فصل: كِتَابُ: الشَّهَادَاتِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


كِتَابُ‏:‏ الشَّهَادَاتِ

فائدة‏:‏

الشَّهَادَةُ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَا تُوجِبُهُ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوي ‏[‏الحاوي‏]‏‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا فَرْضٌ على الْكِفَايَةِ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ في حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أو في حَقِّ غَيْرِ اللَّهِ فَإِنْ كان في حَقِّ غَيْرِ اللَّهِ كَحَقِّ الادمى وَالْمَالِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب ان تَحَمُّلَهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وقال في المغنى وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ في إثْمِهِ بِامْتِنَاعِهِ مع وُجُودِ غَيْرِهِ وَجْهَانِ وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ في الْبُلْغَةِ وَأَطْلَقَهُمَا وَإِنْ كان في حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ تَحَمُّلُهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ بَلْ هو فَرْضُ كِفَايَةٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقِيلَ إنْ قَلَّ الشُّهُودُ وَكَثُرَ أَهْلُ الْبَلَدِ فَهِيَ فيه فَرْضُ عَيْنٍ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

حَيْثُ وَجَبَ تَحَمُّلُهَا فَفِي وُجُوبِ كِتَابَتِهَا لِتُحْفَظَ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قُلْت الصَّوَابُ الْوُجُوبُ لِلِاحْتِيَاطِ ثُمَّ وَجَدْت صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَدَّمَهُ ذَكَرَهُ في أَوَائِلِ بَقِيَّةِ الشَّهَادَاتِ وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قال يَكْتُبُهَا إذَا كان رَدِيءَ الْحِفْظِ فَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَأَمَّا أَدَاءُ الشَّهَادَةِ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأصحاب قال في الْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَ أصحابنَا أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ قال في التَّرْغِيبِ هو أَشْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغنى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَذَكَرَهُ ابن منجا في شَرْحِهِ رِوَايَةً وقال الْخِرَقِيُّ وَمَنْ لَزِمَتْهُ الشَّهَادَةُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بها على الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ لَا يَسَعُهُ التَّخَلُّفُ عن إقَامَتِهَا وهو قَادِرٌ على ذلك فَظَاهِرُهُ أَنَّ أَدَاءَهَا فَرْضُ عَيْنٍ قُلْت وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ قال في الْمُسْتَوْعِبِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها فَرْضُ عَيْنٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ يُشْتَرَطُ في وُجُوبِ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ أَنْ يُدْعَى إلَيْهِمَا وَيَقْدِرَ عَلَيْهِمَا بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَنَصَّ عليه وقال في المغنى وَالشَّرْحِ وَلَا تُبَدَّلُ في التَّزْكِيَةِ قال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ تَضَرَّرَ بِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ أو أَدَائِهَا في بَدَنِهِ أو عِرْضِهِ أو مَالِهِ أو أَهْلِهِ لم يَلْزَمْهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يَخْتَصُّ الْأَدَاءُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَمَنْ تَحَمَّلَهَا أو رَأَى فِعْلًا أو سمع قَوْلًا بِحَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا على الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالنَّسِيبِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقِيلَ أو ما يَرْجِعُ فيه إلَى مَنْزِلِهِ لِيَوْمِهِ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا قال في الْفُرُوعِ تَجِبُ في مَسَافَةِ كِتَابٍ القاضي ‏[‏للقاضي‏]‏ عِنْدَ سُلْطَانٍ لَا يَخَافُ تَعَدِّيهِ نَقَلَهُ مُثَنَّى أو حَاكِمٍ عَدْلٍ نَقَل ابن الْحَكَمِ كَيْفَ أَشْهَدُ عِنْدَ رَجُلٍ ليس عَدْلًا قال لَا تَشْهَدْ وقال في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ أَخَافُ أَنْ يَسَعَهُ أَنْ لَا يَشْهَدَ عِنْدَ الْجَهْمِيَّةِ وَقِيلَ أو لَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ وَقِيلَ لَا أَمِيرَ الْبَلَدِ وَوَزِيرَهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو أَدَّى شَاهِدٌ وأبي الشَّاهِدُ الْآخَرُ وقال أحلف أنت بَدَلِي أَثِمَ اتِّفَاقًا قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ إنْ قُلْنَا هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ لو دُعِيَ فَاسِقٌ إلَى شَهَادَةٍ فَلَهُ الْحُضُورُ مع عَدَمِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ لِتَحَمُّلِهَا قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَغَيْرِهِ لَا تُعْتَبَرُ له الْعَدَالَةُ قال في الْفُرُوعِ فظاهرة مُطْلَقًا وَلِهَذَا لو لم يُؤَدِّ حتى صَارَ عَدْلًا قُبِلَتْ ولم يَذْكُرُوا تَوْبَةً لِتَحَمُّلِهَا ولم يُعَلِّلُوا ان من ادَّعَاهَا بَعْدَ ان رُدَّ إلَّا بِالتُّهْمَةِ وَذَكَرُوا ان شَهِدَ عِنْدَهُ فَاسِقٌ يَعْرِفُ حاله قال للمدعى زدنى شُهُودًا لِئَلَّا يَفْضَحَهُ وقال في المغنى ان شَهِدَ مع ظُهُورِ فِسْقِهِ لم يُعَزَّرْ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِدْقَهُ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ أَدَاءُ الْفَاسِقِ وَإِلَّا لَعُزِّرَ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَشْهَرَ لَا يَضْمَنُ من بَانَ فِسْقُهُ وَيَتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ من ضَمَّنَهُ وَيَكُونُ عِلَّةً لِتَضْمِينِهِ وفى ذلك نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بين الضَّمَانِ وَالتَّحْرِيمِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَعَيَّنَتْ عليه أَخْذُ الْأُجْرَةِ عليها وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ فى الْأَصَحِّ أَخْذُ أُجْرَةٍ وَجُعْلٍ وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ فى الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَقِيلَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إنْ تَعَيَّنَتْ عليه إذَا كان غير مُحْتَاجٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا بِجَوَازِ الْأَخْذِ لِحَاجَةٍ تَعَيَّنَتْ أو لَا وَاخْتَارَهُ وَقِيلَ يَجُوزُ الْأَخْذُ مع التَّحَمُّلِ وَقِيلَ أُجْرَتُهُ من بَيْتِ الْمَالِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَجُوزُ ذلك لِمَنْ لم تَتَعَيَّنْ عليه في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ كما تَقَدَّمَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ كما تَقَدَّمَ عنه وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ مع التَّحَمُّلِ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ الْأَخْذِ فَلَوْ عَجَزَ عن الْمَشْيِ أو تَأَذَّى بِهِ فَأُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ على رَبِّ الشَّهَادَةِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ وَأُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ وَالنَّفَقَةِ على رَبِّهَا ثُمَّ قال قُلْت هذا إنْ تَعَذَّرَ حُضُورُ الْمَشْهُودِ عليه إلَى مَحَلِّ الشَّاهِدِ لِمَرَضٍ أو كِبَرٍ أو حَبْسٍ أو جَاهٍ أو خَفَرٍ وقال أَيْضًا وَكَذَا حُكْمُ مُزَكٍّ وَمُعَرِّفٍ وَمُتَرْجِمٍ وَمُفْتٍ وَمُقِيمِ حَدٍّ وَقَوَدٍ وَحَافِظِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَمُحْتَسِبٍ وَالْخَلِيفَةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُقِيمُ الشَّهَادَةَ على مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كَافِرٍ وكتابه كَشَهَادَةٍ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ كانت عِنْدَهُ شَهَادَةٌ في حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى أُبِيحَ له إقَامَتُهَا ولم تُسْتَحَبَّ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال الْقَاضِي وَأصحابهُ وأبو الْفَرَجِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ ذلك لِلتَّرْغِيبِ في السَّتْرِ قال النَّاظِمُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ تَرْكُهَا أَوْلَى قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا يُخَالِفُ ما جَزَمَ بِهِ في آخِرِ الرِّعَايَةِ من وُجُوبِ الْإِغْضَاءِ عَمَّنْ سَتَرَ الْمَعْصِيَةَ فَإِنَّهُمْ لم يُفَرِّقُوا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخَلَّالِ قال وَيَتَوَجَّهُ فيمن عُرِفَ بِالشَّرِّ وَالْفَسَادِ أَنْ لَا يُسْتَرَ عليه وهو يُشْبِهُ قَوْلَ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمَ في الْمُقِرِّ بِالْحَدِّ وَسَبَقَ قَوْلُ شَيْخِنَا في إقَامَةِ الْحَدِّ انتهى‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ بَلْ لو قِيلَ بِالتَّرَقِّي إلَى الْوُجُوبِ لَاتَّجَهَ خُصُوصًا إنْ كان يَنْزَجِرُ بِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَرِّضَ لهم بِالْوُقُوفِ عنها في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَلِلْحَاكِمِ في الْأَصَحِّ أَنْ يُعَرِّضَ له بِالتَّوَقُّفِ عنها قال الشَّارِحُ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَرِّضَ لِلشَّاهِدِ بِالْوُقُوفِ عنها في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ وَالثَّانِي ليس له ذلك

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ قال في الرِّعَايَةِ هل تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ على وَجْهَيْنِ انتهى‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْقَبُولُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُقْبَلُ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَرِّضَ لِلْمُقِرِّ بِحَدٍّ أَنْ يَرْجِعَ عن إقْرَارِهِ وقال في الإنتصار تَلْقِينُهُ الرُّجُوعَ مَشْرُوعٌ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ كانت عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لِآدَمِيٍّ يَعْلَمُهَا لم يُقِمْهَا حتى يَسْأَلَهُ فَإِنْ لم يَعْلَمْهَا اُسْتُحِبَّ له إعْلَامُهُ بها هذا الْمَذْهَبُ وقطع ‏[‏قطع‏]‏ بِهِ الْأَكْثَرُ وَأَطْلَقُوا وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الطَّلَبُ الْعُرْفِيُّ أو الْحَالِيُّ كَاللَّفْظِيِّ عَلِمَهَا أو لَا قُلْت هذا عَيْنُ الصَّوَابِ وَيَجِبُ عليه إعْلَامُهُ إذَا لم يَعْلَمْ بها وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فيه وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في رَدِّهِ على الرَّافِضِيِّ إذَا أَدَّاهَا قبل طَلَبِهِ قام بِالْوَاجِبِ وكان أَفْضَلَ كَمَنْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ أَدَّاهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ الْخِلَافَ في الْحُكْمِ قبل الطَّلَبِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ ولايجوز أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ أو سَمَاعٍ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ لَكِنْ لو جَهِلَ رَجُلًا حَاضِرًا جَازَ له أَنْ يَشْهَدَ في حَضْرَتِهِ لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهِ وَإِنْ كان غَائِبًا فَعَرَفَهُ من يَسْكُنُ إلَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ جَازَ له أَنْ يَشْهَدَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ الْمَنْعُ من الشَّهَادَةِ بِالتَّعْرِيفِ وَحَمَلَهَا الْقَاضِي على الِاسْتِحْبَابِ وَأَطْلَقَهُمَا فى النَّظْمِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ إنْ عَرَفَهَا كَنَفْسِهِ شَهِدَ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْهُ أو نَظَرَ إلَيْهَا شَهِدَ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَشْهَدُ عليها إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو مُحْتَمَلٌ أَنْ لَا يَدْخُلَ عليها بَيْتَهَا إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَعَلَّلَ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ بِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِعِصْمَتِهَا وَقَطَعَ بِهِ في الْمُبْهِجِ لِلْخَبَرِ وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّظَرَ حَقُّهُ قال فى الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ وَتَقَدَّمَ هذا أَيْضًا فى بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ عِنْدَ التَّعْرِيفِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ كَلَامَ صَاحِبِ الْمَطْلَعِ فَلْيُرَاجَعْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالسَّمَاعُ على ضَرْبَيْنِ سَمَاعٌ من الْمَشْهُودِ عليه نَحْوُ الْإِقْرَارِ وَالْعُقُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِ وَكَذَا حُكْمُ الْحَاكِمِ فَيَلْزَمُ الشَّاهِدَ الشَّهَادَةُ مِمَّا سمع لَا بِأَنَّهُ عليه وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ فَيُخَيَّرُ ويأتى تَتِمَّةُ ذلك مُسْتَوْفًى عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ المستخفى‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَهِدَ اثْنَانِ فى مَحْفِلٍ على وَاحِدٍ منهم أَنَّهُ طَلَّقَ أو أَعْتَقَ قُبِلَ وَلَوْ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ من أَهْلِ الْجُمُعَةِ فَشَهِدَا على الْخَطِيبِ انه قال أو فَعَلَ على الْمِنْبَرِ فى الْخُطْبَةِ شيئا لم يَشْهَدْ بِهِ غَيْرُهُمَا في الْمَسْأَلَتَيْنِ قُبِلَ مع الْمُشَارَكَةِ في سَمْعٍ وَبَصَرٍ ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي في شَهَادَةِ وَاحِدٍ في رَمَضَانَ قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُعَارِضُهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏مْ إذَا إنفرد وَاحِدٌ فِيمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي على نَقْلِهِ مع مُشَارَكَةِ خَلْقٍ رُدَّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَسَمَاعٌ من جِهَةِ الِاسْتِفَاضَةِ فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ في الْغَالِبِ إلَّا بِذَلِكَ كَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْوَقْفِ وَمَصْرِفِهِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَالْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ وما أَشْبَهَ ذلك كَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ هذا الْمَذْهَبُ أَعْنِي أَنْ يَشْهَدَ بِالِاسْتِفَاضَةِ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَشْهَدُ بِالِاسْتِفَاضَةِ في الْوَقْفِ وَحَكَى في الرِّعَايَةِ خِلَافًا في مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَمَصْرِفِ وَقْفٍ وقال في الْعُمْدَةِ ولايجوز ‏[‏ولا‏]‏ ذلك ‏[‏يجوز‏]‏ في حَدٍّ وَلَا قِصَاصٍ قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا وهو أَظْهَرُ انتهى‏.‏

