فصل: بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْهِبَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْهِبَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ:

قَالَ: (وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ نَصِيبًا مُسَمًّى مِنْ دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ مُشَاعًا، أَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ جَمِيعَ الدَّارِ: لَمْ يَجُزْ) يَعْنِي: لَا يَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْقَبْضِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ- عِنْدَنَا- وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَقَعُ الْمِلْكُ وَتَتِمُّ الْهِبَةُ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا دَخَلَ الْمَدِينَةَ، نَظَرَ إلَى مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ، فَوَجَدَهُ بَيْنَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، وَبَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْمِهِ، فَوَهَبَ أَسْعَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَصِيبَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ وَهَبَ الرَّجُلَانِ نَصِيبَهُمَا مِنْهُ- أَيْضًا- فَبَنَى الْمَسْجِدَ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَتَاهُ بِكُبَّةِ مِنْ شَعْرٍ.
فَقَالَ: «أَخَذْت هَذِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ؛ لِأَخِيطَ بِهَا بَرْدَعَةَ بَعِيرٍ لِي، أَمَّا نَصِيبِي مِنْهَا: فَهُوَ لَك».
فَقَدْ وَهَبَ الْمُشَاعَ، (وَعَنْ) أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَوَّزَ الْهِبَةَ فِي الْمُشَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ تَمْلِيكٍ لِلْمَالِ، فَيَصِحُّ فِي الْمُشَاعِ كَالْبَيْعِ، وَتَأْثِيرُهُ: أَنَّ الْجُزْءَ الْمُشَاعَ مَحِلٌّ لِمَا هُوَ مُوجِبُ هَذَا الْعَقْدِ- وَهُوَ الْمِلْكُ- وَإِنَّمَا يَشْتَرِطُ فِي الْمَحِلِّ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْعَقْدُ كَوْنُهُ مَحِلًّا لِحُكْمِ الْعَقْدِ، وَبِهِ فَارَقَ الصُّوفَ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ، فَإِنَّهُ مَمْلُوكٌ، وَصْفًا وَتَبَعًا لَا مَقْصُودًا، وَمُوجِبُ الْهِبَةِ: الْمِلْكُ مَقْصُودًا؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إضَافَةُ الْبَيْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ؛ وَلِأَنَّ الشُّيُوعَ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ، وَمَا يُؤْثَرُ فِيهِ الشُّيُوعُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَالرَّهْنِ- عِنْدَكُمْ- وَالنِّكَاحِ- عِنْدِي-؛ وَلِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْقَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ.
وَالشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ، وَهِيَ تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَكَذَلِكَ التَّبَرُّعُ فِي الْحَيَاةِ، وَلَا يَمْنَعُ الْقَرْضَ أَيْضًا؛ فَإِنَّهُ لَوْ دَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا قَرْضًا عَلَيْهِ وَيَعْمَلُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ بِشَرِكَتِهِ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَبِفَضْلِ الْقَرْض يَبْطُلُ اعْتِمَادُكُمْ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ.
فَأَصْلُ الْقَبْضِ شَرْطٌ لِوُقُوعِ الْمِلْكِ فِي الْقَرْضِ، ثُمَّ لَا تُشْتَرَطُ الْقِسْمَةُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ مَعَ الشُّيُوعِ يَتِمُّ: أَنَّهُ يَنْتَقِلُ الضَّمَانُ إلَى الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ مَعَ الشُّيُوعِ، وَيُمْلَكُ الْمُشَاعُ عِنْدَكُمْ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَالْمُشَاعُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ، وَبَدَلَ الصَّرْفِ.
وَاعْتِمَادُنَا فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى إجْمَاعِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَقَدْ رَوَيْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ شَرْطَ الْقِسْمَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ وَهَبَ ثُلُثَ كَذَا أَوْ رُبُعَ كَذَا: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُقَاسِمَ.
وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ شَرْطَ الْقَبْضِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْهِبَةِ؛ فَيُرَاعَى وُجُودُهُ عَلَى أَكْمَلِ الْجِهَاتِ الَّتِي تُمْكِنُ- كَشَرْطِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ- لَمَّا كَانَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، يَشْتَرِط ذَلِكَ فِيهِ- حَتَّى لَوْ اسْتَقْبَلَ الْحَطِيمَ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ- وَالْحَطِيمُ مِنْ الْبَيْتِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لَا يَكُونُ ثَابِتًا مُطْلَقًا، وَبِدُونِ الْإِطْلَاقِ لَا يَثْبُتُ الْكَمَالُ، ثُمَّ الْقَبْضُ مَعَ الشُّيُوعِ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحِيَازَةِ، وَهُوَ: أَنْ يَصِيرَ الشَّيْءُ فِي حَيِّزِ الْقَابِضِ، وَالْمُشَاعُ فِي حَيِّزِهِ مِنْ وَجْهٍ، وَفِي حَيِّز شَرِيكِهِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُشَارَ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ.
فَيُقَالُ أَنَّهُ فِي يَدِ هَذَا دُونَ هَذَا؛ وَلِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَبْضِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَنْقُضُ قِسْمَةَ الْمُشْتَرِي، كَمَا لَا يَنْقُضُ قَبْضَهُ، وَلَهُ نَقْضُ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ بِالْقِسْمَةِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالْقَبْضِ بِالشِّرَاءِ.
فَعَرَفْنَا أَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَبْضِ، فَبِدُونِهَا لَا يَتِمُّ، وَلَكِنَّ هَذَا فِيمَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْقِسْمَةُ، فَأَمَّا فِيمَا لَا يَقْسِمُ الْقِسْمَةَ: لَا يَكُونُ حِيَازَةً؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ: الِانْتِفَاعُ.
وَبِالْقِسْمَةِ يَتَلَاشَى.
فَعَرَفْنَا أَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهِ لَيْسَتْ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَبْضِ؛ وَلِأَنَّ اشْتِرَاطَ أَصْلِ الْقَبْضِ فِي وُقُوعِ الْمِلْكِ هُنَا لِمَعْنًى.
ذَلِكَ الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْقِسْمَةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَصِيرَ عَقْدُ التَّبَرُّعِ سَبَبًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ لِلْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ فِي عَيْنِ مَا تَبَرَّعَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ طَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ طَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ طَالَبَهُ بِالْقِسْمَةِ؛ فَيَصِيرُ عَقْدُ التَّبَرُّعِ مُوجِبًا ضَمَانَ الْقِسْمَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَوْضُوعِ التَّبَرُّعِ بِخِلَافِ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ بِالْقِسْمَةِ.
(فَإِنْ قِيلَ): يَسْتَوْجِبُ بِهِ الْمُهَايَأَةَ (قُلْنَا): الْمُهَايَأَةُ قِسْمَةُ الْمَنْفَعَةِ، وَعَقْدُ التَّبَرُّعِ لَاقَى الْعَيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ضَمَانًا فِي عَيْنِ مَا تَبَرَّعَ بِهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا مَا لَوْ أَتْلَفَ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الضَّمَانَ يَلْزَمُهُ بِالْإِتْلَافِ لَا بِعَقْدِ التَّبَرُّعِ، وَضَمَان الْمُقَاسَمَةِ هُنَا وَإِنْ كَانَ بِالْمِلْكِ فَذَلِكَ الْمِلْكُ حُكْمُ الْهِبَةِ، فَلَا يَمْنَعُ إضَافَةَ الضَّمَانِ إلَى الْهِبَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ إعْتَاق، وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ حُكْمُ الشِّرَاءِ، وَبِهِ فَارَقَ الْبَيْعَ، فَإِنَّهُ عَقْدُ ضَمَانٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ ضَمَانُ الْمُقَاسَمَةِ؛ وَلِأَنَّ أَصْلَ الْقَبْضِ هُنَاكَ لَا يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِ الْمِلْكِ فَذَلِكَ مَا يُتَمِّمُهُ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَصِيَّةَ.
