ يقضى عن الْمَيِّتِ ما تَعَذَّرَ فِعْلُهُ بِالْمَرَضِ دُونَ الْمُتَعَذِّرِ بِالْمَوْتِ وقال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ وَأَمَّا الْمَنْذُورَاتُ فَفِي اشْتِرَاطِ التَّمَكُّنِ لها من الْأَدَاءِ وَجْهَانِ‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ هل يقضى الصَّائِمُ الْفَائِتَ بِالْمَرَضِ خَاصَّةً أو الْفَائِتَ بِالْمَرَضِ وَالْمَوْتِ على وَجْهَيْنِ‏.‏

الثَّانِي هذا كُلُّهُ إذَا كان النَّذْرُ في الذِّمَّةِ فَأَمَّا إنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ قبل دُخُولِهِ لم يَصُمْ ولم يَقْضِ عنه قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ وَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَإِنْ مَاتَ في أَثْنَائِهِ سَقَطَ بَاقِيهِ فَإِنْ لم يَصُمْهُ لِمَرَضٍ حتى انْقَضَى ثُمَّ مَاتَ في مَرَضِهِ فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيمَا إذَا كان في الذِّمَّةِ‏.‏

هذه أَحْكَامُ من مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ نَذْرٍ وَأَمَّا من مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ مَنْذُورٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ وَلِيَّهُ يَفْعَلُهُ عنه وَيَصِحُّ منه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ وفي الرِّعَايَةِ قَوْلُ لَا يَصِحُّ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لَا يُعْتَبَرُ تَمَكُّنُهُ من الْحَجِّ في حَيَاتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وهو أَصَحُّ وقال الْقَاضِي في خِلَافِهِ في الْفَقِيرِ إذَا نَذَرَ الْحَجَّ ولم يَمْلِكْ بَعْدَ النَّذْرِ زَادًا وَلَا رَاحِلَةً حتى مَاتَ لَا يُقْضَى عنه كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ‏.‏

قال الْمَجْدُ وَعَلَيْهِ قِيَاسُ كل صُورَةٍ مَاتَ قبل التَّمَكُّنِ كَاَلَّذِي يَمُوتُ قبل مَجِيءِ الْوَقْتِ أو عِنْدَ خَوْفِ الطَّرِيقِ قال وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ هل هو في حَجَّةِ الْفَرْضِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ في الذِّمَّةِ أو لِلُزُومِ الْأَدَاءِ‏.‏

الثَّانِيَةُ حُكْمُ الْعُمْرَةِ الْمَنْذُورَةِ حُكْمُ الْحَجِّ الْمَنْذُورِ إذَا مَاتَ وَهِيَ عليه‏.‏

الثَّالِثَةُ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عنه حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ بِلَا نِزَاعٍ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَه ابن عقيل وَالْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ‏.‏

وَيَأْتِي ذلك في كِتَابِ الْحَجِّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ له الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ على التَّرِكَةِ وكذا لو أَعْتَقَ عنه في نَذْرٍ أو أَطْعَمَ عنه في كَفَّارَةٍ إذَا قُلْنَا يَصِحُّ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ في ضِمْنِ تَعْلِيلِ الْقَاضِي‏.‏

وَأَمَّا إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُفْعَلُ عنه نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَل ابن إبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي لِأَهْلِهِ أَنْ يَعْتَكِفُوا عنه وَحَكَى في الرِّعَايَةِ قَوْلًا لَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتَكِفَ عنه قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ على هذا أَنْ يُخْرَجَ عنه كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُطْعَمَ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لم يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ حتى مَاتَ فَالْخِلَافُ السَّابِقُ كَالصَّوْمِ‏.‏

وَقِيلَ يَقْضِي وَقِيلَ لَا فَعَلَيْهِ يَسْقُطُ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

اعْلَمْ أَنَّ في نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ كما حَكَيْته في الْمَتْنِ هَكَذَا وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أو حَجٌّ أو اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فَلَفْظَةُ مَنْذُورٌ مُؤَخَّرَةٌ عن الِاعْتِكَافِ وَهَكَذَا في نُسَخٍ قُرِئَتْ على الْمُصَنِّفِ فَغَيَّرَ ذلك بَعْضُ أَصْحَابِ الْمُصَنِّفِ الْمَأْذُونُ له بِالْإِصْلَاحِ فقال وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ مَنْذُورٌ أو حَجٌّ أو اعْتِكَافٌ فَعَلَهُ عنه وَلِيُّهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ لفظه مَنْذُورٌ لَا يَخْلُو من حَالَيْنِ إمَّا أَنْ يُعِيدَهُ إلَى الثَّلَاثَةِ أو إلَى الْأَخِيرِ وهو الِاعْتِكَافُ وَعَلَى كِلَيْهِمَا يَحْصُلُ في الْكَلَامِ خَلَلٌ لِأَنَّهُ لو عَادَ إلَى الِاعْتِكَافِ فَقَطْ بَقِيَ الصَّوْمُ مُطْلَقًا وَالْوَلِيُّ لَا يَفْعَلُ الْوَاجِبَ بِالشَّرْعِ من الصَّوْمِ وَإِنْ عَادَ إلَى الثَّلَاثَةِ بَقِيَ الْحَجُّ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ مَنْذُورًا وَلَا يُشْتَرَطُ ذلك لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَفْعَلُ الْحَجَّ الْوَاجِبَ بِالشَّرْعِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ غَيَّرَ‏.‏

وَلَا يُقَالُ إذَا قَدَّمْنَا لَفْظَةَ مَنْذُورٌ على الْحَجِّ وَالِاعْتِكَافِ يَبْقَى الِاعْتِكَافُ مُطْلَقًا لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ وَاجِبًا إلَّا بِالنَّذْرِ‏.‏