وَسَأَلَهُ الشالنجى عن شَهَادَةِ الْأَعْمَى فقال يَجُوزُ في كل ما ظَنَّهُ مِثْلَ النَّسَبِ وَلَا يَجُوزُ في الْحَدِّ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وابن حَامِدٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهِمَا أَيْضًا لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الشَّهَادَةَ بِمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ وقال في التَّرْغِيبِ تُسْمَعُ شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ فِيمَا تَسْتَقِرُّ مَعْرِفَتُهُ بِالتَّسَامُعِ لَا في عَقْدٍ وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ من الْأصحاب منهم الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وأبوالخطاب في خِلَافَيْهِمَا وإبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيُّ وإبن الْبَنَّاءِ على النَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ أَشْهَرُ قال في المغنى وزاد الْأصحاب على ذلك مَصْرِفَ الْوَقْفِ وَالْوِلَايَةَ وَالْعَزْلَ وقال نَحْوَهُ في الْكَافِي وقال في الرَّوْضَةِ لَا تُقْبَلُ إلَّا في نَسَبٍ وَمَوْتٍ وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَوَقْفٍ وَوَلَاءٍ وَنِكَاحٍ وَأَسْقَطَ جَمَاعَةٌ من الْأصحاب الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ وَأَسْقَطَهُمَا آخَرُونَ وَزَادُوا الْوَلَاءَ وقال الشَّارِحُ لم يذكر الْمُصَنِّفُ الْخُلْعَ في المغنى وَلَا في الْكَافِي قال وَلَا رَأَيْته في كِتَابِ غَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ قَاسَهُ على النِّكَاحِ قال وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ قِيَاسًا على النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ انتهى‏.‏

قُلْت نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على ثُبُوتِ الشَّهَادَةِ بالإستفاضة في الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ الْعُذْرُ لِلشَّارِحِ أَنَّهُ لم يَطَّلِعْ على ذلك مع كَثْرَةِ نَقْلِهِ وقال في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ تَعْلِيلُ أصحابنَا بِأَنَّ جِهَاتِ الْمِلْكِ تَخْتَلِفُ تَعْلِيلٌ يُوجَدُ في الدَّيْنِ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ يَقْتَضِي أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ بالإستفاضة قُلْت وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالنِّكَاحَ يَشْمَلُ الْعَقْدَ وَالدَّوَامَ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال جَمَاعَةٌ من الْأصحاب يَشْهَدُ بالإستفاضة في دَوَامِ النِّكَاحِ لَا في عَقْدِهِ منهم ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُقْبَلُ الإستفاضة إلَّا من عَدَدٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي تُسْمَعُ من عَدْلَيْنِ وَقِيلَ تُقْبَلُ أَيْضًا مِمَّنْ تَسْكُنُ النَّفْسُ إلَيْهِ وَلَوْ كان وَاحِدًا وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَحَفِيدُهُ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةٍ لم يَعْلَمْ تَلَقِّيهَا من الإستفاضة وَمَنْ قال شَهِدْت بها فَفَرْعٌ وقال في المغنى شَهَادَةُ أصحاب الْمَسَائِلِ شَهَادَةُ اسْتِفَاضَةٍ لَا شَهَادَةٌ على شَهَادَةٍ فَيَكْتَفِي بِمَنْ شَهِدَ بها كَبَقِيَّةِ شَهَادَةِ الإستفاضة وقال في التَّرْغِيبِ ليس فيها فرع ‏[‏فروع‏]‏ وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ الشَّهَادَةُ بِالِاسْتِفَاضَةِ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ وقال تَحْصُلُ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ نَظِيرُ أصحاب الْمَسَائِلِ عن الشُّهُودِ على الْخِلَافِ وَذَكَرَ ابن الزاغوني إنْ شَهِدَ أَنَّ جَمَاعَةً يَثِقُ بِهِمْ أَخْبَرُوهُ بِمَوْتِ فُلَانٍ أو أَنَّهُ ابْنُهُ أو أنها زَوْجَتُهُ فَهِيَ شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ كَذَا أَجَابَ أبو الْخَطَّابِ يُقْبَلُ في ذلك وَيَحْكُمُ فيه بِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ وَأَجَابَ أبو الْوَفَاءِ إنْ صَرَّحَا بِالِاسْتِفَاضَةِ أو اسْتَفَاضَ بين الناس قُبِلَتْ في الْوَفَاةِ وَالنَّسَبِ جميعا وَنَقَلَ الْحَسَنُ بن مُحَمَّدٍ لَا يَشْهَدُ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَنَقَلَ مَعْنَاهُ جَعْفَرٌ قال في الْفُرُوعِ وهو غَرِيبٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ قال في الْفُرُوعِ وإذا شَهِدَ بِالْأَمْلَاكِ بِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ فَعَمَلُ وُلَاةِ الْمَظَالِمِ بِذَلِكَ أَحَقُّ ذَكَرَهُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِالتَّوَاتُرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ سمع إنْسَانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أَبٍ أو بن فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ له جَازَ أَنْ يَشْهَدَ له بِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ لم يَشْهَدْ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ سَكَتَ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ حتى يَتَكَرَّرَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَعَلَّلَهُ ابن منجا في شَرْحِهِ فقال لِأَنَّهُ لو أَكْذَبَهُ لم تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَسُكُوتُهُ يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ‏.‏

ثُمَّ قال‏:‏ وَاعْلَمْ أَنَّ هذا تَعْلِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قال وَعِنْدِي فيه نَظَرٌ وَذَلِكَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ في الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ في دَعْوَى الْأُبُوَّةِ مِثْلُ أَنْ يدعى شَخْصٌ أَنَّه ابن فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَسْمَعُ فَيَسْكُتُ فإن السُّكُوتَ إذًا نُزِّلَ هُنَا مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ صَارَ كما لو أَقَرَّ الْأَبُ أَنَّ فُلَانًا ابْنُهُ قال ويقوى ما ذَكَرْته أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَى في المغنى إذَا سمع رَجُلًا يقول لِصَبِيٍّ هذا ابْنِي جَازَ أَنْ يَشْهَدَ وإذا سمع الصَّبِيَّ يقول هذا أبي وَالرَّجُلُ يَسْمَعُهُ فَسَكَتَ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ لِأَنَّ سُكُوتَ الْأَبِ إقْرَارٌ وَالْإِقْرَارُ يُثْبِتُ النَّسَبَ فَجَازَتْ الشَّهَادَةُ بِهِ ثُمَّ قال في المغنى وَإِنَّمَا أُقِيمَ السُّكُوتُ مَقَامَ النُّطْقِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ على الِانْتِسَابِ الْفَاسِدِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى وَلِأَنَّ النَّسَبَ يَغْلِبُ فيه الْإِثْبَاتُ إلَّا أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ في النِّكَاحِ ثُمَّ قال في المغنى وَذَكَرَ ابو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ بِهِ مع السُّكُوتِ حتى يَتَكَرَّرَ قال ابن مُنَجَّا وَالْعَجَبُ من الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ نَقَلَ في المغنى الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ في هذه الصُّورَةِ عن أبي الْخَطَّابِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ الِاحْتِمَالَ في هذه الصُّورَةِ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا قال وفي الْجُمْلَةِ خُرُوجُ الْخِلَافِ فيه فِيمَا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّه ابن آخَرَ بِحُضُورِ الْآخَرِ فَيَسْكُتُ ظَاهِرٌ وفي الصُّورَةِ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا الْخِلَافُ فيها بَعِيدٌ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا رَأَى شيئا في يَدِ إنْسَانٍ يَتَصَرَّفُ فيه تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ من النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَنَحْوِهَا جَازَ له أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ له وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب منهم إبن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ إلَّا بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَاخْتَارَهُ السَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ قُلْت وهوالصواب خُصُوصًا في هذه الْأَزْمِنَةِ وَمَعَ الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْإِجَارَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لِلْقَاضِي وفي نِهَايَةِ إبن رَزِينٍ يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ بِتَصَرُّفِهِ وَعَنْهُ مع يَدِهِ وفي مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ إنْ رَأَى مُتَصَرِّفًا في شَيْءٍ تَصَرُّفَ مَالِكٍ شَهِدَ له بِمِلْكِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ يَتَصَرَّفُ فيه تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ سَوَاءٌ رَأَى ذلك مُدَّةً طَوِيلَةً أو قَصِيرَةً وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَه ابن هُبَيْرَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَهُ الْأصحاب في كُتُبِ الْخِلَافِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وتذكره إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَاقْتَصَرَ على الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ إبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْفَخْرُ في التَّرْغِيبِ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ فَلَا بُدَّ من ذِكْرِ شُرُوطِهِ وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِوَلِيٍّ مُرَشَّدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا يَعْنِي إنْ لم تَكُنْ مُجْبَرَةً وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الشَّاهِدُ صِحَّتَهُ وهو فَاسِدٌ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ إذَا اتَّحَدَ مَذْهَبُ الشَّاهِدِ وَالْحَاكِمِ لَا يَجِبُ التَّبْيِينُ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ فِيمَنْ ادَّعَى أَنَّ هذه الْمَيِّتَةَ امْرَأَتُهُ وَهَذَا ابْنُهُ منها فَإِنْ أَقَامَهَا بِأَصْلِ النِّكَاحِ وَيَصْلُحُ ابْنُهُ فَهُوَ على أَصْلِ النِّكَاحِ وَالْفِرَاشُ ثَابِتٌ يَلْحَقُهُ وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّ هذا الْمَيِّتَ زَوْجُهَا لم يُقْبَلْ إلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَصْلِ النِّكَاحِ ويعطي الْمِيرَاثَ وَالْبَيِّنَةُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِوَلِيٍّ مُرَشَّدٍ وَشُهُودٍ في صِحَّةِ بَدَنِهِ وَجَوَازٍ من أَمْرِهِ وَيَأْتِي في أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ في صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ وَمُرَادُهُ هُنَا إمَّا لِأَنَّ الْمَهْرَ فَوْقَ مَهْرِ الْمِثْلِ أو رِوَايَةٌ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَاحْتِيَاطًا لِنَفْيِ الِاحْتِمَالِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو شَهِدَ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شُرُوطِهِ فيه خِلَافٌ كَالْخِلَافِ الذي في اشْتِرَاطِ صِحَّةِ دَعْوَاهُ بِهِ على ما سَبَقَ في بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ وَالْمَذْهَبُ هُنَاكَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشُّرُوطِ فَكَذَا هُنَا فَكُلُّ ما صَحَّتْ الدَّعْوَى بِهِ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ بِهِ وما لَا فَلَا نَقَلَ مُثَنَّى فِيمَنْ شَهِدَ على رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ لِأَخٍ له بِسَهْمَيْنِ من هذه الدَّارِ من كَذَا وَكَذَا سَهْمًا ولم يَحُدَّهَا فَيَشْهَدُ كما سمع أو يَتَعَرَّفُ حَدَّهَا فَرَأَى أَنْ يَشْهَدَ على حُدُودِهَا فَيَتَعَرَّفَهَا وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِمَا سمع وإذا قَامَتْ بَيِّنَةٌ يَتَعَيَّنُ ما دخل في اللَّفْظِ قَبْلُ كما لو أَقَرَّ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا وَأَنَّ دَارِي الْفُلَانِيَّةَ أو الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا لِفُلَانٍ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هذا الْمُعَيَّنَ هو الْمُسَمَّى أو الْمَوْصُوفُ أو الْمَحْدُودُ فإنه يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ انتهى‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لم يذكر لِرَضَاعٍ وَقَتْلٍ وَسَرِقَةٍ وَشُرْبٍ وَقَذْفٍ وَنَجَاسَةِ مَاءٍ قال ابن الزَّاغُونِيِّ وَإِكْرَاهٍ ما يُشْتَرَطُ لِذَلِكَ وَيَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ بالزنى فَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ بِمَنْ زَنَى وَأَيْنَ زَنَى وَكَيْفَ زَنَى وَأَنَّهُ رَأَى ذَكَرَهُ في فَرْجِهَا هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمِنْ أصحابنَا من قال لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ المزنى بها وَلَا الْمَكَانِ زَادَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالزَّمَانِ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ هل تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ أَمْ لَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هذا الْعَبْدَ بن أَمَةِ فُلَانٍ لم يُحْكَمْ له بِهِ حتى يَقُولَا وَلَدَتْهُ في مِلْكِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقِيلَ يَكْفِي بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ اللَّقِيطِ مُحَرَّرًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ فَلْيُعَاوَدْ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هذا الْغَزْلَ من قُطْنِهِ أو الطَّيْرَ من بَيْضَتِهِ أو الدَّقِيقَ من حِنْطَتِهِ حُكِمَ له بها بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو شَهِدَ أَنَّ هذه الْبَيْضَةَ من طَيْرِهِ لم يُحْكَمْ له بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُحْكَمُ له بها‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ وإذا مَاتَ رَجُلٌ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ وَارِثُهُ فَشَهِدَ له شَاهِدَانِ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمَانِ له وَارِثًا سِوَاهُ سُلِّمَ الْمَالُ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَا من أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ أو لم يَكُونَا هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إلَّا أَنْ يَكُونَا من أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ لِأَنَّ عَدَمَ عِلْمِهِمْ بِوَارِثٍ آخَرَ ليس بِدَلِيلٍ على عَدَمِهِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ فإن الظَّاهِرَ أَنَّهُ لو كان له وَارِثٌ آخَرُ لم يَخْفَ عليهم انتهى‏.‏

وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وقال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَجِبُ الِاسْتِكْشَافُ مع فَقْدِ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ فَيَأْمُرُ من يُنَادِي بِمَوْتِهِ وَلْيَحْضُرْ وَارِثُهُ فإذا ظَنَّ أَنَّهُ لَا وَارِثَ سَلَّمَهُ من غَيْرِ كَفِيلٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُسَلِّمُهُ إلَّا بِكَفِيلٍ قال في الْمُحَرَّرِ حُكِمَ له بِتَرِكَتِهِ إنْ كان الشَّاهِدَانِ من أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ وَإِلَّا فَفِي الِاسْتِكْشَافِ معها ‏[‏معا‏]‏ وَجْهَانِ انتهى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُكْمِلُ لذى الْفَرْضِ فَرْضَهُ وَعَلَى الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ يَأْخُذُ الْيَقِينَ وهو رُبُعُ ثُمُنٍ لِلزَّوْجَةِ عَائِلًا وَسُدُسٌ لِلْأُمِّ عَائِلًا من كل ذِي فَرْضٍ لَا حَجْبَ فيه وَلَا يَقِينَ في غَيْرِهِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُقَيَّدَ الْمَسْأَلَةُ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْمَيِّتُ بن سَبِيلٍ وَلَا غَرِيبًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ قَالَا لَا نَعْلَمُ له وَارِثًا غَيْرَهُ في هذا الْبَلَدِ احْتَمَلَ أَنْ يُسَلَّمَ الْمَالُ إلَيْهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ قال الشَّارِحُ وَذَكَرَ ذلك مَذْهَبًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُسَلَّمَ إلَيْهِ حتى يَسْتَكْشِفَ الْقَاضِي عن خَبَرِهِ في الْبُلْدَانِ التي سَافَرَ إلَيْهَا قال الشَّارِحُ وهو أَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَطْلَقَهُمَا بن منجى في شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ قال في الْمُحَرَّرِ حُكِمَ له بِالتَّرِكَةِ إنْ كَانَا من أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ وفي الِاسْتِكْشَافِ مَعَهَا وَجْهَانِ وقال في الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ شَهِدَا بِإِرْثِهِ فَقَطْ أَخَذَهَا بِكَفِيلٍ وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ المغنى في كَفِيلٍ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَجْهَانِ وَاسْتِكْشَافُهُ كما تَقَدَّمَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو شَهِدَ الشَّاهِدَانِ الْأَوَّلَانِ أَنَّ هذا وَارِثُهُ شَارَكَ الْأَوَّلَ ذكره ابن الزَّاغُونِيِّ وهو مَعْنَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَأَبِي الْوَفَاءِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هذا ابْنُهُ لَا وَارِثَ له غَيْرُهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّ هذا ابْنُهُ لَا وَارِثَ له غَيْرُهُ قُسِمَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَا تنافى ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ إنَّمَا احْتَاجَ إلَى إثْبَاتِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ له سِوَاهُ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ ظَاهِرًا فإن بِحُكْمِ الْعَادَةِ يَعْلَمُهُ جَارُهُ وَمَنْ يَعْرِفُ بَاطِنَ أَمْرِهِ بِخِلَافِ دَيْنِهِ على الْمَيِّتِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عليه سِوَاهُ لِخَفَاءِ الدَّيْنِ وَلِأَنَّ جِهَاتِ الْإِرْثِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ على تَعَيُّنِ انْتِقَالِهَا وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ على النَّفْيِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْإِعْسَارُ وَالْبَيِّنَةُ فيه تُثْبِتُ ما يَظْهَرُ وَيُشَاهَدُ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ لَا حَقَّ له عليه قال في الْفُرُوعِ وَيَدْخُلُ في كَلَامِهِمْ قَبُولُهَا إذَا كان النَّفْيُ مَحْصُورًا كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ رضي اللَّهُ عنه دُعِيَ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى الصَّلَاةِ فَقَامَ وَطَرَحَ السِّكِّينَ وَصَلَّى ولم يَتَوَضَّأْ وَلِهَذَا قِيلَ لِلْقَاضِي أَخْبَارُ الصَّلَاةِ على شُهَدَاءِ أُحُدَ مُثْبِتَةٌ وَفِيهَا زِيَادَةٌ وَأَخْبَارُكُمْ نَافِيَةٌ وَفِيهَا نُقْصَانٌ وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى فقال الزِّيَادَةُ هُنَا مع النَّافِي لِأَنَّ الْأَصْلَ في الْمَوْتَى الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّرْكِ وَالْعِلْمَ بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ في هذا الْمَعْنَى وَلِهَذَا يقول إنَّ من قال صَحِبْت فُلَانًا في يَوْمِ كَذَا فلم يَقْذِفْ فُلَانًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كما تُقْبَلُ في الْإِثْبَاتِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَيْضًا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عليه بِعَيْنٍ في يَدِهِ كما لَا تُسْمَعُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ عليه في دَيْنٍ يُنْكِرُهُ فَقِيلَ له لَا سَبِيلَ لِلشَّاهِدَيْنِ إلَى مَعْرِفَتِهِ فقال لَهُمَا سَبِيلٌ وهو إذَا كانت الدَّعْوَى ثَمَنَ مَبِيعٍ فَأَنْكَرَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ على ذلك فإن لِلشَّاهِدَيْنِ سَبِيلًا إلَى مَعْرِفَةِ ذلك بِأَنْ يُشَاهِدَاهُ أَبْرَأَهُ من الثَّمَنِ أو أَقْبَضَهُ إيَّاهُ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ انتهى‏.‏

وفي الرَّوْضَةِ في مَسْأَلَةِ النَّافِي لَا سَبِيلَ إلَى إقَامَةِ دَلِيلٍ على النَّفْيِ فإن ذلك إنَّمَا يُعْرَفُ بِأَنْ يُلَازِمَهُ الشَّاهِدُ من أَوَّلِ وُجُودِهِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى فَيَعْلَمُ سَبَبَ اللُّزُومِ قَوْلًا وَفِعْلًا وهو مُحَالٌ انتهى‏.‏