فَأَصْلُ الْقَبْضِ هُنَاكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْمِلْكِ فَكَذَلِكَ مَا يُتَمِّمُهُ، وَكَمَا يَسْتَحِقُّ هُنَاكَ ضَمَانُ التَّسْلِيمِ عَلَى الْمَالِكِ يَسْتَحِقُّ ضَمَانَ الْمُقَاسَمَةِ أَيْضًا.
وَالْقَرْضُ تَبَرُّعٌ- مِنْ وَجْهٍ- وَمِنْ وَجْهٍ: هُوَ عَقْدُ الضَّمَانِ حَتَّى كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مَضْمُونًا بِالْمِثْلِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ ضَمَانُ الْمُقَاسَمَةِ، وَشَرْطُ الْقَبْضِ هُنَاكَ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ لِيُرَاعَى وُجُودهُ عَلَى أَكْمَلِ الْجِهَاتِ، ثُمَّ لِشَبَهِهِ بِالتَّبَرُّعِ شَرْطنَا فِيهِ الْقَبْض، وَلِشَبَهِهِ بِعَقْدِ الضَّمَانِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقِسْمَةُ، وَذَلِكَ اعْتِبَارٌ صَحِيحٌ فِيمَا لَهُ سَبَبَانِ.
وَحَدِيثُ الْكُبَّةِ فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ الْغُلُولِ، أَيْ: لَا أَمْلِكُ إلَّا نَصِيبِي.
فَكَيْفَ أُطَيِّبُ لَك هَذِهِ الْكُبَّةَ مِنْ الْغَنِيمَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْغَانِمِينَ أَنْ يَهَبَ نَصِيبَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَقَعُ نَصِيبُهُ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، فَالْكُبَّةُ مِنْ الشَّعْرِ إذَا قُسِّمَتْ عَلَى جُنْدٍ عَظِيمٍ لَا يُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ.
وَحَدِيثُ الْمَسْجِدِ فَذَكَرَ الْوَاقِدَيْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الَّذِي اشْتَرَى مَوْضِعَ الْمَسْجِدِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَلَئِنْ تَثْبُت الْهِبَةُ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَسْعَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهَبَ نَصِيبَهُ، وَلَمْ يُسْلِم حَتَّى وَهَبَ الرَّجُلَانِ نَصِيبَهُمَا ثُمَّ سَلَّمُوا جُمْلَةً، وَعِنْدَنَا: هَذَا يَجُوزُ؛ فَإِنَّ الْمُؤْثَرَ: الشُّيُوع عِنْدَ الْقَبْضِ، لَا عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ الْكُلَّ، وَسَلَّمَ النِّصْفَ: لَا يَجُوزُ.
وَلَوْ وَهَبَ النِّصْفَ ثُمَّ النِّصْفَ وَسَلَّمَ الْكُلَّ: جَازَ.
قَالَ: (وَلَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ مَشَاعًا فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ: لَا يَجُوزُ- عِنْدَنَا أَيْضًا-)، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: يَجُوزُ؛- لِقَوْلِهِ تَعَالَى-: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}.
فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ عَيْنًا يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْدَبُ إلَى أَنْ تَتْرُكَ الْكُلَّ لِلزَّوْجِ، وَالزَّوْجُ يُنْدَب إلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْكُلَّ إلَيْهَا، وَذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هِبَةٌ فِي الْمُشَاعِ، (وَعَنْ) أَبِي السِّبَاعِ مَوْلَى عَطَاءٍ قَالَ أَقْرَضْت ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضَانِي فِي كِيسٍ فَوَجَدْته يَزِيدُ عَلَى حَقِّي ثَمَانِينَ فَقُلْت فِي نَفْسِي: لَعَلَّهُ جَرَّبَنِي بِهَذَا فَأَتَيْته، وَأَخْبَرْته بِذَلِكَ فَقَالَ هُوَ لَك فَهَذَا كَانَ مِنْهُ هِبَةً لِلْمُشَاعِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ مِنْ الشَّرِيكِ؛ وَلِأَنَّ الْمَانِعَ اسْتِحْقَاق ضَمَانِ الْمُقَاسَمَةِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي الْهِبَةِ مِنْ الشَّرِيكِ، وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ مَا بَيَّنَّا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْقِسْمَةِ فِي الْهِبَةِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ، وَفِي ذَلِكَ يَسْتَوِي الْهِبَةُ مِنْ الشَّرِيكِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ، فَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ لَا يُتِمُّ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ فَقَبْضُ الشَّرِيكِ لَا يَتِمُّ بِاعْتِبَارِ مَا لَاقَاهُ فِي الْهِبَةِ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ بِهِ وَبِغَيْرِهِ، وَهُوَ مَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَمَا يُشْتَرَطُ لِإِتْمَامِ الْعَقْدِ، فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ثَانِيًا فِيمَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ- دُونَ غَيْرِهِ-.
فَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ قُلْنَا: الْعَفْوُ حَقِيقَتُهُ: إسْقَاطٌ، وَذَلِكَ فِي الدَّيْنِ- دُونَ الْعَيْنِ- ثُمَّ فِي الْعَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْدُوبٌ إلَى الْعَفْوِ عِنْدَنَا، وَلَكِنْ بِطَرِيقَةٍ، وَذَلِكَ فِي أَنْ يَهَبَ نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَهُوَ تَأْوِيلُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَمَنْ، وَجَدَ مَا يَسْتَوْفِي أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ يُمَيِّزُ لَهُ الْفَضْلَ، وَيَأْتِي بِهِ لِيَرُدَّهُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَعِنْدَنَا: هَذَا يَجُوزُ.
قَالَ: (وَلَوْ وَهَبَ دَارًا لِرَجُلَيْنِ، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِمَا فَالْهِبَةُ لَا تَجُوزُ، فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: يَجُوزُ)؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَالتَّسْلِيمَ لَاقَى مَقْسُومًا، فَإِنَّهُ حَصَلَ فِي الدَّارِ جُمْلَةً، فَيَجُوزُ، كَمَا لَوْ وَهَبَهَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ؛ وَهَذَا لِأَنَّ تَمَكُّنَ الشُّيُوعِ بِاعْتِبَارِ تَفَرُّقِ الْمَالِكِ، وَالْمِلْكُ هُنَا حُكْمُ الْهِبَةِ، وَحُكْمُ الشَّيْءِ يَعْقُبُهُ.
فَالشُّيُوعُ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَى مِلْكٍ يَقَعُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُمَا لَا يَكُونُ مُقْتَرِنًا بِالْعَقْدِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلشُّيُوعِ الطَّارِئِ فِي الْهِبَةِ كَمَا لَوْ رَجَعَ الْوَاهِبُ بِالنِّصْفِ؛ وَلِأَنَّ الْمَعْنَى اسْتِحْقَاقُ ضَمَانِ الْمُقَاسَمَةِ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ- وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ هُنَا-؛ فَالْعَيْنُ تَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ الْمُتَبَرِّعِ جُمْلَةً، وَإِنَّمَا ضَمَانُ الْمُقَاسَمَةِ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا بِاعْتِبَارِ تَفَرُّقِ مِلْكِهِمَا؛ وَلِأَنَّ تَأْثِيرَ الشُّيُوعِ فِي الرَّهْنِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْهِبَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الرَّهْنُ فِي مُشَاعٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ ثُمَّ لَوْ رَهَنَ مِنْ رَجُلَيْنِ: جَازَ فَالْهِبَةُ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَصِحُّ مَعَ الشُّيُوعِ، ثُمَّ إذَا أَجَّرَ دَارِهِ مِنْ رَجُلَيْنِ: يَجُوزُ، فَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَبْضُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَاقَى جُزْءًا شَائِعًا، وَذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْمِلْكِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِحُكْمِ الْهِبَةِ، كَمَا لَوْ وَهَبَ النِّصْفَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ؛ وَهَذَا لِأَنَّ تَأْثِيرَ الشُّيُوعِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْقَبْضَ لَا يَتِمُّ مَعَهُ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ هُنَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَقْبِضُ إلَّا نَصِيبَهُ، وَلَا يَتِمُّ قَبْضُهُ مَعَ الشُّيُوعِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَانِعَ تَمَكَّنَ الشُّيُوع فِي الْمِلْكِ الْمُسْتَفَادِ بِعَقْدِ الْهِبَةِ، حَتَّى لَوْ وَهَبَ مِنْ رَجُلٍ النِّصْفَ ثُمَّ النِّصْفَ، وَسَلَّمَ الْكُلَّ جُمْلَةً: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا شُيُوعَ فِي الْمِلْكِ الْمُسْتَفَادِ بِعَقْدِ الْهِبَةِ.
