فصل: كِتَابُ الْمَفْقُودِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.كتاب الإباق:

وَاجِدُ الْآبِقِ إذَا قَدَرَ عَلَى الْأَخْذِ فَالْأَخْذُ أَوْلَى وَأَفْضَلُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ ثُمَّ لَهُ الْخِيَارَاتُ إنْ شَاءَ حَفِظَهُ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُهُ مِنْهُ إلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ يَحْبِسُهُ الْإِمَامُ تَعْزِيرًا لَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَأَمْسَكَ بِنَفْسِهِ بِمَا لَهُ مِنْ الْخِيَارِ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ يَرْجِعُ عَلَى مَالِكِهِ إذَا حَضَرَ إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الضَّالِّ، فَقِيلَ أَخْذُهُ أَفْضَلُ وَقِيلَ تَرْكُهُ أَفْضَلُ وَإِذَا رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ لَا يَحْبِسُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةٌ آجَرَهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَبِيعُهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ بِالْعَبْدِ فَأَخَذَهُ السُّلْطَانُ فَحَبَسَهُ فَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ، قَالَ: يَسْتَحْلِفُهُ مَا بِعْتُهُ وَلَا وَهَبْتُهُ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ الْقَاضِي كَفِيلًا لَمْ يَكُنْ مُسِيئًا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْقَاضِيَ، هَلْ يَنْصِبُ عَنْهُ خَصْمًا؟ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِيهِ، بَعْضُهُمْ قَالُوا: الْقَاضِي يَنْصِبُ خَصْمًا ثُمَّ يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَقْبَلُ الْقَاضِي هَذِهِ الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْصِبَ عَنْهُ خَصْمًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ عَبْدُهُ، قَالَ: يَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا، وَإِنْ لَمْ يَجِئْ لِلْعَبْدِ طَالِبٌ، قَالَ: إذَا طَالَ ذَلِكَ بَاعَهُ الْإِمَامُ وَأَمْسَكَ حَتَّى يَجِيءَ طَالِبُهُ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ فَيَدْفَعَ الثَّمَنَ، وَلَا يُنْتَقَضُ بَيْعُ الْإِمَامِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فِي مُدَّةِ حَبْسِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ مِنْ صَاحِبِهِ إنْ حَضَرَ وَمِنْ ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَلَا يُؤَاجِرُ الْآبِقُ خَوْفَ الْإِبَاقِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا دُفِعَ الْآبِقُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ وَبِذِكْرِ الْعَلَامَةِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ الْآخَرُ ضَمِنَ الدَّافِعُ وَرَجَعَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَادُّ الْآبِقِ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ اسْتِحْسَانًا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْكَافِي.
مَنْ رَدَّ الْآبِقَ مِنْ مُدَّةِ سَفَرٍ وَهِيَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي التَّبْيِينِ إنْ أَخَذَهُ فِي الْمِصْرِ أَوْ خَارِجَ الْمِصْرِ أَقَلَّ مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ عَلَى قَدْرِ الْعَنَاءِ وَالْمَكَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّضْخُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ ثُمَّ إذَا وَجَبَ الرَّضْخُ إنْ اصْطَلَحَ الرَّادُّ وَالْمَرْدُودُ عَلَيْهِ عَلَى شَيْءٍ فَلِلرَّادِّ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَصَمَا عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي يُقَدِّرُ الرَّضْخَ عَلَى قَدْرِ الْمَكَانِ، هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ لِلرَّادِّ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ بِإِزَاءِ كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ فَيُقْضَى بِذَلِكَ إنْ رُدَّ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ وَفِي الْيَنَابِيعِ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَهَذَا أَيْسَرُ بِالِاعْتِبَارِ، وَفِي الْإِبَانَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ: وَالْحُكْمِ فِي رَدِّ الصَّغِيرِ كَالْحُكْمِ فِي رَدِّ الْكَبِيرِ إنْ رُدَّ مِنْ مَسِيرَةِ السَّفَرِ فَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَإِنْ رَدَّهُ مِمَّا دُونَ مَسِيرَةِ السَّفَرِ فَلَهُ الرَّضْخُ وَيُرْضَخُ فِي الْكَبِيرِ أَكْثَرُ مِمَّا يُرْضَخُ فِي الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الْكَبِيرُ أَشَدَّهُمَا مُؤْنَةً، قَالُوا: وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الصَّغِيرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا يَعْقِلُ الْإِبَاقَ أَمَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ الْإِبَاقَ فَهُوَ ضَالٌّ، وَرَادُّ الضَّالِّ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ، وَلَوْ رَدَّ جَارِيَةً مَعَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ يَكُونُ تَبَعًا لِأُمِّهِ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْجُعْلِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا يَجِبُ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إنْ كَانَ الْآبِقُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَالْجُعْلُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ حَاضِرًا وَالْآخِرُ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ جُعْلَهُ كُلَّهُ، وَإِذَا أَعْطَاهُ لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا، وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ لِرَجُلٍ، وَالرَّادُّ رَجُلَانِ فَالْجُعْلُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ وَاحِدًا وَالْعَبْدُ اثْنَيْنِ فَعَلَيْهِ جُعْلَانِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
إنْ كَانَ الْآبِقُ رَهْنًا فَالْجُعْلُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالرَّدُّ فِي حَيَاةِ الرَّاهِنِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَبِقَدْرِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ وَالْبَاقِي عَلَى الرَّاهِنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَجُعِلَ الْمَغْصُوبُ إذَا أَبَقَ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ خِدْمَتُهُ لِرَجُلٍ وَرَقَبَتُهُ لِآخَرَ فَالْجُعْلُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِدْمَةِ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ بِالْجُعْلِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ أَوْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهِ.
