فصل: مفسدات الصلاة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الطهارة والصلاة



.صلاة المرأة:

وهي كالرجل فيما يجب ويحرم في الصلاة إلا في الأمور الآتية:
لا يجب عليها أن تركع كما يركع الرجل، فالواجب عليها أن تركع حتى تصل أطراف أصابعها إلى ركبتيها فقط.
إذا سجدت ضمّتْ أعضاءها، ولا تمد ظهرها ولا تفرِّق بين إبطيها ويديها، ولا يجب عليها حال القعود نصب قدمها اليمني وفرش اليسرى، بل تفرشهما جميعاً، وإذا أرادت القيام من السجود جلست أولاً ثم قامت.
لا يجب عليها حال القيام أن تُفرِّق بين قدميها.
يجب عليها ستر جميع بدنها غير الوجه والكفين في الصلاة.
يجب عليها خفض صوتها حال القراءة الجهرية بحيث لا يسمعها إلا من كان بجانبها.
ليس عليها أذانٌ ولا إقامة.

.صلاة المريض والمعذور:

الصلاة شأنها عند الله عظيم، وهي أهم عروة من عرى الإسلام، فلا يُعذر أحد من المسلمين في ترك أدائها في أي حال من الأحوال، بل يصلي حسب قدرته واستطاعته كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب». وإذا صلى قاعداً ولم يستطع السجود أومأ إيماءً، ويجعل إيماء السجود أخفض من إيماء الركوع، لما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه دخل على رجل من الأنصار قد شبكته الريح فقال: يا رسول الله، كيف أصلي؟ قال: «إن استطعتم أن تجلسوه فأجلسوه، وإلا فوجهوه إلى القبلة ومروه فليومئ إيماءً، ويجعل السجود أخفض من الركوع، وإن كان لا يستطيع أن يقرأ فاقرؤا عنده».
ولا يلزم المصلي أن يسجد على وسادة أو نحوها، لما روي عن علي عليه السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مريض يعوده فإذا هو جالس ومعه عود يسجد عليه، قال: فنزعه رسول الله من يده وقال: «لا تعد، ولكن أومئ إيماءً، ويكون سجودك أخفض من ركوعك».
فعلى هذا لا تسقط الصلاة عن المكلف إلا في حالتين:
الأولى: إذا زال عقله تماماً؛ لأن العقل شرط في التكليف، فإذا زال سقط التكليف.
الثانية: إذا عجز عن الإيماء برأسه؛ لأنه لم يكن في وسعه، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

.مفسدات الصلاة:

وتفسد الصلاة بأمور:
إذا اختل شرط من شروطها كالطهارة، أو استقبال القبلة، أو انكشاف العورة أو غيرها لغير عذر بطلت الصلاة، والظاهر أن ذلك إجماع، وكذلك لو اختل فرض من فروضها، لأمره ً المسيء صلاته بالإعادة.
الفعل الكثير الذي يعد إعراضاً عن الصلاة وإضراباً عنها كالأكل والشرب، والمشي الطويل، فإن ذلك يفسد الصلاة لأنه إعراض عن الصلاة، ولمنافاته السكون الذي أمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «اسكنوا في الصلاة» ويعفى عن الفعل اليسير في الصلاة مثل تسكين ألَم أو إزالة نجاسة جافة، أو شيء من موضع سجود المصلي أو ستر عورة أو غير ذلك فلا يضر.
الكلام بشيء ليس من القرآن ولا من أذكار الصلاة، لقوله ً: «إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن الله قد أحدث ألا تتكلموا في الصلاة». وعن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة يكلِّم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة فنزل قوله تعالى: {وَقُوْمُوْا ِللهِ قَاِنِتْينَ} [البقرة:238] فأُمِرْنَا بالسكوت ونُهِيْنَا عن الكلام».
اللحن في القراءة، كأن ينصب المرفوع أو يخفض المنصوب، ويغير الكلمة تغييراً يخرجها عن معناها فإنه يفسد الصلاة، إلا إذا أعاد المصلي القراءة إعادة صحيحة، وإنما كان اللحن مبطلاً للصلاة؛ لأن المصلي مأمور بأن يأتي بالقراءة والأذكار على الوجه الصحيح.
الضحك الذي يمنع من القراءة مفسد للصلاة، لما روي عنه ً أنه أمر من قهقه في الصلاة بإعادتها وإعادة الوضوء، وأما التبسم والعطاس والتثاؤب والسعال حال الصلاة فلا يضر، ولكن يندب مدافعة ذلك بقدر الاستطاعة.

