الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
22- وقوله جل وعز: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين} (آية 23) {بآياتنا} أي بالعلامات التي تدل على رسالته نحو العصا وما أشبهها {وسلطان مبين} أي وحجة مبينة.23- ثم أعلم جل وعز إنهم ردوا الايات التي يعجز عنها المخلوقون بان قالوا ساحر كذاب {فقالوا ساحر كذاب} (آية 24).24- ثم قال جل وعز: {فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا ابناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم} (آية 25) روى معمر عن قتادة قال هذا بعد القتل الأول.25- ومعنى {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} (آية 26) قال أبو جعفر أخاف أن يكون أحد الأمرين إما أن يذهب دينكم البتة وإما أن يستميل فيفسد عليكم ويحاربكم ويقرأ {وأن يظهر في الأرض الفساد} أي أخاف الأمرين جميعا.26- وقوله جل وعز: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه} (آية 28) يجوز أن يكون المعنى وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون على التقديم والتأخير ويجوز أن يكون المعنى وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} أي لأن يقول {وإن يك كاذبا فعليه كذبه} أي لا يضركم منه شئ.27- وقوله جل وعز: {وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم} (آية 28) هذه آية مشكلة لأن كل ما وعد به نبي كان فهذا موضع كل؛ ففيها أجوبة:أ- منها أن بعضا بمعنى كل وهذا مذهب أبي عبيدة وأنشد: أو يرتبط بعض النفوس حمامها وهذا قول مرغوب عنه لن فيه بطلان البيان.ب- قال أبو إسحاق في هذا إلزام الحجة للمناظر أن يقال أرأيت إن أصابك بعض ما اعدك أليس فيه هلاكك فالمعنى إن لم يصبكم إلا بعض ما وعدكم موسى هلكتم قال ومثله قول الشاعر:
أي أقل أحوال المتأني أن يدرك بعض حاجته.ج- وقيل ليس في قوله: {يصبكم بعض الذي يعدكم} نفي للكل.د- وقيل الأنبياء صلى الله عليهم يدعون على قومهم فيقولون اللهم اخسف بهم اللهم أهلكهم في أنواع من الدعاء فيصيبهم بعض ذلك.هـ- وفي الاية جواب خامس وهو أن موسى صلى الله عليه وسلم وعدهم بعذاب الدنيا معجلا إن كفروا وبعذاب الآخرة وإنما يلحقهم في الدنيا ما وعدهم به فيها وعذاب الآخرة مؤخر فعلى هذا يصيبهم بعض الذي يعدهم ثم قال جل وعز: {إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب} (آية 28). أي كافر وقال قتادة أي أسرف على نفسه بالشرك وقال السدي وهو صاحب الدم.29- وقوله جل وعز {قال رعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} (آية 29) روي عن معاذ بن جبل أنه قرأ سبيل الرشاد بتشديد الشين وقال سبيل الله جل وعز قال أبو جعفر وهذا عند أكثر أهل اللغة العربية لحن لأنه إنما يقال أرشد يرشد ولا يكون فعال من أفعل إنما يكون من الثلاثي وإن اردت التكثير من الرباعي قلت مفعال قال أبو جعفر يجوز أن يكون رشاد بمعنى يرشد لا على أنه مشتق منه ولكن كما يقال لأال من اللؤلؤ فهو بمعناه وليس جاريا عليه ويجوز أن يكون رشاد من رشد يرشد أي صاحب رشاد كما قال: 30- وقوله جل وعز: {وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب} (آية 30) قال قتادة هم قوم نوح وعاد وثمود.31- وقوله جل وعز: {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد} (آية 32) وقرأ الضحاك يوم التناد بتشديد الدال قال أهل العربية هذا لحن لأنه من ند يند إذا مر على وجهه هاربا كما قال الشاعر: قال ولا معنى لهذا في القيامة قال أبو جعفر هذا غلط والقراءة به حسنة روى صفوان ابن عمرو عن عبد الله بن خالد قال يظهر للناس يوم القيامة عنق من نار فيولون هاربين منها حتى تحيط بهم فإذا أحاطت بهم قالوا أين المفر ثم أخذوا في البكاء حتى تنفد الدموع فيكون دما ثم تشخص أبصار الكفار فذلك قوله تعالى: {مهطعين مقنعي رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم} ويروي أنه إذا أمر بهم إلى النار ولوا هاربين منها ولو لم يكن في الاحتجاج بالقراءة إلا قوله تعالى: {يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم} لكفى فأما معنى التخفيف فقال قتادة في قوله: {إني أخاف عليكم يوم التناد} قال يوم ينادى كل قوم بأعمالهم وينادي أهل الجنة أهل النار وقال عبد الله بن خالد إذا حشر الناس يوم القيامة نادى بعضهم بعضا حتى يظهر لهم عنق من النار فيولون هاربين.32- ثم قال تعالى: {ما لكم من الله من عاصم} (آية 33) قال قتادة أي من ناصر.33- ثم قال جل وعز: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات} (آية 34) أي من قبل موسى بالبينات أي بالآيات المعجزات {فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا} (آية 34).