فصل: الباب السابع: في مقدار الخراج:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستخراج لأحكام الخراج



وروى يحيى بن آدم بإسناده عن محمد بن عبيد الله الثقفي أن رجلا أتى عمر رضي الله عنه فقال إن بالبصرة أرضا ليست من أرض الخراج ولا يضر بأحد من المسلمين فكتب عمر رضي الله عنه إن كانت ليست تضر بأحد من المسلمين وليست من أرض الخراج فاقطعها إياه.
وعن عوف الأعرابي قال قرأت في كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى رضي الله عنه إن أبا عبدالله سألني أرضا على شاطئ دجلة فيها خيله فإن كانت ليست من أرض الجزية ولا يجري إليها ماء الجزية فأعطاها إياه.
وروى حرب الكرماني من طريق المسيب بن شريك عن رزام أبي الحجاج النخعي عن أبيه قال عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأتاه رجل فقال إني آتي أرض الجزية من أرض السواد فأزرعها ببذري وبقري فيضعف أضعافا مضاعفة قال له أنت معمر غير مخرب ومصلح غير مفسد فكل رغدا.
وقد استدل بعضهم بإقطاع عثمان رضي الله عنه من السواد وفيه كلام نذكره في موضع آخر إن شاء الله تعالى.
وأما وضع عمر رضي الله عنه الخراج على العامر والغامر فقد سبق أن العامر ما ناله الماء ولم يزرع وليس هو البراري المقفرة التي لم يضع عمر رضي الله عنه عليها الخراج ونحوها على أن من الأصحاب من قال إن الرواية الأولى تخص بأرض السواد دون بقية أرض العنوة فإنه قد قيل أن السود كله كان عامرا في زمن عمر رضي الله عنه فإذا خرب منه شيء بعد ذلك لم يكن مواتا لأنه ملك للمسلمين فإذا تقرر هذا فإن قلنا تملك بالإحياء فلا خراج عليها إذا أحياها مسلم وعليه العشر نص عليه أحمد في رواية حرب فيمن أحيي مواتا من أرض خراج أو عشر قال إذا لم يكن لها مالك فليس إلا العشر قال وسألت إسحاق عن ذلك فقال إذا أتى جبالا ودكادك فأحيي مواتا فهو عشر وإن قلنا لا تملك بالإحياء ضرب عليها الخراج لأنها من أرض الفيء التي يستحقها المسلمون عموما وهو قول أبي عبيد ونقله ابن منصور عن إسحاق وقال لا يحييها أحد إلا بإذن الإمام هذا إذا كان المحيي لها مسلما فإن كان ذميا وقلنا يملكها فاختلف العلماء فيه فقال طائفة لا شيء عليه وهو قول الشافعي وأحمد في المشهور عنه.
وقالت طائفة عليه عشر لئلا يسقط حق المسلمين من عشر الأرض نقله حرب عن أحمد أنه قال مرة هو عشر وقال مرة لا شيء عليه قال وقال مرة أنا أقول لا شيء عليه وأهل الديونة يقولون في هذا قولا حسنا يقولون لا يترك الذمي أن يشتري أرض العشر قال وأهل البصرة يقولون قولا عجبا يقولون يضاعف عليه العشر فجعل أحمد حكم أحياء الذمي لموات دار الإسلام فمن هنا حكي ابن أبي موسى رواية عنه أن عليه عشرين كما في قوله في الشراء على رواية عنه وفهم من قوله هنا هو عشر أي أنها تصير أرضا عشرية لا أن الواجب فيها عشر واحد وهذا أظهر والله أعلم.
وخص القاضي في خلافه وصاحب المحرر هذه الرواية بما عدا أرض العنوة وقالت طائفة يوضع على أرض الذمي المحيي للموات والخراج وهو قول سفيان وأبي حنيفة وإسحاق بن راهويه نقله عن ابن منصور ونقل عنه حرب الكرماني لا يملك من ذلك فإن فعل أخذت منه وأعطي قيمتها من بيت المال وكل هؤلاء لم يخصوا ذلك بأرض العنوة ولا غيرها وذكر القاضي في خلافه وصاحب المحرر من أصحابنا أنه إذا أحيي موات العنوة فإن عليه الخراج.
