فصل: مسائل تتعلق بالباب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الطهارة والصلاة



.مسألة: [صفة خطبة العيد]

والسنة أن تقدم صلاة العيد، ثم يقوم الإمام ويخطب خطبتين كخطبتي الجمعة، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى بهم يوم عيد قبل الخطبة. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه خرج يوم العيد فصلى بغير أذان ولا إقامة وخطب الناس خطبتين، وجلس بينهما، وكانت صلاته قبل الخطبة. وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يخطب في العيدين خطبتين بعد الصلاة، ويحث في خطبة عيد الفطر على إخراج زكاة الفطر، وفي عيد الأضحى على الأضحية، فعلى الخطيب أن يجعل موضوع خطبته في عيد الفطر هو ذكر حكم الفطرة وعلى من تجب ومتى تجب، وعلى أهميتها، وأن الله سبحانه لا يتقبل الصيام إلا بإخراجها، ويجعل موضوع خطبته في عيد الأضحى هو حكم الأضحية، وفضلها، وأحكام الأضحية، وما يجزئ منها وما لا يجزئ.
وقد دل الحديث الأول على أن سنته صلى الله عليه وآله وسلم مضت بتقديم الصلاة على الخطبة يوم العيد، ولا خلاف بين علماء الأمة في ذلك.
ودل الحديث الثاني أن صلاة العيد ليس فيها أذان ولا إقامة، وأنه ً جلس بين الخطبتين كالجمعة، ودل أيضاً على أنه لا يشرع أذان قبل الخطبة كما في الجمعة، بل المشروع أن يقوم الخطيب ويستقبل الناس ويسلم عليهم ثم يشرع في خطبته، ودل الحديث الثالث المروي عن علي عليه السلام أنه ينبغي للخطيب أن يتكلم في كل مناسبة بما يوافقها، ويندب التكبير تسعاً في أول الخطبة الأولى، وسبعاً في آخر الخطبتين وصفة التكبير أن يقول أول الخطبة الأولى: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،ويقول في آخر الخطبة الأولى والثانية كذلك سبع مرات، ويستحب كذلك الفَصْل بين الكلام في أثناء خطبته بقول: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً على ما أولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام، ويصلي على النبي وآله، وهذا كله على سبيل الندب والاستحباب، والواجب في العيد هي الصلاة فقط.

.ما يستحب يوم العيد من الأمور:

أنه لا يصلي المسلم يوم العيد إلا وقد أفطر بتمرٍ أو ماءٍ، ويؤخر الإفطار في عيد الأضحى حتى يصلي، لما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم النحر حتى يرجع.
الإكثار من الذكر والدعاء والتكبير والتهليل والصلاة على النبي ً لما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يخرج في العيدين ومعه علي والحسن والحسين والعباس وجعفر، والفضل بن العباس، وعبدالله بن العباس، وأسامة، وأيمن بن أم أيمن، وزيد بن حارثة رافعاً صوته بالتهليل والتكبير.
التوسيع على الأهل والأولاد في المأكل والمشرب والملبس، ولا بأس باللهو المباح، كما ينبغي مواساة الفقراء والمحتاجين، وصلة الرحم لتعم الفرحة بالعيد، قال صلى الله عليه وآله وسلم في أيام العيد: «إنها أيام أكل وشرب وذكر الله».
وروي عن الحسن بن علي عليه السلام أنه قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نلبس أجود ما نجد، وأن نضحي بأسمن ما نجد، والبقرة عن سبعة والجزور عن عشرة، وأن نظهر التكبير وعلينا السكينة والوقار.

.مسألة: [في التكبير أيام العيد]

التكبير في أيام التشريق عقيب الصلوات المفروضة سنة مؤكدة،لما روي عن علي عليه السلام، قال: قال لي رسول الله ً: «يا علي كبِّر دُبر صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق إلى صلاة العصر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد»، واستحسن الهادي -رحمه الله- أن يقال بعد ذلك: والحمد لله على ما هدانا وأولانا، وأحل لنا من بهيمة الأنعام أخذاً من قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة:185] وقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:28]. وأيام التشريق هي: ثاني يوم عيد الأضحى وثالثه،ورابعه،إلى العصر وهي المقصودة بقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:203] والأيام المعلومات هي عشرٌ من ذي الحجة.

