الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: طبقات الشافعية الكبرى **
الفقيه المعدل ولد سنة ستين ومائتين أو قبلها وسمع بعد الثمانين من على بن عبد العزيز بمكة وهشام بن على السيرافى وعبد العزيز بن معاوية بالبصرة ومحمد بن أيوب وابن الجنيد بالرى ومحمد بن إبراهيم البوشنجى وقشمرد ومحمد بن عمرو الحرشى وطائفة بنيسابور وعثمان بن سعيد الدارمى وغيره بهراة ومحمد بن غالب ومحمد بن رمح البزار ومحمد بن سليمان الباغندى وخلقا ببغداد وغيرها روى عنه الدارقطنى والحاكم وابن رزقويه وأبو على بن شاذان والأستاذ أبو إسحاق الإسفراينى وخلق قال الحاكم أخذ عن ابن خزيمة المصنفات وكان يفتى بمذهبه وكان شيخ أهل الحديث له صدقات دارة على أهل الحديث بمكة والعراق وسجستان سمعته يقول تقدم إلى ليلة بمكة ثلاثة فقالوا أخ لك بخراسان قتل أخانا ونحن نقتلك به فقلت اتقوا الله فإن خراسان ليست بمدينة واحدة فلم أزل أداريهم إلى أن اجتمع الخلق وخلوا عنى فهذا سبب انتقالى من مكة إلى بغداد قال الحاكم سمعت الدارقطنى يقول صنفت لدعلج المسند الكبير فكان إذا شك فى حديث ضرب عليه ولم أر فى مشايخنا أثبت منه قال الحاكم اشترى دعلج بمكة دار العباسية بثلاثين ألف دينار قال ويقال لم يكن فى الدنيا من التجار أيسر من دعلج وقال الخطيب بلغنى أنه بعث بالمسند إلى ابن عقدة لينظر فيه وجعل فى الأجزاء بين كل ورقتين دينارا وقال ابن حيويه أدخلنى دعلج داره وأرانى بدرا من الأموال معبأة وقال لى يا أبا عمر خذ من هذا ما شئت فشكرت له وقلت أنا فى كفاية وقال أبو ذر الهروى خلف دعلج ثلاثمائة ألف دينار وقال أبو العلاء الواسطى كان دعلج يقول ليس فى الدنيا مثل دارى لأنه ليس فى الدنيا مثل بغداد ولا ببغداد مثل القطيعة ولا بالقطيعة مثل درب أبى خلف ولا فى الدرب مثل دارى ونقل الخطيب أن رجلا صلى الجمعة فرأى رجلا ناسكا لم يصل فكلمه فقال استر على إن على لدعلج خمسة آلاف درهم فلما رأيته أحدثت فى ثيابى فبلغ دعلجا فطلب الرجل إلى منزله وأبرأه منها ووصله بخمسة آلاف لكونه روعه وقال أحمد بن الحسين الواعظ فيما روى الخطيب بإسناده عنه أودع أبو عبد الله ابن أبى موسى الهاشمى عشرة آلاف دينار ليتيم فأنفقها فلما كبر الصبى أمر السلطان بدفع المال إليه قال ابن أبى موسى فضاقت على الدنيا فبكرت على بلغتى إلى الكرخ فوقفت على باب مسجد دعلج فصليت خلفه الفجر فلما انفتل رحب بى ودخلنا داره فقدم هريسة فأكلنا وقرت فقال أراك منقبضا فأخبرته فقال كل فحاجتك مقضية فلما فرغنا وزن لى عشرة آلاف دينار فقمت أطير فرحا ثم أعطيت الصبى المال وعظم ثناء الناس على فاستدعانى أمير من أولاد الخليفة فقال قد رغبت فى معاملتك وتضمينك أملاكى فضمنت منه فربحت ربحا مفرطا حتى كسبت فى ثلاثة أعوام ثلاثين ألف دينار فحملت إلى دعلج ذهبه فقال ما خرجت والله الدنانير عن يدى ونويت أن آخذ عوضها حل بها الصبيان فقلت أيها الشيخ أى شيء أصل هذا المال حتى تهب لى منه عشرة آلاف دينار فقال نشأت وحفظت القرآن وطلبت الحديث وتاجرت فوافانى تاجر فقال أنت دعلج قلت نعم قال قد رغبت فى تسليم مالى إليك مضاربة وسلم إلى برنامجات بألف ألف درهم وقال لى ابسط يدك فيه ولا تعلم موضعا تنفقه إلا حملت منه إليه ولم يزل يتردد إلى سنة بعد سنة يحمل إلى مثل هذا والمال ينمى فلما كان فى آخر سنة اجتمعنا قال لى أنا كثير الأسفار فى البحر فإن قضى الله على قضاء فهذا المال كله لك على أن تتصدق منه وتبنى المساجد قال دعلج فأنا أفعل مثل هذا وقد ثمر الله المال فى يدى فاكتم على ما عشت توفى دعلج فى جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وله نيف وتسعون سنة الفقيه المقرئ المحدث إمام من الأئمة تفقه على أبى إسحاق المروزى ودرس الأدب على أبى بكر بن الأنبارى وسمع أبى لبيد محمد بن إدريس السامى وأبا القاسم البغوى ويحيى بن صاعد ومؤمل بن الحسن الماسرجسى وغيرهم روى عنه أبو عثمان إسماعيل الصابونى وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيرى وكريمة الكشميهنية المجاورة وخلق وأخذ علم الكلام عن الشيخ أبى الحسن الأشعرى رضى الله عنه قال الحاكم فيه الفقيه المحدث شيخ عصره بخراسان سمعت مناظرته فى مجلس أبى بكر بن إسحاق الصبغى وكان قد قرأ القرآن على أبى بكر بن مجاهد ودخلت سرخس أول ما دخلتها سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة ودخلتها بعد ذلك سبع مرات ما من مرة إلا قصدنى زائرا مع جماعة أصحابه وذكر أنه لم يقدر له سماعه منه من الأحاديث المسندات شيئا قلت وشيخنا الذهبى عد الحاكم فى الرواة عنه فلعله لروايته عنه من غير الأحاديث المسندة قال الحاكم وكانت كتبه ترد علىّ على الدوام أكثر من ثلاثين سنة قال وتوفى يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وهو ابن ست وتسعين سنة صاحب الكافى والمسكت وغيرهما كان إماما حافظا للمذهب عارفا بالأدب خبيرا بالأنساب وكان أعمى وكان يسكن البصرة ووقع فى كلام بعض المصنفين أن اسمه أحمد بن سليمان والصواب ما ذكرناه وهو ما ذكره الشيخ أبو إسحاق والخطيب وابن السمعانى وغيرهم قال الماوردى فى الحاوى فى آخر باب زكاة الحلى قال أبو عبد الله الزبيرى وهو شيخ أصحابنا فى عصره إذا اتخذ الحلى للإجارة وجبت فيه الزكاة قولا واحدا قلت وذلك من الزبيرى مبنى على أصل له وهو أن اتخاذ الحلى للإجارة حرام والأصح جوازه وعدم الزكاة فيه ومراد الماوردى بأصحابنا فيما نظن البصريون لا جميع الأصحاب والماوردى بصرى وكان الزبير عارفا بالقراءات عرض على روح بن قرة ورويس ومحمد ابن يحيى القطعى ولم يختم عليه وحدث بالحديث عن محمد بن سنان القزاز وغيره وروى عنه أبو بكر النقاش وتلا عليه القرآن وعمر بن بشران وعلى بن لؤلؤ ومحمد بن بخيت ومن تصانيف الزبيرى غير الكافى والمسكت كتاب النية وكتاب ستر العورة وكتاب الهداية وكتاب الاستشارة والاستخارة وكتاب رياضة المتعلم وكتاب الإمارة مات سنة سبع عشرة وثلاثمائة