وفي الْوَاضِحِ الْعَدَالَةُ تَجَمُّعُ كل فَرْضٍ وَتَرْكُ كل مَحْظُورٍ وَمَنْ يُحِيطُ بِهِ عِلْمًا والترك ‏[‏الترك‏]‏ نَفْيٌ وَالشَّاهِدُ بِالنَّفْيِ لَا يَصِحُّ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُسْتَخْفِي وَمَنْ سمع رَجُلًا يُقِرُّ بِحَقٍّ أو سمع الْحَاكِمَ يَحْكُمُ أو يُشْهِدُ على حُكْمِهِ وَإِنْفَاذِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَكَذَا لو سمع رَجُلًا يُعْتِقُ أو يُطَلِّقُ أو يُقِرُّ بِعَقْدٍ وَنَحْوِهِ يَعْنِي أَنَّ شَهَادَتَهُ عليه جَائِزَةٌ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سمع وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَقَطَعَ بِهِ الخرقى وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن شَهَادَةِ الْمُسْتَخْفِي تَجُوزُ على الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ وَقَالَا عن الْإِقْرَارِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عليه وَإِنْ لم يَقُلْ اشْهَدْ على انْتَهَيَا وَلَا يَجُوزُ في الْأُخْرَى حتى يُشْهِدَهُ على ذلك اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَتَبِعَه ابن أبي مُوسَى في عَدَمِ صِحَّةِ شَهَادَةِ الْمُسْتَخْفِي وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عليه بِالْإِقْرَارِ وَالْحُكْمِ حتى يُشْهِدَهُ على ذلك وَعَنْهُ إنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ في الْحَالِ شَهِدَ بِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِسَابِقَةِ الْحَقِّ لم يَشْهَدْ بِهِ نَقَلَهَا أبو طَالِبٍ وَاخْتَارَهَا الْمَجْدُ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ في ذلك كُلِّهِ بَلْ يُخَيَّرُ نَقَلَهَا أَحْمَدُ بن سَعِيدٍ وَتَوَرَّعَ ابن أبي موسى فقال في الْقَرْضِ وَنَحْوِهِ لَا يَشْهَدُ بِهِ وفي الْإِقْرَارِ يَحِقُّ في الْحَالِ يقول حَضَرْت إقْرَارَ فُلَانٍ بِكَذَا وَلَا يقول أَشْهَدُ على إقْرَارِهِ وقال أبو الْوَفَاءِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ على الْمَشْهُودِ عليه إلَّا أَنْ يَقْرَأَ عليه الْكِتَابَ أو يَقُولَ الْمَشْهُودُ عليه قُرِئَ عَلَيَّ أو فَهِمْت جَمِيعَ ما فيه فإذا أَقَرَّ بِذَلِكَ شَهِدَ عليه وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَحِينَئِذٍ لَا يُقْبَلُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ ما عَلِمْت ما فيه في الظَّاهِرِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا قال الْمُتَحَاسِبَانِ لَا تَشْهَدُوا عَلَيْنَا بِمَا يَجْرِي بَيْنَنَا لم يَمْنَعْ ذلك الشَّهَادَةَ وَلُزُومَ إقَامَتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ يَمْنَعُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا شَهِدَ عليه شَهِدَ سَوَاءٌ كان وَقْتَ الْحُكْمِ أو لَا وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْقَاضِي وَقِيلَ لِابْنِ الزَّاغُونِيِّ إذَا قال الْقَاضِي لِلشَّاهِدَيْنِ أُعْلِمُكُمَا أَنِّي حَكَمْت بِكَذَا هل يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدَنَا على نَفْسِهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فقال الشَّهَادَةُ على الْحَاكِمِ تَكُونُ في وَقْتِ حُكْمِهِ فَأَمَّا بَعْدَ ذلك فإنه مُخْبِرٌ لَهُمَا بِحُكْمِهِ فيقول الشَّاهِدُ أخبرني أو أَعْلَمَنِي أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا في وَقْتِ كَذَا وكذا قال أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ لَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا أَشْهَدُ وَإِنَّمَا يُخْبِرَانِ بِقَوْلِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَصْلٌ وإذا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَحْمَرَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أَبْيَضَ أو شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ الْيَوْمَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَمْسِ لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ إبن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْمُحَرَّرِ قَالَهُ أَكْثَرُ أصحابنَا وقال أبو بَكْرٍ تُكَمَّلُ الْبَيِّنَةُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهَادَةٍ على الْفِعْلِ إذَا اخْتَلَفَا في الْوَقْتِ لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ وكذا لو اخْتَلَفَا في الْمَكَانِ أو في الصِّفَةِ بِمَا يَدُلُّ على تَغَايُرِ الْفِعْلَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال أبو بَكْرٍ تُكَمَّلُ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ في قَوَدٍ وَقَطْعٍ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَيْضًا في الْقَطْعِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو اخْتَلَفَا في صِفَةِ الْفِعْلِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ مع الزَّوَالِ كِيسًا أَبْيَضَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ مع الزَّوَالِ كِيسًا أَسْوَدَ أو شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ هذا الْكِيسَ غَدْوَةً وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ سَرَقَهُ عَشِيَّةً لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذكره ابن حَامِدٍ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وقال أبو بَكْرٍ تُكَمَّلُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو شَهِدَ بِكُلِّ فِعْلٍ شَاهِدَانِ وَاخْتَلَفَا في الْمَكَانِ أو الزَّمَانِ أو الصِّفَةِ ثَبَتَا جميعا إنْ ادَّعَاهُمَا وَإِلَّا ثَبَتَ ما ادَّعَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَكْرَارُهُ كَقَتْلِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ تَعَارَضَتَا جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وقال في الْفُرُوعِ تَعَارَضَتَا إلَّا على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وهو مُرَادُهُمَا وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ سَرَقَ مع الزَّوَالِ كِيسًا أَبْيَضَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَهُ عَشِيَّةً تَعَارَضَتَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا ولم يَثْبُتْ قَطْعٌ وَلَا مَالٌ قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هذا لَا تَعَارُضَ فيه لِإِمْكَانِ صِدْقِهِمَا بِأَنْ يَسْرِقَهُ بُكْرَةً ثُمَّ يَعُودَ إلَى صَاحِبِهِ أو غَيْرِهِ فَيَسْرِقَهُ عَشِيَّةً فَيَثْبُتُ له الْكِيسُ الْمَشْهُودُ بِهِ حَسْبُ فإن الْمَشْهُودَ بِهِ وَإِنْ كَانَا فِعْلَيْنِ لَكِنَّهُمَا في مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ من ضَمَانِهِ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ له بِأَلْفٍ أَمْسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ له بها الْيَوْمَ أو شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ دَارِهِ أَمْسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا الْيَوْمَ كُمِّلَتْ الْبَيِّنَةُ وَثَبَتَ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَارُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمُوا بِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وفي الْكَافِي احْتِمَالٌ أنها لَا تُكَمَّلُ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ كُلُّ الْعُقُودِ كَالنِّكَاحِ على ما يَأْتِي‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهَادَةٍ على الْقَوْلِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَتَقَدَّمَ احْتِمَالُ صَاحِبِ الْكَافِي وَوَجْهُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ إلَّا النِّكَاحَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أَمْسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وقال في الْمُحَرَّرِ أَكْثَرُ أصحابنَا قال لَا يَجْمَعُ لِلتَّنَافِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال أبو بَكْرٍ يَجْمَعُ وَتُكَمَّلُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وكذلك الْقَذْفُ يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُكَمَّلُ إذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ في وَقْتِ قَذْفِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْمُحَرَّرِ حُكْمُهُ حُكْمُ النِّكَاحِ عِنْدَ أَكْثَرِ أصحابنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال أبو بَكْرٍ يَثْبُتُ الْقَذْفُ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ لو كانت الشَّهَادَةُ على الْإِقْرَارِ بِفِعْلٍ أو غَيْرِهِ وَلَوْ نِكَاحًا أو قَذْفًا جُمِعَتْ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْفِعْلِ وَآخَرُ على إقْرَارِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُجْمَعُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى في الْقَسَامَةِ وَالشَّارِحُ في أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ فَنَصُّهُ تُجْمَعُ وقال الْقَاضِي لَا تُجْمَعُ وَقَالَهُ غَيْرُهُ وَذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ عن الْأَكْثَرِينَ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو شَهِدَ وَاحِدٌ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أو قَتْلِ خَطَأٍ وَآخَرُ على إقْرَارِهِ لم تُجْمَعْ ولمدعى الْقَتْلِ أَنْ يَحْلِفَ مع أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ مَتَى جَمَعْنَا الْبَيِّنَةَ مع اخْتِلَافِ زَمَنٍ في قَتْلٍ أو طَلَاقٍ فَالْعِدَّةُ وَالْإِرْثُ تلى آخِرَ الْمُدَّتَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ له بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ له بِأَلْفَيْنِ ثبتت ‏[‏ثبت‏]‏ الْأَلْفُ وَيَحْلِفُ على الْآخَرِ مع شَاهِدِهِ إنْ أَحَبَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْلِفُ مع كل شَاهِدٍ لِأَنَّهَا لم تَثْبُتْ‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَلْفٍ وَشَاهِدَانِ بِخَمْسِمِائَةٍ ولم تَخْتَلِفْ الْأَسْبَابُ وَالصِّفَاتُ دَخَلَتْ الْخَمْسُمِائَةِ في الْأَلْفِ وَوَجَبَتْ الْأَلْفُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَسْبَابُ وَالصِّفَاتُ وَجَبَتْ له الْأَلْفُ وَالْخَمْسُمِائَةُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ له عليه الفا وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ له عليه أَلْفَيْنِ فَهَلْ تُكَمَّلُ الْبَيِّنَةُ على أَلْفٍ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي أَحَدُهُمَا تُكَمَّلُ الْبَيِّنَةُ في الْأَلْفِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي لَا تُكَمَّلُ فَيَحْلِفُ مع كل شَاهِدٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ له عليه أَلْفًا من قَرْضٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ له عليه أَلْفًا من ثَمَنِ مَبِيعٍ لم تُكَمَّلْ الْبَيِّنَةُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ تُكَمَّلُ إنْ شَهِدَا على إقْرَارِهِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَهِدَ شَاهِدٌ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفٍ من قَرْضٍ جُمِعَتْ شَهَادَتُهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ له عليه أَلْفًا وقال أَحَدُهُمَا قَضَاهُ بَعْضَهُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ قضى منه مِائَةٌ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ تَفْسُدُ في الْمِائَةِ كَرُجُوعِهِ قال الشَّارِحُ وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها تُقْبَلُ فِيمَا بَقِيَ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ جاء بَعْدَ هذا الْمَجْلِسِ فقال أَشْهَدُ أَنَّهُ قَضَاهُ بَعْضَهُ لم يُقْبَلْ منه قال الشَّارِحُ فَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا جاء بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَحْتَاجُ قَضَاءُ الْمِائَةِ إلَى شَاهِدٍ آخَرَ أو يَمِينٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قال أَحَدُهُمَا قَضَاهُ نِصْفَهُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وقال وَجْهًا وَاحِدًا وَكَذَلِكَ بن منجي وقال في الْفُرُوعِ لو شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قال أَحَدُهُمَا قَضَاهُ خَمْسَمِائَةٍ صَحَّ نَصَّ عليه وقال في الْمُحَرَّرِ وَنَصَّ فِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قال أحدهما ‏[‏أحدها‏]‏ قَضَاهُ خَمْسَمِائَةٍ فَشَهَادَتُهُمَا صَحِيحَةٌ بِالْأَلْفِ وَيَحْتَاجُ قَضَاءُ الْخَمْسِمِائَةِ إلَى شَاهِدٍ آخَرَ أو يَمِينٍ وَيَتَخَرَّجُ مِثْلُهُ في التي قَبْلَهَا وَيَتَخَرَّجُ فِيهِمَا أَنْ لَا تُثْبِتَ شَهَادَتُهُمَا سِوَى خَمْسِمِائَةٍ انتهى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَخَرَّجُ بُطْلَانُ شَهَادَتِهِ كَرِوَايَةِ الْأَثْرَمِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ لو شَهِدَ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَدْلَانِ أو عَدْلٌ أَنَّهُ اقْتَضَاهُ ذلك الْحَقَّ أو قد بَاعَ ما اشْتَرَاهُ لم يَشْهَدْ له نَقَلَهُ إبن الْحَكَمِ وَسَأَلَهُ إبن هَانِئٍ لو قَضَاهُ نِصْفَهُ ثُمَّ جَحَدَهُ بَقِيَّتَهُ أَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ أو بَقِيَّتَهُ قال يَدَّعِيهِ كُلَّهُ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فَتَشْهَدُ على حَقِّهِ كُلِّهِ ثُمَّ يقول لِلْحَاكِمِ قَضَانِي نِصْفَهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو عَلَّقَ طَلَاقًا إنْ كان لِزَيْدٍ عليه شَيْءٌ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ لم يَحْنَثْ بَلْ إنْ شَهِدَا أَنَّ له عليه فَحُكِمَ بِهِمَا قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ في صَادِقٍ ظَاهِرٌ وَلِهَذَا قال في الرِّعَايَةِ من حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا حَقَّ عليه لِزَيْدٍ فَقَامَتْ عليه بَيِّنَةٌ تَامَّةٌ بِحَقٍّ لِزَيْدٍ حَنِثَ حُكْمًا‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو شَهِدَا على رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ من نِسَائِهِ أو أَعْتَقَ من إمَائِهِ أو أَبْطَلَ من وَصَايَاهُ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَقَالَا نَسِينَا عَيْنَهَا لم تُقْبَلْ هذه الشَّهَادَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ تُقْبَلُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ في صُورَةِ الْوَصِيَّةِ فيها قال في التَّرْغِيبِ قال أصحابنَا يُقْرَعُ بين الْوَصِيَّتَيْنِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا فَهِيَ الصَّحِيحَةُ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ هل يَشْهَدُ عَقْدًا فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فيه وَيَشْهَدُ بِهِ قال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ دُخُولُهَا فِيمَنْ أتى فَرْعًا مُخْتَلَفًا فيه وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَشْهَدُ وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى لو رَهَنَ الرَّهْنَ بِحَقٍّ ثَانٍ كان رَهْنًا بِالْأَوَّلِ فَقَطْ فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ فَإِنْ اعْتَقَدَا فَسَادَهُ لم يَكُنْ لَهُمَا وَإِنْ اعْتَقَدَا صِحَّتَهُ جَازَ أَنْ يَشْهَدَا بِكَيْفِيَّةِ الْحَالِ فَقَطْ وَمَنَعَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ إذَا عَلِمَهُ بِتَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ أو تَفْضِيلِهِ وَذَكَرَهُ فيه الْحَارِثِيُّ عن الْأصحاب وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ يُكْرَهُ ما ظَنَّ فَسَادَهُ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَحْرُمُ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا كانت له بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ فقال أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لي بِخَمْسِمِائَةٍ لم يَجُزْ وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يَجُوزُ فقال في الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَا شَهِدَا على رَجُلٍ بِأَلْفٍ فقال صَاحِبُ الدَّيْنِ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لي من الْأَلْفِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنْ كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ من ذلك لم يَجُزْ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِخَمْسِمِائَةٍ قال وَعِنْدِي يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ انتهى‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ إذَا قال من له بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لي بِخَمْسِمِائَةٍ لم يَجُزْ ذلك إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمُ بِأَكْثَرَ منها وَأَجَازَهُ أبو الْخَطَّابِ انتهى‏.‏

وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ فقال وَمَنْ قال لِبَيِّنَةٍ بِمِائَةٍ أشهدا لي بِخَمْسِينَ لم يَجُزْ إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِمَا فَوْقَهَا نَصَّ عليه وأجازة أبو الْخَطَّابِ انتهى‏.‏

وقال في الْوَجِيزِ وإذا قال من له بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لي بِخَمْسِمِائَةٍ لم يَجُزْ ذلك إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها وَإِلَّا جَازَ انتهى‏.‏

فَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا كان مولي بِأَكْثَرَ منها أَنَّهُ يَجُوزُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ في الْوَجِيزِ فقال لم يَجُزْ ذلك إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها وَإِلَّا جَازَ فَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ إنْ وُلِّيَ بِأَكْثَرَ منها جَازَ على الْقَوْلَيْنِ قال شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ على الْمُحَرَّرِ وَهَذَا مُشْكِلٌ من جِهَةِ الْمَعْنَى وَالنَّقْلِ أَمَّا من جِهَةِ الْمَعْنَى فإنه إذَا كان قد ولى بِأَكْثَرَ منها فَلَيْسَ مَعَنَا حَاجَةٌ دَاعِيَةٌ إلَى الشَّهَادَةِ بِالْبَعْضِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فإنه إذَا لم يُوَلَّ الْحُكْمُ بِأَكْثَرَ منها فَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى الشَّهَادَةِ بِالْبَعْضِ وهو الْمِقْدَارُ الذي يَحْكُمُ بِهِ وَلِهَذَا لم يذكر الشَّيْخُ في الْمُقْنِعِ هذا الْقَيْدَ وَلَا الْكَافِي لِأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَهِمَ أَنَّهُ ليس بِقَيْدٍ يُحْتَرَزُ بِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لم يَطَّلِعْ عليه لِأَنَّهُ في كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وهو قد نَقَلَ كَلَامَهُ وَأَمَّا من جِهَةِ النَّقْلِ فقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قال أشهد على بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ على مِائَةٍ دُونَ مِائَةٍ كُرِهَ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُونِي على مِائَةٍ وَمِائَةٍ وَمِائَةٍ يَحْكِيهِ كُلَّهُ لِلْحَاكِمِ كما كان وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا شَهِدَ على أَلْفٍ وكان الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ إلَّا على مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فقال صَاحِبُ الْحَقِّ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَ لي على مِائَةٍ لم يَشْهَدْ إلَّا بِالْأَلْفِ قال الْقَاضِي وَذَلِكَ أَنَّ على الشَّاهِدِ نَقْلَ الشهاده على ما شَهِدَ فَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا شَهِدَ على أَلْفٍ وكان الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ إلَّا على مِائَةِ وَمِائَتَيْنِ يَرُدُّ ما قَالُوهُ فإنه ذَكَرَ في الرِّوَايَةِ إذَا كان يَحْكُمُ على مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فقال صَاحِبُ الْحَقِّ أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَ لي على مِائَةٍ لم يَشْهَدْ إلَّا بِالْأَلْفِ فَمَنَعَهُ مع أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِمِائَتَيْنِ فإذا مَنَعَهُ من الشَّهَادَةِ بِمِائَةٍ وهو يَحْكُمُ بِمِائَتَيْنِ فَقَدْ مَنَعَهُ في صُورَةِ ما إذَا ولى الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها وَتَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ لَا يَحْتَاجُ معه إلَى تَطْوِيلٍ وَأَمَّا تَقْيِيدُ الْحَاكِمِ فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فإن الْوَاقِعَ في هذه الصُّورَةِ لَا يَكُونُ في الْعُرْفِ إلَّا إذَا كان الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ بِأَكْثَرَ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَا يَطْلُبُ إلَّا في هذه الصُّورَةِ أو نَحْوِهَا من الصُّوَرِ التي تَمْنَعُهُ من طَلَبِ الْحَقِّ كَامِلًا أَمَّا كَلَامُ أبي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ في الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْخِلَافِ أَيْ أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ لَا يُجِيزُهُ إلَّا إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ بِأَكْثَرَ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا يَجُوزُ وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يَجُوزُ إذَا كان لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها وَأَمَّا إذَا كان قد ولى الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها لم يَجُزْ بِلَا خِلَافٍ لِعَدَمِ الْعُذْرِ لَكِنْ تَعْلِيلُ قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ الذي عَلَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في المغنى وهو أَنَّهُ من شَهِدَ بِأَلْفٍ فَقَدْ شَهِدَ بِالْخَمْسِمِائَةِ وَلَيْسَ كَاذِبًا يَدُلُّ على أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ يُجِيزُهُ مُطْلَقًا وأبو الْخَطَّابِ لم يُعَلِّلْ قَوْلَهُ في الْهِدَايَةِ فَإِنْ كان رَأَى تَعْلِيلَهُ في كَلَامِهِ في غَيْرِ الْهِدَايَةِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ كان عَلَّلَهُ من عِنْدِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ قَصَدَ ما فَهِمَهُ الشَّيْخُ وَأَرَادَ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ الْجَوَازُ في صُورَةِ ما إذَا لم يُوَلَّ بِأَكْثَرَ منها وَيَكُونُ كَوْنُهُ ليس كَاذِبًا في شَهَادَةٍ يَمْنَعُ الإحتياج إلَى ذلك لِأَجْلِ الْحُكْمِ لِكَوْنِهِ لَا يَحْكُمُ بِأَكْثَرَ منها فَتَكُونُ الْعِلَّةُ الْمَجْمُوعَ مع أَنَّ كَلَامَ أبي الْخَطَّابِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ من تَحْتٍ أَيْ قال صَاحِبُ الْحَقِّ ذلك بِأَنْ كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ بِأَكْثَرَ منها لَكِنْ النسخة ‏[‏النسخ‏]‏ بِالْفَاءِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ من الْكَاتِبِ وَإِنْ كان بَعِيدًا وَأَمَّا صَاحِبُ الْوَجِيزِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ظَنَّ الْمَفْهُومَ مَقْصُودًا فَصَرَّحَ بِهِ وَإِنْ كان بَعِيدًا وَلَكِنْ ارْتَكَبْنَاهُ لَمَّا دَلَّ عليه كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِمَا عليه الْجَمَاعَةُ انتهى‏.‏

