فصل: فوائد: (متفرقة في أحكام الحرم)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ

قَوْلُهُ فَمَنْ أَتْلَفَ من صَيْدِهِ شيئا فَعَلَيْهِ ما على الْمُحْرِمِ في مِثْلِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه وَقِيلَ يَلْزَمُ جَزَاءَانِ جَزَاءٌ لِلْحَرَمِ وَجَزَاءٌ لِلْإِحْرَامِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو أَتْلَفَ كَافِرٌ صَيْدًا في الْحَرَمِ ضَمِنَهُ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ في بَحْثِ مَسْأَلَةِ كَفَّارَةِ ظِهَارِ الذِّمِّيِّ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ وَبَنَاهُ بَعْضُهُمْ على أَنَّهُمْ هل هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا قال ‏[‏يقال‏]‏ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَلَيْسَ بِبِنَاءٍ جَيِّدٍ وهو كما قال‏.‏

الثَّانِيَةُ لو دَلَّ مُحِلٌّ حَلَالًا على صَيْدٍ في الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَاهُ مَعًا بِجَزَاءٍ وَاحِدٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ على الدَّالِّ في حِلٍّ بَلْ على الْمَدْلُولِ وَحْدَهُ كَحَلَالِ دَلَّ مُحْرِمًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى الْحَلَالُ من الْحِلِّ صَيْدًا في الْحَرَمِ أو أَرْسَلَ كَلْبَهُ عليه أو قَتَلَ صَيْدًا على غُصْنٍ في الْحَرَمِ أَصْلُهُ في الْحِلِّ أو أَمْسَكَ طَائِرًا في الْحِلِّ فَهَلَكَ فِرَاخُهُ في الْحَرَمِ ضَمِنَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَلَا يَضْمَنُ الْأُمَّ فِيمَا تَلِفَ فِرَاخُهُ في‏.‏

الْحَرَمِ قال في الْقَوَاعِدِ لو رَمَى الْحَلَالُ من الْحِلِّ صَيْدًا في الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِه ابن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ‏.‏

وَحَكَى الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ رِوَايَةً بِعَدَمِ الضَّمَانِ وهو ضَعِيفٌ وَلَا يَثْبُتُ عن أَحْمَدَ وَرَدُّوهُ لِوُجُوهٍ جَيِّدَةٍ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْقَاتِلَ حَلَالٌ في الْحِلِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ إلَّا أَنَّهُمَا اسْتَثْنَيَا إذَا هَلَكَ فِرَاخُ الطَّائِرِ الْمُمْسَكِ فَقَدَّمُوا الضَّمَانَ مُطْلَقًا‏.‏

قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ الضَّمَانُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو رَمَى الْحَلَالُ صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ قبل أَنْ يُصِيبَهُ ضَمِنَهُ وَلَوْ رَمَى الْمُحْرِمُ صَيْدًا ثُمَّ حَلَّ قبل الْإِصَابَةِ لم يَضْمَنْهُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ فِيهِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ في الْجِنَايَاتِ قال وَيَجِيءُ عليه قَوْلُ أَحْمَدَ إنَّهُ يَضْمَنُ في الْمَوْضِعَيْنِ قال في الْقَوَاعِدِ وَيَتَخَرَّجُ عَدَمُ الضَّمَانِ عليه‏.‏

الثَّانِيَةُ هل الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الرَّمْيِ أو بِحَالِ الْإِصَابَةِ فيه وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْإِصَابَةِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ فَلَوْ رَمَى بَيْنَهُمَا وهو مُحْرِمٌ فَوَقَعَ بِالصَّيْدِ وقد حَلَّ حَلَّ أَكْلُهُ وَلَوْ كان بِالْعَكْسِ لم يَحِلَّ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الرَّامِي وَالْمَرْمِيِّ قَالَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الصَّيْدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ من الْحَرَمِ صَيْدًا في الْحِلِّ بِسَهْمِهِ أو كَلْبِهِ أو صَيْدًا على غُصْنٍ في الْحِلِّ أَصْلُهُ في الْحَرَمِ أو أَمْسَكَ حَمَامَةً في الْحَرَمِ فَهَلَكَ فِرَاخُهَا في الْحِلِّ لم يَضْمَنْ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ‏.‏

في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَضْمَنُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا اعْتِبَارًا بِالْقَاتِلِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

قال في الْإِرْشَادِ فَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ في الْحَرَمِ فَاصْطَادَ في الْحِلِّ فَالْأَظْهَرُ عنه أَنْ لَا جَزَاءَ عليه وَقِيلَ عنه عليه الْجَزَاءُ قال وهو اخْتِيَارِيٌّ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ فِيمَا إذَا هَلَكَ فِرَاخُ الطَّائِرِ الْمُمْسَكِ‏.‏

وقال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَالْهَادِي وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ إلَّا ما تَقَدَّمَ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ في الطَّائِرِ على الْغُصْنِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ وقال أَيْضًا وَيَتَوَجَّهُ ضَمَانُ الْفِرَاخِ إذَا تَلِفَ في الْحِلِّ وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ كما تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ سَبَبُ تَلَفِهِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو فَرَّخَ الطَّيْرُ في مَكَان يَحْتَاجُ إلَى نَقْلِهِ عنه فَنَقَلَهُ فَهَلَكَ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ‏.‏

وَمِنْهَا لو كان بَعْضُ قَوَائِمِ الصَّيْدِ في الْحِلِّ وَبَعْضُهَا في الْحَرَمِ حَرُمَ قَتْلُهُ وَوَجَبَ الْجَزَاءُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ ولم يَثْبُتْ أَنَّهُ من صَيْدِ الْحَرَمِ‏.‏

وَمِنْهَا لو كان رَأْسُهُ في الْحَرَمِ وَقَوَائِمُهُ الْأَرْبَعَةُ في الْحِلِّ فقال الْقَاضِي يَخْرُجُ على الرِّوَايَتَيْنِ وَاقْتَصَرَ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى هُنَا عَدَمُ الضَّمَانِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَحَكَى في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ من الْحِلِّ على صَيْدٍ في الْحِلِّ فَقَتَلَ صَيْدًا في الْحَرَمِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالثَّانِي يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

وَعَنْهُ يَضْمَنُهُ إنْ رسله ‏[‏أرسله‏]‏ بِقُرْبِ الْحَرَمِ لِتَفْرِيطِهِ وَإِلَّا فَلَا وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وابن عَقِيلٍ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْخِلَافُ رِوَايَاتٌ عن أَحْمَدَ وَأَطْلَقَهُنَّ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ لو قَتَلَ الْكَلْبُ صَيْدًا غير الصَّيْدِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ لم يَضْمَنْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَعَنْهُ يَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الصَّيْدَ الْمَقْتُولَ في الْحَرَمِ غَيْرُ الصَّيْدِ الذي أَرْسَلَهُ عليه‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ الْأَصْحَابِ إنَّمَا يَحْكُونَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِيمَا إذَا قَتَلَ الصَّيْدَ المرسول ‏[‏المرسل‏]‏ عليه في الْحَرَمِ وَلَكِنْ صَرَّحَ في الْكَافِي بِالْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ‏.‏

قُلْت لَكِنْ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا قَتَلَ غير المرسول ‏[‏المرسل‏]‏ عليه أَوْلَى وَأَقْوَى‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَ ذلك بِسَهْمِهِ ضَمِنَهُ‏.‏

إن قَتَلَ السَّهْمُ صَيْدًا قَصَدَهُ وكان الصَّيْدُ في الْحَرَمِ فَقَدْ تَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا غير الذي قَصَدَهُ بِأَنْ شَطَحَ السَّهْمُ فَدَخَلَ الْحَرَمَ فَقَتَلَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْكَلْبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَالشَّارِحُ‏.‏

واما إذَا رَمَى صَيْدًا في الْحِلِّ فَقَتَلَهُ بِعَيْنِهِ في الْحَرَمِ فَهَذِهِ نَادِرَةُ الْوُقُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ يَضْمَنُهُ منهم ‏[‏منه‏]‏ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ في ذلك‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو دخل سَهْمُهُ وَكَلْبُهُ الْحَرَمَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَتَلَهُ في الْحِلِّ لم يَضْمَنْ وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدَ في الْحِلِّ فَتَحَامَلَ فَدَخَلَ الْحَرَمَ وَمَاتَ فيه حَلَّ أَكْلُهُ ولم يَضْمَنْ كما لو جَرَحَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ فَمَاتَ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ لِمَوْتِهِ في الْحَرَمِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ عليه الصَّيْدُ في هذه الْمَوَاضِعِ سَوَاءٌ ضَمِنَهُ أو لَا لِأَنَّهُ قُتِلَ في الْحَرَمِ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ تَلَفِهِ

‏.‏

قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ قَلْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ وَحَشِيشِهِ‏.‏

يَحْرُمُ قَلْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ إجْمَاعًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَلْعُ حَشِيشِهِ وَنَبَاتِهِ حتى السِّوَاكِ وَالْوَرَقِ‏.‏

إلَّا الْيَابِسَ فإنه مُبَاحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِمَا زَالَ بِغَيْرِ فِعْلِ آدَمِيٍّ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال الْمُصَنِّفُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا لِأَنَّ الْخَبَرَ في الْقَطْعِ انْتَهَى‏.‏

قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ لَا يَحْرُمُ عُودٌ وَوَرَقٌ زَالَا من شَجَرَةٍ أو زَالَتْ هِيَ بِلَا نِزَاعٍ فيه وما انْكَسَرَ ولم يَنْقَطِعْ فَهُوَ كَالظُّفُرِ الْمُنْكَسِرِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

الثَّانِيَةُ تُبَاحُ الْكَمْأَةُ وَالْفَقْعُ وَالتَّمْرَةُ كَالْإِذْخِرِ‏.‏

قَوْلُهُ وما زَرَعَهُ الْآدَمِيُّ‏.‏

ما زَرَعَهُ الْآدَمِيُّ من الْبُقُولِ وَالزَّرْعِ وَالرَّيَاحِينِ لَا يَحْرُمُ أَخْذُهُ وَلَا جَزَاءَ فيه بِلَا نِزَاعٍ وَلَا جَزَاءَ أَيْضًا فِيمَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّ من الشَّجَرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وابن إبْرَاهِيمَ وأبو طَالِبٍ وقد سُئِلَ عن الرَّيْحَانِ وَالْبُقُولِ في الْحَرَمِ فقال ما زَرَعْته أنت فَلَا بَأْسَ وما نَبَتَ فَلَا‏.‏

قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ له أَخْذَ جَمِيعِ ما زَرَعَهُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في كُتُبِ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ أَنْبَتَهُ كَالزَّرْعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَجَزَمَ بن الْبَنَّا في خِصَالِهِ بِالْجَزَاءِ في الشَّجَرِ لِلنَّهْيِ عن قَطْعِ شَجَرِهَا سَوَاءٌ أَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّ أو نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَنَسَبَه ابن منجا في شَرْحِهِ إلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَنُقِلَ عن الْقَاضِي أَنَّهُ قال ما أَنْبَتَهُ في الْحَرَمِ أَوَّلًا فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَإِنْ أَنْبَتَهُ في الْحِلِّ ثُمَّ غَرَسَهُ في الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ فيه‏.‏

وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي إنْ كان ما أَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّ من جِنْسِ شَجَرِهِمْ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالنَّخْلِ وَنَحْوِهَا لم يَحْرُمْ قِيَاسًا على ما أَنْبَتُوهُ من الزَّرْعِ وَالْأَهْلِيِّ من الْحَيَوَانِ‏.‏

تنبيه‏:‏

يَحْتَمِلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وما زَرَعَهُ الْآدَمِيُّ اخْتِصَاصَهُ بِالزَّرْعِ دُونَ الشَّجَرِ فَيَكُونُ مَفْهُومُ كَلَامِهِ تَحْرِيمَ قَطْعِ الشَّجَرِ الذي أَنْبَتَهُ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ كما جَزَمَ بِه ابن البنا قال ابن منجا في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ من إطْلَاقِ الزَّرْعِ ذلك انْتَهَى‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ على إطْلَاقِهِ فَيَعُمُّ الشَّجَرَ كما هو الْمَذْهَبُ‏.‏

قُلْت وهو أَقْرَبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَمَلُ بِالْعُمُومِ حتى يَقُومَ دَلِيلٌ على التَّخْصِيصِ لَا سِيَّمَا إذَا وَافَقَ الصَّحِيحَ وَلِأَنَّ ما من أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَلَكِنْ فيه تَجَوُّزٌ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ ما يُنْبِتُ الْآدَمِيُّونَ جِنْسَهُ كما اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَذَكَرَ هذه الِاحْتِمَالَاتِ الشَّارِحُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ إلَّا ما اسْتَثْنَيَاهُ فَلَا يُبَاحُ قَطْعُ الشَّوْكِ وَالْعَوْسَجِ وما فيه مَضَرَّةٌ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَشَجَرُ الْحَرَمِ وَنَبَاتُهُ مُحَرَّمٌ إلَّا الْيَابِسَ وَالْإِذْخِرَ وما زَرَعَهُ الْإِنْسَانُ أو غَرَسَهُ فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ‏.‏

قُلْت ثَبَتَ في الصَّحِيحَيْنِ لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ‏.‏

وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ وَاخْتَارَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ جَوَازَ قَطْعِ ذلك منهم الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لِأَنَّهُ يُؤْذِي بِطَبْعِهِ أَشْبَهَ السِّبَاعَ قال الزَّرْكَشِيُّ عليه جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي جَوَازِ الرَّعْيِ وَجْهَانِ‏.‏

أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ كَالْمُصَنِّفِ وَحَكَاهُ أبو الْحُسَيْنِ‏.‏

وَجَمَاعَةٌ رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا في كُتُبِ الْخِلَافِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَجَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ في الْمُنْتَخَبِ وَال

تنبيه‏:‏

وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ‏.‏

الْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ اخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَدْخَلَ بَهَائِمَهُ لِرَعْيِهِ أَمَّا إنْ أَدْخَلَهَا لِحَاجَةٍ لم يَضْمَنْهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاحْتِشَاشُ لِلْبَهَائِمِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقد مَنَعَ الْمُصَنِّفُ في أَوَّلِ الْبَابِ من الِاحْتِشَاشِ مُطْلَقًا وقال في الْمُسْتَوْعِبِ إنْ احْتَشَّهُ لِبَهَائِمِهِ فَهُوَ كَرَعْيِهِ وكذا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ إنَّ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ قَلَعَهُ ضَمِنَ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَقَرَةٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في كُتُبِ الْخِلَافِ‏.‏

وَعَنْهُ يَضْمَنُهَا بِبَدَنَةٍ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس‏.‏

في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الكبرى ‏[‏الصغرى‏]‏ وَالْفَائِقِ وَعَنْهُ يَضْمَنُهَا بِقِيمَتِهَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تُضْمَنُ بِشَاةٍ وَجَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في كُتُبِ الْخِلَافِ وَمِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَمِنْهُ يَضْمَنُهَا بِقِيمَتِهَا‏.‏

فائدة‏:‏

يَضْمَنُ الشَّجَرَةَ الْمُتَوَسِّطَةَ بِبَقَرَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ بِقِيمَتِهَا‏.‏

وَأَمَّا ضَمَانُ الْحَشِيشِ وَالْوَرَقِ بِقِيمَتِهِ فَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَنَصَّ عليه‏.‏

وَأَمَّا الْغُصْنُ فَيَضْمَنُ بِمَا نَقَصَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ ومسبوك ‏[‏مسبوك‏]‏ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُهُ بِنَقْصِ قِيمَةِ الشَّجَرَةِ وَعَنْهُ يَضْمَنُ الْغُصْنَ الْكَبِيرَ بِشَاةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ هو أو الْحَشِيشُ سَقَطَ الضَّمَانُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْح ابن منجا وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا قال في الْفُرُوعِ وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ بِاسْتِخْلَافِهِ في أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ هو الصَّحِيحُ عِنْدِي كَحَلْقِ الْمُحْرِمِ شَعْرًا ثُمَّ عَادَ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا إذَا نَتَفَ رِيشَهُ فَعَادَ في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ‏.‏

فوائد‏:‏ ‏[‏متفرقة في أحكام الحرم‏]‏

إحْدَاهَا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَقْطُوعِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه كَالصَّيْدِ وَقِيلَ يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُ قَاطِعِهِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قَلَعَ شَجَرًا من الْحَرَمِ فَغَرَسَهُ في الْحِلِّ لَزِمَهُ رَدُّهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أو يَبِسَ ضَمِنَهُ فَإِنْ رَدَّهُ وَثَبَتَ كما كان فَلَا شَيْءَ عليه وَإِنْ ثَبَتَ نَاقِصًا فَعَلَيْهِ ما نَقَصَ‏.‏

الثَّالِثَةُ إذَا لم يَجِدْ الْجَزَاءَ قَوَّمَهُ ثُمَّ صَامَ نَقَلَه ابن الْقَاسِمِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قال في الْفُصُولِ من لم يَجِدْ قَوَّمَ الْجَزَاءَ طَعَامًا كَالصَّيْدِ قال في الْوَجِيزِ وَيُخَيَّرُ بين إخْرَاجِ الْبَقَرَةِ وَبَيْنَ تَقْوِيمِهَا وَأَنْ يَفْعَلَ في ثَمَنِهَا كما قُلْنَا في جَزَاءِ الصَّيْدِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَمَنْ قَطَعَ غُصْنًا في الْحِلِّ أَصْلُهُ في الْحَرَمِ ضَمِنَهُ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وكذا لو كان بَعْضُهُ في الْحِلِّ وَبَعْضُهُ في الْحَرَمِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَهُ في الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ في الْحِلِّ لم يَضْمَنْهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْهَادِي‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُهُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وتصحيح ‏[‏وصحيح‏]‏ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُهُ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يُخْرَجُ من تُرَابِ الْحَرَمِ وَلَا يُدْخَلُ إلَيْهِ من الْحِلِّ وَلَا يُخْرَجُ من حِجَارَةِ مَكَّةَ إلَى الْحِلِّ وَالْخُرُوجُ أَشَدُّ وَاقْتَصَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ على كَرَاهَةِ إخْرَاجِهِ وَجَزَمَ في مَكَان آخَرَ بِكَرَاهَتِهِمَا وقال بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ إلَى حِلٍّ وفي إدْخَالِهِ إلَى الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ وقال في الْفُصُولِ لَا يَجُوزُ في تُرَابِ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ وَالْأَوْلَى أَنَّ تُرَابَ الْمَسْجِدِ أَكْرَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ لِلتَّبَرُّكِ وَلِغَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ يَحْرُمُ‏.‏

