فصل: كتاب الصلاة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الطهارة والصلاة



.فروض الغسل:

النية: كالوضوء لحديث: «إنما الأعمال بالنيات».
إفاضة الماء على جميع البدن مع الدلك: لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بلّوا الشعر وانقوا البشر فإن تحت كل شعرة جنابة» ولقول علي عليه السلام: وتدلك من بدنك ما نالت يداك.
المضمضة والاستنشاق: للحديث السابق؛ ولأن الأنف والفم جزء من البدن، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يتمضمض ويستنشق عند غُسْله من الجنابة.
نقض الشعر للحيض والنفاس: لقوله صلى الله عليه وآله وسلم للحائض: «انقضي شعركِ واغتسلي» وأما إذا أصابت المرأة الجنابة فلا يجب عليها نقض الشعر، وإنما يجب عليها أن تصب الماء على رأسها، وتدلك أصول شعرها حتى يصل الماء إلى البشرة، لحديث أم سلمة قالت: يا رسول الله، إني امرأة أشدُّ ظفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: «إنما يكفيكِ أن تحثّي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضي الماء عليكِ فتطهرين».

.كيفية الغسل:

على الرجل أن يبول قبل الغسل ليخرج ما بقي من المني، ثم يغسل فرجيه وما أصابه من النجاسة، ثم يتمضمض ويستنشق، ويتوضأ كوضوئه للصلاة، ويبدأ بميامنه ويؤخر القدمين، ثم يفيض الماء على سائر جسده، ويخلل شعره، ويدلك جسده ثم يغسل قدميه، وهذه هي الصفة المشروعة والمأثورة عن النبيً

.المستحبات من الأغسال:

ويستحب الغسل في الأحوال الآتية:
غسل الجمعة: لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمتْ ومن اغتسل فالغُسل أفضل». ولقول علي عليه السلام: (الغسل من الجنابة واجب، ومن غسل الميت وإن تطهرت أجزاك، والغسل من الحمام وإن تطهرت أجزاك، والغسل من الحجامة وإن تطهرت أجزاك، وغسل العيدين وما أحب أني أدعهما، وغسل الجمعة وما أحب أني أدعه؛ لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «من أتى الجمعة فليغتسل).
غسل العيدين، لحديث علي عليه السلام السابق.
الغسل بعد غسل الميت، للحديث السابق.
بعد الحجامة، للحديث السابق.
الغسل بعد دخول الحمام، للحديث السابق.
الغسل لدخول مكة، لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اغتسل عند دخول مكة.
الغسل يوم عرفة، روي ذلك عن السلف الصالح.
الغسل لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو مأثور عن السلف الصالح.

.مسائل متفرقة:

من كان جنباً وأراد الاغتسال للجمعة كفاه غسل واحد للجنابة والجمعة بنيتهما.
من أراد الصلاة وهو جنب، فعليه أن يغتسل للجنابة، ثم يتوضأ للصلاة؛ لاختلاف موجب الغسل وموجب الوضوء، فموجب الغسل هو الجنابة، وموجب الوضوء هو الصلاة، وهو مروي عن علي عليه السلام.
يجوز للجنب الأكل والشرب، ومعاودة أهله (الجماع) قبل الغسل، لكن يستحب له أن يتوضأ وذلك لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة.
يحرم على الجنب قراءة القرآن باللسان، لقول علي عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً.
يحرم على الجنب لمس المصحف وكتابته؛ لظاهر قوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:79] ويعفى عن لمس الكتب المحتوية على آيات قرآنية مثل: كتب الحديث وغيرها.
يحرم على الجنب والحائض دخول المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا أحل المسجد لا لحائض ولا جنب»
.

.التيمم:

شرع الله التيمم رخصة لعباده عند عدم الماء قال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء:43]، وهو من خصائص هذه الأمة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أعطيت ثلاثاً لم يعطهن نبي قبلي: ؛ جُعلتْ لي الأرض مسجداً وطهوراً قال الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء:43] وأحل لي المغنم ولم يحل لأحدٍ قبلي، وذلك لقوله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال:41] ونُصرتُ بالرعب على مسيرة شهر، وفضلت على الأنبياء بثلاث: تأتي أمتي يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء معروفين من بين الأمم، ويأتي المؤذنون يوم القيامة أطول الناس أعناقاً ينادون بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، والثالثة ليس من نبي إلا وهو يحاسب يوم القيامة بذنب غيري لقوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح:2]».
يشرع التيمم في الأحوال الآتية:
عدم وجود الماء: لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء:43] وسواء كان في سفرٍ أم حضر، ولا يكون عادماً إلا بعد أن يطلبه، ويبحث عنه إلى آخر الوقت إن جوز إدراكه، لقول علي عليه السلام: (يتلوم الجنب إلى آخر الوقت، فإن وجد الماء اغتسل وصلى، وإن لم يجده تيمم وصلى)، وإن لم يجوز إدراكه تيمم ولو في أول الوقت؛ لأنه في حكم العادم.
فائدة: لا يجب الطلب للماء إلا في الميل فقط.
شدة الحر أو البرد: لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:87] وقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوْا أنْفُسَكُمْ} [النساء:29].
خشية الضرر من مرض أو غيره: لحديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: لا نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أُخْبِرَ بذلك، فقال: «قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إن شفاء العي السؤال».
وإنما يصح التيمم بالتراب الطاهر الحلال لقوله تعالى: {صَعِيْداً طَيِّباً} والصعيد الطيب هو الطاهر الحلال المنبت.

.فروضه:

النية: لما تقدم من الدلالة على وجوبها في العبادات، إلا أن التيمم لا يجزي إلا لصلاة واحدة؛ لقول ابن عباس -رضي الله عنه: (من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة، ثم يتيمم للصلاة الأخرى)، وقال ابن عمر: (يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث) وفي روايةٍ لابن عباس أخرى: جرت السنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا يُصلَّى بالتيمم إلا صلاة واحدة.
ووجه ذلك أن التيمم ليس كالوضوء من كل وجه؛ لأنه طهارة حكمية شرعت لاستباحة الصلاة فقط، ولهذا لا يرفع الجنابة.
التسمية: لما تقدم في الوضوء.
ضرب التراب باليدين.
مسح الوجه كاملاً.
مسح اليدين إلى المرفقين: لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين».

.كيفية التيمم:

يضرب المتيمم بكفّيه الأرض مفرِّجاً بين أصابعه، ثم ينفضهما ندباً، ويمسح بهما وجهه كاملاً ويخلل لحيته وعنفقته بالتراب، ثم يضرب مرة أخرى ويمسح بيده اليسرى يده اليمنى مبتدءاً من ظهر كفِّه إلى فوق المرفق، ثم يمسح من باطن المرفق إلى ظاهر الإبهام، وهكذا يفعل في مسح يده اليسرى، وهذه الهيئة مندوبة، والواجب مسح اليدين إلى المرفقين على أي صفة كانت.
وينتقض التيمم بأمور:
نواقض الوضوء السابقة.
زوال العذر الذي تيمم من أجله.
وجود الماء قبل الفراغ من الصلاة مع بقاء الوقت الذي يكفي للوضوء والصلاة.
اشتغال المتيمم بغير ما تيمم لأجله حتى نسي التيمم.
فراغ المتيمم من الصلاة التي تيمم لها.

.مسائل تتعلق بهذا الباب:

إذا كان الرجل جنباً وأراد الصلاة تيمم مرة واحدة وصلى، فإذا وجد الماء اغتسل ولم يعد الصلاة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «التراب كافيك إلى عشر حجج، فإذا وجدت الماء فاتق الله وأمسه بشرتك».
إذا أصيب شخص بعلة في جسده، ولم يسلم من تلك العلة إلا أعضاء التيمم، وعليه جنابة غَسَلَ تلك الأعضاء بالماء مرتين لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16].
ومتى زالت علته اغتسل غسلاً كاملاً.
لا يجب غسل الجراحة المجبرة، ولا مسحها إذا خشي ضرراً أو سيلان دم، ويستحب المسح فقط إذا لم يخش الضرر.
العادم للماء والتراب يصلي على حالته التي هو عليها. قال الإمام القاسم عليه السلام: فمتى لم يجد الجنب ماءً طاهراً، ولا صعيداً طيباً فقد زال عنه فرض الطهارة الذي أمره الله به، وعليه أن يصلي وإن كان غير طاهر.