كَلَامُ شَيْخِنَا قال وقد ذَكَرَ الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ نَصْرُ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا بِالْخَمْسِمِائَةِ وكان أَصْلُهَا بِأَلْفٍ وَأَعْلَمُوا الْحَاكِمَ بِذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ بِالْخَمْسِمِائَةِ حُكْمًا بِالْأَلْفِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِبَعْضِ الْجُمْلَةِ حُكْمٌ بِالْجُمْلَةِ فإذا كان لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَلْفٍ يَكُونُ قد حَكَمَ بِمَا لم يُوَلَّ فيه وهو مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ ما إذَا كان ولى الْحُكْمَ بِأَلْفٍ فإنه يَكُونُ قد حَكَمَ بِمَا ولى فيه هذا مَعْنَى ما رَأَيْته من كَلَامِهِ قال وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِينَ ذَكَرُوا الْمَنْعَ من ذلك إنَّمَا عَلَّلُوهُ بِأَنَّ الشَّاهِدَ لم يَشْهَدْ كما سمع وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ الْمَنْعَ لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدِ لَا لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلِأَنَّهُ قد يُقَالُ لَا يَسْلَمُ في مِثْلِ هذه الصُّورَةِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْبَعْضِ الْمَشْهُودِ بِهِ يَكُونُ حُكْمًا بالجمله بَلْ إنَّمَا يَكُونُ حُكْمًا بِمَا ادَّعَى بِهِ وَشَهِدَ بِهِ وقد يُقَالُ الَّذِينَ عَلَّلُوا الْمَنْعَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ لم تُؤَدَّ كما سُمِعْت كَلَامُهُمْ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مُطْلَقًا وَأَمَّا من قَيَّدَ الْمَنْعَ بِمَا إذَا كان الْحَاكِمُ لم يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ منها يَكُونُ تَوْجِيهُهُ ما ذُكِرَ وَيَدُلُّ عليه ذِكْرُ هذا الْقَيْدِ لِأَنَّهُمْ لم يَمْنَعُوا إلَّا بهذا الشَّرْطِ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْبَعْضِ من الْجُمْلَةِ حُكْمٌ بِكُلِّهَا وقد ذَكَرَ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ما يُخَالِفُ ذلك فإنه ذَكَرَ في أَوَائِلِ الْكُرَّاسِ الرَّابِعِ فِيمَا إذَا كانت وِلَايَةُ الْقَاضِي خَاصَّةً وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على صِحَّتِهَا في قَدْرٍ من الْمَالِ فقال في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن نَصْرٍ في رَجُلٍ أُشْهِدَ على أَلْفِ دِرْهَمٍ وكان الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ إلَّا في مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فقال لَا تَشْهَدْ إلَّا بِمَا أُشْهِدْت عليه وَكَذَلِكَ قال في رِوَايَةِ الْحَسَنِ بن مُحَمَّدٍ في رَجُلٍ أُشْهِدَ على أَلْفٍ وَلَا يُحْكَمُ في الْبِلَادِ إلَّا على مِائَةٍ لَا يَشْهَدْ إلَّا بِأَلْفٍ فَقَدْ نَصَّ على جَوَازِ الْقَضَاءِ في قَدْرٍ من الْمَالِ وَوَجْهُهُ ما ذَكَرْنَا وَمَنَعَ من تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ إذَا كانت بِقَدْرٍ يَزِيدُ على ما جُعِلَ له فيه بَلْ يَشْهَدُ بِذَلِكَ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ من ذلك بِمَا جُعِلَ له لِأَنَّهُ إذَا شَهِدَ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ هذا الْقَاضِي وَشَهِدَ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ رُبَّمَا ادَّعَى الْمُقِرُّ أَنَّ هذه الْخَمْسَمِائَةِ الثَّانِيَةَ هِيَ التي شَهِدَ بها أَوَّلًا وَتَسْقُطُ إحْدَاهُمَا‏:‏ على قَوْلِ من يَحْمِلُ تَكْرَارَ الْإِقْرَارِ في مَجْلِسَيْنِ بِأَلْفٍ وَاحِدَةٍ وقد يَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ذلك أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ على وَجْهِهَا‏}‏ وإذا بَعَّضَهَا فلم يَأْتِ بها على وَجْهِهَا انتهى‏.‏

كَلَامُ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ‏.‏

بَابُ‏:‏ شُرُوطِ من تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

قَوْلُهُ‏:‏ وَهِيَ سِتَّةٌ أَحَدُهَا الْبُلُوغُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ وَالْمُخْتَارُ لِلْأصحاب مُتَقَدِّمِهِمْ وَمُتَأَخِّرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ تُقْبَلُ مِمَّنْ هو في حَالِ الْعَدَالَةِ فَتَصِحُّ من مُمَيِّزٍ وَنَقَل ابن هَانِئٍ ابن عشْرٍ وَاسْتَثْنَى ابن حامد على هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ إلَّا في الْجِرَاحِ إذَا شَهِدُوا قبل الإفتراق عن الْحَالَةِ التي تَجَارَحُوا عليها ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَعَنْهُ تُقْبَلُ في الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ ذَكَرَهَا في الْوَاضِحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ قال الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من الْأصحاب يُشْتَرَطُ أَنْ يُؤَدُّوهَا أو يَشْهَدُوا على شَهَادَتِهِمْ قبل تَفَرُّقِهِمْ ثُمَّ لَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُمْ وَقِيلَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ على مِثْلِهِمْ وَسَأَلَهُ عبد اللَّهِ فقال عَلِيٌّ رضي اللَّهُ عنه أَجَازَ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ‏.‏

فائدة‏:‏

ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْخِلَافَ عِنْدَ الْأصحاب في الشَّهَادَةِ على الْجِرَاحِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ فَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْمَالِ فَلَا تُقْبَلُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا عَجَبٌ من الْقَاضِي فإن الصِّبْيَانَ لَا قَوَدَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا الشَّهَادَةُ بِمَا يُوجِبُ الْمَالَ ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّانِي الْعَقْلُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ إلَّا من يُخْنَقُ في الْأَحْيَانِ إذَا شَهِدَ في إفَاقَتِهِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ نَصَّ عليه وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ من يُصْرَعُ في الشَّهْرِ مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ وقال في الْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ من يُصْرَعُ في الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ وَقِيلَ من يُفِيقُ أَحْيَانًا حَالَ إفَاقَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّالِثُ الْكَلَامُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه قال الشَّارِحُ هذا أَوْلَى قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُقْبَلَ فِيمَا طَرِيقُهُ الرِّوَايَةُ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ قُلْت وهو قَوِيٌّ جِدًّا وقد أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَدَّاهَا بخطة فَقَدْ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنَعَهَا أبو بَكْرٍ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي وَخَالَفَهُ في الْمُحَرَّرِ فَاخْتَارَ فيه قَبُولَهَا قُلْت وهو الصَّوَابُ قال في النُّكَتِ وَكَأَنَّ وَجْهَ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكِتَابَةَ هل هِيَ صَرِيحٌ أَمْ لَا وَيَأْتِي في أَثْنَاءِ الْبَابِ شَهَادَةُ الْأَصَمِّ وَالْأَعْمَى وَأَحْكَامُهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الرَّابِعُ الْإِسْلَامُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ إلَّا أَهْلَ الْكِتَابِ في الْوَصِيَّةِ في السَّفَرِ إذَا لم يُوجَدْ غَيْرُهُمْ وَحَضَرَ الْمُوصِيَ الْمَوْتُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ يَعْنِي إذَا كَانُوا رِجَالًا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْوَصِيَّةِ في السَّفَرِ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ حتى قال الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ إنَّهُ نَصُّ الْقُرْآنِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ رَوَاهُ نَحْوُ الْعِشْرِينَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَ ابن الجوزي في الْمُذْهَبِ رِوَايَةً بِعَدَمِ الْقَبُولِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فيه أَنْ يَكُونَ ذِمِّيًّا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ‏.‏

تَنْبِيهَاتٌ‏:‏

أَحَدُهَا‏:‏ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غير الْكِتَابِيِّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فيها وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ تُقْبَلُ من الْكَافِرِ مُطْلَقًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الْمُوصِي مُسْلِمًا أو كَافِرًا وهو صَحِيحٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ الثَّالِثُ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِ لَا تُقْبَلُ في غَيْرِ هذه الْمَسْأَلَةِ بِشَرْطِهَا وقال هو الْمَذْهَبُ وهو كما قال وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ نَحْوٍ من عِشْرِينَ من أصحابهِ في أنها لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِلْحَمِيلِ وَعَنْهُ تُقْبَلُ لِلْحَمِيلِ وَمَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَعَنْهُ تُقْبَلُ سَفَرًا ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال كما تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الْحُدُودِ إذَا اجْتَمَعْنَ في الْعُرْسِ وَالْحَمَّامِ انتهى‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّ شَهَادَةَ بَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ تُقْبَلُ على بَعْضٍ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَخَطَّأَهُ الْخَلَّالُ في نَقْلِهِ قال أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ هذا غَلَطٌ لَا شَكَّ فيه قال أبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّبْيِ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ الْآخَرَ أَخُوهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ غَلَطُ من رَوَى خِلَافَ ذلك قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَاخْتَارَ رِوَايَةَ قَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وابن رَزِينٍ وَصَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَنَصَرُوهُ وَاحْتَجَّ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ على أَوْلَادِهِ فَشَهَادَتُهُ عليهم أَوْلَى وَنَصَرَهُ أَيْضًا في الإنتصار وفي الإنتصار أَيْضًا لَا من حربى وَفِيهِ أَيْضًا بَلْ على مِثْلِهِ وقال هو وَغَيْرُهُ لَا مُرْتَدٍّ لِأَنَّهُ ليس أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ فَلَا يُقَرُّ وَلَا فَاسِقٍ منهم لِأَنَّهُ لَا يَجْتَنِبُ مَحْظُورَ دِينِهِ وَتَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ وفي اعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمِلَّةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْمِلَّةِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ اتِّحَادُهَا صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ‏.‏

تنبيه‏:‏

يَحْتَمِلُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيُحَلِّفُهُمْ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كان ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ إن تَحْلِيفَهُمْ على سَبِيلِ الْوُجُوبِ وهو الظَّاهِرُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْأَشْهَرُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحَلِّفُهُمْ على سَبِيلِ الإستحباب وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال في الْوَاضِحِ يُحَلِّفُهُمْ مع الرِّيبَةِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْفَظُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ وَلَا مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَعْرُوفِ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَكَذَا الْمَعْرُوفُ بِكَثْرَةِ النِّسْيَانِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأصحاب منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وابن حَمْدَانَ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ وقال في التَّرْغِيبِ هذا الصَّحِيحُ إلَّا في أَمْرٍ جَلِيٍّ يَكْشِفُهُ الْحَاكِمُ وَيُرَاجِعُهُ فيه حتى يَعْلَمَ تَثَبُّتَهُ فيه وَأَنَّهُ لَا سَهْوَ وَلَا غَلَطَ فيه وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالسَّادِسُ الْعَدَالَةُ وَهِيَ اسْتِوَاءُ أَحْوَالِهِ في دِينِهِ وَاعْتِدَالُ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ تَقَدَّمَ في بَابِ طريق ‏[‏طرق‏]‏ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ اعْتِبَارُ الْعَدَالَةِ في الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَيُعْتَبَرُ اسْتِوَاءُ أَحْوَالِهِ في دِينِهِ وَاعْتِدَالُ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَقِيلَ الْعَدْلُ من لم تَظْهَرْ منه رِيبَةٌ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ عِنْدَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ وَتَقَدَّمَ ذلك وَذَكَرَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ في الْعَدَالَةِ اجْتِنَابَ الرِّيبَةِ وَانْتِفَاءَ التُّهْمَةِ زَادَ في الرِّعَايَةِ وَفِعْلُ ما يُسْتَحَبُّ وَتَرْكُ ما يُكْرَهُ‏.‏

