فصل: بَابُ الْعَفْوِ وَالْوَصِيَّةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.بَابُ الْعَفْوِ وَالْوَصِيَّةِ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ) وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا جَرَحَ رَجُلًا خَطَأً فَعَفَا عَنْهُ الْمَجْرُوحُ فِي مَرَضِهِ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عَشَرَةُ آلَافٍ فَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ دَفَعَ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ لِأَنَّهُ أَوْصَى لِمَوْلَى الْجَارِحِ بِجَمِيعِ عَبْدِهِ حَيْثُ عَفَا عَنْهُ وَالْعَفْوُ لَا يَجُوزُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي مَرَضِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَوْصَى لِلْمَوْلَى بِالثُّلُثِ وَلِلْآخَرِ بِالثُّلُثِ فَيَكُونُ ثُلُثُ مَالِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُدُسُ الْعَبْدِ وَدَفَعَ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سُدُسَهُ وَيُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَسْدَاسِهِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ خَاصَّةً لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ لَا يَضْرِبُ إلَّا بِالثُّلُثِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا يَنْبَغِي أَنْ يَضْرِبَ الْمُوصَى لَهُ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ وَيَضْرِبُ الْمَوْلَى بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَهُوَ جَمِيعُ الْمَالِ فَيَصِيرُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ فَصَارَ الْعَبْدُ كُلُّهُ اثْنَيْ عَشَرَ فَإِنَّمَا يَدْفَعُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَيُسَلِّمُ لِلْمَوْلَى ثَلَاثَةً وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الثُّلُثِ مِنْ التِّسْعَةِ سَهْمًا وَاحِدًا وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ لِأَنَّ مَالَهُ فِي حَالِ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ، وَقَدْ جَرَى هَذَا الْبَابُ إلَى آخِرِهِ عَلَى نَحْوِ هَذَا وَقَالَ فِي آخِرِهِ وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ هَذَا الْوَجْهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا يَكُونُ رِوَايَةً عَنْهُمَا مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْجَمِيعِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ لَا يَضْرِبُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ آلَافٍ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الدَّوْرُ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى خَمْسَةَ أَسْبَاعِهِ بِخَمْسَةِ أَسْبَاعِ الدِّيَةِ أَرْبَعَةٌ لِلْوَرَثَةِ وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَافِي وَصِيَّةٌ سِوَى الْعَفْوِ كَانَ الطَّرِيقُ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ أَنْ يَضُمَّ ضِعْفَ الْقِيمَةِ إلَى الدِّيَةِ فَيَصِيرُ عِشْرِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَفْدِي مَا بِإِزَاءِ الضِّعْفِ، وَذَلِكَ نِصْفُ الدِّيَةِ فَلَمَّا كَانَ لِلْآخَرِ وَصِيَّةٌ مِنْ مِثْلِ وَصِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ يُزَادَ مِثْلُ وَصِيَّتِهِ لِمَكَانِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ آلَافٍ وَيُزَادُ ضِعْفُ ذَلِكَ لِمَكَانِ حَقِّ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْوَصِيَّةَ يُزَادُ ضِعْفُ ذَلِكَ فَيَصِيرُ كُلُّهُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَفْدِي حِصَّةَ الضِّعْفَيْنِ وَحِصَّةَ الْوَصِيَّةِ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ فَإِنَّ كُلَّ سُبُعٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ خَمْسَةٌ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ سُبُعَ الدِّيَةِ وَالْوَرَثَةُ أَرْبَعَةَ أَسْبَاعِهِ، وَقَدْ جَازَ لَهُ الْعَفْوُ فِي سُبُعَيْ الْعَبْدِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَأَشَارَ فِي الْأَصْلِ إلَى طَرِيقٍ آخَرَ فَقَالَ السَّبِيلُ أَنْ تَنْظُرَ إلَى الدِّيَةِ فَتَزِيدُ عَلَيْهَا مِثْلَ مَا لَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحَ مِنْ الْمَالِ لَكَانَ يَجُوزُ الْعَفْوُ وَالْوَصِيَّةُ كِلَاهُمَا، ثُمَّ تَفْدِي ذَلِكَ الْقَدْرَ لِأَنَّ بِانْعِدَامِهِ امْتَنَعَ تَنْفِيذُ كِلَا الْعَفْوِ وَالْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَوْ كَانَ لَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْعَفْوُ لِأَنَّهُ يُسَلِّمُ لِلْمَوْلَى الْعَبْدَ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الثُّلُثِ خَمْسَةَ آلَافٍ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ عِشْرُونَ أَلْفًا فَلَمَّا كَانَ بِوُجُودِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا يَكُونُ إمْكَانُ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّتَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يَضَعَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ عَلَى الدِّيَةِ، ثُمَّ يَضُمُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَعَلَى طَرِيقِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ السَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا فَتُجِيزُ الْعَفْوَ فِي الدِّينَارِ وَتَفْدِي الدِّرْهَمَ بِمِثْلِهِ وَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ دِرْهَمَانِ تَعْدِلُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لِأَنَّ حَاجَةَ الْوَرَثَةِ إلَى أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ وَحَاجَةَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ إلَى دِينَارٍ فَاقْلِبْ الْفِضَّةَ وَعُدْ إلَى الْأَصْلِ فَقُلْ قَدْ كُنَّا جَعَلْنَا الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا الدِّرْهَمُ خَمْسَةٌ وَالدِّينَارُ اثْنَانِ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ أَجَزْنَا الْعَفْوَ فِي الدِّينَارِ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ وَفَدَى الدِّرْهَم، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ بِمِثْلِهِ، وَذَلِكَ عَشَرَةٌ، ثُمَّ يُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمَانِ وَثَمَانِيَةٌ لِلْوَرَثَةِ.
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِيهِ أَنْ تَجْعَلَ الْعَبْدَ مَالًا وَتُجِيزَ الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَتُبْطِلَهُ فِي مَالٍ إلَّا شَيْئًا فَتَفْدِيهِ بِمِثْلِهِ، وَذَلِكَ مَالَانِ إلَّا شَيْئَيْنِ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَبَعْدَ الْجَبْرِ مَالَانِ يَعْدِلُ سَبْعَةَ أَشْيَاءَ فَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفًا، وَقَدْ جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَشَيْءٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَنِصْفٍ سَبْعَاهُ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا جَازَ فِي السُّبْعَيْنِ وَطَرِيقُ الْخَطَأَيْنِ فِيهِ أَنْ تَجْعَلَ الْعَبْدَ عَلَى سَبْعَةٍ وَتُجِيزَ الْعَفْوَ فِي أَرْبَعَةٍ وَتُبْطِلَهُ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ تَفْدِي ذَلِكَ بِمِثْلَيْهِ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ سِتَّةٌ، وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ مَعَ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ فِي عِشْرِينَ أَرْبَعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ وَسِتَّةَ عَشَرَ لِلْوَرَثَةِ فَقَدْ ظَهَرَ الْخَطَأُ بِنُقْصَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَعُدْ إلَى الْأَصْلِ وَأَجِزْ الْعَفْوَ فِي ثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهِ وَأَبْطِلْهُ فِي أَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهِ فَيُفْدَى ذَلِكَ بِثَمَانِيَةٍ وَحَاجَةُ الْوَرَثَةِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْوَرَثَةِ اثْنَا عَشَرَ فَقَدْ ظَهَرَ الْخَطَأُ الثَّانِي بِنُقْصَانِ سَبْعَةٍ وَكَانَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ بِنُقْصَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَلَمَّا نَقَصْنَا سَهْمًا ارْتَفَعَ مِنْ الْخَطَأِ سَبْعَةٌ يَجِبُ أَنْ تَنْقُصَ سَهْمًا آخَرَ لِيَرْتَفِعَ جَمِيعُ الْخَطَأِ فَتُجِيزُ الْعَفْوَ فِي السُّبْعَيْنِ وَتُبْطِلُهُ فِي خَمْسَةِ أَسْبَاعِهِ فَيُفْدَى ذَلِكَ بِمِثْلَيْهِ وَهُوَ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ سَهْمَانِ وَلِلْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةٌ فَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ وَسَلِمَ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ سِتَّةَ آلَافٍ فَإِنَّهُ يَفْدِي ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ سِتَّةُ آلَافٍ مِنْهَا لِلْوَرَثَةِ وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا وَصِيَّةٌ سِوَى الْعَفْوِ لَكَانَ يُؤْخَذُ ضِعْفُ الْقِيمَةِ وَيُضَمُّ إلَى الدِّيَةِ فَيَصِيرُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، ثُمَّ تُفْدَى حِصَّةُ الضِّعْفِ، وَذَلِكَ سِتَّةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ فَلَمَّا كَانَ هُنَا وَصِيَّةٌ مِثْلُ الْعَفْوِ وَجَبَ أَنْ يَزْدَادُ عَلَى اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفًا مِثْلُ الْقِيمَةِ لِمَكَانِ الْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ سِتَّةُ آلَافٍ وَمِثْلَيْ ذَلِكَ لِمَكَانِ حَقِّ الْوَرَثَةِ فَتَصِيرُ الْجُمْلَةُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَ حِصَّةَ الضِّعْفَيْنِ وَحِصَّةَ الْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ مِنْ أَرْبَعِينَ فَيَكُونُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ يَفْدِيهِ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِ ثُلُثَيْهِ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ هَكَذَا فَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ وَيُسَلَّمُ لِلْمَوْلَى بِالْعَفْوِ رُبْعُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِثْلَ ذَلِكَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَحَصَلَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّتَيْنِ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَيُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةُ آلَافٍ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَهُوَ يَخْرُجُ مُسْتَقِيمًا عَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأَصْلِ وَعَلَى طَرِيقِ الْحِسَابِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُفْدَى ثُلُثُ الْعَبْدِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ وَيُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ أَلْفَانِ وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَ يُؤْخَذُ ضِعْفُ الْقِيمَةِ أَلْفَانِ فَيُضَمُّ إلَى الدِّيَةِ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ يَفْدِي حِصَّةَ الضِّعْفِ وَهُوَ السُّدُسُ فَلَمَّا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ مِثْلُ الْقِيمَةِ لِمَكَانِ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ أَلْفٌ وَيُؤْخَذُ ضِعْفُ ذَلِكَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ وَيَزِيدُ كُلُّهُ عَلَى الدِّيَةِ فَيَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ يَفْدِي حِصَّةَ الضِّعْفَيْنِ وَحِصَّةَ الْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ الثُّلُثُ فَصَارَ لِلْمَوْلَى بِالْعَفْوِ ثُلُثَا الْعَبْدِ قِيمَتُهُ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَقَدْ فَدَى ثَلَاثَةً بِثُلُثِ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثَ الْأَلْفِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ أَلْفَانِ وَثُلُثَا أَلْفٍ.
وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّتَيْنِ فِي أَلْفٍ وَثُلُثِ أَلْفٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبْعٍ فَدَى أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ وَرُبْعِ جُزْءٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا وَرُبْعِ جُزْءٍ مِنْ الْعَبْدِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّك تَأْخُذُ ضِعْفَ الْقِيمَةِ، وَذَلِكَ أَلْفَانِ وَتَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْقِيمَةِ لِأَجْلِ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِثْلُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الْعَفْوِ فَإِنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِرُبْعِ الْمَالِ وَالرُّبْعُ مِثْلُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ فَخُذْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْأَلْفِ لِأَجْلِ الْمُوصَى لَهُ وَضِعْفُ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْوَرَثَةِ فَذَلِكَ كُلُّهُ أَلْفَانِ وَرُبْعُ الْأَلْفِ ضُمَّ هَذَا كُلَّهُ إلَى الدِّيَةِ مَعَ ضِعْفِ الْقِيمَةِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَرُبْعُ أَلْفٍ، ثُمَّ يَفْدِي مَا بِإِزَاءِ الضِّعْفَيْنِ، وَمَا بِإِزَاءِ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الرُّبْعِ، وَذَلِكَ جُزْءٌ وَرُبْعُ جُزْءٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا وَرُبْعًا بِحِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ فَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ وَنِصْفٌ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَرُبْعٍ وَلِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَرُبْعٍ مِنْ الدِّيَةِ، أَوْ تَقُولُ بَطَلَ الْعَفْوُ فِي أَرْبَعَةٍ وَرُبْعٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَرُبْعٍ مِنْ الْعَبْدِ وَيَفْدِيهِ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ وَنِصْفٌ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَلِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَقَدْ أَجَزْنَا الْعَفْوَ فِي عَشَرَةٍ وَأَعْطَيْنَا لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ذَلِكَ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ فَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَسَلِمَ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَلَوْ أَوْصَى بِالسُّدُسِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَانِ فَدَى سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ جُزْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ لِأَنَّك تَزِيدُ عَلَى الدِّيَةِ ضِعْفَ الْقِيمَةِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ لِمَكَانِ الْعَفْوِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ مِثْلَ نِصْفِ الْقِيمَةِ لِحَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ لِأَنَّ حَقَّهُ مِثْلُ نِصْفِ حَقِّ صَاحِبِ الْعَفْوِ يَزِيدُ عَلَيْهِ ضِعْفَ ذَلِكَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، وَذَلِكَ أَلْفَانِ فَمَبْلَغُ الضِّعْفَيْنِ وَالْوَصِيَّةِ سَبْعَةُ آلَافٍ.
فَإِذَا ضَمَمْت ذَلِكَ إلَى الدِّيَةِ يَصِيرُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا فَيَفْدِي مِنْ ذَلِكَ حِصَّةَ الضِّعْفَيْنِ وَالْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ بِخَمْسَةِ أَمْثَالِهَا لِأَنَّ الدِّيَةَ خَمْسَةُ أَمْثَالِ الْقِيمَةِ وَخَمْسَةُ أَمْثَالِ السَّبْعَةِ يَكُونُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةً، وَقَدْ سَلَّمَ لَهُ صَاحِبُ الْعَفْوِ عَشَرَةً فَحَصَلَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّتَيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ، وَقَدْ سَلِمَ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثُونَ.