قال فى المسكت فيمن حلف لا يأكل الفاكهة يحنث بالموز عندى لا محالة قال والزعرور عندى من الفاكهة وقال فيمن ادعى عليه دراهم فقال أتزن لم يكن إقرارا وإن قال أتزنها كان إقرارا هكذا فرق أصحابنا العراقيون وعندى أنهما سواء لأنه إذا قال أتزن فقد يريد أتزن من فلان فلا فرق بينه وبين أن يقول أتزنها إلا أن يقول أتزنها منى فإنه عندى إقرار قلت هذا كلامه فى المسكت وقد حكيته فى كتابى التوشيح وذكرت أنه خلاف ما حكاه عنه الرافعى وغيره إذ حكوا عنه أن أتزنها إقرار وصححوا مخالفته وقد صرح هو بموافقتهم فنقل خلاف ذلك عنه مستدرك فقد أريناك كلامه ونقله ما نسب إليه إلى أصحابه وإلى العراقيين ومراده بأصحابه البصريون من أصحابنا ومسألة أتزنها منى حسنة ولم يصرحوا بذكرها وهذا مكان مليح قال الرافعى قال الشافعى رأيت امرأة لم تزل تحيض يوما وليلة وروى مثله عن عطاء وعن أبى عبد الله الزبيرى قلت وفى هذا النقل عن الثلاثة نظر والمحكى فى كتاب المهذب وغيره من كتب الأصحاب عن كل من عطاء والشافعى وأبى عبد الله الزبيرى أنهم رأوا من تحيض يوما لا تزيد عليه وهو ما رواه الأوزاعى رحمه الله إذ قال كانت عندنا امرأة تحيض بالغداة وتطهر بالعشى وقد عاد الرافعى بعد ذلك فنقل الرواية على الصواب عن عطاء والزبيرى فقال فى كلامه على أكثر الحيض عن عطاء رأيت من تحيض يوما ومن تحيض خمسة عشر وعن أبى عبد الله الزبيرى مثل ذلك وهذا يدفع نقله المتقدم وهو الثابت إن شاء الله وقفت للزبيرى على مصنف لطيف فى المكاسب وما يحل منها وما يحرم حكى فى أوله قولا لبعض الناس أن المتكسب حرام وهذه عبارته اختلف الناس فى المكاسب فقال بعضهم المكاسب كلها حلال لما يحتاج إليه الإنسان فى نفسه مما يقتاته لقوته ولما يجمعه من المال وقال آخرون المكاسب كلها محرمة وليس لأحد أن يكتسب ولا يضطرب وإنما يأخذ من الدنيا بلغة تمسك رمقة وتعل نفسه فأما أن يكتسب فليس ذلك له أن يفعل وإذا فعل كان ذلك من ضعف يقينه وقلة ثقته بربه انتهى كذا ساق نسبه الحافظ فى تاريخ الشام وموسى خت والد جده بفتح الخاء المعجمة بعدها تاء مثناه من فوق مشددة روى عن يحيى بن أبى طالب وأبى إسماعيل الترمذى وبشر بن موسى وأبى الزنباع روح بن الفرح وأبى حاتم الرازى والحارث بن أبى أسامة وعبد الله 6 ابن أحمد بن حنبل وأحمد بن أبى خيثمة وأبى جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذى وجماعة آخرين روى عنه عبد الوهاب الكلابى وأبو على ابن درستويه وجمع كثير وكان القاضى أبو يحيى رجلا عالما كبيرا وهو من بيت علم وأبوه وجده توفى بدمشق فى شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثلاثمائة وقيل فى شهر ربيع الآخر وهو القائل إنه يجوز للقاضى أن يزوج من نفسه وفعله لما كان قاضيا بدمشق قال أبو عاصم فى الطبقات قال القاضى أبو سهل الصعلوكى رأيت ابنه منها يكدى بالشام قلت كنت قبل أن أقف على هذه الحكاية التى حكاها أبو عاصم أسمع الشيخ الإمام رحمه الله يقول لا يعجبنى ما فعله أبو يحيى وإن كان اعتقاده لأن الاعتقاد يعذر فيه بحسب الدليل وأما العمل فالاحتياط فيه مطلوب والخروج من الخلاف فى ذلك سهل بأن يفوض إلى نائبه فيزوجه أو غيره من الولاة فلما وقفت عليها أريتها للشيخ الإمام فأعجبته لتأييدها لهذا الذى كان يذكره رحمه الله ما كان أورعه لقد كان وقافا عند كتاب الله صلبا فى احتياطه وتنقيبه عن دينه
قوله لا يجوز أن يرتهن الرجل أباه ولا يستأجره كان من الثقات الأئمة أخذ عن المزنى والربيع وسمع من عبيد الله بن معاذ العنبرى ومحمد بن بشار وهدبة بن خالد وأبى الربيع الزهرانى وطالوت بن عباد وأبى كامل الجحدرى وغيرهم ورحل إلى الكوفة والحجاز ومصر روى عنه الشيخ أبو الحسن الأشعرى قال شيخنا الذهبى وأخذ عنه مذهب أهل الحديث قلت سبحان الله هنا تجعل الأشعرى على مذهب أهل الحديث وفى مكان آخر لولا خشيتك سهام الأشاعرة لصرحت بأنه جهمى وما كان أبو الحسن إلا شيخ السنة وناصر الحديث وقامع المعتزلة والمجسمة وغيرهم وما المجسمة إلا أعداء دين الله وأهل حديث رسول الله وروى عنه أيضا أبو أحمد بن عدى وأبو بكر الإسماعيلى وأبو عمرو بن حمدان ويوسف الميانجى وغيرهم قال شيخنا الذهبى كان من الثقات الأئمة له كتاب جليل فى العلل يدل على تبحره وإمامته قلت وله كتاب اختلاف الفقهاء وكتاب اختلاف الحديث وأظنه الذى سماه الذهبى بالعلل توفى سنة سبع وثلاثمائة وله مصنف فى الفقه والخلافيات سماه أصول الفقه استوعب فيه أبواب الفقه وذكر أنه اختصره من كتابه الكبير فى الخلافيات وهو عندى فى مجلد ضخم وفى خطبته يقول بعد أن عدد العلماء الذين ذكر اختلافهم وهم الشافعى ومالك وأبو حنيفة وابن أبى ليلى وعبيد الله بن الحسن العنبرى وأبو يوسف وزفر وابن شبرمة وأحمد وإسحاق والثورى وربيعة وابن أبى الزناد ويحيى بن سعيد وأبو عبيد وأبو ثور قال أبو يحيى وإنما بدات فى كتابى بالشافعى وإن كان بعضهم أسن منه لقوله ( قدموا قريشا ولا تقدموها وتعلموا من قريش ولا تعالموها ) ولم أر أحدا فيهم أتبع لحديث رسول الله ولا آخذ به من الشافعى قال وسمعت بدر بن مجاهد يقول سمعت أحمد بن الليث يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول إنى لأدعو الله للشافعى فى صلاتى منذ أربعين سنة يقول اللهم اغفر لى ولوالدى ولمحمد بن إدريس الشافعى قال وسمعت أحمد بن مدرك الرازى يقول سمعت حرملة بن يحيى يقول سمعت الشافعى يقول ما حلفت بالله صادقا ولا كاذبا قال وسمعت الربيع يقول سمعت الشافعى يقول وددت أن هذا الخلق تعلموا العلم على ألا ينسب إلى منه حرف وذكر أبو يحيى فى هذا الكتاب ما يروى من قول الشافعى إذا اجتمع خسوف وعيد وقال يعنى الشافعي بالخسوف الزلزلة قال وذكر الخسوف خطأ من الكاتب قلت تفسيره الخسوف بالزلزلة حسن لو كان للزلزلة صلاة لكن لا صلاة لها رئيس نسا كان من أعيان تلامذة الشيخ أبى على بن أبى هريرة تفقه عليه ببغداد وسمع الحديث بخراسان من أبى حامد بن الشرقى وغيره روى عنه الحاكم وغيره توفى سنة خمس وسبعين وثلاثمائة صاحب جمع الجوامع فى نصوص الشافعى هو إمام أواخر الطبقة الثالثة أو أوائل الرابعة لأنه سمع من أبى العباس الأصم وهو رجل زوزنى من جلة أصحابنا ذكره العبادى وعندى من أول كتاب جمع الجوامع إلى أثناء باب التفليس فى مجلد ضخم كان ملكا للشيخ تقى الدين بن الصلاح وهو من الأصول القديمة قد كتب منه ناصر العمرى المروزى نسخة وعارضها بهذه النسخة والعفريس فيما كنا نلفظ به بكسر العين المهملة بعدها فاء ساكنة ثم راء مكسورة ثم آخر الحروف ساكنة ثم سين مهملة لكنى رأيتها مضبوطة فى هذه النسخة التى أشرت إليها بفتح العين والفاء وإسكان الراء بعدها نون ساكنة ثم سين مهملة والله أعلم أى الأمرين صواب وقد جمع أبو سهل فى هذا الكتاب فأوعى استوعب فيه على ما ذكر القديم والمبسوط والأمالى ورواية البويطى وحرملة وابن أبي الجارود ورواية المزنى فى الجامع الكبير والمختصر ورواية أبى ثور ثم إذا فرغ من باب عقد بعده بابا لما فرعه ابن سريج وغيره من الأصحاب فصار الكتاب بذلك أصلا من أصول المذهب وما أظن البيهقى وقف عليه فإنه لم يذكره فى رسالته إلى الشيخ أبى محمد ومع ذلك أستبعد عدم وقوفه عليه وقد وقف عليه أبو عاصم العبادى ونقل عنه من أهل همذان من قدماء أصحابنا ولى القضاء وروى عن أبيه وعبد الرحمن بن حمدان الحلاب والقاسم ابن أبى صالح وإسماعيل الصفار وأبى سعيد بن الأعرابى وأبى عمرو ابن السماك وخلق روى عنه حمد الزجاج وحمد بن سهل ومحمد بن جعفر بن بويه الأسداباذى وغيرهم قال