فصل: الباب التاسع: في حكم تصرفات الإمام في أرض العنوة بعد أن تصير فيئا للمسلمين أو وقفا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستخراج لأحكام الخراج



فصل:
وأما انتقالها ميراثا إلى الورثة فهو ثابت لاسيما إن كان فيها بناء أو غراس ذكره القاضي وأخذه من نص أحمد في رواية حنبل على أن السواد كوقف وقفه رجل على ولده ثم على ولد ولده وقد ذكرنا لفظه فيما سبق وبعضهم نقل الإجماع عليه.
وممن ورث الأرض الخراجية ابن سيرين ورثها عن أبيه وكان يزارع عليها مع تشدده ومبالغته في الورع وكذلك الأمام أحمد ورث عن أبيه دورا وكان يستغلها حتى مات وورث من زوجته أيضا قال أبو جعفر بن المنادي سأل رجل أحمد بن حنبل عن العقار الذي كان يستغله وسكن في دار منه كيف سبيله عنده فقال هذا شيء قد ورثته عن أبي فإن جاءني أحد فصحح أنه له خرجت عنه ودفعت إليه وقال الخلال أخبرني محمد ابن علي السمسار قال كانت لأم عبدالله بن أحمد دار معنا في الدرب يأخذ منها درهما حق ميراثه فاحتاجت إلى نفقة فأصلحها عبدالله فترك أبو عبدالله الدرهم الذي كان يأخذه وقال قد أفسده علي.
وقد سبق عن الأوزاعي نحو ذلك ولعل مراده القربة أيضا قال القاضي ونقل المروزي أن أحمد سئل هل ترى أن يورث الرجل من السواد قال وهل يجري في هذا ميراث قال القاضي إنما أراد أن رقبته لا تورث وهذا حق.
وفي مسائل صالح سألت أبي عن رجل مات وترك ورثة وترك دكانا عليه خراج للسلطان فأحرق الدكان فأعطى بعض الورثة الخراج كله وبني الدكان من عنده بعلم الورثة إلا أنهم لم يروا فجاءوا بعد يطلبون حصتهم من الدكان وقالوا هو بيننا قال أبي أما الخراج فيلزمهم كلهم وأما البناء فإن كانوا أذنوا فهو بينهم جميعا فإن لم يكونوا أذنوا فالبناء بناؤه ولهم أن يقولوا انقض بناءك فهو لك وحقهم ثابت في الدكان إلا أن يتراضوا به بينهم ويؤدوا إليه ما أنفق وهذا نص في إرث أرض الخراج وإن خلت عن بناء لأن البناء المورث لهم ملكا قد احترق كله وبقيت عرصة الأرض ومع هذا فقد جعلها حقا بين الورثة كلهم وجعل الخراج عليهم جميعا.
المسألة الرابعة قضاء الديون منها ولها ثلاث أحوال:
أحدها أن يبيعها في قضاء الدين فإن باع رقبتها لذلك لم يجز نص عليه وإن باع البناء وحده ففيه ما سبق.