أي ظننتم أن الحجة لا تقام عليكم بعده {كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب} أي مثل هذا الضلال يضل الله من هو مسرف مرتاب.34- ثم قال جل وعز: {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم} (آية 35) على البدل من من ومعنى {كبر مقتا} كبر الجدال مقتا.35- ثم قال جل وعز: {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} (الآية 35) وفي قراء عبد الله بن مسعود {على قلب كل متكبر جبار} ومعنى هذه القراءة كمعنى الأولى كما يقال أنا أكلم فلانا يوم كل جمعة وكل يوم جمعة فأما التنوين فإنه يقال قلب متكبر أي صاحبه متكبر.36- وقوله جل وعز: {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا} (آية 36) أي قصرا وكل بناء عظيم صرح {لعلي أبلغ الأسباب} (آية 36) قال قتادة أي الأبواب والسبب في اللغة ما يؤدي إلى الشئ فالمعنى لعلي أبلغ ما يؤدي إلى السموات.37- وقوله جل وعز: {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل} (آية 37) ويقرأ وصد عن السبيل وهو اختيار أبي عبيد وروي عن ابن أبي إسحاق {وصد عن السبيل} قال أبو جعفر وأحسنها {وصد عن السبيل} كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله}.وقول أبي عبيد في اختياره ليس بشئ لأن من قرأه بالضم فالمعنى عنده على ما ذكر أبو حاتم وصده الشيطان عن السبيل كما قال: {وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل} المستقيمة.38- ثم قال جلا وعز: {وما كيد فرعون إلا في تباب} (آية 37) قال مجاهد وقتادة أي في خسار قال أبو جعفر من هذا قوله جل وعز: {تبت يدا أبي لهب} وقوله {وما زادوهم غير تتبيب}.39- وقوله جل وعز: {من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها} (آية 40) قال قتادة يعني شركا.40- وقوله جل وعز: {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة} (آية 41) قال مجاهد إلى الإيمان بالله عز وجل.41- وقوله جل وعز: {لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة} (آية 43) قال مجاهد يعني الأوثان قال أبو جعفر قال الخليل معنى {لا جرم} حقا وقد جرم الشئ أي حق وأنشد: قال أبو جعفر فأما دخول لا على جرم فلتدل على أنه جواب لكلام وأنه ليس مستأنفا فالمعنى وجب بطلان ما تدعونني إليه أي ليس له استجابة دعوة تنفع.42- وقوله: {وأن المسرفين هم أصحاب النار} (آية 43) قال عبد الله بن مسعود هم السفاكون للدماء وكذلك قال عطاء ومجاهد.43- وقوله جل وعز: {فوقاه الله سيئات ما مكروا} (آية 45) قال قتادة كان رجلا من القبط فنجاه الله مع بني إسرائيل.44- وقوله جل وعز: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} (آية 46).يقال كيف يعرضون عليها غدوا وعشيا وهم من أهلها؟ فالجواب عن هذا ما قاله عبد الله بن مسعود قال ارواح آل فرعون في أجواف طير سود تعرض كل يوم على النار مرتين يقال هذه داركم وروى شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت ميمون بن ميسرة يقول كان أبو هريرة إذا أصبح ينادي أصبحنا والحمد لله وعرض آل فرعون على النار وإذا أمسى نادى امسينا والحمد لله وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع أبا هريرة أحد إلا تعوذ بالله من النار وقال مجاهد في قوله تعالى: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} قال من أيام الدنيا قال الفراء ليس في القيامة غدو ولا عشي ولكن مقدار ذلك قال أبو جعفر التفسير على خلاف ما قال الفراء وذلك أن التفسير على أن هذا العرض إنما هو في أيام الدنيا.والمعنى ايضا بين أنه على ذلك لأنه قال جل وعز: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} ثم دل على أن هذا قبل يوم القيامة بقوله: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} فدل على أن الأول بمنزلة عذاب القبر.45- وقوله جل وعز: {ويوم يقوم الأشهاد} (آية 51).