وَعَلَى طَرِيقِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ تَجْعَلُ الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا وَتُجِيزُ الْعَفْوَ فِي الدِّينَارِ، ثُمَّ تَفْدِي الدِّرْهَمَ بِخَمْسَةِ أَمْثَالِهِ فَذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَصَارَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَنِصْفًا وَلِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ نِصْفُ دِينَارٍ أَضْعِفْهُ لِمَكَانِ الْكَسْرِ فَيَصِيرُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ سَبْعَةَ دَنَانِيرَ، ثُمَّ عُدْ إلَى الْأَصْلِ، وَقَدْ كُنَّا جَعَلْنَا الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا فَذَلِكَ سَبْعَةَ عَشَرَ الدِّينَارُ عَشَرَةٌ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةٌ، ثُمَّ صَحَّحْنَا الْعَفْوَ فِي الدِّينَارِ، وَذَلِكَ عَشَرَةٌ وَأَبْطَلْنَاهُ فِي الدِّرْهَمِ وَهُوَ سَبْعَةٌ فَنَفْدِيهِ بِخَمْسَةِ أَمْثَالِهِ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَلِلْوَرَثَةِ ثَلَاثُونَ.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ السَّبِيلُ أَنْ تُجِيزَ الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَتُبْطِلَهُ فِي مَالٍ إلَّا شَيْئًا فَتَفْدِيهِ بِخَمْسَةِ أَمْثَالِهِ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةُ أَمْوَالٍ إلَّا خَمْسَةَ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفَ شَيْءٍ وَبَعْدَ الْجَبْرِ خَمْسَةُ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفَ شَيْءٍ، وَفِيهِ كَسْرٌ فَأَضْعِفْ فَيَصِيرُ عَشَرَةَ أَمْوَالٍ يَعْدِلُ سَبْعَةَ عَشَرَ شَيْئًا وَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ شَيْئًا وَسَبْعَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ شَيْءٍ فَقَدْ انْكَسَرَ بِالْأَعْشَارِ فَاضْرِبْهُ فِي عَشَرَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا صَحَّ فِي عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ الْعَبْدِ، وَأَنَّهُ يَفْدِي سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ بِخَمْسَةِ أَمْثَالِهِ مِنْ الدِّيَةِ وَالتَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا رَجُلٌ وَهَبَ عَبْدًا لِرَجُلٍ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ خَطَأً، وَلَا مَالَ لِلْوَاهِبِ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ لِأَنَّهُ مَالُك الْعَبْدِ وَتَصَرُّفُ الْمَرِيضِ فِيمَا يَحْتَمِلُ النَّقْصَ يَكُونُ نَافِذًا قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَ الْعَبْدَ كُلَّهُ نِصْفُهُ بِحُكْمِ نَقْصِ الْهِبَةِ وَنِصْفُهُ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ جَائِزَةٌ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ الثُّلُثَ بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَتَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ سَهْمًا وَتَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى سَهْمَيْنِ فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي أَحَدِهِمَا فَتَدْفَعُهُ بِالْجِنَايَةِ فَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ سَهْمَانِ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ فَاسْتَقَامَ وَيَسْتَوِي إنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ، أَوْ كَثُرَتْ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ آلَافٍ أَوْ أَقَلَّ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إذَا فَدَاهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ كَانَ الْعَبْدُ خَارِجًا مِنْ الثُّلُثِ.
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سِتَّةَ آلَافٍ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ لِأَنَّا نَجْعَلُ الْعَبْدَ فِي الْأَصْلِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَنُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ يُفْدَى ذَلِكَ السَّهْمُ بِمِثْلِهِ وَمِثْلُ ثُلُثَيْهِ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ هَكَذَا فَيَزْدَادُ فِي مَالِ الْوَاهِبِ سَهْمٌ وَثُلُثَانِ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَطْرَحَ مِنْ نَصِيبِ الْوَاهِبِ سَهْمًا وَثُلُثَيْنِ فَيَبْقَى ثُلُثُ سَهْمٍ وَنَصِيبُ الْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ.
فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا صَارَ الْعَبْدُ عَلَى أَرْبَعَةٍ نَصِيبُ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثَلَاثَةٌ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ، ثُمَّ تُفْدَى ذَلِكَ بِمِثْلِهَا وَمِثْلِ ثُلُثَيْهَا، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَيَصِيرُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ لِأَنَّا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ.
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ الَّذِي نُقَدِّمُ بَيَانَهُ نَقُولُ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَلْفَانِ سِوَى الْعَبْدِ لَكَانَتْ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ بِالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ عَشَرَةِ آلَافٍ فَيُسَلِّمُ لِلْوَرَثَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سِتَّةِ آلَافٍ فَيَبْطُلُ مِنْ الْهِبَةِ بِحِسَابِ مَا عَدِمْنَاهُ وَهُوَ رُبْعُ الْجُمْلَةِ إذَا ضَمَمْت الْأَلْفَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ فَنَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، ثُمَّ يُفْدَى ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ وَهُوَ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ.
فَإِذَا ضَمَمْت إلَيْهِ رُبْعَ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ كَانَ تِسْعَةَ آلَافٍ ضِعْفَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي النِّصْفِ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِثْلُ الْعَبْدِ فَحُكْمُ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ أَلْفًا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خُمُسِ الْعَبْدِ لِأَنَّا نَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَنُجَوِّزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ السَّهْمَ بِمِثْلِ نِصْفِهِ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِثْلُ نِصْفِ الْعَبْدِ فَإِنَّمَا يَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ بِنِصْفِ سَهْمٍ فَيُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْوَاهِبِ نِصْفُ سَهْمٍ يَبْقَى سَهْمٌ وَنِصْفُ سَهْمٍ وَنَصِيبُ الْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ.
فَإِذَا ضَعَّفْت الْكَسْرَ بِالْأَنْصَافِ صَارَ الْعَبْدُ عَلَى خَمْسَةٍ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي خُمُسِهِ مِقْدَارُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَتَبْطُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهِ مِقْدَارُ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ تَفْدِي الْخُمُسَيْنِ بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ أَرْبَعَةِ آلَافٍ.
فَإِذَا ضَمَمْت ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ يُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ فَاسْتَقَامَ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِهِ لِأَنَّا نَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَنُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ بِثُلُثِ سَهْمٍ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِ الْوَاهِبِ ثُلُثَ سَهْمٍ يَبْقَى لَهُ سَهْمٌ وَثُلُثَا سَهْمٍ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ.
فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا صَارَ نَصِيبُ وَارِثِ الْوَاهِبِ خَمْسَةً وَنَصِيبُ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثَلَاثَةً فَيَكُونُ الْعَبْدُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ، ثُمَّ يَفْدِي الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّلَاثَةَ بِسَهْمٍ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةٌ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةٍ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ لِرَجُلٍ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عَشَرَةُ آلَافٍ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ خَطَأً وَعَلَى الْوَاهِبِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ عَشَرَةَ آلَافٍ، أَوْ أَكْثَرَ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ وَبَطَلَتْ بِالْجِنَايَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مَوْلَاهُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ خَمْسَةَ آلَافٍ رَدَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ لِأَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِيهِ وَنِصْفُهُ فَارِغٌ فَاجْعَلْ ذَلِكَ النِّصْفَ كَعَبْدٍ عَلَى حِدَةٍ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ ذَلِكَ النِّصْفِ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ سِتَّةُ آلَافٍ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خُمُسِ الْعَبْدِ وَنَفْدِيهِ بِخُمُسِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ بِحِصَّةِ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ خُمُسَاهُ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ.
فَإِذَا جُعِلَ ذَلِكَ الْقَدْرُ كَأَنَّهُ عَبْدٌ عَلَى حِدَةٍ فَيُرَدُّ نِصْفُ ذَلِكَ بِحُكْمِ نَقْصِ الْهِبَةِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِهِ وَهُوَ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَنَفْدِيهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّ الدِّيَةَ هُنَا مِثْلُ الْقِيمَةِ فَيَسْتَوِي حُكْمُ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ نَنْظُرَ إلَى حِصَّةِ الدَّيْنِ فَنُبْطِلُ الْهِبَةَ بِقَدْرِهِ، ثُمَّ نُجَوِّزُ الْهِبَةَ فِي نِصْفِ الْبَاقِي سَوَاءٌ اخْتَارَ الدَّفْعَ، أَوْ الْفِدَاءَ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ.
وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ تَرَكَ مَالًا فَإِنَّ التَّرِكَةَ تُضَمُّ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ تَنْفُذُ الْهِبَةُ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْوَاهِبُ خَمْسَةَ آلَافٍ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا فَاجْعَلْهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ فَأَجِزْ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ وَأَبْطِلْهَا فِي سَهْمَيْنِ، ثُمَّ تَدْفَعُ ذَلِكَ السَّهْمَ فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ فَتَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْوَاهِبِ سَهْمًا فَصَارَ الْمَالُ كُلُّهُ عَلَى سَهْمَيْنِ، ثُمَّ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ، وَمَالُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ ذَلِكَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ.
وَلَوْ كَانَ تَرَكَ الْوَاهِبُ عَشَرَةَ آلَافٍ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّك تَجْعَلُ مَالَ الْمَيِّتِ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ عَلَى سَهْمَيْنِ فَيَكُونُ نِصْفُ مَالِهِ مِثْلَ الْعَبْدِ فَلِهَذَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّك تَجْعَلُ مَالَ الْمَيِّتِ بَعْدَهُ فَيُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ عِشْرُونَ أَلْفًا، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ فَاسْتَقَامَ وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا وَهَبَ عَبْدَهُ لِرَجُلٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ الْعَبْدُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، أَوْ بَاعَهُ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلدِّيَةِ.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَهُوَ مُسْتَهْلِكٌ لِلْعَبْدِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ مُخْتَارًا لِلْعَبْدِ خَارِجًا مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا، وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ مُسْتَهْلِكًا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَثُلُثَ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ مَالُ الْمَيِّتِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ وَهُوَ ثُلُثَا الْعَبْدِ فَيَغْرَمُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ لِتَعَذُّرِ بَعْضِ الْهِبَةِ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ بِتَصَرُّفِهِ وَجَمِيعِ الْقِيمَةِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةَ آلَافٍ.
فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عَلَى مَا خَرَّجْنَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ تُضَمُّ الدِّيَةُ إلَى الرَّقَبَةِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ لَهُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ وَبَيَانُهُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ أَلْفًا فَإِنَّ الدِّيَةَ تُضَمُّ إلَى الرَّقَبَةِ فَيَصِيرُ مَالُ الْوَاهِبِ ثَلَاثِينَ أَلْفًا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ وَهُوَ عَشَرَةُ آلَافٍ وَيَغْرَمُ مَا بَقِيَ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ عَشَرَةُ آلَافٍ فَيُسَلِّمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ مَعَ الدِّيَةِ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ فِي الْجِنَايَةِ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَمْ لَوْ كَانَ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ فَيَصِيرُ مَالُ الْوَاهِبِ ثَلَاثِينَ أَلْفًا غَيْرَ عَشَرَةٍ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْقَتْلُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَهُوَ سَوَاءٌ وَجِنَايَتُهُ هَدَرٌ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ فَبِالْمَوْتِ يَبْطُلُ حُكْمُ الْجِنَايَةِ وَيَبْقَى حُكْمُ الْهِبَةِ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَغْرَمَ ثُلْثَيْ قِيمَتِهِ.
وَلَوْ أَنَّهُ قَتَلَ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَلَمْ يَقْتُلْ الْوَاهِبَ فَإِنَّ جِنَايَتَهُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مَالِكِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ الْوَاهِبَ وَالْمَوْهُوبَ لَهُ جَمِيعًا فَجِنَايَتُهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ هَدَرٌ وَعَلَى الْوَاهِبِ مُعْتَبَرَةٌ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ إلَّا عَلَى الْوَاهِبِ فَيُخَيَّرُ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ كَمَا لَوْ كَانَ يُخَيَّرُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا وَهَبَ عَبْدَهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ وَرَجُلًا أَجْنَبِيًّا قِيلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ادْفَعْ الْعَبْدَ إلَيْهِمَا، أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ رَدَّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي خُمُسِهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ ادْفَعْ الْخُمُسَيْنِ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ السَّهْمَ بِالْجِنَايَةِ إلَيْهِمَا فَيَقَعُ فِيهِ الْكَسْرُ فَيُجْعَلُ عَلَى الْعَبْدِ سِتَّةٌ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ، ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمًا بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ بِسَهْمٍ فَتَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ وَرَثَةِ الْوَاهِبِ سَهْمًا فَيَصِيرُ عَلَى خَمْسَةٍ، ثُمَّ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ وَتُبْطِلُهُ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ تَدْفَعُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمًا فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ مِثْلَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ ادْفَعُوا الثَّلَاثَةَ الْأَسْهُمَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَمَّا فُسِخَتْ فِي تِلْكَ الثَّلَاثَةِ صَارَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى الْوَاهِبِ هَدَرًا وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ مُعْتَبَرَةً.
فَإِذَا دَفَعَ الْوَرَثَةُ تِلْكَ الثَّلَاثَةَ، أَوْ فَدَوْا رَجَعُوا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الثَّلَاثَةَ الْأَسْهُمِ قَدْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَفِي ضَمَانِهِ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنَّهُ يَفْدِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ لِلْوَاهِبِ وَالدَّفْعَ إلَى الْآخَرِ، وَإِنْ قَالَ أَنَا أَدْفَعُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَأَفْدِي لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي خَمْسَةٍ وَتَبْطُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهِ وَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاصِلِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَخْتَارَ الْفِدَاءَ إلَيْهِمَا أَوْ الْفِدَاءَ لِلْوَاهِبِ وَالدَّفْعَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ إلَيْهِمَا، أَوْ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ إلَى الْوَاهِبِ خَاصَّةً جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خُمُسَيْهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ إلَيْهِمَا وَلِلْوَاهِبِ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ بِاخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ تَظْهَرُ الزِّيَادَةُ فِي مَالِ الْوَاهِبِ عَلَى وَجْهِ تَخْرِيجِ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ لَهُمَا وَقِيمَتُهُ سِتَّةُ آلَافٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ رُبْعَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَفْدِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ الْوَاهِبَ وَلَمْ يَقْتُلْ الْأَجْنَبِيَّ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ.
فَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ الْأَجْنَبِيَّ مَعَهُ لِأَنَّ بِحُكْمِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَتَغَيَّرُ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مِقْدَارُ مَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِ.
فَإِذَا جَازَتْ الْهِبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَدَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ وَيَرُدُّ الْهِبَةَ فِي رُبْعِ الْعَبْدِ فَيُقَالُ لِوَارِثِ الْوَاهِبِ ادْفَعْ الرُّبْعَ إلَى وَارِثِ الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ افْدِهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ لِأَنَّ حُكْمَ جِنَايَتِهِ عَلَى الْوَاهِبِ يُقَابِلُ ذَلِكَ الرُّبْعَ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مَوْلَاهُ وَلَمْ يَبْقَ فِي ذَلِكَ الرُّبْعُ إلَّا جِنَايَةُ الْأَجْنَبِيِّ فَيَدْفَعُ الْوَارِثُ، أَوْ يَفْدِيهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِسَبَبٍ كَانَ فِي ضَمَانِهِ.
وَلَوْ وَهَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَجُلٍ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ أَوْ أَقَلُّ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ وَرَجُلًا أَجْنَبِيًّا قَتَلَا الْوَاهِبَ خَطَأً فَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ خَمْسَةُ آلَافٍ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نِصْفَ النَّفْسِ بِجِنَايَتِهِ وَيُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ادْفَعْهُ، أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَهُ كُلَّهُ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى هُنَا عَشَرَةُ آلَافٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ وَنِصْفُ الدِّيَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ خَمْسَةُ آلَافٍ فَذَلِكَ عَشَرَةُ آلَافٍ فَيَحْتَاجُ أَنْ يَجْعَلَ مَالَ الْمَيِّتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْمَيِّتِ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَيُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِهِ سَهْمٌ فَيَصِيرُ مَالُهُ سَهْمَيْنِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ وَهُوَ نِصْفُ الْمَالِ، وَمَالُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ فَنِصْفُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَجُوزُ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ وَهُوَ الْعَبْدُ كُلُّهُ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ عَشَرَةُ آلَافٍ مِثْلَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ.
وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ بِخَمْسَةِ آلَافٍ فَإِنَّ الْعَبْدَ أَتْلَفَ بِجِنَايَتِهِ نِصْفَ النَّفْسِ فَيَصِيرُ مَالُ الْمَيِّتِ سِوَى الْعَبْدِ عَشَرَةَ آلَافٍ وَتَبَيَّنَ خُرُوجُ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَشَرَةَ آلَافٍ فَاخْتَارَ دَفْعَهُ رَدَّ الرُّبْعَ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَدَفَعَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَنِصْفُ الدِّيَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا اجْعَلْهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَاجْبُرْ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْمَيِّتِ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِ الْمَيِّتِ سَهْمًا فَيَصِيرُ مَالُهُ عَلَى سَهْمَيْنِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِهِ، وَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ وَرَدَّ خُمُسَهُ بِنَقْصِ الْهِبَةِ لِأَنَّا نَجْعَلُ الْمَالَ كُلَّهُ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، ثُمَّ نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ السَّهْمَ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِهِمْ نِصْفَ سَهْمٍ فَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ سَهْمٌ وَنِصْفٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ فَذَلِكَ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَقَدْ وَقَعَ فِيهِ كَسْرٌ فَأَضْعِفْهُ فَيَصِيرَ خَمْسَةً، ثُمَّ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خُمُسِ ذَلِكَ وَهُوَ سِتَّةُ آلَافٍ لِأَنَّ مَالَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا كُلُّ خُمُسٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخُمُسَاهُ سِتَّةُ آلَافٍ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ عَشَرَةُ آلَافٍ فَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ سِتَّةُ آلَافٍ، ثُمَّ تَفْدِيهِ بِمِثْلِ نِصْفِهِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِثْلَيْ مَا نَفَذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ وَيَتَيَسَّرُ تَخَرُّجُهُ عَلَى سَائِرِ الطُّرُقِ أَيْضًا، وَقَدْ تَرَكْنَاهُ كَرَاهِيَةَ التَّطْوِيلِ وَلَوْ وَهَبَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا لِرَجُلٍ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ جَنَى عَلَى الْوَاهِبِ جِنَايَةً خَطَأً فَعَفَا عَنْهَا، ثُمَّ مَاتَ مِنْهَا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفٌ فَاخْتَارَ الْمَوْهُوبُ لَهُ دَفْعَهُ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي خُمُسِهِ وَيَدْفَعُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ وَاعْلَمْ بِأَنَّهُ جَمَعَ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْجِنَايَةِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ فُصُولًا فِي الْعَفْوِ عَنْ الْجِنَايَةِ خَاصَّةً، ثُمَّ فُصُولًا فِي الْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ عَفْوٍ عَنْ الْجِنَايَةِ فَنَقُولُ إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ عَمْدًا فَالْعَفْوُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ الْقِصَاصَ وَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِنَّمَا بَقِيَ حُكْمُ الْهِبَةِ فَيَجُوزُ فِي الثُّلُثِ وَيَبْطُلُ فِي الثُّلُثَيْنِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ يَجُوزُ الْعَفْوُ فِي ذَلِكَ السَّهْمِ أَيْضًا فَتَصِيرُ وَصِيَّتُهُ سَهْمَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَالسَّبِيلُ أَنْ نَجْعَلَ الْعَبْدَ عَلَى خَمْسَةٍ فَتَصِيرُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ نُجِيزُ الْعَفْوَ فِي ذَلِكَ السَّهْمِ أَيْضًا وَنُبْطِلُ الْهِبَةَ فِي أَرْبَعَةٍ فَقَدْ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ فَصَارَ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ فِي الْحُكْم سَهْمَانِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ.
وَعَلَى طَرِيقِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ السَّبِيلُ أَنْ نَجْعَلَ الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا وَنُجِيزُ الْهِبَةَ فِي الدِّينَارِ، ثُمَّ نُجِيزُ الْعَفْوَ فِي ذَلِكَ الدِّينَارِ وَنُبْطِلُ الْهِبَةَ فِي الدِّرْهَمِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ دِرْهَمَانِ تَعْدِلُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ لِأَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي الدِّينَارَيْنِ فَاقْلِبْ الْفِضَّةَ وَعُدْ إلَى الْأَصْلِ وَقُلْ قَدْ كُنَّا جَعَلْنَا الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا وَالدِّرْهَمَ أَرْبَعَةً وَالدِّينَارَ وَاحِدًا، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ، ثُمَّ أَجَزْنَا الْهِبَةَ فِي الدِّينَارِ، وَذَلِكَ خُمُسُ الْعَبْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ السَّبِيلُ أَنْ نُجِيزَ الْهِبَةَ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ نُجِيزُ الْعَفْوَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَنُبْطِلُهُ فِي مَالٍ إلَّا شَيْئًا فَصَارَ لِلْوَرَثَةِ مَالٌ إلَّا شَيْئًا يَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ وَبَعْدَ الْجَبْرِ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَهُوَ خُمُسُهُ وَيَدْفَعُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ وَيَفْدِي ثَلَاثَةً بِثُلُثِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ هُنَا الْهِبَةُ وَكَانَ الْعَبْدُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَجَنَى عَلَى الْمَرِيضِ وَعَفَا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَهُ بِسُدُسِ الدِّيَةِ لِلْمَعْنَى الَّذِي بَيِّنَاهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ ضِعْفُ الْقِيمَةِ فَيُضَمُّ إلَى الدِّيَةِ فَيَصِيرُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ يُفْدَى مَا بِإِزَاءِ الضِّعْفِ، وَذَلِكَ السُّدُسُ بِسُدُسِ الدِّيَةِ فَهُنَا لَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ وَالْعَفْوُ جَمِيعًا فَقَدْ اجْتَمَعَتْ الْوَصِيَّتَانِ فَيَجِبُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِضِعْفِ ذَلِكَ السُّدُسِ لِمَكَانِ الْهِبَةِ وَسُدُسٌ لِمَكَانِ الْعَفْوِ فَذَلِكَ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَيُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي أَلْفٍ وَثُلُثَيْ أَلْفٍ أَلْفٌ بِالْهِبَةِ وَثُلُثَا أَلْفٍ بِالْعَفْوِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ وَاخْتَارَ الدَّفْعَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ أَلْفًا جَازَ الْعَفْوُ فِي رُبْعِهِ وَدَفَعَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا هِبَةٌ كَانَ يُؤْخَذُ ضِعْفُ الدِّيَةِ وَيَضُمُّ إلَى الْقِيمَةِ فَيَصِيرُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يُدْفَعُ مَا بِإِزَاءِ الضِّعْفِ وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ فَلَمَّا وُجِدَتْ الْهِبَةُ هُنَا فَالسَّبِيلُ أَنْ يُوضَعَ مِثْلَا قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا عَلَى ذَلِكَ فَيَصِيرُ ثَمَانِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَدْفَعُ حِصَّةَ ضِعْفِ الْقِيمَةِ وَحِصَّةَ ضِعْفِ الدِّيَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ رُبْعُ الْعَبْدِ بِالْهِبَةِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ آلَافٍ، وَفِيهِ مِنْ الْجِنَايَةِ الَّتِي جَازَ فِيهِ الْعَفْوُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ فَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ.
وَعَلَى طَرِيقِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ السَّبِيلُ فِيهِ أَنْ تَجْعَلَ الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا فَتُجِيزُ الْهِبَةَ فِي الدِّينَارِ، ثُمَّ الْعَفْوُ فِي نِصْفِ ذَلِكَ الدِّينَارِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِثْلُ نِصْفِ الْعَبْدِ وَتُبْطِلُ الْهِبَةَ فِي الدِّرْهَمِ فَيَصِيرُ مَعَ الْوَرَثَةِ دِرْهَمٌ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ كَانَ فِي الدِّينَارِ وَنِصْفُ الدِّينَارِ لِلْهِبَةِ وَالنِّصْفُ لِلْعَفْوِ فَاقْلِبْ الْفِضَّةَ وَعُدْ إلَى الْأَصْلِ وَقُلْ قَدْ كُنَّا جَعَلْنَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا فَالدِّينَارُ وَاحِدٌ وَالدِّرْهَمُ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ أَجَزْنَا الْعَفْوَ فِي الدِّينَارِ وَهُوَ رُبْعُ الْعَبْدِ.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تُجِيزُ الْهِبَةَ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ الْعَفْوُ فِي نِصْفِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَتُبْطِلُ الْهِبَةَ فِي مَالٍ إلَّا شَيْئًا، وَذَلِكَ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَبَعْدَ الْجَبْرِ الْمَالُ يَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ، وَقَدْ أَجَزْنَا الْهِبَةَ فِي شَيْءٍ فَذَلِكَ رُبْعُ الْعَبْدِ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا فَاخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَ مِنْهُ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ تُضَعِّفَ الدِّيَةَ وَهِيَ عِشْرُونَ أَلْفًا وَالْقِيمَةُ وَهِيَ سِتُّونَ أَلْفًا تَضُمُّهَا إلَى الْقِيمَةِ أَيْضًا فَتَصِيرُ مِائَةَ أَلْفٍ وَعَشَرَةً فَمَا أَصَابَ حِصَّةَ ضِعْفِ الْقِيمَةِ وَضِعْفِ الدِّيَةِ يَدْفَعْهُ وَذَلِكَ ثَمَانُونَ أَلْفًا فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ وَسَلَّمَ لَهُ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ خَمْسَةَ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَبْعَةٍ لِأَنَّا نَأْخُذُ ضِعْفَ الدِّيَةِ فَنَضُمُّهُ إلَى الْقِيمَةِ فَيَصِيرُ سِتِّينَ أَلْفًا، ثُمَّ نَزِيدُ عَلَيْهِ مِثْلَ الْقِيمَةِ مِائَةَ أَلْفٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا فَمَا أَصَابَ حِصَّةَ ضِعْفِ الْقِيمَةِ وَضِعْفِ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ مِائَةُ أَلْفٍ يَدْفَعْهُ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ كُلُّ سُبْعٍ عِشْرُونَ أَلْفًا، ثُمَّ نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سُبْعَيْنِ وَالْعَفْوَ فِي نِصْفِ سُبْعٍ فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ فَنَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا الْعَفْوُ لَجَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَيَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ وَكَانَ الْعَفْوُ بِانْفِرَادِهِ فَكَانَ يُؤْخَذُ ضِعْفُ الْقِيمَةِ وَيُضَمُّ إلَى الدِّيَةِ، ثُمَّ يُفْدَى حِصَّةُ الضِّعْفِ وَهُوَ السُّدُسُ.
فَإِذَا اجْتَمَعَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَفْدِيَ الْهِبَةَ بِسُدُسِ الْعَبْدِ فَيَصِيرُ الْفِدَاءُ كُلُّهُ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِثْلُ الْوَصِيَّةِ بِالْعَفْوِ.
فَإِذَا فَدَاهُ بِالثُّلُثِ حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَحَصَلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ الْعَبْدِ بِالْهِبَةِ وَثُلُثَاهُ بِالْعَفْوِ وَهُوَ نِصْفُ مَا حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ.
وَعَلَى طَرِيقِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ السَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا، ثُمَّ تُجِيزُ الْهِبَةَ فِي الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ لِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يَتَبَيَّنُ مَا لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ، ثُمَّ تُجِيزُ الْعَفْوَ فِي الدِّينَارِ وَتُبْطِلُهُ فِي الدِّرْهَمِ فَتَفْدِي الدِّرْهَمَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فَاقْلِبْ الْفِضَّةَ وَعُدْ إلَى الْأَصْلِ وَقُلْ قَدْ كُنَّا جَعَلْنَا الْعَبْدَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا وَالدِّرْهَمَ أَرْبَعَةً وَالدِّينَارَ ثَمَانِيَةً فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ، وَقَدْ أَجَزْنَا الْهِبَةَ فِي الدِّرْهَمِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ فَدَاهُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ، وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ مَا دَامَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ.
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ آلَافٍ، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّا نَجْعَلُ الْعَفْوَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَنَعْتَبِرُ الْهِبَةَ خَاصَّةً فَنَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَفْوُ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ أَجَزْنَا شَيْئًا مِنْ الْعَفْوِ بِنَقْصِ الْفِدَاءِ وَبِاعْتِبَارِهِ تَنْتَقِصُ الْهِبَةُ.
وَإِذَا انْتَقَصَتْ الْهِبَةُ انْتَقَصَ مَالُهُ فَلِهَذَا أَبْطَلْنَا حُكْمَ الْعَفْوِ عَنْ الْجِنَايَةِ.
أَوْ نَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ هِبَةٌ لَكَانَ يَفْدِيهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِلْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا إنَّهُ يُفْدَى بِمِقْدَارِ الضِّعْفِ وَهُوَ النِّصْفُ.
فَإِذَا كَانَ هُنَا هِبَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُفْدَى بِمِثْلِهِ أَيْضًا، وَذَلِكَ جَمِيعُ الدِّيَةِ وَلَوْ وَهَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ لِرَجُلٍ فَقَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا قِيلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ادْفَعْهُ، أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ دَفْعَهُ رَدَّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَيَدْفَعُ أَحَدَ الْخُمُسَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ وَيُسَلِّمُ لَهُ الْخُمُسَ وَيَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا يَضْرِبُ فِيهَا الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِسَبْعَةٍ وَاَلَّذِي عَفَا بِخَمْسَةٍ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ حُكْمَانِ حُكْمٌ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَبَيْنَ الْوَارِثَيْنِ وَحُكْمٌ فِيمَا بَيْنَ الْوَارِثَيْنِ.
فَأَمَّا الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَالسَّبِيلُ أَنْ يُجْعَلَ الْعَبْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَتُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ وَتُبْطِلُهَا فِي سَهْمَيْنِ، ثُمَّ يُدْفَعُ نِصْفُ ذَلِكَ السَّهْمِ بِالْجِنَايَةِ فَوَقَعَ فِيهِ كَسْرٌ فَضَعِّفْهُ فَيَصِيرُ سِتَّةً، ثُمَّ تُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ وَتُبْطِلُهَا فِي أَرْبَعَةٍ، ثُمَّ تَدْفَعُ سَهْمًا وَاحِدًا بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ عَفَا أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ حَقُّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ.
