فصل: تفسير الآيات (8- 11):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (8- 11):

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)}
8- إن المؤمنين الذين عملوا الصالحات لهم جزاء حسن غير مقطوع.
9- قل- أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: عجباً لكم، تكفرون بالله الذي خلق الأرض في يومين، وأنتم- مع هذا- تجعلون له شركاء متساوين معه، ذلك الخالق للأرض مالك العوالم كلها ومربيهم.
10- وجعل في الأرض جبالا ثابتة من فوقها لئلا تميد بكم، وأكثر فيها الخير وقدر فيها أرزاق أهلها، حسبما تقتضيه حكمته، في أربعة أيام، وأنتم- مع هذا- تجعلون له شركاء، وقدر كل شيء لا نقص فيه ولا زيادة، هذا التفصيل في خلق الأرض وما عليها بيان للسائلين.
11- ثم تعلقت قدرته بخلق السماء وهى على هيئة دخان فوجدت، وخلقه للسموات والأرض- على وفق إرادته- هيِّن عليه بمنزلة ما يقال للشئ: احضر- راضياً أو كارهاً- فيطيع.

.تفسير الآيات (12- 16):

{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14) فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (16)}
12- وأتم خلق السموات سبعاً في يومين آخرين، وأوجد في كل سماء ما أعدت له واقتضته حكمته، وزين السماء القريبة من الأرض بالنجوم المنيرة كالمصابيح، للهداية وحفظا من استماع الشياطين لأخبار الملأ الأعلى، ذلك الخلق المتقن تدبير العزيز الذي لا يغلب، المحيط علمه بكل شيء.
13- فإن أعرض المشركون عن الإيمان بعد وضوح دلائله فقل لهم- أيها الرسول-: خوفتكم عذاباً شديد الوقع كالصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود.
14- أتت عاداً وثمود الصاعقة حين أتتهم رسلهم من جميع الجهات، فلم يدعوا طريقاً لإرشادهم إلا سلكوه، وقالوا لهم: لا تعبدوا إلا الله. قالوا: لو أراد الله إرسال رسول لأنزل إلينا ملائكة، فإنا بما أرسلتم به من التوحيد وغيره جاحدون.
15- فأما عاد فتعالوا في الأرض بغير حق لهم في هذا التعالى، وقالوا- مغترين بأنفسهم-: من أشد منا قوة؟! عجباً لهم. أيقولون ذلك ولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة؟! وكانوا بآياتنا ينكرون.
16- فأرسلنا عليهم ريحاً ذات صوت شديد في أيام مشئومات لنذيقهم عذاب الهون في الحياة الدنيا، وأقسم: لعذاب الآخرة أشد خزياً، وهم لا ينصرهم ناصر يومئذ.

.تفسير الآيات (17- 23):

{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18) وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)}
17- وأما ثمود فبينا لهم طريق الخير وطريق الشر، فاختاروا الضلالة على الهدى فأصابتهم صاعقة أحرقتهم في مذلة وهوان، بسبب ما كسبوا من ذنوب.
18- ونجينا من هذا العذاب الذين آمنوا وكانوا يتقون الله ويخشون عذابه.
19- واذكر لهم- أيها النبى- يوم يحشر أعداء الله إلى النار، فيجئ أولهم على آخرهم، ليتم إلزام الحُجة عليهم بين جميعهم.
20- حتى إذا ما جاءوا النار وسئلوا عما ارتكبوا من الآثام في الدنيا، فأنكروا، شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون في الدنيا.
21- وقال أعداء الله لجلودهم: لم شهدتم علينا؟ قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء، وهو خلقكم أول مرة من العدم، وإليه- وحده- ترجعون بعد البعث فيحاسبكم على ما قدمتم من عمل.
22- وما كان باستطاعتكم أن تخفوا أعمالكم القبيحة عن جوارحكم مخافة أن يشهد عليكم سمعكم وأبصاركم وجلودكم، ولكن كنتم تظنون أن الله لا يعلم كثيراً من أعمالكم، بسبب إتيانها في الخفاء.
23- وذلك الظن الفاسد الذي ظننتموه بربكم أهلككم، فأصبحتم- يوم القيامة- من الخاسرين أتم خسران.

.تفسير الآيات (24- 29):

{فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)}
24- فإن يكظموا آلامهم فالنار مصيرهم ومستقرهم الدائم، وإن يطلبوا رضاء الله عليهم فما هم بمجابين إلى طلبهم.
25- وهيأنا لهم قرناء فاسدين- في الدنيا- فحسنوا لهم ما بين أيديهم من أمور الآخرة- فأغروهم بأنه لا بعث ولا حساب- وما خلفهم من أمور الدنيا ليستمتعوا بها، وثبتت عليهم كلمة العذاب مع أمم قد مضت من قبلهم من الجن والإنس ممن كانوا على شاكلتهم، لاختيارهم الضلالة على الهدى، إن هؤلاء- جميعاً- كانوا من الخاسرين أتم خسران.
26- وقال الكفار بعضهم لبعض: لا تصغوا لهذا القرآن، وأتوا باللغو الباطل عند تلاوته فلا يستمع لتلاوته أحد ولا ينتفع به، رجاء أن تغلبوا محمداً بذلك.
27- فنقسم: لنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً على فعلهم- ولاسيما محاربتهم القرآن- ولنجزينهم أسوأ جزاء على أعمالهم.
28- ذلك الذي ذكر من العذاب جزاء حق لأعداء الله، النار مُعَدٌّ لهم فيها دار الخلود، جزاء جحودهم المستمر بآيات الله وحججه.
29- وقال الكافرون- وهم في النار-: ربنا أرنا الفريقين اللذين أوقعانا في الضلال من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا، ليكونا من الأسفلين مكانة ومكاناً.