وَلِمَنْ جَاءَ بِالْعَبْدِ الْآبِقِ أَنْ يُمْسِكَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْجُعْلَ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْإِمْسَاكِ بِالْجُعْلِ أَوْ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ وَلَا جُعْلَ، وَإِذَا صَالَحَ الَّذِي جَاءَ بِالْآبِقِ مَعَ مَوْلَاهُ مِنْ الْجُعْلِ عَلَى عِشْرِينَ دِرْهَمًا جَازَ، وَإِنْ صَالَحَ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْجُعْلَ أَرْبَعُونَ جَازَ بِقَدْرِ أَرْبَعِينَ وَبَطَلَ الْفَضْلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إنْ كَانَ مَوْهُوبًا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ بَعْدَ مَا رَدَّ الْعَبْدَ الرَّادُّ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
يَجِبُ الْجُعْلُ فِي رَدِّ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا كَانَ فِي حَيَاةِ الْمَوْلَى فَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَصِلَ بِهِمَا فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَيَجِبُ الْجُعْلُ فِي رَدِّ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ أَبَقَ الْمُكَاتَبُ فَرَدَّهُ رَجُلٌ عَلَى مَوْلَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ رَجُلَانِ أَتَيَا بِهِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ فَعَلَى الْمَوْلَى إتْمَامُ جُعْلِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بَيْنَهُمَا.
وَفِي الْيَنَابِيعِ: وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ جَانِيًا يُنْظَرُ إلَى اخْتِيَارِ مَوْلَاهُ إنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْجُعْلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ فَالْجُعْلُ عَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ بِالدُّيُونِ فَالْجُعْلُ عَلَى مَوْلَاهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ بِيعَ الْعَبْدُ فِي الْجُعْلِ فَمَا فَضَلَ يُصْرَفُ إلَى الْغُرَمَاءِ.
وَفِي الْجَامِعِ أَبَقَ مِنْ الْمُودَعِ فَأَدَّى الْجُعْلَ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَفِيهِ أَبَقَ فَقُتِلَ عَمْدًا أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ وَقُتِلَ فِي يَدِهِ لَا جُعْلَ لَهُ، وَفِيهِ جَنَى فِي يَدِ الْآخِذِ أَوْ أَتْلَفَ مَالًا لَا جُعْلَ لَهُ إنْ قُتِلَ أَوْ دُفِعَ أَوْ بِيعَ وَفِيهِ جَنَى عِنْدَ الْآخِذِ خَطَأً أَوْ أَتْلَفَ مَالًا ثُمَّ الْمَوْلَى دَفَعَ الْجُعْلَ وَلَمْ يَعْلَمْ ثُمَّ دُفِعَ بِالْجِنَايَةِ يَرْجِعُ بِالْجُعْلِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ يَرْجِعُ مِنْ الْجُعْلِ بِحِصَّتِهَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ دَيْنِهِ أَوْ جِنَايَتِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
لَوْ رَدَّ عَبْدَ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ أَوْ سَائِرِ أَقْرِبَائِهِ لَا يَجِبُ لَهُ الْجُعْلُ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ الْمَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ يَجِبُ الْجُعْلُ لَهُ إلَّا الِابْنَ إذَا رَدَّ عَبْدَ أَبِيهِ أَوْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ رَدَّ عَبْدَ الْآخَرِ فَإِنَّهُمَا لَا يَجِبُ لَهُمَا الْجُعْلُ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا رَدَّ عَبْدَ الْيَتِيمِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
السُّلْطَانُ إذَا أَخَذَ الْعَبْدَ الْآبِقَ فَرَدَّهُ إلَى مَوْلَاهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا جُعْلَ لَهُ، قَالَ الْفَقِيهُ: وَبِهِ نَأْخُذُ، وَكَذَا رَاهِبَانِ وَشَّحْنَهُ وكاروان إذَا أَخَذُوا الْمَالَ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَرَدُّوا عَلَى الْمَالِكِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إذَا جَاءَ الْوَارِثُ بِالْآبِقِ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَالْوَارِثُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ وَلَدَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَدَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ، أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ وَرَدَّهُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ يَجِبُ الْجُعْلُ لَهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ وَرَدَّهُ لَا جُعْلَ لَهُ، وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمِصْرِ فِي حَيَاتِهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ سَلَّمَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: يَجِبُ الْجُعْلُ لَهُ فِي حِصَّةِ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّادُّ وَلَدًا لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنَّ عَبْدِي قَدْ أَبَقَ، فَإِنْ وَجَدْتَهُ فَخُذْهُ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ: نَعَمْ، فَأَخَذَهُ الْمَأْمُورُ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمَوْلَى فَلَا جُعْلَ لَهُ.