فائدة‏:‏

الْعَاقِلُ من عَرَفَ الْوَاجِبَ عَقْلًا الضَّرُورِيَّ وَغَيْرَهُ وَالْمُمْتَنِعَ وَالْمُمْكِنَ وما يَضُرُّهُ وما يَنْفَعُهُ غَالِبًا وَالْعَقْلُ نَوْعُ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ إنْسَانِيٍّ وَمَحَلُّ ذلك الْأُصُولُ وَالْإِسْلَامُ الشَّهَادَتَانِ نُطْقًا أو حُكْمًا تَبَعًا أو بِدَارٍ مع الْتِزَامِ أَحْكَامِ الدِّينِ قَالَهُ الْأصحاب‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُعْتَبَرُ لها شَيْئَانِ الصَّلَاحُ في الدِّينِ وهو أَدَاءُ الْفَرَائِضِ إن أَدَاءَ الْفَرَائِضِ وَحْدَهَا يَكْفِي وَلَوْ لم يُصَلِّ سُنَنَهَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ أَدَاءَ الْفَرَائِضِ بِسُنَنِهَا الرَّاتِبَةِ وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ بِسُنَنِهَا ولم يذكر الرَّاتِبَةَ وقد أَوْمَأَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْجَمَاعَةُ كَقَوْلِهِ فِيمَنْ يُوَاظِبُ على تَرْكِ سُنَنِ الصَّلَاةِ رَجُلُ سُوءٍ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لو تَرَكَ سُنَّةً سَنَّهَا النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً من سُنَنِهِ فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ وقال الْقَاضِي يَأْثَمُ قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ من تَرْكِ فَرْضٍ وَإِلَّا فَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ سُنَّةٍ وَإِنَّمَا قال هذا الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ تَرَكَهَا طُولَ عُمُرِهِ أو أَكْثَرَهُ فإنه يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ إذَا دَاوَمَ على تَرْكِهَا لِأَنَّهُ بِالْمُدَاوَمَةِ يَكُونُ رَاغِبًا عن السنه وَتَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ لِكَوْنِهَا سنه وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ خَرَجَ على هذا وَكَذَا قال في الْفُصُولِ الْإِدْمَانُ على تَرْكِ هذه السُّنَنِ غَيْرُ جائز ‏[‏جائر‏]‏ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْوِتْرِ وقال بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في الْوِتْرِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُحْكَمُ بِفِسْقِهِ قُلْت فيعايي بها على قَوْلِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ من تَرَكَ الْوِتْرَ فَلَيْسَ بِعَدْلٍ وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْجَمَاعَةِ على أنها سُنَّةٌ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَاقِصَ الْإِيمَانِ وقال في الرِّعَايَةِ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ من أَكْثَرَ من تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمَ وهو أَنْ لَا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً وَلَا يُدْمِنَ على صغيره وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَقِيلَ أَنْ لَا يَظْهَرَ منه إلَّا الْخَيْرُ وَقِيلَ أَنْ لَا يَتَكَرَّرَ منه صَغِيرَةٌ وَقِيلَ ثَلَاثًا وَقَطَعَ بِهِ في آدَابِ الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ بِأَنْ لَا يُكْثِرَ من الصَّغَائِرِ وَلَا يُصِرَّ على وَاحِدَةٍ منها وَعَنْهُ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِكِذْبَةٍ وَاحِدَةٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في المغنى وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال ابن عَقِيلٍ اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ وَقَاسَ عليه بَقِيَّةَ الصَّغَائِرِ وهو بَعِيدٌ لِأَنَّ الْكَذِبَ مَعْصِيَةٌ فِيمَا تَحْصُلُ بِهِ الشَّهَادَةُ وهو الْخَبَرُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَأَخَذَ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ من هذه الرِّوَايَةِ أَنَّ الْكَذِبَ كَبِيرَةٌ وَجَعَل ابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْكَذِبِ وَأَوْرَدَ ذلك مَذْهَبًا قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وقال أَيْضًا وَلَعَلَّ الْخِلَافَ في الكذبه لِلتَّرَدُّدِ فيها هل هِيَ كَبِيرَةٌ أو صَغِيرَةٌ وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ الرِّوَايَتَيْنِ في رَدِّ الشَّهَادَةِ بِالْكِذْبَةِ الْوَاحِدَةِ وَظَاهِرُ الْكَافِي أَنَّ الْعَدْلَ من رَجَحَ خَيْرُهُ ولم يَأْتِ كَبِيرَةً لِأَنَّ الصَّغَائِرَ تَقَعُ مُكَفَّرَةً أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَلَا تَجْتَمِعُ قال ابن عَقِيلٍ لَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَقُلْنَا بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْعُمْدَةِ أَنَّهُ عَدْلٌ وَلَوْ أتى كَبِيرَةً قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ صَرَّحَ بِهِ في قِيَاسِ الشُّبْهَةِ وَعَنْهُ فِيمَنْ أَكَلَ الرِّبَا إنْ أَكْثَرَ لم نُصَلِّ خَلْفَهُ قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ فَاعْتَبَرَ الْكَثْرَةَ وقال في المغنى إنْ أَخَذَ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً وَتَكَرَّرَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَعَنْهُ فِيمَنْ وَرِثَ ما أَخَذَهُ مَوْرُوثُهُ من الطَّرِيقِ هذا أَهْوَنُ ليس هو أَخْرَجَهُ وَأَعْجَبُ إلَى أَنْ يَرُدَّهُ وَعَنْهُ أَيْضًا لَا يَكُونُ عَدْلًا حتى يَرُدَّ ما أَخَذَ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من شَهِدَ على إقْرَارِ كَذِبٍ مع عِلْمِهِ بِالْحَالِ أو تَكَرَّرَ نَظَرُهُ إلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَالْقُعُودِ له بِلَا حَاجَةٍ شَرْعِيَّةٍ قُدِحَ في عَدَالَتِهِ قال وَلَا يَسْتَرِيبُ أَحَدٌ فِيمَنْ صلى مُحْدِثًا أو لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أو بَعْدَ الْوَقْتِ أو بِلَا قِرَاءَةٍ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ‏.‏

فائدة‏:‏

الْكَبِيرَةُ ما فيه حَدٌّ أو وَعِيدٌ نَصَّ عليه وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ ما فيه حَدٌّ أو وَعِيدٌ أو غَضَبٌ أو لَعْنَةٌ أو نَفْيُ الْإِيمَانِ وقال في الْفُصُولِ وَالْغُنْيَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ من الصَّغَائِرِ وقال الْقَاضِي في مُعْتَمَدِهِ مَعْنَى الْكَبِيرَةِ أَنَّ عِقَابَهَا أَعْظَمُ وَالصَّغِيرَةُ أَقَلُّ وَلَا يُعْلَمَانِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ وقال إبن حَامِدٍ إنْ تَكَرَّرَتْ الصَّغَائِرُ من نَوْعٍ أو أَنْوَاعٍ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ تَجْتَمِعُ وَتَكُونُ كَبِيرَةً وَمِنْ أصحابنَا من قال لَا تَجْتَمِعُ وهو شَبِيهُ مَقَالَةِ الْمُعْتَزِلَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ سَوَاءٌ كان فِسْقُهُ من جِهَةِ الْأَفْعَالِ أو الِاعْتِقَادِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَيَتَخَرَّجُ على قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ من جِهَةِ الِاعْتِقَادِ الْمُتَدَيَّنِ بِهِ إذَا لم يَتَدَيَّنْ بِالشَّهَادَةِ لِمُوَافِقِهِ على مُخَالِفِهِ كَالْخَطَّابِيَّةِ وَكَذَا قال أبو الْخَطَّابِ‏.‏

فائدة‏:‏

من قَلَّدَ في خَلْقِ الْقُرْآنِ ونفى الرُّؤْيَةِ وَنَحْوِهِمَا فَسَقَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَهُ في الْوَاضِحِ وَعَنْهُ يَكْفُرُ كَمُجْتَهِدٍ وَعَنْهُ فيه لَا يَكْفُرُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في رِسَالَتِهِ إلَى صَاحِبِ التَّلْخِيصِ لِقَوْلِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْمُعْتَصِمِ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَنَقَلَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ فِيمَنْ يقول الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ كُنْت لَا أُكَفِّرُهُ حتى قَرَأْت‏:‏ ‏{‏أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ‏}‏ وَغَيْرَهَا فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أو لَا كَفَرَ وقال في الْفُصُولِ في الْكَفَاءَةِ في جَهْمِيَّةٍ وواقفيه وَحَرُورِيَّةٍ وَقَدَرِيَّةٍ وَرَافِضِيَّةٍ إنْ نَاظَرَ وَدَعَا كَفَرَ وَإِلَّا لم يَفْسُقْ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال يُسْمَعُ حَدِيثُهُ وَيُصَلَّى خَلْفَهُ قال وَعِنْدِي أَنَّ عَامَّةَ الْمُبْتَدِعَةِ فَسَقَةٌ كَعَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كُفَّارٌ مع جَهْلِهِمْ قال وَالصَّحِيحُ لَا كُفْرَ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَجَازَ الرِّوَايَةَ عن الْحَرُورِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ وَذَكَرَ ابن حامد أَنَّ قَدَرِيَّةَ أَهْلِ الْأَثَرِ كَسَعِيدِ بن أبي عَرُوبَةَ وَالْأَصَمِّ مُبْتَدِعَةٌ وفي شَهَادَتِهِمْ وَجْهَانِ وَأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا تُقْبَلَ لِأَنَّ أَقَلَّ ما فيه الْفِسْقُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ في خَبَرِ غَيْرِ الدَّاعِيَةِ رِوَايَاتٍ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ إنْ كانت مُفَسِّقَةً قُبِلَ وَإِنْ كانت مكفره رُدَّ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَفْسُقُ أَحَدٌ وَقَالَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ في الْمُقَلَّدِ كَالْفُرُوعِ وَعَنْهُ الدَّاعِيَةُ كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ على الثَّلَاثَةِ أو أَحَدِهِمْ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ أو لم يَرَ مَسْحَ الْخُفِّ أو غَسْلَ الرِّجْلِ وَعَنْهُ لَا يَفْسُقُ من فَضَّلَ عَلِيًّا على عُثْمَانَ رِضْوَانُ اللَّهِ عليهم أَجْمَعِينَ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه وَفِيمَنْ رَأَى الْمَاءَ من الْمَاءِ وَنَحْوِهِ التسويه نَقَلَ إبن هَانِئٍ في الصَّلَاةِ خَلْفَ من يُقَدِّمُ عَلِيًّا على أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ إنْ كان جَاهِلًا لَا عِلْمَ له أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وقال الْمَجْدُ الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ لَا تُوجِبُ الْكُفْرَ لَا نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فيها لِخِفَّتِهَا مِثْلُ من يُفَضِّلُ عَلِيًّا على سَائِرِ الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَنَقِفُ عن تَكْفِيرِ من كَفَّرْنَاهُ من الْمُبْتَدِعَةِ وقال الْمَجْدُ أَيْضًا الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا فيها الدَّاعِيَةَ فَإِنَّا نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فيها كَمَنْ يقول بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أو بِأَنَّ ألفاظنا ‏[‏ألفاظا‏]‏ بِهِ مَخْلُوقَةٌ أو أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أو أَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ أو أَنَّهُ لَا يُرَى في الْآخِرَةِ أو أَنْ يَسُبَّ الصَّحَابَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ تَدَيُّنًا أو يَقُولَ إنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ وما أَشْبَهَ ذلك فَمَنْ كان عَالِمًا في شَيْءٍ من هذه الْبِدَعِ يَدْعُو إلَيْهِ وَيُنَاظِرُ عليه فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ صَرِيحًا على ذلك في مَوَاضِعَ قال وَاخْتُلِفَ عنه في تَكْفِيرِ الْقَدَرِيَّةِ بنفى خَلْقِ الْمَعَاصِي على رِوَايَتَيْنِ وَلَهُ في الْخَوَارِجِ كَلَامٌ يَقْتَضِي في تَكْفِيرِهِمْ رِوَايَتَيْنِ نَقَلَ حَرْبٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ صَاحِبِ بِدْعَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ أما ‏[‏وأما‏]‏ من فَعَلَ شيئا من الْفُرُوعِ الْمُخْتَلَفِ فيها فَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ أو شَرِبَ من النَّبِيذِ ما لَا يُسْكِرُ أو أَخَّرَ الْحَجَّ الْوَاجِبَ مع إمْكَانِهِ وَنَحْوِهِ مُتَأَوِّلًا فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وقال في الْإِرْشَادِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَ رِبَا الْفَضْلِ أو يَرَى الْمَاءَ من الْمَاءِ لِتَحْرِيمِهِمَا الْآنَ وَذَكَرَهُمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِمَّا خَالَفَ النَّصَّ من جِنْسِ ما يُنْقَضُ فيه حُكْمُ الْحَاكِمِ وَذَكَرَ في التَّبْصِرَةِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ أو أَكَلَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ أو تَزَوَّجَ بِنْتَهُ من الزنى أو أُمَّ من زَنَى بها احْتِمَالًا تُرَدُّ وَعَنْهُ يَفْسُقُ مُتَأَوِّلٌ لم يَسْكَرْ من نَبِيذٍ اخْتَارَهُ في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ قال الزَّرْكَشِيُّ وأبو بَكْرٍ كَحَدِّهِ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الْمُجْمَعِ عليه وَلِلسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَعَلَّلَه ابن الزَّاغُونِيِّ بِأَنَّهُ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَى فَاعِلِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَفِيهِ في الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ كَذِمِّيٍّ شَرِبَ خَمْرًا وهو ظَاهِرُ الْمُوجَزِ وَاخْتَلَفَ فيه كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَلَ مُهَنَّا من أَرَادَ شُرْبَهُ يَتْبَعُ فيه من شَرِبَهُ فَلْيَشْرَبْهُ وَعَنْهُ أُجِيزُ شَهَادَتَهُ وَلَا أُصَلِّي خَلْفَهُ وَحْدَهُ وَعَنْهُ وَمَنْ أَخَّرَ الْحَجَّ قَادِرًا كَمَنْ لم يُؤَدِّ الزَّكَاةَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَالْمَرُّوذِيُّ قال في الْفُرُوعِ وَقِيَاسُ الْأَدِلَّةِ من لَعِبَ بِشِطْرَنْجٍ وَتَسَمَّعَ غِنَاءً بِلَا آلَةٍ قَالَهُ في الْوَسِيلَةِ لَا بِاعْتِقَادِ إبَاحَتِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَلَفَ الناس في دُخُولِ الْفُقَهَاءِ في أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فَأَدْخَلَهُمْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَخْرَجَهُمْ ابن عقِيلٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُرَدَّ وهو لأبي ‏[‏قول‏]‏ الْخَطَّابِ‏.‏