الحالة الثانية أن يقضي الدين من أجرتها أو من ثمن ما يستغله منها من ثمرة أو زرع فيجوز لأن ذلك كله يملكه ونقل المروزي وغيره أن أحمد وصى في مرضه أن عليه خمسة وأربعين دينارا دينا فأوصى أن تعطى الغلة حتى يستوفي حقه يعني من أجرة ما يكون يكريه وذلك في وصيته أنه يعطي فورا كل شهر شيئا مسمى من الغلة ويعطي أم ولده ثمانية دراهم في كل شهر ما أقامت على ولدها قال القاضي ووجه ذلك أنها في يده بعقد إجارة يعني الخراج والإجارة لا تبطل بموت المستأجر فكانت باقية على حكم ملكه ولذلك يصح وصيته منها وقوله إن الدور كانت معه بعقد إجارة ممنوع بل كانت معه ميراثا ولم يكن على مساكن بغداد خراج وإنما كان أحمد أحيانا يؤدي الخراج من عنده على ما سبق وقوله إن الإجارة لا تبطل بالموت فتبقى على حكم ملكه يقتضي أن استأجر شيئا مرة ثم مات في أثنائها فإن منافع بقية مدة الإجارة كمنافع الأعيان المملوكة له ومنافع الأعيان المملوكة له له الوصية بها كمنافع دوره ورقيقه وما يحدث من حمل شجرة وأمانة وما يقبض من نجوم كتابة رقيقه فله التصرف في ذلك كله بالوصية وله أيضا أن يوصي بقضاء ديونه من بعضها كما يوصي بقضاء دين عليه من نجوم مكاتبه بعد موته فيصح ويلزم تنفيذها وقد صرح بذلك أصحابنا كالقاضي وابن عقيل والسر في ذلك أن المالك يملك منافع أمواله وفوائدها أبدا فالتصرف فيما يحدث منها بعد موته نفذ تصرفه والوارث إنما يستحق ما فضل عن حقوق موروثه وتصرفاته المعتبرة وليس له الاعتراض على ما تعلق به حق موروثه وتصرفاته المعتبرة وليس له الاعتراض على ما تعلق به حق موروثه من المنافع والأعيان ثم القاضي وابن عقيل ذكرا في باب الكتابة أن الثمرة الحادثة بعد موت الموصي كالثمرة الموصي بها وكنجوم الكتابة لا يدخل في التركة وهذا خلاف ما قرراه في وصاياهما فإن أرادا أنها تحدث ابتداء على ملك الموصي له ولا يحسب من ثلث مال الميت فهذا مخالف لما قرراه وهو بعيد وإن أرادا أن الوصية به لا تصح لحدوثه على ملك الورثة فكذلك أيضا وصرح طائفة من أصحابنا بقضاء ديون الميت من ثمرة أشجاره ونمائه مطلقا سواء أوصى بذلك أو لم يوص ومنهم ابن السني وقد دل عليه قضاء عمر دين أسيد بن حضير من ثمره أربع سنين كما تقدم ذكره وأما ما يتجدد من منافع الأعيان الموقوفة فإنها تنتقل إلى من يستحق الوقف بعده بمجرد موته لأن الطبقات كلها تتلقى الوقف عن الواقف على الصحيح ولا نعلم في شيء من ذلك خلافا إلا ما قاله المالكية فيمن كان له سكنى دار وقفا عليه فمات أن امرأته تستحق السكنى حتى تنقضي عدتها لأنه من تمام سكنى عياله المتعلق به وإذا تقر هذا فمنافع الأرض الخراجية إذا كانت مع من هو متقبل لها بالخراج أو مع من يجوز له الانتفاع بها من مستحقي الفيء فهو مالك لها وما يحدث من أجورها أو ثمراتها حكمه حكم ثمرات ملكه الخالص فلذلك جازت الوصية بقضاء الديون من نجوم الكتابة كما صرح به الأصحاب وكما تصح الوصية بذلك تبرعا للأجنبي ولهذا تورث الأرض الخراجية بخلاف الأوقاف على معين وقد أثر كل هذا على كثير من الأصحاب فلم يجوزوه وظنوا أن الخراجية إذا قلنا هي وقف كالوقف على معين فلا يقضي ما يحدث بعد موت المستحق لها شيء من ديونه ولا يتعدى وصاياه ولما رأوا وصية الإمام أحمد بخلاف ذلك قالوا أرض الخراج مختلف فيها هل هي ملك أو وقف فلما دخلها الشبه والتأويل ألحقت بالملك كما أجاب بذلك الآمدي وهو جواب ضعيف.