.صلاة السفر:

من تيسير الله على عباده أن خفف عنهم الصلاة في السفر، وجعلها ركعتين ركعتين إلا المغرب.. وجاءت الروايات الصحيحة بأن الصلاة أول ما فرضت كانت ركعتين فزيدت في الحضر وأقرت في السفر.

.حكم القصر في السفر:

ذهب أهل البيت ٍ وأكثر علماء السلف وفقهاء الأمصار إلى أن القصر في السفر واجب لما دلت عليه الرواية السابقة ولما ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقصر الصلاة في جميع أسفاره. وعن علي عليه السلام أنه قال: (إذا سافرت فصلِّ الصلاة كلها ركعتين ركعتين إلا المغرب فإنها ثلاث).

.شروط قصر الصلاة الرباعية في السفر:

لا يجب قصر الصلاة إلا إذا حصلت ثلاثة شروط:
أن ينوي المرء السفر إلى مكان معين، فأما إذا لم يكن له وِجهة معينة كالهائم،أو الطالب للضالة،فلا يقصر الصلاة.
أن يكون قدر المسافة التي يقطعها يساوي بريداً فأكثر، والبريد: اثناعشر ميلاً، واشتراط البريد في وجوب القصر مأخوذ من قوله ً: «لا تسافر المرأة بريداً إلا ومعها محرم».
فسمّى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم البريد سفراً، ويُفهم من الحديث أنما كان دون البريد لا يُسمى سفراً، وقد قصر رسول الله -صلى الله عليه وآله- الصلاة حين خرج إلى عرفه وقصر معه أهل مكة، والمعلوم أن المسافة بين مكة وعرفة قدر بريد.
أن يخرج المسافر من ميل بلده ومحلته أو إقامته، لما روي أنه ً كان إذا خرج من المدينة فرسخاً قصر.

.متى يتم المسافر الصلاة؟

وإذا نوى المسافر الإقامة في بلدٍ عشراً فأكثر أتم الصلاة،وإن لم ينو الإقامة عشراً قصر الصلاة إلى تمام الشهر، وبعده يتم صلاته،لما روي عن علي عليه السلام أنه قال: (يتم الذي يقيم عشراً والذي يقول اليوم أخرج.. غداً أخرج.. يقصر شهراً).

.دار الوطن ودار الإقامة:

فدار الوطن هي ما نوى الإنسان أن يستوطنه إلى الأبد، نحو الذي يريد أن يعيش في المدينة أبداً صارت له وطناً، ويجب عليه إذا دخلها إتمام الصلاة، ودار الإقامة هي ما نوى الإنسان الإقامة فيها عشراً فأكثر ويجب عليه إتمام الصلاة فيها.

.مسألة: [في السفر بالطائرة السفينة]

راكب الطائرة والسيارة والسفينة يقصر الصلاة إذا سافر مسافة القصر؛ لأنه مسافرٌ وقد رخص الله له في ذلك.

.صلاة الخوف:

قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:101] صدق الله العظيم.
وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الخوف في غزوة (ذات الرقاع)، وغيرها من الغزوات.
ولا تصح صلاة الخوف إلا إذا توفرت شروطها وهي:
وجود الخوف، لقوله تعالى: {إنْ خِفْتُمْ أنْ يَفْتِنَكُمُ الذِينَ كَفَرُوْا} [النساء:101] وسواء كان الخوف من آدمي، أو سبع، أو سيل أو غير ذلك.
السفر، فلا تصلى هذه الصلاة إلا في السفر، لقوله تعالى: {وإذا ضَرَبْتُم ِفي الأَرْضِ} والضرب في الأرض هو السفر.
أن لا تصلَّى إلا آخر الوقت المضروب للصلاة؛ لأنها بدل عن صلاة الأمن، وهذا إذا ظن المصلي زوال الخوف قبل خروج الوقت، أما إذا ظن استمرار الخوف إلى خروج الوقت جاز له الصلاة أول الوقت.
كون المصلين محقين لا مبطلين، مدافعين عن أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم.