وَلَوْ وَهَبَ رَجُلَانِ مِنْ وَاحِدٍ: يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الشُّيُوعِ فِي الْوَاهِبَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا شُيُوعَ فِي الْمِلْكِ الْمُسْتَفَادِ بِالْهِبَةِ، وَإِنْ وَهَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ زَيْدٍ، وَالْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْ عَمْرٍو: لَا يَجُوزُ لِتَمَكُّنِ الشُّيُوعِ فِي الْمِلْكِ الْمُسْتَفَادِ بِالْهِبَةِ فَثَبَتَ أَنَّ الْمَانِعَ هَذَا، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْهِبَةِ مِنْ رَجُلَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ جَانِبُ الْمُتَمَلِّكِ دُونَ الْمُمَلَّكِ حُكْمُ الشُّفْعَةِ، فَإِنَّ رَجُلَيْنِ لَوْ اشْتَرَيَا دَارًا مِنْ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ بِالشُّفْعَةِ لَتَفَرَّقَ الْمِلْك فِي جَانِبِ الْمُتَمَلِّكِ فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ جَانِبُ الْمُتَمَلِّكِ لَا جَانِبَ الْمُمَلَّكِ، وَلَا اعْتِمَادَ عَنْ انْتِفَاءِ ضَمَانِ الْمُقَاسَمَةِ عَنْ الْوَاهِبِ، فَإِنَّ رَجُلَيْنِ لَوْ وَهَبَا مِنْ رَجُلَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَنَصِيبُ الْآخَرِ لِلْآخَرِ: لَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ عَلَى الْوَاهِبِينَ ضَمَانُ الْمُقَاسَمَةِ وَلَيْسَ هَذَا كَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُنَاكَ تَمَكُّنُ الشُّيُوعِ فِي الْمَحِلِّ فَإِنَّ مُوجِبَ الرَّهْنِ الْحَبْسُ، وَالْحَبْسُ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ لَا يَتَأَتَّى، وَفِي الرَّهْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ لَا شُيُوعَ فِي الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ ثَبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْكُلِّ حَتَّى لَوْ قَضَى دَيْنَ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ شَيْئًا مِنْ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَقْبِضْ دِينَ الْآخِرِ؛ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا مُضَايِقَةَ فِي الْحَبْسِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ كُلُّهُ مَحْبُوسًا بِدَيْنِ زَيْدٍ وَكُلُّهُ مَحْبُوسًا بِدَيْنِ عَمْرٍو فَكَذَلِكَ الْعَيْنُ الْوَاحِدَةُ، وَهُنَا مُوجِبُ الْعَقْدِ الْمِلْكُ، وَلَا يَتَأَتَّى إثْبَاتُهُ بِكَمَالِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَرَفْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَمَلَّكُ جَزْءًا شَائِعًا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ.
فَالْمَانِعُ هُنَاكَ تَعَذُّرُ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ مِنْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الرَّجُلَيْنِ، أَوْ الْمَانِعُ اسْتِحْقَاقُ عَوْدِ الْمُسْتَأْجَرِ إلَى يَدِ الْمُؤَجَّرِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِحُكْمِ الْمُهَايَأَةِ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ، وَفِي الْإِجَارَةِ مِنْ الرَّجُلَيْنِ، وَلِهَذَا: جَازَتْ إجَارَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ شَرِيكِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ ثُمَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَكَذَلِكَ فِي الصَّدَقَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِمَا يَقْسِم عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَالْهِبَةِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ لَوْ تَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى فَقِيرَيْنِ: يَجُوزُ.
قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّينَ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الْفَقِيرِ صَدَقَةٌ، وَالصَّدَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّ تَكُونُ هِبَةً، وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ، وَجْهُ رِوَايَةِ الْأَصْلِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ تَمَامَ الصَّدَقَةِ بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ، وَقَبْضُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُلَاقِي جُزْءًا شَائِعًا، فَلَا يَتِمُّ بِهِ الصَّدَقَةُ كَمَا لَا تَتِمُّ بِهِ الْهِبَةُ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ الْمُتَصَدِّقَ يَجْعَلُ مَالَهُ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا، وَلَا يُمَلِّكُهُ الْفَقِيرَ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يُمَلَّكُهُ الْفَقِيرُ لِيَكُونَ كِفَايَةً لَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ مَا تَمَّتْ الصَّدَقَةُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِذَا تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلَيْنِ فَلَا شُيُوعَ فِي الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ جَمِيعَ الْعَيْنِ لِلَّهِ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- خَالِصًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَصْرُوفِ إلَيْهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّدَقَةِ حَتَّى إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ صَدَقَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ: يَجُوزُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِقَوْمٍ يُحْصُونَ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِعَيْنٍ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ لِفُلَانٍ، وَنِصْفُهُ لِفُلَانِ، وَاعْتُبِرَ لِلْفُقَرَاءِ سَهْمٌ وَاحِدٌ بِالِاعْتِبَارِ أَنَّ الصَّدَقَةَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْفُقَرَاءِ.
قَالَ: (وَإِنْ وَهَبَ رَجُلٌ دَارًا لِرَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا، وَقَبَضَاهَا لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ)، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَشْكُلُ، فَإِنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِطْلَاقُ فَعِنْدَ التَّفْصِيلِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ لِهَذَا، وَالنِّصْفِ لِهَذَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ فَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ حَالَةُ التَّفْصِيلِ مَتَى كَانَتْ لَا تُخَالِفُ حَالَةَ الْإِجْمَالِ فَالتَّفْصِيلُ لَغْوٌ، وَمَتَى كَانَتْ تُخَالِفُ حَالَةَ الْإِجْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْعَاقِلِ مُعْتَبَرٌ لِفَائِدَتِهِ لِعَيْنِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا لَا يُعْتَبَرُ، وَإِذَا نُصَفّ بَيْنَهُمَا فَالتَّفْصِيلُ لَا يُخَالِفُ الْإِجْمَالَ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِجْمَالِ أَنْ يَمْلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ، فَلَا يُعْتَبَرُ تَفْصِيلُهُ، وَإِذَا تَفَاوَتَ بَيْنَهُمَا فَالتَّفْصِيلُ يُخَالِفُ الْإِجْمَالَ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ فَإِذَا اُعْتُبِرَ بِتَفَرُّقِ الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ أَوْجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعَقْدَ فِي جُزْءٍ شَائِع عَلَى حِدَةٍ، وَقَاسَ الرَّهْنَ، فَإِنَّهُ لَوْ رَهَنَ مِنْ رَجُلَيْنِ مُطْلَقًا: يَجُوزُ، وَإِذَا فَصَلَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ بِالتَّفْصِيلِ يَتَفَرَّقُ الْعَقْدُ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ يَسْتَوِي إنْ فَصْلَ، أَوْ سَوَّى فِي التَّفْصِيلِ لِمُخَالِفَةِ حَالَةِ التَّفْصِيلِ حَالَةَ الْإِجْمَالِ فِي الْوَجْهَيْنِ، فَإِنَّ عِنْدَ الْإِجْمَالِ يَثْبُتُ حَقُّ الْحَبْسِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْكُلِّ، وَعِنْدَ التَّفْصِيلِ: لَا يَثْبُتُ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: الْعَقْدُ وَالتَّسْلِيمُ مِنْ الْوَاهِبِ جُمْلَةٌ وَإِنْ فُصِّلَ وَفُصِّلَ: يَجُوزُ إذَا أَطْلَقَ أَوْ سَوَّى فِي التَّفْصِيلِ، وَهَذَا لِوَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي الْهِبَةِ كَالتَّفْصِيلِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ لِرَجُلَيْنِ عَيْنًا لَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ: لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ فَرَّقَ الْعَقْد.