فائدة‏:‏

من تَتَبَّعَ الرُّخَصَ فَأَخَذَ بها فَسَقَ نَصَّ عليه وَذَكَرَهُ إبن عبد الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ إجْمَاعًا وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَرِهَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَذَكَرَ الْقَاضِي غير مُتَأَوِّلٍ أو مُقَلِّدٍ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ من تَرَكَ شَرْطًا أو رُكْنًا مُخْتَلَفًا فيه لَا يُعِيدُ في رِوَايَةٍ وَيَتَوَجَّهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا لم يُنْقَضْ فيه حُكْمُ حَاكِمٍ وَقِيلَ لَا يَفْسُقُ إلَّا الْعَالِمُ وَمَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فَرِوَايَتَانِ‏.‏

تنبيه‏:‏

تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْقَضَاءِ هل يَلْزَمُ التَّمَذْهُبُ بِمَذْهَبٍ أو لَا فَلْيُعَاوَدْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّانِي اسْتِعْمَالُ الْمُرُوءَةِ وهو فِعْلُ ما يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ وَتَرْكُ ما يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَافِعِ وَالْمُتَمَسْخِرِ وَالْمُغَنِّي قال في الرِّعَايَةِ وَيُكْرَهُ سَمَاعُ الْغِنَاءِ وَالنُّوحِ بِلَا آلَةِ لَهْوٍ وَيَحْرُمُ مَعَهَا وَقِيلَ وَبِدُونِهَا من رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَقِيلَ يُبَاحُ ما لم يَكُنْ معه مُنْكَرٌ آخَرُ وَإِنْ دَاوَمَهُ أو اتَّخَذَهُ صِنَاعَةً يُقْصَدُ له أو اتَّخَذَ غُلَامًا أو جَارِيَةً مُغَنِّيَيْنِ يَجْمَعُ عَلَيْهِمَا الناس رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ اسْتَتَرَ بِهِ وَأَكْثَرَ منه رَدَّهَا من حَرَّمَهُ أو كَرِهَهُ وَقِيلَ أو أَبَاحَهُ لِأَنَّهُ سَفَهٌ وَدَنَاءَةٌ يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ وَقِيلَ الْحُدَاءُ نَشِيدُ الْأَعْرَابِ كَالْغِنَاءِ في ذلك وَقِيلَ يُبَاحُ سَمَاعُهَا انتهى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ يُكْرَهُ غِنَاءٌ وقال جَمَاعَةٌ يَحْرُمُ وقال في التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُعْجِبُنِي وقال في الْوَصِيِّ يَبِيعُ أَمَةً لِلصَّبِيِّ على أنها غَيْرُ مُغَنِّيَةٍ وَعَلَى أنها لَا تَقْرَأُ بِالْأَلْحَانِ وَقِيلَ يُبَاحُ الْغِنَاءُ وَالنَّوْحُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أبو بَكْرٍ وَكَذَا سَمَاعُهُ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا يَحْرُمُ مع آلَةِ لَهْوٍ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا وَكَذَا قالوا هُمْ وابن عَقِيلٍ إنْ كان المغنى امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَيَعْقُوبُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ سُئِلَ عن الدُّفِّ في الْعُرْسِ بِلَا غِنَاءٍ فلم يَكْرَهْهُ‏.‏

فوائد‏:‏

منها يُكْرَهُ بِنَاءُ الْحَمَّامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ الْغُسْلِ وَنَقَل ابن الْحَكَمِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ من بَنَاهُ لِلنِّسَاءِ وَتَقَدَّمَ أَحْكَامُ الْحَمَّامِ في آخِرِ بَابِ الْغُسْلِ وَمِنْهَا الشِّعْرُ كَالْكَلَامِ سَأَلَه ابن مَنْصُورٍ ما يُكْرَهُ منه قال الْهِجَاءُ وَالرَّقِيقُ الذي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ واختار ‏[‏واختاره‏]‏ جَمَاعَةٌ قَوْلُ أبي عُبَيْدٍ أَنْ يَغْلِبَ عليه الشِّعْرُ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَمِنْهَا لو أَفْرَطَ شَاعِرٌ في الْمِدْحَةِ بِإِعْطَائِهِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ أو شَبَّبَ بِمَدْحِ خَمْرٍ أو بِمُرْدٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ أو بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَسَقَ لَا إنْ شَبَّبَ بِامْرَأَتِهِ أو أَمَتِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَ في الْفُصُولِ وَالتَّرْغِيبِ تُرَدُّ كَدَيُّوثٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَاللَّاعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب في الْجُمْلَةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ اللَّاعِبِ بِهِ وَلَوْ كان مُقَلِّدًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَاللَّاعِبِ بِالْحَمَامِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ الطَّيَّارَةُ وَنَقَلَ بَكْرٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أو يَسْتَرْعِيهِ من الْمَزَارِعِ قال في الرِّعَايَةِ وَكَذَا تَسْرِيحُهَا في مَوَاضِعَ يُرَاهِنُ بها‏.‏

فائدة‏:‏

اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ حَرَامٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب كَمَعَ عِوَضٍ أو تَرْكِ وَاجِبٍ أو فِعْلِ مُحَرَّمٍ إجْمَاعًا في الْمَقِيسِ عليه قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ دَاوَمَ عليه فَسَقَ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ إذَا خَلَا من ذلك بَلْ يُكْرَهُ وَيَحْرُمُ النَّرْدُ بِلَا خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الشِّطْرَنْجُ شَرٌّ من النَّرْدِ وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ اللَّعِبَ بِالْحَمَامِ وَيَحْرُمُ لِيَصِيدَ بِهِ حَمَامَ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهَا وَاسْتِفْرَاخِهَا وَكَذَا لِحَمْلِ الْكُتُبِ من غَيْرِ أَذًى يَتَعَدَّى إلَى الناس وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ وفي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِاسْتِدَامَتِهِ وَجْهَانِ وَيُكْرَهُ حَبْسُ طَيْرٍ لِنَغْمَتِهِ فَفِي رَدِّ شَهَادَتِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ في الْفُصُولِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ أنها لَا تُرَدُّ بِذَلِكَ وَقِيلَ يَحْرُمُ كَمُخَاطَرَتِهِ بِنَفْسِهِ في رَفْعِ الْأَعْمِدَةِ وَالْأَحْجَارِ الثَّقِيلَةِ وَالثِّقَافِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَحْرُمُ مُحَاكَاةُ الناس لِلضَّحِكِ وَيُعَزَّرُ هو وَمَنْ يَأْمُرُهُ بِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَاَلَّذِي يَتَغَدَّى في السُّوقِ يَعْنِي بِحَضْرَةِ الناس قال في الْغُنْيَةِ أو يَتَغَدَّى على الطَّرِيقِ قال الزَّرْكَشِيُّ كَاَلَّذِي يَنْصِبُ مَائِدَةَ وَيَأْكُلُ عليها وَلَا يَضُرُّ أَكْلُ الْيَسِيرِ كَالْكِسْرَةِ وَنَحْوِهَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَمُدُّ رِجْلَيْهِ في مَجْمَعِ الناس وَكَذَا لو كَشَفَ من بَدَنِهِ ما الْعَادَةُ تَغْطِيَتُهُ وَنَوْمُهُ بين الْجَالِسِينَ وَخُرُوجُهُ عن مُسْتَوَى الْجُلُوسِ بِلَا عُذْرٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الطُّفَيْلِيِّ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيُحَدِّثُ بِمُبَاضَعَتِهِ أَهْلَهُ وَأَمَتَهُ وَكَذَا مُخَاطَبَتُهُمَا بِخِطَابٍ فَاحِشٍ بين الناس وحاكى الْمُضْحِكَاتِ وَنَحْوِهِ قال في الْفُنُونِ وَالْقَهْقَهَةِ قال في الْغُنْيَةِ يُكْرَهُ تَشَدُّقُهُ بِالضَّحِكِ وَقَهْقَهَتُهُ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِلَا حَاجَةٍ وقال وَمَضْغُ الْعِلْكِ لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ وَإِزَالَةُ دَرَنِهِ بِحَضْرَةِ نَاسٍ وَكَلَامٌ بِمَوْضِعٍ قَذِرٍ كَحَمَّامٍ وَخَلَاءٍ وقال في التَّرْغِيبِ وَمُصَارِعٌ وَبَوْلُهُ في شَارِعٍ وَنَقَلَ إبن الْحَكَمِ وَمَنْ بَنَى حَمَّامًا لِلنِّسَاءِ وقال في الرِّعَايَةِ وَدَوَامُ اللَّعِبِ وَإِنْ لم يَتَكَرَّرْ وَاخْتَفَى بِمَأْمَنِهِ قُبِلَتْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَأَمَّا الشَّيْنُ في الصِّنَاعَةِ كَالْحَجَّامِ وَالْحَائِكِ وَالنَّخَّالِ وَالنَّفَّاطِ وَالْقَمَّامِ وَالزَّبَّالِ وَالْمُشَعْوِذِ وَالدَّبَّاغِ وَالْحَارِسِ وَالْقَرَّادِ وَالْكَبَّاشِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إذَا حَسُنَتْ طَرَائِقُهُمْ على وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ أَحَدُهُمَا تُقْبَلُ إذَا حَسُنَتْ طَرِيقَتُهُمْ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا وقال في الْمُحَرَّرِ وَلَا يُقْبَلُ مَسْتُورُ الْحَالِ منهم وَإِنْ قَبِلْنَاهُ من غَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمَا قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ من الْوَجْهَيْنِ لَا يُقْبَلُ مَسْتُورُ الْحَالِ منهم وَإِنْ قُبِلَ من غَيْرِهِمْ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ قَبُولَ شَهَادَةِ الْحَائِكِ وَالْحَارِسِ وَالدَّبَّاغِ وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ وزاد النَّفَّاطَ وَالصَّبَّاغَ وَاخْتَارَ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ الْكَبَّاشِ وَالْكَاسِحِ وَالْقَرَّادِ وَالْقَمَّامِ وَالْحَجَّامِ وَالزَّبَّالِ وَالْمُشَعْوِذِ وَنَخَّالِ التُّرَابِ وَالْمُحَرِّشِ بين الْبَهَائِمِ وَاخْتَارَ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قَبُولَ شَهَادَةِ الْحَائِكِ وَالْحَجَّامِ وَالنَّخَّالِ وَالنَّفَّاطِ وَالْحَارِسِ وَالصَّبَّاغِ وَالدَّبَّاغِ وَالْقَمَّامِ وَالزَّبَّالِ وَالْقَرَّادِ وَالْكَبَّاشِ وَالْكَسَّاحِ وَالْقَيِّمِ وَالْجَصَّاصِ وَنَحْوِهِمْ وَاخْتَارَ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ قَبُولَ شَهَادَةِ الْحَجَّامِ وَالْحَائِكِ وَالنَّخَّالِ وَالنَّفَّاطِ وَالْقَمَّامِ وَالْمُشَعْوِذِ وَالدَّبَّاغِ وَالْحَارِسِ وَاخْتَارَ في الْمُنَوِّرِ قَبُولَ شَهَادَةِ الْحَارِسِ وَالْحَائِكِ وَالنَّخَّالِ وَالصَّبَّاغِ وَالْحَاجِمِ وَالْكَسَّاحِ وَالزَّبَّالِ وَالدَّبَّاغِ وَالنَّفَّاطِ قال صَاحِبُ التَّرْغِيبِ أو نَقُولُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْحَائِكِ وَالْحَارِسِ وَالدَّبَّاغِ بِبَلَدٍ يُسْتَزْرَى فيه بِهِمْ وَجَزَمَ الشَّارِحُ بِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْكُسَّاحِ وَالْكَنَّاسِ وَأَطْلَقَ في الزَّبَّالِ وَالْحَجَّامِ وَنَحْوِهِمْ وَجْهَيْنِ قُلْت ليس الْحَائِكُ وَالنَّخَّالُ وَالدَّبَّاغُ وَالْحَارِسُ كَالْقَرَّادِ وَالْكَبَّاشِ وَالْمُشَعْوِذِ وَنَحْوِهِمْ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ الدَّبَّابُ وَالصَّبَّاغُ وَالْكَنَّاسُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَصَانِعٍ وَمُكَارٍ وَجَمَّالٍ وَجَزَّارٍ وَمُصَارِعٍ وَمَنْ لَبِسَ غير زِيِّ بَلَدٍ يَسْكُنُهُ أو زِيَّهُ الْمُعْتَادَ بِلَا عُذْرٍ وَالْقَيِّمِ وقال غَيْرَهُ وَجَزَّارٍ وفي الْفُنُونِ وَكَذَا خَيَّاطٌ قال في الْفُرُوعِ وهو غَرِيبٌ قُلْت هذا ضَعِيفٌ جِدًّا وَمِثْلُ ذلك الصَّيْرَفِيُّ وَنَحْوُهُ إنْ لم يَتَّقِ الرِّبَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْرَهُ الصَّرْفَ قال الْقَاضِي يُكْرَهُ وقال إبن عَقِيلٍ في الصَّائِغِ والصباغ ‏[‏والصابغ‏]‏ إنْ تحري الصِّدْقَ وَالثِّقَةَ فَلَا مَطْعَنَ عليه‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يُكْرَهُ كَسْبُ من صَنْعَتُهُ دَنِيَّةٌ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ مع إمْكَانِ أَصْلَحَ منها وَقَالَهُ إبن عَقِيلٍ وَمَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ وَالْجَزَّارُ ذَكَرَهُ فيه الْقَاضِي وابن الْجَوْزِيِّ لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ قَسَاوَةَ قَلْبِهِ وَفَاصِدٍ وَمُزَيِّنٍ وَجَرَائِحِيٍّ وَنَحْوِهِمْ قال بَعْضُهُمْ وَبَيْطَارٍ وَظَاهِرُ المغنى لَا يُكْرَهُ كَسْبُ فَاصِدٍ وقال في النِّهَايَةِ الظَّاهِرُ يُكْرَهُ قال وَكَذَا الْخَتَّانُ بَلْ أَوْلَى قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا يُكْرَهُ في الرَّقِيقِ وَكَرِهَهُ الْقَاضِي‏.‏