.كيفية صلاة الخوف:

وهي أن ينقسم المصلون قسمين،فيقف قسم منهم في مقابلة العدو،وهم في أعلى درجات التأهب والاستعداد للقتال، والقسم الآخر يصلي مع الإمام ركعة كاملة،فإذا قام الإمام إلى الركعة الثانية طوّل القراءة فيها حتى يتم الذين معه بقية صلاتهم ويسلموا، وينصرفوا إلى مواقع مراقبة العدو،ويأتي القسم الآخر والإمام قائمٌ فيصلوا معه الركعة الأخيرة، فإذا سلم قاموا وأتموا صلاتهم، وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن طائفة صلت معه، وطائفة في وِجَاهِ العدو، فصلى بالذين معه الركعة الأولى، ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا إلى وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته.
وإذا صلى بهم المغرب صلى بالطائفة الأولى ركعتين، وانتظر متشهداً حتى يتموا صلاتهم وينصرفوا إلى مواقعهم، وتأتي الطائفة الثانية فتدرك مع الإمام الركعة الأخيرة، فإذا سلم قاموا وأتموا صلاتهم.
تنبيه: هكذا جاءت الروايات في صلاة الخوف مع تلك الظروف والأحوال،أما الآن فقد تغيرت أساليب الحروب وأشكالها من حيث نوعية الأسلحة واستخدامها، ورسم خططها حتى صارت الحروب هذا الزمان تُلحِق أضراراً كبيرة في النفوس والأموال في زمن قليل جداً.
وحينئذ فعلى المقاتلين متى توقعوا هجوماً عدوانياً أن يصلوا الصلاة كيفما أمكن، جماعة بعد جماعة، أو فرادى حسب الظروف التي يعيشونها، المهم هو ألا يغفل المقاتلون عن ذكر الله وعن الصلاة.
وأما عند اشتداد المعركة والتحام الفريقين، وخوف خروج الوقت، فعلى كل واحد منهم أن يصلي في موقعه متوضئاً كان أم متيمماً، قائماً أو قاعداً أو إيماءً، قال الله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وفي الحديث: «ما أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا فإذا لم يقدر على شيء من ذلك، فعليه أن يذكر الله سبحانه وتعالى، ومتى حصل الأمن وجب عليه قضاء ما فات من الصلاة. والله أعلم.

.صلاة الكسوف والخسوف:

سنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين إذا رأوا فزعاً، أو أصابتهم شدة أن يلجؤا إلى الله سبحانه وتعالى ويحتموا بحماه، وذلك بالذكر والدعاء، وكثرة الصلاة وقراءة القرآن.
والكسوف والخسوف تغيّر يطرأ في نظام الكون؛ ليخوف الله به عباده كما يخوفهم بالزلازل والعواصف والفيضان؛ ليعلموا أن الله بيده كل شيء، وهو القادر على كل شيء، وألاَّ ملجأ من الله إلا إليه، فيرجعوا ويتوبوا، قال تعالى: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل:53].
وقد حدث الكسوف في حياته صلى الله عليه وآله وسلم عند وفاة ابنه إبراهيم، فتوهَّم بعض الناس أن ذلك كان لوفاة ابنه إبراهيم،فأزاح صلى الله عليه وآله وسلم هذا الوهم وقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا»
.

.صفتها:

وهي ركعتان في كل ركعة خمس ركوعات،يبدأ المصلي بتكبيرة الإحرام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة معها، ثم يركع،ثم يعتدل من الركوع ويقرأ بفاتحة الكتاب وسورة معها بعد كل ركوع قائلاً عند رفع رأسه من الركوع: الله أكبر، إلا في الركوع الخامس فيقول: سَمِعَ الله لمن حَمِدَه، ثم يسجد سجدتين، ثم ينهض للركعة الثانية ويفعل فيها كما فعل في الركعة الأولى، ثم يتشهد التشهد الأخير ويسلم، وذلك لما روي عن أبي بن كعب قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن رسول الله صلّى بهم بسورة من الطوال، وركع خمس ركوعات، وسجد سجدتين، ثم قام إلى الركعة الثانية فقرأ سورة من الطوال وركع خمس ركوعات وسجد سجدتين، ثم جلس وهو مستقبل القبلة يدعو الله حتى انجلى كسوفها.
وروي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه كان إذا صلى بالناس صلاة الكسوف بدأ فكبّر، ثم قرأ الحمد وسورة من القرآن يجهر بالقراءة ليلاً كان أو نهاراً، ثم يركع نحواً مما قرأ، ثم يرفع رأسه من الركوع فيكبر حتى يفعل ذلك خمس مرات، فإذا رفع رأسه من الركوع الخامس قال: سمع الله لمن حمده، فإذا قام لم يقرأ، ثم يكبر فيسجد سجدتين، ثم يرفع رأسه فيفعل في الثانية كما فعل في الأولى، ويكبر كلما رفع رأسه من الركوع ويقول: سمع الله لمن حمده في الخامس ولا يقرأ بعد الركوع الخامس.
وروي عن أمير المؤمنين أنه قال: (ما صلاَّها أحد غيري بعد رسول الله ً وقد قال بعض العلماء: إن أفضل رواية وردت في صلاة الكسوف هي هذه، وكفى بقول أمير المؤمنين عليه السلام وفعله حجةً.