وفرق صاحب المحرر بينه وبين المسلم وكأن الفرق بينهما أن المسلم إذا قلنا يملك بالأحياء في أرض العنوة فقد زادهم خيرا لانتفاعهم بعشره وأما الذمي فلا ينتفعون بعشره فتعين تعويضه بالخراج وفيه نظر وقد تقدم أن صاحب الكافي ذكر أن موات العنوة إذا كان بحيث يمكن إحياؤه فهل يوضع عليه الخراج على الروايتين.
ويشبه هذا ما قاله أبو حنيفة في رواية ابن المبارك عنه إذا اشترى الذمي أرض العشر من مسلم وضع عليها الخراج فلا يسقط عنها بإسلامه ولا ببيعها من مسلم.
وقال سفيان لا خراج عليها وهو قول الجمهور لكن اختلفوا هل يوضع عليه عشر مضاعف أم لا على قولين هما روايتان عن أحمد هذا في إحياء موات العنوة فأما أرض الخراج إذا كانت صلحا فإن صولحوا على أن الأرض لهم ولنا خراجها فهل يملك المسلم مواتها بالإحياء فيه قولان أحدهما لا يملك وهو قول جريج والشافعي والقاضي أبو يعلى ومن بعده من أصحابنا لأن الصلح أوجب اختصاصهم ببلادهم معمورها ومواتها والثاني يملك بالإحياء وهو قول بعض الشافعية قال بعض متأخري أصحابنا وهو الأقوى لأن الموات على الإباحة والصلح إنما ينصرف على إبقاء أملاكهم فلا يدخل الموات بدون شرطه وأما إن صولحوا على أن الأرض لنا ونقرها بأيديهم بالخراج فإن قيل تصير بذلك وقفا فحكمها حكم أرض العنوة كما سبق وإلا فهي كأرض المسلمين العشرية يملك مواتها بالإحياء.

.الباب السابع: في مقدار الخراج:

خرج البخاري في صحيحه من طريق حصين عن عمرو بن ميمون قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف فقال كيف فعلتما أخاف أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق قال قالا حملناها أمر هي له مطيقة ما فيها كثير فضل قال انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق قالا لا فقال عمر رضي الله عنه لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا قال فما أتت عليه إلا أربعة أيام حتى أصيب رضي الله عنه.
وروى شعبة عن الحكم قال سمعت عمرو بن ميمون يقول شهدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأتاه ابن حنيف فجعل يقول والله لئن وضعت على كل جريب من الأرض درهما وقفيزا من طعام لا يشق ذلك عليهم ولا يجهدهم.
قال الإمام أحمد وأبو عبيد أصح شيء في الخراج عن عمر رضي الله عنه حديث عمرو بن ميمون هذا رواه عمر بن شبة بإسناده وزاد فيه أنه وضع على القادسية درهما وعلى الدقلتين درهما.
وروى أبو عبيد حدثنا إسماعيل بن مجالد عن أبيه مجالد بن سعيد عن الشعبي أن عمر رضي الله عنه بعث عثمان بن حنيف فسمح السواد فوجده ستة وثلاثين ألف ألف جريب فوضع على كل جريب درهما وقفيزا قال وحدثنا معاوية عن الشيباني عن محمد بن عبيد الله الثقفي قال وضع عمر رضي الله عنه على أهل السواد على كل جريب عامر درهما وقفيزا وعلى جريب الرطبة خمسة دراهم وخمسة أقفزة وعلى جريب الشجرة عشرة دراهم وعشرة أقفزة قال ولم يذكر النخل.
وقد روي في حديث عثمان بن حنيف حين بعثه عمر رضي الله عنه قال فكان لا يعد النخل خرجه عمر بن شبة في كتاب أخبار الكوفة وروى صالح بن أحمد في مسائلة حدثنا هشيم بن خالد عن الشعبي أن عمر رضي الله عنه بعث عثمان بن حنيف فأمره أن يمسح السواد ففعل قال فبلغت مساحته بضعة وثلاثين ألف ألف جريب قال وأمره أن يضع على كل جريب قفيزا ودرهما قال إني أخشى أن لا يكون سمعه يعني هشيما ليس فيه خير.