وَمِنْهَا لَا يُكْرَهُ إخْرَاجُ مَاءِ زَمْزَمَ قال أَحْمَدُ أَخْرَجَهُ كَعْبٌ ولم يَزِدْ على ذلك‏.‏

وَمِنْهَا حَدّ الْحَرَمِ من طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ بُيُوتِ السُّقْيَا وقال الْقَاضِي حَدُّهُ من طَرِيقِ الْمَدِينَةِ دُونَ التَّنْعِيمِ عِنْدَ بُيُوتِ نِفَارٍ على ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَمِنْ الْيَمَنِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ إضَاحَةِ أَضَاةٍ لِبْنٍ وَمِنْ الْعِرَاقِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ على ثَنِيَّةِ رِجْلٍ وهو جَبَلٌ بِالْمُنْقَطِعِ وَقِيلَ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ في شِعْبٍ ينسب ‏[‏ينتسب‏]‏ إلَى عبد اللَّه بن خَالِدِ بن أَسَدٍ وَمِنْ جَدَّةَ عَشَرَةُ أَمْيَالٍ‏.‏

عِنْدَ مُنْقَطِعِ الْأَعْشَاشِ وَمِنْ الطَّائِفِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ طَرَفِ عُرَنَةَ وَمِنْ بَطْنِ عُرَنَةَ أَحَدَ عَشَرَ مِيلًا‏.‏

قال ابن الْجَوْزِيِّ ويقال عِنْدَ أضاة لِبْنٍ مَكَانُ أضاحة لِبْنٍ قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا هو الْمَعْرُوفُ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ‏.‏

نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لَكِنْ لو فَعَلَ وَذَبَحَ صَحَّتْ تذكيته ‏[‏ذكيته‏]‏ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْقَاضِي في صِحَّتِهَا احْتِمَالَانِ وَالْمَنْعُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ الْآتِي وَغَيْرِهِ‏.‏

وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا إلَّا ما تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ من شَجَرِهَا لِلرَّحْلِ وَالْعَارِضَةِ وَالْقَائِمَةِ وَنَحْوِهَا كَالْوِسَادَةِ وَالْمَسْنَدِ وهو عُودُ الْبَكَرَةِ‏.‏

وَمِنْ حَشِيشِهَا لِلْعَلَفِ وَمَنْ أَدْخَل إلَيْهَا صَيْدًا فَلَهُ إمْسَاكُهُ‏.‏

وَهَذَا ما لَا أَعْلَمُ فيه نِزَاعًا وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ حُكْمُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ حُكْمُ حَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا سَبَقَ إلَّا في مَسْأَلَةِ من أَدْخَلَ صَيْدًا أو أَخَذَ ما تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ من الشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ أَدْخَلَ إلَيْهِ صَيْدًا فَلَهُ إمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ‏.‏

قد تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ في صِحَّةِ تَذْكِيَةِ الصَّيْدِ احْتِمَالَانِ وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا جَزَاءَ في صَيْدِ الْمَدِينَةِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ‏.‏

قُلْت منهم الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالْكَافِي وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ‏.‏

وَعَنْهُ جَزَاؤُهُ سَلَبُ الْقَاتِلِ لِمَنْ أَخَذَهُ وهو الْمَنْصُوصُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ في كُتُبِ الْخِلَافِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ وَحَنْبَلٌ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَشَرْح ابن منجا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا سَلَبُ الْقَاتِلِ ثِيَابُهُ قال جماعة ‏[‏الجماعة‏]‏ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالسَّرَاوِيلُ وقال في الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ وَالزِّينَةُ من السَّلَبِ كَالْمِنْطَقَةِ وَالسِّوَارِ وَالْخَاتَمِ وَالْجُبَّةِ قال وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ من آلَةِ الِاصْطِيَادِ لِأَنَّهَا آلَةُ الْفِعْلِ الْمَحْظُورِ كما قال في سَلَبِ الْمَقْتُولِ قال غَيْرُهُ وَلَيْسَتْ الدَّابَّةُ منه‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا لم يَسْلُبْهُ أَحَدٌ فإنه يَتُوبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا فَعَلَ‏.‏

قَوْلُهُ وَحَرَمُهَا ما بين ثَوْرٍ إلَى عَيْرٍ‏.‏

وهو ما بين لَابَتَيْهَا وَقَدْرُهُ بَرِيدٌ في بَرِيدٍ نَصَّ عليه قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قال أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ لَا يُعْرَفُ بها ثَوْرٌ وَلَا عَيْرٌ وَإِنَّمَا هُمَا جَبَلَانِ بِمَكَّةَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ أَرَادَ قَدْرَ ما بين ثَوْرٍ إلَى عَيْرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ جَبَلَيْنِ بِالْمَدِينَةِ وَسَمَّاهُمَا ثَوْرًا وَعَيْرًا تَجَوُّزًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وقال في الْمَطْلَعِ عَيْرٌ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ مَشْهُورٌ وقد أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ قال مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ ليس بِالْمَدِينَةِ عَيْرٌ وَلَا ثَوْرٌ‏.‏

وَأَمَّا ثَوْرٌ فَهُوَ جَبَلٌ بِمَكَّةَ مَعْرُوفٌ فيه الْغَارُ الذي تَوَارَى فيه رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وأبو بَكْرٍ رضي اللَّهُ عنه وقد صَحَّ عنه عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قال الْمَدِينَةُ حَرَمٌ ما بين عَيْرٍ إلَى ثَوْرٍ‏.‏

قال عِيَاضٌ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ في الْبُخَارِيِّ ذَكَرُوا عَيْرًا فَأَمَّا ثَوْرٌ فَمِنْهُمْ‏.‏

من كَنَّى عنه بِكَذَا وَمِنْهُمْ من تَرَكَ مَكَانَهُ بَيَاضًا لِأَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا ذِكْرَ ثَوْرٍ خَطَأً‏.‏

قال أبو عُبَيْدٍ أَصْلُ الحديث من عَيْرٍ إلَى أُحُدٍ وَكَذَا قال الْحَازِمِيُّ وَجَمَاعَةٌ وقال الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ وَقَدَّرُوا كما قَدَّرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قال في الْمَطْلَعِ وَهَذَا كُلُّهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ ثَوْرًا بِالْمَدِينَةِ وقد أخبرنا الْعَلَّامَةُ عَفِيفُ الدِّينِ عبد السَّلَامِ بن مَزْرُوعٍ الْبَصْرِيُّ قال صَحِبْت طَائِفَةً من الْعَرَبِ من بَنِي هَيْثَمٍ وَكُنْت إذَا صَحِبْت الْعَرَبَ أَسْأَلُهُمْ عَمَّا أَرَاهُ من جَبَلٍ أو وَادٍ وَغَيْرِ ذلك فَمَرَرْنَا بِجَبَلٍ خَلَفَ أُحُدٍ فَقُلْت ما يُقَالُ لِهَذَا الْجَبَلِ قالوا هذا جَبَلُ ثَوْرٍ فَقُلْت ما تَقُولُونَ قالوا هذا ثَوْرٌ مَعْرُوفٌ من زَمَنِ آبَائِنَا وَأَجْدَادِنَا فَنَزَلْت وَصَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى‏.‏

قال الْعَلَّامَةُ بن حَجَرٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أبو بَكْرِ بن حُسَيْنٍ الْمَرَاغِيُّ نزيل ‏[‏نزل‏]‏ الْمَدِينَةَ في مختصره ‏[‏مختصر‏]‏ لِأَخْبَارِ الْمَدِينَةِ أَنَّ خَلَفَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَنْقُلُونَ عن سَلَفِهِمْ أَنَّ خَلْفَ أُحُدٍ من جِهَةِ الشِّمَالِ جَبَلًا صَغِيرًا إلَى الْحُمْرَةِ بِتَدْوِيرٍ يُسَمَّى ثَوْرًا قال وقد تَحَقَّقْته بِالْمُشَاهَدَةِ انْتَهَى‏.‏

وقال الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِ أبي عُبَيْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ قال أخبرني الثِّقَةُ الْعَالِمُ عبد السَّلَامِ الْبَصْرِيُّ أَنَّ حَدَّ أُحُدٍ عن يَسَارِهِ جَانِحًا إلَى وَرَائِهِ جَبَلٌ صَغِيرٌ يُقَالُ له ثَوْرٌ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ تَكَرَّرَ سُؤَالُهُ عنه لِطَوَائِفَ من الْعَرَبِ الْعَارِفِينَ بِتِلْكَ الْأَرْضِ وما فيها من الْجِبَالِ فَكُلٌّ أَخْبَرَ أَنَّ ذلك الْجَبَلَ اسْمُهُ ثَوْرٌ وَتَوَارَدُوا على ذلك قال فَعَلِمْنَا أَنَّ ذِكْرَ ثَوْرٍ في الحديث صَحِيحٌ وَأَنَّ عَدَمَ عِلْمِ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ بِهِ لِعَدَمِ شُهْرَتِهِ وَعَدَمِ بَحْثِهِمْ عنه قال وَهَذِهِ