.مسائل متفرقة:

هذه الصلاة تصح جماعة وفرادى كما تصح القراءة فيها سراً وجهراً.
ينبغي ملازمة الذكر والدعاء حتى ينجلي الكسوف أو الفزع.
يشرع لسائر الأفزاع ركعتان مثل صلاة الكسوف، أو ركعتان مثل نوافل الصلاة، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إذا حَزَبَهُ أمْرٌ فزع إلى الصلاة».

.صلاة الاستسقاء:

إذا أصيب المسلمون بالقحط والجدب، فزعوا إلى الله واستغفروا لذنوبهم، ورفعوا أصواتهم بالدعاء والذكر، وخرجوا إلى ساحة البلد، وصلوا صلاة الاستسقاء، وحين يعلم الله سبحانه وتعالى من عباده صدق النية وإخلاص التوبة يستجيب دعاءهم، ويرحم ضعفائهم، ويفرج عنهم، ويسقيهم الغيث الهنيء المدرار، قال سبحانه وتعالى حاكياً عن نبيه نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح:10-11] فكان حاصل الاستغفار تلك العطايا الإلهية الجزيلة.

.صفة صلاة الاستسقاء:

وهي أن يخرج المسلمون إلى ظاهر البلد، فيصلوا ركعتين جماعة يجهر الإمام فيهما بالقراءة، ويخطب خطبتين كما في صلاة العيدين، ويحثّ الناس على الرجوع إلى ربهم وسرعة التوبة من ذنوبهم ويعظهم، وذلك لما روي عن علي عليه السلام أنه كان يصلي بالناس في الاستسقاء مثل صلاة العيدين، وكان يأمر المؤذنين وحَمَلَة القرآن والصبيان أن يخرجوا أمامه، ثم يصلي بالناس مثل صلاة العيدين ويخطب ويقلب رداءه،ويستغفر الله مائة مرة يرفع بذلك صوته، وفعله عليه السلام له حكم الرفع؛ إذ لا مجال للاجتهاد في ذلك.
واستحب أن يقلب الإمام رداءه حال رجوعه من صلاة الاستسقاء،لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا استسقى قَلَبَ رداءه؛ والحكمة في ذلك أنه تفاؤل بتحويل الأحوال من شدة إلى رخاءٍ. والله أعلم.

.مسائل تتعلق بالباب:

ينبغي للمسلمين أن يتوبوا ويتخلصوا من المظالم والحقوق المتعلقة بالناس قبل خروجهم للصلاة؛ وذلك لأن الظلم يمنع إجابة الدعوة، ففي الحديث: «رُبَّ أشعثَ أغبرَ يطيل السفر، يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، فأنى يُستجاب له».
يصح الاستسقاء بالدعاء والاستغفار عقيب الصلوات، لما روي عن علي عليه السلام أنه كان يقول: إذا استقيتم فاحمدوا الله واْثنوا عليه بما هو أهله، وأكثروا من الاستغفار فإنه الاستسقاء.
يندب عند الخروج للصلاة الجهر بالدعاء والاستغفار، والتصدُّق على الفقراء والمساكين، وكذا عند العودة يجهرون بالدعاء والاستغفار، وتلاوة (يس)، وآخر آية من سورة (البقرة).