الحالة الثالثة يدفع الأرض بمنافعها معاوضة عن الديون اللازمة له فيصح نص عليه أحمد في رواية حنبل ومحمد بن أبي حرب الجرجاني في رجل لامرأته عليه صداق وله ضيعة بالسواد امرأته وغيره بالسواد يسلمها إليها وقال في رواية إسحاق بن هانئ في رجل يكون له ضيعة بالسواد وعليه دين لا يبيع ضيعته في السواد وإن كان لامرأته عليه مهر يدفع إليه بمالها من الأرض ولا يبيعها قال القاضي معناه أنه يسلم إليه حقه من منافعها ولم يرد تسليم الرقبة وهذا ظاهر لأن ملكه إنما هو المنافع وأما الرقبة فهي يده لاستيفاء المنافع المستحقة له كالعين المستأجرة فأراد أحمد أن يجوز دفع هذه المنافع عوضا عن الديون التي عليه لأنها مال قابل للمعاوضة ولاسيما إن كان فيها له ملك من بناء أو غراس ولو تزوج امرأة وأصدقها هذه المنافع ابتداء صحيح نص عليه أحمد في رواية ابنه عبدالله في رجل تزوج امرأة على أرض السواد ثم طلقها قال إن دخل بها تدفع إليها الأرض وإن لم يدخل بها فلها نصف الأرض قال القاضي ظاهر هذا يقتضي جواز أن يكون منفعة السواد عوضا في الصداق مع قوله لا يجوز بيعها وغير ممتنع أن تكون منفعة الرقبة صداقا وإن لم يجز بيع الرقبة كمنفعة الوقف على رجل يعينه وكمنفعة أم الولد قال ويجب أن تكون المسألة محمولة على أنه شرط لها مدة معلومة كما يجوز ذلك في منفعة الوقف على معين وفي منفعة أم الولد أو شرط أجلا مطلقا فتكون مدته الفرقة انتهى وحاصله أن المهر يجوز أن يكون منفعة مملوكة وإن كانت الرقبة غير قابلة للمعاوضة كمنافع الوقف وأم الولد ونحوهما وأما منافع الحر ففي صحة أصداقها خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه لكونها غير مملوكة حقيقة.
ولو قدر أنها ملحقة بالأموال منافع الأرض الخراجية كمنافع الوقف بل هي من جملة منافع الوقف عند كثير من الأصحاب فيصح أن يكون صداقا ومن هنا أخذ بعضهم جواز بيع هذه المنافع قال لأنه إذا جاز جعلها صداقا جاز جعلها ثمنا وأجرة حيث قال الأصحاب ما جاز أن يكون ثمنا وأجرا أن يكون صداقا قال وما جاز أن يكون ثمنا جاز أن يكون مثمنا وأما قول القاضي أن المسألة محمولة على أنه شرط مدة معلومة كمنافع الوقف وأم الولد ففيه نظر وظاهر كلام أحمد أنه جعل صداقها منافع الأرض أبدا والفرق بينهما وبين منافع أم الولد والوقف أن تلك لا تستحق منافعها على التأبيد بل يبطل حقه من منافعها بموته بخلاف هذه المنافع فإنه يستحقها كما يستحق منافع أملاكه فكذلك ملك المعاوضة عليها على التأبيد وقوله إنه إذا أطلق الشرط كانت مدته الفرقة يعني إذا أصدقها منافع الأرض الخراجية مطلقا من غير توقيت كانت موفية بمدة الزوجية كما قالوا إذا تزوجها على مهر مؤجل فإنه يحل بالفرقة وقد بينا أن كلام أحمد إنما يدل على أن الصداق هو هذه المنافع على التأبيد فتقوم الزوجة مقامه فيها ويكون الخراج عليها وأما الدين المؤجل فلابد من حلوله وإلا لم يكن له فائدة فجعل أجله الفرقة.

.الباب التاسع: في حكم تصرفات الإمام في أرض العنوة بعد أن تصير فيئا للمسلمين أو وقفا:

قد سبق حكم دفعها بالخراج وحكم بيع بعضها إذا رآه مصلحة كما ذكره أصحابنا أو مطلقا كما قاله العنبري قاضي البصرة وحكم بيع ما انتقل إلى بيت المال ولم يصر وقفا وبقي مسائل أخر منها إذا أراد إعادتها إلى القسمة بين الغانمين فإن قلنا هي وقف لم يجز وإن قلنا فيء وهو الصحيح فقد تقدم على علي رضي الله عنه أنه هم بقسم السواد وذلك دليل على أنه يجوز للإمام العادل تغيير ما فعله من قبله من الأئمة العدل إلا أنه لم يفعله.