قُلْت وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ على صِفَةِ ما قَالَهُ من غَيْرِ تَغْيِيرٍ أَوْلَى وَلَا يَرِدُ على الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ لِأَنَّ مُرَادَهُ هُنَا النِّيَابَةُ في الْمَنْذُورَاتِ لَا غَيْرُ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الصَّلَاةَ الْمَنْذُورَةَ وَالصَّوْمَ الْمَنْذُورَ فَكَذَا الِاعْتِكَافُ وَالْحَجُّ وَأَمَّا كَوْنُ الْحَجِّ إذَا كان وَاجِبًا بِالشَّرْعِ يُفْعَلُ فَهَذَا مُسَلَّمٌ وقد صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في كِتَابِ الْحَجِّ فقال وَمَنْ وَجَبَ عليه الْحَجُّ فَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ أُخْرِجَ عنه من جَمِيعِ مَالِهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَهَذَا وَاضِحٌ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ غَالِبُ الْأَصْحَابِ مِثْلَ ما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا فَيَذْكُرُونَ الصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالِاعْتِكَافَ الْمَنْذُورَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كانت عليه صَلَاةٌ مَنْذُورَةٌ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ وَالشَّارِحُ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُفْعَلُ عنه وهو الْمَذْهَبُ وعنه ‏[‏وبه‏]‏ حرب وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي قال الْقَاضِي اختارها أبو بَكْرٍ وَالْخِرَقِيُّ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرُهُمَا وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُفْعَلُ عنه نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عن أَحْمَدَ قال ابن منجا في شَرْحِهِ وَهِيَ أَصَحُّ قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ لَا يُفْعَلُ في الْأَشْهَرِ قال في نَظْمِ النِّهَايَةِ لَا يُفْعَلُ في الْأَظْهَرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بها‏.‏

تنبيهات‏:‏

أَحَدُهَا قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ يُطْلِقُ ذِكْرَ الْوَارِثُ هُنَا وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ هو الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَكَذَلِكَ قال الْخِرَقِيُّ هو الْوَارِثُ من الْعَصَبَةِ‏.‏

الثَّانِي هذه الْأَحْكَامُ كُلُّهَا وهو الْقَضَاءُ إذَا كان النَّاذِرُ قد تَمَكَّنَ من الْأَدَاءِ فَأَمَّا إذَا لم يَتَمَكَّنْ من الْأَدَاءِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّمَكُّنُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ‏.‏

الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُفْعَلُ غَيْرُ ما ذَكَرَ من الطَّاعَاتِ الْمَنْذُورَةِ عن الْمَيِّتِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ لِاقْتِصَارِهِمْ على ذلك وقال في الْإِيضَاحِ من نَذَرَ طَاعَةً فَمَاتَ فُعِلَتْ وقال الْخِرَقِيُّ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ فَمَاتَ قبل أَنْ يَأْتِيَ بِهِ صَامَ عنه وَرَثَتُهُ من أَقَارِبِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ ما كان من نَذْرٍ وَطَاعَةٍ وَكَذَا قال في الْعُمْدَةِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يَصِحُّ أَنْ يُفْعَلَ عنه كُلُّ ما كان عليه من نَذْرٍ وَطَاعَةٍ إلَّا الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا على رِوَايَتَيْنِ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قِصَّةُ سَعْدِ بن عُبَادَةَ تَدُلُّ على أَنَّ كُلَّ نَذْرٍ يُقْضَى وكذا تَرْجَمَ عليها في كِتَابِهِ الْمُنْتَقَى بِقَضَاءِ كل الْمَنْذُورَاتِ عن الْمَيِّتِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ لَا تُفْعَلُ طَهَارَةٌ مَنْذُورَةٌ عنه مع لُزُومِهَا بِالنَّذْرِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في فِعْلِهَا عن الْمَيِّتِ وَلُزُومِهَا بِالنَّذْرِ ما سَبَقَ في صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ هل هِيَ مَقْصُودَةٌ في نَفْسِهَا أَمْ لَا مع أَنَّ قِيَاسَ عَدَمِ فِعْلِ الْوَلِيِّ لها أَنْ لَا تُفْعَلَ بِالنَّذْرِ وَإِنْ لَزِمَتْ الطَّهَارَةُ لَزِمَ فِعْلُ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا بها كَنَذْرِ‏.‏

الْمَشْيِ إلَى الْمَسْجِدِ يَلْزَمُ تَحِيَّةُ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ على ما يَأْتِي في النَّذْرِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الطَّوَافَ الْمَنْذُورَ كَالصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ‏.‏

بَابُ‏:‏ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

قَوْلُهُ وَأَفْضَلُهُ صَوْمُ دَاوُد عليه السَّلَامُ كان يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه وكان أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ من الْأَصْحَابِ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَظَاهِرُ حَالِهِ أَنَّ سَرْدَ الصَّوْمِ أَفْضَلُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ صَوْمُ الدَّهْرِ إذَا دخل فيه يومي ‏[‏يوما‏]‏ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بَلْ عليه الْأَصْحَابُ وَعَبَّرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بِالْكَرَاهَةِ وَمُرَادُهُمَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا وهو وَاضِحٌ‏.‏

وَإِنْ أَفْطَرَ أَيَّامَ النَّهْيِ جَازَ صَوْمُهُ ولم يُكْرَهْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ نَقَلَ صَالِحٌ إذَا أَفْطَرَهَا رَجَوْت أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ وَاخْتَارَ الْكَرَاهَةَ الْمُصَنِّفُ وهو رِوَايَةُ الأثرم ‏[‏الأثر‏]‏‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الصَّوَابُ قَوْلُ من جَعَلَهُ تَرْكًا لِلْأَوْلَى أو كَرَاهَةً‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ أَيَّامِ الْبِيضِ من كل شَهْرٍ‏.‏