شيرويه كان ثقة صدوقا مرضيا فى حكمه وقال صالح الحافظ رأيت فى المنام كأن الدنيا كلها ظلمة إلا حيث كان القاضى شعيب بن على واقفا فقلت له يا أبا نصر النور يا أبا نصر النور يا أبا نصر النور مات القاضى شعيب بأسداباذ فى ذى القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وحمل إلى همذان ذكره العبادى وقال نقل عن القاسم بن الربيع عن الربيع عن الشافعى أنه قال من حلف باسم الله فعليه الكفارة لأن اسم الله غير مخلوق ومن حلف بالكعبة فلا كفارة عليه لأنها مخلوقة سمع بخراسان أبا نعيم عبد الملك بن عدى ومحمد بن حمدون وأبا حامد ابن الشرقى ومكى بن عبدان وبالعراق أبا بكر الأنبارى وأبا عبد الله المحاملى وروى الكثير بنيسابور روى عنه الحاكم أبو عبد الله وأبو عثمان سعيد البحيرى وغيرهما مولده سنة تسع أو عشر وثلاثمائة بخط شيخنا الذهبى سنة تسع وفى نسختى من تاريخ الحاكم سنة عشر وتوفى فى صفر سنة ست وتسعين وثلاثمائة ببيهق نزيل نيسابور قال الحاكم كان أظرف من رأينا من العراقيين وأفتاهم وأحسنهم كتابة وأكثرهم فائدة سمعت أبا عبد الله ابن أبى ذهل يقول ما رأيت من البغداديين أكثر فائدة من أبى عبد الله سمع أبا حامد الحضرمى وأبا بكر أحمد بن القاسم الفرائضى وأقرانهما توفى بنيسابور يوم الخميس التاسع من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة وروى عنه الحاكم وهذا كلامه قال ابن الصلاح وهو فيما أحسب أبو الأستاذ أبى منصور البغدادى عبد القاهر بن طاهر قلت ما أوردناه من نسب هذا هو ما أورده الحاكم وقد أسقط ابن الصلاح اسم أبى هذا فقال طاهر بن عبد الله وذكره بعد القاضى فكتب شيخنا المزى يقدم فأما كتابته إياه بعد القاضى فصواب لأن القاضى طاهر بن عبد الله وهذا طاهر بن محمد والعين مقدمة على الميم والمزى توهمه كما أورد ابن الصلاح طاهر ابن عبد الله فكتب يقدم وهو صحيح لو كان الأمر كما توهمه لأن جده إبراهيم حينئذ وجد القاضى طاهر والألف قبل الطاء والذى أراه أن ابن الصلاح لم يقصد هذا بل أراد أن يكتب طاهر بن محمد فأسقط اسم محمد نسيانا ويدل عليه ذكره إياه بعد القاضى والله أعلم روى عن هلال بن العلاء وعباس الدورى وخلائق روى عنه أبو زرعة أحمد بن الحسين وجماعة وتكلم فيه وقال الخطيب لم يكن بثقة وقال غيره قدم همذان سنة خمس وعشرين وثلاثمائة حدث ببغداد سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة وكان قد سمع من الحسن بن سفيان مسنده وبه ختمت الرواية عن الحسن وسمع مسند ابن راهويه من عبد الله بن شيرويه عنه وسمع بالعراق من محمد ابن محمد الباغندى وطبقته روى عنه أحمد بن جعفر الختلى وأبو القاسم عبد الله بن الثلاج والحاكم وغيرهم قال الخطيب قال الحاكم توفى فى شوال سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة بنسا قال شيخنا الذهبى عندى فى تاريخ الحاكم أنه سنة أربع وثمانين قلت نسخة الذهبى من تاريخ الحاكم هى التى عنيت وهى سقيمة والنسخ من تاريخ الخطيب معتمدة فالاعتماد عليها أولى قال الحاكم كان شيخ العدالة والعلم بنسا وعاش نيفا وتسعين سنة أنشد له الدارقطنى قصيدة من قيله يمدح بها الشافعى وأصحابه أورد منها ابن الصلاح جملة من أهل نيسابور وكان والده من أعيان التجار من الأصبهانيين نزل نيسابور وأبو محمد ولد بنيسابور وتفقه عند أبى الحسن البيهقى ثم خرج إلى أبى على بن أبى هريرة وتعلم الكلام من أبى على الثقفى وأعيان الشيوخ وسمع بنيسابور أبا حامد بن الشرقى ومكى بن عبدان وأقرانهما روى عنه الحاكم وغيره توفى فى جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة وأشهر صلى عليه الفقيه أبو بكر بن فورك ولى قضاء ميافارقين ثم قضاء حلب وأنطاكية وكان عفيفا نزها سمع أباه وأبا بكر بن زياد النيسابورى وغيرهما مات سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ولد بسجستان سنة ثلاثين ومائتين وسمع ببغداد ونيسابور والحرمين ومصر والشام والثغور والعراق سمع أحمد بن صالح المصرى وعيسى بن حماد وأبا الطاهر بن السرح وإسحاق الكوسج ومحمد بن أسلم وعلى بن خشرم وسلمة بن شبيب ومحمد بن يحيى الزمانى والمسيب بن واضح وأبا سعيد الأشج وغيرهم روى عنه عبد الرحمن بن أبى حاتم وأبو بكر بن مجاهد ودعلج ومحمد بن المظفر والدارقطنى وأبو عمر بن حيويه وأبو حفص بن شاهين وأبو بكر الوراق وأبو الحسين بن سمعون وأبو أحمد الحاكم وأبو طاهر المخلص وعيسى بن الجراح ومحمد بن زنبور وأبو مسلم الكاتب وخلق وقال رأيت جنازة إسحاق بن راهويه سنة ثمان وثلاثين ومائتين وأول ما سمعت من محمد بن أسلم الطوسى فى سنة إحدى وأربعين وكان بطوس وكان رجلا صالحا فسر أبى لما كتبت عنه وقال أول ما كتبت عن رجل صالح وقال دخلت الكوفة ومعى درهم واحد فاشتريت به ثلاثين مد باقلا فكنت آكل منه مدا وأكتب عن الأشج ألف حديث فكتبت عنه فى الشهر ثلاثين ألف حديث ما بين مقطوع ومرسل وروى الخطيب عن أبى القاسم الأزهرى عن ابن شاذان قال قدم ابن أبى داود سجستان فسألوه أن يحدثهم فقال ما معى أصل فقالوا ابن أبى داود وأصول قال فأثارونى فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظى فلما قدمت بغداد قال البغداديون مضى ابن أبى داود إلى سجستان ولعب بالناس ثم فيجوا فيجا اكتروه بستة دنانير إلى سجستان ليكتب لهم النسخة فكتبت وجئ بها وعرضت على الحفاظ فخطأونى فى ستة أحاديث منها ثلاثة حدثت بها كما حدثت وثلاثة أخطأت فيها فى هذه الحكاية أن الإملاء كان بسجستان وقيل إن الصواب أنه كان بأصبهان وكذا رواه أبو على النيسابورى وغيره هو ابن الخليفة الناصر أبى المطرف صاحب الأندلس كان فقيها شافعيا أديبا متنسكا شهما سمت نفسه إلى طلب الخلافة فى حياة أبيه وتابعه قوم وأخفوا أمرهم وبيتوا على اغتيال والده وأخيه المستنصر ولى عهد أبيه فبلغ أباه الخبر فما لبث أن سجنه وسجن من اطلع على أمره من متابعيه ثم أخرجه أخرجهم يوم عيد الأضحى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة من الحبس وأحضره وأحضرهم بين يديه وقال لخواصه هذه أضحيتى فى هذا العيد ثم أضجع له ولده وذبحه بيده وقال لأتباعه ليذبح كل أضحيته فاقتسموا أصحاب ولده عبد الله وذبحوهم عن آخرهم قال حمزة السهمى كان فقيها درس على أبى إسحاق المروزى وكان قاضى جرجان روى عن أبيه وعن محمد بن هارون الحضرمى والبغوى وابن صاعد وغيرهم توفى ليلة الأحد لست بقين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وثلاثمائة وصلى عليه أبو بكر الإسماعيلى وكان ابن ثمان وتسعين سنة مولى آل عثمان رضى الله عنه ولد سنة ثمان وثلاثين ومائتين سمع محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف وعبد الله بن هاشم وأحمد بن الأزهر ببلده ويونس والربيع وأبا إبراهيم المزنى