.تفسير الآيات (30- 36):

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}
30- إن الذين قالوا: ربنا الله إقراراً بوحدانيته، ثم استقاموا على شريعته، تنزل عليهم الملائكة مرة بعد مرة، قائلين: لا تخافوا من شر ينزل بكم، ولا تحزنوا على خير يفوتكم، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون بها على لسان الأنبياء والمرسلين.
31، 32- وتقول لهم الملائكة: نحن نصراؤكم في الحياة الدنيا بالتأييد وفى الآخرة بالشفاعة والتكريم، ولكم في الآخرة ما تشتهيه أنفسكم من الملاذ والطيبات، ولكم فيها ما تتمنون إكراماً وتحية من رب واسع المغفرة والرحمة.
33- لا أحد أحسن قولاً ممن دعا إلى توحيد الله وطاعته، وعمل- مع ذلك- عملا صالحاً، وقال- اعترافاً بعقيدته-: إني من المنقادين لأوامر الله.
34- ولا تستوى الخصلة الحسنة ولا الخصلة القبيحة، ادفع الإساءة- إن جاءتك من عدو- بالخصلة التي هي أحسن منها، فتكون العاقبة العاجلة. إن الذي بينك وبينه عداوة كأنه ناصر مخلص.
35- وما يُرزَق هذه الخصلة- وهى دفع السيئة بالحسنة- إلا الذين عندهم خُلق الصبر، وما يُرزقها إلا ذو نصيب عظيم من خصال الخير وكمال النفس.
36- وإن يوسوس لك الشيطان ليصرفك عمَّا أمرت به- أيها المخاطب- فتحصن بالله منه، إن الله هو المحيط سمعه وعلمه بكل شيء فيُعيذك منه.

.تفسير الآيات (37- 40):

{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)}
37- ومن دلائل قدرته تعالى- الليل والنهار والشمس والقمر، لا تسجدوا للشمس ولا للقمر، لأنهما من آياته، واسجدوا لله- وحده- الذي خلق الشمس والقمر والليل والنهار إن كنتم حقا تعبدونه وحده.
38- فإن تعاظم المشركون عن امتثال أمرك فلا تأسف، فالذين عند ربك في حضرة قدسه- وهم الملائكة- يُنزِّهونه عن كل نقص في كل وقت بالليل والنهار، مخلصين له، وهم لا يَمِلُّون من تسبيحه.
39- ومن دلائل قدرته- تعالى- أنك ترى- يا من يستطيع أن يرى- الأرض يابسة، فإذا أنزلنا عليها الماء تحرَّكت للإنبات، إن الذي أحيا الأرض بعد موتها لخليق أن يحيى الموتى من الحيوان، إنه على كل شيء تام القدرة.
40- إن الذين يميلون عن الصراط السوى في شأن آياتنا، ويزيغون عنها تكذيباً لها، لا يغيب عنا أمرهم وما يقصدون، وسنجازيهم بما يستحقون، أفمَن يرمى في النار خير أم من يأتى مطمئنا يوم القيامة إلى نجاته من كل سوء؟ قل لهم متوعداً: اعملوا ما أردتم، إن الله محيط بصره بكل شيء، فيجازى كلا بعمله.

.تفسير الآيات (41- 45):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)}
41، 42- إن الذين جحدوا بالقرآن ذى الشأن حين جاءهم- من غير تدبر- سيكون لهم من العذاب ما لا يدخل تحت تصور أحد. جحدوه وإنه لكتاب عز نظيره، يغلب كل من عارضه، لا يأتيه الباطل الذي لا أصل له من أية ناحية من نواحيه، نزل متتابعاً من إله منزه عن العبث، محمود كثير الحمد بما أسدى من نعم.
43- لا يقال لك- يا محمد- من أعدائك إلا كما قيل للرسل من قبلك من أعدائهم من شتْم وتكذيب، إن خالقك ومربيك لذو مغفرة عظيمة وذو عقاب بالغ الألم، فيغفر لمن تاب منهم وينتقم لك ممن أصر على عناده.
44- ولو جعلنا القرآن أعجمياً- كما اقترح بعض المتعنتين- لقالوا- منكرين-: هلا بيَّنت آياته بلسان نفقهه، أكتاب أعجمى ومخاطب به عربى؟ قل لهم- أيها الرسول- هو كما نزل للمؤمنين- دون غيرهم- هدى وشفاء للمؤمنين، ينقذهم من الحيرة، ويشفيهم من الشكوك. والذين لا يؤمنون به كأن في آذانهم- من الإعراض- صمماً، وهو عليهم عمى، لأنهم لا يرون منه إلا ما يبتغون به الفتنة، أولئك الكافرون كمن يدعون إلى الإيمان به من مكان بعيد لا يسمعون فيه دعاء.
45- أقسم: لقد آتينا موسى التوراة فاختلف فيها قومه، ولولا قضاء سبق من ربك- يا محمد- أن يُؤخر عذاب المكذبين بك إلى أجل محدد عنده، لفصل بينك وبينهم باستئصال المكذبين، وإن كفار قومك لفى شك من القرآن موجب للقلق والاضطراب.