فصل: جماعة النساء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الطهارة والصلاة



.من تكره الصلاة خلفهم:

تكره الصلاة خلف من كرهه الأكثر من الصالحين لحديث: «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ورجل أمَّ قوماً وهم له كارهون».
من يسيء الظن بالناس أو يرى لنفسه الأفضلية في الدين.

.وجوب متابعة الإمام:

يجب على المؤتم متابعة إمامه في ركوعه وسجوده، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا». وقد ورد الترهيب الشديد لمن يسبق إمامه في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل إمامه أن يجعل الله رأسه رأس حمار.
ويجب على المؤتم الإنصات حال قراءة الإمام في الصلاة الجهرية، لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:204].
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في الصلاة، فسمع قراءة فتى من الأنصار، فنزل قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ}. وقال ً: «من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له».
وبعد معرفة هذه الأدلة يتعين على المؤتم الإنصات حال جهر الإمام بالقراءة عملاً بالآية الكريمة؛ لأنه لا يتحتم على المسلم الانصات والاستماع إلا حال جهر الإمام، وأما الحديث فقد نص على أن قراءة الإمام قراءة للمؤتم، ولو قرأ المؤتم حال جهر الإمام لفاته الغرض المطلوب من جهر الإمام، ولأدى إلى التشويش على الإمام. كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لمن قرأ خلفه: «ما لي أنازع في القرآن»
. وفي حالة الإنصات والتدبر لما يقرأه الإمام يحصل للمؤتم الإدراك ببعض أسرار القرآن، فيخشع القلب، وتقوى العزائم وتنشط الأعضاء للعبادة، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الخشوع والدوام على طاعة الله سبحانه وتعالى.

.جماعة النساء:

يشرع للنساء أن يصلين جماعة، وتؤمهن أقرأهن للقرآن، وأعلمهن بأحكام الصلاة، وتقف إمامتهن وسطهن وهن عن يمينها وشمالها، لما روي عن علي عليه السلام قال: دخلت أنا ورسول الله ً على أم سلمة، فإذا نسوة جانب البيت يصلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا أم سلمة أي صلاة تصلين؟ قالت: يا رسول الله، المكتوبة، قال: أفلا أممتِهِنَّ؟ قالت: يا رسول الله، أو يصح ذلك! قال: نعم تقومين وسطهنَّ لاهنَّ أمامك ولا خلفك، وليكنّ عن يمينك وعن شمالك».
ويجوز للنساء الخروج لأداء الصلاة المكتوبة في المساجد الخاصة بهن، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» وإنما يجوز ذلك إذا لم تحصل فتنة بخروجهن إلى المساجد، أما لو حصلت فلا يجوز، وقد ورد أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في مسجدها؛ لأن المرأة ملزمة بالتستر والابتعاد عن الفتنة.

.مسائل متفرقة:

يجب تكميل الصفوف الأول فالأول، وإذا جاء أحد وقد اكتملت الصفوف فلا يصلي وحده، بل يجذب إليه رجلاً من طرف الصف ليصلي معه، لما روي عن علي عليه السلام أنه قال: صلى رجل خلف الصفوف، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «هكذا صليت وحدك ليس معك أحد؟ قال: نعم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: فأعد صلاتك». وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إن جاء رجل فلم يجد أحداً، فليختلج إليه رجلاً من الصف، فليقم معه فما أعظم أجر المُخْتلَج».
من جاء والإمام راكع كبّر تكبيرة الإحرام وهو قائم، ثم يركع مع الإمام، فإن شاركه في الركوع ولو بقدر تسبيحة فقد أدرك الركعة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة كلها».
من أدرك الإمام ساجداً ندب له السجود معه، ولا يعتد بتلك السجدة، فإذا قام الإمام ابتدأ المؤتم صلاته بتكبيرة الإحرام، لقوله ً: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعتدوها شيئا».
فائدة: قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا».
وليجعل ما أدركه المصلي مع الإمام أَوَّلَ صلاته، وعليه متابعة الإمام في قيامه وقعوده وسجوده، ولا يتشهد الأوسط من فاتته الركعة الأولى من أربع؛ لأن الركعة الثانية للمؤتم تعتبر أولى، لما روي عن علي عليه السلام أنه قال: (اجعل ما أدركت مع الإمام أول صلاتك) فإذا سلم الإمام التسليمتين قام المؤتم وأتم صلاته.
يجوز للمسافر أن يصلي خلف المقيم، أو ينتظر الإمام حتى يصلي الركعتين الأولتين، ثم يدخل ويصلي معه الركعتين الأخيرتين وهو الأفضل.
وأما صلاة المسافر بالمقيم فلا خلاف في صحتها، لقوله ً: «أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر».
إذا سبق المؤتم إمامه في ركن من الأركان سهواً مثل: أن يركع قبل إمامه بقي راكعاً حتى يركع الإمام، وأما إذا قام والإمام جالس للتشهد وجب عليه أن يرجع ويتشهد مع الإمام؛ لوجوب متابعة الإمام.