.الحيض:

هو الدم الخارج من رحم المرأة في أوقات مخصوصة، والصفرة والحمرة حيض إذا كانت في أيام الحيض، وقد جعله الله دلالة على أحكام شرعية مثل: خلو الرحم من الولد، وانقضاء العدة، والبلوغ في حق المرأة.
(مدته): أقل الحيض ثلاثة أيام بليالها، وأكثره عشرة أيام، لقوله ً: «أقل ما يكون الحيض للجارية البكر ثلاثاً وأكثر ما يكون الحيض عشرة أيام، فإن رأت الدم أكثر من عشرة أيام فهي مستحاضة». وأقل الطهر عشرة أيام، وهو إجماع أهل البيت ٍ، وقد روي نحو ذلك عن عبدالله بن عمر وأنس وابن مسعود.

.النفاس:

هو الدم الخارج من قُبُلِ المرأة عقيب خروج الولد الذي تمت خلقته، وأكثره أربعون يوماً، ولا حدّ لأقله، فلو انقطع الدم ولو عَقِبَ الولادة طهرت المرأة، ووجب عليها الصوم والصلاة، لحديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: كانت تقعد النفساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعين يوماً، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «تقعد النفساء أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك».

.الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس:

يحرم على الحائض والنفساء قراءة القرآن ولمسه، ودخول المسجد، لما تقدم في الجنب.
يحرم على الزوج وطؤها في الفرج إجماعاً، لقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة:222].
يحل للرجل الاستمتاع من الحائض إلا الوطء في الفرج، لقوله ً: «افعلوا كل شيء إلا النكاح».
يجب على الحائض والنفساء قضاء الصوم لا الصلاة، ولا خلاف في ذلك.
يندب للحائض والنفساء عدم الغفلة عن ذكر الله سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك لما روي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهما السلام قال: إنا نأمر نساءنا الحُيَّضَ أن يتوضأن عند وقت كل صلاة فيسبغن الوضوء، ثم يستقبلن القبلة فيسبحن ويكبرن من غير أن تفرض صلاة ؛ وذلك لئلا يستثقلن العبادة والذكر عند الطهر، ولأن النظافة والتجمل مستحبة في كل وقت.

.الاستحاضة:

هي خروج الدم من المرأةفي غير وقت عادتها لمرض، وهو المعروف الآن بـ(النزيف)، فإذا لم ينقطع منها رجعت إلى صفة الدم، فدم الحيض أسود غليظ منتن الرائحة، ودم الاستحاضة (النزيف) رقيق أحمر، فما كان غليظاً أسود منتن الرائحة فهو حيض وإلا فهو استحاضة، وحينئذٍ فعليها أن تغتسل وتصلي وتصوم، ويجوز وطؤها.
وهذا في حالة الالتباس، وانطباق الدم واستمراره، وأما من تعرف وقت عادتها وقدرها فتجعل قدر عادتها حيضاً، وتجعل الزائد على حيضها المعتاد طهراً.

.مسائل متفرقة:

لا ينتقض وضوء المستحاضة بخروج الدم منها ولو حال الصلاة، وينتقض بما عدا ذلك من نواقض الوضوء، لكن يندب لها أن تستذفر بثوب وتضع قطناً في محل الدم، أو ما يمنع من خروج الدم، ويندب لها أن تتوضأ لكل صلاة.
من كان به سلس البول، أو جراحة مستمرة، أو رعاف غالبٌ فحكمه حكم المستحاضة في عدم بطلان وضوئه و صلاته بخروج البول والدم، ولو كان يقطر البول على الحصير، ولكن لا يصلي إلا بمثله كما يأتي.

.كتاب الصلاة:

تتصدر الصلاة المرتبة الأولى من مراتب العبادات، فهي عمود الإسلام الذي لا يقوم إلا به، وأحد أركانه، ولأهميتها في تقوية صلة العبد بربه لم يرخص الشارع لأحد في تركها مهما كانت الظروف والأحوال، ولقد طلب وفد ثقيف من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يعفيهم عن الصلاة فقال: «لا خير في دين لا صلاة فيه».
وقد اختار الله لفرضها أفضل الأوقات وأشرفها، وهي ليلة الإسراء والمعراج، فكانت خير منحة ربانية لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولأمته، فمن حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة.

.أهمية الصلاة في حياة المسلم:

الصلاة معراج رباني يصعد المسلم فيه بروحه إلى ربه وقت صلاته، عندما يناجي ربه، ويتلوا آيات كتابه، فيشعر العبد أنه قد تزود من القوة والنشاط ما يعينه على القيام بأداء ما حمل من الأمانة، مستمداً هذه القوة من صلاته، قال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] والصلاة زاد رباني وغذاء لابد منه، يتزود به المؤمنُ؛ ليبقى حياً مستنيراً.