.مسائل متفرقة:

إذا أُحْصِرَ الإمام ونسي القراءة وتحير عن مواصلتها، جاز للمؤتم الحافظ أن يفتح عليه ويذكره بالآية التي نسيها لقول علي عليه السلام: «إذا استطعمكم الإمام فأطعموه». ويكره الفتح عند غير الحاجة إليه.
التأمين في الصلاة عند أهل البيت غير مشروع؛ لأنه لم يصح دليله عندهم.
من نسي القراءة في الصلاة وذكرها قبل التسليم قام وأتى بركعة كاملة يقرأ فيها الفاتحة وقرآن معها.
يكره الالتفات، لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن الالتفات في الصلاة، فقال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد».
يكره رفع البصر إلى السماء، لما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء، لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم».
يكره أن يصلي الرجل وهو حاقن، لنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة وهو يدافعه الأخبثان، أي البول والغائط، وكذلك إذا كان شديد الجوع أو العطش الذي يشغله عن الصلاة.

.الذكر بعد الصلاة المفروضة:

الذكر خير علاج للقلوب من الغفلة والقسوة {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28] وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إمام الذاكرين والخاشعين والمتضرعين إلى الله سبحانه وتعالى في كل أوقاته، وجاء في الحديث أنه كان يعلم أصحابه الأذكار والأدعية، ويرغبهم فيها، فعن علي عليه السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا علي، اقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي، فإنه لا يحافظ عليها إلا نبي أو صِدّيق أو شهيد».
وعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت» وفي رواية: «وقل هو الله أحد»وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لكل من أدى فريضة دعوة مستجابة» والمشروع عقيب الصلاة المفروضة كما جاء في الروايات هو: قراءة آية الكرسي، وقل هو الله أحد، ثم التسبيح ثلاثاً وثلاثين، والتحميد ثلاثاً وثلاثين، والتكبير ثلاثاً وثلاثين، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، مرة واحدة، يقول ذلك بعد صلاة الظهر والعشاء، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير عشراً بعدصلاة المغرب والفجر والعصر، ثم يصلي على النبي ً ثم يسأل حاجته.

.مشروعية الجهر بالذكر:

والجهر بالأذكار النبوية عقيب الصلاة المفروضة مشروع، فعن أبي معبد مولى ابن عباس قال: إن ابن عباس أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكنتُ أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته.
وعن ابن عمر قال: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم.
فهذا الحديث يدل على الجهر بالذكر في المجالس فيكون عقب الصلوات من باب أولى.

.صلاة الجماعة:

وهي سنة مؤكدة داوم عليها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حتى لحق بالرفيق الأعلى، ورغب فيها، وأخبر أن صلاة الرجل مع الرجل أفضل من صلاته وحده، وصلاته مع الاثنين أفضل من صلاته مع الواحد، وصلاته مع الثلاثة أفضل من صلاته مع الاثنين، وصلاته مع الأربعة أفضل من صلاته مع الثلاثة، وهكذا كلما زادت الجماعة زاد الأجر والثواب، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «صلاة الجماعة تزيد على الفرد بسبع وعشرين درجة».

.فوائد صلاة الجماعة:

هي سببٌ في توحيد المسلمين، واجتماع كلمتهم حيث يصلون جميعاً خمس مرات في اليوم والليلة في مساجدهم صفوفاً متراصة، متوجهين للذي فطر السماوات والأرض، مستقبلين قبلة واحدة، وخلف إمام واحد، يقومون بقيامه ويقعدون بقعوده، ويتابعونه في جميع الأركان..، وذلك مظهر عظيم من مظاهر الوحدة والأُلفة.
هي سبب في التعارف والتآلف الذي يقوّي روابط المحبة والإخاء، ويقوي شعور المسلمين بأنهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
في صلاة الجماعة فرصة لتعليم الجاهل، وحضوره حلق الذكر ودروس العلم، وسماع المواعظ والنصائح.