أَخَذَ آبِقًا مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ وَجَاءَ بِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ فَلَمَّا أَدْخَلَهُ الْمِصْرَ أَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَوْلَاهُ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فِي الْمِصْرِ وَرَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ وَيَرْضَخُ لِلثَّانِي عَلَى قَدْرِ عَنَائِهِ، وَإِنْ أَخَذَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ أَوْ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الْجُعْلِ تَامًّا وَيَرْضَخُ لِلثَّانِي عَلَى قَدْرِ عَنَائِهِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى جَاءَ بِالْآبِقِ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى الْمَوْلَى فَأَخَذَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ وَجَاءَ بِهِ الْغَاصِبُ إلَى الْمَوْلَى ثُمَّ جَاءَ الْآخِذُ الْأَوَّلُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَخَذَ الْجُعْلَ ثَانِيًا مِنْ الْمَوْلَى وَرَجَعَ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ.
وَفِيهِ أَيْضًا أَخَذَ آبِقًا مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَاءَ يَوْمًا ثُمَّ أَبَقَ الْعَبْدُ مِنْهُ وَسَارَ يَوْمًا نَحْوَ الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ الْمَوْلَى وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ أَخَذَهُ ثَانِيًا وَجَاءَ بِهِ الْيَوْمَ الثَّالِثَ وَرَفَعَهُ إلَى الْمَوْلَى فَلَهُ جُعْلُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَهُوَ ثُلُثَا الْجُعْلِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ حِينَ أَبَقَ مِنْ الَّذِي أَخَذَهُ فَوَجَدَهُ مَوْلَاهُ وَأَخَذَهُ، أَوْ أَبَقَ مِنْ الَّذِي أَخَذَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَرَجَعَ إلَى مَوْلَاهُ فَلَا جُعْلَ لِلَّذِي أَخَذَهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فَارَقَ الَّذِي أَخَذَ وَجَاءَ مُتَوَجِّهًا إلَى مَوْلَاهُ لَا يُرِيدُ الْإِبَاقَ فَلِلْأَوَّلِ جُعْلُ يَوْمٍ وَفِيهِ أَيْضًا أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا وَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الْجُعْلَ يَكُونُ لَهُ.
فِي الْأَصْلِ عَبْدٌ أَبَقَ إلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ رَجُلٌ آخَرُ وَجَاءَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ لَا جُعْلَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ حِينَ اشْتَرَاهُ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَهُ الْجُعْلُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى بِمَا أَدَّى مِنْ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ وُهِبَ لَهُ أَوْ هُوَ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ وَرِثَهُ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الشِّرَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ.
أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا وَجَاءَ بِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهِ الْمَوْلَى أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَبَقَ مِنْ يَدِ الْآخِذِ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ، وَلَوْ كَانَ دَبَّرَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الْآخِذُ حِينَ سَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ إلَى الْمَوْلَى ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى لَمْ يَصِرْ قَابِضًا مِنْ يَدِ الْآخِذِ، وَلَوْ جَاءَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ فَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْجُعْلُ، وَلَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَالْجُعْلُ عَلَيْهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: الرَّادُّ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إذَا أَشْهَدَ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، أَمَّا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا مَاتَ الْآبِقُ عِنْدَ الْآخِذِ أَوْ أَبَقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ حِينَ أَخَذَ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَقْتَ الْأَخْذِ: هَذَا آبِقٌ قَدْ أَخَذْتُهُ فَمَنْ وَجَدَ لَهُ طَالِبًا فَلْيَدُلَّهُ عَلَيَّ، فَهَذَا إشْهَادٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْإِشْهَادِ أَنْ يُكَرِّرَ ذَلِكَ، وَالْمَرَّةُ تَكْفِي بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَكْتُمَ إذَا سُئِلَ، وَهَكَذَا فِي اللُّقَطَةِ، وَأَمَّا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ وَكَانَ الْإِشْهَادُ مُمْكِنًا كَانَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَهَذَا إذَا عَلِمَ كَوْنَهُ آبِقًا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ آبِقًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَالْآخِذُ ضَامِنٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا فَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ آخَرُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الدَّافِعَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْقَابِضِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْأَوَّلِ حَتَّى شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ ثُمَّ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ قُضِيَ بِهِ لِلثَّانِي، فَإِنْ أَقَامَ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً لَمْ يَلْزَمْ أَيْضًا، وَإِذَا أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا وَبَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي حَتَّى لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَاهُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَالْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ قِيمَتَهُ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا فَضَلَ عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ.
إذَا أَنْكَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ آبِقًا فَلَا جُعْلَ لِلرَّادِّ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَبَقَ مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى بِإِبَاقِهِ.
وَإِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ وَذَهَبَ بِمَالِ الْمَوْلَى فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ، وَقَالَ: لَمْ أَجِدْ مَعَهُ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
بَيْعُ الْآبِقِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ لَا يَجُوزُ وَبَيْعُهُ مِمَّنْ فِي يَدِهِ يَجُوزُ وَهِبَتُهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ وَهَبَهُ مِنْ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ إنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ، وَإِنْ أَبَقَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَرَوَى قَاضِي الْحَرَمَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ.