قال وحدثني أبي حدثنا بهز بن أسد حدثني سلمة بن علقمة حدثنا داود عن عامر قال بعث يعني عمر رضي الله عنه إلى جرير وإلى الأشعث إن ردا علي ما كنت جعلت لكما قال فكتبا إليه أن قد رددناه عليك فبعث عثمان بن حنيف إلى السواد قال طرز عليهم خراجا ودع لأهل الأرض ما يصلحهم قال فقدم عثمان فطرز الخراج فوضع على جريب الشعير درهمين وعلى الحنطة أربعة وعلى القضب يعني الرطبة ستة وعلى النخل ثمانية وعلى الكرم عشرة وعلى الزيتون اثني عشر ووضع على الرجال درهمين في الشهر قال فجبيا الأموال.
وروي عن عمر رضي الله عنه وجه آخر من رواية قتادة عن أبي مجلز لا حق ابن حميد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث عثمان بن حنيف على مساحة الأرض قال فمسح الأرض فجعل على جريب الكرم عشرة دراهم وعلى جريب النخل خمسة دراهم وعلى جريب القضب ستة دراهم وعلى جريب البر أربعة دراهم وعلى جريب الشعير درهمين خرجه أبو عبيد وخرجه حرب ولم يذكر فيه أبا مجلز وقال فيه جريب العنب ثمانية دراهم وعلى جريب النخل عشرة دراهم والباقي بمعناه.
وروي عن علي أنه وضع الخراج على وجه آخر خرجه حرب الكرماني حدثنا أبو أمية الطرسوسي حدثنا علي بن عبدالله عن يونس بن أرقم الكندي حدثنا يحيى بن أبي الأشعث الكندي عن مصعب بن يزيد الأنصاري عن أبيه قال بعثني علي بن أبي طالب رضي الله عنه على ما سقي الفرات وأمرني علي أن أضع على كل جريب زرع من البر غليظ الزرع درهما ونصفا وصاعا من طعام وعلى كل جريب زرع من البر وسط الزرع درهما وعلى كل جريب زرع من البر رقيق الزرع ثلثي درهم ومن الشعير نحو ذلك وأمرني أن أضع على البساتين التي تجمع النخل والشجر على كل جريب عشرة دراهم وعلى كل جريب من الكرم إذا مضى عليه ثلاث سنين ودخل في الرابعة عشرة دراهم وأمرني أن ألغي كل نخل شاذ عن القرى يأكله من مر به وأمرني أن لا أضع على الخضروات شيئا على المقاثي وعلى الحبوب والسماسم والقطن ثم ذكر جزية الرءوس قال فجبيتها على ما أمرني به ثمانية ألف ألف وخمسمائة ألف ونيف.
قال الإمام أحمد في رواية مثنى وظيفة عمر رضي الله عنه في أرض السواد في الكرم عشرة وفي النخل ثمانية وفي القضب ستة وفي الحنطة أربعة ومن الشعير درهمان من كل جريب والقضب الرطبة وعلى الدقلتين درهم وعلى القادسية درهم واختار حديث عمرو بن ميمون على الجريب قفيزا ودرهما وقال في رواية الأثرم ومحمود بن داود في الخراج في كل جريب في البر والشعير قفيز ودرهم وقال في رواية ابن منصور وضع عمر رضي الله عنه على أرض السواد الخراج على كل جريب درهم وقفيز من الحنطة والشعير وما سوى ذلك من القضب والزيتون والنخل أشياء موظفة يؤدونها ونقل صالح أيضا عن أبيه قال لكل جريب من الحنطة قفيز ودرهم وعلى جريب الكرم عشرة وعلى جريب الرطبة خمسة قال وقال الشعبي وضع على جريب الشعير درهمين وعلى الحنطة أربعة وعلى القضب ستة وعلى النخل ثمانية وعلى الكرم عشرة وعلى الزيتون أثني عشر وقال أبو مجلز بعث عمر عمارا وابن مسعود وعثمان بن حنيف فوضع عثمان على جريب الكرم عشرة وعلى النخل ثمانية وعلى القضب ستة وعلى جريب البر أربعة وعلى جريب الشعير درهمين قال أبو الحسن الآمدي الصحيح من المذهب أن المأخوذ من جريب النخل عشرة دراهم ومن الكرم وعلى الشجر والرطب ستة وعلى الزرع درهم وقفيز من حنطة إن كان حنطة وشعير إن كان شعيرا وقد قيل الخراج على الشعير درهمان وعلى البر أربعة وعلى الرطبة ستة وعلى النخل ثمانية وعلى الكرم عشرة وهذا أكبر ما فيه قال والأول أصح وقالت الحنفية في أرض الزرع قفيز ودرهم وعلى الرطبة خمسة دراهم وما سوى ذلك من الأصناف يوضع عليه بحسب الطاقة.