.سجود السهو:

شرع سجود السهو تجبيراً لما يقع في الصلاة من خلل، وذلك في الأحوال الآتية:
أن يترك المصلي شيئاً من سنن الصلاة، كتكبير النقل أو تسبيح الركوع، أو السجود، أو التشهد الأوسط، أو يسبح في موضع القراءة سهواً نحو أن يسبح في الركعتين الأولتين، أو يقرأ في موضع التسبيح سهواً، كأن يقرأ حال الركوع أو السجود، فمن فعل شيئاً من ذلك فعليه سجدتان بعدما يُسلِّم، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قام في الركعتين الأولتين ونسي أن يقعد فمضى في قيامه وسجد سجدتين بعد الفراغ من صلاته. ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لكل سهو سجدتان بعدما يسلم».
أن يزيد في صلاته ركعة أو ركناً سهواً لا عمداً، لما روي عن علي عليه السلام قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر خمس ركعات فقال بعض القوم: يا رسول الله، هل زيد في الصلاة شيء؟ قال: «وما ذاك؟ قال: صليت بنا خمس ركعات، قال: فاستقبل القبلة وكبر وهو جالس وسجد سجدتين ليس فيهما قراءة ولا ركوع ثم سلم».
أن يترك المصلي ركعةً سهواً، ثم يذكر قبل الخروج من الصلاة، فعليه أن يأتي بتلك الركعة ثم يسجد للسهو بعدما يسلم، وكذا لو ترك ركوعاً أو سجوداً وجب عليه أن يأتي بركعة كاملة تكون عوضاً عن تلك الركعة التي وقع فيها النقص، وصارت الركعة الناقصة ملغاة، ثم يسجد لسهوه بعدما يسلم، لقول رسول الله ً: «لكل سهو سجدتان بعدما يسلم» وأما لو ترك المصلي ركعة أو ركناً سهوا، ولم يذكر إلا بعد خروجه من الصلاة أعاد الصلاة من أولها احتياطاً.

.كيفية سجود السهو:

هو أن يقعد المصلي كقعوده للتشهد، ثم يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يكبر مرة أخرى للنقل ويسجد كما يفعل في صلاته، ثم يقعد ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ثم يُسَلِّم.

.حكم الشك في الصلاة وبعدها:

إذا شك المصلي حال صلاته هل صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً؟ تَحَرَّى، فإن حصل له ظن بتمام صلاته فذلك، وإن ظن النقصان أتم صلاته وسجد سجدتي السهو بعدما يسلم إرغاماً للشيطان، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثاً صلى أم أربعاً؟ فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب ويتمه ثم يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو يتشهد ويسلم.
وأما إذا شك ولم يحصل له ظن بزيادة أو نقصان بنى على اليقين، يعني الأقل، وسجد للسهو بعدما يسلم إرغاماً للشيطان، لقوله ً: «إذا شك أحدكم فلم يدر صلى ثلاثاً أم أربعاً فليبن على اليقين وليُلِقِ الشكّ»
.

.مسائل متفرقة:

إذا سهى الإمام في الصلاة وسجد لسهوه وجب على المؤتم متابعة إمامه.
وإذا سهى المؤتم، أو كان لاحقاً وترك مسنوناً، وجب عليه سجود السهو بعدما يسلم، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لكل سهو سجدتان». فظاهر الحديث أنه يلزم السجود لكل سهو، ولا فرق بين الإمام والمؤتم في ذلك والمنفرد لعموم الحديث.
لا يتكرر سجود السهو لتكرر ما يوجبه، بل يكفي سجود واحد.