وإذا أراد تخصيص بعض المسلمين بشيء منها فله صورتان إحداهما أن يقطع بعضها لبعض المسلمين فإن قلنا هي وقف لم يجز وصرح بذلك الأصحاب القاضي وغيره معللا بأن تغيير الوقف لا يجوز وقرأت بخط القاضي قال أحمد في رواية الأثرم دور البصرة أقطعت على عهد عمر رضي الله عنه قيل له فالكوفة كيف يسن فيها قطايع هذه الأرض السواد وتلك أرض أحيوها فاستخرجوها يعني البصرة قلت وتمام هذه الرواية قال وقد اقطعوا أيضا بالكوفة فذكر حديث عثمان رضي الله عنه أنه أقطع عبدالله وخبابا وهي في كتاب العلل للأثرم وساقها الخلال في كتاب العلل من طريق الأثرم ومن رواية إبراهيم بن الحارث عن أحمد أيضا.
وقد تكاثرت نصوصه بكراهة ما أقطعه الملوك من أرض السواد والأمر بالتنزه عنها وعن مغلها وجعله في حكم المغصوب المستولي عليه بغير حق وكان يسهل القول في إقطاع من ينتفع المسلمون به لجهاده قال المروزي سئل أبو عبدالله عن القطائع التي بطرسوس هي مثل قطائع بغداد فقال لا بل تلك عندي أسهل في نحر العدو انتهى.
وهذا يدل على أن الإقطاع إذا كان لمن ينتفع به المسلمون كان شبيها بإقطاع عثمان رضي الله عنه وروى عنبسة ما يدل على جواز الإقطاع للإمام العادل من أرض العنوة على أنها أرض فيء وليست وقفا وفي كلام أحمد ما يدل على كلا القولين بل فيه تصريح بهذا وبهذا أعني أنها وقف وأنها فيء فأما أن يحمل ذلك على اختلاف قولين أو على أن الوقف أريد به معنى الوقف لا حقيقة قال في رواية ابن منصور الأرضون التي يملكها ربها ليس فيها خراج مثل هذه القطائع التي اقطعها عثمان رضي الله عنه في السواد لسعد بن مسعود وخباب رضي الله عنهم فرأى عمر رضي الله عنه أن يدع الأرض للمسلمين ورأى عثمان رضي الله عنه لمنزلة هؤلاء من الإسلام وما يأتوا ففيه أن يقطعهم فيها ونقل صالح عن أبيه نحوه وقال الأثرم قلت لأبي عبدالله أليس قد اقطع عثمان عبدالله وخبابا وغيرهما رضي الله عنهم فقال هذا أيضا يقوي أن أرض السواد ليست بملك لمن هي في يده أن عمر رضي الله عنه لم يقطع وعثمان أقطع بعد فلو كان عمر رضي الله عنه ملكها من هي في يده لم يقطع عثمان رضي الله عنه بعد قيل لأبي عبدالله إنهم يقولون إنما أقطع عمر رضي الله عنه أرض كسرى ودار البريد فنفض يده وقال ليس هذا بشيء قلت فاحتجوا بقول عبدالله ويزادان ما يزدان فقال نعم عثمان رضي الله عنه أقطعه أي حجة في هذا وفي مسائل أبي داود قال أحمد أرض السواد فيها الخراج لكن القطائع ليس يؤدوا عنها الخراج وهذا نصوص بصحة إقطاع الإمام العادل أرض السواد.
وقد أنكر قول من قال إنما أقطعهم من أرض كسرى وأرض البريد وهذا كان يقوله بعض الكوفيين قالوا إنما أقطع عثمان أرضا اصطفاها عمر رضي الله عنه جعلها لبيت المال لم يقطع الأرض الخراجية لأنها عندهما ملك لمن هي في يده بالخراج فأنكر أحمد ذلك.
وقد روي في هذه الصوافي آثار متعددة قال يحيى بن آدم حدثني قيس بن الربيع عن رجل من بني أسد عن أبيه قال اصطفى حذيفة أرض كسرى وأرض آل كسرى ومن كان كسرى أصفى أرضه وأرض من قتل ومن هرب والآجام ومغيض الماء.