وَلَوْ وَكَّلَ الْمَوْلَى رَجُلًا يَطْلُبُ الْآبِقَ وَأَصَابَهُ الْوَكِيلُ ثُمَّ بَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْ إنْسَانٍ وَلَا يَعْلَمُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْوَكِيلَ أَصَابَهُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْوَكِيلَ أَصَابَهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْآبِقَ رَجُلٌ وَأَجَّرَهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْمَوْلَى مَعَ الْعَبْدِ، وَقَالَ: هَذِهِ غَلَّةُ عَبْدِكَ وَقَدْ سَلَّمْتُ لَكَ فَهِيَ لِلْمَوْلَى وَلَا يَحِلُّ لِلْمَوْلَى أَكْلُهَا قِيَاسًا وَيَحِلُّ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

.كِتَابُ الْمَفْقُودِ:

هُوَ الَّذِي غَابَ عَنْ أَهْلِهِ أَوْ بَلَدِهِ أَوْ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَلَا يُدْرَى أَحَيٌّ هُوَ أَوْ مَيِّتٌ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ مَكَانٌ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ زَمَانٌ فَهُوَ مَعْدُومٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ حَيٌّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ وَلَا يُقَسَّمُ مَالُهُ وَلَا تُفْسَخُ إجَارَتُهُ وَهُوَ مَيِّتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا يَرِثُ مِمَّنْ مَاتَ حَالَ غَيْبَتِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَيَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ وَيَقْبِضُ غَلَّاتِهِ وَالدُّيُونَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ وَلَا يُخَاصِمُ فِي دَيْنٍ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لِغَرِيمٍ وَلَا فِي نَصِيبٍ لَهُ فِي عَرَضٍ أَوْ عَقَارٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكَ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي وَأَنْهَ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ بِالِاتِّفَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضَمُّنِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِذَا كَانَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا، فَلَوْ قَضَى بِهِ قَاضٍ يَرَى ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ الْوَكِيلُ الَّذِي نَصَبَهُ الْقَاضِي يُخَاصِمُ فِي دَيْنٍ وَجَبَ بِعَقْدِهِ بِلَا خِلَافٍ وَيَبِيعُ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ مِنْ مَالِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا يَبِيعُ مَا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فِي نَفَقَةٍ وَلَا فِي غَيْرِهَا مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، حَالَ حَضْرَتِهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ وَأَبَوَيْهِ وَكُلُّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا بِحَضْرَتِهِ إلَّا بِقَضَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَنَحْوِهِمَا، وَمَعْنَى قَوْلِنَا مِنْ مَالِهِ النَّقْدَانِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَالتِّبْرُ بِمَنْزِلَةِ النَّقْدَيْنِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ وَدِيعَةً أَوْ دَيْنًا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمَا إذَا كَانَ الْمُودِعُ وَالْمَدْيُونُ مُقِرَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ وَالنَّسَبِ وَالنِّكَاحِ إذَا لَمْ يَكُونَا ظَاهِرَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَا ظَاهِرَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إقْرَارِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ظَاهِرًا دُونَ الْآخَرِ يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ بِمَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الصَّحِيحِ، وَإِنْ دَفَعَ الْمُودِعَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَالْمُودِعُ يَضْمَنُ وَالْمَدْيُونُ لَا يَبْرَأُ، وَإِنْ جَحَدَ الْمُودِعُ وَالْمَدْيُونُ أَصْلًا أَوْ جَحَدَ الزَّوْجِيَّةَ وَالنَّسَبَ لَمْ يُنْتَصَبْ أَحَدٌ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ خَصْمًا فِي ذَلِكَ.
لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَحُكِمَ بِمَوْتِهِ بِمُضِيِّ تِسْعِينَ سَنَةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُقَدَّرُ بِمَوْتِ أَقْرَانِهِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرَانِهِ حَيًّا حُكِمَ بِمَوْتِهِ وَيُعْتَبَرُ مَوْتُ أَقْرَانِهِ فِي أَهْلِ بَلَدِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِذَا حُكِمَ بِمَوْتِهِ اعْتَدَّتْ امْرَأَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقُسِّمَ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْمَوْجُودِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَرِثْ مِنْهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، فَإِنْ عَادَ زَوْجُهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَيُعْتَبَرُ مَيِّتًا فِي مَالِهِ يَوْمَ تَمَّتْ الْمُدَّةُ، وَفِي مَالِ الْغَيْرِ يُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ مَاتَ يَوْمَ فَقْدِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يَرِثُ الْمَفْقُودُ أَحَدًا مَاتَ فِي حَالِ فَقْدِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِنَا لَا يَرِثُ الْمَفْقُودُ أَحَدًا أَنَّ نَصِيبَ الْمَفْقُودِ مِنْ الْمِيرَاثِ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَفْقُودِ، أَمَّا نَصِيبُ الْمَفْقُودِ مِنْ الْإِرْثِ فَيَتَوَقَّفُ، فَإِنْ ظَهَرَ حَيًّا عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَحِقًّا، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَيًّا حَتَّى بَلَغَ تِسْعِينَ سَنَةً فَمَا وُقِفَ لَهُ يُرَدُّ عَلَى وَرَثَةِ صَاحِبِ الْمَالِ يَوْمَ مَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا أَوْصَى لَهُ تَوَقَّفَ الْمُوصَى بِهِ إلَى أَنْ يُحْكَمَ بِمَوْتِهِ فَإِذَا حُكِمَ بِمَوْتِهِ يُرَدُّ الْمَالُ الْمُوصَى بِهِ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا فُقِدَ الْمُرْتَدُّ فَلَمْ يُعْلَمْ أَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُوقَفُ مِيرَاثُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِحَاقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ يُقَسَّمُ مِيرَاثُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يُوقَفْ لِلْمَفْقُودِ شَيْءٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