هذا بِلَا نِزَاعٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ من كل شَهْرٍ وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ نَصَّ عليه فَإِنَّهَا أَفْضَلُ نَصَّ عليه وَسُمِّيَتْ بَيْضَاءَ لِابْيِضَاضِهَا لَيْلًا بِالْقَمَرِ وَنَهَارًا بِالشَّمْسِ وَهَذَا الصَّحِيحُ‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ في كِتَابِهِ اللَّطِيفُ الذي لَا يَسَعُ جَهْلُهُ إنَّمَا سُمِّيَتْ بَيْضَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَ فيها على آدَمَ وَبَيَّضَ صَحِيفَتَهُ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ من شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ‏.‏

أَنَّ الْأَوْلَى مُتَابَعَةُ السِّتِّ إذْ الْمُتَابَعَةُ ظَاهِرُهَا التَّوَالِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ من الْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ حُصُولُ فَضِيلَتِهَا بِصَوْمِهَا مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً ذَكَرَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبُ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحُ وَالْمُحَرَّرُ وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ لِإِطْلَاقِهِمْ صومها ‏[‏صوما‏]‏ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ فَرَّقَهَا جَازَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ قال في اللَّطَائِفِ هذا قَوْلُ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْأَصْحَابِ التَّتَابُعَ وَأَنْ يَكُونَ عَقِيبَ الْعِيدِ قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا أَظْهَرُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ لِمَا فيه من الْمُسَارَعَةِ إلَى الْخَيْرِ وَإِنْ حَصَلَتْ الْفَضِيلَةُ بِغَيْرِهِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْفَضِيلَةَ لَا تَحْصُلُ بِصِيَامِ السِّتَّةِ في غَيْرِ شَوَّالٍ وهو صَحِيحٌ وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تَحْصُلُ الْفَضِيلَةُ بِصَوْمِهَا في غَيْرِ شَوَّالٍ وقال في الْفَائِقِ وَلَوْ كانت من غَيْرِ شَوَّالٍ فَفِيهِ نَظَرٌ‏.‏

قُلْت وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِفَضِيلَةِ رَمَضَانَ لِكَوْنِهِ حَرِيمَهُ لَا لِكَوْنِ الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَلِأَنَّ الصَّوْمَ فيه يُسَاوِي رَمَضَانَ في فَضِيلَةِ الْوَاجِبِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَحْصِيلُ فَضِيلَتِهَا لِمَنْ صَامَهَا وَقَضَى رَمَضَانَ وقد أَفْطَرَهُ لِعُذْرٍ قال وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ وما ظَاهِرُهُ خِلَافُهُ خَرَجَ على الْغَالِبِ الْمُعْتَادِ انْتَهَى قُلْت وهو حَسَنٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَيَوْمُ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ قال ابن هُبَيْرَةَ أَمَّا كَوْنُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِسَنَتَيْنِ فَفِيهِ وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَمَّا كان يَوْمُ عَرَفَةَ في شَهْرٍ حَرَامٍ بين شَهْرَيْنِ حَرَامَيْنِ كَفَّرَ سَنَةً قَبْلَهُ وَسَنَةً بَعْدَهُ‏.‏

وَالثَّانِي إنَّمَا كان لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وقد وُعِدَتْ في الْعَمَلِ بِأَجْرَيْنِ‏.‏

وَإِنَّمَا كَفَّرَ عَاشُورَاءُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ لِأَنَّهُ تَبِعَهَا وَجَاءَ بَعْدَهَا وَالتَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَا مَضَى لَا لِمَا يَأْتِي‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كان بِعَرَفَةَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَفِطْرُهُ أَفْضَلُ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كان بِعَرَفَةَ إلَّا لِمَنْ يُضَعِّفُهُ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عن أَحْمَدَ مثله‏.‏

وَقِيلَ يُكْرَهُ صِيَامُهُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُسْتَثْنَى من ذلك إذَا عَدِمَ الْمُتَمَتِّعُ وَالْقَارِنُ الْهَدْيَ فإنه يَصُومُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً في الْحَجِّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ آخِرُهَا يوم عَرَفَةَ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وهو الْمَشْهُورُ عن أَحْمَدَ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْفِدْيَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

عَدَمُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِهِ لِتَقَوِّيهِ على الدُّعَاءِ قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَنْ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ‏.‏

فائدتان‏:‏

الْأُولَى سُمِّيَ يوم عَرَفَةَ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فيه وَقِيلَ لِأَنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ بِإِبْرَاهِيمَ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فلما أتى عَرَفَةَ قال عَرَفْت قال عَرَفْت وَقِيلَ لِتَعَارُفِ حَوَّاءَ وَآدَمَ بها‏.‏

الثَّانِيَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّ يوم التَّرْوِيَةِ في حَقِّ الْحَاجِّ ليس كَيَوْمِ عَرَفَةَ في عَدَمِ الصَّوْمِ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْحَاجِّ الْفِطْرُ يوم التَّرْوِيَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ بِهِمَا انْتَهَى‏.‏

وسمى يَوْمُ التَّرْوِيَةِ لِأَنَّ عَرَفَةَ لم يَكُنْ بها مَاءٌ وَكَانُوا يَرْتَوُونَ من الْمَاءِ إلَيْهَا وَقِيلَ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَأَى لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ الْأَمْرَ بِذَبْحِ ابْنِهِ فَأَصْبَحَ يَتَرَوَّى هل هو من اللَّهِ أو حُلْمٌ فلما رَآهُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ عَرَفَ أَنَّهُ من اللَّهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَأَفْضَلُهُ يَوْمُ التَّاسِعِ وهو يَوْمُ عَرَفَةَ ثُمَّ يَوْمُ الثَّامِنِ وهو يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَآكَدُ الْعَشْرِ الثَّامِنُ ثُمَّ التَّاسِعُ‏.‏