.الترهيب من ترك صلاة الجماعة:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تزال أمتي يكفّ عنها حتى يُظْهِروا خصالاً،عملاً بالربا، وإظهار الرُشا، وقطع الأرحام، وترك الصلاة جماعة، وترك هذا البيت أن يُؤمَّ، فإذا ترك هذا البيت أن يؤم لم يُنَاظَرُوا». وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تُقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية».

.كيفية صلاة الجماعة:

إذا كان المؤتم واحداً وقف عن يمين الإمام غير متقدم على إمامه، ولا متأخر، ولا منفصل عنه، فإن كانوا أكثر من واحد وقفوا خلفه مسامتين له، وقد جاءت السنة المطهرة بهذه الكيفية، فعن علي عليه السلام قال: أمَّنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا ورجل من الأنصار، فتقدَّمَنا وخَلَّفَنا خلفه فصلى ثم قال: «إذا كان اثنان فليقم أحدهما عن يمين الآخر».
ويجوز أن يقف أكثر من واحدٍ عن يمين الإمام للعذر، مثل ضيق المكان ونحوه.

.شروط إمام الصلاة:

يشترط في إمام صلاة الجماعة أمور:
العقل والبلوغ، لأن الشريعة الإسلامية المطهرة أناطت، تكاليفها بمن كان بالغاً عاقلاً، ومن ليس كذلك فلا تكليف عليه، قال ً: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ»، وإذا كان لا تكليف عليه فلا تصح صلاة مكلف وراءه؛ لأن تعليق الصلاة بغير مكلف الراجح أنه لا يصح.
العدالة، فيجب على إمام الصلاة أن يكون أكثر الناس إيماناً، وأكثرهم ورعاً، وأحسنهم أخلاقاً، قال تعالى حاكياً عن عباد الرحمن الذين يقولون: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74] ولأن الإمامة في الدين يجب أن يكون القائم بها من الذين رضوا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، أما أهل الفسق والظلم والإجرام فلاحظَّ لهم في هذا المنصب العظيم، ولا تصح الصلاة خلفهم قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تؤمَّنَّ امرأةٌ رجلاً، ولا أعرابيٌ مهاجراً، ولا فاجرٌ مؤمناً» وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يؤمنكم ذو خِزْبَةٍ في دينه»، وورد النص بحرمة الصلاة خلف الخارجي الغالي وخلف المرجي وخلف القدري وخلف من نصب حرباً لآل محمد لما روي عن أمير المؤمنين زيد بن علي عليه السلام قال: (لا يصلى خلف الحرورية ولا خلف المرجئة ولا القدرية ولا من نصب حرباً لآل محمد) روى ذلك في المجموع، وهذا هو مذهب أهل البيت ٍ عملاً بهذا الحديث، وإدراكاً منهم لمعنى الإمامة لغة وشرعاً.
وحاشا لله أن يجيز الإسلام لفاسق أن يؤم المسلمين المصلين؛ لأن الإمامة في الصلاة تشريف وتعظيم، والفاسق لا وزن له عند الله سبحانه وتعالى، وكيف يكون إماماً في الدين وهو لم يلتزم بأحكام الدين، والعجب ممن يجيزون الصلاة خلف الفَجَرَة والعُصاة متشبثين بأوهى الروايات أنهم أتوا بقاعدة فقالوا: من صَحّتْ صلاته صحّت الصلاة خلفه، وهذه القاعدة منقوضة بصلاة المستحاضة، ومن به سلس البول، وصاحب الجراحة، فإن صلاتهم تصح للعذر، ولا تصح الصلاة خلفهم.
الحفظ والإتقان لما يتلوه من القرآن في الصلاة، وأن يكون عالماً بأحكام الصلاة وآدابها، قال الحسن بن يحيى: انتهى إلينا في الخبر المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «يؤمكم أقرؤكم لكتاب الله، وأفقهكم في الدين، وأقدمكم هجرة، وأعلاكم نسباً وسنا».
الذكورة فلا تصح الصلاة خلف المرأة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تؤمن امرأة رجلاً..» ولا يصح أن يؤم الرجل امرأة أو نساءً وحده، سواء كانت محرماً له أم لا، إلا إذا كان معه رجل وقف عن يمينه والمرأة خلفهما، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصلي وعلي عليه السلام بجانبه، وخديجة -رضي الله عنها- من ورائهما» وأما في صلاة النافلة فيصح صلاة الرجل بمحرمه أو زوجته وهو قول الإمام الهادي.