فَإِذَا دَفَعَ ذَلِكَ السَّهْمَ بِالْجِنَايَةِ زَادَ مَالُ الْمَيِّتِ فَتَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ سَهْمًا فَيَصِيرُ الْعَبْدُ عَلَى خَمْسَةٍ، ثُمَّ تُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ وَتُبْطِلُهَا فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ تَدْفَعُ سَهْمًا بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ.
وَأَمَّا الْحُكْمُ بَيْنَ الْوَارِثَيْنِ فَنَقُولُ التَّرِكَةُ تُقَسَّمُ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا تُقَسَّمُ إنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمَانِ وَنِصْفٌ، ثُمَّ السَّهْمُ الْمَدْفُوعُ بِالْجِنَايَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ خَاصَّةً لِأَنَّ ذَلِكَ السَّهْمَ بِمَنْزِلَةِ مَالٍ عَلَى حِدَةٍ فَيَصِيرُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ وَلِلَّذِي عَفَا سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَضَعِّفْهُ فَيَصِيرَ نَصِيبُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ وَنَصِيبُ الَّذِي عَفَا خَمْسَةً فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ فَيَسْتَقِيمُ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا قَدْ أَوْرَدَهَا فِي الْإِقْرَارِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا ثَمَّةَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُفْدَى بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ صَارَ سِتَّةَ آلَافٍ فَيَخْرُجُ الْعَبْدُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَيُقَسَّمُ الْخَمْسَةُ آلَافٍ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْعَافِي سَهْمٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَتْ الْخَمْسَةُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ خَاصَّةً وَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَبَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يَضْرِبُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ فِي الْبَاقِي بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْعَافِي بِخَمْسِمِائَةٍ.
فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ خَمْسِمِائَةِ سَهْمًا يَصِيرُ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ إذَا فَدَاهُ بِخَمْسَةِ آلَافٍ صَارَ مَالُ الْمَيِّتِ سَبْعَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ فَيَكُونُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ مِقْدَارَ ثُلُثِ مَالِهِ فَيَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِهِ وَيَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ الْخَمْسَةَ آلَافٍ يَضْرِبُ فِيهَا الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْعَافِي بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ رَدَّ رُبْعَ الْعَبْدِ وَصَارَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَيَفْدِيهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّا نَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَنُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ السَّهْمَ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِ ثُلُثَيْهِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ هَكَذَا فَمِقْدَارُ مَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِيهِ مِنْهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْدِيَهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْمَيِّتِ بِسَهْمٍ وَثُلُثَيْ سَهْمٍ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ سَهْمًا وَثُلُثَيْ سَهْمٍ فَيَبْقَى مِنْ نَصِيبِهِمْ ثُلُثُ سَهْمٍ وَمِنْ نَصِيبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ.
فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا صَارَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ، وَقَدْ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِهِ مِقْدَارُ ذَلِكَ أَلْفَانِ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَبَطَلَتْ فِي سَهْمٍ فَيَفْدِي تِلْكَ الثَّلَاثَةَ بِمِثْلِهَا وَمِثْلِ ثُلُثَيْهَا فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةٌ مِثْلُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ يَقْتَسِمُ ذَلِكَ الِاثْنَانِ بَيْنَهُمَا فَيَضْرِبُ فِيهِ الَّذِي عَفَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْآخَرُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نِصْفِ الدِّيَةِ وَنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَنَجْعَلُ رُبْعَ الْعَبْدِ سَهْمًا فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ نِصْفَيْنِ يَحْتَسِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارَ حَقِّهِ لِأَنَّ جِنْسَ الْمَالَيْنِ يَخْتَلِفُ فَلَا يَتَأَتَّى قِسْمَةُ الْكُلِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُجْعَلَ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَمَا كَانَ أَصْلُ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا هِبَةٌ وَأَجَازَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ طَرِيقًا آخَرَ قَالَ السَّبِيلُ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ أَلْفٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ فَيَصِيرُ نِصْفُ الدِّيَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَيَصِيرُ الْعَبْدُ تِسْعَةَ أَسْهُمٍ، ثُمَّ نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، ثُمَّ نَفْدِي تِلْكَ الثَّلَاثَةَ بِمِثْلِهَا وَمِثْلِ ثُلُثَيْهَا، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَتَظْهَرُ الزِّيَادَةُ فِي نَصِيبِ الْوَرَثَةِ بِخَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَالسَّبِيلُ أَنْ نَطْرَحَ مِنْ نَصِيبِهِمْ خَمْسَةً فَيَصِيرُ الْعَبْدُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ لِلْوَرَثَةِ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ نَفْدِي تِلْكَ الثَّلَاثَةَ بِمِثْلِهَا وَمِثْلِ ثُلُثَيْهَا وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَصِيرُ سِتَّةً مِثْلَيْ مَا نَفَذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ خَطَأً وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا عَنْهُ الْوَلِيَّانِ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَرُدُّ نِصْفَ الْعَبْدِ وَيَجُوزُ لَهُ النِّصْفُ.
وَالسَّبِيلُ فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْفُ كَانَ كَمْ يَدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ وَكَمْ يَدْفَعُ بِحُكْمِ نَقْصِ الْهِبَةِ فَمِقْدَارُ مَا كَانَ يَدْفَعُ بِحُكْمِ نَقْصِ الْهِبَةِ يَرُدُّ بَعْضَ الْعَفْوِ وَمِقْدَارُ مَا كَانَ يَدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ يُسَلَّمُ لَهُ لِأَنَّهُمَا لَمَّا عَفَوَا فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ الْجِنَايَةِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ حُكْمُ الْهِبَةِ فَنَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَفْوُ لَكَانَ يَدْفَعُ جَمِيعَ الْعَبْدِ نِصْفُهُ بِحُكْمِ نَقْصِ الْهِبَةِ فَلَمَّا بَطَلَ حُكْمُ الْجِنَايَةِ بِالْعَفْوِ رُدَّ النِّصْفُ بِحُكْمِ نَقْصِ الْهِبَةِ وَيُسَلَّمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ النِّصْفُ وَصَارَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ عَبْدٍ وَنِصْفٍ وَيُسَلَّمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُ عَبْدٍ فِي الظَّاهِرِ، وَفِي الْحُكْمِ عَبْدٌ كَامِلٌ لِأَنَّهُمْ اسْتَهْلَكُوا نِصْفَهُ بِالْعَفْوِ وَلَوْ وَهَبَ عَبْدَهُ لِرَجُلٍ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ عَبْدًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَعَفَا عَنْهُ الْأَوْلِيَاءُ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَرُدُّ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ وَيَجُوزُ لَهُ الثُّلُثُ وَالْجِنَايَةُ عَلَى عَبْدِهِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى عَبْدِ مَالِكِهِ وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ عَلَى مَالِ مَالِكِهِ خَطَأً تَكُونُ هَدَرًا.
وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا الَّذِي جَنَى وَالْآخَرُ الَّذِي وَهَبَ فَإِنَّ عَفْوَ الْأَوْلِيَاءِ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِهِمْ مُوجِبِ الْجِنَايَةِ وَيَرُدُّ الْمَوْهُوبُ لَهُ نِصْفَ الْعَبْدِ وَسَلِمَ لَهُ النِّصْفُ هَكَذَا قَالَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ يَرُدُّ ثُلُثَ الْعَبْدِ وَسَلِمَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ.
وَتَفْسِيرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ إنَّ عَبْدًا آخَرَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ جَنَى عَلَى الْوَاهِبِ، ثُمَّ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ عَبْدَيْنِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ كَانَ مُخَاطَبًا بِالدَّفْعِ، أَوْ الْفِدَاءِ فَلَمَّا عَفَا الْأَوْلِيَاءُ صَارَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُمْ اسْتَوْفَوْا وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ عَبْدَانِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثِ وَهُوَ ثُلُثَا عَبْدٍ فَتَبْطُلُ فِي ثُلُثِ عَبْدٍ فَيَرُدُّ الثُّلُثَ وَيَجْعَلُ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَا هَذَا الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ الْآخَرُ الَّذِي سَلِمَ لَهُمْ بِحُكْمِ الْجِنَايَةِ فَيُسَلَّمُ لَهُمْ عَبْدٌ وَثُلُثٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ.
فَظَهَرَ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّهُ يَرُدُّ ثُلُثَ الْعَبْدِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَقَدْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَفْوُ كَيْفَ يَكُونُ حُكْمُهُ حَتَّى يَبْنِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَفْوِ فَنَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَفْوُ لَكَانَ يُسَلَّمُ لَهُ الْخُمُسَانِ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ لِأَنَّا نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي الثُّلُثِ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ لِأَنَّا نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي الثُّلُثِ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ الثُّلُثَ بِمِثْلِ نِصْفِهِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ وَنَفْدِيهِ بِسَهْمٍ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِهِمْ سَهْمًا وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمَانِ فَصَارَ الْعَبْدُ عَلَى خَمْسَةٍ، وَقَدْ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خَمْسَةٍ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَصَيَّرَ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ وَهُوَ يَخْرُجُ مُسْتَقِيمًا أَيْضًا عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ نَجْعَلَ كُلَّ أَلْفٍ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ فَصَارَتْ الْقِيمَةُ سِتِّينَ وَالدِّيَةُ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي الثُّلُثِ وَهُوَ عِشْرُونَ سَهْمًا، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ بِعَشَرَةٍ وَهُوَ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ عَشَرَةٌ فَصَارَ الْعَبْدُ خَمْسِينَ سَهْمًا، وَقَدْ أَجَزْنَا الْوَصِيَّةَ فِي عِشْرِينَ، وَذَلِكَ خُمُسَا الْعَبْدِ.
وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ مِقْدَارَهُ بِالدِّرْهَمِ فَقُلْ قَدْ أَجَزْنَا الْهِبَةَ فِي خُمُسَيْ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَبَقِيَ لِلْوَرَثَةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ تَفْدِي الْوَرَثَةُ ذَلِكَ بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا وَهُوَ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ.
فَإِذَا عَفَوَا لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ لِأَنَّ أَرْبَعَةَ آلَافٍ مِنْ الْفِدَاءِ كَأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ إذَا ضَمَمْت ذَلِكَ إلَى مَا قَبَضُوا يَتَبَيَّنُ أَنَّ السَّالِمَ لَهُمْ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا وَإِذَا وَهَبَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ خَطَأً وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا عَنْهُ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ادْفَعْ نِصْفَهُ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ، أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ نِصْفَهُ وَإِلَى الْعَافِي رُبْعَهُ وَيَبْقَى لَهُ الرُّبْعُ لِأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَعْفُوَا كَانَ يَدْفَعُ جَمِيعَ الْعَبْدِ إلَيْهِمَا نِصْفُهُ بِالْجِنَايَةِ وَنِصْفُهُ بِنَقْصِ الْهِبَةِ، وَلَوْ عَفَوَا لَكَانَ يَدْفَعُ إلَيْهِمَا نِصْفَهُ بِنَقْصِ الْهِبَةِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ شَيْئًا فَلَمَّا عَفَا أَحَدُهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ نِصْفَهُ رُبْعُهُ بِالْجِنَايَةِ وَرُبْعُهُ بِنَقْصِ الْهِبَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ لَمْ يَعْفُوَا وَيَدْفَعُ إلَى الْعَافِي رُبْعَهُ بِنَقْصِ الْهِبَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَفَوَا فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَسَلِمَ لَهُ الْعَبْدُ كُلُّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ، أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَعْفُوَا لَكَانَ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ يُسَلَّمُ لَهُ كُلُّهُ بِالْهِبَةِ فَلَمَّا عَفَا أَحَدُهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْجِنَايَةِ وَبَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ فَيَفْدِيهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ إذَا كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ فَمَالُ الْمَيِّتِ فِي الْحَاصِلِ عَشَرَةُ آلَافٍ فَإِنَّ الْفِدَاءَ خَمْسَةُ آلَافٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ أَلْفٍ، وَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْعَافِي نِصْفَ مُوجِبِ الْجِنَايَةِ، وَذَلِكَ أَلْفٌ وَثُلُثَا أَلْفٍ فَكَأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثُلُثٌ، وَفِي يَدِ الْوَرَثَةِ سِتَّةُ آلَافٍ وَثُلُثَانِ فَلِهَذَا سَلِمَ الْعَبْدُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَمَّا حُكْمُ الْقِسْمَةِ فِيمَا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ أَنْ نَقُولَ يَضْرِبُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِالْفِدَاءِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْعَافِي يَضْرِبُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَبِنِصْفِ قِيمَتِهِ أَيْضًا لِمَكَانِ الْعَفْوِ لِأَنَّا جَعَلْنَا مَالَ الْمَيِّتِ الْفِدَاءَ وَهُوَ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ وَعَبْدًا بِالْهِبَةِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا وَنِصْفَ عَبْدٍ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْآخَرُ بِالْعَفْوِ فَيَضْرِبُ هُوَ بِهِ كَمَا يَضْرِبُ الْآخَرُ بِالْفِدَاءِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقَدْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ بِخَمْسَةِ آلَافٍ فَاجْعَلْ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّ الْآخَرَ اسْتَوْفَى نِصْفَ الْعَبْدِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَيُجْمَعُ إلَى نِصْفِ الدِّيَةِ فَيَصِيرُ سِتَّةَ آلَافٍ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى حِسَابِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ، وَذَلِكَ عَبْدٌ بِالْمِيرَاثِ وَنِصْفُ عَبْدٍ وَنِصْفُ الدِّيَةِ بِالْجِنَايَةِ فَيَضْرِبُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَبِنِصْفِ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ سِتَّةُ آلَافٍ فَاجْعَلْ كُلَّ أَلْفٍ سَهْمًا وَالْآخَرُ يَضْرِبُ بِنِصْفَيْ عَبْدٍ، وَذَلِكَ أَلْفَانِ فَيَكُونُ الْكُلُّ ثَمَانِيَةً نَصِيبُ الْعَافِي مِنْ ذَلِكَ رُبْعُ سِتَّةِ آلَافٍ، وَذَلِكَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِالْعَفْوِ بَقِيَ حَقُّهُ فِي خَمْسِمِائَةٍ فَيَأْخُذُ مِنْ الْفِدَاءِ خَمْسَمِائَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةَ آلَافٍ وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةٍ وَيَرُدُّ ثُلُثَ الْعَبْدِ إلَى الْوَارِثِينَ، ثُمَّ يَفْدِي لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ بِثُلُثِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ هُنَا لَا يَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ حِينَ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَثُلُثَ أَلْفٍ اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفِدَاءِ.