قُلْت وهو خَطَأٌ وقال في الْفُرُوعِ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ آكَدُهُ الثَّامِنُ ثُمَّ التَّاسِعُ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ من قَوْلِهِ في الْهِدَايَةِ آكَدُهُ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَعَرَفَةَ‏.‏

قَوْلُهُ وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ‏.‏

قال عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ‏:‏ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ جَوْفُ اللَّيْلِ وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ على ظَاهِرِهِ وقال لَعَلَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لم يَلْتَزِمْ الصَّوْمَ فيه لِعُذْرٍ أو لم يَعْلَمْ فَضْلَهُ إلَّا أَخِيرًا انْتَهَى‏.‏

وَحَمَلَه ابن رجب في لَطَائِفِهِ على أَنَّ صِيَامَهُ أَفْضَلُ من التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ بِالصِّيَامِ‏.‏

بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ جَوْفُ اللَّيْلِ قال وَلَا شَكَّ أَنَّ الرَّوَاتِبَ أَفْضَلُ فَمُرَادُهُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ في الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالتَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ وقال صَوْمُ شَعْبَانَ أَفْضَلُ من صَوْمِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّهُ كَالرَّاتِبَةِ مع الْفَرَائِضِ قال فَظَهَرَ أَنَّ فَضْلَ التَّطَوُّعِ ما كان قَرِيبًا من رَمَضَانَ قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ وَذَلِكَ مُلْتَحِقٌ بِصِيَامِ رَمَضَانَ لِقُرْبِهِ منه وهو أَظْهَرُ انْتَهَى‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى أَفْضَلُ الْمُحَرَّمِ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ وهو يَوْمُ عَاشُورَاءَ ثُمَّ التَّاسِعُ وهو تَاسُوعَاءُ ثُمَّ الْعَشْرُ الْأُوَلُ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْعَاشِرِ بِالصِّيَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقد أَمَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بصومهما ‏[‏بصومها‏]‏ وَوَافَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وقال مُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُكْرَهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ لم يَجِبْ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ قبل فَرْضِ رَمَضَانَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ منهم الْقَاضِي قال الْمَجْدُ هو الْأَصَحُّ من قَوْلِ أَصْحَابِنَا‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ كان وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَحَكَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في تَحْرِيمِ إفْرَادِهِ وَجْهَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ من كَرَاهَةِ أَحْمَدَ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ غَيْرِ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ وهو صَحِيحٌ لَا نِزَاعَ فيه قال الْمَجْدُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْفِطْرِ من رَجَبٍ وَلَوْ يَوْمًا أو بِصَوْمِ شَهْرٍ آخَرَ من السَّنَةِ قال الْمَجْدِ وَإِنْ لم يَلِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ لم يذكر أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابَ صَوْمِ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَاسْتَحْسَنَه ابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ قال ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَشَعْبَانَ كُلِّهِ وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وقال آكَدُ شَعْبَانَ يَوْمُ النِّصْفِ وَاسْتَحَبَّ الْآجُرِّيُّ صَوْمَ شَعْبَانَ ولم يذكر غَيْرَهُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ نِزَاعٌ قِيلَ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَقِيلَ يُكْرَهُ فيفطر ‏[‏يفطر‏]‏ نَاذِرُهُمَا بَعْضَ رَجَبٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ‏.‏

يَعْنِي يُكْرَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه قال الْمَجْدُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا وقال الْآجُرِّيُّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا أُحِبُّ أَنْ يَتَعَهَّدَهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ وَجْهًا

‏.‏

قَوْلُهُ وَيَوْمِ السَّبْتِ‏.‏

يَعْنِي يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ صِيَامُهُ مُفْرَدًا وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّهُ الذي فَهِمَهُ الْأَثْرَمُ من رِوَايَتِهِ وَأَنَّ الحديث شَاذٌّ أو مَنْسُوخٌ وقال هذه طَرِيقَةُ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الَّذِينَ صَحِبُوهُ كَالْأَثْرَمِ وَأَبِي دَاوُد وَأَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا فَهِمَ من كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْأَخْذَ بِالْحَدِيثِ انْتَهَى ولم يذكر الْآجُرِّيُّ كَرَاهَةً غير صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَظَاهِرُهُ لَا يُكْرَهُ غَيْرُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَوْمِ الشَّكِّ‏.‏

يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ صَوْمُهُ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ يوم الشَّكِّ فَتَارَةً يَصُومُهُ لِكَوْنِهِ وَافَقَ عَادَتَهُ‏.‏

وَتَارَةً يَصُومُهُ مَوْصُولًا قَبْلَهُ وَتَارَةً يَصُومُهُ عن قَضَاءِ فَرْضٍ وَتَارَةً يَصُومُهُ عن نَذْرٍ مُعَيَّنٍ أو مُطْلَقٍ وَتَارَةً يَصُومُهُ بِنِيَّةِ الرَّمَضَانِيَّةِ احْتِيَاطًا وَتَارَةً يَصُومُهُ تَطَوُّعًا من غَيْرِ سَبَبٍ فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ‏.‏

إحْدَاهَا إذَا وَافَقَ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ عَادَتَهُ فَهَذَا لَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ وقد اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ في كَلَامِهِ بَعْدَ ذلك‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا صَامَهُ مَوْصُولًا بِمَا قَبْلَهُ من الصَّوْمِ فَإِنْ كان مَوْصُولًا بِمَا قبل النِّصْفِ فَلَا يُكْرَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ وَصَلَهُ بِمَا بَعْدَ النِّصْفِ لم يُكْرَهْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ يُكْرَهُ وَمَبْنَاهُمَا على جَوَازِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَنَصَّ عليه وَإِنَّمَا يُكْرَهُ تَقَدُّمُ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أو يَوْمَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ يُكْرَهُ بَعْدَ النِّصْفِ اخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَمَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ إلَى تَحْرِيمِ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أو يَوْمَيْنِ‏.‏