فائدة‏:‏

جَلِيلَةٌ انْتَهَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَحَرَمُهَا ما بين جَبَلَيْهَا وَقِيلَ كما بين ثَوْرٍ إلَى عَيْرٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَحَرَمُهَا ما بين لَابَتَيْهَا بَرِيدٌ في بَرِيدٍ نَصَّ عليه انْتَهَى‏.‏

وقد وَرَدَ أُحَرِّمُ ما بين لَابَتَيْهَا وفي رِوَايَةٍ ما بين جَبَلَيْهَا وفي رِوَايَةٍ ما بين مَأْزِمَيْهَا‏.‏

قال الْحَافِظُ الْعَلَّامَةُ بن حَجَرٍ في شَرْحِهِ رِوَايَةُ ما بين لَابَتَيْهَا أَرْجَحُ لِتَوَارُدِ الرِّوَايَةِ عليها وَرِوَايَةُ جَبَلَيْهَا لَا تُنَافِيهَا فَيَكُونُ عِنْدَ كل جَبَلٍ لَابَةٌ أو لَابَتَيْهَا من جِهَةِ الْجَنُوبِ وَالشِّمَالِ وجبليها من جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَعَاكَسَهُ في الْمَطْلَعِ‏.‏

وَأَمَّا رِوَايَةُ مَأْزِمَيْهَا فَالْمَأْزِمُ الْمَضِيقُ بين الْجَبَلَيْنِ وقد يُطْلَقُ على الْجَبَلِ نَفْسِهِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى مَكَّةُ أَفْضَلُ من الْمَدِينَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَأَخَذَهُ من رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وقد سُئِلَ عن الْجِوَارِ بِمَكَّةَ فقال كَيْفَ لنا بِهِ وقد قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّك لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَى اللَّهِ وَإِنَّك لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إلى وَعَنْهُ الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ اخْتَارَه ابن حامد وَغَيْرُهُ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ من مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ فَأَمَّا وهو فيها فَلَا وَاَللَّهِ وَلَا الْعَرْشُ وَحَمَلَتُهُ وَالْجَنَّةُ لِأَنَّ في الْحُجْرَةِ جَسَدًا لو وُزِنَ بِهِ لَرَجَحَ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ كَلَامُ الْأَصْحَابِ أَنَّ التُّرْبَةَ على الْخِلَافِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَضَّلَ التُّرْبَةَ على الْكَعْبَةِ إلَّا الْقَاضِي عِيَاضٌ ولم يَسْبِقْهُ أَحَدٌ‏.‏

وقال في الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ مَحَلُّ الْخِلَافِ في الْمُجَاوَرَةِ وَجَزَمُوا بِأَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ‏.‏

وَغَيْرِهَا في مَكَّةَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرٌ وَمَعْنَى ما جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ وَأَنَّ الْمُجَاوَرَةَ بِالْمَدِينَةِ أَفْضَلُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ وَيَجُوزُ لِمَنْ هَاجَرَ منها الْمُجَاوَرَةُ بها‏.‏

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنَّمَا كَرِهَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه الْجِوَارَ بِمَكَّةَ لِمَنْ هَاجَرَ منها قال في الْفُرُوعِ فَيُحْتَمَلُ الْقَوْلُ بِهِ فَيَكُونُ فيه رِوَايَتَانِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُجَاوَرَةُ في مَكَان يَتَمَكَّنُ فيه إيمَانُهُ وَتَقْوَاهُ أَفْضَلُ حَيْثُ كان انْتَهَى‏.‏

الثَّالِثَةُ تَضَاعُفُ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ بِمَكَانٍ أو زَمَانٍ فَاضِلٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وابن الْجَوْزِيِّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وقد سُئِلَ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ تُكْتَبُ السَّيِّئَةُ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ قال لَا إلَّا بِمَكَّةَ وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ ولم يذكر السَّيِّئَاتِ‏.‏

الرَّابِعَةُ لَا يَحْرُمُ صَيْدُ وَجٍّ وَشَجَرِهِ وهو وَادٍ بِالطَّائِفِ وَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد عن الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا‏:‏ «إنَّ صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهِهِ حَرَمٌ مَحْرَمٌ لِلَّهِ»‏.‏ لَكِنَّ الحديث ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ من النُّقَّادِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَيُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ صَيْدُ وَجٍّ وهو خَطَأٌ لَا شَكَّ فيه لِأَنَّ الْخِلَافَ الذي وَقَعَ بين الْعُلَمَاءِ إنَّمَا هو في إبَاحَتِهِ لِلْمُحِلِّ فَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يُبَاحُ له وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُبَاحُ وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يُبَاحُ له بِلَا نِزَاعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ‏.‏

تنبيه‏:‏ ظَاهِرُ قَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ‏.‏

أَنَّهُ سَوَاءً كان دُخُولُهَا لَيْلًا أو نَهَارًا أَمَّا دُخُولُهَا في النَّهَارِ فَمُسْتَحَبٌّ بِلَا نِزَاعٍ وَأَمَّا دُخُولُهَا في اللَّيْلِ فَمُسْتَحَبٌّ أَيْضًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وقد نَقَل ابن هَانِئِ لَا بَأْسَ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ من السُّرَّاقِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ دُخُولُهَا في اللَّيْلِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَحَبُّوا الدُّخُولَ نَهَارًا‏.‏

فائدة‏:‏

يُسْتَحَبُّ إذَا خَرَجَ من مَكَّةَ أَنْ يَخْرُجَ من الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى من كُدَى‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ من بَابِ بَنِي شَيْبَةَ‏.‏

أَنَّهُ لَا يقول حين دُخُولِهِ شيئا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الْهِدَايَةِ يقول عِنْدَ دُخُولِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ وَمِنْ اللَّهِ وَإِلَى اللَّهِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لنا أَبْوَابَ فَضْلِك انْتَهَى وقال في الرِّعَايَةِ يقول بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أَبْوَابَ فَضْلِك انْتَهَى‏.‏

قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ يقول إذَا أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ ما وَرَدَ في ذلك من الْأَحَادِيثِ وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ لَا يَسْتَحِبُّ قَوْلَ ذلك فإنه مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ إرَادَةِ دُخُولِ كل مَسْجِدٍ فَالْمَسْجِدُ الْعَتِيقُ بِطَرِيقِ أَوْلَى وَأَحْرَى وَإِنَّمَا سَكَتُوا عنه هُنَا اعْتِمَادًا على ما قَالُوهُ هُنَاكَ وَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ هُنَا ما هو مُخْتَصٌّ بِهِ هذا ما يَظْهَرُ‏.‏

قَوْلُهُ فإذا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ‏.‏

وَنَصَّ عليه وَقَوْلُهُ وَكَبَّرَ هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وفي الْهَادِي‏.‏

وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ وَيُهَلِّلُ أَيْضًا قال في النَّظْمِ وَكَبَّرَ وَمَجَّدَ وَجَزَمَ بِهِ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وقال في الْعُمْدَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ اللَّهَ وَوَحَّدَهُ وَدَعَا وَقِيلَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَدْعُو فَقَطْ‏.‏

وَمِنْهُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ لَا يَشْتَغِلُ بِدُعَاءٍ وَاقْتَصَرَ في الرَّوْضَةِ على قَوْلِ اللَّهُمَّ زِدْ هذا الْبَيْتَ إلَى قَوْلِ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا‏.‏

قَوْلُهُ يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ‏.‏

جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وقال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَجْهَرُ بِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عَدَمُ الْجَهْرِ بِذَلِكَ ولم أَرَ أَحَدًا قَدَّمَهُ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ قَالَا قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَهُمَا وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَسْكُوتٌ عنها عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَبَعْضُهُمْ قال يَجْهَرُ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ إنْ كان مُعْتَمِرًا أو بِطَوَافِ الْقُدُومِ إنْ كان مُفْرِدًا أو قَارِنًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ أَعْنِي أَنَّهُ لَا يَبْتَدِئُ بِشَيْءٍ أَوَّلَ من الطَّوَافِ ما لم تَقُمْ الصَّلَاةُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ يَفْعَلُ ذلك بَعْدَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ قال في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَالطَّوَافُ تَحِيَّةُ الْكَعْبَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُسَمَّى طَوَافُ الْقَارِنِ وَالْمُفْرِدِ طَوَافَ الْقُدُومِ وَطَوَافَ الْوُرُودِ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَضْطَبِعُ بِرِدَائِهِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الأطباع ‏[‏الاضطباع‏]‏ يَكُونُ في جَمِيعِ الْأُسْبُوعِ وفي التَّرْغِيبِ رِوَايَةً يَكُونُ الأطباع ‏[‏الاضطباع‏]‏ في رَمْلِهِ فَقَطْ وَقَالَهُ الْأَثْرَمُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ ولم يذكر بن الزَّاغُونِيُّ في مَنْسَكِهِ الأطباع ‏[‏الاضطباع‏]‏ إلَّا في طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَيُقَالُ في طَوَافِ الْوَدَاعِ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَبْتَدِئُ من الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَيُحَاذِيهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ‏.‏

إذَا حَاذَى الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ أَجْزَأَ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ حَاذَى بَعْضَ الْحَجَرِ بِكُلِّ بَدَنِهِ أَجْزَأَ أَيْضًا قَوْلًا وَاحِدًا لَكِنْ قال في أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ وَلْيَمُرَّ بِكُلِّ بَدَنِهِ وَإِنْ حَاذَى الْحَجَرَ أو بَعْضَهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ ذلك الشَّوْطُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ يَجْزِيهِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَحَّحَه ابن رزين في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ وَإِنْ شَقَّ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَإِنْ شَقَّ أَشَارَ إلَيْهِ‏.‏

خَيَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بين الِاسْتِلَامِ مع التَّقْبِيلِ وَبَيْنَ الِاسْتِلَامِ مع تَقْبِيلِ يَدِهِ وَبَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ ما مَعْنَاهُ إنَّهُ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ فَإِنْ شَقَّ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ فَإِنْ شَقَّ الِاسْتِلَامُ أَشَارَ إلَيْهِ فَجَعَلُوا ذلك مُرَتَّبًا‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ ثُمَّ اسْتَلَمَهُ بيده الْيُمْنَى نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَيَسْجُدُ عليه وَإِنْ‏.‏

شَاءَ قَبَّلَ يَدَهُ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ لَا بَأْسَ وقال الْقَاضِي فَظَاهِرُهُ لَا يُسْتَحَبُّ وقال في الرَّوْضَةِ هل يُقَبِّلُ يَدَهُ فيه خِلَافٌ بين أَصْحَابِنَا وَإِلَّا اسْتَلَمَهُ بِشَيْءٍ وَقَبَّلَهُ‏.‏

وفي الرَّوْضَةِ في تَقْبِيلِهِ الْخِلَافُ في الْيَدِ وَيُقَبِّلُهُ وَإِلَّا أَشَارَ إلَيْهِ بيده أو بِشَيْءٍ في الْأَصَحِّ انْتَهَى‏.‏

يَعْنِي لَا يُقَبِّلُ الْمُشَارَ بِهِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُ يَدَهُ كما لو عَسُرَ تَقْبِيلُهُ نَصَّ عليه‏.‏

وَإِنْ لَمَسَهُ بِشَيْءٍ في يَدِهِ فَقَبَّلَهُ فَإِنْ عَسُرَ لَمْسُهُ أَشَارَ إلَيْهِ بيده وَقَامَ نَحْوَهُ‏.‏

وَقِيلَ وَيُقَبِّلُهَا إذَنْ انْتَهَى‏.‏

فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا أَعْلَمُ له مُتَابِعًا وَلَعَلَّهُ أَرَادَ جَوَازَ هذه الصِّفَاتِ لَا الِاسْتِحْبَابَ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُ الْحَجَرِ بِوَجْهِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هو السُّنَّةُ وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيُّ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنَّهُمَا قَالَا فَإِنْ لم يُمْكِنْهُ اسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُهُ قام بِحِذَائِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ لَكِنْ هذا مَخْصُوصٌ بِصُورَةٍ وَكَذَا قَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ أَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يَجِبُ قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَهُ غير مُسْتَقْبِلٍ له كما في الطَّوَافِ مُحْدِثًا وَأَطْلَقَهُنَّ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

الثَّانِيَةُ الِاسْتِلَامُ هو مَسْحُ الْحَجَرِ بِالْيَدِ أو بِالْقُبْلَةِ من السَّلَامِ وهو التَّحِيَّةُ وَقِيلَ من السِّلَامِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ واحدها سَلِمَةٌ يَعْنِي بِفَتْحِ السِّينِ وَبِكَسْرِ اللَّامِ وَقِيلَ من الْمُسَالَمَةِ كَأَنَّهُ فَعَلَ ما يَفْعَلُهُ الْمُسَالِمُ‏.‏

وَقِيلَ الِاسْتِلَامُ أَنْ يحيى نَفْسَهُ عِنْدَ الْحَجَرِ بِالسَّلَامَةِ‏.‏

وَقِيلَ هو مَهْمُوزُ الْأَصْلِ مَأْخُوذٌ من الْمُلَاءَمَةِ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ وَقِيلَ من اللَّأْمَةِ وَهِيَ السِّلَاحُ كَأَنَّهُ حَصَّنَ نَفْسَهُ بِمَسِّ الْحَجَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم كُلَّمَا اسْتَلَمَهُ‏.‏

هَكَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ ولم يَذْكُرْهُ آخَرُونَ وزاد جَمَاعَةٌ على الْأَوَّلِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا إلَهَ الا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَيَجْعَلُ الْبَيْتَ عن يَسَارِهِ‏.‏

وَذَلِكَ لِيُقَرِّبَ جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ إلَيْهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذلك لِمَيْلِ قَلْبِهِ إلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْحَرَكَةُ الدَّوْرِيَّةُ يُعْتَمَدُ فيها الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فلما كان الْإِكْرَامُ في ذلك لِلْخَارِجِ جُعِلَ لِلْيُمْنَى‏.‏

قَوْلُهُ فإذا جاء على الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ‏.‏

جَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُقَبِّلُ يَدَهُ مع الِاسْتِلَامِ من غَيْرِ تَقْبِيلِ الرُّكْنِ وهو أَحَدُ الْأَقْوَالِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ يَسْتَلِمُهُ من غَيْرِ تَقْبِيلٍ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَى هذا الْأَصْحَابُ الْقَاضِي وَالشَّيْخَانِ وَجَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال الْخِرَقِيُّ وابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ وَيُقَبِّلُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وقال في الْمُذْهِبِ وفي تَقْبِيلِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَجْهَانِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ يَرْمُلُ في الثَّلَاثَةِ الْأُولَى‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ولم يَذْكُرْه ابن الزاغوني إلَّا في طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَنَفَاهُ في طَوَافِ الْوَدَاعِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو لم يَرْمُلْ فِيهِنَّ أو في بَعْضِهِنَّ لم يَقْضِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ لو تَرَكَ الرَّمَلَ وَالِاضْطِبَاعَ في هذا الطَّوَافِ أو لم يَسْعَ في طَوَافِ الْقُدُومِ أتى بِهِمَا في طَوَافِ الزِّيَارَةِ أو غَيْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ أَنَّهُ يَقْضِيهِ إذَا تَرَكَهُ عمدا ‏[‏عامدا‏]‏‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ قد يُحْمَلُ على اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو طَافَ رَاكِبًا لم يَرْمُلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وقال الْقَاضِي يَخُبُّ بِهِ مَرْكُوبُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ‏.‏

قَوْلُهُ وهو إسْرَاعُ الْمَشْيِ مع تَقَارُبِ الْخُطَى‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو كان قُرْبَ الْبَيْتِ زِحَامٌ فَظَنَّ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ لم يُؤْذِ أَحَدًا وَيُمْكِنُ الرَّمَلُ وَقَفَ لِيَجْمَعَ بين الرَّمَلِ وَالدُّنُوِّ من الْبَيْتِ وَإِنْ لم يَظُنَّ ذلك وَظَنَّ أَنَّهُ إذَا كان في حَاشِيَةِ الناس تَمَكَّنَ من الرَّمَلِ فَعَلَ وكان أَوْلَى من الدُّنُوِّ وَإِنْ كان لَا يَتَمَكَّنُ من الرَّمَلِ أَيْضًا أو يَخْتَلِطُ بِالنِّسَاءِ فَالدُّنُوُّ من الْبَيْتِ أَوْلَى وَالتَّأْخِيرُ لِلرَّمَلِ وَالدُّنُوِّ من الْبَيْتِ حتى يَقْدِرَ عليه أَوْلَى من عَدَمِ الرَّمَلِ وَالْبُعْدِ من الْبَيْتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في الْفُصُولِ لَا يَنْتَظِرُ الرَّمَلَ كما لَا يَتْرُكُ الصَّفَّ الْأَوَّلَ لِتَعَذُّرِ التَّجَافِي في الصَّلَاةِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَالْإِتْيَانُ بِهِ في الزِّحَامِ مع الْقُرْبِ وَإِنْ تَعَذَّرَ الرَّمَلُ أَوْلَى من الِانْتِظَارِ كَالتَّجَافِي في الصَّلَاةِ لَا يَتْرُكُ فَضِيلَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِهِ‏.‏

وقال في الْفُصُولِ أَيْضًا في فُصُولِ اللِّبَاسِ من صَلَاةِ الْخَوْفِ الْعَدْوُ في الْمَسْجِدِ على مِثْلِ هذا الْوَجْهِ مَكْرُوهٌ جِدًّا قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَيُتَوَجَّهُ تَرْكُ الْأُولَى‏.‏

قَوْلُهُ وَكُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ اسْتَلَمَهُمَا أو أَشَارَ إلَيْهِمَا‏.‏

يَعْنِي اسْتَلَمَهُمَا إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا أَشَارَ إلَيْهِمَا كُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ اسْتَلَمَهُ بِلَا نِزَاعٍ إنْ تَيَسَّرَ له وَإِلَّا أَشَارَ إلَيْهِ وَكُلَّمَا حَاذَى الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ اسْتَلَمَهُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ يَسْتَلِمُهُمَا كُلَّ مَرَّةٍ وَقِيلَ الْيَمَانِيَّ فَقَطْ‏.‏

قُلْت وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ جِدًّا‏.‏

وَقِيلَ يُقَبِّلُ يَدَهُ أَيْضًا كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا في أَوَّلِ طَوَافِهِ‏.‏