قال معمر عن قتادة الملائكة قال أبو جعفر واحدهم شاهد كما يقال صاحب وأصحاب ويجوز أن يكون جمع شهيد كشريف وأشراف.46- وقوله جل وعز: {إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه} (آية 56) مثل قوله {واسأل القرية} المعنى ما هم ببالغي إرادتهم فيه لأن الكبر شئ قد أتوه فهذا لا يشكل وقد قيل الكبر هاهنا العلو على النبي صلى الله عليه وسلم وذلك إرادتهم ولم يبلغوه فأما إرادتهم في الأول فالجدال في آيات الله جل وعز حتى يبطلوها ولم يبلغوا ذلك وقيل إنما يراد بذا اليهود تكبروا وتوقفوا وقالوا حتى يخرج الدجال ونكون معه فأعلم الله جل وعز أن هذه الفرقة من اليهود لا تلحق الدجال واستشهد صاحب هذا القول بقوله: {فاستعذ بالله}.وقوله جل وعز: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} (آية 60) روى يسيع الكندي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} قال أبو عبيدة داخرين صاغرين.48- وقوله جل وعز: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون} (آية 71) وقرئ {والسلاسل يسحبون} وفي قراءة أبي {بالسلاسل يسحبون} وأجاز الفراء {والسلاسل يسحبون} قال أبو جعفر من قرأ {والسلاسل يسحبون} فالمعنى عنده يسحبون السلاسل وهي قراءة ابن عباس قال وذلك اشد عليهم يكلفون أن يسحبوها ولا يطيقون ومن قرأ {والسلاسل يسحبون} فالتمام عنده {والسلاسل} ثم ابتدأ فقال {يسحبون في الحميم} قال الفراء والسلاسل بالخفض محمول على المعنى لأن المعنى أعناقهم في الأغلال والسلاسل كما حمل على المعنى قوله: 49- ثم قال جل وعز: {ثم في النار يسجرون} (آية 72) قال مجاهد أي توقد بهم النار قال أبو جعفر يقال سجرت الشئ أي ملاته ومنه {والبحر المسجور} فالمعنى على هذا تملأ بهم النار وقال الشاعر يصف: أي عينا مملوءة.50- وقوله جل وعز: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق} (آية 75) بين هذا بقوله سبحانه {فرحوا بما عندهم من العلم}.51- ثم قال جل وعز: {وبما كنتم تمرحون} (آية 75) قال مجاهد أي تبطرون وتأشرون.52- وقوله جل وعز: {الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون} (آية 79) أي الإبل قال قتادة في قوله تعالى: {ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} الرحلة من بلد إلى بلد وقال مجاهد أي حاجة كانت.53- وقوله جل وعز: {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم} (آية 83) أي رضوا به قال مجاهد قالوا نحن أعلم منكم لن تبعث ولن نحيا بعد الموت قال مجاهد {وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} (آية 83) أي ما جاءت به الرسل الحق.54- وقوله جل وعز: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده} (آية 85) قال قتادة أي إنهم إذا رأوا العذاب آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم.55- ثم قال تعالى: {وخسر هنالك الكافرون} (آية 85) وقد كانوا قبل ذلك خاسرين لأنه تبين خسرانهم بأن لحقهم العذاب ولم يقبل إيمانهم انتهت سورة غافر. اهـ. .قال الفراء: سورة غافر:{غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لاَ اله إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} قوله عز جل: {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ}.جعلها كالنعت للمعرفة وهى نكرة؛ ألا ترى أنك تقول: مررت برجل شديد القلب، إلاّ أنه وقع معها قوله: {ذى الطول} وهو معرفة فأجرين مجراه. وقد يكون خفضها على التكرير فيكون المعرفة والنكرة سواء. ومثله قوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الوَدُودُ ذُو العرشِ المجيدُ فعَّالٌ لما يريدُ} فهذا على التكرير؛ لأن فعّال نكرة محضة، ومثله قوله: {رفيعُ الدرجاتِ ذو العرشِ} فرفيع نكرة، وأجرى على الاستئناف، أو على تفسير المسألة الأولى.{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}.وقوله: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ} ذهب إلى الرجال، وفى حرف عبد الله {برسولها} وكلّ صواب.{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.وقوله: {وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ}.وبعضهم يقرأ {جنة عدن} واحدة، وكذلك هي في قراءة عبد الله: واحدة.وقوله: {وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ}.من نصبٌ من مكانين: إن شئتَ جعلتَ {ومن} مردودة على الهاء والميم {وأدخلهم} وإن شئت على الهاء والميم فى: {وعدتهم}.{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}.
|