.فوائد الصلاة:

تجدد الاتصال بالله سبحانه وتعالى، وتنير القلب وتشرح الصدر، وتوثق الصِّلاتِ بين العبد وربه، وتبعد العبد عما يغضب ربه، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45].
تُكفِّر الذنوب والآثام، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: كذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا».
تعلم الدقة والنظام والانضباط: حينما يسمع المسلم النداء للصلاة وسط ازدحام مشاكل الحياة، فيهرع لإجابته، تاركاً هموماً ومشاغل لا تنتهي، وهذا بدوره يعلم المسلم الحرص على الوقت واحترام النظام.

.الخشوع روح الصلاة:

إن الصلاة جسد وروح، فالجسد هو الشكل الظاهر من الحركات والأذكار، والروح الخشوع الذي هو خضوع القلب وسكون الأعضاء، فكما يجب المحافظة على أركان الصلاة وأذكارها وهيئاتها، يجب أيضاً المحافظة على خشوعها، فلا يسمح المصلي لنفسه بالذهول، والاشتغال بالوسوسة، والخواطر التي تصرفه عن ذكر الله سبحانه وتعالى ومناجاته، فيفقد معنى العبادة ويحرم لذة المناجاة، وتصبح صلاته حركات جوفاء لا معنى لها.
ومما يساعد على الخشوع:
استحضار عظمة الله عز وجل، وتذكر نعمه التي لا تعد ولا تحصى حتى يتمكن من مجاهدة النفس الأمَّارة بالسوء.
التدبر والتفهم لما يتلوا من القرآن الكريم والأذكار حال قيامه وركوعه وسجوده.
أن يرمي ببصره حال قيامه إلى موضع سجوده، وألا يلتفت من صلاته؛ لأن الله يقبل على العبد ما لم يلتفت.
أن يدخل في صلاته وقد قطع خيوط الوسوسة والخواطر، وإزالة ما يشغل ذهنه عن الصلاة، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة والمرء حاقن أو جائع وقال: «إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدءوا بالعشاء» وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا صلاة لحاقن».

.الترهيب من ترك الصلاة:

جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة تنذر بالويل والعقاب الشديد من ترك الصلاة، قال تعالى حاكياً عن أصحاب النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:42،43] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة: «من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أولُ ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله».
ولا خلاف أن من ترك الصلاة استهزاءً بها فهو كافر، ومن تركها تكاسلاً وتهاوناً فعند أهل البيت أنه لم يخرج من ملة الإسلام، وعلى الوالي أن يجبره على أدائها، فإن أبى فله زجره ولو بالقتل بعد الاستتابة ثلاثة أيام، فإذا لم ينزجر فلا شك أنه كافر؛ لأن الفرق بين الكافر والمسلم ترك الصلاة.
فائدة
يجب على ولي الصبي أن يأمره إذا بلغ سبع سنين بالصلاة، ليتمرن عليها ويعتادها، وينشأ على حبها فتسهل عليه إذا كبر، فإذا بلغ عشراً أدبه على تركها ولو بالضرب، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مرُوا أولادكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم إذا بلغوا عشراً، وفرِّقوا بينهم في المضاجع».

.أوقات الصلاة:

جعل الله للصلاة أوقاتاً معلومة، تعبد الله عبادَهُ بمراعاتها، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ} [هود:114] والزلف جمع زلفة وهي القطعة من الوقت، وقال تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء:78] والغسق شدة سواد الليل، يعني بذلك عز وجل صلاة العشاء، وقرآن الفجر المراد به صلاة الفجر، ومعنى قوله تعالى: {كَانَ مَشْهُودًا} يقال: إن ملائكة الليل والنهار يشهدون صلاة الفجر.
وجاءت السنة النبوية مبينة لهذه الأوقات، فعن علي عليه السلام: أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين زالت الشمس فأمره أن يصلي الظهر، ثم نزل عليه حين كان الفيء على قامة فأمره أن يصلي العصر، ثم نزل عليه حين وقع قرص الشمس فأمره أن يصلي المغرب، ثم نزل عليه حين وقع الشفق فأمره أن يصلي العشاء، ثم نزل عليه حين طلع الفجر فأمره أن يصلي الفجر، ثم نزل عليه في الغد حين كان الفيء على قامة من الزوال فأمره أن يصلي الظهر، ثم نزل عليه حين كان الفيء على قامتين من الزوال فأمره أن يصلي العصر، ثم نزل عليه حين وقع القرص فأمره أن يصلي المغرب، ثم نزل عليه بعد ذهاب ثلث الليل فأمره أن يصلي العشاء، ثم نزل عليه حين أسفر الفجر فأمره أن يصلي الفجر، ثم قال: يا رسول الله ما بين هذين الوقتين وقت لك ولأمتك».