وقال الْخِرَقِيُّ وابن أبي مُوسَى يُقَبِّلُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ كما تَقَدَّمَ عنهما‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ عَسُرَ قَبَّلَ يَدَهُ فَإِنْ عَسُرَ لَمْسُهُ أَشَارَ إلَيْهِ وقال إنْ شَاءَ أَشَارَ إلَيْهِمَا‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وكلما ‏[‏كلما‏]‏ حَاذَاهُمَا فَعَلَ فِيهِمَا من الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ على ما ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا‏.‏

قَوْلُهُ وَيَقُولُ كُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ‏.‏

هَكَذَا قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ يُكَبِّرُ فَقَطْ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ يُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وقال يقول اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا يقول عِنْدَ الْحَجَرِ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في ابْتِدَاءِ أَوَّلِ الطَّوَافِ وهو قَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ إيمَانًا بِك إلَى آخِرِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَقُولُ كُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ أَنَّهُ يقول ذلك في كل طَوْفَةٍ إلَى فَرَاغِ الْأُسْبُوعِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يقول ذلك في أَشْوَاطِ الرَّمَلِ فَقَطْ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قَوْلُهُ وَيَقُولُ بين الرُّكْنَيْنِ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ يقول ذلك بين الرُّكْنَيْنِ آخِرَ طَوْفَةٍ وَتَبِعَهُ على ذلك في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ يقول بَعْدَ الذِّكْرِ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الْحَجَرِ في بَقِيَّةِ الرَّمَلِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَيَقُولُ في الْأَرْبَعَةِ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاعْفُ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ فلم يَخُصَّهَا بِالدُّعَاءِ بين الرُّكْنَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي سَائِرِ الطَّوَافِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال في الْمُحَرَّرِ يقول في بَقِيَّةِ الرَّمَلِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وفي الْأَرْبَعَةِ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ وَقَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيُكْثِرُ في بَقِيَّةِ رَمَلِهِ من الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَمِنْهُ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاهْدِ لِلطَّرِيقِ الْأَقْوَمِ وَتَقَدَّمَ ما قَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا في بَقِيَّةِ الرَّمَلِ وفي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْوَاطِ الْبَاقِيَةِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ في الدُّعَاءِ وَأَنْ يَقِفَ في كل شَوْطٍ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ وَالْمِيزَابِ وَعِنْدَ كل رُكْنٍ وَيَدْعُو وَذَكَرَ أَدْعِيَةً تَخُصُّ كُلَّ مَكَان من ذلك فَلْيُرَاجِعْهُ من أَرَادَهُ‏.‏

فائدة‏:‏

تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ لِلطَّائِفِ نَصَّ عليه وَتُسْتَحَبُّ أَيْضًا وَقَالَهُ الْآجُرِّيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَنَقَلَ أبو دَاوُد أَيُّهُمَا أَحَبُّ إلَيْك قال كُلٌّ‏.‏

وَعَنْهُ تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ قال في التَّرْغِيبِ لِتَغْلِيطِ الْمُصَلِّينَ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ليس له الْقِرَاءَةُ إذَا غَلَّطَ الْمُصَلِّينَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وقال أَيْضًا تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ فيه لَا الْجَهْرُ بها وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ صَلَاةٌ وَفِيهَا قِرَاءَةٌ وَدُعَاءٌ فَيَجِبُ كَوْنُهَا مِثْلَهَا‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جِنْسُ الْقِرَاءَةِ أَفْضَلُ من الطَّوَافِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَيْسَ في هذا الطَّوَافِ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَقِيلَ من تَرَكَ الرَّمَلَ وَالِاضْطِبَاعَ في هذا الطَّوَافِ أتى بِهِمَا في طَوَافِ الزِّيَارَةِ أو في غَيْرِهِ‏.‏

قال الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ لو تَرَكَ الرَّمَلَ في الْقُدُومِ أتى بِهِ في الزِّيَارَةِ وَلَوْ رَمَلَ في الْقُدُومِ ولم يَسْعَ عَقِبَهُ إذَا طَافَ لِلزِّيَارَةِ رَمَلَ‏.‏

ولم يذكر بن الزَّاغُونِيُّ في مَنْسَكِهِ الرَّمَلَ وَالِاضْطِبَاعَ إلَّا في طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَنَفَاهُمَا في طَوَافِ الْوَدَاعِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُسَنُّ الرَّمَلُ وَالِاضْطِبَاعُ لِلْحَامِلِ الْمَعْذُورِ على الصَّحِيحِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال الْآجُرِّيُّ يَرْمُلُ بِالْمَحْمُولِ انْتَهَى‏.‏

وَلَا يُسَنُّ الرَّمَلُ إذَا طَافَ أو سَعَى رَاكِبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قال الزَّرْكَشِيُّ أَظُنُّهُ في الْمُجَرَّدِ أو غَيْرِهِ يَجِبُ فيه‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ طَافَ رَاكِبًا أو مَحْمُولًا أَجْزَأَ عنه‏.‏

قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّ الطَّوَافَ يُجْزِئُ من الرَّاكِبِ مُطْلَقًا‏.‏

وَتَحْرِيرُ ذلك أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ رَكِبَ لِعُذْرٍ أو لَا فَإِنْ كان رَكِبَ لِعُذْرٍ أَجْزَأَ طَوَافُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كان لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْإِجْزَاءَ وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ اختارها أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالتَّلْخِيصِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُجْزِئُهُ وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن أَحْمَدَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي أَخِيرًا وَالشَّرِيفِ‏.‏

أبي جَعْفَرٍ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَعَنْهُ تُجْزِئُ وَعَلَيْهِ دَمٌ قال الزَّرْكَشِيُّ حَكَاهَا أبو مُحَمَّدٍ ولم أَرَهَا لِغَيْرِهِ بَلْ قد أَنْكَرَ ذلك أَحْمَدُ في رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ في الرَّدِّ على أبي حَنِيفَةَ قال طَافَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على بَعِيرِهِ وقال هو إذَا حُمِلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَلَا يَلْزَمُ من إنْكَارِهِ وَرَدِّهِ أَنْ لَا يَكُونَ نُقِلَ عنه وَالْمُجْتَهِدُ هذه صِفَتُهُ وَالنَّاقِلُ مُقَدَّمٌ على النَّافِي وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ إنَّمَا طَافَ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ على بَعِيرِهِ لِيَرَاهُ الناس‏.‏

قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ فَيَجِيءُ من هذا لَا بَأْسَ بِهِ من الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِيَرَاهُ الْجُهَّالُ‏.‏

فائدة‏:‏

السَّعْيُ رَاكِبًا كَالطَّوَافِ رَاكِبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ بِالْجَوَازِ لِعُذْرٍ وَلِغَيْرِ عُذْرٍ‏.‏

وَأَمَّا إذَا طِيفَ بِهِ مَحْمُولًا فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا‏.‏

وَتَحْرِيرُهُ إنْ كان لِعُذْرٍ أَجْزَأَ قَوْلًا وَاحِدًا بِشَرْطِهِ وَإِنْ كان لِغَيْرِ عُذْرٍ فَاَلَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قال ابن منجا هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُجْزِئُهُ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

وَلَمَّا قَدَّمَ في الْفُرُوعِ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ في الطَّوَافِ رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَحَكَى الْخِلَافَ قال وَكَذَا الْمَحْمُولُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَخِيرًا وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ كَالطَّوَافِ رَاكِبًا‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا طِيفَ بِهِ مَحْمُولًا لم يَخْلُ عن أَحْوَالٍ‏.‏

أَحَدُهَا أَنْ يَنْوِيَا جميعا عن الْمَحْمُولِ فَتَخْتَصُّ الصِّحَّةُ بِهِ‏.‏

الثَّانِي أَنْ يَنْوِيَا جميعا عن الْحَامِلِ فَيَصِحُّ له فَقَطْ بِلَا رَيْبٍ‏.‏

الثَّالِثُ نَوَى الْمَحْمُولَ عن نَفْسِهِ ولم يَنْوِ الْحَامِلُ شيئا فَيَصِحُّ عن الْمَحْمُولِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ لَا بُدَّ من نِيَّةِ الْحَامِلِ حَكَاهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

الرَّابِعُ عَكْسُهَا نَوَى الْحَامِلُ عن نَفْسِهِ ولم يَنْوِ الْمَحْمُولُ شيئا فَيَصِحُّ عن الْحَامِلِ‏.‏

الْخَامِسُ لم يَنْوِيَا شيئا فَلَا يَصِحُّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

السَّادِسُ نَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عن صَاحِبِهِ لم يَصِحَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

السَّابِعُ أَنْ يَقْصِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عن نَفْسِهِ فَيَقَعُ الطَّوَافُ عن الْمَحْمُولِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ وقال وَصِحَّةُ أَخْذِ الْحَامِلِ الْأُجْرَةَ تَدُلُّ على أَنَّهُ قَصَدَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَخْذُهَا عَمَّا يَفْعَلُهُ عن نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَوُقُوعُهُ عن الْمَحْمُولِ أَوْلَى وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فَإِنَّهُمَا قَالَا وَلَا يُجْزِئُ من حَمَلَهُ مُطْلَقًا‏.‏

وَقِيلَ يَقَعُ عنهما وهو احْتِمَالٌ لِابْنِ الزَّاغُونِيِّ قال الْمُصَنِّفُ وهو قَوْلٌ حَسَنٌ وهو مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ‏.‏

وَقِيلَ يَقَعُ عنهما لِعُذْرٍ حَكَاهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَقِيلَ يَقَعُ عن حَامِلِهِ‏.‏

قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك لِأَنَّهُ هو الطَّائِفُ وقد نَوَاهُ لِنَفْسِهِ‏.‏

وقال أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ لَا يُجْزِئُ عن وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ طَافَ مُنَكِّسًا أو على جِدَارِ الْحِجْرِ أو شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ أو تَرَكَ شيئا من الطَّوَافِ وَإِنْ قَلَّ أو لم يَنْوِهِ لم يُجْزِهِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ إذَا طَافَ على شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ لَا يَجْزِيهِ وَقَطَعُوا بِهِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّهُ ليس من الْكَعْبَةِ بَلْ جُعِلَ عِمَادًا لِلْبَيْتِ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ لو مَسَّ الْجِدَارَ بيده في مُوَازَاةِ الشَّاذَرْوَانِ صَحَّ لِأَنَّ مُعْظَمَهُ خَارِجٌ عن الْبَيْتِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قُلْت وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الصِّحَّةِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو طَافَ في الْمَسْجِدِ من وَرَاءِ حَائِلٍ كَالْقُبَّةِ وَغَيْرِهَا أَجْزَأَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ في الْمَسْجِدِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو طَافَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ لم يُجْزِئْهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال في الْفُصُولِ إنْ طَافَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ احْتَمَلَ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ وَاقْتَصَرَ عليه‏.‏

الثَّالِثَةُ إذَا طَافَ على سَطْحِ الْمَسْجِدِ فقال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ الْإِجْزَاءُ كَصَلَاتِهِ إلَيْهَا‏.‏

الرَّابِعَةُ لو قَصَدَ بِطَوَافِهِ غَرَضًا وَقَصَدَ معه طَوَافًا بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ تَوَجَّهَ الْإِجْزَاءُ في قِيَاسِ قَوْلِهِمْ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كَعَاطِسٍ قَصَدَ بِحَمْدِهِ قِرَاءَةً وفي الْإِجْزَاءِ عن فَرْضِ الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك في صِفَةِ الصَّلَاةِ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ في الضَّرُورَةِ أَفْعَالُ الْحَجِّ لَا تَتْبَعُ إحْرَامَهُ فَتَتَرَاخَى عنه وَيَنْفَرِدُ بِمَكَانٍ وَزَمَنٍ وَنِيَّةٍ فَلَوْ مَرَّ بِعَرَفَةَ أو عَدَا حَوْلَ الْبَيْتِ بِنِيَّةِ طَلَبِ غَرِيمٍ أو صَيْدٍ لم يَجْزِهِ وَصَحَّحَهُ في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ في الْوُقُوفِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ طَافَ مُحْدِثًا أو عُرْيَانًا لم يَجْزِهِ‏.‏

إذَا طَافَ مُحْدِثًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هو كَالصَّلَاةِ في جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا في إبَاحَةِ النُّطْقِ وَعَنْهُ يُجْزِيهِ وَيَجْبُرُهُ بِدَمٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَجْبُرُهُ بِدَمٍ إنْ لم يَكُنْ بِمَكَّةَ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ من نَاسٍ وَمَعْذُورٍ فَقَطْ وَعَنْهُ يَصِحُّ مِنْهُمَا فَقَطْ مع جُبْرَانِهِ بِدَمٍ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ من الْحَائِضِ تَجْبُرُهُ بِدَمٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الصِّحَّةَ منها وَمِنْ كل مَعْذُورٍ وَأَنَّهُ لَا دَمَ على وَاحِدٍ مِنْهُمَا وقال هل الطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ أو سُنَّةٌ لها فيه قَوْلَانِ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وَالتَّطَوُّعُ أَيْسَرُ وَتَقَدَّمَ ال

تنبيه‏:‏

على ذلك في آخِرِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَأَوَائِلِ بَابِ الْحَيْضِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا يَلْزَمُ الناس انْتِظَارُ الْحَائِضِ لِأَجْلِ الْحَيْضِ فَقَطْ حتى تَطُوفَ إنْ أَمْكَنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِه ابن شهاب وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو طَافَ فِيمَا لَا يَجُوزُ له لُبْسُهُ صَحَّ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

الثَّالِثَةُ النَّجِسُ وَالْعُرْيَانُ كَالْمُحْدِثِ فِيمَا تَقَدَّمَ من أَحْكَامِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْدَثَ في بَعْضِ طَوَافِهِ أو قَطَعَهُ بِفَصْلٍ طَوِيلٍ ابْتَدَأَهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ شَرْطٌ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الطَّائِفِ إذَا أَحْدَثَ في أَثْنَاءِ طَوَافِهِ حُكْمُ الْمُصَلِّي إذَا أَحْدَثَ في صَلَاتِهِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا على ما تَقَدَّمَ ذَكَرَه ابن عقيل وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَيُبْطِلُهُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه‏.‏

وَعَنْهُ لَا تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ مع الْعُذْرِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَيَتَخَرَّجُ أَنَّ الْمُوَالَاةَ سُنَّةٌ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وَذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ وَجْهًا وهو رِوَايَةٌ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَأَمَّا إذَا كان يَسِيرًا أو أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ أو حَضَرَتْ جِنَازَةٌ فإنه مَعْفُوٌّ عنه يُصَلِّي وَيَبْنِي كما قال الْمُصَنِّفُ وَلَكِنْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ بِنَائِهِ من عِنْدِ الْحِجْرِ وَلَوْ كان الْقَطْعُ في أَثْنَاءِ الشَّوْطِ نَصَّ عليه وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَكَّ في عَدَدِ الْأَشْوَاطِ في نَفْسِ الطَّوَافِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِالْيَقِينِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَيَأْخُذُ أَيْضًا بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ انْتَهَى وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ‏.‏

وَقَوْلُ أبي بَكْرٍ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ فِيمَا إذَا شَكَّ في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالْيَقِينِ وَيَأْخُذُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه‏.‏

وَقِيلَ لَا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَأْخُذُ أَيْضًا بِقَوْلِ عَدْلٍ وَقَطَعَا بِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَا خَلْفَ الْمَقَامِ‏.‏

هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ سُنَّةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو صلى الْمَكْتُوبَةَ بَعْدَ الطَّوَافِ أَجْزَأَ عنهما على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَعَنْهُ يُصَلِّيهِمَا أَيْضًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

أُخْرَى لَا يُشْرَعُ تَقْبِيلُ الْمَقَامِ وَلَا مَسْحُهُ قال في الْفُرُوعِ إجْمَاعًا قال في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ لَا يَمَسُّهُ وَنَقَلَ الْفَضْلُ يُكْرَهُ مَسُّهُ وَتَقْبِيلُهُ وفي مَنْسَكِ بن الزَّاغُونِيِّ فإذا بَلَغَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ فَلْيَمَسَّ الصَّخْرَةَ بيده وَلْيُمَكِّنْ منها كَفَّهُ وَيَدْعُو‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الرُّكْنِ فَيَسْتَلِمُهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ وفي كِتَابِ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ يَأْتِي الْمُلْتَزَمَ قبل صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأَوْلَى يَجُوزُ جَمْعُ أَسَابِيعَ ثُمَّ يُصَلِّي لِكُلِّ أُسْبُوعٍ منها رَكْعَتَيْنِ نَصَّ عليه وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَطْعُ الْأَسَابِيعِ على شَفْعٍ كَأُسْبُوعَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَنَحْوِهَا قال في الْفُرُوعِ فَيُكْرَهُ الْجَمْعُ إذَنْ ذَكَرَهُ في الْخِلَافِ وَالْمُوجِزِ ولم يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ له تَأْخِيرُ سَعْيِهِ عن طَوَافِهِ بِطَوَافٍ وَغَيْرِهِ نَصَّ عليه‏.‏

الثَّالِثَةُ إذَا فَرَغَ الْمُتَمَتِّعُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كان على غَيْرِ طَهَارَةٍ في أَحَدِ الطَّوَافَيْنِ وَجَهِلَهُ لَزِمَهُ الْأَشَدُّ وهو كَوْنُهُ في طَوَافِ الْعُمْرَةِ فلم تَصِحَّ ولم يَحِلَّ منها‏.‏

فَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِلْحَلْقِ وَيَكُونُ قد أَدْخَلَ الْحَجَّ على الْعُمْرَةِ فَيَصِيرُ قَارِنًا وَيُجْزِئُهُ الطَّوَافُ لِلْحَجِّ عن النُّسُكَيْنِ‏.‏

وَلَوْ قَدَّرْنَاهُ من الْحَجِّ لَزِمَهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ وَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ السَّعْيِ على التَّقْدِيرَيْنِ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَعْدَ طَوَافٍ غَيْرِ مُعْتَدٍ بِهِ‏.‏

وَإِنْ كان وطىء بَعْدَ حِلِّهِ من الْعُمْرَةِ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ أَدْخَلَ حَجًّا على عَمْرَةٍ فَاسِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ وَيَلْغُو ما فَعَلَهُ من أَفْعَالِ الْحَجِّ وَيَتَحَلَّلُ بِالطَّوَافِ الذي قَصَدَهُ لِلْحَجِّ من عُمْرَتِهِ الْفَاسِدَةِ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْحَلْقِ وَدَمٌ لِلْوَطْءِ في عُمْرَتِهِ وَلَا يَحْصُلُ له حَجٌّ وَعُمْرَةٌ‏.‏