وأبا زرعة الرازى والعباس بن الوليد البيروتى والحسن بن محمد الزعفرانى وعلى بن حرب ومحمد بن عوف وآخرين روى عنه ابن عقدة وأبو على النيسابورى وحمزة الكنانى والدارقطنى وابن المظفر وأبو إسحاق بن حمزة الأصبهانى وأبو عمر بن حيويه وأبو حفص الكتانى وابن شاهين والمخلص وعبيد الله بن أحمد الصيدلانى وإبراهيم ابن خرشيد قوله وآخرون قال الحاكم كان إمام عصره من الشافعية بالعراق ومن أحفظ الناس للفقهيات واختلاف الصحابة وقال الدارقطنى ما رأيت أحفظ منه وكان يعرف زيادات الألفاظ فى المتون ولما قعد للتحديث قالوا حدث قال بل سلوا فسئل عن أحاديث أجاب فيها وأملاها وكان حدثنا عن يوسف بن مسلم عن حجاج عن ابن جريج عن أبى الزبير عن جابر عن النبى ( لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ) ثم قال صوابه عن أبى الزبير عن طاوس مرسلا وكان يقال إن أبا بكر النيسابورى أقام أربعين سنة لا ينام الليل ويتقوت كل يوم بخمس حبات ويصلى صلاة الغداة على طهارة العشاء الأخير توفى فى رابع ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاثمائة
أخبرنا شيخنا أبو عبد الله الحافظ إذنا خاصا أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح بن عبد الله أخبرنا هبة الله بن الحسين أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا عيسى ابن على حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد النيسابورى إملاء حدثنا محمد بن يحيى حدثنا محمد بن عبيد حدثني الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة أن رسول الله نهى أن يمشى الرجل فى نعل واحدة
قال فى حديث أسيد بن ظهير وقيل أسيد بن حضير عن النبى أنه قضى إذا وجدت السرقة عند الرجل غير المتهم فإن شاء سيدها أخذها بالثمن وإن شاء اتبع صاحبها ما أعلم أحدا من الفقهاء قال بهذا الحديث إلا إسحاق بن راهويه قيل لأحمد ابن حنبل تذهب إليه قال لا قد اختلفوا فيه وأذهب إلى حديث الحسن عن سمرة عن النبى قال ( من وجد ماله عند رجل فهو أحق به ) قال الشيخ الإمام الوالد رحمه الله فى آخر باب الغصب حديث أسيد رواه النسائى وأبو داود فى المراسيل وفيه أنه قضى به أبو بكر وعمر قلت وكذلك رواه أبو القاسم الطبرانى فى معجمه الكبير فقال حدثنا على بن عبد العزيز حدثنا هوذة بن خليفة حدثنا ابن جريج عن عكرمة بن خالد أن أسيد بن حضير بن سماك حدثه قال كتب معاوية إلى مروان ابن الحكم إذا سرق الرجل فوجد سرقته فهو أحق بها إذا وجدها فكتب إلى مروان بذلك وأنا عامله على اليمامة فكتبت إلى مروان أن رسول الله قضى أن السرقة إذا وجدت عند الرجل غير المتهم فإن شاء سيدها أخذها بالثمن وإن شاء اتبع سارقه ثم قضى بذلك أبو بكر وعمر وعثمان فبعث مروان بكتابى إلى معاوية فبعث معاوية إلى مروان إنك لست ولا أسيد تقضيان على فيما وليت ولكنى أقضى عليكما فأنفذ ما أمرتك به فبعث مروان بكتاب معاوية إلى فقلت والله لا أقضى به أبدا وفى لفظ النسائى أيضا أنه قضى به أبو بكر وعمر وهذا لفظ النسائى أخبرنى هارون بن عبد الله حدثنا حماد بن مسعدة عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد حدثنى أسيد بن حضير بن سماك أن رسول الله قضى أنه إذا وجدها فى يد الرجل غير المتهم فإن شاء أخذها بما اشتراها وإن شاء اتبع سارقه وقضى بذلك أبو بكر وعمر أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا سعيد بن ذويب قال حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج ولقد أخبرنى عكرمة بن خاد أن أسيد بن حضير الأنصارى ثم أحد بنى حارثة أخبره أنه كان عاملا على اليمامة وأن مروان كتب إليه أن معاوية كتب إليه أن أيما رجل سرق منه سرقة فهو أحق بها حيث وجدها ثم كتب بذلك مروان إلى فكتبت إلى مروان أن رسول الله قضى بأنه إذا كان الذى ابتاعها من الذى سرقها غير متهم يخير سيدها فإن شاء أخذ الذى سرق منه بثمنها وإن شاء اتبع سارقها ثم قضى بذلك أبو بكر وعمر وعثمان فبعث مروان بكتابى إلى معاوية وكتب معاوية إلى مروان إنك لست أنت ولا أسيد تقضيان على ولكنى أقضى فيما وليت عليكما فأنفذ لما أمرتك به فبعث مروان بكتاب معاوية فقلت لا أقضى به ما وليت بما قال معاوية رواه أبو داود فى المراسيل بنحو هذا المعنى نزيل مصر سمع أحمد بن على بن سعيد المروزى وعبد الرحمن بن القاسم بن الرواس وعلي بن غالب السكسكى ومحمد بن إسحاق بن راهويه وعبد الله ابن محمد بن على البلخى الحافظ وجنيد بن خلف السمرقندى لقى هؤلاء الثلاثة فى الحج وانتقى عليه أبو الحسن الدارقطنى وحدث عنه الحفاظ عبد الغنى وابن مندة وأحمد بن محمد بن أبى العوام وآخرون توفى فى رجب سنة خمس وستين وثلاثمائة صاحب كتاب الكامل فى معرفة الضعفاء وأحد الجهابذة الذين طافوا البلاد وهجروا الوساد وواصلوا السهاد وقطعوا المعتاد طالبين للعلم لا يعترى همتهم قصور ولا يثنى عزمهم عوارض الأمور ولا يدع سيرهم في ليالى الرحلة مدلهم الديجور وكتابه الكامل طابق اسمه معناه ووافق لفظه فحواه من عينه انتجع المنتجعون وبشهادته حكم المحكمون وإلى ما يقول رجع المتقدمون والمتأخرون وكان ابن عبدى يعرف فى بلدة بابن القطان رحل إلى الشام ومصر رحلتين أولهما سنة سبع وتسعين ومائتين سمع عبد الرحمن بن القاسم الرواس وأبا عقيل أنس بن السلم وأبا خليفة والحسن ابن سفيان وبهلول بن إسحاق الأنبارى وأبا عبد الرحمن النسائى ومحمد بن يحيى المروزى وعبدان وأبا يعلى وأبا عروبة وزكريا الساجى والباغندى وأمما سواهم روى عنه أبو العباس ابن عقدة وهو من أشياخه وأبو سعد المالينى والحسن ابن رامين وحمزة السهمى وآخرون ولد سنة سبع وسبعين ومائتين وكتب الحديث ببلده سنة تسعين قال حمزة السهمى سألت الدارقطنى أن يصنف كتابا فى الضعفاء فقال أليس عندك كتاب ابن عدى قلت نعم قال فيه كفاية لا يزاد عليه قلت ذكر ابن عدى فى الكامل كل من تكلم فيه ولو من رجال الصحيح وذكر فى كل ترجمة حديثا فأكثر من غرائب ذاك الرجل ومناكيره وألف على مختصر المزنى كتابا سماه الانتصار لوددت لو وقفت عليه وقال حمزة كان حافظا متقنا لم يكن فى زمانه مثله تفرد بأحاديث وهب منها لابنيه عدى وأبى زرعة وتفردا بها وقال الحافظ ابن عساكر كان ثقة على لحن فيه وقال شيخنا الذهبى كان لا يعرف العربية مع عجمة فيه وأما فى العلل والرجال فحافظ لا يجارى توفى فى جمادى الآخرة سنة خمس وستين وثلاثمائة وصلى عليه أبو بكر الإسماعيلى نسبه إلى باف بالباء والفاء الموحدتين قرية من قرى خوارزم كان من أفقه أهل زمانه مع المعرفة بالنحو والأدب فصيح اللسان بليغ الكلام حسن المحاضرة حلو العبارة حاضر البديهة يقول الشعر الحسن من غير كلفة ويكتب الرسائل المطولة بلا روية تفقه على أبى على بن أبى هريرة وأبى إسحاق المروزى أخذ عنه القاضى أبو الطيب والماوردى وطوائف مات فى المحرم سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة
أخبرنا المسند تاج الدين عبد الرحيم بن أبى اليسر بإسناده إلى القاضى أبى بكر محمد بن عبد الباقى الأنصارى حدثنا أبو بكر أحمد بن على لفظا حدثنا القاضى أبو الحسن على بن محمد بن حبيب الشافعى البصرى قال أنشدنا أبو محمد البافى قول الشاعر دخلنا كارهين لها فلما ** ألفناها خرجنا مكرهينا فقال يوشك أن يكون هذا فى بغداد وأنشد لنفسه فى معنى ذلك البيت وضمنه البيت على بغداد معدن كل طيب ** ومأوى نزهة المتنزهينا سلام كلما جرحت بلحظ ** عيون المشتهين المشتهينا دخلنا كارهين لها فلما ** ألفناها خرجنا مكرهينا وما حب الديار بنا ولكن ** أمر العيش فرقة من هوينا قلت الثالث مضمن كما رأيت والرابع مشترك من قول الشاعر أمر على الديار ديار ليلى ** أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبى ** ولكن حب من سكن الديارا وحكى من حضر مجلسه أنه جاءه غلام حدث وبيده رقعة دفعها إليه فقرأها متبسما وأجاب عنها وكان فيها عاشق خاطر حتى استلب ** المعشوق قبله أفتنا لا زلت تفتى ** هل يبيح الشرع قتله فأجاب أيها السائل عما ** لا يبيح الشرع فعله قبلة العاشق للمعشوق ** لا توجب قتله قلت ما أحسن قوله لا يبيح الشرع فعله فإنه نبه به على تحريم الفعل خوفا من أن يظن المستفتى إباحته بانتفاء وجوب القتل ومن شعره عجبت من معجب بصورته ** وكان بالأمس نطفة مذرة وفى غد بعد حسن هيئته ** يصير فى القبر جيفة قذره وهو على عجبه ونخوته ** ما بين يوميه يحمل العذرة قلت ولعله أخذه مما أخبرنا به أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز بقراءتى عليه أخبرنا الشيخان إسماعيل بن أبى عبد الله بن حماد بن العسقلانى وإبراهيم بن حمد بن كامل بن عمر المقدسى قراءة عليهما وأنا أسمع قالا أخبرنا أبو محمد بن منينا وعبد الوهاب بن على بن على بن سكينة إذنا قالا أخبرنا القاضى أبو بكر محمد بن عبد الباقى بن محمد الأنصارى أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن على الخطيب ببغداد أخبرنا على بن المظفر الأصبهانى المقرئ حدثنا حبيب بن الحسن حدثنا أحمد بن محمد الشطوى حدثنا حسين بن جعفر بن سليمان الصبغى سمعت أبى جعفر بن سليمان يقول مر والي البصرة بمالك بن دينار يرفل فصاح به مالك أقل من مشيتك هذه فهم خدمه به فقال دعوه ما أراك تعرفنى فقال له مالك ومن أعرف بك منى أما أولك فنطفة مذرة وأما آخرك فجيفة قذرة ثم أنت بين ذلك تحمل العذرة فنكس الوالى رأسه ومشى قال الخطيب أبو بكر الحافظ فى كتاب له مصنف فى القول فى النجوم أخبرنا القاضى أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبرى قال قيل لأبى محمد البافى إن منجما لقى رجلا فقال له كيف أصبحت فقال أصبحت أرجوا الله تعالى وأخافه وأصبحت أنت ترجو المشترى وتخاف زحل فنظمه البافى شعرا وأنشدناه أصبحت لا أرجو ولا أخشى سوى الجبار ** فى الدنيا ويوم المحشر وأراك تخشى ما تقدر أنه ** يأتى به زحل وترجو المشترى شتان ما بينى وبينك فالتزم ** طرق النجاة وخل طرق المنكر قال الخطيب وأخبرنى عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموى قال أنشدنى أبو زرعة روح بن محمد القاضى قال أنشدنا عبد الله بن محمد البافى لنفسه وكنت إن بكرت فى حاجة ** أطالع التقويم والزيجا فأصبح الزيج كتصحيفه ** وأصبح التقويم تعويجا المذكور فى الرافعى فى أوائل كتاب موجبات الضمان هو عبد الله بن محمد بن جعفر القزوينى أبو القاسم القاضى ولى نيابة الحكم بدمشق ثم ولى قضاء الرملة ثم سكن مصر وحدث عن يونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان المرادى ومحمد بن عوف الجمحى وجماعة روى عنه عبد الله بن السقا الحافظ وأبو بكر بن المقرئ وابن عدى ويوسف الميانجى ومحمد بن المظفر وآخرون قال ابن يونس كان محمودا فيما يتولى وكانت له حلقة للإشغال بمصر وللرواية وكان يظهر عبادة وورعا وكان قد ثقل سمعه شديدا وكان يفهم الحديث ويحفظ ويجتمع فى داره الحفاظ ويملى عليهم ويجتمع فى مجلسه جمع عظيم وقال ابن المقرئ رأيتهم يضعفونه وينكرون عليه أشياء قلت وضعفه الدارقطنى وقال كذاب ألف سنن الشافعى وفيها نحو مائتى حديث لم يحدث بها الشافعى ونال منه أيضا ابن يونس وقال خلط فى آخر عمره ووضع الأحاديث على متون فافتضح وأحرقت كتبه فى وجهه وأسند الحافظ ابن عساكر عن أبى سليمان بن زبر أنه توفى سنة خمس عشرة وثلاثمائة
نص الشافعى على أنه إذا فات رجلا مع الإمام ركعتان من رباعية قضاهما بأم القرآن وسورة كما فاته وإن كانت مغربا وفاتته منها ركعة قضاها بأم القرآن وسورة والمزنى حكى هذا النص فى المختصر واعترضه بما حاصله أن ما يدركه المأموم مع الإمام أول صلاته وما يقضيه آخرها والسورة لا تقرا فى الركعتين الأخيرتين وأطال فى ذلك فى المختصر وقال قد جعلها آخرة أولى وهذا متناقض وقد أجاب عبد الله القزوينى عن ذلك بأن ذلك ليس بتناقض ولا يبنى على القول بقراءة السورة فى الركعتين الآخرتين بل لأن السورة لما فاتته فى الأوليين أمر استحبابا بإعادتها فى الآخرتين قال القزوينى وقد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعى قال وإن فاتته ركعتان من الظهر وأدرك الركعتين الأخيرتين صلاهما مع الإمام فقرأ بأم القرآن وسورة إن أمكنه وإن لم يمكنه قرأ ما أمكنه فإذا قام قضى ركعتين فقرأ فى كل واحدة منهما بأم القرآن وسورة فيأتى بما فاته كما فاته ولو اقتصر على أم القرآن أجزأه ولو فاتته ركعة من المغرب فصلى ركعتين قضى ركعة بأم القرآن وسورة ولم يجهر وما أدرك مع الإمام أول صلاة نفسه لا يجوز لأحد عندى أن يقول خلاف هذا انتهى وفى هذا النص الذى نقله القزوينى فائدتان إحداهما أن الشافعى لم يقل ذلك بناء على قول قراءة السورة فى الركعتين الأخيرتين بل على كل قول وهذا هو الصحيح فإن الأصحاب لما ذكروا اعتراض المزنى هذا أجاب بعضهم بأن الشافعى قال هذا بناء على القول الذاهب إلى أن السورة تقرأ فى الركعتين الأخيرتين وليس هذا بشيء وأجاب المحققون بهذا الجواب الذى قاله القزوينى فقالوا ومقدمهم أبو إسحاق المروزى كل سنة تفوت الرجل فى صلاته وأمكنه تلافيها من غير أن يوقع خللا بترك سنة فيها فعليه تداركها نص الشافعى على أنه لو ترك التعوذ فى الركعة الأولى يقضيه فى الثانية ونص فى الكبير على أن السنة أن يقرأ سورة الجمعة فى الركعة الأولى من صلاة الجمعة فإن فاتته قرأها فى الثانية مع المنافقين قال القاضى الحسين وهذا بخلاف ما لو ترك الرمل فى الأشواط الثلاثة لا يقضيه فى الأربعة لأنه لا يمكن قضاؤه إلا بترك سنة أخرى وهى المشى فى الأربعة قلت فخرج من هذا فى أن القول الذى عليه تفرع عدم استحباب السورة