.سجود الشكر والتلاوة:

يُستحب لمن حصلت له نعمة، أو دفع الله عنه نقمة أن يسجد شكراً لله، وكذا من أذنب ذنباً استحب له أن يسجد لله استغفاراً، وذلك لما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا بشر بشيء يسره خر ساجداً، ولقول الله سبحانه وتعالى: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص:24] ويستحب السجود أيضاً لمن قرأ أو سمع الآيات التي فيها السجدات وهي خمسة عشر سجدة في أربعة عشر موضعاً من كتاب الله:
في آخر الأعراف آية (206).
سورة الرعد آية (15).
سورة النحل الآية (49).
سورة الإسراء الآية (107).
سورة مريم الآية (58).
في آيتين من سورة الحج الآية (18)، والآية (77).
سورة الفرقان الآية (60).
سورة النمل الآية (25).
سورة السجدة الآية (15).
سورة ص الآية (24).
سورة فصلت الآية (37).
آخر سورة النجم الآية (62).
سورة الإنشقاق الآية (21).
آخر سورة العلق الآية (19).
ويشترط لذلك الطهارة كطهارة الصلاة، ويندب في سجود التلاوة الدعاء بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو: «اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اكتب لي بها أجراً واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود».
واستحسن بعض العلماء أن يقول الساجد تمام ذلك: {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً} [الإسراء:108].

.صلاة الجمعة:

إن من يمعن النظر في الشريعة المطهرة يجدها تهدف إلى إصلاح الفرد والمجتمع، فمثلاً فرض الله صلاة الجمعة، وأمر بالسعي إليها والاستماع إلى خطبتها بإنصات وأدب منقطع النظير؛ لما لها من أثر كبير في معالجة أمراض القلوب من أدران الذنوب، ففيها يتذكر المتذكر ويتعظ المتعظ، وفيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي بمثابة مؤتمر أسبوعي يناقش فيه المسلمون همومهم ومشاكلهم، وما يقوي عُرَى الأُخُوَّة الإسلامية.
وهي فرض عين على كل مسلم لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9] إلا على الصبي والمرأة والمريض والعبد والمسافر، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الجمعة واجبة على كل مسلم إلا على مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض» وفي رواية: «الجمعةُ واجبة إلا على صبي أو مملوك أو مسافر» ولا تجب صلاة الجمعة إلا مع وجود الإمام العادل، فأما في عصر الظَلَمَةِ والفُسَّاق فلا يتحتم وجوبها، ويجزئ المسلم أن يصلي ظهراً، وقد ذهب إلى اشتراط الإمامِ العترةُ وأبو حنيفة، لقوله ً: «ألا من ترك الجمعة وله إمام عادل أو جائر ألاَ لا جمع الله شمله، ألا لا بارك الله له» وحديث: «أربعة إلى الولاة الحدود، والجمعة، والزكاة، والجهاد»، والمراد بالإمام الجائر: الجائر في باطن أمره أما في ظاهر الشرع فهو يحكم بالشرع، والمراد بالولاة في الحديث الثاني: الولاة العادلون، ومن صلاها ولم يوجد إمام عادل ولم يدع فيها للظلمة والفسقة فالظاهر أنها تجزئه عن الظهر إذا كان إمام الصلاة والخطيب موالياً ومنتسباً لأهل الحق، ومعتقداً لولاية أهل البيت.

.شروط صلاة الجمعة:

دخول الوقت وهو اختيار الظهر، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس وفي رواية: كان يصلي الجمعة حين تنزع الشمس عن وسط السماء.
وجود ثلاثة رجال فأكثر مع إمام الصلاة، لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وهو أمر للجماعة وأقلها ثلاثة.
خطبتان من عدل طاهر عارف بقواعد الشريعة وأحكامها، ورع؛ وذلك لأن مقام الخطيب مقام خطير لا يليق إلا بالعلماء الأتقياء الذين يفقهون دينهم وبه يعملون، والسنة أن يبدأ الخطيب بالسلام على المصلين وهو قائم ومستقبل لهم، ثم يؤذن، وبعد ذلك يقوم الخطيب ليلقي الخطبة الأولى، ثم يجلس جلسة خفيفة ويقوم للخطبة الثانية.
ويجب أن تشتمل الخطبة الأولى على حمد الله تعالى والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم وينبغي أن تعالج الخطبة مشاكل المسلمين الأسبوعية، وتحث على وجوب شكر النعم التي لا تعد ولا تحصى، وتحذرهم من عواقب كفرانها وتدعوهم إلى التحلي بمكارم الأخلاق، وتوضح لهم عظمة الإسلام، وسماحته، ويسره، وسهولته، مع تحري مواضع الوعظ، والإرشاد، والتذكير باليوم الآخر، وما فيه من الأهوال والإفزاع، والتذكير بفضل الجمعة والسعي إليها، ويستحب قراءة سورة من المفَصَّل في آخر الخطبة الأولى.
والمشروع أن تكون الخطبة الثانية أقصر من الأولى، ومشتملة على آيات من القرآن والصلاة على النبي وأهل بيته، والترضية على صحابته الأخيار، ثم الدعاء للإسلام بالعزة والنصر، والدعاء للإمام العادل إذا وجد وللمسلمين بالتوفيق والصلاح، ويختمها بالآية الكريمة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90] ثم تقام الصلاة ويؤم الناس الخطيب أو غيره ويجهر بالقراءة، ويندب أن يقرأ الإمام بعد الفاتحة بسورة الجمعة وسورة المنافقون، وله أن يقرأ من القرآن ما يناسب موضوع خطبته، مراعياً أحوال الناس في طول القراءة وقصرها، وينبغي للخطيب أن يتجنب الإسهاب في الكلام؛ لأن كثرة الكلام ينسي بعضه بعضاً، وخير الكلام ما قلَّ ودل.