لَوْ كَانَ مَعَ الْمَفْقُودِ وَارِثٌ لَا يُحْجَبُ بِهِ وَلَكِنَّهُ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِهِ، يُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ يُحْجَبُ بِهِ لَمْ يُعْطَ أَصْلًا، بَيَانُهُ رَجُلٌ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَابْنٍ مَفْقُودٍ وَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنٍ، وَالْمَالُ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ وَتَصَادَقُوا عَلَى الِابْنِ الْمَفْقُودِ وَطَلَبَتْ الْبِنْتَانِ الْإِرْثَ دُفِعَ النِّصْفُ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ إلَيْهِمَا وَلَا يُدْفَعُ إلَى وَلَدِ الِابْنِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا إذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ خِيَانَةٌ فَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ، فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَحُكِمَ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ يُعْطَى سُدُسٌ آخَرُ لِلْبِنْتَيْنِ لِيَتِمَّ لَهُمَا الثُّلُثَانِ وَيُعْطَى الْبَاقِي لِوَلَدِ الِابْنِ، وَنَظِيرُهُ الْحَمْلُ فَإِنَّهُ يُوقَفُ لَهُ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ بِاخْتِيَارِ الْفَتْوَى، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَا يَسْقُطُ بِحَالٍ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِالْحَمْلِ يُعْطَى كُلٌّ نَصِيبَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَغَيَّرُ بِهِ يُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا مَاتَ الْمَفْقُودُ بِالْبَادِيَةِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَبِيعَ حِمَارَهُ وَمَتَاعَهُ وَيَحْمِلَ الدَّرَاهِمَ إلَى أَهْلِهِ، وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَفْقُودِ حَقًّا مِنْ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ فِي عَقَارٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ مُطَالَبَةٍ بِاسْتِحْقَاقٍ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْوَكِيلُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ خَصْمًا، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ وَحَكَمَ نَفَذَ حُكْمُهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

.كِتَابُ الشَّرِكَةِ:

وهو يشتمل على ستة أبواب:

.الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ وَأَرْكَانِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ:

الشَّرِكَةُ نَوْعَانِ شَرِكَةُ مِلْكٍ وَهِيَ أَنْ يَتَمَلَّكَ رَجُلَانِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَشَرِكَةُ عَقْدٍ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا شَارَكْتُكَ فِي كَذَا وَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْتُ، هَكَذَا فِي كَنْزِ الدَّقَائِقِ وَشَرِكَةُ الْمِلْكِ نَوْعَانِ: شَرِكَةُ جَبْرٍ، وَشَرِكَةُ اخْتِيَارٍ فَشَرِكَةُ الْجَبْرِ أَنْ يَخْتَلِطَ الْمَالَانِ لِرَجُلَيْنِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكَيْنِ خَلْطًا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً بِأَنْ كَانَ الْجِنْسُ وَاحِدًا أَوْ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بِضَرْبِ كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ نَحْوُ أَنْ تَخْتَلِطَ الْحِنْطَةُ بِالشَّعِيرِ أَوْ يَرِثَا مَالًا وَشَرِكَةُ الِاخْتِيَارِ أَنْ يُوهَبَ لَهُمَا مَالٌ أَوْ يَمْلِكَا مَالًا بِاسْتِيلَاءٍ أَوْ يَخْلِطَا مَالَهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ أَوْ يَمْلِكَا مَالًا بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَوْ يُوصَى لَهُمَا فَيَقْبَلَانِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَرُكْنُهَا اجْتِمَاعُ النَّصِيبَيْنِ، وَحُكْمُهَا وُقُوعُ الزِّيَادَةِ عَلَى الشَّرِكَةِ بِقَدْرِ الْمِلْكِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ إلَّا بِأَمْرِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْأَجْنَبِيِّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَمِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا فِي صُورَةِ الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
أَمَّا شَرِكَةُ الْعُقُودِ فَأَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: شَرِكَةٌ بِالْمَالِ، وَشَرِكَةٌ بِالْأَعْمَالِ وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: مُفَاوَضَةٌ وَعِنَانٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا: شَارَكْتُكَ فِي كَذَا وَكَذَا وَيَقُولُ الْآخَرُ: قَبِلْتُ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَيُنْدَبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَشَرْطُ جَوَازِ هَذِهِ الشَّرِكَاتِ كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَقْدَ الشَّرِكَةِ قَابِلًا لِلْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا تَفْسُدُ الشَّرِكَةُ وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ جُزْءًا شَائِعًا فِي الْجُمْلَةِ لَا مُعَيَّنًا فَإِنْ عَيَّنَا عَشَرَةً أَوْ مِائَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَحُكْمُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ صَيْرُورَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمَا يُسْتَفَادُ بِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
أَمَّا الشَّرِكَةُ بِالْمَالِ فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي رَأْسِ مَالٍ فَيَقُولَا اشْتَرَكْنَا فِيهِ عَلَى أَنْ نَشْتَرِيَ وَنَبِيعَ مَعًا أَوْ شَتَّى أَوْ أَطْلَقَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَنَا عَلَى شَرْطِ كَذَا أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ وَيَقُولُ الْآخَرُ نَعَمْ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