قال يحيى وحدثنا عبدالله بن المبارك عن عبدالله بن الوليد عن عبدالله بن معقل حدثني عبدالملك بن أبي حرة عن أبيه قال أصفى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من هذا السواد عشرة أصناف أصفى أرض من قتل في الحرب ومن هرب من المسلمين وكل أرض لكسرى وكل أرض كانت لأحد من أهله وكل مغيض وكل دين يزيد قال ونسيت أربعة قال وكان خراج ما أصفى سبعة آلاف ألف فلما كانت الجماجم أحرق الناس الديوان فأخذ كل قوم ما يليهم.
قال وحدثني عبدالسلام بن حرب عن عبدالله بن الوليد المزني عن رجل من بني أسد قال لم أدرك بالكوفة أعلم بالسواد منه قال بلغت غلة الصوافي على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أربعة آلاف ألف قلت وما الصوافي قال إن عمر أصفى كل أرض كانت لكسرى أو لآل كسرى أو رجل قتل في الحرب أو رجل لحق بأهل الحرب أو مغيض الماء أو دير بريد وهذه الأسانيد فيها جهالة ثم إن في بعضه أن هذه الأرض كان عليها الخراج فلم يبق حينئذ يبنها وبين بقية السواد فرق إلا أن يدعي أن هذه لم تملك وإنما كان خراجها إجارة بخلاف أرض الدهاقين التي أقرت في أيديهم فإنهم ملكوها بالخراج وهذه دعوى مجردة.
ومن متأخري أصحابنا من ادعى أن إقطاع عثمان رضي الله عنه كان من موات السواد وهو أبعد وأبعد وممن قال إن عثمان رضي الله عنه إنما أقطع من الصوافي أبو عبيد أيضا لأنه يرى أن أرض السواد كالوقف قال وهذه الصوافي كان أهلها قد جلسوا عنها فلم يبق بها ساكن ولا لها عامر فكان حكمها إلى الإمام كالموات قال فاقطعها عثمان رضي الله عنه لمن يعمرها ويقوم بخراجها وهذا بناء منه على أن موات أرض السواد لا يملك إلا بالإحياء فيكون فيه الخراج على من عمره وذكر القاضي أبو يعلى متابعة للماوردي أن إقطاع عثمان رضي الله عنه كان من هذه الصفايا وأن عثمان أقطعها وشرط على من أقطعها أن يأخذ منه حق الفيء فكان ذلك منه إقطاع إجارة لا إقطاع تمليك وقد رد ذلك بعض أصحابنا وقال الإقطاع ينافي الإجارة فإن المفهوم منه الإباحة فحمله على الإجارة غير معروف لغة ولا عرفا.
وذكر القاضي أن هذه الصفايا اصطفاها عمر رضي الله عنه بتطييب نفوس الغانمين وهذا بعيد على أصلنا لأن الإمام له عندنا أن يقفها كلها بغير رضا الغانمين وإنما هذا مأخوذا من كلام الماوردي وذكر القاضي أن حكم مثل هذه الصفايا أنه تصير لبيت المال كالوقوف المؤبدة فلا يجوز للإمام بيعها ولا إقطاعها وذكر في أرض بيت المال المنتقلة إليه عمن لا وارث له أنه يجوز بيعها وصرف ثمنها في المصالح على قولنا أنها لا تصير وقفا وهل يجوز إقطاعها على قولين وضعف القول بمنعه وقد سبق من كلام أحمد ما يدل على أن حكم أرض العنوة كلها كذلك يجوز أن يقطعها الإمام العادل لأنها فيء للمسلمين فله أن يترك خراجها مشتركا بينهم وله أن يخص بها من شاء منهم وقد تأول القاضي قول أحمد إنها تصير مملوكة ولا خراج عليها بأن عثمان رضي الله عنه أقطعهم خراجها وهذا فاسد لأن أحمد صرح بأنها مملوكة لأربابها وعلى ما ذكره القاضي تكون باقية على ملك المسلمين وخراجها باق إلا أن الإمام اختص به هؤلاء المقطعين.