.صلاة النوافل:

رغَّبَ الله سبحانه وتعالى في النوافل، فقال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: «ما تقرّّب إليّ عبدي بشيء أحبُّ إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه» وكان ً يقول: «الصلاة خير موضوع فليستكثر منها من شاء». وثبت عنه ً أنه كان يواظب على صلاة الوتر، ورواتب الفرائض، ويحث أصحابه على أدائها لما فيها من الأجر والثواب، وبعضها آكد من بعض كما سنذكرها مرتبة بعون الله سبحانه وتعالى وهي:

.صلاة الوتر:

عن علي عليه السلام قال: «الوتر سنة وليس هي حتم كالفريضة» رواه في المسند. وعن خارجة بن حذافة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لصلاة الغداة فقال: «لقد أمركم الله الليلة بصلاة لَهي خيرٌ لكم من حمر النعم، قلنا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الوتر جعلها الله لكم ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر».
وهي ثلاث ركعات متواليات لا يسلم إلا في آخرهن، ويقنت في الثالثة منهن، يقرأ في الأولى بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} بعد الفاتحة، وفي الثانية بـ{قُلْ يَا أَيّهَا الَكَافِرونَ} بعد الفاتحة أيضاً، وفي الثالثة بـ{قُلْ هُو الله} والمعوذتين بعد الفاتحة، لما روي عن علي عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوتر بثلاث ركعات لا يسلم إلا في آخرهن، يقرأ في الأولى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وفي الثانية بـ{قل يا أيها الكافرون}وفي الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين. وقال عليٌ عليه السلام: إنما نوتر بسورة الإخلاص إذا خفنا الصبح فنبادره.
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوتر بثلاث لا يجلس إلا في آخرهن، وفي رواية: كان يوتر بثلاث لا يفصل بينهن
والقنوت يكون بعد الاعتدال من الركوع كما تقدم في سنن الصلاة، ويجوز القنوت بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الوتر وهو: «اللهم اهدني فيمن هديت...» إلخ، والدعاء بالقرآن أفضل، وقد روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه كان يقول بعد رفع رأسه من الركوع في الوتر: (اللهم إليك رفعت الأبصار، وبسطت الأيدي، وأفضت القلوب، ودُعِيْتَ بالألسن، وتُحُوْكِمَ إليك في الأعمال، اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين، نشكو إليك غَيبة نبينا، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، وتظاهر الفتن، وشدة الزمان، اللهم أعنا بفتح تعجله، ونصر تُعِزُّ به، وسلطان حق تظهره، إله الحق آمين).

.ركعتا المغرب وركعتان قبل صلاة الفجر:

وذلك لما روي عن علي عليه السلام أنه قال: قال رسول الله ً: «لا تدعن صلاة ركعتين بعد المغرب في سفرٍ ولا حضر فإنها قول الله تعالى: {وأَدْبَارَ السُجُوْد} [ق:40] ولا تَدَعَنَّ صلاة ركعتين بعد طلوع الفجر قبل أن تصلي الفريضة في سفرٍ ولا حضر، فهي قول الله عز وجل: {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور:49]» ويستحب قراءة {قل يا أيها الكافرون} بعد الفاتحة في الركعة الأولى، وفي الثانية {قل هو الله أحد} بعد الفاتحة أيضاً، وذلك في ركعتي المغرب والفجر، لما روي عن ابن مسعود أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، ويستنبط من هذا الحديث أنه كان يجهر بالقراءة في هاتين الركعتين، وهذا قول الهادي عليه السلام.

.ركعتان بعد الظهر:

وذلك لما روي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في بيتها ركعتين بعد العصر فقالت: ما هاتان الركعتان؟ فقال: (كنت أصليهما بعد الظهر، فجاءني مال فشغلني، فصليتهما الآن) فلما صلاهما بعد العصر دل ذلك على تأكيدهما، ويستحب ركعتان بعد العشاء، لما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي في إثر كل صلاة مكتوبة، إلا العصر والفجر.

.استحباب الانتقال في أداء النافلة:

يستحب انتقال المصلي للنافلة إلى غير الموضع الذي أدى فيه الفريضة، لما روي عن علي عليه السلام أنه كره أن يتطوع الإمام في الموضع الذي يصلي بالناس فيه حتى يتنحى، أو يرجع إلى بيته.