.الْفَصْلُ الثَّاني: في الألفاظ التي تصح الشركة بها والتي لا تصح:

قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إذَا اشْتَرَكَا بِغَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا الْيَوْمَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَخَصَّا صِنْفًا أَوْ عَمَلًا أَوْ لَمْ يَخُصَّا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَا هَذَا الشَّهْرَ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَذْكُرَا لِلشَّرِكَةِ وَقْتًا بِأَنْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ وَقَّتَا، هَلْ يُتَوَقَّتُ بِالْوَقْتِ الْمَذْكُورِ، رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يُتَوَقَّتُ وَالطَّحَاوِيُّ ضَعَّفَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَصَحَّحَهَا غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
إذَا لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَ الشَّرِكَةِ وَلَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا اشْتَرَيْتُ الْيَوْمَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَوَافَقَهُ الْآخَرُ، هَلْ يَكُونُ شَرِكَةً؟ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ، وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يَجُوزُ وَتَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بِهَذَا الْقَدْرِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ ذَكَرَا الشِّرَاءَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَ الشَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ ذِكْرِ حُكْمِهَا، فَكَذَا هَذَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ فِي الشِّرَاءِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْآخَرِ مِمَّا يَشْتَرِي إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إنْ قَالَ رَجُلٌ لِغَيْرِهِ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ شَيْءٍ فَبَيْنِي وَبَيْنَكَ أَوْ قَالَ فَبَيْنَنَا، وَقَالَ الْآخَرُ: نَعَمْ، فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَا بِمَعْنَى شَرِيكَيْ التِّجَارَةِ كَانَ شَرِكَةً حَتَّى يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ جِنْسِ الْمُشْتَرَى أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِ الثَّمَنِ كَمَا إذَا نَصَّا عَلَى الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا خَاصَّةً بِعَيْنِهِ وَلَا يَكُونَا فِيهِ كَشَرِيكَيْ التِّجَارَةِ بَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا بِعَيْنِهِ كَمَا إذَا وَرِثَا أَوْ وُهِبَ لَهُمَا كَانَ وَكَالَةً لَا شَرِكَةً، فَإِنْ وُجِدَ شَرْطُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ جَازَتْ الْوَكَالَةُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ بَيَانُ جِنْسِ الْمُشْتَرَى وَبَيَانُ نَوْعِهِ وَمِقْدَارِ الثَّمَنِ فِي الْوَكَالَةِ الْخَاصَّةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يُفَوِّضَ الْمُوَكِّلُ الرَّأْيَ إلَى الْوَكِيلِ أَوْ بَيَانَ الْوَقْتِ أَوْ قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسَ الْمَبِيعِ فِي الْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي رَجُلَيْنِ قَالَا: مَا اشْتَرَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ أَصْنَافِ التِّجَارَةِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَقَبِلَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْيَوْمَ وَمَا أَشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَلَمْ يُوَقِّتَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ الدَّقِيقِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ صَاحِبِهِ مِمَّا اشْتَرَى إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الشِّرَاءِ لَا فِي الْبَيْعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لَلْآخَرَ: إنْ اشْتَرَيْتُ عَبْدًا فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ كَانَ فَاسِدًا إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ نَوْعًا فَيَقُولَ عَبْدًا خُرَاسَانِيًّا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ قَالَ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قَالَ: لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى أَيْضًا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَجُلٌ قَالَ: مَا اشْتَرَيْتُ الْيَوْمَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَهَذَا جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إنْ وَقَّتَ سَنَةً أَوْ لَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا إلَّا أَنَّهُ وَقَّتَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِقْدَارًا بِأَنْ قَالَ: مَا اشْتَرَيْت مِنْ الْحِنْطَةِ إلَى كَذَا فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَهَذَا جَائِزٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا قَالَ: مَا اشْتَرَيْت فِي وَجْهِكَ فَبَيْنِي وَبَيْنَكَ وَقَدْ خَرَجَ فِي وَجْهِهِ أَوْ قَالَ بِالْبَصْرَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ حَتَّى يُوَقِّتَا ثَمَنًا أَوْ بَيْعًا أَوْ أَيَّامًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَمَرَ الْآخَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَشْهَدَ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً فَالْعَبْدُ مُشْتَرَكٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْمُجَرَّدِ إذَا أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ فَسَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ نَعَمْ وَلَا لَا حَتَّى قَالَ عِنْدَ الشِّرَاءِ: اشْتَرَيْتُهُ لِنَفْسِي يَكُونُ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ كَمَا أَمَرَنِي ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْآمِرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَسَكَتَ عِنْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ: اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ الْآمِرِ كَانَ لِفُلَانٍ إذَا كَانَ سَلِيمًا، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْآمِرُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، قَالَ: نَعَمْ، فَذَهَبَ لِيَشْتَرِيَ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: اشْتَرِ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، قَالَ: نَعَمْ، فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْآمِرَيْنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