فى الركعتين الأخيرتين لا استحباب عدمها وبهذا يتوجه أن من لم يقرأها فى الأوليين أعادها بخلاف ما لو قلنا يستحب عدمها فى الركعتين الأخيرتين فإنه كان يلزم ألا يستحب قضاؤها لئلا يتعارض شيئان كالأشواط وكما أنه لا يجهر لئلا تتعارض سنة الإسرار فى الآخرتين مع الجهر فى الأوليين والفائدة الثانية أن المأموم المسبوق إذا أمكنه أن يقرأ السورة فيما أدركه مع الإمام قرأها واقتصر النووى فى شرح المهذب على نقل هذا عن تبصرة الشيخ أبى محمد وقد نقله القزوينى أيضا كما رأيت من فقهاء نيسابور روى عن أبى حامد بن الشرقى ومحمد بن عمر بن حفص وأبى العباس الأصم وأبى بكر القطان وأبى حامد بن بلال وغيرهم روى عنه الحاكم وعمر بن أحمد النيسابورى الجورى وأحمد بن منصور المغربى ومحمد بن طلحة شيخ الخطيب وغيرهم قال الحاكم كان من الصالحين العباد التاركين لما لا يعنى قراء القرآن المكثرين من سماع الحديث توفى فى ربيع الأول سنة سبع وتسعين وثلاثمائة بنيسابور وصلى عليه الإمام أبو الطيب الصعلوكى نزيل مصر روى عن أبى شعيب الحرانى وغيره روى عنه أبو محمد بن النحاس قال ابن يونس كان ثقة له حلقة بجامع مصر للعلم كتب الكثير عن أهل بلده وغيرهم مات سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة الإمام ابن الإمام حافظ الرى وابن حافظها كان بحرا فى العلم وله المصنفات المشهورة رحل مع أبيه صغيرا وبنفسه كبيرا وسمع أباه وابن وارة وأبا زرعة والحسن بن عرفة وأحمد بن سنان القطان وأبا سعيد الأشج ويونس بن عبد الأعلى وخلائق بالحجاز والشام ومصر والعراق والجبال والجزيرة روى عنه الحسين بن على حسينك التميمى وأبو الشيخ وعلى بن عبد العزيز ابن مردك وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن أسد الفقيه وأبو على حمد بن عبد الله الأصبهانى وإبراهيم بن محمد النصراباذى وعلى بن محمد القصار وآخرون قال أبو يعلى الخليلى أخذ علم أبيه وأبى زرعة وكان بحرا فى العلوم ومعرفة الرجال صنف فى الفقه واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار قال وكان زاهدا يعد من الأبدال قلت من مصنفاته تفسير فى أربع مجلدات عامته آثار مسندة وكتاب الجرح والتعديل المشهور فى عدة مجلدات وكتاب الرد على الجهمية وكتاب العلل وكتاب مناقب الشافعى قال يحيى بن مندة صنف ابن أبى حاتم المسند فى ألف جزء وكتاب الزهد وكتاب الكنى والفوائد الكبير وفوائد الرازيين وكتاب تقدمة الجرح والتعديل وأشياء وقال أبو الحسن على بن إبراهيم الرازى الخطيب المجاور بمكة وله مصنف فى ترجمة ابن أبى حاتم سمعت على بن الحسن المصرى ونحن فى جنازة ابن أبى حاتم يقول قلنسوة عبد الرحمن من السماء وما هو بعجب رجل من ثمانين سنة على وتيرة واحدة لم ينحرف عن الطريق قال وسمعت العباس بن أحمد يقول بلغنى أن أبا حاتم قال ومن يقوى على عبادة عبد الرحمن لا أعرف لعبد الرحمن ذنبا وقال وسمعت ابن أبى حاتم يقول لم يدعنى أبى أشتغل فى الحديث حتى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان الرازى ثم كتبت الحديث قال أبو الحسن وكان عبد الرحمن قد كساه الله بهاء ونورا يسر به من نظر إليه قال وسمعت أبا عبد الله القزوينى الواعظ يقول إذا صليت مع عبد الرحمن فسلم نفسك إليه يعمل بها ما يشاء وقال عمر بن إبراهيم الزاهد الهروى حدثنا الحسين بن أحمد الصفار قال سمعت عبد الرحمن بن أبى حاتم يقول وقع عندنا الغلاء فأنفذ بعض أصدقائى حبوبا من أصبهان فبعته بعشرين ألف درهم وسألنى أن أشترى له دارا عندنا فإذا نزل علينا نزل فيها فأنفقتها على الفقراء وكتب إلى ما فعلت قلت اشتريت لك بها قصرا فى الجنة قال رضيت إن ضمنت ذلك لى فتكتب على نفسك صكا ففعلت قال فأريت فى المنام قد وفينا بما ضمنت ولا تعد لمثل هذا وقال أبو الربيع محمد بن الفضل البلخى سمعت أبا بكر محمد بن مهرويه الرازى سمعت على بن الحسين بن الجنيد سمعت يحيى بن معين يقول إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم فى الجنة من مائتى سنة قال ابن مهرويه فدخلت على ابن أبى حاتم وهو يقرأ على الناس كتاب الجرح والتعديل فحدثته بهذا فبكى وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب وجعل يستعيدنى الحكاية ويبكى مات ابن أبى حاتم وهو فى عشر التسعين فى المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة
روى فى كتاب مناقب الشافعى عن الربيع أن الشافعى قال ما شبعت منذ ست عشرة أو سبع عشرة سنة إلا شبعة طرحتها وروى أن البويطى قال قال الشافعى رضى الله عنه لا نعلم أحدا أعطى طاعة الله حتى لم يخلطها بمعصيته إلا يحيى بن زكريا ولا عصى الله فلم يخلط بطاعته فإذا كان الأغلب الطاعة فهو العدل وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجروح قلت كذا وقع مطلقا فى روايات عن الشافعى ومقيدا فى رواية أخرى بعدم اقتراف الكبيرة فيكون المراد هنا بالمعصية الصغيرة وإلا فصاحب الكبيرة الواحدة مجروح وإن كان الغالب عليه الطاعة هذا مذهب الشافعى الذى تطابقت عليه كتب أصحابه لا أقول إنهم نصوا على ذلك نصا بل أطلقوا أن ذا الكبيرة مجروح وهو أعم من أن يغلب عليه الطاعة أو لا يغلب نعم يحكى عن شيخ الإسلام وسيد المتأخرين تقى الدين ابن دقيق العيد أنه كان يميل فى هذا الزمان إلى نحو من هذا إذا حصلت الثقة بقول الشاهد فرب من لا يقدم على شهادة الزور وإن كان متلبسا بكبيرة أخرى قال القاضى أبو الطيب الطبرى وجدت فيما جمعه عبد الرحمن بن أبى حاتم من مناقب الشافعى يقول يونس بن عبد الأعلى سمعت الشافعى يقول فى الرجل يكون فى الصلاة فيعطس رجل لا بأس أن يقول له المصلى يرحمك الله قلت له ولم قال لأنه دعاء وقد دعا النبى لقوم فى الصلاة ودعا على آخرين وهذه رواية صحيحة فوجب أن يكون أولى مما قاله أصحابنا يعنى من أنه تبطل الصلاة قلت وقد وقفت على النص فى كتاب ابن أبى حاتم وقدمناه فى ترجمة يونس قال صاحب البحر وأنا رأيت عن الإمام أبى عبد الله الحناطى حكى عن البويطى عن الشافعى هكذا قال وهذا هو +الصحيح+ عندى إذا كان قصده الدعاء لا الخطاب قال والأول أشبه بالسنة انتهى قال وإذا عطس المصلى يحمد الله إلا أن الخطابى قال مذهب الشافعى أنه يستحب أن يقول ذلك فى نفسه قال صاحب البحر وهذا +غريب+ من أهل نيسابور وكان من أعيان أصحاب أبى الوليد النيسابورى والقدماء منهم وعقد له أبو الوليد التدريس فى حياته قال أبو إسحاق المزكى قلت لأبى الوليد سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة يخرج معنا السنة جماعة من الفقهاء من أصحابك وإن وقعت مسألة فى الدين إلى من أرجع منهم فقال إلى أبى الفضل بن بخار سمع بنيسابور أبا حامد وأبا محمد ابنى الشرقى ومكى بن عبدان وبسرخس أبا العباس الدغولى وببغداد إسماعيل بن محمد