وَالثَّانِي أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى كَانَ جُمْلَةً عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
فَبِالتَّفْصِيلِ لَا يَتَفَرَّقُ فِي عُقُودِ التَّمَلُّكَاتِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّ رَجُلًا لَوْ بَاعَ ثَوْبَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ فِي أَحَدِهِمَا: لَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَبِلَ فِيهِمَا ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ فِي أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مَا نَقَدَ ثَمَنَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ فَصْلَ، وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنَهُ، فَعَرَفْنَا أَنَّ بِالتَّفْصِيلِ لَا يَتَفَرَّقُ الْعَقْدَ.
فَالشُّيُوعُ بِاعْتِبَارِهِ لَا يُفَرَّقُ الْعَقْد، وَإِنَّمَا يَكُونُ طَارِئًا بَعْدَ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا، وَذَلِكَ غَيْرُ مُؤَثِّر فِي الْمَنْعِ مِنْ الْهِبَةِ فَأَمَّا فِي الرَّهْنِ فَالْمَانِعُ تَمَكُّنُ الشُّيُوعِ فِي الْمَحِلِّ فِيمَا هُوَ مُوجِب الْعَقْد، وَهُوَ الْحَبْسُ، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ عِنْدَ التَّفْصِيلِ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ عَيْنًا بِدَيْنَيْنِ نِصْفَهُ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ وَنِصْفُهُ بِالدَّيْنِ الْآخَرِ: لَا يَجُوزُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ فِي الْهِبَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْعَقْدِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتهُ لِتَمَكُّنِ الشُّيُوعِ فِيمَا هُوَ مُوجِب الْعَقْد، وَهُوَ الْمِلْكُ الْمُسْتَفَادُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قَالَ: (وَلَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ)؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ، وَالتَّسْلِيم لَاقَى جُزْءًا شَائِعًا، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا الْإِشْكَال، وَهُوَ أَنَّ ضَمَانَ الْمُقَاسَمَةِ هُنَالِكَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الشَّرِيكِ، وَلَكِنْ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَمَشَّى فِي جَمِيعِ الْفُصُولِ كَالْهِبَةِ مِنْ الشَّرِيكِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنَّ الْحَرْفَ الَّذِي يَتَمَشَّى: أَنَّ الْقَبْضَ لَا يَتِمُّ مَعَ الشُّيُوعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ.
قَالَ: (وَإِنْ وَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِأَحَدِهِمَا سِتَّمِائَةٍ، وَلِلْآخَرِ أَرْبَعَمِائَةٍ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةِ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ- وَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ).
وَهَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ هِبَةِ الدَّارِ إذَا فَصَلِّ وَفَصْل سَوَاءٌ.
قَالَ: (رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ دِينَارًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ، وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ: جَازَ ذَلِكَ- اسْتِحْسَانًا-)، وَفِي الْقِيَاسِ: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ زَفَرَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ بِمَالٍ، حَتَّى أَنَّ مَنْ حَلَفَ وَلَا مَالَ لَهُ، وَلَهُ دِينٌ عَلَى إنْسَانٍ: لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينه.