تنبيه‏:‏

تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الصَّيْدِ أَيُّ الْمَكَاسِبِ أَفْضَلُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَتَى زَالَتْ الْمَوَانِعُ منهم فَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وَتَابَ الْفَاسِقُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِمُجَرَّدِ ذلك وَلَا يُعْتَبَرُ إصْلَاحُ الْعَمَلِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمستوعب ‏[‏المستوعب‏]‏ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ في التَّائِبِ إصْلَاحُ الْعَمَلِ سَنَةً وَقِيلَ ذلك فِيمَنْ فِسْقُهُ بِفِعْلٍ وَذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً وَعَنْهُ ذلك في مُبْتَدِعٍ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ لِتَأْجِيلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه صَبِيغًا وَقِيلَ يُعْتَبَرُ في قَاذِفٍ وَفَاسِقٍ مُدَّةُ يعلم ‏[‏علم‏]‏ حَالِهِمَا وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي وقال ابن حَامِدٍ في كِتَابِهِ يَجِيءُ على مَقَالَةِ بَعْضِ أصحابنَا من شَرْطِ صِحَّتِهَا وُجُودُ أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ لِظَاهِرِ الْآيَةِ ‏{‏إلَّا من تَابَ‏}‏‏.‏

فائدتان‏:‏

الْأُولَى‏:‏ تَوْبَةُ غَيْرِ الْقَاذِفِ النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ وَالْعَزْمُ أَنْ لَا يَعُودَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَلَوْ كان فِسْقُهُ بِتَرْكِ وَاجِبٍ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا بُدَّ من فِعْلِهَا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مع ذلك‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ إنِّي تَائِبٌ وَنَحْوُهُ وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ مع ذلك أَيْضًا مُجَانَبَةُ قَرِينِهِ فيه‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يُعْتَبَرُ في صِحَّةِ التَّوْبَةِ رَدُّ الْمَظْلَمَةِ إلَى رَبِّهَا وَأَنْ يَسْتَحِلَّهُ أو يَسْتَمْهِلَهُ مُعْسِرٌ وَمُبَادَرَتُهُ إلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَسَبَ إمْكَانِهِ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ رَدُّ الْمَظْلَمَةِ أو بَدَلِهَا أو نِيَّةُ الرَّدِّ مَتَى قَدَرَ وَتَقَدَّمَ في آخِرِ الْقَذْفِ إذَا كان عليه حَقٌّ غَيْرُ مَالِيٍّ لِحَيٍّ فَأَمَّا إنْ كانت الْمَظْلَمَةُ لِمَيِّتٍ في مَالٍ برده ‏[‏رده‏]‏ إلَى ذُرِّيَّتِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ له وَارِثٌ فَإِلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كانت لِلْمَيِّتِ في عِرْضِهِ كَسَبِّهِ وَقَذْفِهِ فَيَنْوِي اسْتِحْلَالَهُ إنْ قَدَرَ في الْآخِرَةِ أو يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ له حتى يُرْضِيَهُ عنه وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ تَوْبَتِهِ في الدُّنْيَا مع بَقَاءِ حَقِّ الْمَظْلُومِ عليه لِعَجْزِهِ عن الْخَلَاصِ منه كَالدَّيْنِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَتَصِحُّ إمَامَتُهُ قَالَهُ إبن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ اخْتَارَهُ أبو إِسْحَاقَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ حتى يَتُوبَ هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأصحاب وَسَوَاءٌ حُدَّ أو لَا وَمَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ إلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ وقال وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رِوَايَةِ بَقَاءِ عَدَالَتِهِ من رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَتَوْبَتُهُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه لِكَذِبِهِ حُكْمًا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ من الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ إنْ عَلِمَ صِدْقَ نَفْسِهِ فَتَوْبَتُهُ أَنْ يَقُولَ نَدِمْت على ما قُلْت وَلَنْ أَعُودَ إلَى مِثْلِهِ وأنا تَائِبٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى منه قُلْت وهو الصَّوَابُ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو حَسَنٌ وقال وَاخْتَارَ أبو مُحَمَّدٍ في المغنى أَنَّهُ إنْ لم يَعْلَمْ صِدْقَ نَفْسِهِ فَكَالْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمَ صِدْقَهُ فَتَوْبَتُهُ الِاسْتِغْفَارُ وَالْإِقْرَارُ بِبُطْلَانِ ما قَالَهُ وَتَحْرِيمُهُ وَأَنْ لَا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ وقال الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ إنْ كان الْقَذْفُ شَهَادَةً قال الْقَذْفُ حَرَامٌ بَاطِلٌ وَلَنْ أَعُودَ إلَى ما قُلْت وَإِنْ كان سَبًّا فَكَالْمَذْهَبِ وَقَطَعَ في الْكَافِي أَنَّ الصَّادِقَ يقول قَذْفِي لِفُلَانٍ بَاطِلٌ نَدِمْت عليه‏.‏

فائدة‏:‏

القاذف ‏[‏القادف‏]‏ بِالشَّتْمِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَرِوَايَتُهُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَفُتْيَاهُ حتى يَتُوبَ وَالشَّاهِدُ بالزنى إذَا لم تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ دُونَ شَهَادَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُعْتَبَرُ في الشَّهَادَةِ الْحُرِّيَّةُ بَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ في كل شَيْءٍ إلَّا في الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ شَهَادَةُ الْعَبْدِ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ في الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ أو في غَيْرِهِمَا فَإِنْ كانت في غَيْرِهِمَا قُبِلَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَقَلَ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً يُشْتَرَطُ في الشَّهَادَةِ الْحُرِّيَّةُ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ في أَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ وفي مُخْتَصَرِ إبن رَزِينٍ في شَهَادَةِ الْعَبْدِ خِلَافٌ وَإِنْ كانت في الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ قُبِلَتْ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وابن عَقِيلٍ وَالْقَاضِي يَعْقُوبَ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ فِيهِمَا قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَشْهَرُ قال ابن هُبَيْرَةَ هو الْمَشْهُورُ من مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ إبن عَبْدُوسٍ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وقال الْخِرَقِيُّ وأبو الْفَرَجِ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ لَا تُقْبَلُ في الْحُدُودِ خَاصَّةً وهو رِوَايَةٌ في التَّرْغِيبِ وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وهو أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ في الْكَافِي والمغنى

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ حَيْثُ تَعَيَّنَتْ عليه حَرُمَ على سَيِّدِهِ مَنْعُهُ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ من أَجَازَ شَهَادَتَهُ لم يُجِزْ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ من قِيَامِهِ بها‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو عَتَقَ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فَشَهِدَ حَرُمَ رَدُّهُ قال في الِانْتِصَارِ وَالْمُفْرَدَاتِ فَلَوْ رَدَّهُ الْحَاكِمُ مع ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ فَسَقَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى في الْمَسْمُوعَاتِ إذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ وَبِالِاسْتِفَاضَةِ وَتَجُوزُ في الْمَرْئِيَّاتِ التي تَحَمَّلَهَا قبل الْعَمَى إذَا عَرَفَ الْفَاعِلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وما يتميز ‏[‏يميز‏]‏ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ لم يَعْرِفْهُ إلَّا بِعَيْنِهِ فقال الْقَاضِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَيْضًا وَيَصِفُهُ لِلْحَاكِمِ بِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن رزين وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَجُوزَ لِأَنَّ هذا مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا وهو وَجْهٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وقال وَنَصُّهُ يُقْبَلُ وَالزَّرْكَشِيُّ وقال وَلَعَلَّ لَهُمَا الْتِفَاتًا إلَى الْقَوْلَيْنِ في السَّلَمِ في الْحَيَوَانِ انتهى‏.‏

قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ السَّلَمِ فيه فَعَلَى هذا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ لو عَرَفَهُ يَقِينًا بِصَوْتِهِ وَجَزَمَ في المغنى هُنَا بِالْقَوْلَيْنِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ عَرَفَهُ بِعَيْنِهِ فَقَطْ وَقِيلَ أو بِصَوْتِهِ فَوَصَفَهُ لِلْحَاكِمِ بِمَا يُمَيِّزُهُ فَوَجْهَانِ‏.‏

فائدة‏:‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ تَعَذَّرَتْ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ الْمَشْهُودِ لها أو عليها أو بها لِمَوْتٍ أو غَيْبَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ على فِعْلِ نَفْسِهِ كَالْمُرْضِعَةِ على الرَّضَاعِ وَالْقَاسِمِ على الْقِسْمَةِ وَالْحَاكِمِ على حُكْمِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ أَمَّا الْمُرْضِعُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ شَهَادَتَهَا تُقْبَلُ على رَضَاعِ نَفْسِهَا مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال بَعْضُ الْأصحاب لَا تُقْبَلُ إنْ كانت بِأُجْرَةٍ وَإِلَّا قُبِلَتْ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ فَإِنَّهُمْ قالوا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ على فِعْلِ نَفْسِهِ كَالْمُرْضِعَةِ على الرَّضَاعِ وَالْقَاسِمِ على الْقِسْمَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ إذَا كانت بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَمَّا الْقَاسِمُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَبُولُ شَهَادَتِهِ على قَسْمِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي وَأصحابهُ لَا تُقْبَلُ وقال صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ لَا تُقْبَلُ من غَيْرِ مُتَبَرِّعٍ لِلتُّهْمَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وقد تَقَدَّمَ لَفْظُهُمْ وقال في المغنى وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ بِالْقِسْمَةِ إذَا كان مُتَبَرِّعًا وَلَا تُقْبَلُ إذَا كان بِأُجْرَةٍ انتهى‏.‏

وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا وَقَطَعَ بِهِ في مَوْضِعٍ آخَرَ وَكَذَا قال في الْمُسْتَوْعِبِ إلَّا أَنَّهُ قال إذَا شَهِدَ قَاسِمُ الْحَاكِمِ وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ بَعْدَ فَرَاغِهِ إذَا كان بِغَيْرِ عِوَضٍ وَعِبَارَتُهُ الْأُولَى‏:‏ هِيَ الْمَشْهُورَةُ في كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قُلْت وَعِبَارَتُهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ تَابَعَ فيها أَبَا الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ قال الْقَاضِي إذَا شَهِدَ قَاسِمَا الْحَاكِمِ على قِسْمَةٍ قَسَمَاهَا بِأَمْرِهِ أَنَّ فُلَانًا اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا إذَا كانت الْقِسْمَةُ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَإِنْ كانت بِأَجْرٍ لم تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا وَتَقَدَّمَ في بَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ إذَا قَتَلَ صَيْدًا ولم تَقْضِ فيه الصَّحَابَةُ في قِيمَتِهِ وهو يُشَابِهُ هذه الْمَسْأَلَةَ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْحَاكِمِ على حُكْمِ نَفْسِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ فَمَقْبُولَةٌ وقد تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي إذَا أَخْبَرَ بَعْدَ عَزْلِهِ أَنَّهُ كان حَكَمَ بِكَذَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ على الْقَرَوِيِّ وَالْقَرَوِيِّ على الْبَدَوِيِّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَرَوِيِّ على الْبَدَوِيِّ بِلَا نِزَاعٍ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ على الْقَرَوِيِّ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَبُولَهَا وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وابن منجي في شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَعَنْهُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ على الْقَرَوِيِّ أَخْشَى أَنْ لَا تُقْبَلَ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا تُقْبَلُ كما تَقَدَّمَ وَالْآخَرَ لَا تُقْبَلُ قال في الْفُرُوعِ وهو الْمَنْصُوصُ قال الشَّارِحُ وهو قَوْلُ جَمَاعَةٍ من الْأصحاب قُلْت منهم الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