الصفار وبمكة أبا سعيد بن الأعرابى وغيرهم روى عنه الحاكم أبو عبد الله وقال اعتل أبو الفضل ابن بخار قبل موته بسنتين علة من الرطوبة فعمى وصم وزال عقله وبقى على ذلك قريبا من ثلاث سنين ثم توفى فى جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة الفقيه الواعظ الزاهد سمع من أبي بكر النجاد وتفقه على أبى سعيد الإصطخرى وروى عنه الأزجى والصيمرى وكان ثقة صالحا يضرب به المثل فى مجاهدة النفس واستعمال الصدق والتقشف والأمر بالمعروف وكان يدق السعد للعطارين بالأجرة ويقتات من ذلك ولما حضرته الوفاة جعل يقول سيدى لهذه الساعة خبأتك توفى يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذى الحجة سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ببغداد أحد أئمة الأصحاب ورفعائهم والذى ذكرناه من تسمية والده بعبد الله هو الصواب وإياه ذكر الخطيب والشيخ أبو إسحاق وغيرهما وقال الحاكم فى تاريخ نيسابور عبد العزيز بن الحسن وهذا وهم وعذره أن هذا الشيخ بغدادى إنما ورد نيسابور زائرا فليست له به المعرفة التامة وإنما الحسن جده لأمه لا جده لأبيه وهو الذى كان محدث أصبهان فى وقته والحاكم رحمه الله قال كان أبوه محدث أصبهان فى وقته قلت وأرى أن المحدث جده لأمه ولكن الحاكم لما سمى أباه باسم جده لأمه قال هذا وقد كان الداركى نفسه محدثا أيضا وربما اجتهد أيضا وقيل له فى ذلك فقال نأخذ بالحديث وندع فلانا وفلانا وقد روى عن جده لأمه الحسن بن محمد الداركى وغيره روى عنه أبو القاسم الأزهرى وعبد العزيز الأزجى وأحمد بن محمد العتيقى وأبو القاسم التنوخى والحاكم أبو عبد الله الحافظ وغيرهم قال الحاكم كان من كبار فقهاء الشافعيين درس بنيسابور سنين وله جملة من المختلفة تقلد أوقاف أبى عمرو الخفاف ثم خرج إلى بغداد فصار المجلس له وقال الشيخ أبو إسحاق كان فقيها محصلا تفقه على أبى إسحاق المروزى وانتهى التدريس إليه ببغداد وعليه تفقه الشيخ أبو حامد الإسفراينى بعد موت أبى الحسين بن المرزبان وأخذ عنه عامة شيوخ بغداد وغيرهم من أهل الآفاق وقال القاضى أبو الطيب سمعت الشيخ أبا حامد الإسفراينى يقول ما رأيت أفقه من الداركى وقال الخطيب كان ثقة انتقى عليه الدارقطنى وتوفى فى ثالث عشر شوال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ودارك قرية من عمل أصبهان . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال الرافعى رحمه الله فى باب المسابقة ولو قال كل من سبق فله دينار فسبق ثلاثة يعنى وجاء الباقون بعدهم فعن الداركى أن لكل واحد منهم دينارا وسكت الرافعى والنووى على هذا بعد الجزم فيما إذا قال من سبق فله دينار فسبق ثلاثة معا وصل واحد ثم جاء الباقون أن الدينار ينقسم بين الثلاثة ففرق الداركى بين دخول كل على من وعد به والفرق لائح فى بادى النظر وفيه نظر عند إمعان النظر قال القاضى أبو الطيب الطبرى سمعت أبا محمد البافى يقول ذكر لنا الداركى حديث جابر عن رسول الله أنه قال ( إذا أرفت الحدود فلا شفعة ) فى تدريسه كتاب الشفعة فقال إذا أزفت فسألت ابن جنى النحوى عن هذه الكلمة فلم يعرفها ولا وقفت على صحتها فسألت المعافى ابن زكريا عن الحديث وذكرت له طرقه فلم أستتم المسألة حتى قال إذا أرفت والأرف المعالم يريد إذا بينت الحدود وعينت المعالم وميزت فلا شفعة قلت أرفت بضم الهمزة وكسر الراء المشددة ثم الفاء أى جعلت لها حدود كما ذكر المعافى رحمه الله وذكر الداركى لها بالزاى كأنه سبق لسان أو لم يحرر لفظها من اللغة ولا بدع فقد خفيت على ابن جنى وهو إمام فى الأدب ذكر الماوردى فى الحاوى فى باب اللعان أن أبا سعيد الإصطخرى قال استحلف إسماعيل بن إسحاق القاضى رجلا فى حق لرجلين يمينا واحدة فأجمع فقهاء زماننا على أنه خطأ قال الداركى فسألنا أبا إسحاق المروزى عن ذلك فقال إن ادعيا ذلك الحق من جهة واحدة مثل أن يدعيا دارا أورثاها عن أبيهما حلف لهما يمينا واحدة وإن كان الحق من جهتين حلف لكل واحد على الانفراد قال الماوردى وقول أبى إسحاق صحيح قلت ذكر ابن الرفعة فى كتاب النكاح من المطلب هذه الحكاية عند كلامه فى الرجلين يدعيان نكاح امرأة وقد بحث فى أنها إذا حلفت فى حال عدم رضاهما تحلف يمينين وفى حال رضاهما تحلف يمينا واحدة ذكر كل ذلك بحثا وذكر الوجهين فيما إذا وجب على الشخص يمين لجماعة فرضوا بأن يحلف لهم يمينا واحدة وأن الأصح أنه لا يجوز ثم قال قد يقال ذلك مفروض فى حق متعدد وأما إذا كان الحق واحدا فلا ثم ساق الحكاية ثم قال وهذا يفهم ذلك جائز عند أبى إسحاق من غير رضاهما توفى سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة قال الحاكم كان من الفقهاء الزهاد التاركين لما لا يعنيهم درس على أبى الوليد على بن أبى منصور بن مهران ولما انصرف الأستاذ أبو سهل من أصبهان رأيته يدرس عليه كتاب الرسالة للشافعى ودرس فى مسجده سنين وتخرج به جماعة من الفقهاء سمع عبد الله الشرقى والحسن بن منصور وأقرانهما وتوفى فى رجب سنة سبعين وثلاثمائة انتهى وأسند عنه حديثا حدثه إياه فى مجلس الأستاذ أبى سهل وقوله على أبى الوليد على بن أبى منصور بن مهران كذا هو فى نسخة تاريخ نيسابور التى عندى ولعله على أبى الوليد ثم على أبى منصور بن مهران وأبو الوليد هو النيسابورى القرشى الإمام الكبير المشهور وأبو منصور بن مهران من أكابر أصحاب الوجوه من أصحابنا وإن كان الأمر على ما فى النسخة فيكون لأبى منصور بن مهران ولد اسمه أبو الوليد على من فقهائنا وهو غير معروف والذى أراه أن النسخة مغلوطة وأن الأمر على ما وصفت والنسخة التى عندى وقف الخانقاه السميساطية وفيها غلط كثير أحد أئمة المسلمين فقها وحديثا وذو الرحلة الواسعة ولد سنة اثنتين وأربعين ومائتين وسمع عمر بن شبة وعلى بن حرب والرمادى ويزيد بن عبد الصمد وسليمان ابن سيف والربيع بن سليمان وأبا زرعة الرازى وأبا حاتم وعمار بن رجاء ومحمد ابن عوف وغيرهم بالعراق ومصر والشام والجزيرة والحجاز وخراسان روى عنه ابن صاعد وأبو على الحافظ وأبو محمد المخلدى وأبو إسحاق المزكى وأبو بكر الجوزقى وخلق قال الحاكم كان من أئمة المسلمين ورد نيسابور وهو متوجه إلى بخارى فروى عنه الحفاظ وسمعت الأستاذ أبا الوليد حسان بن محمد يقول لم يكن فى عصرنا من الفقهاء أحفظ للفقهيات وأقاويل الصحابة بخراسان من أبى نعيم الجرجانى ولا بالعراق من أبى بكر بن زياد النيسابورى قال وسمعت أبا على الحافظ يقول كان أبو نعيم الجرجانى أحد الأئمة ما رأيت بخراسان بعد ابن خزيمة مثله أو أفضل منه كان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما نحفظ نحن المسانيد وقال أبو سعد الإدريسى ما أعلم نشأ بإستراباذ مثله فى حفظه وعلمه وقال الخطيب كان أحد الأئمة ومن الحفاظ لشرائع الدين