فَإِذَا جَاوَزَتْ قِيمَتُهُ ذَلِكَ لَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْآخَرِ فِيهِ وَالطَّرِيقُ فِيهِ أَنْ نَجْعَلَ الْعَبْدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ وَتَبْطُلُ فِي سَهْمَيْنِ وَيُفْدَى السَّهْمُ الَّذِي جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِ بِمِثْلَيْهِ لِأَنَّ الدِّيَةَ ضِعْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَقَدْ جَازَ الْعَفْوُ فِي نِصْفِ ذَلِكَ السَّهْمِ فَيُفْدَى النِّصْفُ الْآخَرُ بِمِثْلِهِ، وَإِنَّمَا نَجْعَلُ عَلَى سِتَّةٍ لِأَنَّ الثُّلُثَ انْقَسَمَ عَلَى نِصْفَيْنِ، ثُمَّ نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ وَنَفْدِي أَحَدَهُمَا بِمِثْلَيْهِ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْعَبْدِ وَسَهْمَانِ مِنْ الدِّيَةِ، وَفِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ سَبْعَةٌ فَإِنَّ الْعَافِيَ قَدْ اسْتَهْلَكَ سَهْمًا وَاحِدًا وَهُوَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْقَائِمِ فِي يَدِهِ فَقَدْ ازْدَادَ مَالُ الْمَيِّتِ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ حَاجَتَهُمْ إلَى أَرْبَعَةٍ لَمَّا نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ السِّهَامُ الدَّائِرَةُ فَنَطْرَحُهَا مِنْ نَصِيبِهِمْ يَبْقَى فِي أَيْدِيهِمْ سَهْمٌ مِنْ الْعَبْدِ وَسَهْمَانِ مِنْ الدِّيَةِ وَسَهْمٌ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْعَافِي فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ.
وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْعَبْدَ صَارَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، وَأَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا بَطَلَتْ فِي ثُلُثِهِ وَصَحَّتْ فِي ثُلُثَيْهِ مِقْدَارُ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ وَيُفْدَى الثُّلُث بِثُلُثِ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ وَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُ الْعَبْدِ أَيْضًا وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَثُلُثَا أَلْفٍ، وَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْعَافِي ثُلُثَيْ أَلْفٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ سِتَّةُ آلَافٍ وَثُلُثَا أَلْفٍ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَأَمَّا بَيَانُ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَ الْوَارِثَيْنِ وَهُوَ أَنْ يُقَسَّمَ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَثُلُثُ الْعَبْدِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ يَضْرِبُ فِيهِ الْعَافِي بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَثُلُثِ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَيَضْرِبُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَثُلُثِ الدِّيَةِ لِأَنَّ حَقَّ الْعَافِي فِي مَالِ الْمَيِّتِ هُوَ الْعَبْدُ الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ وَنِصْفُ الْعَبْدِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ وَلَمْ يَجِبْ لِلْعَافِي شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ فَلِهَذَا لَمْ يَضْرِبْ هُوَ بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنَّمَا الْآخَرُ هُوَ الَّذِي يَضْرِبُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَعَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي يُشِيرُ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ السَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ نِصْفَ الدِّيَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا كُلُّ أَلْفٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَنِصْفُ الْعَبْدَ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ الْعَافِي تِسْعَةً وَنِصْفًا، ثُمَّ نُجِيزُ الْهِبَةَ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ صَارَ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا.
فَإِذَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خَمْسَةِ يُفْدَى ذَلِكَ بِعَشَرَةِ لِأَنَّ الدِّيَةَ ضِعْفُ الْقِيمَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَرَثَةِ بِخَمْسَةِ أَسْهُمٍ، وَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْعَافِي نِصْفَ ذَلِكَ بِالْعَفْوِ وَهُوَ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ عَشَرَةٌ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ وَنِصْفًا يَبْقَى مِنْ نَصِيبِهِمْ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ وَنَصِيبُ الْمَوْهُوبِ لَهُ خَمْسَةٌ.
فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ سَهْمًا يَصِيرُ الْعَبْدُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِهِ وَتَبْطُلُ فِي ثُلُثَيْهِ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا لِرَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً وَلَهُ وَلِيَّانِ فَدَفَعَ نِصْفَهُ إلَى أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ، ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ، وَلَا مَالَ لِلْمَوْلَى رَجَعَ الْغَائِبُ عَلَى الْقَابِضِ بِرُبْعِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ قَبَضَ نِصْفَهُ لِنَفْسِهِ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُسَلَّمُ ذَلِكَ النِّصْفُ لَهُ إذَا سَلِمَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِشَرِيكِهِ وَلَمْ يُسَلَّمْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى لِلْغَائِبِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي كَانَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَقَدْ مَاتَ الْعَبْدُ فَتَبْطُلُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ وَحُكْمُ ضَمَانِ الْمَوْلَى لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمَوْلَى دَفَعَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَلِلْغَائِبِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ رُبْعَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى بِالتَّسْلِيمِ، وَإِنْ شَاءَ الْقَابِضَ بِالْقَبْضِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى فَدَى النِّصْفَ مِنْ الشَّاهِدِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ نِصْفَ الدِّيَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يَأْخُذَانِ مِنْ الْمَوْلَى نِصْفَ الدِّيَةِ أَيْضًا فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ اخْتِيَارٌ مِنْ الْآخَرِ لِأَنَّ النَّفْسَ وَاحِدَةٌ فَأَيُّهُمَا حَضَرَ فَهُوَ خَصْمٌ عَنْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَيُجْعَلُ اخْتِيَارُ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ بِحَضْرَةِ أَحَدِهِمَا بِمَنْزِلَةِ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ بِحَضْرَتِهِمَا، وَهَذَا لِأَنَّ بِالْفِدَاءِ يَتَحَوَّلُ الْحَقُّ مِنْ الرَّقَبَةِ إلَى ذِمَّةِ الْمَوْلَى.
وَلَوْ فَدَى مِنْ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدَ فَأَخَذَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ نِصْفَ الْقِيمَةِ إلَى الْغَائِبِ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ فِي الظَّاهِرِ مُتَنَاقِضٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ اخْتِيَارَهُ الْفِدَاءَ مِنْ أَحَدِهِمَا اخْتِيَارٌ مِنْ الْآخَرِ وَتَجِبُ لَهُمَا جَمِيعُ الدِّيَةِ، ثُمَّ قَالَ إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَا فَدَاهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ نِصْفَ الْقِيمَةِ إلَى الْغَائِبِ فَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ الدِّيَةِ.
فَأَمَّا أَنْ تُحْمَلَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ كَمَا هُوَ فِي اخْتِيَارِهِ الدَّفْعَ فَإِنَّ اخْتِيَارَهُ الدَّفْعَ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا هَلْ يَكُونُ اخْتِيَارًا فِي حَقِّ الْآخَرِ فِيهِ رِوَايَتَانِ بَيَّنَّاهُمَا فِي الصُّلْحِ وَالْجَامِعِ، أَوْ يُقَال فَرَّقَ بَيْنَ قَتْلِ الْعَبْدِ وَمَوْتِهِ كَأَنَّهُ إذَا مَاتَ فَلَمْ يُوجَد هُنَا شَيْءٌ يَقُومُ مَقَامَهُ فَيَجْعَلُ حَقَّهُمَا مُتَحَوِّلًا إلَى الدِّيَةِ.
فَأَمَّا إذَا قَتَلَ فَقَدْ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ عَلَى الْقَاتِلِ وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْعَبْدِ فَيَتَحَوَّلُ مِنْ الْآخَرِ إلَى الْقِيمَةِ، وَيَكُونُ حَقُّهُ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ وَحَقُّ الْأَوَّلِ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ، أَوْ يُقَالُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَوْضِعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلَ الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ فَلَوْ دَفَعَ الْمَوْلَى نِصْفَ الْعَبْدِ إلَى أَحَدِهِمَا وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ اخْتِيَارَ دَفْعِ النِّصْفِ إلَى أَحَدِهِمَا يَكُونُ اخْتِيَارًا فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ ذَكَرَ أَنَّ اخْتِيَارَهُ دَفْعَ ثُلُثِ الْعَبْدِ إلَى أَحَدِهِمَا بِطَرِيقِ الصُّلْحِ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا فِي حَقِّ الْآخَر، وَقَدْ وَفَّقَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَقَالُوا مَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْمُصَالَحَةَ تَجُوزُ بِدُونِ حَقِّهِ، وَإِنَّمَا اخْتِيَارُ الدَّفْعِ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى هَذَا.
فَأَمَّا إذَا اخْتَارَ دَفْعَ نِصْفِ الْعَبْدِ إلَيْهِ يَكُونُ اخْتِيَارًا فِي حَقِّ الْآخَرِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ، وَلَكِنْ يَتَبَيَّنُ بِمَا ذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْجَوَابَ سِوَاهُ، وَأَنَّ اخْتِيَارَ دَفْعِ النِّصْفِ إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا لِلدَّفْعِ فِي حَقِّ الْآخَرِ لِأَنَّهُ يَقُولُ دَفْعُ النِّصْفِ إلَى أَحَدِهِمَا اخْتِيَارُ الْفِدَاءِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَجْهُ تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ يَقُومُونَ مَقَامَ الْمَيِّتِ وَالْحَقُّ فِي الْحَاصِلِ لِلْمَيِّتِ فَهُمْ جَمِيعًا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي حَقِّ ذَلِكَ فَيَكُون اخْتِيَارُهُ فِي حَقِّ الْبَعْضِ اخْتِيَارًا فِي حَقِّ الْكُلِّ وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ هُوَ أَنَّ الْحَقَّ قَدْ تَفَرَّقَ بَيْنَ الْوَلِيَّيْنِ فَصَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَيُجْعَلُ هَذَا فِي الْحُكْمِ كَجِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى شَخْصَيْنِ فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارُ الدَّفْعِ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا اخْتِيَارًا لِلدَّفْعِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ.
فَإِذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يَشَاء صَاحِبُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدَانِ كَانَ مُسْتَهْلِكًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إلَّا أَنَّ مَذْهَبَهُمَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا كَانَ اخْتِيَارُهُ بَاطِلًا وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ الْآخَر ضَامِنًا لَهُ نِصْفَ مَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ وَهُوَ رُبْعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُعْطِيَهُ رُبْعَ الدِّيَةِ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتِيَارُهُ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ فِي الدِّيَاتِ، وَإِنَّمَا حَقُّ الْآخَرِ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى يُطَالِبُهُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ وَلَا سَبِيل عَلَى شَرِيكِهِ.
وَلَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ عَبْدَهُ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ دَفَعَهُ كُلَّهُ خُمُسُهُ بِالْجِنَايَةِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ بِنَقْضِ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَجُوزُ فِي سُدُسِ الْعَبْدِ وَوَصِيَّةُ الْآخَرِ بِالسُّدُسِ أَيْضًا فَإِنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ حَقِّهِمَا فِيهِ وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ السَّهْمَ الَّذِي جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِ بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ وَحَاجَتُهُمْ إلَى أَرْبَعَةٍ فَظَهَرَتْ الزِّيَادَةُ فِي نَصِيبِهِمْ سَهْمٌ وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي سَهْمٍ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي سَهْمٍ فَيَكُونُ الْعَبْدُ عَلَى خَمْسَةٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ خَمْسَةً بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ وَيَصِيرُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّ الْمَرِيضَ مَاتَ عَنْ عَبْدٍ وَخُمُسِ عَبْدٍ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ، ثُمَّ هَذَا الْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
فَأَمَّا عِنْدَهُمَا يَنْبَغِي أَنْ يَضْرِبَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَبْدِ وَبِثُلُثِ خُمُسِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ فِي الْحُكْمِ إنَّمَا تَرَكَ عَبْدًا وَخُمُسًا فَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا أَنَّ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ عَدَمِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَضْرِبُ إلَّا بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ فَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْجَوَابَ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِجَمِيعِ الْهِبَةِ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ فَإِنَّ مَالَهُ فِي الْحَاصِلِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا الدِّيَةُ وَالْعَبْدُ فَيَكُونُ نَصِيبُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ مِقْدَارَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَلِهَذَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهِ فَيَفْدِيهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، ثُمَّ يُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ الدِّيَةِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ وَثُلُثُ مَالِهِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثُلُثَا أَلْفٍ، وَقَدْ سَلِمَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مِقْدَارُ أَلْفٍ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الدِّيَةِ أَلْفَيْنِ وَثُلُثَيْ أَلْفٍ وَيُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ سَبْعَةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثُلُثَيْ أَلْفٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ.
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ فَالْجَوَابُ كَمَا بَيَّنَّا، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنَّهُ يَفْدِيهِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَالَ الْمَيِّتِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَيَكُونُ ثُلُثُهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ فَعَرَفْنَا أَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَمْ تَزِدْ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِ فَلِهَذَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ وَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ، وَذَلِكَ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَلِلْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْجَوَابُ يَحْتَمِلُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُوصًى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَالْآخَرُ مُوصًى لَهُ بِالْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَكَيْفُ يُجْعَلُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَحَقُّ أَحَدِهِمَا ضِعْفُ حَقِّ الْآخَرِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا قُلْنَا هُوَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْقُصْ حَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ احْتَاجَ إلَى نَقْصِ الْهِبَةِ فِي بَعْضِ الْهِبَةِ وَبِقَدْرِ ذَلِكَ يَنْقُصُ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْفِدَاءِ بِقَدْرِ مَا تَجُوزُ فِيهِ الْهِبَةُ.
فَأَمَّا مَا تَنْتَقِصُ فِيهِ الْهِبَةُ مِنْ الْعَبْدِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ.
وَإِذَا انْتَقَصَ الْفِدَاءُ انْتَقَصَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَلَمْ يَبْقَ هُنَا وَجْهٌ سِوَى تَصْحِيحِ الْهِبَةِ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لِيَفْدِيَهُ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَوْفِيرَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَحُكِيَ أَنَّ ابْنِ جَمَاعَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَتَبَ إلَى مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حِينَ كَانَ بِالرَّقَّةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا تَخْرُجُ عَلَى الْأُصُولِ الْمَعْرُوفَةِ فَكَتَبَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ كَمَا قُلْت، وَإِنَّمَا لَمْ نَعْرِفْ حِسَابًا يَتَبَيَّنُ لَنَا بِهِ قَدْرَ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّا كُلَّمَا نَقَصْنَا الْهِبَةَ فِي شَيْءٍ انْتَقَصَ مَالُ الْمَيِّتِ بِقَدْرِهِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَك ذَلِكَ الْحِسَابُ فَمُنَّ عَلَيْنَا بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْنِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ رَدَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَيَدْفَعُ الْخُمُسَ بِالْجِنَايَةِ، وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ خُمُسُ الْعَبْدِ لِمَا بَيَّنَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الطَّرِيقَ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ لَا يَخْتَلِفُ، وَإِنْ قَالَ أَنَا أَفْدِي وَقِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ رَدَّ خَمْسَة أَثْمَانِهِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَفَدَى ثَلَاثَةَ أَثْمَانِهِ بِثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الدِّيَةِ وَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ الدِّيَةِ مِثْلُ ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الْعَبْدِ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ تَجْوِيزَ الْهِبَةِ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ هُنَا غَيْرُ مُمْكِنٌ فَإِنَّهُ لَا يَفْدِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ فَصَارَ مَالُ الْمَيِّتِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا فَثُلُثُ مَالِهِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ.