الثَّالِثَةُ إذَا صَامَهُ عن قَضَاءِ فَرْضٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ صَوْمُهُ قَضَاءً جَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ في الْإِيضَاحِ وابن هُبَيْرَةَ في الْإِفْصَاحِ وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ فيها قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ طَرْدُهُ في كل وَاجِبٍ لِلشَّكِّ في بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ‏.‏

الرَّابِعَةُ إذَا وَافَقَ نَذْرٌ مُعَيَّنٌ يوم الشَّكِّ أو كان النَّذْرُ مُطْلَقًا لم يُكْرَهْ صَوْمُهُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

الْخَامِسَةُ إذَا صَامَهُ بِنِيَّةِ الرَّمَضَانِيَّةِ احْتِيَاطًا كُرِهَ صَوْمُهُ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

السَّادِسَةُ إذَا صَامَهُ تَطَوُّعًا من غَيْرِ سَبَبٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ يُكْرَهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا قال في الْكَافِي قَالَهُ أَصْحَابُنَا قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالْأَكْثَرِينَ وقال الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَقِيلَ يَحْرُمُ صَوْمُهُ فَلَا يَصِحُّ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي وَمَالَ إلَيْهِ فيه وَاخْتَارَه ابن البنا وأبو الْخَطَّابِ في عِبَادَاتِهِ الْخَمْسِ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ وجزم بِه ابن الزاغوني وَغَيْرُهُ وَمَالَ إلَيْهِ في الْفُرُوعِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ‏.‏

السَّابِعَةُ يَوْمُ الشَّكِّ هو يَوْمُ الثَّلَاثِينَ من شَعْبَانَ إذَا لم يَكُنْ في السَّمَاءِ عِلَّةٌ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ ولم يَتَرَاءَى الناس الْهِلَالَ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أو شَهِدَ بِهِ من رُدَّتْ شَهَادَتُهُ قال الْقَاضِي أو كان في السَّمَاءِ عِلَّةٌ وَقُلْنَا لَا يَجِبُ صَوْمُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَوْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ‏.‏

يَعْنِي يُكْرَهُ صَوْمُهُمَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَ الْمَجْدُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُمْ لَا يُعَظِّمُونَهُمَا بِالصَّوْمِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها قال الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَمَنْ تَبِعَهُمَا وَعَلَى قِيَاسِ كَرَاهَةِ صَوْمِهِمَا كُلُّ عِيدٍ لِلْكُفَّارِ أو يَوْمٌ يُفْرِدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَجُوزُ تخصيص صَوْمُ أَعْيَادِهِمْ‏.‏

وَمِنْهَا النَّيْرُوزُ وَالْمِهْرَجَانُ عِيدَانِ لِلْكُفَّارِ قال الزَّمَخْشَرِيُّ النَّيْرُوزُ الشَّهْرُ الثَّالِثُ من الرَّبِيعِ وَالْمِهْرَجَانُ الْيَوْمُ السَّابِعُ من الْخَرِيفِ‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ الْوِصَالُ وهو أَنْ لَا يُفْطِرَ بين الْيَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَاخْتَارَه ابن البنا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي وَأَوْمَأَ إلَى إبَاحَتِهِ لِمَنْ يُطِيقُهُ وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِأَكْلِ تَمْرَةٍ وَنَحْوِهَا وكذا بِمُجَرَّدِ الشُّرْبِ على ظَاهِرِ ما رَوَاهُ الْمَرُّوذِيُّ عنه وَلَا يُكْرَهُ الْوِصَالُ إلَى السَّحَرِ نَصَّ عليه ولكن ‏[‏ولكنه‏]‏ تَرْكُ الْأَوْلَى وهو تَعْجِيلُهُ الْفِطْرَ‏.‏

وَمِنْهَا هل يَجُوزُ لِمَنْ عليه صَوْمُ فَرْضٍ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ قَبْلَهُ فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وقال في الْحَاوِيَيْنِ لم يَصِحَّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ قَدَّمَهُ في النَّظْمِ قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ جَازَ على الْأَصَحِّ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو عَدَمُ الْجَوَازِ فَهَلْ يُكْرَهُ الْقَضَاءُ في عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَمْ لَا يُكْرَهُ فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ‏.‏

وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَتَابَعَهُ في‏.‏

الْفُرُوعِ وقال هذه الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَهَذَا أَقْوَى عِنْدِي قال في الْفُرُوعِ لِأَنَّا إذَا حَرَّمْنَا التَّطَوُّعَ قبل الْفَرْضِ كان أَبْلَغَ من الْكَرَاهَةِ فَلَا تَصِحُّ تَفْرِيعًا عليه انْتَهَى‏.‏

وَلَنَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى قَالَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَهِيَ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ جَوَازِ التَّطَوُّعِ قبل صَوْمِ الْفَرْضِ لم يُكْرَهْ الْقَضَاءُ في عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِئَلَّا يَخْلُوَ من الْعِبَادَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ كُرِهَ الْقَضَاءُ فيها لِتَوْفِيرِهَا على التَّطَوُّعِ لِبَيَانِ فَضْلِهِ فيها مع فَضْلِ الْقَضَاءِ قال في الْمُغْنِي قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَيُبَاحُ قَضَاءُ رَمَضَانَ في عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وقال في الْكُبْرَى أَيْضًا وَيَحْرُمُ نَفْلُ الصَّوْمِ قبل قَضَاءِ فَرْضِهِ لِحُرْمَتِهِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ يَجُوزُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو اجْتَمَعَ ما فُرِضَ شَرْعًا وَنُذِرَ بدىء ‏[‏بدئ‏]‏ بِالْمَفْرُوضِ شَرْعًا إنْ كان لَا يُخَافُ فَوْتُ الْمَنْذُورِ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُهُ بدىء ‏[‏بدئ‏]‏ بِهِ وَيُبْدَأُ بِالْقَضَاءِ أَيْضًا إنْ كان النَّذْرُ مُطْلَقًا‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ عن فَرْضٍ وَلَا تَطَوُّعٍ وَإِنْ قَصَدَ صِيَامَهُمَا كان عَاصِيًا ولم يُجْزِهِ عن فَرْضٍ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ عن فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاه ابن المنذر إجْمَاعًا وَعَنْهُ يَصِحُّ عن فَرْضٍ نَقَلَهُ مُهَنَّا في قَضَاءِ رَمَضَانَ وفي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ يَصِحُّ عن نَذْرِهِ الْمُعَيَّنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا بِلَا نِزَاعٍ وفي صَوْمِهَا عن الْفَرْضِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ وَشَرْح ابن منجا هُنَا وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي قال في الْمُبْهِجِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ التي ذَهَبَ إلَيْهَا أَحْمَدُ أَخِيرًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ صَوْمِ النَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ عن أَحْمَدَ جَوَازَ صَوْمِهَا عن دَمِ الْمُتْعَةِ خَاصَّةً قال الزَّرْكَشِيُّ خَصَّ بن أبي مُوسَى الْخِلَافَ بِدَمِ الْمُتْعَةِ وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابن عقيل تَخْصِيصُ الرِّوَايَةِ بِصَوْمِ الْمُتْعَةِ وهو ظَاهِرُ الْعُمْدَةِ فإنه قال وَنَهَى عن صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَّا أَنَّهُ أَرْخَصَ في صَوْمِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ إذَا لم يَجِدْ هَدْيًا وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ‏.‏

قُلْت وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ الْفِدْيَةِ أنها تُصَامُ عن دَمِ الْمُتْعَةِ إذَا عَدِمَ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ في بَابِ أَقْسَامِ النُّسُكِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في آخِرِ بَابِ الْإِحْرَامِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ في بَابِ الْفِدْيَةِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ وَالنَّاظِمُ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ دخل في صَوْمٍ أو صَلَاةِ تَطَوُّعٍ اُسْتُحِبَّ له إتْمَامُهُ ولم يَجِبْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْ أَحْمَدَ يَجِبُ إتْمَامُ الصَّوْمِ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ ذَكَرَه ابن البنا وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَنَقَلَ حَنْبَلٌ في الصَّوْمِ إنْ أَوْجَبَهُ على نَفْسِهِ فَأَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ أَعَادَ قال الْقَاضِي أَيْ نَذْرَهُ وَخَالَفَه ابن عقيل وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ في النَّفْلِ وقال تَفَرَّدَ بِهِ حَنْبَلٌ وَجَمِيعُ الْأَصْحَابِ نَقَلُوا عنه لَا يقضى وفي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا رِوَايَةٌ في الصَّوْمِ لَا يقضى الْمَعْذُورُ‏.‏

وَعَنْهُ يَلْزَمُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ قال الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْمَجْدُ مَالَ إلَى ذلك أبو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ وقال الصَّلَاةُ ذَاتُ إحْرَامٍ وَإِحْلَالٍ كَالْحَجِّ قال الْمَجْدُ وَالرِّوَايَةُ التي حَكَاهَا ابن البنا في الصَّوْمِ تَدُلُّ على عَكْسِ هذا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ وَعَلَّلَ رِوَايَةَ لُزُومِهِ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يَجِبُ بِإِفْسَادِهَا الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى فَلَزِمَتْ بِالشُّرُوعِ كَالْحَجِّ قال وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ التَّسْوِيَةُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْسَدَهُ فَلَا قَضَاءَ عليه‏.‏

هذا مَبْنِيٌّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ وَلَكِنْ يُكْرَهُ خُرُوجُهُ منه بِلَا عُذْرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُكْرَهُ خُرُوجُهُ يَتَوَجَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَّا لِعُذْرٍ وَإِلَّا كُرِهَ في الْأَصَحِّ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى هل يُفْطِرُ لِضَيْفِهِ قال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَصَائِمٍ دُعِيَ يَعْنِي إلَى وَلِيمَةٍ وقد صَرَّحَ الْأَصْحَابُ في الِاعْتِكَافِ يُكْرَهُ تَرْكُهُ بِلَا عُذْرٍ

‏.‏

الثَّانِيَةُ لم يذكر أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ سِوَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وقال في الْكَافِي وَسَائِرُ التَّطَوُّعَاتِ من الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ وَغَيْرِهِمَا كَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقِيلَ الِاعْتِكَافُ كَالصَّوْمِ على الْخِلَافِ يَعْنِي إذَا دخل في الِاعْتِكَافِ وقد نَوَاهُ مُدَّةً لَزِمَتْهُ وَيَقْضِيهَا ذَكَرَه ابن عبد البر إجْمَاعًا وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ كَلَامَ بن عبد الْبَرِّ في ادِّعَائِهِ الْإِجْمَاعَ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو نَوَى الصَّدَقَةَ بِمَالٍ مُقَدَّرٍ وَشَرَعَ في الصَّدَقَةِ بِهِ فَأَخْرَجَ بَعْضَهُ لم يَلْزَمْهُ الصَّدَقَةُ بِبَاقِيهِ إجْمَاعًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَلَوْ شَرَعَ في صَلَاةِ تَطَوُّعٍ قَائِمًا لم يَلْزَمْهُ إتْمَامُهَا قَائِمًا بِلَا خِلَافٍ في الْمُذْهَبِ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ أَنَّ الطَّوَافَ كَالصَّلَاةِ في الْأَحْكَامِ إلَّا فِيمَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَالصَّلَاةِ هُنَا قال وَيَتَوَجَّهُ على كل حَالٍ إنْ نَوَى طَوَافَ شَوْطٍ أو شَوْطَيْنِ أَجْزَأَ وَلَيْسَ من شَرْطِهِ تَمَامُ الْأُسْبُوعِ كَالصَّلَاةِ‏.‏