قَالُوا هَذَا إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ مِنْ الثَّانِي بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَ الْآمِرِ الثَّانِي وَبَيْنَ الْمَأْمُورِ نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ لَقِيَهُ ثَالِثٌ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ فَاشْتَرَاهُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ أَمْرِ الثَّلَاثَةِ يُنْظَرُ: إنْ قَالَ لِلثَّالِثِ نَعَمْ بِغَيْرِ مَحْضَرِ الْأَوَّلَيْنِ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا وَلَا شَيْءَ لِلثَّالِثِ وَالْمُشْتَرِي، وَإِنْ قَالَ نَعَمْ بِمَحْضَرِهِمَا فَالْعَبْدُ بَيْنَ الثَّالِثِ وَالْمُشْتَرِي نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَفِي الْمُنْتَقَى، قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا مَوْصُوفًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا بَيْنِي وَبَيْنَهُ عَلَى أَنْ أَنْقُدَ أَنَا الدَّرَاهِمَ؟ قَالَ فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ بَيْنَهُمَا وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَفِيهِ أَيْضًا إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ اشْتَرِ جَارِيَةَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَلَى أَنْ أَبِيعَهَا أَنَا، قَالَ: الشَّرْطُ فَاسِدٌ وَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِي الشَّرِكَةِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَبِيعَهَا، كَانَ هَذَا جَائِزًا وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا يَبِيعَانِهَا عَلَى تِجَارَتِهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: أَيُّنَا اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ اشْتَرَكَ صَاحِبُهُ، أَوْ فَصَاحِبُهُ فِيهِ شَرِيكٌ لَهُ، فَهُوَ جَائِزٌ فَأَيُّهُمَا اشْتَرَاهُ كَانَ مُشْتَرِيًا نِصْفَهُ لِنَفْسِهِ وَنِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَهُوَ كَقَبْضِهَا حَتَّى لَوْ مَاتَ كَانَ مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ اشْتَرَيَا مَعًا أَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ قَبْلَ صَاحِبِهِ ثُمَّ اشْتَرَى صَاحِبُهُ النِّصْفَ الْآخَرَ كَانَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ نَقَدَ أَحَدُهُمَا كُلَّ الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَإِنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي بَيْعِهِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهُ فَهُوَ بَائِعٌ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَإِنْ بَاعَهُ إلَّا نِصْفَهُ فَجَمِيعُ الثَّمَنِ وَنِصْفُ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَهُمَا الْبَيْعُ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِ الْبَائِعِ خَاصَّةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ: تَعَالَ فَمَعِي عَشَرَةُ آلَافٍ فَخُذْهَا شَرِكَةً بَيْنِي وَبَيْنَكَ، قَالَ: هُوَ جَائِزٌ وَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَطَلَبَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْهُ الشَّرِكَةَ فِيهِ فَأَشْرَكَهُ فِيهِ فَلَهُ نِصْفُهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ خِلَافَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَكَذَا لَوْ أَشْرَكَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ يَصِيرُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فِيهِ، فَفَعَلَ ثُمَّ لَقِيَهُ آخَرُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَعْلَمُ بِمُشَارَكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ رُبُعُ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ فَلِلثَّانِي نِصْفُ الْعَبْدِ وَلِلْأَوَّلِ النِّصْفُ وَخَرَجَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فِيهِ فَأَشْرَكَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ فَلِلشَّرِيكِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَخَرَجَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا اشْتَرَى نِصْفَ الْعَبْدِ وَقَبَضَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فِيهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ فَفَعَلَ فَلَهُ جَمِيعُ النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ فَلَهُ نِصْفُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: أَشْرِكْنِي فِيهِ فَأَشْرَكَهُ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الَّذِي اشْتَرَى لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَشْرَكَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنٌ، وَيُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الَّذِي أَشْرَكَهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ أَشْرَكْتُكَ صَارَ إيجَابًا لِلْبَيْعِ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَبَضَ النِّصْفَ دُونَ النِّصْفِ ثُمَّ أَشْرَكَ آخَرَ فِيهِ شَائِعًا مِنْ الْمَقْبُوضِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضِ يَصِحُّ فِي الْمَقْبُوضِ وَلَهُ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ فِي بَيْتِهِ حِنْطَةٌ يَدَّعِيهَا كُلَّهَا فَأَشْرَكَ رَجُلًا فِي نِصْفِهَا فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى احْتَرَقَ نِصْفُهَا، فَإِنْ شَاءَ الْمُشَرَّكُ أَخَذَ نِصْفَ مَا بَقِيَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَكَذَا الْبَيْعُ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الطَّعَامِ اخْتَلَفَتْ الشَّرِكَةُ وَالْبَيْعُ وَكَانَ الْبَيْعُ عَلَى النِّصْفِ الْبَاقِي وَكَانَ فِي الِاشْتِرَاكِ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا وَلِلْمُشَرَّكِ الْخِيَارُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
.
وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلَانِ عَبْدًا فَأَشْرَكَا فِيهِ آخَرَ يُنْظَرُ إنْ أَشْرَكَاهُ عَلَى التَّعَاقُبِ فَلَهُ النِّصْفُ وَلَهُمَا النِّصْفُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ أَشْرَكَاهُ مَعًا بِأَنْ قَالَا جُمْلَةً: أَشْرَكْنَاكَ فِي هَذَا الْعَبْدِ كَانَ لِلرَّجُلِ ثُلُثُ الْعَبْدِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَشْرَكَهُ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَنَصِيبِ صَاحِبِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُهُ فَلَهُ النِّصْفُ وَلِلشَّرِيكَيْنِ نِصْفُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِ الْمُشَرَّكِ وَهُوَ الرُّبُعُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَشْرَكَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ قَالَ: أَشْرِكْنِي مَعَكَ وَمَعَ شَرِيكِكَ فِي هَذَا الْعَبْدِ، فَفَعَلَ فَإِنْ أَجَازَ شَرِيكُهُ فَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَلَهُ السُّدُسُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَشْرَكْتُكَ فِي نِصْفِ هَذَا الْعَبْدِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَانَ مُمَلِّكًا جَمِيعَ نَصِيبِهِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ بِنِصْفِهِ، أَلَا يُرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ كَانَ وَاحِدًا، فَقَالَ لِرَجُلٍ: أَشْرَكْتُكَ فِي نِصْفِهِ، كَانَ لَهُ الْعَبْدُ كَقَوْلِهِ: أَشْرَكْتُكَ بِنِصْفِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَشْرَكْتُكَ بِنَصِيبِي فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ بِهَذَا اللَّفْظِ مُمَلِّكًا جَمِيعَ نَصِيبِهِ بِإِقَامَةِ حَرْفِ فِي مَقَامَ حَرْفِ الْبَاءِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَشْرَكْتُكَ بِنَصِيبِي، كَانَ بَاطِلًا فَلِذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِيهِ، فَلَمْ يَقُلْ الرَّجُلُ شَيْئًا حَتَّى قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُكَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَا: قَدْ قَبِلْنَا، فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَخَرَجَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فِيهِ، فَأَشْرَكَهُ فَلَمْ يَقُلْ الرَّجُلُ: قَبِلْتُ، حَتَّى قَالَ لِآخَرَ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِيهِ ثُمَّ قَبِلَا فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ وَلِلثَّانِي النِّصْفُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ لِلثَّالِثِ وَلَمْ يَقْبَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ إنْ قَبِلَ، وَإِنْ قَالَ: قَدْ أَشْرَكْتُكُمْ فِيهِ جَمِيعًا، فَقَبِلَ أَحَدُهُمْ فَلَهُ الرُّبُعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ قَالَ: لِي عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَادْفَعْ إلَيَّ ذَهَبًا فَأَشْتَرِي بِالْكُلِّ سِلْعَةً بِالشَّرِكَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مِقْدَارَهُ فَدَفَعَ إلَيْهِ خَمْسَةً وَاشْتَرَى بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ سِلْعَةً يَكُونُ أَثْلَاثًا، كَأَنَّهُ قَالَ: أَشْتَرِي بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ سِلْعَةً بِالشَّرِكَةِ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ يَكُونُ أَثْلَاثًا، كَذَا هَذَا.
وَلَفْظُ الشَّرِكَةِ يَحْتَمِلُ شَرِكَةَ الْأَمْلَاكِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إذَا عَيَّنَ السَّائِلُ جِنْسَ السِّلْعَةِ كَالْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ فَالْكُلُّ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الْخَمْسَةُ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ لِلْجَهَالَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: اشْتَرِ هَذَا الْعَبْدَ وَأَشْرِكْنِي فِيهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اشْتَرَى بَقَرَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَقَبَضَهَا ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِيهَا بِدِينَارَيْنِ فَقَبِلَ كَانَ لَهُ خُمُسُ الْبَقَرَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
بَاعَ فِلِزًّا بِخَمْسِينَ دِينَارًا ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ: أَكُونُ لَكَ شَرِيكًا فِيهِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ، فَسَكَتَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ الْبَائِعُ يَجِيءُ بِالْبَطَاطِيخِ وَالْمُشْتَرِي يَبِيعُهَا فِي السُّوقِ عَلَى هَذَا حَتَّى نَفِدَتْ لَا يَصِيرُ شَرِيكًا فِيهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
اشْتَرَى حِنْطَةً فَأَعْطَى عَلَى طَبْخِهَا دِرْهَمًا ثُمَّ أَعْطَى عَلَى خَبْزِهَا دِرْهَمًا فَأَشْرَكَ رَجُلًا فِي الْخُبْزِ أَعْطَاهُ الْمُشَرَّكُ نِصْفَ ثَمَنِ الْحِنْطَةِ وَنِصْفَ النَّفَقَةِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْقُطْنِ وَغَزْلِهِ وَحِيَاكَتِهِ وَالسِّمْسِمِ وَعَصْرِهِ، وَإِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي طَحَنَ وَخَبَزَ وَغَزَلَ وَنَسَجَ وَلَمْ يُعْطِ عَلَيْهِ أَجْرًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الثَّمَنِ لَا غَيْرُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا اشْتَرَيْتُ الْيَوْمَ فَبَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُ آخَرُ: اشْتَرِ لِي هَذَا الْعَبْدَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدَ فَنِصْفُهُ لِلْآخَرِ وَنِصْفُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ الْأَوَّلُ: اشْتَرِ لِي هَذَا الْعَبْدَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَقَالَ آخَرُ: مَا اشْتَرَيْتَ فَبَيْنَنَا ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدَ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُهُ وَنِصْفُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.