.وقت صلاة الظهر:

وقت صلاة الظهر الاختياري يمتد من عقيب الزوال إلى مصير ظل كل شيء مثله، لحديث جبريل السابق، وأما وقتها الاضطراري فمن مصير ظل كل شيء مثله إلى قبل غروب الشمس بما يسع صلاة الظهر وركعة من صلاة العصر.

.وقت صلاة العصر:

ويمتد وقت صلاة العصر الاختياري من مصير ظل كل شيء مثله إلى مصير ظل كل شيء مثليه لحديث جبريل، ووقتها الاضطراري من مصير ظل كل شيء مثليه إلى قبل غروب الشمس بما يسع ركعة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها».

.الصلاة الوسطى:

اختلف العلماء في تعيين الصلاة الوسطى، فقيل: إنها صلاة العصر، وقيل: إنها صلاة الجمعة يوم الجمعة والظهر في سائر الأيام، والقول الثاني هو قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كما رواه عنه ولده الإمام الهادي -رضي الله عنه- وذهب إليه، وهو الراجح، ويقال: إن الله عز وجل أخفاها كما أخفى ليلة القدر، ولاشك أن من يحافظ على جميع الصلوات في أوقاتها فإنه سيدركها.

.وقت صلاة المغرب:

وقت صلاة المغرب الاختياري من غروب الشمس كما في حديث جبريل إلى غروب الشفق الأحمر، لحديث: إنه صلى الله عليه وآله وسلم وَقّت صلاة المغرب من سقوط قرص الشمس ما لم يغب الشفق الأحمر، ووقتها الاضطراري يمتد من غروب الشفق الأحمر إلى قبل الفجر بما يسع المغرب وركعة من العشاء لحديث: «ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى» ففيه دلالة على صحة الصلاّة المؤخرة لقول الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء:78] فذكر الله للصلاة ثلاثةَ أوقات: وقتاً في النهار وهو من دلوك الشمس، أي زوالها إلى الليل وهو وقت الظهر والعصر، وذكر الله سبحانه وتعالى وقتاً في الليل، وهو من دخول الليل إلى اشتداد ظلمته، وهي وقت المغرب والعشاء، وهو وقت ممتد إلى الفجر، ووقتاً للفجر وهو من طلوع الضوء المستطيل إلى طلوع الشمس، وهناك بحث نفيس في أوقات الصلاة للإمام الهادي عليه السلام في المنتخب، وهذا الفقه مما اختص به آل محمد عليه وآله أفضل الصلاة والسلام.
وهذا في إجزاء صلاة المغرب إذا أُخّرَتْ لضرورة وإلا فلا يجوز تأخيرها حتى قبل الفجر لأن هذا إماتة للصلاة وقد ورد أن تأخير الصلاة عن وقتها كفر نعوذ بالله.

.وقت صلاة العشاء:

ووقتها الاختياري يمتد من ذهاب الشفق الأحمر إلى ذهاب ثلث الليل، لحديث جبريل عليه السلام ووقتها الاضطراري من ذهاب ثلث الليل إلى بقية من الليل تسع ركعة كاملة، لحديث: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها».

.وقت صلاة الفجر:

ووقتها من طلوع النور المنتشر في المشرق الممتد من جهة الجنوب إلى جهة الشمال، ويستمر وقت الفجر إلى طلوع الشمس، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها» والوقت الاضطراري للصلوات: هو الوقت الذي لا يجوز أداء الصلاة فيه إلا حالة الضرورة، مثل: قبل المغرب وقبل طلوع الشمس.

.أفضل الوقت أوله:

وأداء الصلاة أول وقتها أفضل، لحديث أم فروة قالت: سألت رسول الله ً أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة لأول وقتها»، وحديث: «أول الوقت رضوان الله، وأوسطه رحمة الله، وآخره عفو الله» ؛ ولأن أداءها في أول وقتها يكون من المسارعة إلى مرضاة الله، قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133] ويستثني من ذلك تأخيرها لشدة الحر كما في صلاة الظهر لحديث: «إذا اشتد الحر فأبردوا، فإن شدة الحر من فيح جهنم»، وكذا تأخيرها لتوفر الجماعة لفضلها على صلاة الفرادى.