وروي عن أنس أن جدته دعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لطعام صنعته فأكل منه، ثم قال: قوموا لأُصلي بكم، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسوَّد من طول ما لبث فنضحته بالماء، فقام عليه رسول الله ً وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا فصلى، بنا ركعتين ثم انصرف.
ألاّ يكون الإمام متنفلاً والمأموم مفترضاً، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تختلفوا على إمامكم»، وأما لو صلى المتنفل خلف المفترض فالصلاة صحيحة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم حين رأى رجلاً مفترضاً يصلي وحده: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه» فقام رجل معه.
اتفاق الإمام والمؤتم في الفرض، فلو اختلف الإمام والمؤتم في الفرض، كأن يصلي الإمام ظهراً والمؤتم عصراً فلا تصح الصلاة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تختلفوا على إمامكم».
ألا يكون الإمام ناقص الطهارة أو الصلاة، كالمتيمم وصاحب سلس البول، أو الجراحة والمقطوعة يده أو رجله، أو لا يستطيع القيام فلا يصح أن يؤم المتيمم المتوضئ، ولا صاحب السلس والجراحة الصحيح، ولا يصح أيضاً أن يؤم المقطوعة يده أو رجله أو العاجز عن القيام كامل الصلاة؛ وذلك لعدم استكمال شرائط الصلاة وفرائضها، وتصح صلاة هؤلاء بأمثالهم، وكذلك لا تصح الصلاة خلف من يمسح على خُفَّيْه؛ لإنه مخلٌ بالطهارة، أما الصلاة خلف من يُؤمِّنْ أو يضم أو يرفع يديه، أو يدعو في الصلاة بغير القرآن فقواعد أهل البيت تقضي بصحة الصلاة خلفه؛ لان الإمام في الصلاة حاكم عندهم.
تنبيه:
(الإمام حاكم في الصلاة) هذه القاعدة الفقهية العظيمة التي تميّز بها المذهب الزيدي كفيلة بتقارب المسلمين، وإحياء روح الأخوة والوحدة في نفوسهم، فالزيدي مثلاً حينما يصلي خلف الشافعي مثلاً ويعتقد صحة صلاته حملاً له على السلامة، واعترافاً بمكانة العلماء وتصويباً لاجتهاداتهم، فذلك هو السبيل إلى جمع الشتات، وتأليف القلوب حتى يصبحوا أخوناً متعاونين على البر والتقوى، إن هذه القاعدة الجليلة تبعث روح التسامح بين المسلمين، وتجعل كل مسلم يحسن الظن بأخيه المسلم، وعند ذلك يُسكتُ العقلاءُ من هذه الأمة كلَّ من يوقد نار الفرقة ويزيد الطين بلة، وتستيقظ الأمة من سباتها، ثم تستعيد مكانتها في حمل رسالة الإسلام وهداية بني الإنسان.

.ترتيب الصفوف وتسويتها:

مضت السنة في صلاة الجماعة بتقديم صفوف الرجال، ثم الصبيان خلفهم ثم النساء، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجعل الرجال قدّام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان. وعن أبي مسعود البدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: «استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليليني أولوا الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
وجاءت الأحاديث في فضيلة الصف الأول، منها حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول، قالوا: يا رسول الله، وعلى الثاني؟ قال: وعلى الثاني». وفي تسوية الصفوف وسد الفرج فضل كبير، ويكون ذلك بإلزاق المناكب، وتقارب الأقدام من غير إزعاج أو إيذاء لأحد المصلين، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بتسوية الصفوف وسد الخلل، ويقول: «إذا قمتم إلى الصلاة فأقيموا صفوفكم، والزموا عواتقكم، ولا تدعوا خللاً فيتخللكم الشيطان كما يتخلل أولاد الحذف».