.ما يندب للمسلم عمله يوم الجمعة:

الاغتسال، وهو سنة مؤكدة كما تقدم.
لبس أحسن الثياب والتزين والتطيب، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الجمعة: «يا معشر المسلمين، إن هذا يومٌ جعله الله عيداً للمسلمين فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك». وفي رواية أنه قال: «من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله، ثم تطهر ولبس من أحسن ثيابه، ومس ما كتب الله له من طيب أهله، أو دهن أهله ثم أتى الجمعة فلم يلغ ولم يفرق بين اثنين غفر الله له ما بين الجمعة والجمعة الأخرى».
التبكير إلى المسجد لسماع الخطبة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من بكّر في الساعة الأولى فكأنما قَرَّبَ بدنةً، ومن أتى في الساعة الثانية فكأنما قَرَّبَ بقرةً، ومن أتى في الساعة الثالثة فكأنما قَرَّبَ شاةً، ومن أتى في الساعة الرابعة فكأنما قَرَّبَ دجاجةً، ومن أتى في الساعة الخامسة فكأنما قَرَّبَ بيضةً، فإذا صعد الإمام المنبر طويت الصحف وقعد الملك يسمع الذكر».
قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها وقاه الله فتنة الدجال».
الإكثار من ذكر الله والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقوله: «أكثروا من الصلاة عليَّ في الليلة الغرَّاء واليوم الأَغرِّ يوم الجمعة وليلتها».
وقد جاءت أحاديث أن في يوم الجمعة ساعةً تستجاب فيها الدعوة، فمن أكثر من الذكر والدعاء فلعله يصادفها.
وأفضل الذكر والعبادات صلاة أربع ركعات بعد صلاة الجمعة في المسجد أو ركعتين في البيت لثبوت ذلك عنه ً.
زيارة الأموات وقراءة الفاتحة لهم، وزيارة المرضى والدعاء لهم بالشفاء، والعطف على الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل لما في ذلك من الأجر والثواب.
الترفيه على الأهل والأولاد والأقارب على أن لا يشغله ذلك عن التبكير إلى المسجد، وإنما كان الترفيه على الأهل والأولاد والأقارب مستحباً؛ لأن يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين.

.مسائل متفرقة:

من أدرك من الخطبة قدر آية وهو متوضئ فقد أدرك الجمعة، ولا خلاف في ذلك، وإنما الخلاف فيمن لم يدرك شيئاً من الخطبة.. فعند الهادي عليه السلام أنه يصلي مع الإمام ويتمها ظهراً، وهو قول جماعة من السلف، ومذهب بعض العلماء أن من فاتته الخطبة وأدرك الصلاة فقد أدرك الجمعة، وهو قولٌ ينسب إلى الحسن السبط عليه السلام.
يجب على المصلين الإنصات للخطبة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قال: صَهٍ والإمام يخطب فقد لغى، ومن مس الحصى فقد لغى، ومن لغى فلا جمعة له» والأفضل لمن جاء والإمام يخطب أن يقعد ويستمع الخطبة ولا يصلي تحية المسجد؛ لأن الإنصات في الخطبة واجب، ومن يصلي والإمام يخطب فلا يستطيع الإنصات ولا يتمكن منه.
إذا كان العيد يوم الجمعة سقط فرض الجمعة على من صلى العيد إلا على الإمام وثلاثة معه لما روي عن علي عليه السلام أنه اجتمع عيدان في يوم، فصلى بالناس في الجبانة، ثم قال بعد خطبته: (إنا مُجَمِّعُون بعد الزوال فمن أحب أن يحضر فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن ترك ذلك فلا حرج عليه).