فَإِذَا جَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ لَمْ يَبْقَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَلْفٌ وَثُلُثٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ وَصِيَّتُهُ أَقَلَّ مِنْ وَصِيَّةِ الْعَبْدِ.
فَإِذَا تَعَذَّرَ تَنْفِيذُ الْهِبَةِ فِي جَمِيعِهِ قُلْنَا السَّبِيلُ فِي مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مَا تَجُوزُ فِيهِ الْهِبَةُ أَنْ تَقُولَ الْهِبَةُ يَكُونُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ مِنْهُ وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ، ثُمَّ يُفْدَى ذَلِكَ السَّهْمُ بِثَلَاثَةِ أَمْثَالِهِ وَمِثْلِ ثُلُثِهِ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ هَكَذَا فَإِنَّ الْقِيمَةَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ وَالدِّيَةَ عَشَرَةُ آلَافٍ.
فَإِذَا فَدَاهُ بِذَلِكَ ازْدَادَ مَالُ الْمَيِّتِ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَثُلُثٍ.
فَالسَّبِيلُ أَنْ يُطْرَحَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَثُلُثٌ يَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى سَهْمَيْنِ وَثُلُثَيْ سَهْمٍ فَانْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ فَاضْرِبْهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي سَهْمَيْنِ وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي ثَلَاثَةٍ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَلِهَذَا جَازَتْ الْهِبَةُ لَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِهِ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافِ وَسَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ وَمِنْ حَيْثُ السِّهَامُ إنَّمَا يَفْدِي هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِعَشَرَةِ أَسْهُمٍ ثَلَاثَةٌ أَمْثَالِهِ وَمِثْلُ ثُلُثِهِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ اثْنَا عَشَرَ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثُلُثِهِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ.
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَقُولُ يُجْعَلُ كُلُّ أَلْفٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ فَتَكُونُ الدِّيَةُ ثُلُثَيْنِ وَالْعَبْدُ تِسْعَةً، ثُمَّ يَجُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْهِبَةُ فِي سُدُسِ الْعَبْدِ فَيَفْدِيهِ بِسُدُسِ الدِّيَةِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَزْدَادُ نَصِيبُ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِهَذِهِ الْخَمْسَةِ.
فَالسَّبِيلُ أَنْ يُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِهِمَا خَمْسَةٌ يَبْقَى لَهُمَا سَهْمَانِ وَنِصْفٌ لِأَنَّ سِهَامَ الْعَبْدِ تِسْعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ وَنِصْفٌ وَلِلْوَرَثَةِ سِتَّةٌ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ إذَا طَرَحْت مِنْهُ خَمْسَةً يَبْقَى سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَأَضْعِفْهُ فَيَصِيرُ حَقُّهُمَا خَمْسَةً وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثَلَاثَةً فَلِهَذَا صَارَ الْعَبْدُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِهِ مِقْدَارُ ذَلِكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الدِّيَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَسَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ مِثْلَ مَا سَلِمَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِنْ الدِّيَةِ أَلْفَانِ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَمِنْ الْعَبْدِ خَمْسَةُ أَثْمَانِهِ مِقْدَارُ ذَلِكَ أَلْفٌ وَثَمَانُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ.
فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَهُمَا تَصِيرُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ، وَذَلِكَ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَى عَشَرَةِ آلَافٍ وَطَرِيقُ التَّخْرِيجِ فِيهِ كَمَا بَيَّنَّا فَإِنْ أَوْصَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالسُّدُسِ مِنْ مَالِهِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَ الْعَبْدَ كُلَّهُ خَمْسَةَ أَسْبَاعِهِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَسُبُعَيْهِ بِالدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِثْلَا وَصِيَّةِ صَاحِبِ السُّدُسِ فَإِنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالْعَبْدِ كُلِّهِ بِالْهِبَةِ، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ تَجُوزُ فِي ثُلُثِهِ فَوَصِيَّةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِقْدَارُ الثُّلُثِ وَوَصِيَّةُ الْآخَرِ السُّدُسُ فَاجْعَلْ ثُلُثَ الْمَالِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا.
وَإِذَا صَارَ ثُلُثُ الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَالْمَالُ كُلُّهُ تِسْعَةٌ سِتَّةٌ لِلْوَرَثَةِ وَسَهْمَانِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ سَهْمَهُ بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ نَصِيبُ الْوَرَثَةِ فَيُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِهِمْ سَهْمَانِ فَيُجْعَلُ الْعَبْدُ عَلَى سَبْعَةٍ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ سَهْمَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي ثُلُثَيْ الثُّلُثِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْ الثُّلُثِ فَيُسَلَّمُ لَهُ الْعَبْدُ كُلُّهُ وَيُسَلَّمُ لِلْآخَرِ سُدُسُ الْمَالِ، وَذَلِكَ أَلْفٌ وَثَمَانُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَحَصَلَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّتَيْنِ فِي أَلْفَيْنِ وَثَمَانِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَعِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ مَالُ الْمَيِّتِ يَصِيرُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَثُلُثُهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ وَلِلْمُوصَى لَهُ الْآخَرُ سُدُسُ الْمَالِ، وَذَلِكَ أَلْفَانِ وَهُوَ تَمَامُ ثُلُثِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْنِ فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِقْدَارَ سُبُعَيْ الدِّيَةِ، أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ حِينَئِذٍ لَا يَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنَّمَا تَتَبَيَّنُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَسْأَلَةِ أَوَّلِ الْبَابِ فَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْخُمُسِ، وَعِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ خُمُسِ الدِّيَةِ، أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ لَا يَخْرُجُ الْعَبْدُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ فَهُنَا لَمَّا جَازَتْ الْهِبَةُ عِنْدَ الدَّفْعِ فِي سُبُعَيْ الدِّيَةِ فَعِنْدَ الْفِدَاءِ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ مِثْلَ سُبُعَيْ الدِّيَةِ، أَوْ أَقَلَّ.
وَكَذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي بَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إلَى حَالِ الدَّفْعِ فَمِقْدَارُ مَا تَجُوزُ فِيهِ الْهِبَةُ عِنْدَ الدَّفْعِ فَعِنْدَ الْفِدَاءِ إذَا كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلَ ذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ الدِّيَةِ، أَوْ أَقَلَّ تَجُوزُ فِي الْكُلِّ حَتَّى إذَا كَانَ عِنْدَ الدَّفْعِ يَدْفَعُ سُدُسَ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ فَعِنْدَ الْفِدَاءِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مِثْلَ سُدُسِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِرُبْعِ مَالِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا يَضْرِبُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَالْآخَرَ يَضْرِبُ بِالرُّبْعِ فَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ ثُلُثُهُ أَرْبَعَةٌ وَرُبْعُهُ ثَلَاثَةٌ فَيَصِيرُ ثُلُثُ الْمَالِ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَالْمَالُ كُلُّهُ أَحَدً وَعِشْرُونَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَرْبَعَةَ بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْمَيِّتِ فَالسَّبِيلُ أَنْ يُطْرَحَ مِنْ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ فَيَصِيرُ نَصِيبُ الْوَرَثَةِ عَشَرَةً وَلِلْمُوصَى لَهُمَا سَبْعَةٌ فَيَكُونُ الْعَبْدُ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْأَرْبَعَةَ بِالْجِنَايَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ وَيَنْبَغِي فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنْ يَضْرِبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الثُّلُثِ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَالْآخَرُ بِالرُّبْعِ وَهُوَ سَهْمٌ وَاحِدٌ فَيَصِيرُ الثُّلُثُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَالْمَالُ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَّا أَنَّ فِي الْكِتَابِ خَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ وَكَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلَ أَرْبَعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ، أَوْ أَقَلَّ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي الْكُلِّ وَيَفْدِيهِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ وَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ الْأَقَلُّ مِنْ رُبْعِ جَمِيعِ الْعَبْدِ كُلِّهِ بِالْهِبَةِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي كُلِّهِ صَارَ نَصِيبَهُ فَيَجِبُ أَنْ يُقَسَّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْحِسَابِ الَّذِي قُلْنَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يُفْدَى ذَلِكَ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِ نِصْفِهِ فَالدِّيَةُ مِنْ الْقِيمَةِ كَذَلِكَ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ عَلَى قِيَاسِ مَا بَيَّنَّا وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهُ فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا عَنْهُ أَحَدُهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَأْخُذُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ الْمُعْتِقِ نِصْفَ الدِّيَةِ.
وَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْقَتْلِ، أَوْ بَعْدَ الْقَتْلِ وَقَبْلَ عَفْوِ أَحَدِهِمَا، أَوْ بَعْدَ الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَفِي كُلِّ فَصْلٍ حُكْمَانِ حُكْمٌ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَحُكْمٌ فِيمَا بَيْنَ الْوَارِثَيْنِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا وَالْعِتْقُ قَبْلَ الْقَتْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا عَفَا أَحَدُهُمَا صَارَ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ وَهُوَ حُرٌّ فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ خَمْسَةُ آلَافٍ وَالْعَبْدُ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَمَالُ الْمَيِّتِ سِتَّةُ آلَافٍ، ثُمَّ يُقَسَّمُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ أَحَد عَشَرَ وَلِلْعَافِي سَهْمٌ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا يُقَسَّمُ إنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةٌ، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ شَيْءٌ أَيْضًا لِأَنَّ التَّرِكَةَ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا فَالْأَلْفُ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ خَمْسَةُ آلَافٍ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ آلَافٍ بِالْقَتْلِ فَلَمَّا عَفَا أَحَدُهُمَا صَارَ مُسْتَهْلِكًا نَصِيبه فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَوْفِي بِخِلَافِ قَتْلِ الْعَمْدِ فَإِنَّ هُنَاكَ بِالْعَفْوِ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلِكًا، وَلَا مُسْتَوْفِيًا شَيْئًا مِنْ الْمَالِ فَلِهَذَا لَا يُسَلَّمُ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا.
فَإِذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ لِأَنَّ نَصِيبَهُ صَارَ مَالًا بَعْدَ مَا صَارَ حُرًّا، وَلَكِنَّ أَصْلَ الْجِنَايَةِ مِنْهُ كَانَ فِي حَالَةِ الرِّقِّ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِهَذَا يَسْتَسْعِيهِ الْآخَرُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ.
وَإِذَا اسْتَسْعَاهُ فِي ذَلِكَ تَبَيَّنَ أَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ عَبْدٌ وَنِصْفٌ فَيَجُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ الْقِيمَةِ.
فَإِذَا وَصَلَ ذَلِكَ إلَى الْوَرَثَةِ كَانَ الْوَاصِلُ إلَيْهِمْ تَمَامَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ، ثُمَّ يَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ هَذِهِ الْقِيمَةَ فَيَضْرِبُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِقِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَجَبَ لَهُ بِالْمِيرَاثِ وَنِصْفَ الْقِيمَةِ وَجَبَ بِالْجِنَايَةِ وَيَضْرِبُ الْعَافِي بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْعَفْوِ فَتُقَسَّمُ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةٌ وَثُلُثٌ لِأَنَّ الْقَتْلَ الْخَطَأَ يُوجِبُ الْمَالَ، وَقَدْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ بِالْعِتْقِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَصَارَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ عَبْدَيْنِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتَانِ قِيمَةٌ بِاعْتِبَارِ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْهِبَةِ وَقِيمَةٌ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يُسَلَّمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ وَهُوَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ وَيَدْفَعُ قِيمَةً وَثُلُثًا إلَى الْوَرَثَةِ حَتَّى يَصِيرَ لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا عَفَا أَحَدُهُمَا فَقَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ فِي النِّصْفِ فَسَقَطَ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْقِيمَةِ لِأَنَّا إذَا أَسْقَطْنَا عَنْ قِيمَةٍ وَثُلُثِ نِصْفِ قِيمَةٍ يَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْقِيمَةِ نِصْفُ الْقِيمَةِ مِنْ ذَلِكَ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ وَثُلُثُ الْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ فِي الْحَاصِلِ ثُلُثَا الْقِيمَةِ وَلِلْعَافِي سُدُسُ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْعِتْقُ بَعْدَ الْقَتْلِ وَالْعَفْوُ فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ قِيمَةٌ بِالْهِبَةِ وَنِصْفُ قِيمَةٍ بِالْجِنَايَةِ فَيُسَلَّمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ أَثْلَاثًا لِأَنَّ حَقَّ أَحَدِهِمَا فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ وَحَقَّ الْآخَرِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ فَإِنَّمَا يَقْتَسِمَانِهِ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ كَمَا يَقْتَسِمَانِهِ إنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً.
وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً كَانَ الْقَتْلُ عَلَى الْمَوْهُوبِ نِصْفُ الْقِيمَةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ مُوجِبَ الْخَطَأِ الْمَالُ فَلَمَّا عَفَا أَحَدُهُمَا صَارَ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى نِصْفَ الْقِيمَةِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْقَابِضِ، ثُمَّ الْمُتْلِفِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ النِّصْفُ كُلُّهُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ وَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْضًا ثُلُثُ الْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ فِي الْأَصْلِ قِيمَتَانِ فَيَجُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ وَثُلُثٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا عَفَا أَحَدُهُمَا فَقَدْ أَسْقَطَ نِصْفَ الْقِيمَةِ فَإِنَّمَا يَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ دَبَّرَ الْعَبْدَ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ عَمْدًا، ثُمَّ عَفَا أَحَدُ الِاثْنَيْنِ فَهَذَا مِثْلُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى قِيمَةٌ وَنِصْفٌ الْقِيمَةُ مِنْ جِهَةِ الْهِبَةِ وَالنِّصْفُ مِنْ جِهَةِ الْجِنَايَةِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنَّ مُوجِبَ جِنَايَةِ الْمُدَبِّرِ عَلَى مَوْلَاهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ يَقْتَسِمُهَا الِاثْنَانِ أَثْلَاثًا، وَلَوْ كَاتَبَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ إلَّا نِصْفَ الْقِيمَةِ يَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْقِيمَةُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَصَارَ مَالُهُ قِيمَةً وَنِصْفًا فَيَسْقُطُ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ بِالْوَصِيَّةِ وَيُؤَدِّي نِصْفَ الْقِيمَةِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ فَيَقْتَسِمُهَا الِاثْنَانِ أَثْلَاثًا وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَدَبَّرَهُ الثَّانِي أَوْ كَاتَبَهُ فَهُوَ عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَلَوْ كَاتَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَوَّلَ، ثُمَّ إنَّهُ قَتَلَ الْوَاهِبَ خَطَأً وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثَا الْقِيمَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى فِي الْأَصْلِ قِيمَتَانِ قِيمَةٌ بِالْهِبَةِ وَقِيمَةٌ بِالْجِنَايَةِ عَنْ الْمُكَاتَبِ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ وَهُوَ ثُلُثَا الْقِيمَةِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَقَدْ صَارَ الْعَافِي بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَوْفِي لِنِصْفِ الْقِيمَةِ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَيَبْقَى عَلَى الْمُكَاتَبِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ.
وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَهَبَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ خَطَأً فَالْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّانِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ تَبَيَّنَ أَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ قِيمَتَانِ فَيَجُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الثُّلُثُ وَهُوَ ثُلُثَا الْقِيمَةِ وَيَضْمَنُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَعَ الْعَبْدَيْنِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْعَبْدُ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ آلَافٍ، أَوْ أَقَلَّ فَإِنَّهُ يَفْدِيهِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ فَيَصِيرُ مَالُ الْمَيِّتِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ ضُمَّتْ الْقِيمَةُ إلَى الدِّيَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَالُ الْمَيِّتِ كَمْ هُوَ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ وَيَغْرَمُ مَا وَرَاء ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ وَبَيَانُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ سِتَّةَ آلَافٍ فَإِنَّ مَالَ الْمَيِّتِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا فَيُسَلَّمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُهُ وَهُوَ خَمْسَةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ ثُلُثَيْ أَلْفٍ وَكَذَلِكَ مَا زَادَتْ قِيمَتُهُ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ فَإِنْ عَفَا أَحَدُ الِاثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرُ ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَ نِصْفَ الْعَبْدِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ عَبْدٌ وَنِصْفٌ وَالْعَافِي صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِلنِّصْفِ بِالْعَفْوِ فَجَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَنِصْفُ الْعَبْدِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ وَنِصْفُهُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى نِصْفَهُ بِخَمْسَةِ آلَافٍ وَجَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ ثُلُثِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى هُنَا قِيمَةٌ وَنِصْفُ الدِّيَةِ لِأَنَّ فِي نَصِيبِ الَّذِي عَفَا يُعْتَبَرُ أَقَلُّ الْمَالَيْنِ فَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا تَظْهَرُ بِالِاخْتِيَارِ وَالِاخْتِيَارُ فِيمَا جَازَ فِيهِ الْعَفْوِ فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي نَصِيبِ الَّذِي عَفَا نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَفِي نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ، ثُمَّ يَجُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ.
وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فَاجْعَلْ كُلَّ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ مَالُ الْمَيِّتِ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ أَمَّا خَمْسَةُ آلَافٍ فَهُوَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَأَلْفَانِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَأَلْفٌ اسْتَهْلَكَهُ الْعَافِي فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَبْدَ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ وَيَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ الْخَمْسَةَ آلَافٍ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ الَّذِي هُوَ مَحْسُوبٌ عَلَى الْعَافِي فَيَضْرِبُ فِيهِ الْعَافِي بِنِصْفِ قِيمَتِهِ مِنْ قِبَلِ الْمِيرَاثِ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ مِنْ قِبَلِ الْجِنَايَةِ وَيَضْرِبُ فِيهِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِنِصْفِ نِصْفِ الدِّيَةِ وَبِنِصْفِ الْقِيمَةِ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَمَا أَصَابَ الْعَافِي حُسِبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ نِصْفُ الْقِيمَةِ الَّذِي أَتْلَفَ وَيَأْخُذُ الْفَضْلَ، وَمَا أَصَابَ الَّذِي لَمْ يَعْفُ يُسَلَّمُ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْقِيمَةِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَضُمَّ مَالَ الْمَيِّتِ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ وَهُوَ قِيمَةٌ وَنِصْفُ قِيمَةٍ وَنِصْفُ الدِّيَةِ فَيَجُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ وَيَضْمَنُ الْفَضْلَ، ثُمَّ يَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ فَيَضْرِبُ قِيمَةَ الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَنِصْفِ الدِّيَةِ وَالْعَافِي بِنِصْفِ الْقِيمَةِ مِنْ جِهَةِ الْهِبَةِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ بِالْجِنَايَةِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ سَلِمَ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ وَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ أَيْضًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ عِشْرُونَ أَلْفًا فِي الْحَاصِلِ عَشَرَةٌ آلَافٍ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَخَمْسَةُ آلَافٍ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ وَمِثْلُهُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْعَافِي بِالْعَفْوِ فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ ثُلُثَا قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيَغْرَمُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِاسْتِوَاءِ حَقِّهِمَا فِي الْعَبْدِ قَبْلَ الْهِبَةِ وَبَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ، وَقَدْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ مِنْ الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَضُمَّ جَمِيعَ الدِّيَةِ إلَى جَمِيعِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْعَافِيَ اسْتَهْلَكَ بِالْعَفْوِ نِصْفَ الدِّيَةِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَتْلَفَهُ، وَقَدْ وَجَبَ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ نِصْفُ الدِّيَةِ فَتُضَمُّ الدِّيَةُ إلَى الْقِيمَةِ، ثُمَّ يُسَلَّمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ جَمِيعِ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَيُؤَدِّي الْفَضْلَ فَيَقْتَسِمْهُ الِاثْنَانِ نِصْفَيْنِ حَتَّى إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ أَلْفًا.
فَإِذَا ضَمَمْت الدِّيَةَ إلَى الْقِيمَةِ كَانَتْ الْجُمْلَةُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا فَيُسَلَّمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةُ آلَافٍ وَهُوَ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيَغْرَمُ نِصْفَ الْقِيمَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ خَاصَّةً وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ عَمْدًا فَعَفَا الْوَلِيَّانِ عَنْهُ جَازَ الْعَفْوُ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَلِلْوَرَثَةِ ثُلُثَاهُ لِأَنَّ حُكْمَ الْجِنَايَةِ بَطَلَ بِعَفْوِهِمَا فَكَأَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى الْعَبْدِ فَتَجُوزُ هِبَتُهُ فِي ثُلُثِهِ فَلَوْ عَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ وَاخْتَارَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الدَّفْعَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَدْفَعُ الْخُمُسَ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ وَيَبْقَى لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْخُمُسُ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي الِابْتِدَاءِ تَجُوزُ فِي الثُّلُثِ فَلَمَّا عَفَا أَحَدُهُمَا وَجَبَ دَفْعُ نِصْفِ ذَلِكَ الثُّلُثِ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ عَلَى سِتَّةٍ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ، ثُمَّ يَدْفَعُ سَهْمًا بِالْجِنَايَةِ وَهُوَ الدَّائِرُ فَنَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ سَهْمًا وَيَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى خَمْسَةٍ فَيَرُدُّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَخُمُسَهُ بِالْجِنَايَةِ، ثُمَّ يَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ فَيَضْرِبُ الَّذِي عَفَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَاَلَّذِي لَمْ يَعْفُ بِنِصْفِ الرَّقَبَةِ وَخُمُسِ الْعَبْدِ وَأَوْرَدَ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا فِي الْإِقْرَارِ إلَّا أَنَّهُ اعْتَبَرَ اللَّفْظَ هُنَا وَقَالَ هُنَاكَ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ وَلِلْعَافِي سَهْمٌ وَنِصْفٌ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا، ثُمَّ عَفَا الْآخَرُ بَعْدَهُ دَفَعَ إلَيْهِمَا ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَيُسَلَّمُ لَهُ الْخُمُسَانِ لِأَنَّهُمَا لَمَّا عَفَوَا فَقَدْ جُعِلَ الَّذِي عَفَا مِنْهُمَا آخَرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَوْفِي خُمُسَ ذَلِكَ الْعَبْدِ بِالْإِتْلَافِ.
فَإِذَا سَلِمَ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ مَعَ ذَلِكَ اسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، ثُمَّ يَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَخْمَاسٍ فَيَضْرِبُ فِيهِ الَّذِي عَفَا أَوَّلًا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَاَلَّذِي عَفَا آخِرًا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَبِخُمُسِهِ إلَّا أَنَّهُ يُحْسَبُ عَلَيْهِ بِالْخُمُسِ الَّذِي أَتْلَفَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَفَا بَعْدَ مَا صَارَ مَالًا وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا عَفَا، وَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ هُوَ الْقِصَاصَ.
وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ عَفَوَا مَعًا ضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ عَفْوَهُمَا مَعًا يُبْطِلُ حُكْمَ الْجِنَايَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ سِوَى ذَلِكَ الْعَبْدِ فَيُسَلَّمُ لَهُ الثُّلُثُ بِالْهِبَةِ وَيَضْمَنُ الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِالْعِتْقِ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَعَلَى الْمُعْتَقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ هُنَا قِيمَةٌ وَنِصْفٌ الْقِيمَةُ مِنْ جِهَةِ الْهِبَةِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنَّمَا صَارَ مَالًا بَعْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ ذَلِكَ النِّصْفُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقْسِمُ الْقِيمَةَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فَيَضْرِبُ فِيهِ الْعَافِي أَوَّلًا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْعَافِي آخِرًا بِقِيمَةٍ كَامِلَةٍ فَتَكُونُ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا لِلَّذِي عَفَا آخِرًا وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ الَّذِي أَتْلَفَهُ بِالْعَفْوِ وَيَبْقَى لَهُ سُدُسُ الْقِيمَةِ الَّذِي أَتْلَفَهُ بِالْعَفْوِ وَيَبْقَى لَهُ سُدُسُ الْقِيمَةِ، وَفِي الْكِتَابِ يَقُولُ يَضْرِبُ الْآخَرُ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَهَذَا الْجَوَابُ غَلَطٌ وَقَعَ مِنْ جِهَةِ الْكَاتِبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْرِبُ بِقِيمَةٍ كَامِلَةٍ لِلْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا إلَّا أَنْ يَعْنِيَ بِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ ثُلُثَا الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ عَمْدًا فَعَفَا الِاثْنَانِ عَنْهُ مَعًا فَالْمَوْهُوبُ لَهُ ضَامِنٌ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ حُكْمَ الْجِنَايَةِ قَدْ بَطَلَ بِعَفْوِهِمَا فَلَا يَتَبَيَّنُ لِلْمَيِّتِ مَالٌ سِوَى الْعَبْدِ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى الْمُعْتَقِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ فَإِنَّهُ قَتَلَهُ وَهُوَ حُرٌّ وَنِصْفُ الدِّيَةِ خَمْسَةُ آلَافٍ.
فَإِذَا ضَمَمْت إلَيْهِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ يَكُونُ سَبْعَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعَبْدَ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ سَالِمًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ بَيْنَهُمَا هَذِهِ الْخَمْسَةَ آلَافٍ يَضْرِبُ فِيهِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَنِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْعَافِي بِنِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى مَا كَانَ يَضْرِبُ فِيهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ، وَلَا يَضْرِبُ بِحِصَّةِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ نَصِيبَهُ لَمْ يَصِرْ مَالًا فَتَكُونُ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا، ثُمَّ الْآخَرُ فَعَفْوُ الْأَوَّلِ جَائِزٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لِمَا قُلْنَا فَلَمَّا عَفَا الْآخَرُ يَجُوزُ عَفْوُهُ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ وَيَبْطُلُ عَنْ الْعَبْدِ مِقْدَارُ حِصَّتِهِ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ اثْنَا عَشَرَ، وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ لِلَّذِي عَفَا أَوَّلَ مَرَّةٍ حِصَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِأَنَّ إسْقَاطَ الثَّانِي إنَّمَا يَصِحُّ فِي نَصِيبِهِ لَا فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الْعَافِي آخِرًا لِلَّذِي عَفَا أَوَّلًا لِأَنَّهُ بِالْعَفْوِ مُسْقِطٌ لَا مُسْتَوْفٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَقَدْ عَفَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّ مَالَ الْمَيِّتِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ آلَافٍ فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ مِقْدَارُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ وَيَغْرَمُ الزِّيَادَةَ إلَى تَمَامِ خَمْسَةِ آلَافٍ فَيَقْتَسِمُ الِاثْنَانِ ذَلِكَ يَضْرِبُ فِيهِ الَّذِي عَفَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَقَطْ لِأَنَّ نَصِيبَهُ لَمْ يَصِرْ مَالًا وَيَضْرِبُ الَّذِي لَمْ يَعْفُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَجَبَ لَهُ بِالْجِنَايَةِ وَبِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَيَقْتَسِمَانِهِ وَعَلَى ذَلِكَ مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدَهُ مِنْ مَرِيضٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَهَبَهُ لِصَحِيحٍ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ الْأَوَّلَ، وَمَاتَ الثَّانِي مِنْ مَرَضِهِ، وَلَا مَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا سِوَاهُ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلثَّالِثِ ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَالِكُ عِنْدَ جِنَايَتِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ لِوَرَثَةِ الثَّانِي انْتَقَصَتْ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ مِنْهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّك تَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبْع وَلِثُلُثِهِ ثُلُثٌ، وَذَلِكَ تِسْعَةٌ فَأَجْرُ الْهِبَةِ لِلْأَوَّلِ فِي ثَلَاثَةٍ وَلِلثَّانِي فِي سَهْمٍ.
وَقَدْ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ فِي السِّتَّةِ الَّتِي عَادَتْ إلَى الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَمَّا بَطَلَتْ فِي تِلْكَ السِّتَّةِ صَارَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ وَجِنَايَةُ الْمَمْلُوكِ عَلَى مَوْلَاهُ خَطَأً تَكُونُ هَدَرًا فَإِنَّمَا تَبْقَى الْجِنَايَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمَيْنِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ وَسَهْمٌ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي وَيَدْفَعَانِ تِلْكَ الثَّلَاثَةَ بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْأَوَّلِ بِقَدْرِ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَهِيَ السِّهَامُ الدَّائِرَةُ فَاطْرَحْ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ نَصِيبِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ثَلَاثَةٌ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَثَلَاثَةٌ بِالدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ وَيُسَلَّمُ لِوَرَثَتِهِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ يَغْرَمُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّانِي لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ ثُلُثَ قِيمَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثُلُثَا الدِّيَةِ أَقَلَّ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ الْعَبْدَ فَارِغًا، ثُمَّ رَدَّ السَّهْمَيْنِ عَلَيْهِمْ مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ، وَقَدْ اسْتَحَقَّ بِذَلِكَ الشُّغْلَ فَكَأَنَّهُ تَلِفَ عِنْدَهُ إلَّا أَنَّ الْوَرَثَةَ كَانُوا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ اخْتِيَارِ الْأَقَلِّ وَهُوَ الدَّفْعُ، أَوْ الْفِدَاءُ فَلَا يَضْمَنُ لَهُمْ إلَّا الْأَقَلَّ، وَلَوْ أَنَّهُمْ اخْتَارُوا الْفِدَاءَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةَ آلَافٍ أَوْ أَقَلَّ يَرُدُّ الثَّالِثَ عَلَى وَرَثَةِ الثَّانِي بِثُلُثَيْهِ، ثُمَّ فَدَوْهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ الثَّالِثُ بِثُلُثِ الدِّيَةِ وَوَرَثَةُ الثَّانِي بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْأَوَّلَ تَرَكَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَضْمَنُ الثَّالِثُ لِوَرَثَةِ الثَّانِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ عَبْدًا فَارِغًا عَلَى طَرِيقِ التَّمَلُّكِ وَرَدَّهُ مَشْغُولًا وَقَدْ اسْتَحَقَّ بِذَلِكَ الشُّغْلَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ وَكَانَتْ سِتَّةَ آلَافِ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ لِأَنَّا نُجِيزُ الْهِبَةَ مِنْ الْأَوَّلِ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ فَيَفْدُونَ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِ ثُلُثِهِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْأَوَّلِ سَهْمًا وَثُلُثَيْنِ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِ الْأَوَّلِ سَهْمًا وَثُلُثَيْ سَهْمٍ يَبْقَى لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ ثُلُثُ سَهْمٍ وَجَازَتْ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ.
فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا جَازَتْ الْهِبَةُ لَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ، ثُمَّ تَجُوزُ الْهِبَةُ لِلثَّانِي فِي سَهْمٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ يَفْدِيَانِ تِلْكَ الثَّلَاثَةَ بِمِثْلِهَا وَمِثْلِ ثُلُثَيْهَا، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَيَصِيرُ لِلْأَوَّلِ سِتَّةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِقِيمَةِ سَهْمَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ فِي الْحَاصِلِ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ بِسَبَبٍ كَانَ فِي ضَمَانِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ أَلْفًا فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي خُمُسَيْ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الْأَوَّلِ تَجُوزُ فِي الْأَصْلِ فِي سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ يَفْدِيَانِ ذَلِكَ بِمِثْلِ نِصْفِهِ فَإِنَّ الدِّيَةَ مِثْلُ نِصْفِ الْقِيمَةِ فَإِنَّمَا يُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْأَوَّلِ نِصْفُ سَهْمٍ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ عَلَى سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ أَضْعِفْهُ لِلْكَسْرِ فَيَكُونُ خَمْسَةً، ثُمَّ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ وَتَبْطُلُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَفْدِيَانِ ذَلِكَ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَيَصِيرُ لِلْأَوَّلِ أَرْبَعَةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ وَرَثَةُ الثَّانِي بِمَا أَدَّوْا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الثَّالِثِ لِأَنَّ مَا أَدَّوْا هُوَ الْأَقَلُّ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُمْ ذَلِكَ بِجِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْ الْعَبْدِ فِي ضَمَانِ الثَّالِثِ، وَإِنْ اخْتَارَ الثَّالِثُ الْفِدَاءَ وَوَرَثَةُ الثَّانِي الدَّفْعَ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْهِبَةُ لِلثَّانِي فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ وَمِنْ الثَّانِي لِلثَّالِثِ فِي خُمُسِ الْعَبْدِ لِأَنَّك تَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى تِسْعَةٍ لِحَاجَتِك إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَلِثُلُثِهِ ثُلُثٌ فَيَجُوزُ لِلْأَوَّلِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثَّانِي مِنْ ذَلِكَ وَاحِدٌ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْأَوَّلُ السَّهْمَيْنِ وَيَفْدِي الثَّانِي سَهْمَهُ بِسَهْمَيْنِ لِأَنَّ الدِّيَةَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ إلَى الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَةٌ وَيَزْدَادُ مَالُهُ بِذَلِكَ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَطْرَحَ أَرْبَعَةً مِنْ وَرَثَتِهِ يَبْقَى لَهُمْ سَهْمَانِ وَصَارَ الْعَبْدُ كُلُّهُ خَمْسَةً لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ سَهْمَانِ وَلِلْأَوْسَطِ سَهْمَانِ وَلِلثَّالِثِ سَهْمٌ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْأَوْسَطُ سَهْمَيْهِ وَيَفْدِي الثَّالِثُ سَهْمَهُ بِسَهْمَيْنِ مِنْ الدِّيَةِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِقِيمَةِ الْخُمُسَيْنِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ بِجِنَايَةٍ كَانَتْ فِي ضَمَانِهِ.
وَعَلَى طَرِيقِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ السَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ الْعَبْدَ دِرْهَمًا وَدَنَانِيرَ فَتَجُوزُ هِبَةُ الْأَوَّلِ فِي ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ وَهِبَةُ الثَّانِي فِي دِينَارَيْنِ، ثُمَّ يَدْفَعُ وَرَثَةُ الثَّانِي الدِّينَارَيْنِ وَيَفْدِي الثَّالِثُ دِينَارَهُ بِدِينَارَيْنِ فَيَصِيرُ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ دِرْهَمٌ فَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ تَعْدِلُ سِتَّةَ دَنَانِيرَ لِأَنَّا جَوَّزْنَا هِبَةَ الْأَوَّلِ فِي ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ فَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا قِصَاصٌ فِي دِرْهَمٍ يَعْدِلُ دِينَارَيْنِ فَاقْلِبْ الْفِضَّةَ وَعُدْ إلَى الْأَصْلِ، وَقَدْ كُنَّا جَعَلْنَا الْعَبْدَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ الدِّرْهَمُ اثْنَانِ وَكُلُّ دِينَارٍ وَاحِدٌ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ، ثُمَّ أَجَزْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ كَمَا بَيَّنَّا.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَجْعَلُ الْعَبْدَ مَالًا، ثُمَّ تُجِيزُ الْهِبَةَ لِلْأَوَّلِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَلِلثَّانِي فِي شَيْءٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ شَيْئَيْنِ وَيَفْدِي الثَّالِثُ شَيْئًا بِشَيْئَيْنِ فَيَصِيرُ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ مَالٌ وَشَيْءٌ يَعْدِلُ سِتَّةَ أَشْيَاءَ فَالشَّيْءُ بِمِثْلِهِ قِصَاصٌ وَبَقِيَ مَالٌ كَامِلٌ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ، وَقَدْ أَجَزْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ، وَإِنْ اخْتَارَ الثَّالِثُ الدَّفْعَ وَاخْتَارَ وَرَثَةُ الثَّانِي الْفِدَاءَ جَازَتْ الْهِبَةُ لِلثَّانِي فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَلِلثَّالِثِ فِي رُبْعِهِ وَيَرْجِعُ رُبْعُهُ إلَى وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ بِانْتِقَاصِ الْهِبَةِ وَرُبْعُهُ يُدْفَعُ لِلثَّالِثِ وَيَفْدِي وَرَثَةُ الثَّانِي بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّك تَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى تِسْعَةٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ الثَّالِثُ سَهْمَهُ وَيَفْدِي الثَّانِي سَهْمَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ بِخَمْسَةٍ فَيُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ وَرَثَتِهِ يَبْقَى لَهُمْ سَهْمٌ وَلِلثَّانِي وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ فَصَارَ الْعَبْدُ كُلُّهُ أَرْبَعَةً فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ لِلْأَوْسَطِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمَانِ وَالثَّالِثِ سَهْمٌ، ثُمَّ يَدْفَعُ الثَّالِثُ سَهْمَهُ وَيَفْدِي الْأَوْسَطُ سَهْمَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ فَيَصِيرُ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ سِتَّةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَتَلَ الْمَرِيضَ الْآخَرَ وَلَمْ يَقْتُلْ الْأَوَّلَ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَنْتَقِصُ فِي الثُّلُثَيْنِ فَيَرُدُّ ذَلِكَ إلَى وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَيَرُدُّونَهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ مِنْ الْجِنَايَةِ إمَّا لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ لِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ حُكْمُ الْجِنَايَةِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا، وَإِنَّمَا الْحَقُّ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ فِي ذَلِكَ فَيَرْجِعُونَ بِهِ فِي تَرِكَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَبْقَى ثُلُثُ الْعَبْدِ فَإِنْ اخْتَارَ الثَّالِثُ دَفْعَهُ فَعَلَى الثَّالِثِ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ الثُّلُثَ نِصْفُهُ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَنِصْفُهُ بِالدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الثُّلُثَ فِيمَا بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخِرِ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ تَامٍّ وَهَبَهُ مِنْ رَجُلٍ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْعَبْدِ التَّامِّ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا اخْتَارَ الدَّفْعَ رَدَّ نِصْفَهُ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَدَفَعَ نِصْفَهُ بِالْجِنَايَةِ.
فَكَذَلِكَ الثُّلُثُ فَإِنْ اخْتَارُوا الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِثُلُثِ الدِّيَةِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ الثُّلُثِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً، أَوْ أَقَلَّ يَعْنِي إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةَ آلَافٍ، أَوْ أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثُلُثَا أَلْفٍ.
فَإِذَا فَدَاهُ بِثُلُثِ الدِّيَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثُلُثٌ يُسَلَّمُ لِوَرَثَةِ الْأَوْسَطِ ضِعْفُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ هِبَةَ الْأَوْسَطِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ.
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ عَمِلْت فِي هَذَا الثُّلُثِ بَعْدَ أَنْ تَجْعَلَ فِي هَذَا الثُّلُثِ ثُلُثَ النَّفْسِ فَيُجْعَلُ كَعَبْدٍ كَامِلٍ جَنَى عَلَى ثُلُثِ النَّفْسِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَتَلَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ جَمِيعًا وَاخْتَارَ الثَّالِثُ وَوَرَثَةُ الثَّانِي الدَّفْعَ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْهِبَةُ مِنْ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي فِي خَمْسَةِ أَسْهُمٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَمِنْ الثَّانِي لِلثَّالِثِ فِي سَهْمَيْنِ لِأَنَّك تَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى تِسْعَةٍ سِتَّةٌ لِلْأَوَّلِ لَا جِنَايَةَ فِيهَا وَسَهْمَانِ لِلْأَوْسَطِ فِيهِمَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْجِنَايَةُ عَلَى الْأَوَّلِ وَسَهْمٌ لِلْآخَرِ فِيهِ جِنَايَتَانِ جِنَايَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَجِنَايَةٌ عَلَى الْأَوْسَطِ فَاجْعَلْ ذَلِكَ السَّهْمَ عَلَى سَهْمَيْنِ وَأَضْعِفْ الْحِسَابَ لِلْكَسْرِ بِالْأَنْصَافِ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأَوَّلِ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْأَوْسَطِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْآخِرِ سَهْمَانِ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْآخِرُ إلَى الْأَوْسَطِ سَهْمًا وَاحِدًا فَيَزْدَادُ نَصِيبُهُ بِسَهْمٍ فَاطْرَحْ مِنْ نَصِيبِهِ سَهْمًا يَبْقَى نَصِيبُهُ ثَلَاثَةٌ وَنَصِيبُ الثَّالِثِ سَهْمَيْنِ فَيَصِيرُ ثُلُثُ الْعَبْدِ عَلَى خَمْسَةٍ فَيَكُونُ كُلُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ يَدْفَعُ الثَّالِثُ إلَى الْأَوْسَطِ سَهْمًا وَاحِدًا فَيَصِيرُ لَهُ أَرْبَعَةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْآخِرُ سَهْمَهُ الثَّانِيَ إلَى الْأَوَّلِ وَيَدْفَعُ الْأَوْسَطُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ أَيْضًا إلَى الْأَوَّلِ فَيَزْدَادُ نَصِيبُهُ بِأَرْبَعَةٍ وَهِيَ السِّهَامُ الدَّائِرَةُ فَيَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِهِ أَرْبَعَةً، وَقَدْ كَانَ سِهَامُهُ عَشَرَةً يَبْقَى سِتَّةٌ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ كُلُّهُ أَحَدَ عَشَرَ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْأَوْسَطُ وَالْآخِرُ إلَى الْأَوَّلِ أَرْبَعَةً فَيَصِيرُ لِوَرَثَتِهِ عَشَرَةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ وَرَثَةُ الْوَاهِبِ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا كَمَا بَيَّنَّا، وَإِنْ اخْتَارُوا جَمِيعًا الْفِدَاءَ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ، أَوْ أَقَلُّ فَالْفِدَاءُ كُلُّهُ عَلَى الثَّالِثِ يُسَلَّمُ لَهُ الْعَبْدُ وَيُؤَدِّي الدِّيَتَيْنِ لِأَنَّهُ يَفْدِي الْأَوَّلَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَالْأَوْسَطَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ فَيَكُونُ الْعَبْدُ خَارِجًا مِنْ ثُلُثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ الثَّالِثُ الْفِدَاءَ مِنْ الثَّانِي خَاصَّةً لِأَنَّهُ يَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ الثَّانِي فَإِنَّ مَالَهُ يَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ وَيَزْدَادُ أَيْضًا مَالُ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْآخِرَ يَدْفَعُ نِصْفَ الْعَبْدِ إلَى الْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ الْأَوْسَطُ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِالْهِبَةِ مِنْ الثَّانِي قَالُوا وَهَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ مَالَ الْأَوْسَطِ إذَا صَارَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا فَإِنَّمَا يَبْدَأُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَذَلِكَ ثُلُثَا قِيمَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِتَصْحِيحِ الْهِبَةِ مِنْ الثَّانِي فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْجَوَابُ صَحِيحًا، وَلَوْ كَانَتْ عَشَرَةَ آلَافٍ وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ بَطَلَ هِبَةُ الْأَوَّلِ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَهِبَةُ الثَّانِي فِي نِصْفِ النِّصْفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهِبَةَ عِنْدَ اخْتِيَارِهِمَا الْفِدَاءَ تُجْعَلُ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لِلْأَوَّلِ سِتَّةٌ وَلِلْأَوْسَطِ سَهْمَانِ وَلِلْآخِرِ سَهْمٌ، ثُمَّ إنَّ الْآخِرَ فَدَى الْأَوْسَطَ بِسَهْمٍ فَإِنَّ الدِّيَةَ مِثْلُ الْقِيمَةِ فَيُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْأَوْسَطِ سَهْمٌ فَيَصِيرُ ثُلُثُ الْعَبْدِ عَلَى سَهْمَيْنِ وَالْعَبْدُ كُلُّهُ سِتَّةً لِلْأَوَّلِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأَوْسَطِ سَهْمٌ وَلِلثَّالِثِ سَهْمٌ، ثُمَّ يَفْدِي الثَّالِثُ الْأَوْسَطَ بِسَهْمٍ فَيَصِيرُ لِلْأَوْسَطِ سَهْمَانِ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ يَفْدِي الثَّالِثُ لِلْأَوَّلِ بِسَهْمٍ وَيَفْدِيهِ الْأَوْسَطُ أَيْضًا بِسَهْمٍ فَتَظْهَرُ الزِّيَادَةُ فِي مَالِ الْأَوَّلِ بِسَهْمَيْنِ وَنَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْأَوَّلِ سَهْمَيْنِ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ كُلُّهُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ لِلْأَوَّلِ سَهْمَانِ وَلِلْأَوْسَطِ سَهْمٌ وَلِلثَّالِثِ سَهْمٌ، ثُمَّ يَدْفَعَانِ السَّهْمَيْنِ إلَى الْأَوَّلِ فَيَصِيرُ لِلْأَوَّلِ أَرْبَعَةٌ مِثْلَا مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ حَاصِلِ الْجَوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.