مع صدق وورع وتيقظ وقال حمزة السهمى كان مقدما فى الفقه والحديث وكانت الرحلة إليه فى أيامه توفي أبو نعيم الجرجانى سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وقال الحاكم سنة اثنتين وعشرين ووقع لنا حديثه بعلو فيما اخبرتنا به زينب ابنة أحمد بن الكمال عبد الرحيم قراءة عليها وأنا أسمع قالت أخبرنا عبد الخالق بن الأنجب النشتبرى إجازة أخبرنا وجيه بن طاهر الشحامى كتابة أخبرنا يعقوب بن أحمد الصيرفى سماعا أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدى إملاء لاثنتى عشرة خلت من صفر سنة ست وثمانين وثلاثمائة أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدى الفقيه حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الحميد البهرانى حدثنا أبو عقبة وساج بن عقبة حدثنا هقل بن زياد عن الأوزاعى عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن النبى قال ( إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم ) وبه إلى أبى نعيم حدثنا أبو زيد عمر بن شبة البصرى حدثنا عبد الوهاب الثقفى حدثنا أيوب عن أبى قلابة عن أنس قال أمر بلال رضى الله عنه أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة وبه إلى أبى نعيم حدثنا أحمد بن عيسى اللخمى حدثنا عمرو بن أبى سلمة حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبى قال ( خمس دعوات يستجاب لهن دعوة المظلوم حتى ينتصر ودعوة الحاج حتى يصدر ودعوة المجاهد حتى يقفل ودعوة المريض حتى يبرأ ودعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب ) نزيل مصر ولد سنة تسع وثلاثمائة وقرأ على أبى الحسن محمد بن جعفر بن المستفاض الفريابى وأبى سهل صالح ابن إدريس ونجم بن بدير ونصر بن يوسف المجاهدى وإبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكى وخلائق أخذ عنه خلائق مولده فى رجب سنة تسع وثلاثمائة ومات بمصر فى جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة نزيل البصرة أحد أئمة المذهب قال الشيخ أبو إسحاق كان حافظا للمذهب حسن التصانيف والصيمرى بفتح الصاد المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفتح الميم وفى آخرها الراء أراه والله أعلم منسوبا إلى نهر من أنهار البصرة يقال له الصيمر عليه عدة قرى أما الصيمرة فبلد بين ديار الجبل وخوزستان فما إخال هذا الصيمرى منسوبا إليها وبالصيمرى تخرج جماعة منهم القاضى الماوردى ومن تصانيفه الإيضاح فى المذهب نحو سبعة مجلدات وله كتاب الكفاية وكتاب فى القياس والعلل وكتاب صغير فى أدب المفتى والمستفتى وكتاب فى الشروط توفى الصيمرى بعد سنة ست وثمانين وثلاثمائة
ذهب إلى أنه لا يجوز لمن بعض بدنه نجس مس المصحف وذهب كما نقل صاحب البحر عنه فى باب قتل المرتد إلى أن من سب الصحابة معتقدا مصرا عليه كفر كما لو سب رسول الله حكى فى البيان أن الصيمرى حكى قولا أن الحجر المستنجى به إذا غسل بشيء من المائعات طهر وحكى أيضا فى البيان أن الصيمرى قال عورة الصبى قبل سبع سنين السوأتان فقط قال وتتغلظ بعد التسع قال وأما بعد العشر فكالبالغ لإمكان البلوغ وفى شرح الكفاية للصيمرى إن ادعى الرجل الغناء ليأخذ من وقف الأغنياء لم يقبل إلا ببينة وإن كان الوقف على الفقراء فادعى الفقر قبل من غير بينة وذكر فى شرح الكفاية أنه لا يصح بيع الخيل لأهل الحرب وعبارته لو باع سلاحا أو خيلا على أهل الحرب نقضنا البيع إن قدرنا على ذلك مصغر وغير مضاف وربما قيل عبيد الله مضافا وإياه أورد ابن باطيش فى الطبقات هو عبيد بن عمر بن أحمد بن محمد أبو القاسم القيسى البغدادى نزيل قرطبة وهو المشهور بعبيد الفقيه أخذ عن الإصطخرى وسمع من أبى القاسم البغوى والطحاوى وابن صاعد وغيرهم وفى القراءات على ابن مجاهد وابن شنبوذ وكان صاحب الأندلس الملقب بالمستنصر يجله ويعظمه كثيرا توفى بقرطبة فى ذى الحجة سنة ستين وثلاثمائة كان أحد العلماء الأئمة وأول من ولى قضاء القضاة ببغداد من الشافعية وكان أبوه تاجرا فاشتغل هو بالعلم وغلب عليه فى الابتداء التصوف وسافر فلقى الجنيد وصحب الأئمة وكتب الحديث ثم ولى قضاء مراغة ثم تقلد قضاء أذربيجان كلها ثم قضاء همذان ثم دخل بغداد وعظم جاهه وولى قضاء القضاة حدث عن عبد الرحمن بن أبى حاتم الرازى وغيره وقد رآه بعضهم بعد موته فى المنام فقال ما فعل الله بك فقال غفر لى وأمر بى إلى الجنة على ما كان منى من التخليط وقال آليت ألا أعذب أبناء الثمانين توفى سنة خمسين وثلاثمائة الصوفى الزاهد الورع العالم المجرد ورد نيسابور فصحب أبا عثمان الحيرى الزاهد مدة ثم خرج فلقى شيوخ التصوف بالعراقين والشام ثم في آخر عمره اعتزل الناس سمع الحديث من أبى جعفر السامى والحسين بن إدريس الأنصارى الهرويين وغيرهما توفى بنيسابور سنة سبع وأربعين وثلاثمائة قال الحاكم سمعت أبا سعيد بن أبى بكر بن أبى عثمان يقول ورد أبو الحسن البوشنجى على أبى عثمان فسئل أن يقرأ فى مجلسه فقرأ فبكى أبو عثمان حتى غشى عليه وحمل إلى منزله فكان يقال قتله صوت البوشنجى ثم إن أبا عثمان توفى فى تلك العلة وقال سمعت الأستاذ أبا الوليد يقول يوم توفى أبو الحسن دخلت عليه عائدا فقلت له ألا توصى بشيء فقال بلى أكفن فى هذه الخريقات وأحمل إلى مقبرة من مقابر المسلمين ويتولى الصلاة على رجل من المسلمين قال وسمعت أبا الحسن البوشنجى ودخل على الشيخ أبى بكر بن إسحاق ورجل من المتهمين بالإلحاد يقرأ عليه فأخذ أبو الحسن ينظر إليه ساعة طويلة ولم يكن عرفه فلما خرج من عنده قال لبعض أصحابه ذاك القارئ خشيت عليه أنه ملحد وروى عنه الحاكم حديثا واحدا مسندا ثم قال ما أرى أن أبا الحسن حدث بحديث مسند غير هذا قال الحاكم كان من أعيان فقهاء الشافعيين من أصحاب أبى الحسن البيهقى قال وكان يدرس بنيسابور سنين قال وسمع بنيسابور أبا عمرو الحيرى والمؤمل بن الحسن وأقرانهما وكتب الكثير عن أبى العباس الدغولى بسرخس واعتزل فى آخر عمره ورفض المجلس وحدث توفى ليلة الأربعاء السادس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة روى عنه الحاكم حديثا واحدا فى ترجمته هو أحد أكان المذهب ورفعائه الشيخ الإمام أبو الحسن من بغداد تفقه على أبى الحسين بن القطان قال الخطيب كان أحد الشيوخ الأفاضل درس عليه أبو حامد الإسفراينى أول قدومه بغداد وقال الشيخ أبو إسحاق كان فقيها ورعا حكى عنه أنه قال ما أعلم لأحد على مظلمة قال الشيخ وقد كان فقيها يعلم أن الغيبة من المظالم توفى فى رجب سنة ست وستين وثلاثمائة بعد شيخه ابن القطان بسبع سنين
قال الدارمى إذا نوى المتوضئ إبطال عضو مضى لم يبطل وما فى الحال يبطل وما يأتى على وجهين قاله ابن المرزبان وقال ابن القطان فى جميعه وجهان قلت وهذه غير مسألة قطع الوضوء
|