.قضاء الصلاة:

القضاء واجب على من ترك إحدى الصلوات الخمس فقط، إذا ترك الصلاة في وقت يجب عليه أداؤها فيه، بخلاف الحائض والنفساء فلا تقضيان الصلاة؛ لأنهما تركا الصلاة في وقت لا يجب عليهما أداؤها فيه.إلا إذا جاءهما الدم في آخر وقت صلاة من الصلوات فيقضيانها لأنهما فرّطا في أدائها حتى وقت الاضطرار.
وكذلك يجب قضاء الصلاة لو ترك شرطاً من شروطها، أو فرضاً من فروضها، وسواء كان ذلك عمداً أو سهواً، أما إذا تركها ناسياً فلقوله ً: «من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها»، وعن علي عليه السلام قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، فلما نزلنا قال رسول الله: «من يكلؤنا الليلة؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله، قال: فبات بلال مرة قائماً ومرة جالساً حتى إذا كان قبل الفجر غلبته عيناه فنام، فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا بِحرِّ الشمس، فأمر رسول الله الناس فتوضؤا، وأمر بلالاً بالأذان فأذَّن، ثم صلى ركعتين،ثم أمر بلالاً فأقام، ثم صلى بهم الفجر».
وأما العامد فيجب عليه القضاء بالأولى، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اقضوا الله فدين الله أحق أن يقضى». والصلاة من حقوق الله سبحانه وتعالى.

.مسائل متفرقة:

من أغمي عليه، أو خُدر حال عملية جراحية حتى فاتت عليه صلوات ثم أفاق وجب عليه أن يصلي صلاة يومه أو ليلته التي أفاق فيها، لما روي أن عبدالله بن رواحة أغمي عليه فقال: يا رسول الله، أغمي عليَّ ثلاثة أيام فكيف أصنع بالصلاة؟ فقال ً: «صلِّ صلاة يومك الذي أفقت فيه فإنه يجزيك».
يجب قضاء الصلاة كما فاتت، فمن تركها في سفر قضاها قصراً ولو في الحضر، ومن تركها في غير سفر قضاها تماماً ولو في السفر، وكذلك في الجهر والمخافتة، والصحيح أن القضاء على الفور، فمن فاتته صلواتٌ كثيرةٌ فحد الفور أن يقضي مع كل فرض فرضاً.
ويندب قضاء السنن المؤكدة، كسنة الظهر والفجر والمغرب والوتر.
من لم يتمكن من قضاء ما عليه من الفرائض لأي سبب من الأسباب أوصى بالكفارة، وهي نصف صاعٍ أو قيمته عن كل خمس صلوات، وتصرف للفقراء والمساكين ويجوز صرفها في الهاشميين.

.صلاة العيدين:

شرع الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة المسلمة عيدين في السنة: عيد الفطر، وعيد الأضحى، توسعة لهم وترويحاً لنفوسهم وترفيهاً على الأهل والأولاد بما أحله الله من الطيبات، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم قَدِمَ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: «قد أبد لكم الله بهما خيراً منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر».
شرع الله فيهما الصلاة شكراً على نعمائه،واعترافاً بجزيل عطائه،ورمزاً إلى وحدة المسلمين،وتعاطفهم وتراحمهم،حتى تعم الفرحة الصغير والكبير والمسكين والفقير، ويقيموا شعائر الذكر والتكبير لله سبحانه وتعالى على ما هداهم وأحل لهم من بهيمة الأنعام.

.حكم صلاة العيدين:

هي فرض عين على كل مسلم ومسلمة، لمداومته صلى الله عليه وآله وسلم عليها حتى توفاه الله، والله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].

.وقت صلاة العيد وكيفيتها:

هو من بعد ارتفاع الشمس إلى الزوال، ولا خلاف في ذلك، وهي ركعتان يبدأ بالقراءة في كل ركعة بفاتحة الكتاب وقرآن معها جهراً، ثم يكبر في الأولى سبع تكبيرات ويركع بالثامنة، وفي الركعة الثانية يكبر خمس تكبيرات بعد القراءة ويركع بالسادسة، ويستحب الفصل بين كل تكبيرتين بهذا الذكر وهو: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلا، وذلك لما روي عن رسول الله ً أنه كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً، وتقدم القراءة على التكبيرات لما روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه كان يقدم القراءة على التكبيرات، وهو لا يفعل شيئاً إلا وقد صح له من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكفى بفعل باب مدينة علم المصطفى حُجة.
وأما الفصل بين كل تكبيرتين بما ذكر فلما روي عن علي عليه السلام أنه كان يفصل بينهما بالدعاء، واستحسن الإمام الهادي الفصل بين كل تكبيرتين بما ذكر لأثر ورد في ذلك عن النبي ً.