الرَّابِعَةُ لَا تَلْزَمُ الصَّدَقَةُ وَالْقِرَاءَةُ وَالْأَذْكَارُ بِالشُّرُوعِ‏.‏

وَأَمَّا نَفْلُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَيَأْتِي حُكْمُهُ في آخِرِ بَابِ الْفِدْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ ثُمَّ فَعَلَ مَحْظُورًا فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ‏.‏

الْخَامِسَةُ لو دخل في وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ كُلِّهِ قبل رَمَضَانَ وَالْمَكْتُوبَةِ في أَوَّلِ وَقْتِهَا وَغَيْرِ ذلك كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَكَفَّارَةٍ إنْ قُلْنَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا حَرُمَ خُرُوجُهُ منه بِلَا عُذْرٍ قال الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِ خِلَافٍ قال الْمَجْدُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا فَلَوْ خَالَفَ وَخَرَجَ فَلَا شَيْءَ عليه غير ما كان عليه قبل شُرُوعِهِ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُكَفِّرُ إنْ أَفْسَدَ قَضَاءَ رَمَضَانَ‏.‏

قَوْلُهُ وَتُطْلَبُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ في الْعَشْرِ الْأَخِيرِ من رَمَضَانَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ منهم الْمُصَنِّفُ في الْعُمْدَةِ وَالْهَادِي وقال في الْكَافِي وَالْمُغْنِي تُطْلَبُ في جَمِيعِ رَمَضَانَ قال الشَّارِحُ يُسْتَحَبُّ طَلَبُهَا في جَمِيعِ لَيَالِي رَمَضَانَ وفي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ آكَدُ وفي لَيَالِي الْوَتْرِ آكَدُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت يَحْتَمِلُ أَنْ تُطْلَبَ في النِّصْفِ الْأَخِيرِ منه لِأَحَادِيثَ وَرَدَتْ في ذلك وهو مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ من الصَّحَابَةِ خُصُوصًا لَيْلَةَ سَبْعَةَ عَشَرَ لَا سِيَّمَا إذَا كانت لَيْلَةَ جُمُعَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَيَالِي الْوَتْرِ آكَدُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَ الْمَجْدُ أَنَّ كُلَّ الْعَشْرِ سَوَاءٌ‏.‏

فائدة‏:‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْوَتْرُ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَتُطْلَبُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ إلَى آخِرِهِ وَيَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْبَاقِي لِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى فإذا كان الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ يَكُونُ ذلك لَيَالِيَ لِأَشْفَاعٍ فَلَيْلَةُ الثَّانِيَةِ تَاسِعَةٌ تَبْقَى وَلَيْلَةُ الرَّابِعَةِ سَابِعَةٌ تَبْقَى كما فَسَّرَهُ أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وإن ‏[‏ولمن‏]‏ كان الشَّهْرُ نَاقِصًا كان التَّارِيخُ بِالْبَاقِي كَالتَّارِيخِ بِالْمَاضِي‏.‏

قَوْلُهُ وَأَرْجَاهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وقال الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَأَرْجَاهَا الْوَتْرُ من لَيَالِي الْعَشْرِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَقِيلَ أَرْجَاهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وقال في الْكَافِي أَيْضًا وَالْأَحَادِيثُ تَدُلُّ على أنها تَنْتَقِلُ في لَيَالِي الْوَتْرِ قال ابن هُبَيْرَةَ في الْإِفْصَاحِ الصَّحِيحُ عِنْدِي أنها تَنْتَقِلُ في أَفْرَادِ الْعَشْرِ فإذا اتَّفَقَتْ لَيَالِي الْجَمْعِ في الْأَفْرَادِ فَأَجْدَرُ وَأَخْلَقُ أَنْ تَكُونَ فيها وقال غَيْرُهُ تَنْتَقِلُ في الْعَشْرِ الأخير ‏[‏الأخيرة‏]‏ وَحَكَاه ابن عبد البر عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ الذي لَا شَكَّ فيه‏.‏

وقال الْمَجْدُ ظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ أنها لَيْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ‏.‏

فَعَلَى هذا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قبل مُضِيِّ لَيْلَةِ أَوَّلِ الْعَشْرِ وَقَعَ الطَّلَاقُ في اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَإِنْ مَضَى منه لَيْلَةٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ في لَيْلَةِ حَلِفِهِ فيها‏.‏

وَعَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا تَنْتَقِلُ في الْعَشْرِ إنْ كان قبل مُضِيِّ لَيْلَةٍ منه وَقَعَ الطَّلَاقُ في اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَإِنْ كان مَضَى منه لَيْلَةٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ في اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ من الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ قال الْمَجْدُ وَيَتَخَرَّجُ حُكْمُ الْعِتْقِ وَالْيَمِينِ على مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ‏.‏

قُلْت هو الصَّوَابُ‏.‏

قُلْت تَلَخَّصَ لنا في الْمَذْهَبِ عِدَّةُ أَقْوَالٍ‏.‏

وقد ذَكَرَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ النَّاقِدُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بن حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِلْعُلَمَاءِ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ قَوْلًا وَذَكَرَ أَدِلَّةَ كل قَوْلٍ أَحْبَبْت أَنْ أَذْكُرَهَا هُنَا ملخصه فَأَقُولُ‏.‏