وقال الشافعي في جريب الحنطة أربعة دراهم وفي الشعير درهمان وفي الرطبة ستة دراهم وكذلك الشجر كالرطبة واختلف أصحابه فمنهم من وافقه ومنهم من قال في جريب النخل عشرة دراهم وفي الكرم ثمانية دراهم وقال الماوردي جميع ما جاء عن عمر رضي الله عنه صحيح وإنما اختلف لاختلاف النواحي فوضع على كل موضع قدر ما يحتمله ويليق به.
وحكي يحيى بن آدم عن الحسن بن صالح قال إن أرض الخراج عليها الخراج الذي وضعه عمر رضي الله عنه على الجريب قفيز ودرهم وعلى النخل والرطب والكرم والشجر ما وضعه عليهم عمر رضي الله عنه قال ولا نعلم عليا خالف عمر رضي الله عنهما ولا غير شيئا مما صنع حين قدم الكوفة.
وروى يحيى بن آدم بإسناده عن الشعبي قال قال علي رضي الله عنه حين قدم الكوفة ما كنت لأحل عقدة شدها عمر رضي الله عنه وأنكر أبو عبيد وضع عمر رضي الله عنه على جريب الأشجار شيئا كما تقدم وثبت أنه وضع على جريب الزرع قفيزا ودرهما إذا تقرر هذا فهل يتقرر خراج أرض السواد وغيره من أرض العنوة الذي وضعه عمر رضي الله عنه ولا تجوز الزيادة عليه ولا النقص منه أم لا اختلف العلماء في ذلك على أقوال أحدهما أنه يتقرر ذلك بما وضعه عمر رضي الله عنه من غير زيادة ولا نقص وحكي هذا عن مالك والشافعي وهو رواية عن أحمد بل روي عنه أنه رجع إليها فنقل العباس بن محمد بن موسى الخلال عن أحمد أنه قال الخراج يقرر في أيديهم مقاسمة على النصف وأقل إذا رضي بذلك الأكره يحملهم بقدر ما يطيقون وقال بعد ليس للإمام أن يغيرها على ما أقرها عليه عمر رضي الله عنه قال الخلال هذا قول أولى لأبي عبدالله وذكر غير واحد عنه أن للإمام النظر في ذلك فيزيده وينقص وهذا الذي قاله الخلال عجيب فإن العباس هذا روى عن أحمد أنه كان يقول بذلك ثم رجع عنه فكيف يكون ما رجع إليه هو قوله الأول وهذه الرواية هي اختيار الخرقي في جزية الرءوس واختيار القاضي في خفه وهو آخر كتبه ومن اتبعه عليه ووجه ذلك أن هذا ضربه عمر رضي الله عنه بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم وعمل به الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم بعده فيصير إجماعا لا يجوز نقضه ولا تغيره.
وقد تقدم عن الحسن بن صالح أنه قال لا نعلم أن عليا رضي الله عنه غير ما صنع عمر رضي الله عنه ولا غير شيئا مما صنع حين قدم الكوفة وهذا يدل على ضعف ما روي عن علي رضي الله عنه أنه وضع الخراج على غير ما وضع عمر رضي الله عنه ويدل أيضا على منع الزيادة ما روي منصور عنه هلال بن يساف عن رجل من ثقيف عن رجل من جهينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقاتلون قوما فتظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم فيصالحونكم على صلح فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه لا يصح لكم». خرجه أبو داود وقال يحيى بن آدم هذا يشبه بحال سواد أهل الكوفة وفي الاستدلال بهذا الحديث نظر فإن الحديث إنما هو ظاهر فيمن صولح على حقن دمه وماله بشيء وأما رفع السواد إليهم فهو عقد معاوضة لم يجبروا عليها إنما أخذوها باختيارهم فليس هذا من الصلح بسبيل وعلى مثل هذا حمله أبو عبيد وذكر بإسناده عن الزهري أن عمر رضي الله عنه كان يأخذ ممن صالحه من أهل العهد ما صالحهم عليه لا يضع عنهم شيئا ولا يزيد عليهم ومن نزل منهم على الجزية ولم يسم شيئا نظر عمر رضي الله عنه في أمورهم فإن احتاجوا خفف عنهم وإن استغنوا زاد عليهم بقدر استغنائهم.