وَالْهِبَةُ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ لِتَمْلِيكِ الْمَالِ فَإِذَا أُضِيفَ إلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ لَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ مَآلِهِ كَمَا لَوْ، وُهِبَ مُسْلِمٌ خَمْرًا مِنْ مُسْلِمٍ لَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ مَآلِهِ، وَهُوَ التَّحَلُّلُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ: أَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مِنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ لِتَمْلِيكِ الْمَالِ، فَالْهِبَةُ مِثْلُهُ أَوْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَقَبْضُ مَا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ لَا يُتَصَوَّرُ، وَلَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِهِ إذَا قَبَضَهُ؛ لِأَنَّ تَمَامَ عَقْدِ الْهِبَةِ بِقَبْضِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ إلَى الدَّيْنِ، وَالْمَقْبُوضُ عَيْنٌ، وَالْعَيْنُ غَيْرُ الدَّيْنِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ أَنَابَهُ فِي الْقَبْضِ مَنَابَ نَفْسِهِ فَيَجْعَلُ قَبَضَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَقَبْضِ الْوَاهِبِ، وَلَوْ قَبَضَهُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ وَهَبَهُ، وَسَلَّمَهُ: جَازَ وَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَ أَنْ يَقْبِضَهُ لَهُ ثُمَّ لِنَفْسِهِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ فِي بَابِ الْهِبَةِ: الْمُعْتَبَر وَقْت الْقَبْضِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ عِنْدَهُ يَثْبُتُ، دَلِيلُ مَا بَيَّنَّا مِنْ فَصْلِ الشُّيُوعِ، وَعِنْدَ الْقَبْضِ هُوَ مَالٌ قَابِلٌ لِلتَّمْلِيكِ كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ فَكَذَلِكَ بِالْهِبَةِ وَالْمَقْبُوضِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الدَّيْنِ حَقِيقَةً جُعِلَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ هُوَ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْقَبْضِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ مَعَ حُرْمَةِ الِاسْتِبْدَالِ فِيهِمَا، وَلَيْسَ الْبَيْعُ نَظِيرَ الْهِبَةِ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنَ مَالٍ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مَعَ أَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ بِالْعَقْدِ، فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْن بِعِوَضٍ: جَازَ وَلَوْ، وَهَبَهُ مِنْهُ: جَازَ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مَالٌ قَابِلٌ لِلتَّمْلِيكِ حُكْمًا، وَلِهَذَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالشَّرْطُ فِي عَقْدِ التَّمْلِيكِ أَنْ يُضَافَ إلَى مَحِلٍّ قَابِلٍ لَهُ، وَقَدْ وَجَدْتُمْ لُزُومَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَعِنْدَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْهِبَةِ هُوَ عَيْنٌ فَيَتِمُّ الْعَقْدُ.
قَالَ: (رَجُلٌ رَهَنَ عَبْدَهُ مِنْ رَجُلٍ، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَالْيَدُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ لِلْمُرْتَهِنِ، فَلَا يَكُونُ الْأَبُ قَابِضًا لِوَلَدِهِ مَا لَيْسَ فِي يَدِهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ، فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ عَبْدَهُ غَاصِبٌ فَوَهَبَهُ لِابْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ الْمَغْصُوب مِنْهُ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا، فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنَّمَا يُضْمَنُ بِتَفْوِيتِ يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ- بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ إذَا وَهَبَهَا مِنْ أَبِيهِ-؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ فِي الْحُكْمِ كَيَدِ الْمُودِعِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قَابِضًا لِوَلَدِهِ بِالْيَدِ الَّتِي هِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ يَدِهِ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قُلْتُمْ إذَا وَهَبَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُودَعِ: جَازَ، وَلَوْ كَانَتْ يَدُهُ كَيَدِ الْمُودِعِ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا لِنَفْسِهِ بِحُكْمِ يَدِهِ (قُلْنَا): فِي الْحَقِيقَةِ: الْيَدُ لِلْمُودِعِ، فَبِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ يَجْعَلُهُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنَّمَا قَامَتْ يَدُهُ مَقَامَ يَدِ الْمُودِعِ مَا دَامَ هُوَ فِي الْحِفْظِ عَامِلًا لِلْمُودِعِ، وَذَلِكَ قَبْلَ التَّمْلِيكِ بِالْهِبَةِ فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا، وَسَلَّمَهُ أَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَهَبَهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ بِتَصَرُّفَاتِهِ، فَإِنَّمَا وَهَبَ مَا لَا يَمْلِكُ، وَلِأَنَّ الْيَدَ لِغَيْرِهِ حَقِيقَةً، وَحُكْمًا حِينَ كَانَ فِي ضَمَانِ الْغَيْرِ.