قِيلَ وَقَعَتْ خَاصَّةً بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَعَتْ في زَمَنِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ خَاصَّةٌ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ مُمْكِنَةٌ في جَمِيعِ السَّنَةِ تَنْتَقِلُ في جَمِيعِ السَّنَةِ لَيْلَةُ النِّصْفِ‏.‏

من شَعْبَانَ مُخْتَصَّةٌ بِرَمَضَانَ مُمْكِنَةٌ في جَمِيعِ لَيَالِيِهِ أَوَّلُ لَيْلَةٍ منه لَيْلَةُ النِّصْفِ منه لَيْلَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ‏.‏

قُلْت أو إنْ كانت لَيْلَةَ جُمُعَةٍ ذَكَرَهُ في اللَّطَائِفِ‏.‏

ثَمَانِ عَشْرَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ حَادِي عِشْرِينَ ثَانِي عِشْرِينَ ثَالِثُ عِشْرِينَ رَابِعُ عِشْرِينَ خَامِسُ عِشْرِينَ سَادِسُ عِشْرِينَ سَابِعُ عِشْرِينَ ثَامِنُ عِشْرِينَ تَاسِعُ عِشْرِينَ ثَلَاثِينَ أَرْجَاهَا لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ تَنْتَقِلُ في جَمِيعِ رَمَضَانَ في النِّصْفِ الْأَخِيرِ في الْعَشْرِ الْأَخِيرِ كُلِّهِ في أَوْتَارِ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِثْلُهُ بِزِيَادَةِ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ في السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ وَهَلْ هِيَ اللَّيَالِي السَّبْعُ من آخِرِ الشَّهْرِ أو في آخِرِ سَبْعٍ من الشَّهْرِ مُنْحَصِرَةٌ في السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ منه في أَشْفَاعِ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَالْعَشْرُ الْأَخِيرُ مُبْهَمَةٌ في الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ أو آخِرُ لَيْلَةٍ أو أَوَّلُ لَيْلَةٍ أو تَاسِعُ لَيْلَةٍ أو سَابِعَ عَشْرَةَ أو إحْدَى وَعِشْرِينَ أو آخِرُ لَيْلَةٍ في سَبْعٍ أو ثَمَانٍ من أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي لَيْلَةُ سِتَّ عَشْرَةَ أو سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ أو تِسْعَ عَشْرَةَ أو إحْدَى وَعِشْرِينَ لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ أو إحْدَى وَعِشْرِينَ أو ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ أو ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ أو خَمْسٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ أو ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ أو سَبْعٍ وَعِشْرِينَ الثَّالِثَةُ من الْعَشْرِ الْأَخِيرِ أو الْخَامِسَةُ منه‏.‏

وَزِدْنَا قَوْلًا على ذلك‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو نَذَرَ قِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ قام الْعَشْرَ كُلَّهُ وَإِنْ كان نَذَرَهُ في أَثْنَاءِ الْعَشْرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الطَّلَاقِ على ما تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ في النُّذُورِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يُسَنُّ أَنْ يَنَامَ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ نَصَّ عليه‏.‏

الثَّالِثَةُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ إجْمَاعًا وَعَنْهُ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ ذَكَرَهَا ابن عقيل قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتِيَارُ بن بَطَّةَ وَأَبِي الْحَسَنِ الْجَوْزِيِّ وَأَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِأَفْضَلِ الْأَيَّامِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ أَفْضَلُ في حَقِّهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ من لَيْلَةِ الْقَدْرِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ إجْمَاعًا‏.‏

وقال يَوْمُ النَّحْرِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ وكذا ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ في صَلَاةِ الْعِيدِ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ أبو حَكِيمٍ أَنَّ يوم عَرَفَةَ أَفْضَلُ قال وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ هذه الْأَيَّامَ أَفْضَلُ من غَيْرِهَا وَيَتَوَجَّهُ على اخْتِيَارِ شَيْخِنَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ يَوْمُ الْقَرِّ الذي يَلِيهِ‏.‏

قال في الْغُنْيَةِ إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ من الْأَيَّامِ أَرْبَعَةً الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى وَعَرَفَةَ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَاخْتَارَ منها يوم عَرَفَةَ‏.‏

وقال أَيْضًا إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لِلْحُسَيْنِ الشَّهَادَةَ في أَشْرَفِ الْأَيَّامِ وَأَعْظَمِهَا وَأَجَلِّهَا وَأَرْفَعِهَا عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً‏.‏

الرَّابِعَةُ قال في الْفُرُوعِ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ على ظَاهِرِ ما في الْعُمْدَةِ وَغَيْرِهَا وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا قد يُقَالُ ذلك وقد يُقَالُ لَيَالِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ وَأَيَّامُ ذلك أَفْضَلُ قال وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِوُجُوهٍ وَذَكَرَهَا‏.‏

الْخَامِسَةُ رَمَضَانُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَذَكَرَه ابن شهاب فِيمَنْ زَالَ عُذْرُهُ وَذَكَرُوا أَنَّ الصَّدَقَةَ فيه أَفْضَلُ‏.‏

وقال في الْغُنْيَةِ إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ من الشُّهُورِ أَرْبَعَةً رَجَبٌ وَشَعْبَانُ وَرَمَضَانُ‏.‏

وَالْمُحَرَّمُ وَاخْتَارَ منها شَعْبَانَ وَجَعَلَهُ شَهْرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَمَا أَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ فَشَهْرُهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

وقال ابن الْجَوْزِيِّ قال الْقَاضِي في قَوْله تَعَالَى ‏{‏منها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ‏}‏ إنَّمَا سَمَّاهَا حُرُمًا لِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فيها وَلِتَعْظِيمِ انْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ فيها أَشَدُّ من تَعْظِيمِهِ في غَيْرِهَا كَذَلِكَ تَعْظِيمُ الطَّاعَاتِ وَذَكَرَ ابن الْجَوْزِيِّ مَعْنَاهُ‏.‏