وَلَوْ قَدَّرْنَاهُ من الْحَجِّ لم يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ من إعَادَةِ أَكْثَرِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَيَحْصُلُ له الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ‏.‏

الرَّابِعَةُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ مُتَفَرِّقَةً إلَّا الْخُرُوجَ عن الْمَسْجِدِ النِّيَّةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَتَكْمِيلُ السَّبْعِ وَجَعْلُ الْبَيْتِ عن يَسَارِهِ وَأَنْ لَا يَمْشِيَ على شَيْءٍ منه وَأَنْ لَا يَخْرُجَ عن الْمَسْجِدِ وَأَنْ يُوَالِيَ بَيْنَهُ وَأَنْ يَبْتَدِئَ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَيُحَاذِيهِ وفي بَعْضِ ذلك خِلَافٌ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ‏.‏

وَسُنَنُهُ اسْتِلَامُ الرُّكْنِ وَتَقْبِيلُهُ أو ما يَقُومُ مَقَامَهُ من الْإِشَارَةِ وَاسْتِلَامُ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالِاضْطِبَاعُ وَالرَّمَلُ وَالْمَشْيُ في مَوَاضِعِهِ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ وَالطَّوَافُ مَاشِيًا وَالدُّنُوُّ من الْبَيْتِ وفي بَعْضِ ذلك خِلَافٌ ذَكَرْنَاهُ‏.‏

ذَكَرَ ذلك الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الصَّفَّا من بَابِهِ وَيَسْعَى سَعْيًا يَبْدَأُ بِالصَّفَا فَيَرْقَى عليه حتى يَرَى الْبَيْتَ فَيَسْتَقْبِلَهُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ‏.‏

يَعْنِي يقول ذلك إذَا رَقَى على الصَّفَا وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ يُكَرِّرُ ذلك ثَلَاثًا‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ يقول ذلك ثَلَاثًا إلَى قَوْلِهِ هَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ولم يذكر ما بَعْدَهُ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يُلَبِّي‏.‏

يَعْنِي بَعْدَ هذا الدُّعَاءِ وَهَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَيُلَبِّي عَقِيبَ كل مَرَّةٍ ولم يذكر التَّلْبِيَةَ في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَدْعُو‏.‏

اقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ وقال جَمَاعَةٌ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ‏.‏

ولم يذكر الْمُحَرَّرَ وَجَمَاعَةٌ الدُّعَاءَ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْزِلُ من الصَّفَا وَيَمْشِي حتى يَأْتِيَ الْعَلَمَ‏.‏

هَكَذَا قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَمْشِي حتى يَأْتِيَ الْعَلَمَ منهم الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

وقال جَمَاعَةٌ يَمْشِي إلَى أَنْ يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَلَمِ نَحْوُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

وَالتَّلْخِيصِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ‏.‏

قَوْلُهُ فَيَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا إلَى الْعَلَمِ‏.‏

هَكَذَا قال جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ أَعْنِي قالوا يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وقال جَمَاعَةٌ يَرْمُلُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ‏.‏

وَتَقَدَّمَ هل يَفْعَلُ ذلك إنْ كان رَاكِبًا عِنْدَ الرَّمَلِ في الطَّوَافِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُجْزِئُ السَّعْيُ قبل الطَّوَافِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَعَنْهُ يُجْزِئُ مُطْلَقًا من غَيْرِ دَمٍ ذَكَرَهَا في الْمُذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يُجْزِئُ مُطْلَقًا مع دَمٍ ذَكَرَهَا الْقَاضِي‏.‏

وَعَنْهُ يُجْزِئُ مع السَّهْوِ وَالْجَهْلِ

‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْعَى طَاهِرًا مُسْتَتِرًا مُتَوَالِيًا‏.‏

أَمَّا السُّتْرَةُ وَالطَّهَارَةُ فَسُنَّةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ عن الطَّهَارَتَيْنِ هو الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ وقال عن السُّتْرَةِ الْأَكْثَرُونَ قَطَعُوا بِذَلِكَ من غَيْرِ خِلَافٍ‏.‏

وَقِيلَ هُمَا في السَّعْيِ كَالطَّوَافِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أنها سُنَّةٌ وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَتَجْرِيدُ الْعِنَايَةِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وهو تَخْرِيجٌ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وَعَنْهُ أنها شَرْطٌ كَالطَّوَافِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ عليها الْأَكْثَرُ‏.‏

قُلْت منهم الْقَاضِي‏.‏

وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ مع الْعُذْرِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ شَرْطًا في السَّعْيِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ وَضَعْفٌ وَقِيلَ هِيَ شَرْطٌ فيه‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ يقول غير ذلك وَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا‏.‏

وزاد في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَأَنْ لَا يُقَدِّمَ السَّعْيَ على أَشْهُرِ الْحَجِّ‏.‏

وَصَرَّحَ أبو الْخَطَّابِ بِخِلَافِ ذلك وقال لَا أَعْرِفُ مَنْعَهُ عن أَحْمَدْ‏.‏

وَذَكَرَ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ أَنَّ سيعه ‏[‏سعيه‏]‏ مُغْمًى عليه أو سَكْرَانُ كَوُقُوفِهِمَا قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ كان مُعْتَمِرًا قَصَّرَ من شَعْرِهِ‏.‏

على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَفْضَلَ‏.‏

أَنْ يُقَصِّر من شَعْرِهِ في الْعُمْرَةِ لِيَحْلِقَ في الْحَجِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَلْقُ في الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَفْضَلُ من التَّقْصِيرِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ حَلَقَ أو قَصَّرَ وَحَلَّ مِنْهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَمَتِّعُ قد سَاقَ هَدْيًا فَلَا يَحِلُّ حتى يَحُجَّ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَقِيلَ يَحِلُّ كَمَنْ لم يُهْدِ وهو مُقْتَضَى ما نَقَلَهُ يُوسُفُ بن مُوسَى قَالَهُ الْقَاضِي‏.‏

وقال في الْكَافِي وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ له التَّقْصِيرُ من شَعْرِ رَأْسِهِ خَاصَّةً دُونَ أَظْفَارِهِ وَشَارِبِهِ انْتَهَى‏.‏

وَعَنْهُ إنْ قَدِمَ قبل الْعَشْرِ نَحَرَ الْهَدْيَ وَحَلَّ وَنَقَلَ يُوسُفُ بن أبي مُوسَى يَنْحَرُ وَيَحِلُّ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ وقال مَالِكٌ يَنْحَرُ هَدْيَهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيُّ وَتَقَدَّمَ ذلك بِعَيْنِهِ في بَابِ الْإِحْرَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ سَاقَ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيًا لم يَكُنْ له أَنْ يَحِلَّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إذَا طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ قبل تَحَلُّلِهِ بِالْحَلْقِ فإذا ذَبَحَهُ يوم النَّحْرِ حَلَّ مِنْهُمَا مَعًا نَصَّ عليه وَتَقَدَّمَ هذا أَيْضًا هُنَاكَ‏.‏

تنبيهان‏:‏

أَحَدُهُمَا مَحَلُّ ما تَقَدَّمَ في الْمُتَمَتِّعِ أَمَّا الْمُعْتَمِرُ غَيْرُ الْمُتَمَتِّعِ فإنه يَحِلُّ وَلَوْ كان معه هَدْيٌ‏.‏

الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لم يَسُقْ الْهَدْيَ يَحِلُّ سَوَاءٌ كان مُلَبِّدًا رَأْسَهُ أو لَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَقِيلَ لَا يَحِلُّ من لَبَّدَ رَأْسَهُ حتى يَحُجَّ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ كان مُتَمَتِّعًا قَطَعَ التَّلْبِيَةَ إذَا وَصَلَ الْبَيْتَ‏.‏

وَكَذَا قال الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَعَنْهُ يَقْطَعُهَا بِرُؤْيَةِ الْبَيْتِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقْطَعُهَا إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَشَرَعَ في الطَّوَافِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَحَنْبَلٍ وَالْأَثْرَمِ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَحَمَلَ الْأَوَّلَ على ظَاهِرِهِ وَالثَّانِيَ عليه وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على الْمَنْصُوصِ وَحَمَلَهُ الْمَجْدُ على ظَاهِرِهِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ يَجُوزُ حَمْلُهُ على ظَاهِرِهِ وَجَوَّزَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الِاحْتِمَالَيْنِ‏.‏

وَحَمَل ابن منجا في شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ على الْمَنْصُوصِ وَالشَّارِحُ شَرَحَ على الْمَنْصُوصِ ولم يَحْكِ خِلَافًا‏.‏

فائدة‏:‏

لَا بَأْسَ بِالتَّلْبِيَةِ في طَوَافِ الْقُدُومِ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ وَحَكَى الْمُصَنِّفُ عن أبي الْخَطَّابِ أَنَّهُ لَا يلبى فيه قال الْأَصْحَابُ لَا يُظْهِرُ التَّلْبِيَةَ فيه وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ لَا يُسْتَحَبُّ وَمَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي يُكْرَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وفي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ يُسَنُّ‏.‏

وَالسَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَذَلِكَ وهو مُرَادُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

تنبيه‏:‏

وَأَمَّا وَقْتُ قَطْعِ التَّلْبِيَةِ في الْحَجِّ فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ في الْبَابِ الذي بَعْدَ هذا وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مع ابْتِدَاءِ الرَّمْيِ‏.‏